إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من هم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    (سيف الله المسلول)

    خالد بن الوليد رضي الله عنه

    إنه خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي ولقد كانت له مكانة كبيرة في قومه قبل إسلامه أيضاَ لأن قريش كانت توزع الوظائف فكان الوليد بن المغيرة والد خالد له وظيفة تسمى القبة وهي خيمة تضرب ويجمع فيها كل ما يجهز الجيش من زاد وعتاد. فتولاها خالد وراثة عن أبيه , فكان أن تمرس وبرع في فنون الحرب وأساليبها فكان هو القائد العبقري الذي بهر العالم بخططه العسكرية البارعة, وقد كان إسلامه بعد أن حارب يوم أُحد ضد المسلمين وألحق بهم هزيمة .

    إسلامه

    إنه كثيرا ما كان يخلو إلى نفسه فيتفكر في الدين ولما أسلم شقيقه سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خالد وأنه يأمل في إسلامه. . . , فأرسل إلى شقيقه رسالة يحثه على دين الحق فكان أن فتح الله عليه بالإيمان والإسلام. وقد أسلم هو وعمرو بن العاص حين لقيه عمرو فقال له:((إني ذاهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه والله لنبي وإن الدين الذي بُعث به هو الحق فهيا معي يا خالد لنسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)). فقال له خالد:((إنني ما قدمت إلا لأسلم أنا أيضاً)). وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما كان منه من صد عن سبيلك قبل إسلامه)).

    تسميته سيف الله المسلول

    وقي غزوة مؤتة بعد إسلام خالد خرج جيش المسلمين وفيهم زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة القادة الثلاثة ومعهم خالد, وكان قائد الجيش زيد بن حارثة فلما استشهد وتولى قيادة الجيش جعفر بن أبي طالب فاستشهد فتولى القيادة عبد الله بن رواحة فاستشهد في بطولة نادرة. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء ذلك في صلاته فصعد المنبر ونودي للصلاة فاجتمع الناس فقال صلى الله عليه وسلم للناس:((إن جيشكم الغازي لأرض الشام أصيب زيد واستشهد فاستغفروا له)) فاستغفروا الناس,((ثم أخذ اللواء جعفر حتى استشهد فاستغفروا له)) فاستغفر الناس,((وحمل الراية عبد الله بن رواحة فاستشهد فاستغفروا له)) فاستغفر الناس,((ثم أخذها خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء)) ورفع صلى الله عليه وسلم إصبعه وقال:((اللهم إنه سيف من سيوفك فانصره)). منذ ذلك اليوم سمي خالد"سيف الله المسلول" .

    وانطلق خالد في هذه الموقعة فنظم صفوف جيشه وأبلى بلاء حسناً في جيش الروم وكان جيش خالد فليل العدد وجيش الروم كثير كان عدد المسلمين ثلاثة ألاف مسلم بينما كان جيش الأعداء مائتي ألف مقاتل, وقد رسم ابن الوليد خطة عبقرية فقام بالانسحاب ثم قام بتبديل في الميمنة والميسرة والقلب من الجيش في ظلام الليل وأمرهم أن يكبروا بأصوات عالية ويحدثوا أصواتاً حتى يدخل في روع جيش الأعداء أن مدداً جديداً وكبيراً قد قدم لجيش المسلمين وكان لهذه الخطة وهذا التغيير أثره في تغيير مسار المعركة وضعف الروح المعنوية في جيش الروم. ثم انسحب خالد في براعة وأحكام وأنقذ جيش المسلمين من أعدائه.

    فتح مكة وخالد بن الوليد

    في عام فتح مكة جعل الرسولصلى الله عليه وسلم خالداً على ميمنة جيش المسلمين أميراً وكان في مقدمة جيش النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين .

    حرب الردة

    وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ارتد معظم العرب ومنعوا الزكاة وقام بعض الناس بادعاء النبوة "طليحة الأسدي, ومسيلمة الكذاب, وسجاح التميمية, والأسود العنسي" وخرج خالد بن الوليد لمحاربة مسيلمة الكذاب وطليحة ففر طليحة فعاد بني أسد إلى الإسلام وقتل مسيلمة الكذاب وانهزم بنو حنيفة هزيمة عنيفة وقد كان جيش المسلمين ثلاثة عشر ألف مسلم بينما كان رجال مسيلمة حوالي أربعين ألف مقاتل .

    خالد وهرمز

    أرسل الخليفة أبا بكر الصديق رضي الله عنه خالداً إلى العراق فكان إن جهز الفرس جيشاً بقيادة قائد يجمع بين المكر والخبث هو هرمز, وحين التقى الجيشان بعدما أعد لها هرمز جيداً وحفر الخنادق في بلدة تسمى كاظمة ولكن خالد القائد الخبير تخطى كاظمة واتجه إلى الحفير شمال كاظمة وغربي الأبلَّة فلما لم يجده هرمز في كاظمة انتظره في منطقة تسمى الحفير وأمر جيشه يحفر الخنادق في ذلك الوقت عاد خالد إلى المنطقة الأولى التي تسمى كاظمة وأسرع هرمز بجيشه إلى كاظمة والتقى الجيشان صاح هرمز داعياً خالداً إلى المبارزة, فرج عليه خالد وانقض عليه كما ينقض القط على الفأر وقتله وهزم المسلمون الفرس وأخذ سيف الله يفتح بلاد العراق ويهزم الجيوش ثم حاصر الحيرة وفتحها .

    أبو بكر يرسله إلى الشام

    وبعد ذلك أرسل أبو بكر الصديق إلى خالد يأمره بالسير إلى الشام لنجدة جيوش المسلمين بقيادة أبي عبيدة بن الجراح وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان . . . فاجتمعت الجيوش في اليرموك, وأعاد خالد تعبئة جيش المسلمين بخططه العسكرية البارعة وكان المسلمون يتعجبون من كثرة أعداد جيوش الروم. وصاح فيهم خالد:((ما أقل الروم وأكثر المسلمين إنما النصر من عند الله)) .

    إسلام ابن تيودورا

    وكان فرس خالد يسمى الأشقر فأخذ بزمام فرسه وصاح :((الله . . . الله . . . هبي يا رياح الجنة النصر أو الشهادة)). وفي هذه الموقعة كان قائد الروم يسمى "جرجه بن تيودورا" نادى على خالد وقد أعجب بعبقريته في الحرب وقال له:((أصدقني القول أيها القائد العربي إن الحر لا يكذب هل أنزل الله على نبيكم سيفاً من السماء فأعطاك إياه فبه تهزم من تواجه؟)) فقال خالد:((لا والله إنما هو الإيمان بالله)) فقال ابن تيودورا:((فلماذا وكيف سميت بسيف الله؟)) فرد خالد:((ألا فاعلم أن الله حين أرسل رسوله بالهدى ودين الحق كنت من أشد الناس عداء للمسلمين حتى هداني الله فبايعته وتبعته فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال"يا خالد أنت سيف من سيوف الله")) ولكن قائد الروم ابن تيودورا سأل خالداً بعد ذلك هل من يدخل الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم هل له مثل ما كان للصحابة من الأجر والثواب؟ فقال خالد:((نعم وأفضل)) فقال القائد الروماني:((كيف وأنتم السابقون؟)) فقال خالد:((إن من يدخل الإسلام ولم ير نبي الرحمة ويؤمن بالغيب فإن أجره أكبر وأجزل إذا صدقت نواياه وحسن إسلامه)) فصاح جرجه بن تيودورا وهو يتجه بفرسه لينضم إلى جيش المسلمين بجوار خالد:((علمني الإسلام)) ثم نطق الشهادتين وصلى ركعتين لله ودارت معركة كبيرة استشهد فيها "ابن تيودورا" بعد إسلامه . . . وانتصر المسلمون .

    وفاة خالد

    لقد مات هذا البطل الشجاع على فراشه وكان يود لو أنه قتل في ميدان القتال شهيداً وقد قال وهو يموت:((لقد شهدت مائة ألف زحف وما في موضع جسدي إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية سهم ولكني أموت اليوم على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء)) .

    وهكذا مات خالد بن الوليد ولم يترك إلا فرسه وسلاحه وقلنسوته التي كان بها بعض شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم .

    ***رضي الله عن خالد بن الوليد وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***

    تعليق


    • #17
      بسم الله الرحمن الرحيم

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      سلمان الفارسي رضي الله عنه

      سلمان الفارسي . . . الصحابي الجليل الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم :((سلمان منا أهل البيت)) هو سلمان الخير الذي ضحى بماله ووقع في الأسر وأصبح عبداً مملوكاً وظل يبحث عن الدين الحق حتى هداه الله إلى الإسلام .

      مولده في بلاد فارس

      ولد سلمان رضي الله عنه في أصبهان من بلاد الفرس في قرية تسمى"جي" وكان أبوه دهقان "الرئيس الديني" لتلك القرية فحبسه حتى يتعلم رعاية النار المقدسة التي كان الفرس يعبدونها .

      قصة إسلامه

      عقل يفكر في إله الكون

      سبحان الله كان سلمان مجوسياً يعبد النار؟ ولكن سلمان لم يكن مقتنعاً بدين أبيه كان يؤمن بأن للكون إلهاً عظيماً ينبغي أن تكون الصلاة والعبادة له وحده . وذات صباح كلفه أبوه بالذهاب إلى ضيعة لهم اشتراها بعيدة بعض الشيء عن دارهم وتفقد أحوال العمل فيها وإحضار بعض الفاكهة منها وأثناء سيره مر على إحدى الكنائس ورأى النصارى يصلون وسمع أصواتهم يدعون الله فدخل الكنيسة لينظر الأمر فأعجبته صلاتهم وقال لنفسه:((إن هذا الدين خير من الدين الذي نحن عليه)) وظل مع النصارى يومه كله يسألهم عن دينهم وكيفية الدخول في هذا الدين فأخبروه أن يذهب إلى الشام لمقابلة القساوسة وتلقي الدين على أيديهم . . . وبعد غروب الشمس خرج سلمان من الكنيسة متوجهاً إلى داره دون أن يذهب إلى الضيعة وأخبر أباه بما كان من أمر النصارى وأنه يريد أن يدخل في هذا الدين الذي هو خير من عبادة النار التي لا تملك أمر نفسها فحبسه أبوه وقيده .

      فراره إلى الشام

      واستطاع سلمان أن يفك قيده ويهرب مع إحدى القوافل المتوجهة إلى الشام بعد ما أنهت عملها ووصل سلمان إلى الشام وسأل من أفضل أهل هذا الدين؟ فقيل له:((هذا الأسقف الذي في الكنيسة)) فأسرع إليه وطلب منه أن يعلمه أمور هذا الدين وعاش سلمان في الكنيسة مع الأسقف .

      سلمان يدخل النصرانية

      وفي كل زمان ومكان يوجد من يتاجر بالدين يتخذه ستاراً لأغراضه الدنيوية. كان رجل الدين الذي التقى به سلمان يأخذ الصدقات لنفسه ولا يعطيها للفقراء. ولما رأى سلمان منه ذلك أبغضه بغضاً شديداً وقال لنفسه:((إن ما يفعله هذا الأسقف ليس من الدين الذي يأمر الناس بالمعروف وإعطاء الفقراء الصدقات والعطف على المساكين)) ولكنه ظل في الكنيسة معه فترة حتى مات الأسقف فلما اجتمع النصارى ليدفنوه أخبرهم بما كان يفعله هذا الأسقف وأراهم موضع الأموال والذهب والفضة التي كانت تأتيه صدقات فيكنزها لنفسه, واجتمع النصارى فاختاروا لهم أسقفاً جديداً فكان رجلاً ورعاً طيباً يخاف الله ويعطي كل ذي حق حقه . . . وظل مع ذلك الأسقف المتدين حتى جاءه أجله فقال له سلمان:((بماذا توصيني أن أعمل بعدك؟)) فأوصاه أن يذهب إلى رجل دين بالموصل ورع وطيب ليعيش معه فذهب إليه سلمان والتقى به فوجده طيباً ورعاً فأقام معه, وحين حضرته الوفاة طلب إليه سلمان أن يوصيه ويخبره أين يذهب؟ فقال له:((اذهب إلى نصيبين فهناك تجد رجل دين ورعاً))وذهب سلمان إلى نصيبين والتقى بهذا القس وعاش معه متديناً حتى حضرت ذلك الرجل الوفاة فقال له:((أيها القس بماذا تأمرني وتوصيني أن أعمل الآن؟)) فقال له القس:((اذهب إلى عامورية ستجد قساً ورعاً)) وذهب إلى عامورية وعاش مع القس الصالح وحين حضرته الوفاة سأله سلمان ماذا يفعل بعده؟ فقال له:((إني يا بني لا أعرف أحداً على مثل ما نحن عليه ولكن أعلم وأجد في الكتب عندنا أنه بأرض العرب سوف يخرج نبي من بني إسماعيل مبعوث على دين إبراهيم عليهما الصلاة والسلام وهذا النبي سوف يخرجه قومه من أرضه مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بهذه البلاد فافعل)), ومات الرجل ودفن وخرج سلمان يبحث عن النبي المنتظر(رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وبينما هو في الطريق إذ خرج عليه نفر كانوا في تجارة لهم فطلب إليهم أن يحملوه معهم إلى بلاد العرب ويعطيهم ما معه من بقرات وغنيماته ولكنهم حين وصلوا إلى وادي القرى باعوه إلى رجل من اليهود فأصبح سلمان عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي .

      سلمان يدخل المدينة عبداً مملوكاً

      لقد تألم سلمان لكونه أصبح عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي ولكنه حين نظر حوله ووجد النخيل تفاءل واستبشر خيراً بأن تكون هذه البلدة هي التي سيهاجر إليها النبي المنتظر, ثم باع التاجر اليهودي سلمان إلى قريب له يعيش في يثرب وهكذا دخل سلمان المدينة المنورة عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي الجديد وهو من بني قريظة ويعيش في المدينة, ولم يخفف عن سلمان وقع الرق والعبودية إلا وجوده في هذه المدينة التي كان يعلم أنها مدينة النبي المنتظر كما وصفها له الأسقف النصراني .

      هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم

      وبُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بدين الحق في مكة أم القرى واضطهدته قريش وأخرجته مهاجراً إلى المدينة فسمع به سليمان, وذات صباح وبينما كان سلمان يعمل في حديقة اليهودي حين حضر إليه قريب له فأخذ يقص عليه قصة الرجل الذي تجتمع إليه الناس في قباء ويزعمون أنه نبي, فما أن سمع سلمان ذلك حتى انتفض بدنه بشدة حتى ظن أنه سوف يقع على سيده . . . ونزل من على النخلة وأخذ يستفسر عن ذلك النبي المنتظر فغضب منه سيده فلكمه لكمة شديدة. ولكن سلمان أخذ بعض العنب وذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

      لقاء سلمان بالنبي صلى الله عليه وسلم

      حدَّثَ سلمان نفسه لا بد وأنه الرسول المنتظر ومن علاماته التي يعرفها سلمان جيداً أنه لا يأكل الصدقة فلينظر ماذا سيفعل. وقال سلمان لرسول الله صلى الله عليه وسلم :((لقد بلغني أنك رجل صالح وأنك ومن معك غرباء هنا ومعي طعام كنت قد خرجت به للصدقة ورأيت أن أعطيه لكم لأنكم عابري سبيل)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:((كلوا منه)) وأمسك يده فلم يتناول منه شيئاً, فقال سلمان لنفسه:((هذه أولى العلامات التي حدثني عنها القس الطيب)) ثم دخل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة "التي كانت تسمى يثرب" فأسرع إليه سلمان بهدية وقدمها إليه وهو يقول له:((إنها هدية لك لأني رأيتك لا تأكل من الصدقات)) فأكل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم و أكل أصحابه معه, فقال سلمان لنفسه:((هذه العلامة الثانية والله)). وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي على جنازة فتحول سلمان إلى ظهره ليرى خاتم النبوة فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه عن ظهره فنظر سلمان فرأى الخاتم, فأخذ يقَــبِّل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبكي فأمسك به رسول الله صلى الله عليه وسلم, وسأله عن قصته فقص عليه سلمان حكايته كاملة .

      سلمان يكاتب على عتقه

      ولكن سلمان ظل عبداً عند اليهودي ففاتته غزوة بدر وغزوة أُحد, حين اشتد على سلمان الرق جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم معتذراً عن عدم قدرته في المشاركة في الغزوات وألمه لتخلفه عنه لأنه عبد مملوك لا يملك أمره. هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((كاتب اليهودي على ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية من الفضة)) والتفت إلى أصحابه وقال لهم:((أعينوا أخاكم جزاكم الله خيراً)) فجمعوا له ثلاثمائة ودية"هي الفسيلة الصغيرة التي تكبر فتصير نخلة بعد أن تنزع من أمها" ثم أمره صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى اليهودي فيحفر لها بأرضه وسوف يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويضعها بيديه الشريفـتين وبقي المال فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البيضة ذهباً فأدى بها ما عليه من مال . . . وهكذا تحرر سلمان من العبودية .

      غزوة الخندق

      كان سلمان الفارسي هو صاحب فكرة الخندق في تلك الغزوة الشهيرة باسم الخندق والأحزاب, خرجت اليهود تحرض قريش على غزو رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتعدهم بالوقوف معهم ضد المسلمين ثم ذهبوا إلى إلى غطفان فدعوهم وفعلوا ذلك مع باقي قبائل العرب فاستجاب منهم بعضهم فخرجت قريش في أربعة آلاف مقاتل وتبعهم بنو سليم وبنو أسد وفزارة وأشجع وبنو مرة وغطفان وكان مجموعهم عشرة آلاف .

      فكرة حفر الخندق

      وجمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يشاورهم في غدر يهود بني قريظة بهم فأشار عليهم سلمان الفارسي بحفر الخندق, فقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق وشاركهم رسول الله r في العمل بيديه الشريفـتين .

      مكانة سلمان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

      أثناء حفر الخندق كان سلمان يعمل مع المهاجرين والأنصار في حفره فقالت الأنصار:((إن سلمان منا نحن الأنصار)) وقال المهاجرين:((بل سلمان منا نحن المهاجرين)) فقال صلى الله عليه وسلم:((سلمان منا أهل البيت)) .

      تواضعه وزهده

      ذات يوم كان رجل يشتري علفاً ورأى سلمان رضي الله عنه يسير أمامه وكانت ملابسه غاية في التواضع فظنه عاملاً فقيراً فناداه ليحمل عنه العلف وحمله فعلاً, رأى الناس سلمان يحمل العلف يسير بجواره فأسرعوا إليه يريدون أن يحملوا عنه حمله وهو يرفض, فسألهم الرجل:((أتعرفونه؟)) فقالوا:((إنه سلمان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم)) فقال له الرجل:((سألتك بالله أن تسامحني لم أكن أعرفك أرجوك اترك ما تحمل)) ولكنه صلى الله عليه وسلم أبى أن يترك ما يحمل للرجل حتى وصلا إلى دار الرجل وتركه ومضى. وإلى جانب تواضعه كان رفيقاً بالناس حتى إنه كان لا يكلف خادمه بعملين حتى لا يشق عليه .

      كلماته المضيئة

      والآن نأتي إلى بعض كلماته المضيئة فهي نصائح غالية لمن تمسك بها وعمل عليها. يقول رضي الله عنه:((ثلاث أعجبتني حتى أضحكتني, مؤمل دنيا والموت يطلبه وغافل ليس بمغفول عنه وضاحك ملء فيه"فمه" وهو لا يدري أساخط عليه رب العالمين أم هو جل شأنه راضٍ عنه. وثلاث أحزنتني حتى أبكتني, فراق محمد صلى الله عليه وسلم و حزبه وهول المطلع والوقوف بين يدي ربي عز وجل ولا أدري إلى الجنة أم إلى النار أصير)) .

      ***رضي الله عن سلمان الفارسي وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***

      تعليق


      • #18
        بسم الله الرحمن الرحيم

        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        عبد الله بن سَلام رضي الله عنه

        عبد الله بن سلام هو عاشر عشرة في الجنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. لقد كان من علماء اليهود ولما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاجر إلى المدينة آمن برسالته وصاحب رسول الله حتى إنه صلى الله عليه وسلم شهد له بالجنة .

        كان عبد الله بن سلام قبيل إسلامه يسمى الحُصُين ولكن الرسول سماه عبد الله وهو ينتسب إلى نبي الله يعقوب ولأنه كان من علماء اليهود فقد كانت اليهود توقره وتحترمه لصلاحه وتقواه وصدقه واستقامته وكان يدعو الله أن يمد في عمره حتى يشهد بعثة الرسول الخاتم الذي بشرت به التوراة وكان يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم سوف يخرجه قومه وأنه سوف يهاجر إلى المدينة المنورة التي كان يعيش فيها الحصين"عبد الله بن سلام" .

        روى أنس رضي الله عنه أن عبد الله بن سلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة فقال:((إني سائلك عن ثلاث لا يعلمها إلا نبي, ما أول أشراط الساعة, وما أول ما يأكل أهل الجنة, ومن أين يشبه الولد أباه وأمه؟)) فقال له صلى الله عليه وسلم :((أما أول أشراط الساعة فنار تخرج من المشرق)) ولما أجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم عما سأله عنه فقال عبد الله بن سلام:((أشهد أنك رسول الله)) .

        ويحكي لنا عبد الله قصة إسلامه فحين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل في قباء جاء رجل فبشر بمقدم رسول الله وكان هو ومعه عمته خالدة وقال:((إنه كبَّر)) فتعجبت عمته وقالت له:((إنك لو سمعت أن موسى بن عمران جاء ما زدت عن ذلك)) فقال لها يا:((يا عمة إنه أخو موسى بن عمران وعلى دينه بعث)) وأسرع عبد الله إلى رسول الله وأعلن إسلامه وأمر أهل بيته فأسلموا ولكنه كتم إسلامه عن اليهود, وقال للرسول صلى الله عليه وسلم :((إن اليهود إذا سمعوا بإسلامي فسوف يتهمونني ويبهتونني)) وسأل الرسول صلى الله عليه وسلم اليهود عنه؟ فقالوا له:((إنه سيدنا وابن سيدنا وحبرنا وعالمنا)) فلما علمت اليهود بإسلامه سبوه واتهموه وهنا أظهر عبد الله إسلامه وأسلمت عمته أيضاً .

        روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عنه:((إنه من أهل الجنة وإنه نزلت فيه الآية الكريمة"وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله")) حين حضرت الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه الوفاة قيل له :((أوصنا)) فقال لهم:((أجلسوني)) ثم قال:((إن العلم والإيمان تجدوهما عند أربعة عويمر بن أبي الدرداء, وسلمان الفارسي, وعبد الله بن مسعود, وعبد الله بن سلام, الذي كان يهودياً فأسلم لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"إنه عاشر عشرة في الجنة")) .

        الرؤيا التي رآها

        لقد رأى رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم,فقال له:((إنك على الإسلام حتى تموت)) .

        تواضعه

        ورغم أن عبد الله بن سلام كان من علماء اليهود وحين أسلم أصبح من المسلمين الذين بشروا بالجنة إلا أنه كان لا يعرف الكبر ولا التفاخر وكان يعمل بيده, فلقد مر في السوق وعلى ظهره حزمة من الحطب فقيل له:((لماذا لا تستأجر أحداً يحملها عنك؟)) فقال:((أردت أن أدفع الكبر فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من الكبر")) .

        ***رضي الله عن عبد الله بن سلام وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***

        تعليق


        • #19
          بسم الله الرحمن الرحيم

          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

          عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه

          عكرمة بن أبي جهل مؤمن وصحابي جليل وأبوه رأس الكفر . . . سبحان الله. نشأ عكرمة في بيت من بيوت قريش الكبيرة وكان والده أبو جهل عمرو بن هشام حين بُعث محمدٌ بالرسالة من أشد أعداء النبي صلى الله عليه وسلم , وكان عكرمة في بداية الأمر يحذو أبيه في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم , وازدادت عداوة عكرمة للإسلام والمسلمين حين قتلوا أباه في غزوة بدر أمام عينيه .

          وكان أبو جهل ظل يتغنى ويذبح الجزور ويشرب الخمور وهو يمني نفسه وقومه بالقضاء على المسلمين وعلى محمد صلى الله عليه وسلم , ولكنه قتل في هذه الموقعة قتله معاذ بن عمرو, ومعوذ بن عفراء, واحتز رأسه عبد الله بن مسعود. وعاد عكرمة من غزوة بدر وقد ازدادت عداوته للإسلام وأخذ يحث الناس ويحرضهم على الأخذ بثأر من قتلوا في بدر. فلما كان يوم أحد خرج فيمن خرج ومعه زوجته أم حكيم مع النساء ليضربن لهم على الدفوف تثبيتاً لهم في مواجهة المسلمين .

          جيوش قريش

          وكان خالد بن الوليد لم يسلم بعد فكان على جيش الكفار خالد على ميمنة الجيش وعكرمة بن أبي جهل على الميسرة وكانت موقعة أحد. وكاد النصر أن يكون حليف المسلمين لولا أن أخطأ الرماة ولم يستمعوا لنصح النبي صلى الله عليه وسلم لهم فتركوا الجبل بحثاً عن الغنائم, فانقض خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل على المسلمين فقتلوا منهم سبعين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, وعاد المشركون إلى مكة وهم يقولون:((اليوم بيوم بدر)) .

          غزوة الخندق

          وجاءت غزوة الخندق فلما وجدوا الخندق ضربوا الحصار على المسلمين وهم يحاولون الوصول إلى المسلمين فأخذ عكرمة وعمر بن ود وضرار بن الخطاب ومعهم بعض المشركين فأحدثوا ثغرة في الخندق فخرج إليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعه نفر من المسلمين وقتل علي بن أبي طالب أشجعهم وفر الباقون وترك عكرمة رمحه وفر .

          فتح مكة وفرار عكرمة

          روى النسائي أن يوم فنح مكة أمن الرسول صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين .

          إسلامه

          ففر عكرمة وركب البحر فجاءت إعصار فقال أصحاب السفينة أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم ههنا شيئاً فقال عكرمة:((اللهم إن لك عليَّ عهداً إن عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمداً فأسلم وإنه لعفو كريم)) . . . فأسلم .

          استشهاده

          وبدل الإسلام من عكرمة فأصبح يبكي على الأيام التي قضاها في عدائه للنبي وصحبه وسجل له التاريخ التضحية والبذل والفداء بسطور من نور, ففي يوم اليرموك قاتل قتالاً شديداً واستبسل حتى استشهد ووجدوا به بضعاً وسبعين ما بين طعنة ورمية وضربة.

          ***رضي الله عن عكرمة بن أبي جهل وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***

          تعليق


          • #20
            بسم الله الرحمن الرحيم

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            خالد بن سعيد رضي الله عنه

            هو خامس من أسلموا أبو بكر وعلي وزيد بن حارثة وسعد بن أبي وقاص وخالد بن سعيد بن العاص .

            كان أبوه من سادات العرب صاحب رأي ومشورة في قومه, أسلم خالد حين رأى في المنام أن يقف على شفا حفرة من النار فأمسك به رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلم يقع فيها, فلما حدث بها أبا بكر رضي الله عنه قال له:((أراد الله بك الخير إنك ستدخل دين الحق وتسلم لله رب العالمين)) فانطلق خالد بن سعيد وأسلم على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعلم والده سعيد بن العاص أن ابنه قد دخل الدين الجديد فأرسل إخوته رافع وأبان وعمرو فلما رأوه يصلي لله امتلأت قلوبهم نوراً وإجلالاً لدين الله. وحين عاد إلى أبيه بالدار ضربه ضرباً مبرحاً حتى سالت الدماء منه وتوعده أن يحرمه من الطعام فقال له خالد رضي الله عنه:((إن الله هو الرزاق الكريم)) ومنع سعيد عن ابنه الطعام والشراب لمدة ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع أرسل إليه أبوه بعض قومه يراودوه ليرتد عن دين الإسلام فأبى ورفض. وقال لهم:((إنني أتقلب في نعم الله ونعيمه)) فقالوا له:((ماذا يضيرك لو قلت قولاً حسناً في الـلات والعزى حتى يفرج عنك أبوك؟)) فقال رضي الله عنه:((إن اللات والعزى حجران لا يضران ولا ينفعان)) فأمر به أبوه أن يوثق بالحبال وأن يخرجوا به كل يوم وقت الظهيرة إلى بطحاء مكة ويتركونه حتى تصهره الشمس ولكنه كان يقول:((الحمد لله الذي أكرمني بالإيمان وأعزني بالإسلام)) وكان يتعوذ من النار.وتمكن ذات يوم من الهرب من أبيه فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتبعه بعد ذلك أخواه عمرو وأبان فخرج سعيد بن العاص معتزلاً الناس إلى الطائف وعاش بها حتى مات على دين الكفر والشرك .

            الهجرة إلى الحبشة

            هاجر خالد بن سعيد وزوجته أمينة بنت خلف إلى الحبشة"الهجرة الأولى" وعاش فيها أكثر من عشر سنوات يدعو إلى دين الحق ثم انتقل منها إلى المدينة المنورة بعد فتح المسلمين خيبر, وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمن وظل والياً حتى انتقل الرسول إلى جوار ربه .

            جهاد في سبيل الله

            شارك خالد في المعارك ضد الروم هو وأخواه أبان وعمرو, واستشهد عمرو بعد بطولة في معركة فحل واستشهد خالد أخوه أبان يوم أجنادين .ومما يروى أن قاتله أسلم حين قتله إذ رأى نوراً ساطعاً إلى السماء فكان هذا سبباً في إسلامه .

            ***رضي الله عن خالد بن سعيد وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***

            تعليق


            • #21
              بسم الله الرحمن الرحيم

              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

              (الإمام الفقيه)

              عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم

              إنه عبد الله بن عمر بن الخطاب ووالده هو أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين والخليفة العادل الزاهد. لقد أسلم وهو صغير لم يبلغ الحلم بعد وهاجر مثل أبيه الفاروق عمر إلى المدينة المنورة .

              اشتراكه في الغزوات

              بدأت ماركته الفعلية في الغزوات حين بلغ الخامسة عشرة فاشترك في غزوة الخندق ثم شهد الغزوات مع الرسول صلى الله عليه وسلم, ثم شارك في موقعة اليرموك وفتح مصر وإفريقية .

              عبد الله بن عمر راوي الأحاديث الشريفة

              وهو من رواة الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم, وكان يتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم في كل مكان صلى فيه حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم نزل تحت شجرة فكان ابن عمر ينزل عندها دوماً, وقالوا عنه:((إنه كان إذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لا يزيد عليه ولا ينقص منه)) كان يدعوا في الصفا والمروة فيقول:((اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك ويحب رسلك ويجب عبادك الصالحين اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك وإلى رسلك وإلى عبادك الصالحين)) .

              قيامه الليل

              يروى في صحيح البخاري حديثاً معناه أنه رأى رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلم وكان لا يزال غلاماً صغيراً وكان ينام في المسجد فرأى كأن ملكين أخذاه فذهبا به إلى النار فأخذ يصيح ويقول:((أعوذ بالله من النار)) فلقيهما ملك آخر وقال له:((لا تخف))فلما قصها على السيدة حفصة أم المؤمنين وشقيقته وقصتها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم:((لو كان عبد الله يصلي من الليل)), فأمسى ابن عمر لا ينام من الليل إلا قليلاً .

              صلاته

              روي أنه كان شديد الخشية لله جل جلاله شديد المراقبة له في السر والعلن وكان يبكي خوفاً وخشوعاً لله تعالى .

              خشيته لله جل علاه

              وعن نافع قال:((كان عبد الله بن عمر إذا قرأ قوله تعالى "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق" يبكي حتى يغلبه البكاء)) .

              تواضع عبد الله وورعه

              وقد كان عبد الله بن عمر متواضعاً وورعاً قال له رجل ذات يوم:((يا خير الناس أو يا ابن خير الناس)) فقال:((ما أنا بخير الناس ولا ابن خير الناس, ولكني عبد من عباد الله أرجو الله وأخافه والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه)) .

              أمنيته هي المغفرة

              كان مع أصحابه مصعب وعروة وعبد الله بن الزبير فقال كل واحد منهم ما يتمناه .

              فقال عبد الله بن الزبير:((إنني أتمنى الخلافة))

              وقال عروة:((أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم))

              وقال مصعب:((أما أنا فأتمنى إمارة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين))"أي يتزوج الاثنتين"

              وقال ابن عمر:((أما أنا فأتمنى المغفرة))

              إنفاقه في الخير

              قيل إنه أعتق ألف إنسان أو زاد, وعن صلاحه وعتقه روى نافع فقال:((كان ابن عمر إذا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه عز وجل)) وقد كان رقيقه عرفوا عنه خوفه من ربه وحبه لمن يقيم شعائر ربه فكان من يريد منهم أن يعتقه ابن عمر لزم المسجد وأخذ يصلي فإذا رآه ابن عمر على هذه الحالة الحسنة أعتقه, فيقول له أصحابه:((يا ابن عمر والله إنهم يخدعونك)) فيقول ابن عمر رضي الله عنه:((فمن خدعنا بالله انخدعنا به)) .

              حبيب الفقراء

              وقد أحبه الفقراء لجوده وكرمه وحنانه وعطفه عليهم فكان يطعمهم ويعطيهم ويوسع عليهم من فضل الله عليه .

              علمه وحكمته

              كتب رجل إليه ذات يوم يطلب إليه العلم كله فقال له:((إن العلم كثير ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس خميص"خالي" البطن من أموالهم كاف اللسان عن أعراضهم ملازماً لأمر جماعتهم فافعل)) .

              الراعي وابن عمر

              يروى أن ابن عمر خرج ومعه عبد الله بن دينار إلى مكة فوجدا راعياً صغيراً يرعى الغنم فأراد عبد الله بن عمر أن يختبر أمانته فقال له:((بعني شاة من الغنم)) فقال الراعي:((إنني عبد مملوك وهذه الشياه ليست لي ولا أملك حق بيعها أو التصرف فيها)) فقال له ابن عمر:((قل لسيدك قد أكلها الذئب)) فقال الراعي:((أليس الله بشاهد كيف أخون الأمانة وأبيعها لك أين الله يا سيدي؟)) فقال عبد الله بن عمر:((فأين الله؟)) ثم بكى واشترى الغلام وأعتقه ثم اشترى له الغنم ووهبها له .

              ولقد عرضوا عليه إمارة المسلمين أكثر من مرة ولكنه رفض. كان عبد الله بن عمر حريصاً على جمع كلمة المسلمين رغم أنهم عرضوا عليه الخلافة فرفضها. وليس ذلك فحسب فإنه كان يريد أن يحيا لعلمه فقد عرض عليه أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه القضاء فأبى .

              ***رضي الله عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***

              تعليق


              • #22
                بسم الله الرحمن الرحيم

                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

                أما عبد الرحمن بن عوف الذي كان يسمى قبل إسلامه"عبد عمرو, أو عبد الكعبة" فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم "عبد الرحمن", وأمه هي الشفاء بنت عوف أسلمت وهاجرت وقد أسلم عبد الرحمن وهو من الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام ثم هاجر إلى الحبشة وإلى المدينة. إنه من العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أهل الشورى. ولقد آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري بعد الهجرة إلى المدينة .

                الإيثار من الأنصار وفضل المهاجرين

                إن سعد بن الربيع قال لعبد الرحمن:((يا أخي إنني أكثر الأنصار مالاً فتعالى أقسم بيني وبينك هذا المال وإن لي زوجتين فانظر أيهما تعجبك فأطلقها فتتزوجها بعد انقضاء عدتها)) فقال عبد الرحمن:((بارك الله لك في أهلك ومالك ولكن دلني على السوق فأعمل فخير الكسب عمل المرء)) وتاجر حتى صار أكثر المهاجرين مالاً .

                صلاة النبي عليه السلام خلفه

                كان عبد الرحمن بن عوف يصلي بالناس فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى الركعتين فصلى مع الناس الركعة الأولى فأكثر الناس التسبيح حتى ينتبه عبد الرحمن أن الرسول يصلي خلفه .

                شهادة رسول الله عليه السلام له

                لقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وهو من أهل بدر الذين قيل لهم:((اعملوا ما شئتم فإنه مغفور لكم)) وقد حفظهم الله تعالى . وهو أيضاً من الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة في غزوة الحديبية .

                قال تعالى:((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريباً)) [الفتح : 18]

                عبد الرحمن بن عوف والإنفاق في سبيل الله

                يقول تعالى:((لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)) [ آل عمران : 92] . وقد قيل عنه:((إنه كان يسدد عن المدين دينه ويقرض الناس أيضاً ويصبر عليهم)). كانت هذه الآية الجليلة نصب عينيه دائماً فها هو يتصدق بنصف ماله ثم يتبع ذلك بأن يتصدق بأربعين ألف دينار ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله وخمسمائة راحلة كما أنه كان يعتق العبيد ابتغاء مرضاة الله حتى قيل إنه أعتق في يوم واحد ثلاثين عبداً .

                زهده

                روي أنه رضي الله عنه كان ذات يوم صائماً فلما حضر الطعام إليه بكى وقال:((قُتل مصعب بن عمير وهو خير مني وكفن في بردة أن هي غطت رأسه بدت قدماه, وفتل حمزة رضي الله عنه وهو خير مني, ولكنا أُعطينا من الدنيا ما أُعطينا وما أخشاه حقاً أن تكون حسناتنا قد عُجِّلت لنا وظل يبكي حتى ترك الطعام)) .كان زاهداً فقد أوصى عثمان رضي الله عنه بالعهد والخلافة له من بعده فقام في الناس وأخذ يدعو الله أن يقبضه إليه قبل أن يتم هذا الأمر له فلم تمضِ إلا ستة أشهر حتى قبضه الله إليه .

                تواضعه

                ورغم ثرائه إلا أنه كان متواضعاً وزاهداً فكان يمشي بين مماليكه فلا يعرف أنه بينهم من شدة تقشفه وتواضعه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تواضع من كان في ثراء عبد الرحمن:((مَن ترك اللباس تواضعاً لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أي حُلَلِ الإيمان شاء يلبسها)) "رواه الترمذي"

                ***رضي الله عن عبد الرحمن بن عوف وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***

                تعليق


                • #23
                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                  أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

                  روي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن أبي عبيدة بن الجراح:((إنه أمين هذه الأمة)). الأمين هنا هو الثقة والأمانة صفة لكل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإن كان لكل صاحب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سمة اختصه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقد وصف عثمان بن عفان رضي الله عنه بالحياء وعلياً رضي الله عنه بالقضاء وقال عن أبي بكر:((لو كنت متخذاً خليلاً لكان أبا بكر)). إنه أول من لقب بأمير الأمراء. يلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في فهر"اسم أحد جدوده" كان إسلام أبي عبيدة في بداية الإسلام حين دعاه أبو بكر إلى دين الله ثم هاجر إلى الحبشة واشتاق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم,فعاد مسرعاً ليسعد بصحبته ثم هاجر إلى المدينة وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن معاذ .

                  غزوة بدر

                  كانت بطولة أبي عبيدة بن الجراح يوم بدر حتى إن المشركين كانوا يبتعدون عنه في أرض المعركة إلا أن أحدهم وكان فارساً أصر على التصدي له فهجم عليه أبو عبيدة فقتله وكان هذا الفارس الذي قتله أبو عبيدة هو أباه .

                  القرآن يتلى فيه

                  رضي الله تعالى عن أبي عبيدة فقد أنزل الله سبحانه وتعالى فيه قرآناً يقول تعالى وهو أصدق القائلين:((لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون)) [ المجادلة : 22 ] .

                  موقعة أحد

                  يوم أحد لما عصى الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهجم المشركون على المسلمين فاستشهد من المسلمين مَن استشهد وكسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم, وشج في وجهه وكان الدم يسيل على وجهه ودخلت حلقتان من المغفر في وجنته الشريفة قام أبو عبيدة ونزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, نزعهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بفمه فسقطت ثنتاه .

                  غزوة ذات السلاسل

                  أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدد إلى عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل وقال لعمرو بن العاص رضي الله عنه:((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي"لا تختلفا" والله إنك إن عصيتني يا عمرو فإني أطيعك حباً في رسول الله صلى الله عليه وسلم)) فقال عمرو:((أنا الأمير أنت مدد لي)) فقال أبو عبيدة:((لك ما شئت)) .

                  أمين هذه الأمة

                  نزل وفد نجران المدينة فقابلهم أبو عبيدة ودعاهم إلى الإسلام فأبوا ولكنهم سألوا عن عيسى عليه السلام فنزلت الآية الجليلة:((إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)) [ آل عمران : 59 ] . ولكنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنا نعطيك الجزية وابعث معنا رجلاً أميناً)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((قم يا أبا عبيدة بن الجراح)) فلما قام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هذا أمين هذه الأمة)) "رواه البخاري" .

                  جهاده

                  اشترك في كل الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي صلى الله عليه وسلم, أما في يوم السقيفة فقد جمع شمل المسلمين على أبي بكر ولقد كان له موقف عظيم حين ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لواء المسلمين في حصار دمشق فكتم الخبر عن خالد بن الوليد الذي كان يقود جيش المسلمين حتى انتهت المعركة فعلم خالد فجاءه متعجبًا منه وهو يقول له:((يغفر الله لك أتاك كتاب أمير المؤمنين بالولاية فلماذا لم تخبرني؟ وقد صليت خلفي وأنت القائد والأمير؟))فقال له أبو عبيدة:((لا عليك يا أخي ما كنت لأكسر عليك حربك فو الله إني ما أريد سلطان الدنيا فكل ذلك سيصير إلى زوال وإنما نحن إخوان بأمر الله عز وجل)) .

                  كان الفرسان من خيرة شباب المسلمين يفرحون ويسعون إلى أن يكونوا تحت قيادته في الحروب, فقد روي أن خالد بن سعيد ذهب إلى أبي بكر الصديق يطلب أن ينضم إلى جيش أبي عبيدة رافضاً أن يكون في جيش ابن عمه يزيد بن أبي سفيان .

                  أمير الشام

                  كانت أكبر جيوش الإسلام الجيش الذي تولاه أبو عبيدة بالشام عتاداً وعدداً وكان أهل الشام قد بهرتهم شخصيته وحلمه ورفقه وسعة صدره وحبه للإسلام. وحين قيادته للجيوش قام فيها خطيباً وبعد ما أثنى على الله وحمده قال لهم:((إنني مسلم من قريش والله لو أن فيكم من أحد يفضلني بتقوى إلا ووددت لو كنت في سلاخه"أي في جلده")) ولقد كان لصفاته التي أحبها أهل الشام أثر كبير في تسليم بعض مدن الشام له صلحاً بدون حرب .

                  فتحه اللاذقية

                  كانت اللاذقية بسوريا ببلاد الشام محصنة ولها باب عظيم لا يستطيع أحد اقتحامه فأمر أبو عبيدة بحفر حفائر عظيمة يستطيع الفارس المسلم المحارب أن يختفي داخلها وهو على فرسه وأظهر المسلمون أنهم عائدون إلى ديارهم وفي ظلام الليل تسلل المسلمون واستروا في تلك الحفائر وفي الصباح خرج أهالي اللاذقية وهم يظنون أن المسلمين قد انصرفوا عنهم, حين خرج أهالي اللاذقية فوجئوا بالمسلمين يصيحون بهم ويخرجون عليهم وبهذا فتحت اللاذقية .

                  اليرموك

                  قبل معركة اليرموك توجه أبو عبيدة ومعه يزيد بن أبي سفيان وبعض المسلمين إلى القائد الرومي ودعوه إلى الإسلام ودعا أيضاً الرسول الرومي الذي أرسله إليه وزير ملك الروم إلى الإسلام فأسلم .

                  فلسطين

                  وجاء دور فلسطين ـ بيت المقدس ـ وكان الحصار العظيم حتى طلب الأساقفة منه أن يصالحهم على أن يكتب الصلح أمير المؤمنين ويسلم إليه مفتاح المدينة . وحضر عمر رضي الله عنه, كما عرفنا في تاريخ عمر من قبل .

                  عمر وأبو عبيدة ومعاذ والمال

                  إنه كان من الفئة التي تحدث عنها القرآن فقال تعالى:((ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)) [ الحشر : 9 ] .

                  فقد ذهب عمر بن الخطاب يوماً إلى منزل أبي عبيدة فلم ير عنده إلا لبدا وصفحة وقربة ماء وهو أمير. فتعجب عمر وسأله:((أعندك طعام؟)) فأحضر أبو عبيدة له بعض كسرات من الخبز فلما عاد عمر إلى داره أخذ من بيت مال المسلمين أربعمائة دينار ووضعها في صرة وأرسلها مع غلامه إلى أبي عبيدة وطلب منه أن ينظر ماذا يفعل بها ويأتيه بالخبز . فجاءه الغلام بعد وقت قصير يخبره أنه قسَّم المبلغ وأرسله إلى عدد كبير من الناس المستحقين للمال .

                  ونفس هذا الموقف النبيل فعله أيضاً الصحابي الجليل معاذ بن جبل حين أرسل إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أربعمائة دينار مع غلام. فقام بإنفاقها جميعاً على من يستحقها من الناس . وقالت زوجت معاذ رضي الله عنه له:((إنك تنفق المال الذي أرسله لك أمير المؤمنين على المساكين ونحن أهل بيتك أيضاً مساكين فلم لم تعطينا بعضه؟)) فكان ما تبقى دينارين فأعطاهما لها.

                  هكذا كان الصحابة رضي الله عنهم وصلى الله على إمامهم وقدوتهم وأسوتهم محمد عليه الصلاة والسلام .

                  ***رضي الله عن أبو عبيدة بن الجراح وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***

                  تعليق


                  • #24
                    بسم الله الرحمن الرحيم

                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                    زيد بن حارثة رضي الله عنه

                    زيد بن حارثة رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد جاء ذكر اسمه في القرآن الكريم تكريماً له, وقصة زيد بن حارثة تبدأ حين كان بصحبة أمه في زيارة لأهلها فخطف وبيع زيد في سوق عكاظ وكان غلاماً صغيراً واشتراه حكيم بن حزام لعمته السيدة خديجة بنت خويلد"رضي الله عنها" فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له وتمضي الأيام وفي موسم الحج رآه بعض أقاربه فتعرفوا عليه وعادوا إلى ديارهم فأخبروا أباه الذي أسرع ليفتدي ابنه ويحرره, وكان زيد يحظى عند النبي صلى الله عليه وسلم بمكانة عظيمة, لدرجة أنه كان يقال عنه:((زيد بن محمد)) .

                    ادعوهم لآبائهم

                    ولكن الله سبحانه وتعالى أنزل في القرآن الكريم آيات بتحريم التبني فأصبح بعدها زيد يسمى زيد بن حارثة,((ادعوهم لآبائهم)) [ الأحزاب : 5 ] ((ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين)) [ الأحزاب : 40 ] .

                    وكذلك كان زيد يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حباً كبيراً وجاء والده وعمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضان عليه افتداء زيد بالمال, فقال لهما صلى الله عليه وسلم:((ادعوه فخيراه فإن اختاركما فهو لكما بغير فداء وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني)) وقال زيد:((والله يا رسول الله أنت مني بمنزلة الأب والعم وما أختار عليك أحداً قط)) فقال له والده:((أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك يا زيد؟)) وهنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((اشهدوا أيها الجمع أن زيداً ابني يرثني وأرثه)) وكان ذلك قبل تحريم التبني ومضى والد زيد وعمه وهما في اطمئنان عليه, وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد ابنة عمته زينت بنت جحش"رضي الله عنها" ثم طلقها زيد فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من بركة الحبشية حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم "أم أيمن" وولدت له ابنه أسامة. وزينب بنت جحش هي أم المؤمنين التي نزل فيها قرآن كريم بتزويجها من النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن طلقها زيد .

                    شهوده الغزوات

                    شهد زيد غزوة بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر, أسامة بن زيد بن حارثة وأمه أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أمه وهي من أوائل المسلمات وقد كان صلى الله عليه وسلم يحبها حباً كبيراً, وهكذا كان أسامة بن زيد مسلماً منذ ولادته وتربى على أخلاق الإسلام العظيمة وأحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقد قال صلى الله عليه وسلم عنه:((أسامة أحب الناس إليَّ)). ولمكانة أسامة بن زيد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن سرقت المرأة المخزومية فقالت قريش:((أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمه فيها حتى لا تقطع يدها)), وحين كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة قال له صلى الله عليه وسلم:((أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟)) وقام النبي صلى الله عليه وسلم وقال مغاضباً "على سبيل الفرض والمثال" :((وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها)) "رواه البخاري" .

                    رسول الله يزوج أسامة

                    وقد اختار صلى الله عليه وسلم لأسامة زوجته وزوجه من فاطمة بنت قيس"رضي الله عنها" وحين دخل أسامة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم. "رواه أحمد" .

                    الغزوات التي حضرها

                    أراد أسامة أن يشارك في غزوة أُحد ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم رده لصغر سنه, وفي غزوة الخندق ألح أسامة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمنحه شرف الاشتراك في الجهاد فسمح له الرسول وهو ابن خمس عشرة سنة ثم شارك في غزوة مؤتة التي استشهد فيها أبوه زيد بن حارثة ورغم استشهاد أبيه أمام ناظريه إلا أنه استمر في القتال فقاتل تحت لواء جعفر بن أبي طالب حتى استشهد جعفر ثم قاتل تحت لواء عبد الله بن رواحة حتى استشهد أيضاً فقاتل تحت لواء خالد بن الوليد وشارك أيضاً في غزوة حنين .

                    إمارة أسامة بن زيد

                    بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة في سرية فعاد مكللاً بالنجاح والفوز وأثناءها قال أحد المشركين:((لا إله إلا الله)) حتى يسلم من القتل فقتله أسامة فعاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:((يا رسول الله لقد قتل فلان وفلان من المسلمين))وقال له:((كيف تقتل رجلاً قال"لا إله إلا الله")), روي الإمامان مسلم والبخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمَّر أسامة على جيش فيه أبو بكر وعمر رضي الله عنهم تعجب بعضهم واستكثروا على شاب في العشرين من عمره فقال صلى الله عليه وسلم:((إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله وايم الله لقد كان خليقاً للإمارة وإن كان أحب الناس إليَّ وإن هذا لمن أحب الناس إليَّ بعده)) .

                    حين خرج أسامة في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد أخرَّ مرض الرسول ووفاته خروج الجيش بعض الوقت وسار أسامة بجيشه"ثلاثة آلاف مقاتل" وحارب المرتدين وأدى المهمة التي خرج من أجلها بنجاح وعاد سالماً غانماً هو ومن معه ولما بلغ هرقل ما فعله أسامة تعجب من شجاعته وبطولته.

                    ***رضي الله عن زيد بن حارثة وعن أسامة بن زيد وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***

                    تعليق


                    • #25
                      بلال بن رباح
                      مؤذن رسول الله صلى الله عليه و سلم
                      كان (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه ، إذا ذكر (أبو بكر) قال : أبو بكر سيدنا ، وأعتق سيدنا - يعني ( بلالاً) - وإن رجلاً يلقبه عمر بـ (سيدنا) لهو رجل عظيم ومحظوظ إنه حبشي من أمة السود...جعلته مقاديره عبداً لاناس من بني جمح بمكة ، حيث كانت أمة إحدى إمائهم وجواريهم

                      وذات يوم يبصر (بلال بن رباح) نور الله ، ويسمع في أعماق روحه الخيرة رنينه ، فيذهب إلي رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ويسلم

                      ولا يلبث خبر إسلامه أن يذيع..وتدور الأرض برؤوس أسياده من بني جمح .. تلك الرؤوس التي نفخها الكبر واثقلها الغرور .. !!! وتجثم شياطين الأرض فوق صدر (أمية بن خلف) الذي رأى في إسلام عبد من عبدانهم لطمة جللتهم جميعاً بالخزي والعار

                      عبدهم الحبشي يسلم ، ويتبع محمداً....لقد كانوا يخرجون به في الظهيرة التي تتحول الصحراء فيها الى جهنم قاتلة فيطرحونه علي حصاها الملتهب وهو عريان ، ثم يأتون بحجر متسعر كالحميم ينقله من مكانه بضعة رجال ، ويلقون به فوق جسده وصدره يصيح به جلادوه ، بل ويتوسلون إليه قائلين: أذكر اللات والعزى
                      فيجيبهم : أحد ... أحد
                      يقولون له : قل كما نقول
                      فيجيبهم في تهكم عجيب وسخرية كاوية : إن لساني لا يحسنه
                      ويظل ( بلال ) في ذوب الحميم وصخرة ، حتي إذا حان الأصيل أقاموه ، ويجعلوا في عنقه حبلاً ، ثم أمروا صبيانهم أن يطوفوا به جبال مكة وشورعها وبلال لا يلهج لسانه بغير نشيده المقدس : أحد ... أحد ويلكزه أمية بن خلف وينفجر غماً وغيظا ، ويصيح: أي شؤم رمانا بك يا عبد السوء...؟ واللات والعزي لأجعلنك للعبيد والسادة مثلاً
                      ويجيب بلال في يقين المؤمن وعظمة القديس : أحد .. أحد
                      ويذهب إليهم ابو بكر الصديق وهم يعذبونه ، ويصيح بهم : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله
                      ثم يصيح في أمية بن خلف : خذ أكثر من ثمنه واتركه حراً
                      وكأنما كان أمية يغرق وأدركه زورق النجاة لقد طابت نفسه وسعدت حين سمع أبا بكر يعرض ثمن تحريره إذا كان اليأس من تطويع بلال قد بلغ في نفوسهم أشدة ، ولأنهم كانوا من التجار ، فقد أدركوا أن بيعه أربح لهم من موته بأعوه لأبي بكر الذي حرره من فوره ، وأخذ بلال مكانه بين الرجال الأحرار

                      وحين كان الصديق يتأبط ذراع بلال منطلقاً به إلي الحرية قال له أمية: خذه ، فواللات والعزى ، لو أبيت إلا ان تشتريه بأوقية واحدة لبعتكه بها وفطن (أبو بكر) لما في هذه الكلمات من مرارة اليأس وخيبة الأمر وكان حرياً ألا يجيبه ولكن لأن فيها مساساً بكرامة هذا الذي قد صار أخاً له ، ونداً ، أجاب أمية قائلاً: والله لو أبيتم أنتم إلا مائة اوقية لدفعتها وأنطلق بصاحبه إلا رسول الله يبشره بتحريره .. وكان عيدا عظيماً

                      وبعد هجرة الرسول والمسلمين إلي المدينة ، واستقرارهم بها ، يشرع الرسول للصلاة آذانها..فمن يكون المؤذن للصلاة خمس مرات كل يوم...؟ وتصدح عبر الأفق تكبيراته وتهليلاته...؟ أنه بلال الذي صاح منذ ثلاث عشرة سنة والعذاب يهده ويشويه أن الله أحد....أحد لقد وقع أختيار الرسول عليه اليوم ليكون اول مؤذن للإسلام

                      وعاش بلال مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ، يشهد معه المشاهد كلها ، ويؤذن للصلاة ، ويحيي ويحمي شعائر هذا الدين العظيم الذي أخرجه من الظلمات إلي النور ، ومن الرق إلي الحرية

                      ذهب يوماً يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين فقال لأبيهما: أنا بلال ، وهذا أخي ، عبدان من الحبشة كنا ضالين فهدانا الله وكنا عبدين فأعتقنا الله إن تزوجونا ، فالحمد لله وإن تمنعونا ، فالله أكبر

                      لقد كان بلال يزداد كل يوم قرباً من قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي كان يصفه انه رجلٌ من أهل الجنة

                      وذهب الرسول إلي الرفيق الأعلي راضياً مرضياً ، ونهض بأمر المسلمين من بعده خليفته أبو بكر الصديق وذهب بلال الي خليفة رسول الله يقول له : يا خليفة رسول الله .. إلي سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم : أفضل عمل المؤمن ، الجهاد في سبيل الله
                      قال له أبو بكر : فما تشاء يا بلال ... ؟
                      قال : أردت أن أرابط في سبيل الله حتي أموت
                      قال ابو بكر : ومن يؤذن لنا ..؟
                      قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع : إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله
                      قال أبو بكر : بل أبق وأذن لنا يا بلال
                      قال بلال : إن كنت اعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد ، وإن كنت أعتقني لله فدعني وما أعتقني له
                      قال أبو بكر : بل أعتقتك لله يا بلال
                      ويختلف الرواة ، فيروي بعضهم أنه سافر إلي الشام حيث بقي بها مجاهداً ومرابطاً

                      ويروي بعضهم الأخر ، أنه قبل رجاء أبي بكر في أن يبقي معه بالمدينة، فلما قبض وولي الخلافة عمر ، أستاذنه وخرج الي الشام علي أية حال ، فقد نذر بلال بقية حياته وعمره للمرابطة في ثغور الإسلام، مصمماً على أن يلقى الله ورسوله وهو علي خير عمل يحبانه

                      لم يعد يصدح بالأذان صواته الشجي الحفي المهيب ، ذلك انه لم يكن ينطق في أذنه: أشهد أن محمدا رسول الله حتى تجيش به الذكريات فيختفي صوته تحت وقع أساه ، وتصيح بالكلمات دموعة وعبراته وكان أخر آذان لله، أيام زار الشام أمير المؤمنين عمر، وتوسل المسلمون إليه أن يحمل بلالاً على أن يؤذن لهم صلاة واحدة ودعا أمير المؤمنين بلالاً، وقد حان وقت الصلاة ورجاه أن يؤذن لها وصعد بلال وأذن...فبكى الصحابة الذين كانوا ادركوا رسول الله وبلال يؤذن له...بكوا كما لم يبكوا من قبل أبداً..وكان (عمر) أشدهم بكاء

                      وقد أختلف اهل السير أين مات ؟ فقال بعضهم : مات بدمشق وقال بعضهم : مات بحلب سنة عشرين و قيل سنة ثمان عشرة وهو ابن بضع و ستين سنة رحمه الله وهكذا مات بلال مرابطاً في سبيل الله كما أراد

                      فضائله رضي الله عنه
                      عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بلال سابق الحبشة

                      وعن ابن بريدة عن ابيه قال ك دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بلالاً فقال : يا بلال بم سبقتني الى الجنة ؟ إني دخلت الجنة البارحة فسمعت خشخشتك -أي صوت نعله-أمامي فقال بلال : يا رسول الله ما أذنت قط الا صليت ركعتين وما أصابني حدث قط الا توضئت عندها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بهذا

                      وقد كان ممن نزل فيه قول الله تعالى : وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ فكانت شهادة من الله تعالى انه ممن يريدون وجه الله تعالى

                      تعليق


                      • #26
                        سعد بن معاذ
                        اهتز عرش الرحمن لموته
                        صور مشرقة من جهاده

                        وتجيء غزوة بدر.. ويجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين والأنصار، ليشاورهم في الأمر. وييمّم وجهه الكريم شطر الأنصار ويقول:
                        " أشيروا عليّ أيها الناس.."
                        ونهض سعد بن معاذ قائما كالعلم.. يقول:
                        " يا رسول الله..
                        لقد آمنا بك، وصدّقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا.. فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك..
                        ووالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، وما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا..
                        انا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء.. ولعلّ الله يريك ما تقرّ به عينك... فسر بنا على بركة الله"...
                        أهلت كلمات سعد كالبشريات، وتألق وجه الرسول رضا وسعادة وغبطة، فقال للمسلمين:
                        " سيروا وأبشروا، فان الله وعدني احدى الطائفتين.. والله لكأني أنظر الى مصرع القوم"..
                        وفي غزوة أحد، وعندما تشتت المسلمون تحت وقع الباغتة الداهمة التي فاجأهم بها جيش المشركين، لم تكن العين لتخطئ مكان سعد بن معاذ..
                        لقد سمّر قدميه في الأرض بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذود عنه ويدافع في استبسال هو له أهل وبه جدير..
                        وجاءت غزوة الخندق، لتتجلى رجولة سعد وبطولته تجليا باهرا ومجيدا.. وغزوة الخندق هذه، آية بينة على المكايدة المريرة الغادرة التي كان المسلمون يطاردون بها في غي
                        هوادة، من خصوم لا يعرفون في خصومتهم عدلا ولا ذمّة..
                        فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يحيون بالمدينة في سلام يعبدون ربهم، ويتواصون بطاعته، ويرجون أن تكف قريش عن اغارتها وحروبها، اذا فريق من زعماء اليهود يخرجون خلسة الى
                        مكة محرّضين قريشا على رسول الله، وباذلين لها الوعود والعهود أن يقفوا بجانب القرشيين اذا هم خرجوا لقتال المسلمين..
                        واتفقوا مع المشركين فعلا، ووضعوا معا خطة القتال والغزو.. وفي طريقهم وهم راجعون الى المدينة حرّضوا قبيلة من أكبر قبائل العرب، هي قبيلة غطفان واتفقوا م
                        زعمائها على الانضمام لجيش قريش.. وضعت خطة الحرب، ووظعت أدوارها.. فقريش وغطفان يهاجمان المدينة بجيش عرمرم كبير..
                        واليهود يقومون بدور تخريبي داخل المدينة وحولها في الوقت الذي يباغتها فيه الجيش المهاجم.. ولما علم النبي عليه الصلاة والسلام بالمؤامرة الغادرة راح يعدّ لها العدّة.. فأمر بحفر خندق حول المدين
                        ليعوق زحف المهاجمين.
                        وأرسل سعد بن معاذ وسعد بن عبادة الى كعب بن أسد زعيم يهود بني قريظة، ليتبيّنا حقيقة موقف هؤلاء من الحرب المرتقبة، وكان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يهود بني قريظة عهود ومواثيق..
                        فلما التقى مبعوثا الرسول بزعيم بني قريظة فوجئا يقول لكم:
                        " ليس بيننا وبين محمد عهد ولا عقد"..!!
                        عز على الرسول عليه الصلاة والسلام أن يتعرض أهل المدينة لهذا الغزو المدمدم والحصار المنهك، ففكر في أن يعزل غطفان عن قريش، فينقض الجيش المهاجم بنصف عدده، ونصف قوته، وراح بالفعل يفاوض
                        زعماء غطفان على أن ينفضوا أيديهم عن هذه الحرب، ولهم لقاء ذلك ثلث ثمار المدينة، ورضي قادة غطفان، ولم يبق الا أن يسجل الاتفاق في وثيقة ممهورة..
                        وعند هذا المدى من المحاولة، وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ لم ير من حقه أن ينفرد بالأمر، فدعا اليه أصحابه رضي الله عنهم ليشاورهم..
                        واهتم عليه الصلاة والسلام اهتماما خاصا برأي سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة.. فهما زعيما المدينة، وهما بهذا أصحاب حق أول في مناقشة هذا الأمر، واختيار موقف تجاهه..
                        قصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما حديث التفاوض الذي جرى بينه وبين زعماء غطفان.. وأنبأهما أنه انما لجأ الى هذه المحاولة، رغبة منه في أن يبعد عن المدينة وأهلها هذا الهجوم الخطير، والحصار الرهيب..
                        وتقدم السعدان الى رسول الله بهذا السؤال:
                        " يا رسول الله..
                        أهذا رأي تختاره، أم وحي أمرك الله به"؟؟
                        قال الرسول:
                        " بل أمر أختاره لكم..
                        والله ما أصنع ذلك الا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم شوكتهم الى أمر ما"..
                        وأحسّ سعد بن معاذ أن أقدارهم كرجال ومؤمنين تواجه امتحانا، أي امتحان.. هنالك قال:
                        " يا رسول الله.. قد كنا وهؤلاء على الشرك وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا من مدينتنا تمرة، الا قرى، أي كرما وضيفة، أفحين أكرمنا الله بالاسلام، وهدانا له، وأعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا..؟؟
                        والله ما لنا بهذا من حاجة.. ووالله لا نعطيهم الا السيف.. حتى يحكم الله بيننا وبينهم"..!!
                        وعلى الفور عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رأيه، وأنبأ زعماء غطفان أن أصحابه رفضوا مشروع المفاوضة، وأنه أقرّ رأيهم والتزم به..
                        وبعد أيام شهدت المدينة حصارا رهيبا.. والحق أنه حصار اختارته هي لنفسها أكثر مما كان مفروضا عليها، وذلك بسبب الخندق الذي حفر حوله
                        ليكون جنّة لها ووقاية.. ولبس المسلمون لباس الحرب.

                        استجابة الله عز وجل لدعائه
                        وفي احدى الجولات تلقت ذراع سعد سهما وبيلا، قذفه به أحد المشركين.. وتفجّر الدم من وريده وأسعف سريعا اسعافا مؤقتا يرقأ به دمه، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحم
                        الى المسجد، وأن تنصب له به خيمة حتى يكون على قرب منه دائما أثناء تمريضه.. وحمل المسلمون فتاهم العظيم الى مكانه في مسجد الرسول..
                        ورفع سعد بصره الى السماء وقال: " اللهم ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها... فانه لا قوم أحب اليّ أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك، وكذبوه، وأخرجوه..
                        وان كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعل ما أصابني اليوم طريقا للشهادة.. ولا تمتني حتى تقرّ عيني من بني قريظة"..!
                        لك الله يا سعد بن معاذ..! فمن ذا الذي يستطيع أن يقول مثل هذا القول، في مثل هذا الموقف سواك..؟؟
                        ولقد استجاب الله دعاءه.. فكانت اصابته هذه طريقه الى الشهادة، اذ لقي ربه بعد شهر، متأثرا بجراحه..
                        ولكنه لم يمت حتى شفي صدرا من بني قريظة.. ذلك أنه بعد أن يئست قريش من اقتحام المدينة، ودبّ في صفوف جيشها الهلع، حمل الجميع متاعهم وسلاحهم، وعادوا مخذولين الى مكة..
                        ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترك بني قريظة، يفرضون على المدينة غدرهم كما شاؤوا، أمر لم يعد من حقه أن يتسامح تجاهه..
                        هنالك أمر أصحابه بالسير الى بني قريظة. وهناك حاصروهم خمسة وعشرين يوما..
                        ولما رأى هؤلاء ألا منجى لهم من المسلمين، استسلموا، وتقدموا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجاء أجابهم اليه، وهو أن يحكم فيهم سعد بن معاذ.. وكان سعد حليفهم في الجاهلية..
                        أرسل النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه من جاؤوا بسعد بن معاذ من مخيمه الذي كان يمرّض فيه بالمسجد..
                        جاء محمولا على دابة، وقد نال منه الاعياء والمرض.. وقال له الرسول:
                        " يا سعد احكم في بني قريظة".
                        وراح سعد يستعيد محاولات الغدر التي كان آخرها غزوة الخندق والتي كادت لبمدينة تهلك فيها بأهلها.. وقال سعد:
                        " اني أرى أن يقتل مقاتلوهم.. وتسبى ذراريهم.. وتقسّم أموالهم.."
                        وهكذا لم يمت سعد حتى شفي صدره من بني قريظة..

                        وفاته
                        يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه:
                        " كنت ممن حفروا لسعد قبره..
                        وكنا كلما حفرنا طبقة من تراب، شممنا ريح المسك.. حتى انتهينا الى اللحد".. وكان مصاب المسلمين في سعد عظيما..
                        ولكن عزاءهم كان جليلا، حين سمعوا رسولهم الكريم يقول:
                        " لقد اهتز عرش الرحمن لموت يعد بن معاذ"

                        تعليق


                        • #27
                          معاذ بن جبل
                          أعلمهم بالحلال والحرام
                          نسبة رضى الله عنه

                          هو معاذ بن جبل بن عمرو بن اوس بن عائد بن عدي , هو احد السبعين الذين شهدوا العقبة من الانصار , وشهد بدرا وأحد وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلة الله عليه وسلم

                          فضائله رضى الله عنه

                          عندما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يبابع الأنصار بيعة العقبة الثانية. كان يجلس بين السبعين الذين يتكوّن منهم وفدهم، شاب مشرق الوجه، رائع النظرة، برّاق الثنايا.. يبهر الأبصار بهوئه وسمته. فاذا تحدّث ازدادت الأبصار انبهارا..!!

                          ذلك كان معاذ بن جبل رضي الله عنه..

                          هو اذن رجل من الأنصار، بايع يوم العقبة الثانية، فصار من السابقين الأولين.

                          ورجل له مثل اسبقيته، ومثل ايمانه ويقينه، لا يتخلف عن رسول الله في مشهد ولا في غزاة. وهكذا صنع معاذ..

                          على أن آلق مزاياه، وأعظم خصائصه، كان فقهه.. بلغ من الفقه والعلم المدى الذي جعله أهلا لقول الرسول عنه:
                          " أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل"..

                          وكان شبيه عمر بن الخطاب في استنارة عقله، وشجاعة ذكائه. سأله الرسول حين وجهه الى اليمن: " بما تقضي يا معاذ؟"
                          فأجابه قائلا: " بكتاب الله"..
                          قال الرسول: " فان لم تجد في كتاب الله"..؟
                          "أقضي بسنة رسوله"..
                          قال الرسول: " فان لم تجد في سنة رسوله"..؟
                          قال معاذ:" أجتهد رأيي، ولا آلو"..
                          فتهلل وجه الرسول وقال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله".

                          فولاء معاذ لكتاب الله، ولسنة رسوله لا يحجب عقله عن متابعة رؤاه، ولا يحجب عن عقله تلك الحقائق الهائلة المتسرّة، التي تنتظر من يكتشفها ويواجهها.

                          ولعل هذه القدرة على الاجتهاد، والشجاعة في استعمال الذكاء والعقل، هما اللتان مكنتا معاذا من ثرائه الفقهي الذي فاق به أقرانه واخوانه، صار كما وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام " أعلم الناس بالحلال والحرام".

                          وان الروايات التاريخية لتصوره العقل المضيء الحازم الذي يحسن الفصل في الأمور..

                          فهذا عائذ الله بن عبدالله يحدثنا انه دخل المسجد يوما مع أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في أول خلافة عمر..قال:
                          " فجلست مجلسا فيه بضع وثلاثون، كلهم يذكرون حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحلقة شاب شديد الأدمة، حلو المنطق، وضيء، وهو أشبّ القوم سنا، فاذا اشتبه عليهم من الحديث شيء ردّوه اليه فأفتاهم، ولا يحدثهم الا حين يسألونه، ولما قضي مجلسهم دنوت منه وسالته: من أنت يا عبد الله؟ قال: أنا معاذ بن جبل".

                          ورعه و عدله بين نسائه رضى الله عنه

                          وعن يحيى بن سعيد قال : كانت تحت معاذ بن جبل امرأتان , فاذا كان عند احداهما لم يشرب في بيت الاخرى الماء .

                          وعن يحيى بن سعيد ان معاذ بن جبل كانت له امراتان , فاذا كان يوم احداهما لم يتوضأ في بيت الاخرى , ثم توفيتا في السقم الذي بالشام , والناس في شغل , فدفنتا في حفرة , فأسهم بينهما أيتهما تقدم في القبر.

                          من مواعظه ووصاياه رضى الله عنه

                          اقل معاذ بن جبل لابنه : يا بني , اذا صليت صلاة فصلى صلاة مودع لا تطن انك تعود اليها ابدا , واعلم يا نبي ان المؤمن يموت بين حسنتين , حسنة قدمها وحسنة اخرها .

                          وقال ايضا : احذروا ذلة العالِم , لان قدره عند الخلق عظيم , فيتبعونه عند ذلته .

                          وقال ايضا : ليس يتحصر اهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله سبحانه فيها .

                          قال رجل له علمني قال : وهل انت مطيعي ؟ قال : اني على طاعتك لحريص . قال : صم وافطر , وصل ونم , واكتسب ولا تاثم , ولا تموتن إلا وانت مسلم , وإياك و دعوة المظلوم .

                          اقول الصحابة فيه رضى الله عنه و عنهم

                          وهذا أبو مسلم الخولاني يقول:
                          " دخلت مسجد حمص فاذا جماعة من الكهول يتوسطهم شاب برّاق الثنايا، صامت لا يتكلم. فاذا امترى القوم في شيء توجهوا اليه يسألونه.ز فقلت لجليس لي: من هذا..؟ قال: معاذ بن جبل.. فوقع في نفسي حبه".

                          وهذا شهر بن حوشب يقول:
                          " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا تحدثوا وفيهم معاذ بن جبل، نظروا اليه هيبة له"..

                          ولقد كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يستثيره كثيرا.. وكان يقول في بعض المواطن التي يستعين بها برأي معاذ وفقهه:
                          " لولا معاذ بن جبل لهلك عمر"..

                          ويبدو أن معاذ كان يمتلك عقلا أحسن تدريبه، ومنطقا آسرا مقنعا، ينساب في هدوء واحاطة..

                          فحيثما نلتقي به من خلال الروايات التاريخية عنه، نجده كما أسلفنا واسط العقد..

                          فهو دائما جالس والناس حوله.. وهو صموت، لا يتحدث الا على شوق الجالسين الى حديثه..

                          واذا اختلف الجالسون في أمر، أعادوه الى معاذ ليفصل فيه..

                          فاذا تكلم، كان كما وصفه أحد معاصريه: " كأنما يخرج من فمه نور ولؤلؤ"..

                          ولقد بلغ كل هذه المنزلة في علمه، وفي اجلال المسلمين له، أيام الرسول وبعد مماته، وهو شاب.. فلقد مات معاذ في خلافة عمر ولم يجاوز من العمر ثلاثا وثلاثين سنة..!!

                          وكان معاذ سمح اليد، والنفس، والخلق..

                          فلا يسأل عن شيء الا أعطاه جزلان مغتبطا..ولقد ذهب جوده وسخاؤه بكل ماله.

                          ومات الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعاذ باليمن منذ وجهه النبي اليها يعلم المسلمين ويفقههم في الدين..

                          وفي خلافة أبي بكر رجع معاذ من اليمن، وكان عمر قد علم أن معاذا أثرى.. فاقترح على الخليفة أبي بكر أن يشاطره ثروته وماله..!

                          ولم ينتظر عمر، بل نهض مسرعا الى دار معاذ وألقى عليه مقالته..

                          كان معاذ ظاهر الكف، طاهر الذمة، ولئن كان قد أثري، فانه لم يكتسب اثما، ولم يقترف شبهة، ومن ثم فقد رفض عرض عمر، وناقشه رأيه..وتركه عمر وانصرف..

                          وفي الغداة، كان معاذ يطوي الأرض حثيثا شطر دار عمر..ولا يكاد يلقاه.. حتى يعنقه ودموعه تسبق كلماته وتقول:
                          " لقد رأيت الليلة في منامي أني أخوض حومة ماء، أخشى على نفسي الغرق.. حتى جئت وخلصتني يا عمر"..

                          وذهبا معا الى أبي بكر.. وطلب اليه معاذ أن يشاطره ماله، فقال أبو بكر:" لا آخذ منك شيئا"..
                          فنظر عمر الى معاذ وقال:" الآن حلّ وطاب"..
                          ما كان أبو بكر الورع ليترك لمعاذ درهما واحدا، لو علم أنه أخذه بغير حق..
                          وما كان عمر متجنيا على معاذ بتهمة أو ظن..
                          وانما هو عصر المثل كان يزخر بقوم يتسابقون الى ذرى الكمال الميسور، فمنهم الطائر المحلق، ومنهم المهرول، ومنهم المقتصد.. ولكنهم جميعا في قافلة الخير سائرون.

                          ويهاجر معاذ الى الشام، حيث يعيش بين أهلها والوافدين عليها معلما وفقيها، فاذا مات أميرها أبو عبيدة الذي كان الصديق الحميم لمعاذ، استخلفه أمير المؤمنين عمر على الشام، ولا يمضي عليه في الامارة سوى بضعة أشهر حتى يلقى ربه مخبتا منيبا..

                          وكان عمر رضي الله عنه يقول:
                          " لو استخلفت معاذ بن جبل، فسألني ربي: لماذا استخلفته؟ لقلت: سمعن نبيك يقول: ان العلماء اذا حضروا ربهم عز وجل ، كان معاذ بين أيديهم"..

                          والاستخلاف الذي يعنيه عمر هنا، هو الاستخلاف على المسلمين جميعا، لا على بلد أو ولاية..

                          فلقد سئل عمر قبل موته: لو عهدت الينا..؟ أي اختر خليفتك بنفسك وبايعناك عليه..لأجاب قائلا:
                          " لو كان معاذ بن جبل حيا، ووليته ثم قدمت على ربي عز وجل، فسألني: من ولّيت على أمة محمد، لقلت: ولّيت عليهم معاذ بن جبل، بعد أن سمعت النبي يقول: معاذ بن جبل امام العلماء يوم القيامة".

                          النبي صلى الله عليه وسلم يحب معاذ رضى الله عنه

                          قال الرسول صلى الله عليه وسلم يوما: " يا معاذ.. والله اني لأحبك فلا تنس أن تقول في عقب كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"..

                          أجل اللهم أعنّي.. فقد كان الرسول دائب الالحاح بهذا المعنى العظيم الذي يدرك الناس به أنه لا حول لهم ولا قوة، ولا سند ولا عون الا بالله، ومن الله العلي العظيم..

                          ولقد حذق معاذ لدرس وأجاد تطبيقه..

                          لقيه الرسول ذات صباح فسأله: "كيف أصبحت يامعاذ"..؟؟
                          قال: " أصبحت مؤمنا حقا يا رسول الله".
                          قال النبي:"ان لكل حق حقيقة، فما حقيقة ايمانك"..؟؟
                          قال معاذ: " ما أصبحت قط، الا ظننت أني لا أمسي.. ولا أمسيت مساء الا ظننت أني لا أصبح..
                          ولا خطوت خطوة الا ظننت أني لا أتبعها غيرها..
                          وكأني أنظر الى كل امة جاثية تدعى الى كتابها..
                          وكأني أرى أهل الجنة في الجنة ينعمون..
                          وأهل النار في النار يعذبون.."
                          فقال له الرسول: " عرفت فالزم"..
                          أجل لقد أسلم معاذ كل نفسه وكل مصيره لله، فلم يعد يبصر شيئا سواه..

                          ولقد أجاد ابن مسعود وصفه حين قال: "ان معاذا كان أمّة، قانتا لله حنيفا، ولقد كنا نشبّه معاذا بابراهيم عليه السلام"..

                          وكان معاذ دائب الدعوة الى العلم، والى ذكر الله..

                          وكان يدعو الناس الى التماس العلم الصحيح النافع ويقول:" احذروا زيغ الحكيم.. وارفوا الحق بالحق، فان الحق نورا"..!!

                          وكان يرى العبادة قصدا، وعدلا..

                          قال له يوما أحد المسلمين: علمني.
                          قال معاذ: وهل أنت مطيعي اذا علمتك..؟
                          قال الرجل: اني على طاعتك لحريص..
                          فقال له معاذ: " صم وافطر.. وصلّ ونم..واكتسب ولا تأثم ولا تموتنّ الا مسلما..واياك ودعوة المظلوم"..

                          وكان يرى العلم معرفة، وعملا فيقول: " تعلموا ما شئتم أن تتعلموا، فلن ينفعكم الله بالعلم جتى تعملوا"..

                          وكان يرى الايمان بالله وذكره، استحضارا دائما لعظمته، ومراجعة دائمة لسلوك النفس.

                          يقول الأسود بن هلال: " كنا نمشي مع معاذ، فقال لنا: اجلسوا بنا نؤمن ساعة"..

                          ولعل سبب صمته الكثير كان راجعا الى عملية التأمل والتفكر التي لا تهدأ ولا تكف داخل نفسه.. هذا الذي كان كما قال للرسول: لا يخطو خطوة، ويظن أنه سيتبعها بأخرى.. وذلك من فرط استغراقه في ذكره ربه، واستغراقه في محاسبته نفسه..

                          ما قاله عند موته رضى الله عنه

                          وحان أجل معاذ، ودعي للقاء الله...وفي سكرات الموت تنطلق عن اللاشعور حقيقة كل حي، وتجري على لسانه ،ان استكاع الحديث، كلمات تلخص أمره وحياته.. وفي تلك اللحظات قال معاذ كلمات عظيمة تكشف عن مؤمن عظيم. فقد كان يحدق في السماء ويقول مناجيا ربه الرحيم:
                          " الهم اني كنت أخافك، لكنني اليوم أرجوك، اللهم انك تعلم أني لم أكن أحبّ الدنيا لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار.. ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات، ونيل المزيد من العلم والايمان والطاعة"..

                          وبسط يمينه كأنه يصافح الموت، وراح في غيبوبته يقول: " مرحبا بالموت.. حبيب جاء على فاقه"..

                          وسافر معاذ الى الله..

                          تعليق


                          • #28
                            جزاك الله خيرا أخانا المسلم

                            مشاركة دسمة ونافعة عن سيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

                            إذا تم عرض كل صحابي فى مشاركة مع التنسيق الجيد كان افضل للوصول السريع من خلال البحث
                            وللإضافة فى موقع البحث جوجل من خلال موقعنا ليصل اليها الباحثون أيضا للفائدة


                            جزاك الله خيرا وفى إنتظار المزيد

                            تعليق


                            • #29
                              بارك الله فيكم ان شاء الله مشكور اخوي abohmam على المرور والاطراء الجميل بارك الله فيك . والقادم اجمل ان شاء الله


                              تعليق


                              • #30
                                جزاك الله خيرا أخانا الفاضل وبارك الله فيك

                                تعليق

                                مواضيع تهمك

                                تقليص

                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-08-2025 الساعة 11:33 PM
                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-04-2025 الساعة 05:29 PM
                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 05-31-2025 الساعة 10:07 PM
                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 05-30-2025 الساعة 11:48 PM
                                المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 05-30-2025 الساعة 09:36 AM
                                يعمل...
                                X