[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=1 align=center use=ex num="0,black""]
فمنا حُصَينٌ والبَطينُ وقعنبٌ = ومنا أميرُ المؤمنين شَبيبُ [/poem]
برفع "أمير".
فقال الخارجي: لم أقل ذلك يا أميرَ المؤمنين، وإنَّما قلتُ: "ومنَّا - أميرَ المؤمنين- شبيبُ"،
وحكاها بنصب "أمير". فقَبِل قولَه وأطلقه.

فتأمل جوابَه الذي يَدل على توقد الذكاء وحضور البديهة، حيث غيرَ حركة إعرابية واحدة من الرفع إلى النصب، فاختلف المعنى جذريا (فالرفع يعني إسنادَ إمارة المؤمنين لشبيب الخارجي الذي قتله الحجاج من قبلُ، والنصبُ يجعل "أميرَ" منادى مضافًا مع عطف شبيب على المذكورين في الصدر فقط).

ولا أستبعد أن يكون هذا التلاعب مقصودا من قبلُ احتياطًا للنجاة من مثل هذا الموقف. وقد يكون إطلاق الخليفة له ليس لاقتناع ببراءته، وإنما لإعجابه بأدبه وحسن جوابه.

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=1 align=center use=ex num="0,black""]

أبا مسلمٍ ما طولُ عيشٍ بدائمِ = ولا سالمٌ عمَّا قليلٍ بسالمِ [/poem]

فقد رُوي أنه قالها في مدح إبراهيم بن عبدالله بن حسن قبلَ قتلِه يُحرضه على أبي جعفر المنصور، ثم لما قُتل خاف أن تشتهر القصيدة فغير منها مواضع؛ فقلب الكنية من "أبي جعفر" إلى "أبي مسلم" (وهو من قواد العباسيين) وغير "سلامة" إلى "وشيكة"؛ والأولى أم أبي جعفر، والثانية أم أبي مسلم، وذلك في قوله:
[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=1 align=center use=ex num="0,black""]

فرمْ وَزَرًا يُنجيك يابنَ (وَشيكةٍ) = فلستَ بناجٍ من مَضيمٍ وضائمِ [/poem]

كما غير قولَه (الفاطميين) إلى (الهاشميين)، حتى يدخل فيهم الخليفة أبو جعفر، وذلك في قوله:
[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=1 align=center use=ex num="0,black""]

مِنَ (الهاشميين) الدعاةِ إلى الهدى = جهارًا ومن يَهديك مثلُ ابنِ هاشمِ [/poem]

فصارت القصيدة بعد التعديلات في مدح الخليفة أبي جعفر، والتحريض على القائد أبي مسلم الخراساني.
قلت: وفي القصة المذكورة اضطراب يثيرُ حولها اعتراضاتٍ وردودا وجيهة، إذ يستبعد أن تجوز هذه الحيلة على من هو أقل من أبي جعفر المنصور في أدبه وفهمه. بعكس الحيلة في القصة الأولى التي تبدو أقوى وأكثر إحكامًا.

كان للرشيد جاريه سوداء ، اسمها خالصه .
ومرة ، دخل أبو نواس على الرشيد ، ومدحه بأبيات بليغه ، وكانت الجاريه جالسة عنده ، وعليها من الجواهر والدرر مايذهل الأبصار ، فلم يلتفت الرشيد إليه . فغضب أبو النواس ، وكتب ، لدى خروجه ، على باب الرشيد :

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=1 align=center use=ex num="0,black""]

لقد ضاع شعري على بابكم = كما ضاع در على خالصه [/poem]


ولما وصل الخبر إلى الرشيد ،حنق وأرسل في طلبه . وعند دخوله من الباب محا تجويف العين من لفظتي ( ضاع ( فأصبحت (( ضاء )) . ثم مُثل امام الرشيد . فقال له : ماذا كتبت على الباب ؟

فقال :
[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=1 align=center use=ex num="0,black""]

لقد ضاء شعري على بابكم = كما ضاء در على خالصه [/poem]

فأعجب الرشيد بذلك وأجازه . فقال احد الحاضرين : هذاشعر قلعت عيناه فأبصر.