استشهاد الشهيد هاني عباس خميس
الشهيد هاني عباس خميس

كانت الانتفاضة قبل سقوط الهانيين شيئاً، وبعد استشهادهما شيئاً آخر. فالدماء الساخنة إذا سالت كسرت الحواجز وعبرت الحدود، والشهيد إذا سقط تهاوت معه كل معوقات الحركة، والابطال إذا عشقوا الشهادة عجزت عن مجاراتهم الفرسان. كان سقوط الشهيد الأول في الانتفاضة عنواناً تاريخياً لها، فلولا دمه الذي سفكه القتلة لما كان هناك شموخ لهذا الشعب، ولولا الصبر والمصابرة والمرابطة على ثغور القرى والمدن في ليالي ديسمبر من العام 1997 لما أصبح شعب البحرين في موقعه الذي هو فيه الآن بين شعوب العالم من حيث النضال والصمود والتحضر. لقد كان دم الشهيد هاني عباس خميس وهاني أحمد الوسطي وقود الانتفاضة وعنوان صمودها.
"لو قتلت أو أصابتني رصاصة أدت إلى وفاتي فهل أصبح شهيداً"؟ كان هذا هو السؤال الأخير الذي طرحه الشهيد هاني عباس خميس على أخواته مساء الجمعة 16 ديسمبر 1994 (ليلة السبت) أي قبل ليلة واحدة من استشهاده. لم تكن أخواته يعرفن مدى جدّية الشاب الذي لم يبلغ عمره الخامسة والعشرين بعد، فكان جواب الاخوات بريئاً وصادقاً ومسؤولاً: نعم. عندها قالها بقوة الإيمان المختزن في وجدانه: "ليتني أصبح شهيداً".. فكان له ما أراد.
كان خبر استشهاده بمثابة الهزة النفسية الكبيرة على شعب البحرين، حيث لم يسقط أحد شهيداً برصاص السلطة منذ ثلاثين عاماً، وإن كان هناك شهداء لقوا ربهم تحت التعذيب الوحشي في السجون في العقدين الماضيين. ومع وجود قناعة راسخة لدى الشعب بأن حكومة البحرين لا تتواني في استعمال أقسى أنواع التعذيب والتنكيل، فإن أحداً لم يتوقع أن تقدم على قتل شاب أعزل لا يملك من سلاح سوى الكلمة المسالمة والموقف الإنساني المتحضر.
كان سقوط هاني عباس خميس بداية مرحلة جديدة في البحرين تتميز بالدموية والارهاب السلطوي في أبشع صوره. من هنا فقد كان اليوم السابع عشر من ديسمبر 1994 منعطفاً خطيراً في مجرى السياسة البحرينية، وكانت دماء الشهيد هاني خميس عنواناً لمزيد من الصمود الشعبي والاقدام البطولي. فلم تكن الرصاصة التي مزقت جسد الشهيد إلا الطلقة التي فجرت الانتفاضة الشعبية بدون حدود ووضعت البحرين على رأس قائمة الدول التي يقوم النظام فيها على أساس القمع وسفك الدماء وأشلاء الشهداء.
لم يكن الشهيد هاني بمعزل عن نمو حركة الشعب منذ صغره، فقد كان له دوره في مكتبة أهل البيت بمنطقة جد حفص، وفي المأتم والمسجد. وكانت درايته في علم الكومبيوتر واسعة حتى أصبح له دور بارز في المعارضة التي تقام في منطقته. ويقول الذين كانوا على علاقة به انه كان يبذل جهوداً كبيرة لتربية نفسه وتأهيلها للرقي الروحي والفكري والوعي السياسي والديني. وساهمت السنتان اللتان لم يلتحق خلالهما بالجامعة بعد انهائه المرحلة الثانوية في توفير فرصة مهمة لتكوين نفسه واعدادها لتحمل المسؤوليات الكبيرة. وعندما التحق هاني بجامعة البحرين للحصول على دبلوم في الهندسة كان قد اكتسب خبرة عملية في ذلك المجال وكان يطمح لتركيز الجانب النظري في ثقافته العلمية. وعند استشهاده كان على وشك انهاء مقررات الدبلوم حيث لم يبق عليه إلا فصل واحد. لقد استعجل الشهادة فوهبه الله اياها نقية صافية رفيعة، فهنيئاً له عليها.
كان الشهيد هاني خميس الذي ولد في 28 ديسمبر 1969 رابع اخوته وله سبع اخوات اصبحن يفتخرن باستشهاده باستمرار. وقد اتصف بالدعابة والمرح وخاصة مع اخواته وأمّه. كان مرتبطاً بعائلته ولا يخرج من منزله إلا قليلاً، حيث كان يقضي وقتاً طويلاً مع أمّه واخواته، يفتح قلبه مع والدته يشاطرها همومها ويشكو لها همومه. ويعرف أهل الحي تفانيه في خدمة الناس، فكان في المأتم والمسجد دائم الحركة يبادر باستمرار لخدمة الآخرين في ما يحتاجونه. ومن هنا فقد كان وقع شهادته كبيراً على أهله واصدقائه، وبوابة لحماس شديد على الاستمرار في الصمود والتصدي ورفض سياسات القمع والارهاب.
وسوف يبقى يوم استشهاده مشهوداً لأنه يسجل البداية الجدية للانفاضة، حيث لم يعد هناك ما يكبح جماحها بعد سقوط أول فرسانها.
الشهيد هاني عباس خميس

كانت الانتفاضة قبل سقوط الهانيين شيئاً، وبعد استشهادهما شيئاً آخر. فالدماء الساخنة إذا سالت كسرت الحواجز وعبرت الحدود، والشهيد إذا سقط تهاوت معه كل معوقات الحركة، والابطال إذا عشقوا الشهادة عجزت عن مجاراتهم الفرسان. كان سقوط الشهيد الأول في الانتفاضة عنواناً تاريخياً لها، فلولا دمه الذي سفكه القتلة لما كان هناك شموخ لهذا الشعب، ولولا الصبر والمصابرة والمرابطة على ثغور القرى والمدن في ليالي ديسمبر من العام 1997 لما أصبح شعب البحرين في موقعه الذي هو فيه الآن بين شعوب العالم من حيث النضال والصمود والتحضر. لقد كان دم الشهيد هاني عباس خميس وهاني أحمد الوسطي وقود الانتفاضة وعنوان صمودها.
"لو قتلت أو أصابتني رصاصة أدت إلى وفاتي فهل أصبح شهيداً"؟ كان هذا هو السؤال الأخير الذي طرحه الشهيد هاني عباس خميس على أخواته مساء الجمعة 16 ديسمبر 1994 (ليلة السبت) أي قبل ليلة واحدة من استشهاده. لم تكن أخواته يعرفن مدى جدّية الشاب الذي لم يبلغ عمره الخامسة والعشرين بعد، فكان جواب الاخوات بريئاً وصادقاً ومسؤولاً: نعم. عندها قالها بقوة الإيمان المختزن في وجدانه: "ليتني أصبح شهيداً".. فكان له ما أراد.
كان خبر استشهاده بمثابة الهزة النفسية الكبيرة على شعب البحرين، حيث لم يسقط أحد شهيداً برصاص السلطة منذ ثلاثين عاماً، وإن كان هناك شهداء لقوا ربهم تحت التعذيب الوحشي في السجون في العقدين الماضيين. ومع وجود قناعة راسخة لدى الشعب بأن حكومة البحرين لا تتواني في استعمال أقسى أنواع التعذيب والتنكيل، فإن أحداً لم يتوقع أن تقدم على قتل شاب أعزل لا يملك من سلاح سوى الكلمة المسالمة والموقف الإنساني المتحضر.
كان سقوط هاني عباس خميس بداية مرحلة جديدة في البحرين تتميز بالدموية والارهاب السلطوي في أبشع صوره. من هنا فقد كان اليوم السابع عشر من ديسمبر 1994 منعطفاً خطيراً في مجرى السياسة البحرينية، وكانت دماء الشهيد هاني خميس عنواناً لمزيد من الصمود الشعبي والاقدام البطولي. فلم تكن الرصاصة التي مزقت جسد الشهيد إلا الطلقة التي فجرت الانتفاضة الشعبية بدون حدود ووضعت البحرين على رأس قائمة الدول التي يقوم النظام فيها على أساس القمع وسفك الدماء وأشلاء الشهداء.
لم يكن الشهيد هاني بمعزل عن نمو حركة الشعب منذ صغره، فقد كان له دوره في مكتبة أهل البيت بمنطقة جد حفص، وفي المأتم والمسجد. وكانت درايته في علم الكومبيوتر واسعة حتى أصبح له دور بارز في المعارضة التي تقام في منطقته. ويقول الذين كانوا على علاقة به انه كان يبذل جهوداً كبيرة لتربية نفسه وتأهيلها للرقي الروحي والفكري والوعي السياسي والديني. وساهمت السنتان اللتان لم يلتحق خلالهما بالجامعة بعد انهائه المرحلة الثانوية في توفير فرصة مهمة لتكوين نفسه واعدادها لتحمل المسؤوليات الكبيرة. وعندما التحق هاني بجامعة البحرين للحصول على دبلوم في الهندسة كان قد اكتسب خبرة عملية في ذلك المجال وكان يطمح لتركيز الجانب النظري في ثقافته العلمية. وعند استشهاده كان على وشك انهاء مقررات الدبلوم حيث لم يبق عليه إلا فصل واحد. لقد استعجل الشهادة فوهبه الله اياها نقية صافية رفيعة، فهنيئاً له عليها.
كان الشهيد هاني خميس الذي ولد في 28 ديسمبر 1969 رابع اخوته وله سبع اخوات اصبحن يفتخرن باستشهاده باستمرار. وقد اتصف بالدعابة والمرح وخاصة مع اخواته وأمّه. كان مرتبطاً بعائلته ولا يخرج من منزله إلا قليلاً، حيث كان يقضي وقتاً طويلاً مع أمّه واخواته، يفتح قلبه مع والدته يشاطرها همومها ويشكو لها همومه. ويعرف أهل الحي تفانيه في خدمة الناس، فكان في المأتم والمسجد دائم الحركة يبادر باستمرار لخدمة الآخرين في ما يحتاجونه. ومن هنا فقد كان وقع شهادته كبيراً على أهله واصدقائه، وبوابة لحماس شديد على الاستمرار في الصمود والتصدي ورفض سياسات القمع والارهاب.
وسوف يبقى يوم استشهاده مشهوداً لأنه يسجل البداية الجدية للانفاضة، حيث لم يعد هناك ما يكبح جماحها بعد سقوط أول فرسانها.
تعليق