بسم الله الرحمن الرحيم
من يسبر غور لغتنا العربية ـ لغة القرآن الكريم ـ بنور القلب ووعي العقل ، يُكلل بغار البلاغة والفصاحة
والوعي لكل حركة تعلو حرفاً من خطاب أو تحيطها .
لنتأمل القصة هذه
رجل من بني منقذ ،هو ــ سديد المُلك مَلك قلعة شيزر ـــ عُرف بقوّة الفطنة. ــ
كان يتردد إلى حَلَب قبل تملّكه شيزر، وصاحب حلب يومئذ تاج الملوك محمود بن صالح بن مرداس.
فجرى أمرٌ خاف سديد الملك على نفسه من تاج الملوك .
فخرج من حلب إلى طرابلس الشام.
فتقدّم محمود بن صالح إلى كاتبه ،أن يكتب إلى سديد الملك كتابًا يتشوّقه ويستدعيه إليه.
كان الكاتب صديقًا لسديد الملك. ففهم من طلب تاج الملوك ، أنّه يقصد به شراً .
فكتب الكتاب كما أُُمِر إلى أن بلغ إلى جملة
(إنْ شاء الله تعالى )
فشدَّد النون وفَتَحَها. جأءت هكذا ( أنََّ )
فلما وصل الكتاب إلى سديد الملك عَرَضَه على من بمجلسه من خواصه،
فاستحسنوا عبارة الكتاب، واستعظموا ما فيه من رغبة محمود فيه وإيثاره لقربه.
فقال سديد الملك: إني أرى في الكتاب ما لا ترَوْن.
ثم ردّ جوابه عن الكتاب بما اقتضاه الحال ، وكتب في جملة الكتاب:
أنا (الخادم المقرّ بالإنعام )
كسر الهمزة من أنا، وشدَّد النون ( إنّا )
. فلما وصل الكتاب إلى محمود، ووقف عليه الكاتب،
سُرَّ الكاتب بما فيه، وقال لأصدقائه:
قد علمتُ أن الذي كتبتُه لا يخفى على سديد الملك، وقد أجاب بما طَيـَّبَ نفسي.
وكان الكاتب قد قصد قول الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّ المَلأَ يأتمرون بك ليقتلوك)
فأجاب سديد الملك بقوله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنـَّا لن ندخلها أبدًا ما داموا فيها)
من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلّكان
دمتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إرتقاء
من يسبر غور لغتنا العربية ـ لغة القرآن الكريم ـ بنور القلب ووعي العقل ، يُكلل بغار البلاغة والفصاحة
والوعي لكل حركة تعلو حرفاً من خطاب أو تحيطها .
لنتأمل القصة هذه
رجل من بني منقذ ،هو ــ سديد المُلك مَلك قلعة شيزر ـــ عُرف بقوّة الفطنة. ــ
كان يتردد إلى حَلَب قبل تملّكه شيزر، وصاحب حلب يومئذ تاج الملوك محمود بن صالح بن مرداس.
فجرى أمرٌ خاف سديد الملك على نفسه من تاج الملوك .
فخرج من حلب إلى طرابلس الشام.
فتقدّم محمود بن صالح إلى كاتبه ،أن يكتب إلى سديد الملك كتابًا يتشوّقه ويستدعيه إليه.
كان الكاتب صديقًا لسديد الملك. ففهم من طلب تاج الملوك ، أنّه يقصد به شراً .
فكتب الكتاب كما أُُمِر إلى أن بلغ إلى جملة
(إنْ شاء الله تعالى )
فشدَّد النون وفَتَحَها. جأءت هكذا ( أنََّ )
فلما وصل الكتاب إلى سديد الملك عَرَضَه على من بمجلسه من خواصه،
فاستحسنوا عبارة الكتاب، واستعظموا ما فيه من رغبة محمود فيه وإيثاره لقربه.
فقال سديد الملك: إني أرى في الكتاب ما لا ترَوْن.
ثم ردّ جوابه عن الكتاب بما اقتضاه الحال ، وكتب في جملة الكتاب:
أنا (الخادم المقرّ بالإنعام )
كسر الهمزة من أنا، وشدَّد النون ( إنّا )
. فلما وصل الكتاب إلى محمود، ووقف عليه الكاتب،
سُرَّ الكاتب بما فيه، وقال لأصدقائه:
قد علمتُ أن الذي كتبتُه لا يخفى على سديد الملك، وقد أجاب بما طَيـَّبَ نفسي.
وكان الكاتب قد قصد قول الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّ المَلأَ يأتمرون بك ليقتلوك)
فأجاب سديد الملك بقوله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنـَّا لن ندخلها أبدًا ما داموا فيها)
من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلّكان
دمتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إرتقاء
تعليق