إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين/مقتل عثمان

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين/مقتل عثمان

    [frame="2 98"]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    لقد تورع المسلمون عن الدخول في تفاصيل الفتنة وهي مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وما جرى بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن ابي سفيان رضي الله عنهما ؛ ولم يدخلوا بالتفاصيل وقالوا : لقد عصم الله من هذه الفتنة دماءنا فلنعصم منها ألسنتنا

    ولكن أعداء هذا الدين وجدوه مرتعا خصبا ليدسوا في هذه الفتنة كيفما شاءوا ؛ فكان لا بد من ذكر هذه الحادثة بتفاصيلها المملة لكي يعرف أصحاب الأهواء ومن غرّر بهم أن لهذا الدين رجاله ومن يدافع عنه ؛ وكان لا بد من ذكر بعض التفاصيل فهناك أحاديث صحيحة وردت في هذه الفتنة وهناك أحكام شرعية استخلصت مما جرى ؛ وهناك أيضا حادثة الخوارج وحوادث أخرى لولا هذه الفتنة لم نكن لنعلمها

    وجدت هذا البحث :

    قصة الفتنة

    بقلم
    د. راغب السرجاني


    فآثرت نقله بالكامل حرصا مني على جهد هذا الباحث الذي تعب كثيرا في تنقية التاريخ من الشبهات ؛ ولكي يكون هناك مرجعا آخر إذا انقطعت روابط الكتاب

    .




    مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين/مقتل عثمان

    مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين/موقعة الجمل

    الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما وقصة الخوارج

    [/frame]

  • #2
    رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين



    مقدمة


    إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد.

    نفتح اليوم صفحة مؤلمة من التاريخ الإسلامي؛ صفحةَ استشهاد مجموعة ضخمة من الصحابة على أيدي الصحابة، إنها أحداث الفتنة الكبرى، فتنة قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ذي النورين وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفتنة قتال علي بن أبي طالب معاوية رضي الله عنهما، وفتنة استشهاد هذه المجموعة من الصحابة في حدث كان له الأثر الشديد في تحويل مسار الدعوة الإسلامية في هذه الفترة.

    حقيقة، البحث في هذا الموضوع من أصعب ما يكون، وذلك لأن الخوض فيه شائك وخطير، والخطأ فيه يأتي على حساب رجل من أهل الجنة، والصحابة جميعًا نحسبهم من أهل الجنة، وقد توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، ونزلت في فضلهم الآيات الكثيرة، والخطأ فى حق أحدهم إنما هو خطأ عظيم وجسيم.
    وسوف نحاول أن نضع بعض الأسس القوية التي من خلالها، وعلى ضوئها نستطيع أن نتناول موضوع الفتنة، وليس من الصواب أن يُقرأ في أحداث الفتنة من أي مصدر، ومن الخطورة أن يقرأ الإنسان عن الفتنة من مصدر غير موثوق، وسنذكر لماذا؟
    نحن نريد بداية أن نبني هذا الأساس، والذي يعصم الإنسان من الوقوع في الخطأ في حق أي صحابي من الصحابة الأطهار رضي الله عنهم جميعًا.


    أهداف الدراسة

    الهدف الأول: الدفاع عن الصحابة رضي الله عنهم


    في البداية لا بدّ من التنويه على أمر النية التي من أجلها نبحث في هذا الأمر وما هو هدفنا، إن هدفنا الأول هو الدفاع عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا في حد ذاته شرف كبير، أن نجلس لندافع عن الصحابة رضوان الله عليهم، وخاصة أنه قد كثر الطعن فيهم في هذه الحادثة على وجه الخصوص، ولم يسلم أحد منهم من الإساءة ممن يشوهون الإسلام سواءً عن جهل أو عن قصد ورغبة.

    يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنه وأرضاه كما جاء في الأثر:

    إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كان عنده علم فليظهره، فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.

    وعندما نفكر في هذه الجملة نجد أن لها معنى عميقًا، فكيف يكون الإنسان، وكأنه كتم ما أُنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يدافع عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم؟!


    إن هذا الدين جاءنا عن طريق الصحابة رضي الله عنهم، فالقرآن نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنبأ به الصحابة، فكتبوه، وحفظوه، وبلّغوه لنا، والسنة المطهرة لم يكتبها الرسول صلى الله عليه وسلم بخط يده، بل نقلها الصحابة رضي الله عنهم عنه صلى الله عليه وسلم، فالطعن في أحد هؤلاء الصحابة إنما هو طعن في السنة، بل في القرآن الذي أتى من قِبَل هذا الصحابي مبلغًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    كلنا نعرف كم يطعن الشيعة في كثير من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، ربما يأخذ إنسانٌ ما هذا الأمر بشيء من البساطة ويقول:

    ما داموا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فليست هناك مشكلة. لكن في الواقع الأمر جدّ خطير.

    تعالوا نرى عواقب طعنهم في صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قالوا إن الصحابة فيهم كذا وكذا، وبدءوا الطعن فيهم واحدًا بعد الآخر، حتى كفروهم جميعًا إلا خمسة، ومن يقول بذلك هم الموجودون في عصرنا؛ الشيعة الاثنى عشرية، أو الجعفرية، والخمسة الذين لم يكفّروهم هم:

    علي بن أبي طالب، والمقداد بن عمرو، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، وسلمان الفارسي، وتساهل بعضهم فلم يكفّر أحد عشر من الصحابة وكفّر باقيهم، ويسمون أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب الجبت والطاغوت، وطعنوا في السيدة عائشة وفي الصحابة جميعًا بما لا حصر له.
    وبناءً على تكفيرهم لهم وطعنهم فيهم رفضوا كل ما جاء على ألسنتهم، ورفضوا كل الأحاديث التي رواها هؤلاء الصحابة.

    مائة وأربعة عشر ألفًا من الصحابة على أصح تقدير كلهم جميعًا- وحاشا لهم ما يقولونه عنهم- خانوا الأمانة، فالأمر إذن خطير، كل هذا الكم من الأحاديث التي رووها باطلة.
    والبخاري رحمه الله روى عنهم، فكله باطل، وما جاء في البخاري على لسان علي رضي الله عنه، وعلى لسان سلمان الفارسي، وعلى لسان كل من لم يكفروه باطل أيضا.
    وكذلك صحيح مسلم، والترمذي، والنسائي، وأبي داود، وكل كتب الصحاح لأهل السنة باطلة في زعمهم.

    بل الأدهى من ذلك والأخطر طعنهم في القرآن الكريم، جاء في كتاب الكافي- وهذا الكتاب عند الشيعة بمثابة صحيح البخاري عندنا، وهو أوثق الكتب عندهم- عن جعفر الجعفي قال:

    سمعت أبا جعفر عليه السلام، وأبو جعفر الصادق بريء منهم، ومما نسبوه إليه، وهو من نسل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ويسمونه الإمام السادس، يقول:
    ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذّاب

    فالقرآن في قولهم لم يُجمع كما أنزل، وما جمعه وحفظه كما أنزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده. ومع ذلك فالأئمة من بعده لم يظهروا القرآن، ويقولون في رواياتهم أن القرآن الكريم سبعة عشر ألف آية، مع أننا نعرف أن القرآن الكريم (6236) آية فقط، ويقولون أنه ثلاثة أضعاف القرآن الذي معنا، ويقولون أن هذا القرآن مخبّأ مع الإمام الغائب الذي سيأتي في يومٍ ما، وأن القرآن الذي بين أيدينا اليوم به الكثير من التحريفات والضلالات، ولكنهم يقرون بها في هذا الزمن بعقيدة التَّقِيَّة، وهي أن تظهر خلاف ما تؤمن به، وما ليس في قلبك حتى يُمكّن لك، والتَّقِيَّة عندهم من أهم العقائد حتى أنهم يقولون: من لا تَقِيَّة له فلا دين له، ويقولون أن التَّقِيَّة تسعة أعشار الدين، إذن هم يظهرون إيمانهم بهذا القرآن الذي بين أيدينا اليوم، لكنهم يقولون في كتبهم:

    القرآن الحقيقي الذي هو سبعة عشر ألف آية، نزل بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم على السيدة فاطمة عليها السلام، وحفظت هذا القرآن وتناوله من بعد ذلك الأئمة بعد علي بن أبي طالب، ويزعمون أن كثيرًا من الآيات سقطت من القرآن، كما في سورة الشرح [أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ] {الشرح:1}. ويقولون سقطت: وجعلنا عليًا صهرك.
    وهذا الكلام في كتاب الكافي، وهذه هي سورة الولاية الموجودة في مصحف إيراني، وليست عندنا بالطبع في القرآن، وهذا السورة على هذا النحو:
    يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنبي وبالولي الذَين بعثناهما لهدايتكم إلى صراط مستقيم. نبي وولي بعضهما من بعض وأنا العليم الخبير. إن الذين يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم. والذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا بآيتنا مكذبين؛ إن لهم في جهنم مقامًا عظيمًا. إذا نودي لهم يوم القيامة أين الظالمون المكذبون للمرسلين. ما خلفهم المرسلين بالحق وما كان الله ليظهرهم إلى أجل قريب وسبح بحمد ربك وعلي من الشاهدين

    .

    تعليق


    • #3
      رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين


      إذن فالدفاع عن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم يساوي تمامًا الحفاظ على هذا الدين، وإذا مُكّن لهؤلاء الذين يدّعون هذه الأشياء فسوف تُمحى السنّة، ويُمحى الدين الذي أراده الله عز وجل للناس، وقد حدث هذا بالفعل عندما تمكن هؤلاء المنحرفون من الحكم في بعض البلاد الإسلامية، مثل مصر عندما حكمها الفاطميون فألغوا السنّة تمامًا، وقاموا بكل شيء أقلّه كفر، ومن يقرأ تاريخ الفاطميين فسيجد الكثير من ذلك.


      الهدف الثاني: التدبر في التاريخ ،فالتاريخ يعيد نفسه، وهذه هي سنة الله [فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلًا] {فاطر:43} .


      إن ما حدث بين الصحابة في هذا الوقت، أسباب الخلاف، وطبيعته، ونتائجه، أمور تتكرر في عصور كثيرة، وفي عصرنا هذا وإلى يوم القيامة، فلا بد من معرفة أسباب الخلاف الرئيسة، وكيف استمرّ؟
      وما هي نتائجه؟
      وكيف انتهى؟
      حتى نستفيد من هذا الأمر [فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ] {الأعراف:176}
      [لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ] {يوسف:111}.


      الهدف الثالث: تصحيح العقائد المنحرفة

      فمن خلال مدارستنا لهذه الأحداث، وكيف ظهرت هذه الفرق الضالة والمنحرفة، وما هي العقائد المنحرفة التي يتبعونها، وكيف اتبعوا هذه العقائد، فنعرف هذه العقائد ورأي السنة في هذه العقائد الضالة.


      وإذا اجتمعت هذه النيات في قلوبنا، وهي أن مدارستنا لأحداثنا الفتنة إنما هو لأجل هذه الأهداف السامية، وليس لأجل سماع القصص والروايات والتي هي من الكثرة بمكان في تلك الأحداث، وربما كان سماعها مسلّيًا للبعض، وهذا الأمر من الخطورة بمكان، فقد سُئل الحسن البصري عن الفتنة فقال: عصم الله سيوفنا من دمائهم فنريد أن نعصم أقلامنا من أعراضهم. ومن الضروي، ونحن في بداية هذه الدراسة أن نقول:

      إن المعلومات التي يعرفها الكثير من الناس عن هذه الأحداث فيها الكثير من التشويه، وما درسناه في المدارس، والجامعات كله مشوّهٌ قصدًا، والغرض منه واضح، وسنذكره لاحقًا إن شاء الله.


      والدراسة العلمية في هذا الأمر ستقودنا إلى الحديث عن قاعدة هامة من قواعد الخوض في الفتنة، وهذه القاعدة تمثّل علمًا أنعم الله تعالى على المسلمين به، وهذا العلم هو علم الرجال أو علم الجرح والتعديل.
      وينبغي بداية أن نقول:
      إن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متن وسند، وعلم الجرح والتعديل، أو علم الرجال يبحث في السند من حيث الصحة أو الضعف، فتعريف الجرح عند علماء الحديث:
      ردُّ الحافظ المتقن روايةَ الراوي؛ لعلة قادحة فيه، أو في روايته من فسق، أو تدليس، أو كذب، أو شذوذ، أو نحوها كأن يقول: هذا الرجل فيه شيء، كذاب، وضّاع، ليس بثقة، ينسى كثيرًا.
      والتعديل: وصف الراوي بما يقتضي قبول روايته.

      ومن خلال الحكم على السند نستطيع أن نعرف ما إذا كان الحديث صحيحًا، أو ضعيفًا، أو موضوعًا، أو غير ذلك.
      وعلم الرجال هو علم مستقل تخصص فيه العلماء الكبار من أمثال يحيى بن معين، وكان معاصرًا لأحمد بن حنبل، وغيره الكثير من علماء الأمة ورجالها.
      وهذا الأمر يهمنا كثيرًا حيث إن أكثر من 75 % من أحاديث الفتنة، وروايتها جاءت من طرق ضعيفة جدًا، وموضوعة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى الصحابة رضوان الله عليهم.


      ومن المهم أن نقول أيضًا:


      إن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لم تُدوّن إلا في عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله أي بعد ما يقرب من مائة سنة من الهجرة، وذلك عندما رأى أن الناس تنسى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخشي عليها من الضياع، فأمر الزهريَّ، وهو أحد العلماء الكبار في ذلك الوقت، فذهب يكتب هذه الأحاديث ويجمعها، ولم يكن يوجد من الصحابة إلا عدد قليل ربما يُعد على الأصابع، ونعرف أن آخر الصحابة قد توفي سنة 110 هـ، فكان اعتماد الزهري الكلي على علم الرجال، وأخذ يدقق، ويجمع، وجاء بعده العلماء من أمثال البخاري ومسلم وغيرهم، وأخذوا يكتبون الأحاديث عن فلان عن فلان، وظهرت أهمية علم الجرح والتعديل.
      عندما يقرأ إنسان ما في سنة 600 هـ حديثًا من الأحاديث، ويقول: إن هذا الحديث صعيف؛ لأن فيه فلان بن فلان، وهو كذاب، فهو شيء في غاية الدقة، ولكي يتمكن العلماء من الحكم على الحديث بهذا الشكل؛ كانوا يدرسون حياة الإنسان كاملة، متى ولد، ومتى توفي، وفي أي بلد عاش، ومدة إقامته بكل بلد عاش فيها، واشتهر بالصدق، والأمانة، أو بالكذب والخيانة وما إلى ذلك.
      فهذا العلم حفظ لنا السنة، وحفظ لنا أفعال الصحابة، وكذلك حفظ لنا أحداث الفتنة، خاصة وأن فيها الكثير من الوضع.
      إذا نظرنا إلى كتب الشيعة الموجودة لا نجد عندهم هذا العلم- علم الجرح والتعديل- بهذه الكفاءة الموجودة عند أهل السنة، فنجدهم يقولون عن فلان عن فلان ويذكر الأسماء ثم يقول: عن عمه عن أبيه عن جماعة من الناس. من؟
      لا أحد يعرف ولا أحد يستطيع أن يجرح، أو يعدّل، فكان الكثير من الإبهام عندهم، كما أن الكثير من رواتهم قد أجمع أئمة أهل السنة على الطعن فيهم كما سيأتي.
      انتشر الوضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الصحابة رضوان الله عليهم في عهد الدولة العباسية، لماذا؟

      لقوة شوكة هؤلاء المنحرفين، وقد حاربهم الخلفاء العباسيون أشد المحاربة؛ لزجرهم عن هذا الأمر، ولكنهم استمروا في وضع الأحاديث.


      .

      تعليق


      • #4
        رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين



        من أسباب وضع الأحاديث:

        قسم العلماءُ من يضع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجموعات منهم:

        مجموعة الزنادقة:


        الزنديق هو: الخارج عن الدين الطاعن فيه بعلمه، كسلمان رشدي في زماننا؛ لم يكتف بردته عن الدين، بل بدأ يطعن في الإسلام في كتاباته، هؤلاء الزنادقة بدءوا يدخلون الإسلام في الظاهر بقصد التشويه فيه، واللعب في نصوصه، وعقائده، فيضعون الأحاديث التي تحرّم الحلال، وتحلّ الحرام، - ومثال ذلك رجل اسمه محمد بن سعيد المصلوب، والذي قتله أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي بعد ذلك لما علم بوضعه للأحاديث، ومن الأحاديث التي وضعها: عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي إلا أن يشاء الله.
        - ومثله عبد الكريم بن أبي العوجاء وقد قتله أحد الأمراء العباسيين أيضًا عندما علم أنه وضع بعض الأحاديث، وكان ابن أبي العوجاء هذا شديد الكراهية للإسلام؛ فعندما قُدّم للقتل قال:تقتلني في بعض الأحاديث، والله لقد وضعت على رسول الله أربعة آلاف حديث، أحلل فيها حرامًا، وأحرّم فيها حلالًا.
        فهذا بمفرده وضع هذا الكم الكبير من الأحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: إن مجموع ما وضعه الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة عشر ألف حديث منها أحاديث كثيرة مشهورة كما سيأتي.


        المتزلفون إلى الأمراء:



        هم من يريدون التقرّب إلى الأمراء، فبدأ هؤلاء يضعون الأحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم تقربًا إلى هؤلاء الأمراء، ومن هنا بدأ الطعن في بني أمية؛ لأن العباسيون كانوا هم من يحكم، فلإرضائهم لا بد من الطعن في بني أمية، ومن ثَم ظهرت الروايات التي تطعن في سيدنا معاوية رضي الله عنه وأرضاه، والروايات التي تطعن في ابنه يزيد، وكان تقيًا ورعًا، فقالوا: إنه اشتهر بالخمر والنساء، وقالوا عن الوليد بن عقبة المجاهد الكبير أنه كان مولعًا بالخمر، وطعنوا في عامر بن عبد الله، وكذلك طعنوا في كل الولاة بما فيهم عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، لكونه من بني أمية ولم يسلم رضي الله عنه من طعنهم.


        المتزلفون إلى العامة:



        كان هناك طائفة من الناس يُسمون القصاصين، يقصون للناس القصص والحكايات، ولكون المجتمع مسلم يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحب الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا، كانوا يحكون لهم هذه القصص على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى لسان الصحابة رضي الله عنهم جميعًا، فيرون لهم القصص الغريبة، والعجيبة، والباطلة التي ما أنزل الله بها من سلطان، وينسبون ذلك إلى الصحابة افتراءً وكذبًا.


        ومن طريف ما يُروى أن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين صليا في مسجد الرصافة، فقام بين أيديهم قاص، فقال: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس، قال: قال رسول الله: من قال لا إله إلا الله، خلق الله من كل كلمة طيرا منقاره من ذهب، وريشه من مرجان.
        وأخذ في قصته نحوا من عشرين ورقة.فجعل أحمد بن حنبل ينظر إلى يحيى بن معين، وجعل يحيى بن معين ينظر إلى أحمد، فقال له: حدثته بهذا؟!
        فيقول: والله ما سمعت هذا إلا الساعة.
        فلما فرغ من قصصه، وأخذ العطيات، ثم قعد ينتظر بقيتها، قال له يحيى بن معين بيده: تعال.
        فجاء متوهماً لنوال، فقال له يحيى: من حدثك بهذا الحديث؟
        فقال: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين.
        فقال: أنا يحيى بن معين، وهذا أحمد بن حنبل، ما سمعنا بهذا قط في حديث رسول الله.
        فقال: لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق، ما تحققت هذا إلاّ الساعة، كأن ليس يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما، وقد كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ويحيى بن معين.
        فوضع أحمد كمه على وجهه، وقال: دعه يقوم.
        فقام كالمستهزىء بهما.
        كان هذا هو الحال في عهد أحمد بن حنبل رحمه الله (164 - 241 هـ )، وهو قريب من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بالنا بالعصور التالية.


        تعليق


        • #5
          رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين





          المتعصبون لمذهبهم أو بلدهم:



          وهذه الطائفة تُعدّ من أخطر الطوائف، ومن منطلق التعصب لمذهبهم قام الشيعة بوضع الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والروايات المفتراة على الصحابة، خاصة في أحداث الفتنة، وقد كان لهذا الأمر رواجًا كبيرًا؛ نظرًا لقوة شوكة الشيعة في ذلك الوقت، كما تعصبوا بشدة لفارس، وخلطوا في أمور كثيرة، بل أدخلوا على الإسلام كثيرًا من العقائد المجوسية، وسنفصّل ذلك إن شاء الله عند الحديث عن عقائد الشيعة.
          ومن أمثلة الأحاديث التي وضعوها:

          - يقوم الرجل للرجل إلا بني هاشم فإنهم لا يقومون لأحد.
          - وأيضًا من الأحاديث التي وضعوها يقولون:
          لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة آخى بين أصحابه، فجاء علي رضي الله عنه تدمع عيناه، فقال:
          يا رسول الله آخيت بين أصحابك، ولم تؤآخ بيني وبين أحد.
          فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:
          يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة.


          فهذا حديث موضوع يظنه البعض صحيحًا.

          - النظر في المصحف عبادة.
          - ونظر الولد إلى الوالدين عبادة.
          - والنظر إلى علي بن أبي طالب عبادة.

          - ومن الأحاديث الموضوعة أيضًا:


          أنا خاتم الأنبياء، وأنت يا علي خاتم الأولياء.
          - ثم يحاولون أن يقللوا من قدر السيدة عائشة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون:
          إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

          يا عائشة أما تعلمين أن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران، وكلثم أخت موسى، وامرأة فرعون.ولم يذكروا السيدة عائشة، مع أن من المعروف أن زوجة المؤمن في الدنيا هي زوجته في الآخرة، ويطعنون في السيدة عائشة رضي الله عنها طعنًا كبيرًا، وأحاديث أخرى من هذا القبيل، وعندهم رجل يُسمّى ميسرة بن عبد ربه، قد اعترف بأنه وضع بمفرده سبعين حديثًا في فضل علي بن أبي طالب.


          ونحن نعرف أن عليًا رضي الله عنه ليس بحاجة إلى هذه الأحاديث، حتى ترفع من قدره، فكلنا نعرف قدر علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الإسلام، وقدره عند الله عظيم، فليس هناك ما يبرر الافتراء على الرسول صلى الله عليه وسلم بادّعاء أحاديث في فضل هذا الرجل، والطعن في بقية الصحابة، حتى يصبح هذا الرجل هو المنصور، وهو الأحق بالاتباع دون بقية الصحابة.


          المتحمّسون للإسلام:


          كان من بين هؤلاء من يضع الأحاديث أيضًا، وهذا شيء عجيب، ولكن يزول العجب عندما نعرف أن الذي دفعهم إلى وضع الأحاديث أنهم وجدوا أن الناس بعدوا عن الإسلام، وقصّروا في قراءة القرآن، وفي التزام السنّة، فأرادوا أن يحمّسوا الناس لقراءة القرآن وعمَل السنن، وذلك بوضعهم للأحاديث.
          وكان من هذا الصنف رجل يُسمى أبو عصمة نوح بن أبي مريم قاضي (مرو) إحدى بلاد إيران، وقد وضع على كل سورة من سور القرآن الكريم حديثًا في فضلها؛ من قرأ سورة كذا فله كذا وكذا، ومن الأحاديث المنكرة أيضًا
          لكل شيءٍ عروس، وعروس القرآن سورة الرحمن.


          أصحاب الأغراض الدنيوية:




          هذه الطائفة من الناس تضع الأحاديث لمصلحتهم الدنيوية، ولا يتورعون من نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أمثلة هذا النوع قول أحدهم وهو ينسب الكلام للرسول العظيم صلى الله عليه وسلم:
          بارك الله في عسل بنها.
          ويبدو أنه كان يبيع عسلًا، ويريد الترويج له ثم يعلق على حديثه الموضوع قائلًا: بنها هذه قرية من قرى مصر.
          ومن أمثلة ذلك أيضًا:

          من احتجم يوم الثلاثاء لسبعة عشر من الشهر كان دواءً لداء السنة.
          وأيضًا:
          ما أفلح صاحب عيالٍ قط.
          وهذا الأمر إنما هو نتيجة لضعف الإيمان، وغياب الدين عن النفوس.
          وكما نرى كثرت الأحاديث الموضوعة من أكثر من وجهٍ، فالزنادقة يشوهون الإسلام عن قصد، وأصحاب المذاهب يحاولون إظهار مذهبهم، والطعن في المذهب الإسلامي الصحيح، ومن يريد أن يقص على الناس قصصه المصطنعة المثيرة للعجب، والذين يتقربون إلى الأمراء العباسيين بالطعن في الأمراء الأمويين.
          وبدأت آثار هذه الأحاديث الموضوعة تظهر على أحداث الفتنة.
          وإذا رجعنا إلى الكتب التي تتحدث عن الفتنة نجد مجموعة من رواة الأحاديث منهم:
          أبو مخنف لوط بن يحيى، والواقدي، ومحمد بن السائب الكلبي، وابنه هشام بن محمد بن السائب الكلبي، فهؤلاء الأربعة ترجع إليهم معظم روايات الفتنة المشكوك فيها.
          ماذا قال علماء السنّة في هؤلاء الأربعة؟
          قال الإمام ابن حجر العسقلاني:
          لوط بن يحيى أبو مخنف إخباري تالف لا يوثق به.
          وقال الدارقطني: ضعيف.
          وقال يحيى بن معين: ليس بثقة. وقال مَرّة: ليس بشيء.
          وقال ابن عدي: شيعي محترق.
          أما الواقدي فيقول عنه الذهبي: مجمعُ على تركه.
          ويقول ابن المديني: الواقدي يضع الحديث.
          ويقول البخاري: الواقدي متروك الحديث.
          ويقول معاوية بن صالح:
          قال لي أحمد بن حنبل: الواقدي كذاب. وقال مرّة: ليس بشيءٍ.
          وقال الشافعي: كتب الواقدي كلها كذب.
          وقال ابن المديني: عندي عشرون ألف حديث للواقدي ما لها أصل، وإبراهيم بن يحيى كذاب، وهو عندي أحسن من الواقدي.
          أما محمد بن السائب الكلبي وابنه هشام فذُكر فيهما الكثير والكثير من الطعن، ومما يُروى عن محمد بن السائب أنه كان يقول أنه علم وسمع عن فلان عن فلان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجلس، ويتلقى الوحي، وقام لقضاء حاجته، فجلس مكانه علي بن أبي طالب فألقى عليه جبريل الوحي .
          فهؤلاء الأربعة من الأئمة الأخيار عند الشيعة، وتمتلئ كتب الشيعة بالمدح فيهم والثناء عليهم.


          ومن ثَمّ فعلينا عند دراستنا لموضوع الفتنة أن نعرف المصدر الذي نأتي منه بهذا الكلام جيدًا، هل مصدر ما نرويه هو هؤلاء الوضاعين الكذابين أم هو مصدر وثقه علماء الجرح والتعديل؟


          وهذا الأمر يتطلب جهدًا كبيرًا وعملًا متواصلًا حتى يتضح الأمر بصورة صحيحة.

          .

          تعليق


          • #6
            رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين

            .



            ما هي كتب أهل السنة الصحيحة التي روت هذه الأحاديث؟




            - أصح الكتب في هذا المجال هي كتب الصحاح الستة، وأصحها كما هو معروف صحيح البخاري، بل هو أصح الكتب على الإطلاق بعد القرآن الكريم، هكذا قال علماء الجرح والتعديل، وقالوا جميعًا: إن حجة البخاري أقوى على من نازعه.
            انتقى الإمام البخاري رحمه الله كتابه الصحيح الذي تبلغ أحاديثه بالمكرر منها سبعة الآف وثلاثمائة وسبعة وتسعين حديثًا، وبدون المكرر ألفان وستمائة واثنين من الأحاديث، انتقى هذه الأحاديث من ستمائة ألف حديث، ولم يكتب حديثًا من الأحاديث إلا صلّى قبله ركعتين يستخير الله أن يكتب هذا الحديث أم لا، وكان يسافر الأميال البعيدة طلبًا لحديث واحد من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

            وقد ولد الإمام البخاري في سنة 194 هـ في قرية تُسمّى (بخارى) من قرى (خراسان) فهو ليس بعربي، وقد مات رحمه الله عن اثنين وستين سنة.
            - يأتي في المرتبة الثانية بعد صحيح البخاري صحيحُ مسلم، وهو من الكتب المهمة أيضًا في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، بل إن بعض العلماء يجعلونه على مرتبة البخاري، وبعض العلماء يقولون:


            إن صناعة الحديث عند مسلم من ناحية تحرّى السند، وتنظيم كتابه، أفضل من البخاري، لكن البخاري أصح، ومن ثَم يُقدّم على مسلم، ويوجد بعض الأحاديث وإن كانت قليلة جدًا نُوزِع فيها الإمام مسلم، وكان الحق مع من نازعه، وغير المكرر عنده أربعة آلاف حديث، لكن البخاري كما ذكرنا فيه 2602 حديث غير مكرر، وقد ولد الإمام مسلم في (نيسابور) فهو غير عربي أيضًا، ومات وعمره سبعة وخمسين عامًا.

            - يأتي بعد مسلم في المنزلة النسائي وقد ولد في (نسا)، وهي تابعة لخراسان، وليس بعربي أيضًا، وقد ولد في سنة 215 هـ، ومات، وعمره 88 سنة، وكان من أدق الناس في الرجال.

            - بعده سنن أبي داود وفيها أربعة الآف وثمانمائة حديث، وهو عربي، ولد في البصرة سنة 202 هـ، ومات وعمره 73 سنة.

            - ثم الترمذي وفيه بعض الأحاديث الضعيفة، لكنها محققة، وكان الترمذي يشير إلى الحديث من ناحية الصحة، والضعف، ولم يشر إلى ضعف بعض الأحاديث، وصححت من قبل علماء الجرح والتعديل، وقد ولد الترمذي في (ترمذ) على ضفاف نهر (جيحون) في أفغانستان سنة 209 هـ، وليس بعربي، ومات وعمره 70 سنة، ومن شدة ثقة البخاري فيه كان يأخذ منه، مع أن البخاري شيخ الترمذي.

            - ثم سنن ابن ماجه، وهو في المرتبة السادسة، ويقال:
            إن ما انفرد به ابن ماجه غالبًا ما يكون ضعيفًا، إلا ما اتفق فيه مع غيره من الأئمة.
            وقال ابن حجر: إن هذا الأمر ليس على الإطلاق.
            وهذا يعني أنه قد ينفرد ببعض الأحاديث دون أن تكون ضعيفة.
            وُلد ابن ماجه في قزوين سنة 209 هـ، فهو ليس بعربي، وكما نلاحظ أن كتب الصحاح الستة قد كتب منها خمسة من غير العرب، وسبحان الله الذي أنعم على المسلمين بفتح هذه البلاد، ودخل منها الإسلام من حفظوا لنا سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
            - يأتي بعد هذه الصحاح مسند الإمام أحمد، وهو أعظم المسانيد على وجه الأرض.
            لماذا لم يضعه العلماء مع الكتب السابقة؟

            .

            تعليق


            • #7
              رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين

              .
              هناك فرق بين الصحيح والمسند، فكتب الصحاح والسنن مرتبة حسب الأبواب، وحسب المواد التي بها، أما المسند فيكون مرتبًا حسب الصحابة فيقول مثلًا:
              الأحاديث التي رواها عبد الله بن عمر كذا وكذا، والأحاديث التي روتها السيدة عائشة كذا وكذا وهكذا.

              وفي المسند غير مكرر 30000 حديث، أو نحو ذلك، و40000 حديث بالمكرّر، ويقال أن الإمام أحمد كتب هذه الأحاديث من سبعمائة ألف حديث، وقيل: ألف ألف حديث.
              وزاد عبد الله بن أحمد بن حنبل بعد ذلك على المسند بعض الأحاديث، وقد قيل: إن مسند الإمام أحمد ليس به حديث واحد موضوع، وإن بعض الأحاديث الموضوعة إنما جاءت عن طريق ابنه.

              هذه هي المصادر الموثوق فيها عندنا، وعلماء الجرح والتعديل من المعرفة والشهرة بمكان، فعندما نبحث في أحداث الفتنة ينبغي أن تكون هذه هي مراجعنا التي نثق فيها، ونترك المراجع الغير موثوق فيها التي بها الكذب والوضع.

              وقد يتساءل البعض: من يطعن في الإسلام اليوم؟


              ربما يظن البعض أن هذا الطعن كان في عهد الدولة العباسية، وكانوا يطعنون في الأمويين تقربًا إلى العباسيين، فلماذا الطعن الآن، ومن يطعن؟
              إن من يطعن في الإسلام اليوم إنما هم أصحاب المذاهب المنحرفة، فكل من خرج بفرقة منحرفة يطعن في الإسلام من وجهة نظر الفرقة التي ينتمي إليها، ويذكر الأحاديث الموضوعة، والضعيفة مستشهدًا بها على رأيه المنحرف والضال.
              وقد كانت هذه الروايات الموضوعة المكذوبة كنز حصل عليه المستشرقون عندما بدءوا التنقيب في كتب التاريخ الإسلامي كلها، ونقلوا هذه الروايات إلى لغاتهم المختلفة، وقالوا بأن الدين الإسلامي انتشر عن طريق الحروب وأنه متى تملك أحد من المسلمين السلطة فإنه يحارب الآخر، ويقاتله، ووصفوا أحداث الفتنة من هذه الروايات المكذوبة

              أما المستغربون، وهم الذين تربوا على يد الغرب، ثم جاءوا يطعنون في الإسلام في بلادهم، فهم أصحاب أسماء إسلامية ويعيشون بين المسلمين، وربما كانوا يصلّون، أو يصومون، ومع هذا يطعنون في الإسلام طعنًا شديدًا، ومن هؤلاء طه حسين، وهو من الشهرة بمكان، ويلقبونه عميد الأدب العربي، وهو وإن كان أديبًا إلا أنه من أشد أعداء الإسلام، وجميع كتبه تطعن في الإسلام، وكان يعلّم تلامذته النقد في القرآن الكريم، ويقول: هذه الآية بناؤها قوي وهذه الآية بناؤها ضعيف.
              ومن أقواله:

              إنه ليس معنى أن قصة إبراهيم وإسماعيل وردت في القرآن الكريم أن تكون حقيقية، فربما كانت روايات من الفن القصصي في القرآن الكريم، ولا بد لتصديقها من وجود حفريات وأدلة مادية تؤيد ذلك.

              كما طعن طه حسين في كتبه في كثير من الصحابة رضي الله عنهم جميعًا، إلى درجة أن الأزهر الشريف كفّره، وحكم بردته، ووقتها كان أستاذًا بكلية الآداب، ثم زعم أنه تاب، وعاد إلى الله وألّف كتابًا يتقرّب به إلى علماء الأزهر، وهذا الكتاب في ظاهره الدفاع عن الإسلام، وفي باطنه الكثير من الطعن والروايات الموضوعة والمكذوبة.
              كما أن الكثير من أمثال طه حسين، والمعاصرين له الذين درسوا في فرنسا وإنجلترا، وغيرها من البلاد الأوربية جاءوا بمثل هذه الأمور.
              ومن الكتب الخطيرة أيضًا في هذا المجال كتب عبد الرحمن الشرقاوي، ومن يقرأ عن أحداث الفتن في هذه الكتب يجده قد طعن في جميع الصحابة بلا استثناء.
              كما أن كتاب خالد محمد خالد (رجال حول الرسول) وكتابه (خلفاء الرسول) قد طعن في من كان مع معاوية ضد علي رضي الله عنهم جميعًا، وطعن أيضًا في أبي موسى الأشعري مستدلًا بقصص واهية ومكذوبة.

              ومن أولئك الطاعنين في الصحابة الدكتورة زاهية قدروة عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية السابقة في كتابها (عائشة أم المؤمنين)،

              وعندما كنت أقرأ في هذا الكتاب كدت أن أتقيّأ من شدة الاشمئزاز مما كُتب،


              فمن بين ما كَتَبَتْ تقول:
              أصل الخلاف بين علي وعائشة أن الرسول تزوجها، وكانت الأقرب إلى قلب الرسول صلى الله عليه وسلم، وحقدت عليها السيدة فاطمة، فكرهتها، وبثت شكواها إلى عليّ فكرهها، وهذا مما جعله يحاربها بعد ذلك.
              أيضًا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب السيدة فاطمة، فحقدت عليها السيدة عائشة، وكرهتها.
              تقول المؤلفة أيضًا:
              إن عليًا رضي الله عنه كان من الذين طعنوا في السيدة عائشة في حادث الإفك، فكرهته عائشة وحملتها له.
              وتذكر الكاتبة أن عليًا وفاطمة قد أظهرا الشماتة في السيدة عائشة في حادث الإفك، ولما ظهرت برآتاها كلّمتهما في ذلك.
              أيضًا تقول:
              إن السيدة عائشة رضي الله عنها حاربت عليًا رضي الله عنه؛ لأنه أخذ الخلافة بعد عثمان رضي الله عنه، وكانت تريدها لطلحة بن عبيد الله لأنه من قومها.
              وهكذا نرى المجتمع المسلم في ذلك الوقت في نظر الكاتبة أكثر انحطاطًا من مجتمع المسلمين اليوم.
              ومراجع الكاتبة ومصادرها شيعية، ولا أدرى ما إذا كانت تعرف ذلك أم لا، فإن كانت لا تعرف، فتلك مصيبة، وإن كانت تعرف فالمصيبة أعظم.
              وتذكر الكاتبة أنه بعد كل هذا الحقد الدفين بين السيدة عائشة، وسيدنا علي قامت بينهما معركة الجمل، وضاعت كل هذه الدماء الطاهرة بسبب الكارهية، وهذا الحقد الدفين كما تزعم الكاتبة.
              وكانت السيدة عائشة في زعم الكاتبة الباطل تنقِم على عثمان بن عفان، ومن ثَم ألّبت الناس عليه، ولما همّ عبد الله بن عباس أن يبقى في المدينة ليدافع عن عثمان رضي الله عنه- وكان أميرًا للحج في هذا العام- قالت له:
              يا عبد الله لا تبق في هذه المدينة، ولا ترد الناس عن هذا الطاغية.
              هكذا روج هؤلاء المستغربين لأفكار باطلة كاذبة؛ ليطعنوا الأمة في أعز ما لديها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

              .

              تعليق


              • #8
                رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين



                من هم الصحابة ؟؟؟



                نحب أن نشير أيضًا إلى معنى الصحابة، حتى نكون على علمٍ بقدر من نتحدث عنه.

                الصحابي هو: كل من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، ورآه أو اجتمع به في حياته، ومات على الإيمان، فيدخل فيهم من ارتد، ثم رجع إلى الإسلام كالأشعث بن قيس.
                وعدد الصحابة في أصح الأقوال مائة وأربعة عشر ألفًا.

                أما التابعي فهو من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، والتقى بصحابي وتعلم منه، وهم درجات فمنهم الدرجة العليا كسعيد بن المسيب، فإن معظم رواياته عن الصحابة، والطبقة الوسطى من التابعين مثل: عكرمة، وقتادة، وعمر بن العزيز، والحسن البصري وغيرهم، والطبقة الصغرى، وهم من أخذوا أحاديث قليلة من الصحابة، ويوجد من يُسمّى بالمخضرم، وهو من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته ولم يره، كالنجاشي.
                ويُجمع علماء الجرح والتعديل أن كل الصحابة عدول فكل ما قالوه حق، ربما يكون خطأً، لكنه ليس فيه كذب، ولا خيانة، ولا تدليس، وقال العلماء:
                لا تضر الجهالة مع صحابي.

                أي أنك إذا علمت أن فلانًا من الصحابة، ولا تعرف عنه أي شيء إلا يقينك بصحبته، وقال جملة ما، فما قاله صحيح لا كذب فيه، فهذا هو تعاملنا مع صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.

                ومن ثًمّ فلا يجوز على الإطلاق الطعن في أحد من الصحابة، وإذا فعل أحد من الصحابة فعلًا، ويحتمل هذا الفعل نيّتين، فيُحمل الأمر على الأحسن، وحسن الظن مطلوب في حق كل المسلمين، وفي حق الصحابة أَوْلى.

                وإذا تبيّن خطأ أيٍّ من الصحابة نقول: اجتهد فأخطأ فله أجر.
                وقد كثر الطعن في كثير من الصحابة كما نعرف كمعاوية رضي الله عنه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول عنه:
                اللَّهُمَّ اجْعَلْهَ هَادِيًا مَهْدِيًّا.
                وكثيرٌ ممن يطعن في معاوية رضي الله عنه إذا ظل يعمل طوال حياته فلن يفعل ما فعله معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه من الخير في سَنَة واحدة، وقد هدى الله على يديه الأمم الكثيرة.

                ولا يدفعنا كرهنا لعقائد الشيعة، ووضعهم الأحاديث أن نقلل من قدر علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أو من قدر الحسين، أو من قدر السيدة فاطمة، أو من قدر أحد من أهل البيت رضي الله عنهم، فإن لهم في الإسلام مكانة عظيمة، ولكن لا إفراط ولا تفريط.
                مراجع موثوق فيها:

                هناك مجموعة من المراجع الموثوق فيها التي تحدثت عن أحداث الفتنة، وهي:

                - العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي، وهو من أفضل الكتب على الإطلاق التي كُتبت للرد على من طعن في الصحابة رضي الله عنهم، وهو غير كتاب العواصم والقواصم.

                والقاضي أبو بكر بن العربي ولد بأشبيلية بالأندلس في أواخر القرن الخامس الهجري، وحفظ القرآن وعمره خمس سنوات، وحفظ القراءات العشر، وعمره ستة عشر سنة، ثم أخذ يسيح في الأرض طالبًا العلم، فرحل إلى الجزائر، ومصر، والحجاز، والشام، وفلسطين، وغيرها من البلدان، وقد التقى خلال رحلاته بالكثير من العلماء المشهورين، وتعلّم منهم، ورجع ليؤلّف، وقام بعمل أكثر من خمسة وثلاثين مؤلفًا، ومن مؤلفاته كتاب (أنوار الفجر في تفسير القرآن) وعدد صفحاته مائة وستين ألف صفحة، وكانت تحمله الجمال، وقد كتبه في أواخر القرن الخامس الهجري وحفظ في أكثر من مكان حتى انتهى به الأمر في القرن الثامن الهجري عند ملك مراكش وفُقد هذا الكتاب، وكان ابن العربي قد كتبه في عشرين سنة، ومن أروع مؤلفاته هذا الكتاب (العواصم من القواصم)، وقد علّق عليه علامة من العصر محب الدين الخطيب، وأضاف عليه الكثير والكثير مما يسعد المرء أن يقرأه.


                - كتاب (منهاج السنة النبوية) لشيخ الإسلام ابن تيمية، وحق له أن يُلقّب بشيخ الإسلام، وسيف السنة المسلول على المبتدعين، وهذا الكتاب لا غنى عنه لمن يبحث في عقائد الشيعة، والقدرية، ومن يبحث في أحداث الفتنة، ويقع في أربعة أجزاء، ويستخدم المنطق، والعقل في الرد، والدفاع عن الصحابة رضي الله عنهم.

                .

                تعليق


                • #9
                  رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين


                  .
                  - كتاب (البداية والنهاية) لابن كثير، وهو من أوثق الكتب، وأفضلها وينبغي لكل مسلم أن يجعله عنده، ولا بدّ من الأخذ في الاعتبار أن ابن كثير في بعض الأحيان كان ينقل عن الواقدي، فهذه الروايات تسقط، ولكن ابن كثير كان يذكر الروايات الأخرى الموثوقة، وقد نقل ابن كثير عن شيخه الطبري الكثير.

                  - كتاب (الشيعة والتشيع) لإحسان إلهي ظهير، وهو من أفضل من كتبَ عن الشيعة وفضحَ مخططاتهم، وقد اغتيل حديثًا في ظروف غامضة، وكتابه هذا من أفضل ما كتُب حول الشيعة والتشيع.

                  - كتاب (تاريخ الخلفاء) للسيوطي، يذكر قصة كل خليفة، وإن كان لم يتورع بشدة في رواية أحداث الفتنة.

                  وقد توفي السيوطي سنة 911 هـ.


                  - كتاب (حماة الإسلام) لمصطفى نجيب، وهو من الكتب القيّمة الصغيرة، ومعظم ما ورد فيه موثوق، وتعليقات المؤلف على ما ورد تعليقات جيدة وفي محلها.

                  - وكتب استشهاد الحسين لابن كثير.
                  -
                  رأس الحسين لابن تيمية.


                  - العقائد الشيعية لناصر الدين شاة.
                  - حقيقة الخلاف بين علماء الشيعة وجمهور علماء المسلمين لسعيد إسماعيل.
                  - الأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الاثنى عشرية لمحب الدين الخطيب؛ العلّامة الذي قضى جزءًا كبيرًا من حياته في دراسة وتفنيد أصحاب دعاوى التقريب بين علماء الشيعة، وعلماء السنة، ويقول أنه لا تقريب، إن هذا شيئًا مختلفًا بالكلية عن دين الإسلام، وكما سيأتي في دراسة عقائد الشيعة الموجودة في كتبهم.

                  فهذه هي العقائد التي ينبغي أن نفهمها، ونحفظها جيدًا، ونحن بصدد دراسة هذا الموضوع الخطير؛ أحداث الفتنة، وعندما نقرأ في أي كتاب من الكتب لا نسلم رقابنا لأي كاتب.

                  لأنهم يريدون أن يفهّموا الناس أن الدولة الإسلامية ما قامت إلا في عهد أبي بكر وعمر فقط، بعد ذلك لا يمكن للإسلام أن يقيم دولة، فما دام الإسلام قد جاء، وحكم فستكون الدماء، والأشلاء، والضحايا، فلا داعي إذن لإقامة دولة الإسلام، وإلا كان مصيرنا كمصيرهم، فإذا كان الصحابة رضوان الله عليهم وهم من أخذوا من الرسول مباشرة، قد فعلوا هذه الأفاعيل- في زعمهم- فماذا سيفعل غيرهم، فهذا هو الهدف الرئيسي الذي من أجله ينشرون هذه الروايات، وهذه الأكاذيب. ومن ثَم فعليك عندما تقرأ في هذه الأحداث أن تتأكد من المراجع والمصادر التي تذكر الحدث، وتعرف مدى الصحة والضعف ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه


                  كنا قد ذكرنا قبل ذلك أن هدفنا الأول من دراسة هذه الأحداث هو الدفاع عن الصحابة رضوان الله عليهم، وكفى بذلك شرفًا، وذكرنا قول جابر بن عبد الله رضي الله عنه أحد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه:


                  إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كان عنده علم فليظهره، فإن كاتم العلم يومئذٍ ككاتم ما أُنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم.


                  ذكرنا أيضًا علّة هذا القول، وأن هؤلاء الصحابة هم الذين نقلوا لنا القرآن، والسُّنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا طُعن فيهم بكفر، أو فسق، أو كذب، أو خيانة، وسكت من عنده علم، فإن معنى ذلك أن كلّ ما في أيدينا مما نُقل عنهم ليس بثقة، ولا يُؤخذ به، وفي هذا الأمر هدمٌ للدين، وكتمان لما أُنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم.
                  ومما ينبغي أن نؤكد عليه في هذا الصدد عدالة الصحابة جميعًا أي أنهم جميعًا أهل ثقة وأمانة ولا يقبل بحال إتهامهم، وإن أخطأ أحدهم في الرأي نقول: اجتهد فأخطأ فله أجر، ورواياتهم التي تثبت صحتها؛ مقبولة تمامًا.

                  يقول الله تعالى مخاطبًا الرسول صلى الله عليه وسلم وأمته: [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ] {آل عمران:110}.

                  .

                  تعليق


                  • #10
                    رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين

                    .

                    ويقول عز وجل: [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا] {البقرة:143}.

                    ويقول تعالى: [لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا] {الفتح:18}.
                    وكثير من أصحاب البيعة الذين رضي الله عنهم يُطَعن فيهم، ويوصمون ليس فقط بالفسق، ولكن بالكفر، ونعوذ بالله من ذلك، وقال الله عز وجل: [وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ] {التوبة:100}.

                    ويقول أيضا: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ] {الأنفال:64}.

                    ويقول تعالى: [لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ] {الحشر:8}.
                    ويقول عز وجل: [وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَللهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الحُسْنَى وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ] {الحديد:10}.


                    - وروى عبد الله بن مسعود عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينّ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ أَيْمَانُهُمْ شَهَادَتَهُمْ، وَيَشْهَدُونَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدُوا.

                    رواه أبو هريرة وعمران بن حصين وورد في البخاري ومسلم.


                    - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ. رواه البخاري ومسلم.


                    أما علماء الشيعة فيقولون:

                    إن خلفاء المسلمين الثلاثة الأُول، قد خانوا عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
                    كما قال مهدي العسكري في كتابه، وقد نشرت وزارة الإرشاد الإسلامي بجمهورية إيران الإسلامية كتيبا جديدا يصنف فيه جيل الصحابة الكرام رضي الله عنهم جميعا إلى ثلاث مجموعات كالآتي:
                    المجموعة الأولى:
                    هم الذين رضي الله عنهم- وهم في الحقيقة الذين رضي عنهم علماء الشيعة- وهم لا يتجاوزون أصابع اليدين، وهم:
                    علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، والمقداد بن عمرو، وعبد الله بن مسعود، وسلمان الفارسي.
                    المجموعة الثانية:
                    وصفها الكتاب بأنها أسوأ العناصر، وأنها انتحرت تحت أقدام الطغاة، ومن هؤلاء عبد الله بن عمر بن الخطاب.
                    المجموعة الثالثة:
                    وصفها بأنها باعت شرفها، وباعت كل حديث بدينار، وتضم في رأيهم- عياذا بالله من هذا الرأي- أبا هريرة وأبا موسى الشعري وغيرهم.
                    وأبو هريرة كما نعرف مِن أكثر مَن روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان قد اشترى دينه ببعض الدراهم كما يدعون، فيكون كل ما رواه عن الرسول صلى الله عليه وسلم- في زعمهم الفاسد- باطل، وكذا عبد الله بن عمر الذي روى بمفرده أربعة آلاف حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أمر في غاية الخطورة، ويقولون عن خالد بن الوليد عديم المبالاة، وعثمان أرستقراطي، وعبد الرحمن بن عوف عابد المال، وسعد بن أبي وقاص عديم التقوى.
                    وهؤلاء الثلاثة: عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، من العشرة المبشرين بالجنة على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن يكذبون؟!

                    الصحابة أم الرسول صلى الله عليه وسلم؟!
                    وخالد بن الوليد كما نعرف سيف الله المسلول.
                    يقول الخميني في كتابه (كشف الأسرار):
                    إن أبا بكر، وعمر، وعثمان لم يكونوا خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل أكثر من ذلك يقول:
                    إنهم غيروا أحكام الله، وحللوا حرام الله، وظلموا أولاد الرسول، وجهلوا قوانين الرب وأحكام الدين.
                    فهذا قليل القليل من كثير يقال افتراء، وكذبا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم.
                    أما علماء السنة فيقول أحمد بن حنبل رحمه الله:
                    إذا رأيت أحدا يذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء، فاتهمه على الإسلام.
                    وقال إسحاق بن راهويه:
                    من شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعاقب ويحبس.
                    ويقول الإمام مالك:
                    من شتم النبي صلى الله عليه وسلم قتل بكفره، ومن سب أصحابه أُدّب.
                    وقال القاضي أبو يعلى:
                    الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة؛ إن كان مستحلا لذلك كفر، وإن لم يكن مستحلا لذلك فسق.
                    ويقول ابن تيمية:
                    من زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا، أو أنهم فسقوا عامة الصحابة، فلا ريب في كفره.
                    ويقول أبو زرعة الرازي:
                    إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق.
                    لأجل هذا كله كانت دراسة هذه الأحداث للدفاع عن الصحابة الكرام، وتبرئتهم مما ألصقه بهم هؤلاء الطغاة الجهال، واتبعهم في ذلك كثير من جهلة المسلمين من السنة، وكتبوا فيها كتابات كثيرة لا ندري إن كانت عمدا فتكفرهم، أم جهلا فتفسقهم؟
                    من أمثال عبد الرحمن الشرقاوي وعائشة قدروة عميدة كلية الآداب بالجامعة اللبنانية سابقا التي طعنت بشدة في السيدة عائشة، وسيدنا علي، والسيدة حفصة، والسيدة فاطمة، وسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعا.

                    .

                    تعليق


                    • #11
                      رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين

                      عثمان بن عفان رضي الله عنه



                      هذا رجل من أعظم الناس في ميزان الإسلام، وقد لقب بهذا اللقب لزواجه ابتتي الرسول صلى الله عليه وسلم السيدة رقية، والسيدة أم كلثوم، وهذا أمر في غاية الشرف، ولم يجمع أحد من البشر على مدار العصور ابنتي نبي غير هذا الصحابي الجليل، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أم كلثوم رضي الله عنها: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا ثَالِثَةٌ لَزَوَجَّنَاكَهَا.

                      هذا الخليفة المظلوم طُعن فيه كثيرا، وحتى من قِبَل جهال السنة الذين يكتبون دون تمحيص أو دراية.


                      وقد استُخلف رضي الله عنه على المسلمين في بداية العام 24 هـ، وظل خليفة للمسلمين حتى قتل سنة 35 هـ، بعد الكثير من الادعاءات الظالمة التي ألصقت به رضي الله عنه وأرضاه من بعض الذين ادعوا الإسلام، وبعض المسلمين الذين اتبعوهم جهلا في ذلك الوقت، حتى قتلوه رضي الله عنه، وبعد ذلك بالغت الشيعة في الطعن في عثمان رضي الله عنه على أساس أنه أخذ الخلافة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالاحتيال مع عبد الرحمن بن عوف، ونعوذ بالله من زعمهم.

                      من هو عثمان بن عفان؟




                      هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، فهو رضي الله عنه ينتمي إلى بني أمية، ويلتقي مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الجد الرابع عبد مناف، وهذا شرف كبير أن يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
                      وأم عثمان رضي الله عنه هي أروى بنت كريز وأم أروى هي أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب توأمة عبد الله، والد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فعثمان رضي الله عنه هو ابن بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم، فهو إذن من أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم من جهتي الأم والأب.


                      ولد عثمان رضي الله عنه بعد ست سنوات من عام الفيل، فهو أصغر من الرسول صلى الله عليه وسلم بست سنوات، ومن أوصافه أنه كان رجلا ربعة ليس قصيرا ولا طويلا، حسن الوجه، أبيض مشربا بحمرة، بوجهه نكتات جدري، كثير اللحية تملأ ما بين منكبيه، وكانت لحيته بيضاء لكبر سنة، عظيم الكراديس- كبير العظام- بعيد ما بين المنكبين، طويل الذراعين، وشعره قد كسا ذراعيه، كان جعد الرأس، وكان أحسن الناس ثغرا، وكان من أجمل الناس، وقد اشتهر بذلك، وكان يقال عنه، والسيدة رقية رضي الله عنها أنهما أجمل زوج.


                      أسلم رضي الله عنه على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان رابع من أسلم بعد أبي بكر، وزيد بن حارثة، وعلي بن أبي طالب، وقد قابله أبو بكر يوما بعد نزول الرسالة فقال له:
                      ويحك يا عثمان، إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، ما هذه الأصنام التي يعبدها قومنا، أليست من حجارة صم لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟
                      قال: بلى هي كذلك.
                      فقال أبو بكر رضي الله عنه:
                      والله هذا رسول الله محمد بن عبد الله، قد بعثه الله إلى خلقه برسالته، هل لك أن تأتيه؟
                      فقال: نعم.
                      فاجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: يَا عُثْمَانُ، أَجِبِ اللَّهَ إِلَى حَقِّهِ، فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ، وِإِلَى خَلْقِهِ.
                      قال: فوالله ما تمالكت نفسي منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله.
                      فكانت استجابته للإسلام سريعة بفضل الله تعالى، وهو من حسنات أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه.
                      وبعد إسلامه تزوج من رقية رضي الله عنه بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه كان زوجا لها قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ومع شرفه، ومكانته في قومه إلا أنه عندما أسلم آذاه أهله إيذاء شديدا، وكان يتولى تعذيبه عمه الحكم بن العاص، فكان يجلده فلا يرده ذلك عن دين الله شيئا.

                      .

                      تعليق


                      • #12
                        رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين

                        عندما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة كان رضي الله عنه من أول من هاجر إليها هو وزوجته السيدة رقية، وتبعهم المسلمون بعد ذلك، وكان الهدف من الهجرة إلى الحبشة، هو تكوين نواة للمسلمين بالحبشة حتى إذا استأصلت نواة مكة يصبح للمسلمين مكانا آخر ينطلقون منه بعد ذلك.
                        وفي أثناء وجود المسلمين في الحبشة أشيع أن أهل مكة قد أسلموا، ورجع بعض المسلمين إلى مكة، وكان منهم عثمان بن عفان، والسيدة رقية رضي الله عنهما، ولما علم المسلمون أن تلك كانت شائعة كاذبة استقر منهم بمكة من قدمها، واستقر بالحبشة من لم يأت منها.
                        ثم هاجر عثمان رضي الله عنه وزوجه رقيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فكان صاحب الهجرتين، وقليل من الصحابة من كان كذلك، وكان رضي الله عنه ونظرا لكثرة ماله يعتق الكثير من العبيد، سواء في فترة إقامته في مكة أو المدينة، وبعد أن تولى الخلافة أيضا استمر في عتق العبيد حتى قيل:
                        ما مرت جمعة إلا وأعتق عثمان رضي الله عنه رقبة.
                        وهذا منذ أسلم حتى لقي الله تعالى، وإذا مرت جمعة دون أن يعتق رقبة لقلة مال، أو قلة رقاب أعتق في الجمعة التي تليها رقبتين.
                        ومن محاسنه رضي الله عنه، والتي لا تخفى على أحد أنه عندما أتى المدينة المنورة كان اليهود يتحكمون في المياه فاشترى بئر رومة على نفقته الخاصة، وحفرها، وجعلها للمسلمين، ونصيبه فيها كنصيب المسلمين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: مَنْ حَفَرَ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ.


                        تأتي بعد ذلك غزوة بدر، ونعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما خرج لبدر لم يكن في نيته القتال، وإنما خرج المسلمون للعير، وكان عثمان رضي الله عنه ممن يصرون على الخروج مع الرسول صلى الله عليه وسلم ومع المسلمين إلا أن الله عز وجل لم يرد ذلك، فقد مرضت السيدة رقية رضي الله عنها مرضا شديدا، وأمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يمكث معها ليطببها، ويمرضها، فمكث معها رضي الله عنه وأرضاه، وذهب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن معه إلى بدر وكان القتال، والنصر، ورجعوا إلى المدينة، فوجدوه يدفن السيدة رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي زوجته رضي الله عنهما، وأسهم له النبي صلى الله عليه وسلم بسهم من الغنائم، وكأنه من المشاركين في هذه الغزوة، وزوجه الرسول صلى الله عليه وسلم من ابنته أم كلثوم رضي الله عنها، ومكثت معه حتى السنة التاسعة من الهجرة، وتوفاها الله تعالى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا ثَالِثَةٌ لَزَوَجَّنَاكَهَا.
                        ومن فضائله رضي الله عنه أنه لما كان في المدينة بعد هجرة المسلمين إليها اشترى من ماله الخاص أرضا حول المسجد النبوي توسعة للمسجد.
                        وتأتي بعد ذلك غزوة أحد التي بدأت بالنصر للمسلمين، ثم مخالفة الرماة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فالهزيمة للمسلمين، وقتل الكثير من الصحابة وفرار الكثير، ومنهم عثمان رضي الله عنه، وذلك لهول وعظم المعركة، ولكن الله عز وجل بمنه، وفضله، وجوده، وكرمه أنزل قوله تعالى:
                        [إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ] {آل عمران:155}.

                        ومن عفا الله عنه في أمر من الأمور فلا يجوز لأي إنسان أن يُعَرّض- ولو مجرد تعريض- بهذا الأمر، وعندما تكلم أناس في (ماعز) بعد أن زنى ورجم قال النبي صلى الله عليه وسلم عن ماعز: لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ وُزِّعَتْ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَوَسِعَتْهُمْ.
                        ومر النبي صلى الله عليه وسلم على جيفة حمار، وكان معه هذين الذين تكلما في أمر (ماعز) فقال لهما: انْزِلَا فَكُلَا مِنْ هَذِهِ الْجِيفَةِ.
                        فقالا: سبحان الله، يا رسول الله، كيف نفعل ذلك؟
                        قال صلى الله عليه وسلم: فَمَا فَعَلْتُمَا أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ.
                        وكانت هذه الغيبة في حق رجل اعترف بزناه، فكيف بنا مع رجل أعلن الله عز وجل في القرآن أنه عفا عنه، وتجاوز عن هذه الأمر.
                        بعد ذلك، وفي السنة الرابعة للهجرة كانت غزوة ذات الرقاع، استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة، فكان أميرا للمدينة في غياب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم شارك في الخندق، وفي غطفان استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة.
                        عثمان وبيعة الرضوان
                        لما ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة للعمرة قبل صلح الحديبية ورفضت مكة دخوله، والمسلمين ليطوفوا بالحرم، أراد صلى الله عليه وسلم أن يرسل أحد الصحابة؛ ليعلمهم أنهم ما أتوا لقتال، أو حرب، وإنما أتوا للعمرة، واختار صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه فقال عمر رضي الله عنه:
                        إني أخاف قريشا على نفسي، وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها، ولكني أدلك على رجل أعز بها مني؛ عثمان بن عفان.

                        تعليق


                        • #13
                          رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين

                          ووافق النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الرأي، ودعا صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه، وبعثه إلى أبي سفيان، وإلى أشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت بحرب، وأنه جاء لمجرد العمرة، فدخل رضي الله عنه مكة، وأجاره أبان بن سعيد بن العاص، وهو أحد أبناء عمومته، وقام معهم بالمفاوضات، وأوضح لهم الأمر، فطلبوا أن يقوموا ببعض المفاوضات مع النبي صلى الله عليه وسلم فوافقهم، ولما هم بالرجوع عرضوا عليه أن يطوف بالبيت الحرام، وكان هذا حلما لكل المسلمين بعد هجرة سنوات وسنوات بعيدا عن مكة، ولكنه رضي الله عنه قال لهم:
                          ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                          مكث عثمان رضي الله عنه في مباحثاته مع أهل مكة ثلاثة أيام، وفي هذا الوقت أشيع عند رسول الله، وعند المسلمين أن عثمان قد قتل في داخل مكة، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم صحابته جميعا، وتبايعوا على الموت انتقاما لمقتل عثمان رضي الله عنه، وفي هذا ما فيه من التشريف لعثمان رضي الله عنه، وفي أثناء هذه المبايعة يأتي جميع الصحابة ليبايعوه فوضع صلى الله عليه وسلم يده مكان يد عثمان بن عفان، فكانت خير يد في هذه المبايعة.


                          وشارك رضي الله عنه بعد ذلك في فتح خيبر، وفتح مكة، وجاءت بعد ذلك غزوة تبوك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
                          مَنْ يُجَهِّزُ الْجَيْشَ؟
                          فقام عثمان رضي الله عنه وقال: يا رسول الله، عليَّ مائة من الإبل بأحلاسها وأقتابها.
                          أي بكل ما تحمله، فَسُرّ بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلب من المسلمين أن يساهموا في الجيش، فقام عثمان رضي الله عنه مرة أخرى فقال:
                          عَلَيّ مائة أخرى بأقتابها وأحلاسها.

                          وأخذ رضي الله عنه يزيد على نفسه، تقول بعض الروايات أنه أنفق ثلاثمائة وقيل ألفا من الإبل، ثم ذهب إلى بيته، وأتى بألف من الدنانير، وضعها في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومائتي أوقية من الفضة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا فَعَلَ بَعْدَ الْيَوْمِ.
                          قالها صلى الله عليه وسلم مرتين في حقه رضي الله عنه.


                          وعندما حوصر رضي الله عنه في الفتنة قال: أنشدكم بالله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
                          مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ.
                          فجهزتهم؟ قالوا: نعم.


                          وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: اشترى عثمان الجنة مرتين من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث حفر بئر رومة، وحيث جهز جيش العسرة.


                          عثمان وخلق الحياء

                          وقد جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه كثيرا من مكارم الأخلاق، فكان رضي الله عنه حيِيّا شديد الحياء، ففي صحيح الإمام مسلم عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها عائشة قالت:
                          كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي، كاشفا عن فخذيه، أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوى ثيابه- قال محمد ولا أقول ذلك في يوم واحد- فدخل فتحدث، فلما خرج، قالت عائشة: دخل أبو بكر، فلم تهتش له، ولم تباله، ثم دخل عمر، فلم تهتش له، ولم تباله، ثم دخل عثمان، فجلست وسويت ثيابك، فقال:
                          أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ.


                          وفي سنن الترمذي وعند الإمام أحمد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ.


                          وفي مسند الإمام أحمد عن ابن عمر قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة بعد طلوع الشمس فقال: رَأَيْتُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ كَأَنِّي أُعْطِيتُ الْمَقَالِيدَ، وَالْمَوَازِينَ، فَأَمَّا الْمَقَالِيدُ فَهَذِهِ الْمَفَاتِيحُ، وَأَمَّا الْمَوَازِينُ فَهِيَ الَّتِي تَزِنُونَ بِهَا، فَوُضِعْتُ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ أُمَّتِي فِي كِفَّةٍ، فَوُزِنْتُ بِهِمْ فَرَجَحْتُ، ثُمَّ جِيءَ ِبِأَبِي بَكْرٍ، فَوُزِنَ بِهِمْ فَوَزَنَ، ثُمَّ جِيءَ بِعُمَرَ َفَوُزِنَ فَوَزَنَ، ثُمَّ جِيءَ بِعُثْمَانَ فَوُزِنَ بِهِمْ ثُمَّ رُفِعَتْ.


                          إذن فإيمان عثمان بن عفان رضي الله عنه يزن إيمان هذه الأمة، وكان رضي الله عنه حافظا للقرآن عن ظهر قلب، ويقول السيوطي في (تاريخ الخلفاء):
                          لم يحفظ القرآن من الخلفاء قط إلا اثنان؛ عثمان بن عفان، والمأمون العباسي.

                          عثمان والقرآن



                          وكان عثمان رضي الله عنه محبا لقراءة القرآن، فكان يكثر من قراءته حتى أن السيدة نائلة زوجته لما حوصر قالت: اقتلوه، أو دعوه فإنه والله كان يقوم الليل بركعة يقرأ فيها القرآن.


                          ويقول عثمان رضي الله عنه: لو أن قلوبنا طهرت ما شبعت من كلام ربنا، والله إني لأكره أن يأتي عَلَيّ يوم لا أنظر فيه في المصحف.


                          ويقول عبد الله بن عمر:

                          تعليق


                          • #14
                            رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين


                            ويقول عبد الله بن عمر:


                            إن قول الله تعالى: [أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ] {الزُّمر:9}. نزلت في عثمان بن عفان.
                            وقال عبد الله بن عباس: نزل قول الله تعالى: [وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] {النحل:76}. في عثمان بن عفان رضي الله عنه.


                            وكان رضي الله لينا مع غلمانه، وبعد أن تولى الخلافة كان يقوم الليل دون أن يوقظ غلمانه ليجهزوا له الماء، ويقول: الليل لهم يستريحون فيه.
                            وكان رضي الله عنه كثير الصيام حتى قيل إنه كان يصوم الدهر، أو قرب الدهر، وكان كثير القيام، وكان خطيبا مفوها، وقد آتاه الله الكثير من الفصاحة، ومن الورع، ومن التقوى، وفي آخر خطبة خطبها قال:
                            إن الله إنما أعطاكم الدنيا لتطلبوا بها الآخرة، ولم يعطكموها لتركنوا إليها، إن الدنيا تفنى، وإن الآخرة تبقى، لا تبطرنكم الفانية، ولا تشغلنكم عن الباقية، وآثروا ما يبقى على ما يفنى، فإن الدنيا منقطعة، وإن المصير إلى الله، اتقوا الله، فإن تقواه جُنة من بأسه، ووسيلة عنده، واحذروا من الله الغير، والزموا جماعتكم، ولا تصيروا أحزابا [وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا] {آل عمران:103}
                            وقد شهد له كثير من الصحابة بأنه كان خطيبا مفوها يقول عبد الرحمن بن حاطب: كان عثمان بن عفان أتم الناس حديثا، ولكنه كان رجلا يهاب الحديث؛ لأنه كان حييا شديد الحياء.

                            ومع هذا ينقل الواقدي رواية يقول فيها أن عثمان رضي الله عنه أول ما استخلف قام خطيبا فقال: أيها الناس أول كل مركب صعب، وإن بعد اليوم أياما، وإن أعش تأتكم الخطب على وجهها، وما كنا خطباء، وسيعلمنا الله.
                            وقد نقل ابن كثير هذه الرواية عن الواقدي، لكنه قال في موضع آخر: إن هذا لا يوافق الواقع.

                            عثمان وخلق الكرم


                            كان عثمان بن عفان رضي الله عنه كريما شديد الكرم يعطي من يعرف ومن لا يعرف، يصل عطاؤه إلى كل من في المدينة سواء قبل أن يكون خليفة، أو بعد أن استخلف، ومما يروى في ذلك أن أبا طلحة كان مَدِينا لعثمان بخمسين ألف درهم، وبعث أبو طلحة إلى عثمان يقول له:
                            إن أموالك قد اكتملت فأرسل من يأخذها.
                            فقال عثمان رضي الله عنه: قد وهبناها لك لمروءتك.

                            في حين تقول الكاتبة المستغربة زاهية قدروة عن هذا الصحابي الجليل: كان رجل يكرم أهله ولا يعطي بقية الناس ولا يهتم بالمسلمين.
                            هكذا تقول عن عثمان رضي الله عنه.
                            وهذا القدر الكبير العظيم لعثمان رضي الله عنه لم يمنع هؤلاء الأفاكين أن يلصقوا بعثمان رضي الله عنه الكثير من الافتراءات والادعاءات، جاء في كتاب البرهان، وهو من الكتب المعتبرة عند الشيعة: إن المراد من قول الله تعالى: [أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً] {النساء:49}. هم الذين سموا أنفسهم بالصديق والفاروق وذي النورين.


                            وجاء في كتاب حق اليقين للمجلسي:
                            إن كبار الصحابة اتفقوا على تفسيقه، وتكفيره؛ أي الصديق والفاروق، ثم يقولون في حق عثمان بن عفان: وكان حذيفة بن اليمان- على زعمهم الباطل- يقول: الحمد لله لا أشك في كفر عثمان.
                            ويقولون: إن الذي يعتقد في عثمان بأنه قتل مظلوما يكون ذنبه أشد من ذنب الذين عبدوا العجل. كتاب حق اليقين ص 271.

                            .

                            تعليق


                            • #15
                              رد: مقتل عثمان والفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجميعين

                              .

                              كان عثمان رضي الله عنه رجلا حكيما، وقد كان من مجلس شورى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومجلس شورى أبي بكر الصديق، ومجلس شورى عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعا، وكان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يرفضان أن يخرج عثمان رضي الله عنه من المدينة في أي فتح من الفتوح، حتى يستعينا برأيه في الأمور المهمة، وكذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه.
                              في آخر سنة 23 هـ، تحدث كارثة عظيمة للمسلمين، وهي مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، وقد حدث ذلك تحديدا في 27 من ذي الحجة 23 هـ، طعنه أبو لؤلؤة المجوسي في ذلك اليوم، فتوفي رضي الله عنه في آخر ليلة من تلك السنة بعد أن استخلف على المسلمين ستة من الصحابة، وذلك بعد نقاش طويل بينه وبين الصحابة في هذا الأمر على أن يختاروا من بينهم الخليفة على المسلمين، وكان هؤلاء الستة هم:

                              عثمان بن عفان
                              وعلي بن أبي طالب
                              والزبير بن العوام
                              وطلحة بن عبيد الله
                              وسعد بن أبي وقاص
                              وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم جميعا.


                              وجميعهم من العشرة المبشرين بالجنة، أما باقي العشرة المبشرين بالجنة، فقد توفي منهم أبو بكر، وأبو عبيدة بن الجراح، وها هو عمر، ولم يبق إلا سعيد بن زيد، وقد استثناه عمر رضي الله عنه؛ لأنه ابن عمه ورعًا وتقوى، ولئلا يقال: إنه أعطاها لقرابته. وهذا مع ما له من الفضل في الإسلام، وجعل معهم عبد الله بن عمر، ولكنه لا يولى من الأمر شيء، وجعل أبا طلحة الأنصاري مع خمسين من الصحابة حراسة لهؤلاء الستة الذين جلسوا في بيت المسور بن مخرمة، أو في بيت السيدة عائشة، أو في بيت المال حتى يقرورا في هذا الشأن العظيم، وقد استقروا في نهاية الأمر على ثلاثة هم: عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا.


                              فقال عبد الرحمن بن عوف إنه ينخلع من هذا الأمر على أن يرجع إليه القول في تولية من يراه أصلح لهذا الأمر فوافقوا على ذلك، فأخذ البيعة والعهد عليهم إن ولى عثمان بن عفان أن يعدل بين الناس، وكذلك علي، وإن ولى أحدهما، فإن على الآخر أن يسمع له ويطيع، ثم انطلق عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في جهد جهيد، وظل ثلاثة أيام يبحث في الأمر، ويسأل الناس فرادى، ومثنى، ومجتمعين، الكبار والضغار حتى الغلمان، سأل الأحرار والعبيد، سأل الركبان الذي يأتون إلى المدينة للزيارة، وسأل الأعراب الذين يمرون بالمدينة، ووصل في سؤاله إلى النساء، وبعد هذا الجهد العظيم يقول رضي الله عنه: فلم أجد في المدينة أحدا إلا ويقدم عثمان بن عفان على علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه.إلا اثنين فقط هما المقداد بن عمرو، وعمار بن ياسر، وهذا في بعض الروايات، ومن ثم لم يكفر علماء الشيعة هذين الصحابيين.
                              لم ينم عبد الرحمن بن عوف في هذه الأيام الثلاثة، وكان يقضيها بين البحث وسؤال الناس، وبين الصلاة، والاستخارة والدعاء، حتى كانت رابع ليلة، فأتى إلى باب المسور بن مخرمة ابن أخته فقال: أنائم يا مسور، والله لم أغتمض بكثير نوم منذ ثلاث، اذهب فادع إلي عليا وعثمان.
                              فقال المسور: فقلت بأيهما أبدأ؟
                              فقال: بأيهما شئت.
                              قال: فذهبت إلى علي فقلت: أجب خالي.
                              فقال: أمرك أن تدعو معي أحد؟
                              فقلت: نعم.
                              قال: من؟
                              قلت: عثمان بن عفان.
                              قال: بأينا بدأ؟
                              فقال: لم يأمر بشيء من ذلك، بل قال: بأيهما شئت. فجئت إليك أولا.
                              فقام معه، يقول:
                              فلما مررنا بدار عثمان بن عفان جلس عليّ، حتى دخلت، فوجدته يوتر مع الفجر، فقال لي كما قال لي علي سواء، فقام معه، فلما انصرفت، أقبل عبد الرحمن بن عوف على علي وعثمان فقال:

                              قد سألت الناس عنكما، فلم أرى أحدا يعدل بكما أحدا، ثم أخذ العهد عليهما مرة أخرى بأن يعدل من يولى منهما، ولأن ولي عليه ليسمعن، وليطيعن، ثم خرج عبد الرحمن إلى المسجد، وقد لبس العمامة التي عممه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أهداه هذه العمامة، فلبسها، وتقلد سيفا وبعث إلى وجوه الناس من المهاجرين، والأنصار، ونودي الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، وتراصوا في المسجد، وكثروا حتى أن عثمان رضي الله عنه لم يجد مكانا يجلس فيه، وهو أحد المرشحين للخلافة، فوقف على أطراف المسجد، وكان حييا شديد الحياء، ثم صعد عبد الرحمن بن عوف منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقف وقوفا طويلا، ودعا دعاء طويلا لم يسمعه أحد، ثم قال:
                              يا أيها الناس إني سألتكم سرا وجهرا بأمانيكم، فلم أجدكم تعدلون بهذين الرجلين أحدا، إما علي، وإما عثمان، فقم إليّ يا علي، فقام رضي الله عنه ووقف تحت المنبر، فأخذ عبد الرحمن بيده، وقال له:
                              هل أنت مبايعي على كتاب الله، وسنة نبيه، وفعل أبي بكر، وعمر؟
                              فقال علي: اللهم لا، ولكن على جهدي من ذلك وطاقتي.
                              قال فأرسل يده، ثم قال:
                              قم إليّ يا عثمان.
                              فأخذ بيده فقال له:
                              هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه، وفعل أبي بكر وعمر؟
                              فقال: اللهم نعم.
                              فقال فرفع عبد الرحمن رأسه إلى سقف المسجد، ويده بيد عثمان بن عفان وقال: اللهم اسمع واشهد، اللهم اسمع واشهد، اللهم اسمع واشهد، إني خلعت ما في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان،


                              قال: وازدحم الناس جميعا يبايعون عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، وكان علي بن أبي طالب- كما تقول إحدى الروايات- أول من بايع عثمان رضي الله عنه، وقعد عبد الرحمن في الدرجة الثالثة، وجلس عثمان في الدرجة الثانية، ثم قام وخطب في الناس خطبته الأولى وهي بالطبع ليست كما ذكر الواقدي.

                              تعليق

                              مواضيع تهمك

                              تقليص

                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: Reem2Rabeh الوقت: 04-23-2025 الساعة 04:27 PM
                              المنتدى: ضبط وتوكيد الجودة نشرت بواسطة: HeaD Master الوقت: 04-15-2025 الساعة 09:30 AM
                              المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HeaD Master الوقت: 04-11-2025 الساعة 01:08 PM
                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: نوال الخطيب الوقت: 03-19-2025 الساعة 03:07 AM
                              المنتدى: الكمبيوتر والإنترنت نشرت بواسطة: عوض السوداني الوقت: 03-18-2025 الساعة 07:22 AM
                              يعمل...
                              X