إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #91
    رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

    شناعة أفعال بعض اليهود

    {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(78)}



    {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ} أي وإِن من اليهود طائفة يفتلون ألسنتهم في حال قراءة الكتاب لتحريف معانيه وتبديل كلام الله عن المراد منه، قال ابن عباس: يحرفونه بتأويله على غير مراد الله {لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ} أي لتظنوا أن هذا المحرّف من كلام الله وما هو إِلا تضليل وبهتان {وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي ينسبونه إِلى الله وهو كذبٌ على الله {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أنهم كذبوا وافتروا على الله.



    يتبع

    تعليق


    • #92
      رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

      افتراء أهل الكتاب على الأنبياء

      {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ(79)وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(80)}



      ثم قال تعالى رداً على النصارى لما زعموا أن عيسى أمرهم أن يعبدوه {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} أي لا يصح ولا ينبغي لأحدٍ من البشر أعطاه الله الكتاب والحكمة والنبوة {ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي ثم يقول للناس اعبدوني من دون الله، والنفيُ في مثل هذه الصيغة {مَا كَانَ} إِنما يؤتى به للنفي العام الذي لا يجوز عقلاً ثبوتُه والغرض أنه لا يصح أصلاً ولا يتصور عقلاً صدور دعوى الألوهية من نبي قط أعطاه الله النبوة والشريعة فضلاً عن أن يحصل ذلك بالفعل لأن الرسول سفير بين الله وخلقه ليرشد الناس إِلى عبادة الله فكيف يدعوهم إِلى عبادة نفسه؟ {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} أي ولكن يقول لهم كونوا ربانيّين، قال ابن عباس: حكماء علماء حلماء والمعنى: لا أدعوكم إِلى أن تكونوا عباداً لي ولكن أدعوكم أن تكونوا علماء فقهاء مطيعين لله {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} أي بتعليمكم الناس الكتاب ودراستكم إِيّاه.

      {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا} أي وما كان له أن يأمركم بعبادة غير الله - ملائكة أو أنبياء - لأنَّ مهمة الرسل الدعوة إِلى الله وإِخلاص العبادة له {أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أي أيأمركم نبيكم بالكفر وجحود وحدانية الله، بعد أن أسلمتم ودخلتم في دين الله؟ والاستفهام إِنكاري تعجبي.



      يتبع

      تعليق


      • #93
        رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

        بيان ميثاق الأنبياء

        {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءاتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ(81)فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(82)أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ(83)}



        {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} أي اذكروا يا أهل الكتاب حين أخذ الله العهد المؤكد على النبيّين {لَمَا ءاتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} أي لمن أجل ما آتيتكم من الكتاب والحكمة، قال الطبري: المعنى لمهْما آتيتكم أيها النبيّون من كتاب وحكمة {ثُمَّ جَآءكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ} أي ثم جاءكم رسول من عندي بكتاب مصدق لما بين أيديكم وهو محمد صلى الله عليه وسلم {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} أي لتصدقنه ولتنصرنه، قال ابن عباس: ما بعث الله نبياً من الأنبياء إِلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث الله محمداً وهو حي ليؤمننَّ به ولينصرنه وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته {قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} أي أأقررتم وأعترفتم بهذا الميثاق وأخذتم عليه عهدي؟ {قَالُوا أَقْرَرْنَا} أي اعترفنا {قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ} أي اشهدوا على أنفسكم وأتباعكم وأنا من الشاهدين عليكم وعليهم .

        {فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ} أي أعرض ونكث عهده {فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ} أي هم الخارجون عن طاعة الله{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} الهمزة للإِنكار التوبيخي أي أيبتغي أهل الكتاب ديناً غير الإِسلام الذي أرسل الله به رسله؟ {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أي ولله استسلم وانقاد وخضع أهل السماوات والأرض{طَوْعًا وَكَرْهًا} أي طائعين ومكرهين، وقال قتادة: المؤمن أسلم طائعاً والكافر أسلم كارهاً حين لا ينفعه ذلك، قال ابن كثير: فالمؤمن مستسلم بقلبه وقالبه لله طوعاً، والكافر مستسلم لله كرهاً فإنه تحت التسخير والقهر والسلطان العظيم الذي لا يُخالف ولا يُمانع {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} أي يوم المعاد فيجازي كلاً بعمله.



        يتبع

        تعليق


        • #94
          رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

          الإيمان بالأنبياء جميعاً

          {قُلْ ءامَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(84)وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ(85)}



          {قُلْ ءامَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} أي قل يا محمد أنت وأمتك آمنا بالله وبالقرآن المنزل علينا {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ} أي آمنا بما أنزل على هؤلاء من الصحف والوحي، والأسباطُ هم بطون بني إِسرائيل المتشعبة من أولاد يعقوب {وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى} أي من التوراة والإِنجيل {وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ} أي وما أنزل على الأنبياء جميعهم {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} أي لا نؤمن بالبعض ونكفر بالبعض كما فعل اليهود والنصارى بل نؤمن بالكل {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} أي مخلصون في العبادة مقرّون له بالألوهية والربوبية لا نشرك معه أحداً أبداً، بل أخبر تعالى بأن كل دين غير الإِسلام باطل ومرفوض فقال {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} أي يطلب شريعة غير شريعة الإِسلام بعد بعثة النبي عليه الصلاة والسلام ليدين بها فلن يتقبل الله منه {وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ} أي مصيره إِلى النار مخلداً فيها.


          يتبع

          تعليق


          • #95
            رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

            أنواع الكفار من حيث التوبة

            {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(86)أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(87)خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ(88)إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(89)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الضَّالُّونَ(90)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوْ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ(91)}



            {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} استفهام للتعجيب والتعظيم لكفرهم أي كيف يستحق الهداية قوم كفروا بعد إِيمانهم {وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ} أي بعد أن جاءتهم الشواهد ووضح لهم الحق أن محمداً رسول الله {وَجَآءهُمْ الْبَيِّنَاتُ} أي جاءتهم المعجزات والحجج البينات على صدق النبي {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} أي لا يوفقهم لطريق السعادة، قال الحسن: هم اليهود والنصارى رأوا صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتابهم، وشهدوا أنه حق فلما بعث من غيرهم حسدوا العرب فكفروا بعد إِيمانهم .

            {أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} أي جزاؤهم على كفرهم اللعنة من الله والملائكة والخلق أجمعين {خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} أي ماكثين في النار أبد الآبدين، لا يُفتّر عنهم العذاب ولا هم يمهلون {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} أي إِلا من تاب وأناب وأصلح ما أفسد من عمله {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي متفضل على من تاب بالرحمة والغفران {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} نزلت في اليهود كفروا بعيسى بعد إِيمانهم بموسى ثم ازدادوا كفراً حيث كفروا بمحمد والقرآن {لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} أي لا تقبل منهم توبة ما أقاموا على الكفر {وَأُوْلَئِكَ هُمْ الضَّالُّونَ} أي الخارجون عن منهج الحق إِلى طريق الغي.

            ثم أخبر تعالى عمّن كفر ومات على الكفر فقال {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ} أي كفروا ثم ماتوا على الكفر ولم يتوبوا وهو عام في جميع الكفار {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوْ افْتَدَى بِهِ} أي لن يقبل من أحدهم فدية ولو افتدى بملء الأرض ذهباً {أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي مؤلم موجع {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} أي ما لهم من أحد ينقذهم من عذاب الله ولا يجيرهم من أليم عقابه.



            يتبع

            تعليق


            • #96
              رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

              النفقة المبرورة وجزاء الإنفاق

              {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ(92)}



              {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} أي لن تكونوا من الأبرار ولن تدركوا الجنة حتى تنفقوا من أفضل أموالكم {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} أي وما تبذلوا من شيء في سبيل الله فهو محفوظ لكم تجزون عنه خير الجزاء.



              الردّ على اليهود في تحريم بعض الأطعمة

              {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاً لِبَنِي إِسْرَآئِيلَ إِلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(93)فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ(94)قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(95)}



              {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاً لِبَنِي إِسْرَآئِيلَ} أي كل الأطعمة كانت حلالاً لبني إسرائيل {إِلا مَا حَرَّمَ إِسْرَآئِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} أي إلا ما حرّمه يعقوب على نفسه وهو لحم الإِبل ولبنها ثم حرمت عليهم أنواع من الأطعمة كالشحوم وغيرها عقوبةً لهم على معاصيهم {مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ} أي كانت حلالاً لهم قبل نزول التوراة {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أي قل لهم يا محمد ائتوني بالتوراة واقرؤوها عليَّ إن كنتم صادقين في دعواكم أنها لم تحرم عليكم بسبب بغيكم وظلمكم، وقال الزمخشري: وغرضهم تكذيب شهادة الله عليهم بالبغي والظلم والصدّ عن سبيل الله فلما حاجّهم بكتابهم وبكتّهم بهتوا وانقلبوا صاغرين ولم يجسر أحد منهم على إخراج التوراة، وفي ذلك الحجة البينة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم {فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} أي اختلق الكذب من بعد قيام الحجة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم {فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ} أي المعتدون المكابرون بالباطل.

              {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ} أي صدق الله في كل ما أوحى إلى محمد وفي كل ما أخبر {فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} أي اتركوا اليهودية واتبعوا ملة الإِسلام التي هي ملة إبراهيم {حَنِيفًا} أي مائلاً عن الأديان الزائفة كلها {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} برأه مما نسبه اليهود والنصارى إليه من اليهودية والنصرانية، وفيه تعريض بإشراكهم.



              يتبع

              تعليق


              • #97
                رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

                منزلة الكعبة المشرَّفة وفرضية الحجّ



                {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ(96)فِيهِ ءايَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ ءامِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ(97)}



                {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ} أي أول مسجد بني في الأرض لعبادة الله المسجد الحرام الذي هو بمكة {مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} أي وضع مباركاً كثير الخير والنفع لمن حجه واعتمره، ومصدر الهداية والنور لأهل الأرض لأنه قبلتهم، ثم عدد تعالى من مزاياه ما يستحق تفضيله على جميع المساجد فقال {فِيهِ ءايَاتٌ بَيِّنَاتٌ} أي فيه علامات واضحات كثيرة تدل على شرفه وفضله على سائر المساجد منها {مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} وهو الذي قام عليه حين رفع القواعد من البيت، وفيه زمزم والحطيم، وفيه الصفا والمروة والحجر الأسود، أفلا يكفي برهاناً على شرف هذا البيت وأحقيته أن يكون قبلة للمسلمين؟ {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ ءامِنًا} وهذه آية أخرى وهي أمن من دخل الحرَم بدعوة الخليل إبراهيم {رب اجعل هذا البلد ءامناً}.

                {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} أي فرضٌ لازم على المستطيع حج بيت الله العتيق {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} أي من ترك الحج فإن الله مستغنٍ عن عبادته وعن الخلق أجمعين، وعبّر عنه بالكفر تغليظاً عليه، قال ابن عباس: من جحد فريضة الحج فقد كفر والله غني عنه.



                يتبع

                تعليق


                • #98
                  رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

                  إصرار أهل الكتاب على الكفر وصدهم عن سبيل الله

                  {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ(98)قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ ءامَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(99)}



                  ثم أخذ يبكّت أهل الكتاب على كفرهم فقال {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} أي لم تجحدون بالقرآن المنزل على محمد مع قيام الدلائل والبراهين على صدقه {وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ} أي مطلع على جميع أعمالكم فيجازيكم عليها {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} أي لم تصرفون الناس عن دين الله الحق، وتمنعون من أراد الإِيمان به؟ {تَبْغُونَهَا عِوَجًا} أي تطلبون أن تكون الطريق المستقيمة معوجّة، وذلك بتغيير صفة الرسول، والتلبيس على الناس بإيهامهم أن في الإِسلام خلالاً وعوجاً {وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ} أي عالمون بأن الإِسلام هو الحق والدين المستقيم {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} تهديد ووعيد، وقد جمع اليهود والنصارى الوصفين: الضلال والإِضلال كما أشارت الآيتان الكريمتان فقد كفروا بالإِسلام ثم صدّوا الناس عن الدخول فيه بإلقاء الشبه والشكوك في قلوب الضعفة من الناس


                  يتبع

                  تعليق


                  • #99
                    رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

                    الحفاظ على الشخصية الإسلامية باتِّباع هدي الإسلام

                    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ(100)وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ ءايَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(101)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(103)}



                    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} أي إن تطيعوا طائفة من أهل الكتاب {يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} أي يصيرّوكم كافرين بعد أن هداكم الله للإِيمان، والخطاب للأوس والخزرج إذ كان اليهود يريدون فتنتهم كما في سبب النزول، واللفظ في الآية عام.

                    {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ ءايَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} إنكار واستبعاد أي كيف يتطرق إليكم الكفر والحال أن آيات الله لا تزال تتنزّل عليكم والوحي لم ينقطع ورسول الله حيٌ بين أظهركم؟ {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي من يتمسك بدينه الحق الذي بيَّنه بآياته على لسان رسوله فقد اهتدى إلى أقوم طريق، وهي الطريق الموصلة إلى جنات النعيم .

                    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} أي اتقوا الله تقوى حقة أو حق تقواه، قال ابن مسعود: "هو أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر" والمراد بالآية أي كما يحق أن يتقى وذلك باجتناب جميع معاصيه {وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أي تمسكوا بالإِسلام وعضوا عليه بالنواجذ حتى يدرككم الموت وأنتم على تلك الحالة فتموتوا على الإِسلام والمقصود الأمر بالإِقامة على الإِسلام .

                    {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} أي تمسكوا بدين الله وكتابه جميعاً ولا تتفرقوا عنه ولا تختلفوا في الدين كما اختلف من قبلكم من اليهود والنصارى {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} أي اذكروا إنعامه عليكم يا معشر العرب {إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} أي حين كنتم قبل الإِسلام أعداء ألداء فألف بين قلوبكم بالإِسلام وجمعكم على الإِيمان {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} أي وكنتم مشرفين على الوقوع في نار جهنم فأنقذكم الله منها بالإِسلام {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءايَاتِهِ} أي مثل ذلك البيان الواضح يبين الله لكم سائر الآيات {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أي لكي تهتدوا بها إلى سعادة الدارين.



                    يتبع

                    تعليق


                    • رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

                      فلاح الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وهلاك المتفرِّقين

                      {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(104)وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(105)يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ(106)وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(107)تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِينَ(108)وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ(109)}



                      {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} أي ولتقم منكم طائفة للدعوة إلى الله {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ} أي للأمر بكل معروف والنهي عن كل منكر {وأولئك هم المفلحون} أي هم الفائزون {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} أي لا تكونوا كاليهود والنصارى الذين تفرقوا في الدين واختلفوا فيه بسبب اتباع الهوى من بعد ما جاءتهم الآيات الواضحات {وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} أي لهم بسبب الاختلاف عذاب شديد يوم القيامة .

                      {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} أي يوم القيامة تبيض وجوه المؤمنين بالإِيمان والطاعة، وتسود وجوه الكافرين بالكفر والمعاصي {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} هذا تفصيل لأحوال الفريقين بعد الإِجمال والمعنى أما أهل النار الذين اسودت وجوههم فيقال لهم على سبيل التوبيخ: أكفرتم بعد إيمانكم أي بعد ما وضحت لكم الآيات والدلائل {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} أي ذوقوا العذاب الشديد بسبب كفركم .

                      {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ} أي وأما السعداء الأبرار الذين ابيضت وجوههم بأعمالهم الصالحات {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} أي فهم في الجنة مخلدون لا يخرجون منها أبداً {تِلْكَ ءايَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} أي هذه آيات الله نتلوها عليك يا محمد حال كونها متلبسة بالحق {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِينَ} أي وما كان الله ليظلم أحداً ولكنَّ الناس أنفسهم يظلمون {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ} أي الجميع ملكٌ له وعبيد {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ} أي هو الحاكم المتصرف في الدنيا والآخرة.



                      يتبع

                      تعليق


                      • رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

                        بيان خيرية الأمة الإسلامية وسوء اليهود



                        {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ ءامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ(110)لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ(111)ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِئايَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ(112)}



                        {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} أي أنتم يا أمة محمد خير الأمم لأنكم أنفع الناس للناس ولهذا قال {أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} أي أخرجت لأجلهم ومصلحتهم، روى البخاري عن أبي هريرة قال: أي خير الناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإِسلام {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} وهذا بيان لوجه الخيرية كأنه قيل السبب في كونكم خير أمة هذه الخصال الحميدة روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال "من سرَّه أن يكون من هذه الأمة فليؤد شرط الله فيها".

                        ثم قال تعالى {وَلَوْ ءامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} أي لو آمنوا بما أنزل على محمد وصدّقوا بما جاء به لكان ذلك خيراً لهم في الدنيا والآخرة {مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} أي منهم فئة قليلة مؤمنة كالنجاشي وعبد الله بن سلام، والكثرةُ الكثيرة فاسقة خارجة عن طاعة الله.

                        {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذًى} أي لن يضروكم إلا ضرراً يسيراً بألسنتهم من سبٍّ وطعن {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأدْبَارَ} أي ينهزمون من غير أن ينالوا منكم شيئاً {ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} أي ثم شأنهم الذي أبشركم به أنهم مخذولون لا ينصرون، والجملة استئنافية .

                        {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا} أي لزمهم الذل والهوان أينما وجدوا وأحاط بهم كما يحيط البيت المضروب بساكنه {إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} أي إلا إذا اعتصموا بذمة الله وذمة المسلمين، قال ابن عباس: بعهدٍ من الله وعهدٍ من الناس {وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} أي رجعوا مستوجبين للغضب الشديد من الله {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ} أي لزمتهم الفاقة والخشوع فهي محيطة بهم من جميع جوانبهم {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بئِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} أي ذلك الذل والصغار والغضب والدمار، بسبب جحودهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء ظلماً وطغياناً {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} أي بسبب تمردهم وعصيانهم أوامر الله تعالى.



                        يتبع

                        تعليق


                        • رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

                          صفة بعض أهل الكتاب وثوابهم

                          {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ ءايَاتِ اللَّهِ ءانَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ(113)يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ(114)وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ(115)}



                          {لَيْسُوا سَوَاءً} أي ليس أهل الكتاب مستوين في المساوئ، وهنا تمّ الكلام ثم ابتدأ تعالى بقوله {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} أي منهم طائفة مستقيمة على دين الله {يَتْلُونَ ءايَاتِ اللَّهِ ءانَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} أي يتهجدون في الليل بتلاوة آيات الله حال الصلاة {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} أي يؤمنون بالله على الوجه الصحيح {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} أي يدعون إلى الخير وينهون عن الشر ولا يداهنون أي يعملونها مبادرين غير متثاقلين {وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} أي وهم في زمرة عباد الله الصالحين .

                          {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} أي ما عملوا من عمل صالح فلن يضيع عند الله {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} أي لا يخفى عليه عمل عامل، ولا يضيع لديه أجر المتقين.



                          يتبع

                          تعليق


                          • رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

                            العمل بلا إيمان غير مقبول عند الله

                            {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(116)مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(117)}



                            أخبر تعالى عن مآل الكافرين فقال {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا} أي لن تدفع عنهم أموالهم التي تهالكوا على اقتنائها ولا أولادهم الذين تفانوا في حبهم من عذاب الله شيئاً {وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} أي مخلدون في عذاب جهنم .

                            {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} أي مثل ما ينفقونه في الدنيا بقصد الثناء وحسن الذكر كمثل ريح عاصفة فيها بردٌ شديد {أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ} أي أصابت تلك الريح المدمرة زرع قوم ظلموا أنفسهم بالمعاصي فأفسدته وأهلكته فلم ينتفعوا به، فكذلك الكفار يمحق الله أعمالهم الصالحة كما يذهب هذا الزرع بذنوب صاحبه {وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} أي وما ظلمهم الله بإهلاك حرثهم ولكن ظلموا أنفسهم بارتكاب ما يستوجب العقاب.





                            النهي عن إطلاع الكافرين على الأسرار وبيان ما يضمرونه للمؤمنين

                            {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ(118)هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ(119)إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ(120)}



                            حذر تعالى من اتخاذ المنافقين بطانة يطلعونهم على أسرارهم فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} أي لا تتخذوا المنافقين أصدقاء تودونهم وتطلعونهم على أسراركم وتجعلونهم أولياء من غير المؤمنين {لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} أي لا يقصرون لكم في الفساد {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} أي تمنوا مشقتكم وما يوقعكم في الضرر الشديد {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} أي ظهرت أمارات العداوة لكم على ألسنتهم فهم لا يكتفون ببغضكم بقلوبهم حتى يصرحوا بذلك بأفواههم {وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} أي وما يبطنونه لكم من البغضاء أكثر مما يظهرونه {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ} أي وضحنا لكم الآيات الدالة على وجوب الإِخلاص في الدين، وموالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين {إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} أي إن كنتم عقلاء، وهذا على سبيل الهزّ والتحريك للنفوس كقولك إن كنت مؤمناً فلا تؤذ الناس وقال ابن جرير المعنى: إن كنتم تعقلون عن الله أمره ونهيه.

                            ثم بيّن سبحانه ما هم عليه من كراهية المؤمنين فقال {هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ} أي هاأنتم يا معشر المؤمنين خاطئون في موالاتكم إذ تحبونهم ولا يحبونكم، تريدون لهم النفع وتبذلون لهم المحبة وهم يريدون لكم الضر ويضمرون لكم العداوة {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ} أي وأنتم تؤمنون بالكتب المنزلة كلها وهم مع ذلك يبغضونكم، فما بالكم تحبونهم وهم لا يؤمنون بشيء من كتابكم؟ وفيه توبيخ شديد بأنهم في باطلهم أصلب منكم في حقكم {وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا ءامَنَّا} أي وهذا من خبثهم إذ يظهرون أمامكم الإِيمان نفاقاً {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الغَيْظِ} أي وإذا خلت مجالسهم منكم عضوا أطراف الأصابع من شدة الحنق والغضب لما يرون من ائتلافكم، وهو كناية عن شدة الغيظ والتأسف لما يفوتهم من إذاية المؤمنين {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} هو دعاء عليهم أي قل يا محمد أدام الله غيظكم إلى أن تموتوا {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} أي إن الله عالم بما تكنه سرائركم من البغضاء والحسد للمؤمنين.

                            ثم أخبر تعالى بما يترقبون نزوله من البلاء والمحنة بالمؤمنين فقال {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} أي إن أصابكم ما يسركم من رخاءٍ وخصبٍ ونصرة وغنيمة ونحو ذلك ساءتهم {وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} أي وإن أصابكم ما يضركم من شدةٍ وحرب وهزيمةٍ وأمثال ذلك سرتهم، فبيّن تعالى بذلك فرط عداوتهم حيث يسوءهم ما نال المؤمنين من الخير ويفرحون بما يصيبهم من الشدة {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} أي إن صبرتم على أذاهم واتقيتم الله في أقوالكم وأعمالكم لا يضركم مكرهم وكيدهم، فشرط تعالى نفي ضررهم بالصبر والتقوى {إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} أي هو سبحانه عالم بما يُدبّرونه لكم من مكائد فيصرف عنكم شرهم ويعاقبهم عل نواياهم الخبيثة.



                            يتبع

                            تعليق


                            • رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

                              وصف غزوة أُحُد

                              {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(121)إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ(122)وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(123)إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ ءالافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ(124)بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءالافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ(125)وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ(126)لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ(127)لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ(128)وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(129)}



                              {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} أي اذكر يا محمد حين خرجت إلى أحد من عند أهلك {تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} أي تنزّل المؤمنين أماكنهم لقتال عدوهم {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أي سميع لأقوالكم عليمٌ بأحوالكم {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا} أي حين كادت طائفتان من جيش المسلمين أن تجبنا وتضعفنا وهمتا بالرجوع وهما "بنو سلمة" و "بنو حارثة" وذلك حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد بألفٍ من أصحابه فلما قاربوا عسكر الكفرة وكانوا ثلاثة آلاف انخذل "عبد الله بن أبي" بثلث الجيش وقال: علامَ نقتل أنفسنا وأولادنا؟ فهمَّ الحيان من الأنصار بالرجوع فعصمهم الله فمضوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك قوله تعالى {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} أي ناصرهما ومتولي أمرهما {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} أي في جميع أحوالهم وأمورهم.

                              ثم ذكّرهم تعالى بالنصر يوم بدر لتقوى قلوبهُم ويتسلوا عمّا أصابهم من الهزيمة يوم أحد فقال {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} أي نصركم يوم بدر مع قلة العدد والسلاح لتعلموا أن النصر من عند الله لا بكثرة العدد والعُدد {فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي اشكروه على ما منَّ به عليكم من النصر {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ ءالافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ} أي إِذ تقول يا محمد لأصحابك أما يكفيكم أن يعينكم الله بإِمداده لكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين لنصرتكم {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} بلى تصديق للوعد أي بلى يمدكم بالملائكة إن صبرتم في المعركة واتقيتم الله وأطعتم أمره {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} أي يأتيكم المشركون من ساعتهم هذه {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءالافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} أي يزدكم الله مدداً من الملائكة معلَّمين على السلاح ومدربين على القتال {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى لَكُمْ} أي وما جعل الله ذلك الإِمداد بالملائكة إلا بشارة لكم أيها المؤمنون لتزدادوا ثباتاً {وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} أي ولتسكن قلوبكم فلا تخافوا من كثرة عدوكم وقلة عددكم {وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي فلا تتوهموا أن النصر بكثرة العَدَد والعُدَد، ما النصر في الحقيقة إلا بعون الله وحده، لا من الملائكة ولا من غيرهم {الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} أي الغالب الذي لا يغلب في أمره الحكيم الذي يفعل ما تقتضيه حكمته الباهرة .

                              {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي ذلك التدبير الإِلهي ليهلك طائفة منهم بالقتل والأسر، ويهدم ركناً من أركان الشرك {أَوْ يَكْبِتَهُمْ} أي يغيظهم ويخزيهم بالهزيمة {فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ} أي يرجعوا غير ظافرين بمبتغاهم، وقد فعل تعالى ذلك بهم في بدر حيث قتل المسلمون من صناديدهم سبعين وأسروا سبعين وأعز الله المؤمنين وأذل الشرك والمشركين {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ} هذه الآية وردت اعتراضاً وهي في قصة أحد، وذلك لما كسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم وشُج وجهه الشريف قال: كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم؟! فنزلت {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ} أي ليس لك يا محمد من أمر تدبير العباد شيء وإنما أمرهم إلى الله {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} أي فالله مالك أمرهم فإما أن يهلكهم، أو يهزمهم، أو يتوب عليهم إن أسلموا، أو يعذبهم إن أصرّوا على الكفر فإنهم ظالمون يستحقون العذاب {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي له جل وعلا ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء وهو الغفور الرحيم.

                              يتبع

                              تعليق


                              • رد : تفسير القرأن الكريم كاملاا بمنتديات الهندسة الصناعية

                                إرشاد المؤمنين إلى ما ينفعهم في دنياهم وأخراهم

                                {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(130)وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ(131)وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(132)}



                                {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} هذا نهيٌ من الله تعالى لعباده المؤمنين عن تعاطي الربا مع التوبيخ بما كانوا عليه في الجاهلية من تضعيفه، قال ابن كثير: كانوا في الجاهلية إذا حلّ أجل الدين يقول الدائن: إمّا أن تَقْضي وإمّا أن تُرْبي! فإن قضاه وإلاَّ زاده في القدر وهكذا كلّ عام فربما تضاعف القليل حتى يصير كثيراً مضاعفاً {وَاتَّقُوا اللَّهَ} أي اتقوا عذابه بترك ما نهى عنه {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي لتكونوا من الفائزين {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} أي احذروا نار جهنم التي هيئت للكافرين {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} أي أطيعوا الله ورسوله لتكونوا من الأبرار الذين تنالهم رحمة الله.


                                يتبع

                                تعليق

                                مواضيع تهمك

                                تقليص

                                المنتدى: المكتبة الالكترونية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 04:01 PM
                                المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:44 PM
                                المنتدى: التعريف بالهندسة الصناعية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:38 PM
                                المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-10-2025 الساعة 01:22 AM
                                المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-04-2025 الساعة 12:04 AM
                                يعمل...
                                X