برنامج سلوكي لتهذيب النفس
--------------------------------------------------------------------------------
وقد كتب الشيخ الكمپاني إلى العارف الملكي رسالة يطلب منه برنامجاً للسلوك ممّا تعلّمه من أستاذه الملا حسينقلي الهمداني فأجابه العلامة الملكي بهذه الرسالة .
: بسم الله الرحمن الرحيم روحي فداك!.. بعد الإعراض عن مشقّة المجاملات، وعدم الوصول إلى الواقعيات على ما تفضلتم به في رسالتكم، وطلبكم من هذا المفلس برنامجاً يوصلكم إلى ما تريدون، فأقول بلا تكلّف حقيقة ما تعلّمته للسير في هذه العوالم، وتحدثت لك منذ البدء عن بعض نتائجه بالتفصيل، لرغبتي الجامحة في أن أكون مع باقي رفاقي على صبغة واحدة في جميع العوالم. وأبّين لكم هنا أصل وأساس ما أعلم لزومه في هذا الطريق بلا ضيق عليّ في ذلك، وأشرح لكم الآن إجمال ما تعلمته مرّة أخرى. قالوا في الطريق المطلوب لمعرفة النفس: إنّ النفس الإنسانية ما لم تعبر من عالمها المثالي فسوف لن تصل إلى العالم العقلي.. وما لم تصل النفس إلى العالم العقلي فلا تحصل لها حقيقة المعرفة، ولن تصل إلى المطلوب. ولهذا ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف قال المرحوم المغفور له [ ويعني به استاذه الملا حسين قلي الهمداني ] (جزاه الله عنّا خير جزاء المعلّمين): يجب على السالك أن يقلّل من طعامه مقداراً أكثر من المتعارف، ويوفّـر وقتاً أكبر للإستراحة لتضعف الصفة الحيوانية عنده وتقوى الجنبة الروحية، وقال في تعيين ميزان ذلك: أولاً: على السالك أن لا يتناول أكثر من وجبتين في اليوم والليلة، وأن لا يأكل بين الوجبات. وثانيا: يحب عليه عندما يريد أن يأكل أن يكون ذلك بعد ساعة من الجوع، وأن لا يأكل بمقدار لا يشبع معه. هذا في قلّة الطعام، وأمّا في كيفيته: فيجب عليه إضافة إلى مراعاة الآداب المعروفة، أن لا يتناول لحماً كثيراً، بمعنى أن يترك أكله في وجبتي الليل والنهار، وأن يترك أكله أيضاً في كل أسبوع يومين أو ثلاثة، وإن استطاع تركه نهائيا فليفعل. ويحب على السالك أيضا أن يمتنع عن أكل الكرزان (الفستق والجوز واللوز والحمص والبندق وبزر القرع) فإن نازعته نفسه جداً إلى أكله فليستخير الله في ذلك.. وإن استطاع صيام ثلاثة أيام من كل شهر فليفعل. وأما بالنسبة إلى تقليل النوم فكان يقول: ينبغي للسالك أن ينام ست ساعات فقط في اليوم، وأن يهتم كثيراً بحفظ لسانه، وعليه باجتناب معاشرة أهل الغفلة، وهذا كافٍ في تقليل الجنبة الحيوانية عنده. وأمّا ما يجب على السالك الإتيان به في سبيل تقوية الجانب الروحاني فهو: أولا: أن يكون مغموماً مهموماً محزوناً قلبه دائما، بسبب عدم الوصول إلى المطلوب. وثانيا: أن لا يترك الفكر والذكر ما استطاع إلى ذلك سبيلا . وهذان هما جناحا السير في سماء المعرفة. وعمدة الوصايا في الذكر هي أذكار الصباح والليل، وأهمها ما ورد في الاخبار.. وأهم التعقيبات هي الصلاة على محمد وآل محمد. وعمدة الذكر هو ما كان عند النوم على ما هو المأثور في الاخبار، لا سيما إذا كان متطّهرا بحيث يغشاه النعاس وهو في حال الذكر. وأما قيام الليل فكان يوصي أن يكون قبل ساعة ونصف من طلوع الفجر في الصيف، وثلاث ساعات قبل طلوع الفجر في الشتاء.. وكان يقول: لقد رأيت آثارا عظيمة من سجدة الذكر اليونسية[ من الأعمال المتعارفة عند السالكين هو ذكر اليونسية في حال السجود لمدة ساعة أو (400 ) مرة على الأقل في كل يوم، وقد جاء في كتاب (أسرار الصلاة: 103 – 104 ) للعارف الملكي التبريزي نقلا عن استاذه حسين قلي الهمداني الأهمية العظمى لهذا العمل، إضافة إلى قراءة سورة القدر مائة مرة في ليلة الجمعة وعصرها، قال: "ثم إنّي سألت بعض مشايخي الأجلّة الذي لم أر مثله حكيماً عارفا، ومعلماً للخير حاذقاً، وطبيبا كاملاً: أي عمل من أعمال الجوارح جرّبتم أثره في تأثر القلب؟.. قال: سجدة طويلة في كل يوم يديمها ويطيلها جداً، ساعة أو ثلاثة أرباعها، يقول فيها:{لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} شاهداً نفسه مسجونا في سجن الطبيعة، ومقيدة بقيود الأخلاق الرذيلة، ومنزّها لله تعالى بأنك لم تفعله بي ظلماً، وأنا ظلمت نفسي وأوقعتها في هذه المهلكة العظيمة . وقراءة القدر في ليالي الجمع وعصرها مائة مرة . قال (قدس سره): ما وجدت شيئاً من الأعمال المستحبة يؤثّر تأثير هذه الثلاثة.. وقد ورد في الاخبار ما حاصله أنه ينزل يوم الجمعة مائة نفحة أو رحمة، تسع وتسعين منها لمن قرأها مائة مرة في عصرها، وله نصيب في الواحدة أيضاً) . ومما يزيد في تقوية الجانب الروحي عند السالك أيضاً هو قراءة القرآن الكريم، وإهداء ثوابها إلى النبي (ص).. وكان يقول فيما ينبغي للمبتدئ التفكير فيه: ليفكّر في الموت إلى الوقت الذي يشعر فيه من حاله أنّ الاستمرار في ذلك سينتهي به إلى الحيرة، وإجمالاً يجد في نفسه استعداداً، وحينئذٍ يلتفت إلى عالم خياله، ويفكّر عدّة أيام ليلاً ونهاراً، ليفهم بأنه كل ما يتخيّله ويراه هو نفسه، ولا يخرج عن حدود نفسه.. فإذا تحوّل ذلك إلى ملكة في نفسه فإنه سيرى نفسه في عالم المثال، أي يفهم حقيقة عالم مثاله، ويكون له هذا المعنى ملكة. وكان يقول : وعندئذٍ يجب على السالك تغيير تفكيره، ويمحو جميع الصور والأوهام والتفكير في العدم.. وإذا صار ذلك ملكة عند الإنسان فلا بد أن يتجلى له سلطان المعرفة، أي سيفوز بتجلّي حقيقة نفسه بالنورانية وبلا صورة وحدّ بكامل البهاء.. فإذا رآه وهو في حال الجذبة كان أفضل، وعندما يجب الرقي في العوالم العالية فسيرى أثر كل سيرٍ حاضراً. ومن أجل ترتيب هذه العوالم: يجب على الإنسان أولاً أن يترقّى من عوالم الطبيعة هذه إلى عالم المثال، ثم إلى عالم الأرواح والأنوار الحقيقية.. ومن العجيب أن نرى التصريح بهذه المراتب في سجدة دعاء ليلة النصف من شعبان، والذي سيكون موافقاً لوصول الرسالة، حيث يقول:"سجد لك سوادي وخيالي وبياضي" وعندما تفنى هذه الثلاثة بأجمعها سيحصل أصل المعرفة، حيث أن حقيقة السجدة هو عبارة عن الفناء، وعند الفناء عن النفس بمراتبها يحصل البقاء بالله (رزقنا الله وجميع إخواننا بمحمّد وآله الطاهرين). ولم نحرم – والحمد لله – ببركة دعاء الاخوان من هذه العوالم إجمالاً.. وقد جعلت الدعاء لكم ولبعض الاخوة الآخرين وردي الليلي.. وحدّ إكمال التفكير في عالم المثال، والذي يكون بعده محو الصورة، هو: إمّا أن يلتفت بنفسه تلقائياً ويرى حقيقة الموضوع عياناً، أو يفكّر إلى الحد الذي يعبر من العلمية إلى العيان، وحينئذ تمحى الأوهام بالتفكير في العدم إلى أن يتجلى من جهة حقيقة نفسه. [ قال العلامة الطباطبائي في توضيح بعض عبارات الرسالة جواباً على سؤال الشيخ حسن زاده الأملي: ما معنى قول الميرزا الملكي: (وحينئذٍ يلتفت إلى عالم خياله؟).. قال: ما لم يجد الإنسان العلم فجميعه في صقع نفسه، والجميع عالم مثال لعلمه هو.. وكل ما تراه ( أي تدركه) هو نفسك وليس هو أمراً خارجاً عنك.. والمقصود من قول الملكي:"يجب الفكر ومحو جميع الصور والأوهام والتفكير في العدم" هو أن جميع هذه هي مظاهر تجلّيات الحق تعالى، وعليك أن ترى الحق في هذه المظاهر، ولا تنظر لها على أنها وجودات مستقلة، وهو المراد من العدم، وبما أنّ وجود الظهور بلا مظهر والجلوة بلا مجلي لا معنى لها، ولا يمكن لها أن تتحقق، فإذن الجميع يرى بها الحق.. والعارف هو ما اكتشف اخيرا ما كان قد حصل عليه أولا.. وجميع الناس يكتشفون في حالة إلا أن طريقة الاكشتاف مختلفة، ويكون حينئذٍ قد وصل إلى عالم النور والبياض والعيان – طبيب دلها : 173 – 174 (المترجم ) ].
--------------------------------------------------------------------------------
وقد كتب الشيخ الكمپاني إلى العارف الملكي رسالة يطلب منه برنامجاً للسلوك ممّا تعلّمه من أستاذه الملا حسينقلي الهمداني فأجابه العلامة الملكي بهذه الرسالة .
: بسم الله الرحمن الرحيم روحي فداك!.. بعد الإعراض عن مشقّة المجاملات، وعدم الوصول إلى الواقعيات على ما تفضلتم به في رسالتكم، وطلبكم من هذا المفلس برنامجاً يوصلكم إلى ما تريدون، فأقول بلا تكلّف حقيقة ما تعلّمته للسير في هذه العوالم، وتحدثت لك منذ البدء عن بعض نتائجه بالتفصيل، لرغبتي الجامحة في أن أكون مع باقي رفاقي على صبغة واحدة في جميع العوالم. وأبّين لكم هنا أصل وأساس ما أعلم لزومه في هذا الطريق بلا ضيق عليّ في ذلك، وأشرح لكم الآن إجمال ما تعلمته مرّة أخرى. قالوا في الطريق المطلوب لمعرفة النفس: إنّ النفس الإنسانية ما لم تعبر من عالمها المثالي فسوف لن تصل إلى العالم العقلي.. وما لم تصل النفس إلى العالم العقلي فلا تحصل لها حقيقة المعرفة، ولن تصل إلى المطلوب. ولهذا ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف قال المرحوم المغفور له [ ويعني به استاذه الملا حسين قلي الهمداني ] (جزاه الله عنّا خير جزاء المعلّمين): يجب على السالك أن يقلّل من طعامه مقداراً أكثر من المتعارف، ويوفّـر وقتاً أكبر للإستراحة لتضعف الصفة الحيوانية عنده وتقوى الجنبة الروحية، وقال في تعيين ميزان ذلك: أولاً: على السالك أن لا يتناول أكثر من وجبتين في اليوم والليلة، وأن لا يأكل بين الوجبات. وثانيا: يحب عليه عندما يريد أن يأكل أن يكون ذلك بعد ساعة من الجوع، وأن لا يأكل بمقدار لا يشبع معه. هذا في قلّة الطعام، وأمّا في كيفيته: فيجب عليه إضافة إلى مراعاة الآداب المعروفة، أن لا يتناول لحماً كثيراً، بمعنى أن يترك أكله في وجبتي الليل والنهار، وأن يترك أكله أيضاً في كل أسبوع يومين أو ثلاثة، وإن استطاع تركه نهائيا فليفعل. ويحب على السالك أيضا أن يمتنع عن أكل الكرزان (الفستق والجوز واللوز والحمص والبندق وبزر القرع) فإن نازعته نفسه جداً إلى أكله فليستخير الله في ذلك.. وإن استطاع صيام ثلاثة أيام من كل شهر فليفعل. وأما بالنسبة إلى تقليل النوم فكان يقول: ينبغي للسالك أن ينام ست ساعات فقط في اليوم، وأن يهتم كثيراً بحفظ لسانه، وعليه باجتناب معاشرة أهل الغفلة، وهذا كافٍ في تقليل الجنبة الحيوانية عنده. وأمّا ما يجب على السالك الإتيان به في سبيل تقوية الجانب الروحاني فهو: أولا: أن يكون مغموماً مهموماً محزوناً قلبه دائما، بسبب عدم الوصول إلى المطلوب. وثانيا: أن لا يترك الفكر والذكر ما استطاع إلى ذلك سبيلا . وهذان هما جناحا السير في سماء المعرفة. وعمدة الوصايا في الذكر هي أذكار الصباح والليل، وأهمها ما ورد في الاخبار.. وأهم التعقيبات هي الصلاة على محمد وآل محمد. وعمدة الذكر هو ما كان عند النوم على ما هو المأثور في الاخبار، لا سيما إذا كان متطّهرا بحيث يغشاه النعاس وهو في حال الذكر. وأما قيام الليل فكان يوصي أن يكون قبل ساعة ونصف من طلوع الفجر في الصيف، وثلاث ساعات قبل طلوع الفجر في الشتاء.. وكان يقول: لقد رأيت آثارا عظيمة من سجدة الذكر اليونسية[ من الأعمال المتعارفة عند السالكين هو ذكر اليونسية في حال السجود لمدة ساعة أو (400 ) مرة على الأقل في كل يوم، وقد جاء في كتاب (أسرار الصلاة: 103 – 104 ) للعارف الملكي التبريزي نقلا عن استاذه حسين قلي الهمداني الأهمية العظمى لهذا العمل، إضافة إلى قراءة سورة القدر مائة مرة في ليلة الجمعة وعصرها، قال: "ثم إنّي سألت بعض مشايخي الأجلّة الذي لم أر مثله حكيماً عارفا، ومعلماً للخير حاذقاً، وطبيبا كاملاً: أي عمل من أعمال الجوارح جرّبتم أثره في تأثر القلب؟.. قال: سجدة طويلة في كل يوم يديمها ويطيلها جداً، ساعة أو ثلاثة أرباعها، يقول فيها:{لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} شاهداً نفسه مسجونا في سجن الطبيعة، ومقيدة بقيود الأخلاق الرذيلة، ومنزّها لله تعالى بأنك لم تفعله بي ظلماً، وأنا ظلمت نفسي وأوقعتها في هذه المهلكة العظيمة . وقراءة القدر في ليالي الجمع وعصرها مائة مرة . قال (قدس سره): ما وجدت شيئاً من الأعمال المستحبة يؤثّر تأثير هذه الثلاثة.. وقد ورد في الاخبار ما حاصله أنه ينزل يوم الجمعة مائة نفحة أو رحمة، تسع وتسعين منها لمن قرأها مائة مرة في عصرها، وله نصيب في الواحدة أيضاً) . ومما يزيد في تقوية الجانب الروحي عند السالك أيضاً هو قراءة القرآن الكريم، وإهداء ثوابها إلى النبي (ص).. وكان يقول فيما ينبغي للمبتدئ التفكير فيه: ليفكّر في الموت إلى الوقت الذي يشعر فيه من حاله أنّ الاستمرار في ذلك سينتهي به إلى الحيرة، وإجمالاً يجد في نفسه استعداداً، وحينئذٍ يلتفت إلى عالم خياله، ويفكّر عدّة أيام ليلاً ونهاراً، ليفهم بأنه كل ما يتخيّله ويراه هو نفسه، ولا يخرج عن حدود نفسه.. فإذا تحوّل ذلك إلى ملكة في نفسه فإنه سيرى نفسه في عالم المثال، أي يفهم حقيقة عالم مثاله، ويكون له هذا المعنى ملكة. وكان يقول : وعندئذٍ يجب على السالك تغيير تفكيره، ويمحو جميع الصور والأوهام والتفكير في العدم.. وإذا صار ذلك ملكة عند الإنسان فلا بد أن يتجلى له سلطان المعرفة، أي سيفوز بتجلّي حقيقة نفسه بالنورانية وبلا صورة وحدّ بكامل البهاء.. فإذا رآه وهو في حال الجذبة كان أفضل، وعندما يجب الرقي في العوالم العالية فسيرى أثر كل سيرٍ حاضراً. ومن أجل ترتيب هذه العوالم: يجب على الإنسان أولاً أن يترقّى من عوالم الطبيعة هذه إلى عالم المثال، ثم إلى عالم الأرواح والأنوار الحقيقية.. ومن العجيب أن نرى التصريح بهذه المراتب في سجدة دعاء ليلة النصف من شعبان، والذي سيكون موافقاً لوصول الرسالة، حيث يقول:"سجد لك سوادي وخيالي وبياضي" وعندما تفنى هذه الثلاثة بأجمعها سيحصل أصل المعرفة، حيث أن حقيقة السجدة هو عبارة عن الفناء، وعند الفناء عن النفس بمراتبها يحصل البقاء بالله (رزقنا الله وجميع إخواننا بمحمّد وآله الطاهرين). ولم نحرم – والحمد لله – ببركة دعاء الاخوان من هذه العوالم إجمالاً.. وقد جعلت الدعاء لكم ولبعض الاخوة الآخرين وردي الليلي.. وحدّ إكمال التفكير في عالم المثال، والذي يكون بعده محو الصورة، هو: إمّا أن يلتفت بنفسه تلقائياً ويرى حقيقة الموضوع عياناً، أو يفكّر إلى الحد الذي يعبر من العلمية إلى العيان، وحينئذ تمحى الأوهام بالتفكير في العدم إلى أن يتجلى من جهة حقيقة نفسه. [ قال العلامة الطباطبائي في توضيح بعض عبارات الرسالة جواباً على سؤال الشيخ حسن زاده الأملي: ما معنى قول الميرزا الملكي: (وحينئذٍ يلتفت إلى عالم خياله؟).. قال: ما لم يجد الإنسان العلم فجميعه في صقع نفسه، والجميع عالم مثال لعلمه هو.. وكل ما تراه ( أي تدركه) هو نفسك وليس هو أمراً خارجاً عنك.. والمقصود من قول الملكي:"يجب الفكر ومحو جميع الصور والأوهام والتفكير في العدم" هو أن جميع هذه هي مظاهر تجلّيات الحق تعالى، وعليك أن ترى الحق في هذه المظاهر، ولا تنظر لها على أنها وجودات مستقلة، وهو المراد من العدم، وبما أنّ وجود الظهور بلا مظهر والجلوة بلا مجلي لا معنى لها، ولا يمكن لها أن تتحقق، فإذن الجميع يرى بها الحق.. والعارف هو ما اكتشف اخيرا ما كان قد حصل عليه أولا.. وجميع الناس يكتشفون في حالة إلا أن طريقة الاكشتاف مختلفة، ويكون حينئذٍ قد وصل إلى عالم النور والبياض والعيان – طبيب دلها : 173 – 174 (المترجم ) ].
تعليق