[SIZE="4"] كتاب الحج
السلام عليكم
الحج في اللغة هو القصد . وكل هدف فهو يقصد الفرد إليه ويسبب الأسباب نحوه . فالحج صادق ومنطبق على كل هدف , وكل ما قد قصدته واستهدفته فقد حجبت إليه .
فقد يكون ذلك بالسير المادي على الأرض أو بالسفر ، كالحج الشرعي الاعتيادي وهو قصد الأعمال المخصوصة في البقاع المقدسة ، أو السفر إلى زيارة صديق أو زيارة أحد المعصومين عليهم السلام أو السفر إلى الدراسة ونحو ذلك . فإن كل ذلك مما يصدق عليه الحج لغة.
وقد يكون بالسير المعنوي أو المجازي ، أعني تسبيب الأسباب بغض النظر عن السير في المكان . فإنه قصد للنتيجة على أي حال ، كقصد تعلم العلم أو الاسترباح أو التداوي ، ونحو ذلك .
فإذا التفتنا إلى أن بعض المقاصد قد تكون مرجوحة أو محرمة ، كما التفتنا قبل قليل إلى كون السير إما مادياً أو معنوياً ، انقسمت الاحتمالات إلى أربعة . فالسير المادي الراجح ، هو الحج الاعتيادي أو الزيارات المطلوبة شرعاً .
والسير المادي المرجوح هو السير في الهدف الحرام كقتل المؤمن أو السرقة أو الهدف المرجوح كزيادة الاسترباح أكثر من الحاجة . والسير المعنوي المرجوح كقصد تعلم العلم المرجوح أو التداوي المرجوح أو الوصول إلى مكان مرجوح ونحو ذلك .
والسير المعنوي الراجح هو السير نحو الأهداف المعنوية الحقة ، والتي يعبر عنها معنوياً بالسير إلى الله سبحانه . كما قال الله في كتابه الكريم : ﴿ ففروا إلى الله ﴾ . وقال : ﴿إني ذاهب إلى ربي سيهدين﴾ .
وقال بعض الشعراء الفرس ما ترجمته : إنه ذاهب إلى ( البيت ) وأنا ذاهب إلى صاحب البيت أو رب البيت ، وذلك هو الحج الحقيقي .
وإنما يكون الحج المتشرعي الاعتيادي صحيحاً ومقبولاً إذا كان مصداقاً منه وتطبيقاً له. وذلك مع توفر الإخلاص وحسن التوفيق . وأما إذا كان لأجل الدنيا ، كالشهرة والتجارة والرياء فهو منفصل عنه تماماً ، بل قد لا يكون مجزياً إطلاقاً .
تماماً كما قلنا في جانب الجهاد : إن الجهاد الأصغر إنما يكون صحيحاً ومقبولاً إذا كان مصداقاً من الجهاد الأكبر وتطبيقاً له دون ما إذا كان منفصلاً عنه .
تماماً كما نقول في الصوم . إن الصوم الظاهري وهو الإمساك عن المفطرات مع النية ، إنما يكون صحيحاً ومقبولاً إذا كان مصداقاً من الصوم الحقيقي والمعنوي وهو الكف عن كل ما لا يرضي الله سبحانه كما قال في الدعاء : " اللهم لا تجعل الدنيا أقصى همنا ومبلغ علمنا " .
الفقرة ( 2 )
الحج هو القصد : والقصد هو النية إذن فالحج هو النية ، يعني نية الوصول إلى الهدف بالمعنى السابق . إلاّ أن الفقهاء لا يفهمون منه ذلك ، بل يقصدون من القصد : تطبيق تلك النية والسير في ذلك الهدف فعلاً . إلاّ أن المعنى اللغوي بالدقة ليس كذلك .
وبطبيعة الحال ، فإن الحج الاعتيادي لن يكون بدون ممارسة العمل وقطع الطريق بخلاف الحج المعنوي ، فإن النية قد تكون كافية فيه فإن الله سبحانه غني عن المكان والزمان . وإنما يكون القصد إليه بالقلوب والعقول . وفي الحديث القدسي : " لا يسعني أرضي وسمائي ، ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن " .
فالنية كافية بصفتها حباً لهذا الطريق بل هي سير معنوي فيه ، بل قد يكون هذا السير طويلاً وعميقاً إذا كانت النية خالصة ومخلصة ولم يكن العبد ممن تأخذه في الله لومة لائم ، مهما كان زمان النية أو مكانها قليلاً .
يعتبر الشرط الأساسي في وجوب الحج هو الاستطاعة . وهي كلمة عرفها الفقهاء : توفر الزاد والراحة وتخلية السرب وضمان معيشة أهله خلال سفره .
والاستطاعة عموماً هي القدرة والتمكن من العمل ، وهي شروط في الواجبات لاستحالة تكليف غير المستطيع أو غير القادر . ولولا بعض التقييدات في السنة الشريفة ، لحمل عليه معنى الاستطاعة حتى في الحج . وأنه هو المراد بقوله تعالى ﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ﴾ .
لكن مع ملاحظة أن المراد من القدرة في لغة الفقهاء ليست هي القدرة العقلية الصرفية ، بل القدرة العرفية ، فلو كان الفرد قادراً عقلاً ولكنه عاجز عرفاً ، لم يمكن تكليفه .
فإذا التفتنا إلى ذلك أمكننا أن نحمل معنى الاستطاعة المبنية في السنة الشريفة على نفس المعنى ، بمعنى أنها قد بنيت ما يصبح به الفرد مستطيعاً عرفاً للحج ، وذلك بتوفر الشروط لديه ، إذاً مع عدمها لا يكون قادراً عرفاً ولا مستطيعاً للحج .
وإذا تمّ ذلك ، لا تكون شروط الحج مختلفة عن سائر شروط الواجبات لتحديدها جميعاً بالقدرة العرفية فقط . غاية الأمر أن القدرة العرفية في كل واحد منها تختلف عن الآخر باختلاف سنخ العمل المطلوب بطبيعة الحال . والحج بما أنه يحتوي على سفر وابتعاد عن الأهل والوطن سيكون أكثر قيوداً ، وتكون الاستطاعة له أقل وجوداً .
ومن هنا نلاحظ أن القدرة عليه والاستطاعة له تختلف بين القريب من مكة المكرمة والبعيد عنها . وكل ما كان الفرد أبعد في بلده كانت استطاعته للحج أصعب .
وعندئذ فمن المنطقي أن تكون كل تلك الشرائط موجودة له لكي يكون مستطيعاً عرفاً للحج بما فيه المال الذي يضعه عند أهله ، ولا يوقعهم في حرج أو حاجة إلى التغير . وبما فيه ما يسمى بالفقه بالرجوع إلى كفاية وهو أن لا ينقطع عمله ورزقه بعد رجوعه فإن كان سبب ذهابه شيئاً من هذا القيبل لم يكن مستطيعاً للحج . مع تحياتي سيف الله[/SIZE]
السلام عليكم
الحج في اللغة هو القصد . وكل هدف فهو يقصد الفرد إليه ويسبب الأسباب نحوه . فالحج صادق ومنطبق على كل هدف , وكل ما قد قصدته واستهدفته فقد حجبت إليه .
فقد يكون ذلك بالسير المادي على الأرض أو بالسفر ، كالحج الشرعي الاعتيادي وهو قصد الأعمال المخصوصة في البقاع المقدسة ، أو السفر إلى زيارة صديق أو زيارة أحد المعصومين عليهم السلام أو السفر إلى الدراسة ونحو ذلك . فإن كل ذلك مما يصدق عليه الحج لغة.
وقد يكون بالسير المعنوي أو المجازي ، أعني تسبيب الأسباب بغض النظر عن السير في المكان . فإنه قصد للنتيجة على أي حال ، كقصد تعلم العلم أو الاسترباح أو التداوي ، ونحو ذلك .
فإذا التفتنا إلى أن بعض المقاصد قد تكون مرجوحة أو محرمة ، كما التفتنا قبل قليل إلى كون السير إما مادياً أو معنوياً ، انقسمت الاحتمالات إلى أربعة . فالسير المادي الراجح ، هو الحج الاعتيادي أو الزيارات المطلوبة شرعاً .
والسير المادي المرجوح هو السير في الهدف الحرام كقتل المؤمن أو السرقة أو الهدف المرجوح كزيادة الاسترباح أكثر من الحاجة . والسير المعنوي المرجوح كقصد تعلم العلم المرجوح أو التداوي المرجوح أو الوصول إلى مكان مرجوح ونحو ذلك .
والسير المعنوي الراجح هو السير نحو الأهداف المعنوية الحقة ، والتي يعبر عنها معنوياً بالسير إلى الله سبحانه . كما قال الله في كتابه الكريم : ﴿ ففروا إلى الله ﴾ . وقال : ﴿إني ذاهب إلى ربي سيهدين﴾ .
وقال بعض الشعراء الفرس ما ترجمته : إنه ذاهب إلى ( البيت ) وأنا ذاهب إلى صاحب البيت أو رب البيت ، وذلك هو الحج الحقيقي .
وإنما يكون الحج المتشرعي الاعتيادي صحيحاً ومقبولاً إذا كان مصداقاً منه وتطبيقاً له. وذلك مع توفر الإخلاص وحسن التوفيق . وأما إذا كان لأجل الدنيا ، كالشهرة والتجارة والرياء فهو منفصل عنه تماماً ، بل قد لا يكون مجزياً إطلاقاً .
تماماً كما قلنا في جانب الجهاد : إن الجهاد الأصغر إنما يكون صحيحاً ومقبولاً إذا كان مصداقاً من الجهاد الأكبر وتطبيقاً له دون ما إذا كان منفصلاً عنه .
تماماً كما نقول في الصوم . إن الصوم الظاهري وهو الإمساك عن المفطرات مع النية ، إنما يكون صحيحاً ومقبولاً إذا كان مصداقاً من الصوم الحقيقي والمعنوي وهو الكف عن كل ما لا يرضي الله سبحانه كما قال في الدعاء : " اللهم لا تجعل الدنيا أقصى همنا ومبلغ علمنا " .
الفقرة ( 2 )
الحج هو القصد : والقصد هو النية إذن فالحج هو النية ، يعني نية الوصول إلى الهدف بالمعنى السابق . إلاّ أن الفقهاء لا يفهمون منه ذلك ، بل يقصدون من القصد : تطبيق تلك النية والسير في ذلك الهدف فعلاً . إلاّ أن المعنى اللغوي بالدقة ليس كذلك .
وبطبيعة الحال ، فإن الحج الاعتيادي لن يكون بدون ممارسة العمل وقطع الطريق بخلاف الحج المعنوي ، فإن النية قد تكون كافية فيه فإن الله سبحانه غني عن المكان والزمان . وإنما يكون القصد إليه بالقلوب والعقول . وفي الحديث القدسي : " لا يسعني أرضي وسمائي ، ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن " .
فالنية كافية بصفتها حباً لهذا الطريق بل هي سير معنوي فيه ، بل قد يكون هذا السير طويلاً وعميقاً إذا كانت النية خالصة ومخلصة ولم يكن العبد ممن تأخذه في الله لومة لائم ، مهما كان زمان النية أو مكانها قليلاً .
يعتبر الشرط الأساسي في وجوب الحج هو الاستطاعة . وهي كلمة عرفها الفقهاء : توفر الزاد والراحة وتخلية السرب وضمان معيشة أهله خلال سفره .
والاستطاعة عموماً هي القدرة والتمكن من العمل ، وهي شروط في الواجبات لاستحالة تكليف غير المستطيع أو غير القادر . ولولا بعض التقييدات في السنة الشريفة ، لحمل عليه معنى الاستطاعة حتى في الحج . وأنه هو المراد بقوله تعالى ﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ﴾ .
لكن مع ملاحظة أن المراد من القدرة في لغة الفقهاء ليست هي القدرة العقلية الصرفية ، بل القدرة العرفية ، فلو كان الفرد قادراً عقلاً ولكنه عاجز عرفاً ، لم يمكن تكليفه .
فإذا التفتنا إلى ذلك أمكننا أن نحمل معنى الاستطاعة المبنية في السنة الشريفة على نفس المعنى ، بمعنى أنها قد بنيت ما يصبح به الفرد مستطيعاً عرفاً للحج ، وذلك بتوفر الشروط لديه ، إذاً مع عدمها لا يكون قادراً عرفاً ولا مستطيعاً للحج .
وإذا تمّ ذلك ، لا تكون شروط الحج مختلفة عن سائر شروط الواجبات لتحديدها جميعاً بالقدرة العرفية فقط . غاية الأمر أن القدرة العرفية في كل واحد منها تختلف عن الآخر باختلاف سنخ العمل المطلوب بطبيعة الحال . والحج بما أنه يحتوي على سفر وابتعاد عن الأهل والوطن سيكون أكثر قيوداً ، وتكون الاستطاعة له أقل وجوداً .
ومن هنا نلاحظ أن القدرة عليه والاستطاعة له تختلف بين القريب من مكة المكرمة والبعيد عنها . وكل ما كان الفرد أبعد في بلده كانت استطاعته للحج أصعب .
وعندئذ فمن المنطقي أن تكون كل تلك الشرائط موجودة له لكي يكون مستطيعاً عرفاً للحج بما فيه المال الذي يضعه عند أهله ، ولا يوقعهم في حرج أو حاجة إلى التغير . وبما فيه ما يسمى بالفقه بالرجوع إلى كفاية وهو أن لا ينقطع عمله ورزقه بعد رجوعه فإن كان سبب ذهابه شيئاً من هذا القيبل لم يكن مستطيعاً للحج . مع تحياتي سيف الله[/SIZE]
تعليق