تويت
التعايش لغة مفقودة
كتب الإمام علي(ع) عهدا إلى مالك الأشتر عامله على مصر , فيه الكثير من ضوابط التعامل والسلوك بين الحاكم والمحكوم وفيه يرسم الإمام سياسة للتعايش طبقا للشريعة السمحاء0
عندما يتكلم علي في السياسة فإن سياسته لاتشبه في مفرداتها سياسة الآخرين في شيء 0 علي لايجيد الظلم ولايملك سيفا يجور على الآمنين ولا يعرف ضيقا بالآخرين في رأي ومنحى مالم يلحق ضررا بالأمة0
بهذه السياسة الحضارية كتب علي إلى مالك الناس صنفان ,إما أخ لك في الدين ,وإما نظير لك في الخلق)0 وفي هذه الكلمة يضع علي مبدأ التعايش السلمي بين البشر0
مع ترتيب الأولويات يضع الإمام أولوية الأخوة في الدين أولا فالناس يعاملون بالدين وللدين (أخ لك في الدين) فإن لم نجد الدين لديهم وسعنا الجانب الإنساني فنعاملهم بالإنسانية وللإنسانية0(نظير لك في الخلق)0
تغيب عن الصورة نزعة القبيلة ووشائج النسب والعلائق المؤقتة , فالصورة أكبر من هذه التفاصيل 0 هي بمثابة صورة جوية لمدينة كبيرة يبدو فيها الجامع والمرافق البارزة ولا يتضح أثر للبيوت الصغيرة في الصورة0
سماحة علي أملت عليه وضع الإنسان في منظار الإنسانية بعد أن لم يجد له توافقا في الدين , وتجنبا لإقصاء الآخر وتغييب حقه ووضعه في هامش الصفحة إن لم يكن خارجها 0
ونحن نعيش عليا بالفكر والمبدأ والبحث عن مناقبه وتعقب آثاره 0 هنا حري بنا أن نتوقف لنتأمل هذا الخلق الرفيع ونعود لواقعنا بالمقارنة ونرى هل استطعنا أن نعتبر الخلق إما أخوة لنا في الدين وإما نظراء لنا في الخلق؟!
الواقع ولشديد الأسف لا يؤمن بكل ما سبق , فسياسة الإقصاء والإنغلاق متحكمة في الروؤس وبعد تجاوز كل الحالات الكبرى وبأخذ مقطع بسيط من حالاتنا الإجتماعية يمكننا أن نرى التالي0
شريحة واسعة من المؤمنين يجمعهم الإلتزام بمذهبية واحدة وتفرقهم التعصبات لمرجعيات متعددة 0سعي حثيث لإثبات الوجود(الأنا) 0 التعايش مشطوب من قائمة الواجبات اليومية ,ومن يقلد المرجع(000) يضع نفسه في خانة خصوم المرجع(000)0
صنمية تعشعش في سلوكياتنا وتطرف في التقديس يصل لحد إسقاط مادون مرجعيتنا وكأنه مفروض علينا ولاء لمرجعنا يصحبه تبرء من المرجعيات الأخرى , حتى الصور لها غلبة على حوائطنا ولا يمكن لصورتين (لمرجعيتين) نتحارب باسمهما أن تتعايشان على جدار واحد0
الصورة نفسها تملك رصيدا كبيرا من المكانة عند الكل , فطرف يبذل الجهد الجهيد لتثبيتها والآخر ينتحل الحجج ويتحين الفرص والطرق لإزالتها0
أما الكتاب فلن تجد من يقرء لمرجعيات متعددة ومتنازع على مكانتها إلا من هو مثلي متخلف عن اللحوق بركب هذا التنازع البغيض 0 بل وبعض النبيهين يعدها جريمة أن يرى من يوزع كتابا لمرجعية يختلف مع اتباعها وجزما هذا الكتاب ليس من الكتب المحتوية على النقاط الخلافية ولربما هو لا تتحرك من جسده شعرة واحدة وهو يرى مطبوعات الفساد تتحرك بحرية في أنحاء البلاد قاطبة0
وإنما هذا الكتاب يعده من كتب الضلال التي ينبغي محاربتها وتضييق الخناق عليها , بالطبع فنحن لانكلف نفسنا عناء الإطلاع ثم الحكم فالأحكام جاهزة معلبة في جيوبنا 0
وفي طور التكتلات والتجمعات نشاهد الإنغلاق قائما على قدم وساق ,فهذه حسينية تضم بين أروقتها مقلدي المرجعية الفلانية وذاك مسجد يأمه أتباع المرجع الفلاني وهكذا0
تجد مثلا ممن يؤمنون بإقامة (التطبير) من لا ينفك يستفز الآخرين بإثارة الموضوع بمناسبة وبدون مناسبة , وكأن من الواجب عليه التبشير بهذه الطقوس 0 وكذلك ممن يؤمنون بنظرية (ولاية الفقيه) هناك البعض من الذين يسعون لفرض النظرية على الآخرين وكأنها قرآن منزل 0
ليس من لوازم الايمان بولاية الفقيه مخاصمة من يمارس التطبير وليس من ضروريات التطبير معادة ولاية الفقيه 0 عقلية الإقصاء وإلغاء الآخر باتت لا تخدم الطائفة قطعا , وكما مرت عصور طفح فيها الخلاف بين (أصولي) و(إخباري) واستهلك النزاع طاقات من الطائفة كان يمكنها صرفها فيما ينمي كوادرها ويعزز من وجودها0
كلما ألغيت أخاك تمكن الشيطان من توسيع الفراغ بينكما وكلما توسع الفراغ استطاع الشيطان ملأه بما يجعل اللقاء بينكما صعبا فمستحيلا0
ألايمكننا البحث عن علاقة تعايش بيننا , كل من تختلف معه هاهنا أخ لك في الدين 0 يجمعنا به دين ومذهب واحد ويختلف عنا في الرؤية0
إن كانت الرؤية من شأن الفقهاء فهي رؤية في الإستنباط وليس لنا أن نخلق خلافا لم يصنعه الفقهاء أنفسهم وهم أنفسهم يقدرون الإختلاف في استنباط كل فقيه0
وإن كان الخلاف في مسائل ذوقية ووجهات نظر فليس عسيرا علينا الالتزام برأينا واحترام الطرف الآخر وإعطاءه فرصة من الحرية وفتح باب التعايش مشرعا0
في نهاية كلام الإمام إلى مالك الأشتر يقول(أو نظير لك في الخلق) وهي عبارة تحمل فضاء فضفاضا في خلق علاقة طيبة في التعامل مع غير المسلم وجعل الروابط الإنسانية أساسا في التعاطي مع الآخر0
غير المسلم ومع احترامه لعقيدتي وبسيره على السلوكيات الحسنة علي احترامه وإعطاءه الحقوق تامة دون حيف أو جور, التعايش تلك اللغة المفقودة بيننا والواجب علينا البحث عنها وترسيخها في نفوسنا لنتمكن من تحقيق طموحات علي(ع) في خلق إنسانية لا قهر ينغصها ولا اقصاء يعتورها ولا إلغاء يقلقها ولا (حب انا )يكدر صفوها 0
كتب الإمام علي(ع) عهدا إلى مالك الأشتر عامله على مصر , فيه الكثير من ضوابط التعامل والسلوك بين الحاكم والمحكوم وفيه يرسم الإمام سياسة للتعايش طبقا للشريعة السمحاء0
عندما يتكلم علي في السياسة فإن سياسته لاتشبه في مفرداتها سياسة الآخرين في شيء 0 علي لايجيد الظلم ولايملك سيفا يجور على الآمنين ولا يعرف ضيقا بالآخرين في رأي ومنحى مالم يلحق ضررا بالأمة0
بهذه السياسة الحضارية كتب علي إلى مالك الناس صنفان ,إما أخ لك في الدين ,وإما نظير لك في الخلق)0 وفي هذه الكلمة يضع علي مبدأ التعايش السلمي بين البشر0
مع ترتيب الأولويات يضع الإمام أولوية الأخوة في الدين أولا فالناس يعاملون بالدين وللدين (أخ لك في الدين) فإن لم نجد الدين لديهم وسعنا الجانب الإنساني فنعاملهم بالإنسانية وللإنسانية0(نظير لك في الخلق)0
تغيب عن الصورة نزعة القبيلة ووشائج النسب والعلائق المؤقتة , فالصورة أكبر من هذه التفاصيل 0 هي بمثابة صورة جوية لمدينة كبيرة يبدو فيها الجامع والمرافق البارزة ولا يتضح أثر للبيوت الصغيرة في الصورة0
سماحة علي أملت عليه وضع الإنسان في منظار الإنسانية بعد أن لم يجد له توافقا في الدين , وتجنبا لإقصاء الآخر وتغييب حقه ووضعه في هامش الصفحة إن لم يكن خارجها 0
ونحن نعيش عليا بالفكر والمبدأ والبحث عن مناقبه وتعقب آثاره 0 هنا حري بنا أن نتوقف لنتأمل هذا الخلق الرفيع ونعود لواقعنا بالمقارنة ونرى هل استطعنا أن نعتبر الخلق إما أخوة لنا في الدين وإما نظراء لنا في الخلق؟!
الواقع ولشديد الأسف لا يؤمن بكل ما سبق , فسياسة الإقصاء والإنغلاق متحكمة في الروؤس وبعد تجاوز كل الحالات الكبرى وبأخذ مقطع بسيط من حالاتنا الإجتماعية يمكننا أن نرى التالي0
شريحة واسعة من المؤمنين يجمعهم الإلتزام بمذهبية واحدة وتفرقهم التعصبات لمرجعيات متعددة 0سعي حثيث لإثبات الوجود(الأنا) 0 التعايش مشطوب من قائمة الواجبات اليومية ,ومن يقلد المرجع(000) يضع نفسه في خانة خصوم المرجع(000)0
صنمية تعشعش في سلوكياتنا وتطرف في التقديس يصل لحد إسقاط مادون مرجعيتنا وكأنه مفروض علينا ولاء لمرجعنا يصحبه تبرء من المرجعيات الأخرى , حتى الصور لها غلبة على حوائطنا ولا يمكن لصورتين (لمرجعيتين) نتحارب باسمهما أن تتعايشان على جدار واحد0
الصورة نفسها تملك رصيدا كبيرا من المكانة عند الكل , فطرف يبذل الجهد الجهيد لتثبيتها والآخر ينتحل الحجج ويتحين الفرص والطرق لإزالتها0
أما الكتاب فلن تجد من يقرء لمرجعيات متعددة ومتنازع على مكانتها إلا من هو مثلي متخلف عن اللحوق بركب هذا التنازع البغيض 0 بل وبعض النبيهين يعدها جريمة أن يرى من يوزع كتابا لمرجعية يختلف مع اتباعها وجزما هذا الكتاب ليس من الكتب المحتوية على النقاط الخلافية ولربما هو لا تتحرك من جسده شعرة واحدة وهو يرى مطبوعات الفساد تتحرك بحرية في أنحاء البلاد قاطبة0
وإنما هذا الكتاب يعده من كتب الضلال التي ينبغي محاربتها وتضييق الخناق عليها , بالطبع فنحن لانكلف نفسنا عناء الإطلاع ثم الحكم فالأحكام جاهزة معلبة في جيوبنا 0
وفي طور التكتلات والتجمعات نشاهد الإنغلاق قائما على قدم وساق ,فهذه حسينية تضم بين أروقتها مقلدي المرجعية الفلانية وذاك مسجد يأمه أتباع المرجع الفلاني وهكذا0
تجد مثلا ممن يؤمنون بإقامة (التطبير) من لا ينفك يستفز الآخرين بإثارة الموضوع بمناسبة وبدون مناسبة , وكأن من الواجب عليه التبشير بهذه الطقوس 0 وكذلك ممن يؤمنون بنظرية (ولاية الفقيه) هناك البعض من الذين يسعون لفرض النظرية على الآخرين وكأنها قرآن منزل 0
ليس من لوازم الايمان بولاية الفقيه مخاصمة من يمارس التطبير وليس من ضروريات التطبير معادة ولاية الفقيه 0 عقلية الإقصاء وإلغاء الآخر باتت لا تخدم الطائفة قطعا , وكما مرت عصور طفح فيها الخلاف بين (أصولي) و(إخباري) واستهلك النزاع طاقات من الطائفة كان يمكنها صرفها فيما ينمي كوادرها ويعزز من وجودها0
كلما ألغيت أخاك تمكن الشيطان من توسيع الفراغ بينكما وكلما توسع الفراغ استطاع الشيطان ملأه بما يجعل اللقاء بينكما صعبا فمستحيلا0
ألايمكننا البحث عن علاقة تعايش بيننا , كل من تختلف معه هاهنا أخ لك في الدين 0 يجمعنا به دين ومذهب واحد ويختلف عنا في الرؤية0
إن كانت الرؤية من شأن الفقهاء فهي رؤية في الإستنباط وليس لنا أن نخلق خلافا لم يصنعه الفقهاء أنفسهم وهم أنفسهم يقدرون الإختلاف في استنباط كل فقيه0
وإن كان الخلاف في مسائل ذوقية ووجهات نظر فليس عسيرا علينا الالتزام برأينا واحترام الطرف الآخر وإعطاءه فرصة من الحرية وفتح باب التعايش مشرعا0
في نهاية كلام الإمام إلى مالك الأشتر يقول(أو نظير لك في الخلق) وهي عبارة تحمل فضاء فضفاضا في خلق علاقة طيبة في التعامل مع غير المسلم وجعل الروابط الإنسانية أساسا في التعاطي مع الآخر0
غير المسلم ومع احترامه لعقيدتي وبسيره على السلوكيات الحسنة علي احترامه وإعطاءه الحقوق تامة دون حيف أو جور, التعايش تلك اللغة المفقودة بيننا والواجب علينا البحث عنها وترسيخها في نفوسنا لنتمكن من تحقيق طموحات علي(ع) في خلق إنسانية لا قهر ينغصها ولا اقصاء يعتورها ولا إلغاء يقلقها ولا (حب انا )يكدر صفوها 0
تعليق