إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف تعالج النوايا ؟

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف تعالج النوايا ؟


    كيف تعـــالج النوايا؟
    في حياة علي (ع) مواقف غاية في الإبداع ، فهو في أوج خلافته وهو على رأس السلطة القابضة على مقادير الأمور في خارطة الدولة الإسلامية ، مع هذه السلطة الواسعة نراه يحاور فئة صغيرة انشقت عن جيشه ورفضت الإنصياع لمبادئه . يحاورهم فيخطئونه ، ويجيبهم فينكرون عليه ، ويتسع لهم حلمه سعة الموقن من كسب الخاتمة .

    لاينتظر من علي غير هذه السماحة ولا تليق تلك الأريحية إلا بعلي فهو المعلم للخلق والأخلاق لاسقراط ولا أرسطو, هو المعلم بسيرته ، وهو من ضم الفعل إلى الكلمة وهو من سن السيرة الحسنة قبل الموعظة .

    نعم علي ذلك الذي أوصى بهؤلاء الخوارج بأن لا يحاربوا من بعده وقال فيهم ( لا تقاتلوا الخوارج بعدي، ليس من طلب الحق فأخطأه كمن أراد الباطل فأصابه ) .

    كلنا يدعي الحق إلى جانبه ويلصق الباطل بالآخرين إلا أنه يوجد هناك خط فاصل يميز بين المحق وغير المحق ، علي بهذه الكلمة وضع قاعدةً قد لايعيها أصحاب القانون الوضعي ، القانون يشرع المواد جافة جامدة لاتصيخ أذناً لما يقبع في جوف الحقيقة حين لا يملك مستمسكاً يدله عليها .لكن علياً يضع احتمالاً لوجود حالة لم يستوعبها القانون .

    ألا يمكن أن ابحث عن زيد من الناس فأجد توأمه فيوهمني أنه زيد فأسلمه أمانة أو أرتب عليه كل ما على زيد من إلتزامات .

    غاص علي في التجارب البشرية ببراعة غواص ماهر وجآءنا بهذه الكلمة شاملة كاملة واصلة في أتم بيان وبأحكم إتقان يعجز عن استخراجها جهابذة الحكماء إلا علي بن أبي طالب (ع) .

    حين يستخدم مفردة ( طلب ) مندمجة مع الحق بينما هو يوظف كلمة (أراد) لصيقة بالباطل إنما هو يوحي لنا بدلالات عدة وهي كالتالي :
    قبل البدء بسرد الدلالات يجب التنبيه إلى أن النص ورد في الكتب المعتبرة كالآتي :
    (ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه)

    وفي نسخ قليلة نجد اختلافاً في الشق الثاني من الكلمة حيث يرد ( كمن أراد الباطل فأخطأه ) وبعض النسخ ( كمن أراد الباطل فأدركه ) وإن كانت هذه الصياغات تعد ضعيفة في أسنادها إلا أنني أرجح ( كمن أراد الباطل فأصابه ) الآن نأتي إلى الدلالات التي أشار إليها النص :

    * ( طلب ) فعل يختزن في طويته الحركة والدوران والبحث عن هدف ضائع لاتنفك الغاية إلا بالعثور عليه ، فكيف إذا عرفنا أن الهدف الضائع هو الحق ، عندئذ يسمو ويكبر في أعيننا هذا الطلب .

    * ( الطلب ) توحي بوجود ثلاثة عوامل تتعلق بها ، فالطلب لابد له من وجود طالب ومطلوب متعلقان به . والطلب أقل رتبة من الأمر عند النحويين ، الطلب يصدر من الأدنى إلى الأعلى ويصحبه ترجي وتذلل بينما الأمر يتنزل من الأعلى للأدنى مع أنفة وإستعلاء . وهذا كافٍ للدلالة على رتبة طالب الحق وكونه يترجى الحصول على الحق بالبحث والتحقيق .

    * ( أراد ) كلمة تعكس من أول لحظة سماعها عن سبق العزيمة وتأكيد الإصرار على الهدف المنشود وعن وضوح الغاية ، لذلك نجد القرآن الكريم في قصة الخضر مع النبي موسى (ع) عندما أضطر للتفصيل لموسى عن أسباب ماصنع وفي طور حديثه عما صنع بالسفينة قال: ( فأردت أن أعيبها .... الكهف 79 ) ، قال : ( فأردت ) لوجودها تحت متناول يده ، بينما هو (القرآن ) في آية أخرى يقول : ( فلن تستطيع له طلبا ..... الكهف 41 ) وواضح مافي الآية من إشارة بعدم وجود الطلب أمامه .

    * ( فأصابه ) للوهلة الأولى من سماع الكلمة توحي لنا بعودة الضمير المتصل على ( من ) وهي كافية لإتمام المعنى وتأكيد النية على بلوغ الباطل . لكني أستطيع القرآءة بطريقة أخرى أبلغ وأنسب لما يحمل علي من رؤية في أخلاقة . حين أصل الى كلمة ( فأصابه ) أرجع الضمير فيها إلى الباطل فيكون المعنى من أراد الباطل أصابه الباطل فأصبح مصاباً في مقتل من حيث أراد أن يصيب ولا يصاب . وبإعادة الجملة على كلمة أخرى لعلي (ع) يقول فيها ( الغالب بالشر مغلوب ) تصبح الجملة الغالب بالباطل مغلوب لكون الباطل شراً . هكذا يكون صاحبنا قد أصاب الباطل فكان غالباً وكان مغلوباً مصاباً .

    غاية ما في الأمر ، الكلمة تبرز لنا صورتين متضادتين ، الأولى لطالب حق ولا يخفى ما في الصورة من جهد وعناء للوصول إلى لب الحق ... والنتيجة إخفاق في الوصول إليه . في الصورة الثانية لطالب باطل متعمد في ركوب الخطأ وتظهر لنا الكلمة سهولة الوصول للهدف والنيل من مرتع الباطل الوخيم .

    ماذا يريد علي أن يقول ؟ أحسبه يريد إيقاظ الضمير الإنساني للبحث في أغوار النفوس بدل الإنخداع بزيف المظاهر ، إنه يدلنا على الحذر من الوقوع في الشبهه ، لهذا علينا بالرجوع إلى قرارة أنفسنا لنجد حقيقة مانصبو إليه . هل هو حق أم باطل ؟! .

    فلايعلم أحد بواقع الأمر كذاتنا ولو استطعنا خداع الآخرين فلن نخدع أنفسنا بعودتنا إليها ، إنه يشير إلينا بعدم التسوية بين نيتين مختلفتين هذه حسنة وتلك سيئة فالمعيار في النية أولاً .

    إذا عدنا لأنفسنا ووجدناها متقصدة بسلوك الباطل فعليه ندرك خسارتنا حتى ولو نلنا مايشبه الحق في الظاهر ، علي يضع ميزاناً نقوم به السلوكيات بمثاقيل النوايا لا الظواهر كي لا تأخذنا الظواهر إلى الخسائر .

    هذا لايعني مقدرتنا على رصد حقيقة النوايا دائماً لكنها قاعدة نضعها في الحسبان فليس من أراد الدفاع عنك فأضر بك كمن أراد الإضرار بك ونال ما أراد . أنت تستطيع أن تفتح صفحة الأريحية لتثني على يد الأول وتوجهه إلى إصلاح الخطأ وإستئناف العمل من جديد حيث سيحصل على فرصة جديدة لتقديم كل ما هو حسن تبعاً لحسن النية .

    عليك أولاً التحقق ممن أضر بك . هل بالنية الحسنة أم بنقيضها جاءك بالضرر ؟! صاحب النية الحسنة يبقى الطريق مفتوحاً أمامه أكثر بصفاء سريرته .

    وإنما قصرت مداركه عن ميل الطريق الصحيح ، وعلى العارفين بالطريق الأخذ على يده وبعثه من جديد في الطريق . ليكون في الحكم على الأعمال متسع لتقدير المقاصد الطيبه ولتتسع الصدور للصفح والغفران ، فالصفح والنية الحسنة من فصيلة أفعال ٍ واحدة ، كلها أفعال تنبت وتزهر في شرايين القلوب المجبولة على الفطرة الحسنة .

  • #2
    مشاركة: كيف تعالج النوايا ؟

    السلام عليكم

    شكرا لك اخي

    تحياتي

    تعليق


    • #3
      مشاركة: كيف تعالج النوايا ؟

      السلام عليكم

      شكرا لك اخي والله امنور المنتدى من المواضيع

      اتمنى التوفيق

      تحياتي

      تعليق


      • #4
        مشاركة: كيف تعالج النوايا ؟

        السلام عليكم

        شكرا لكم على المرور

        تحياتي

        تعليق

        مواضيع تهمك

        تقليص

        المنتدى: المكتبة الالكترونية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 04:01 PM
        المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:44 PM
        المنتدى: التعريف بالهندسة الصناعية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:38 PM
        المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-10-2025 الساعة 01:22 AM
        المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-04-2025 الساعة 12:04 AM
        يعمل...
        X