غلطان ثم غلطان من اعتقد ان الحسين خرج من اجل المحاربة والقتل ليس إلا ، أي بمعنى من اجل الفوز في معركة عسكرية ليثبت للملأ انه الاقوى عزيمة والاشد صلابة والاكثر شكيمة.
وانما هناك اهداف كبيرة وغايات سامية جعلت الحسين يتخذ قرارا عسكريا بعد ان باءت كل المحاولات بالفشل ، واهم قرار هو كشف النقاب عن الوجه القبيح للطغمة الاموية التي عاثت في الارض فسادا على جميع الاصعدة وكافة الميادين اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
فمعاوية وابنه يزيد بلغا مبلغا عظيما في التلاعب بمصير مستقبل الامة ، فهناك فساد اداري ومالي ، وهناك فساد فكري واخلاقي ، وهناك فساد روحي وثقافي والقائمة طويلة عريضة .
فما كان من الحسين الا ان وقف وقفة رجل واحد ازاء هذا الطوفان المدمر بعد ان ضربت المجاعة وتفشت الجريمة وشاعت الفتن وغابت الضمائر واصبح المجتمع الاسلامي يومئذ يعيش حالة خواء فكري وروحي واخلاقي .
فلا سلوك سام ولا قيم نبيلة ولا مبادئ فاضلة ، اذ ان كل التعاليم والمفاهيم الاسلامية الجليلة قد تقلصت وصودرت وحل محلها الكيل بمكيالين .
كل هذا من اجل ان يبق البلاط الاموي في حالة امن واستقرار بعد ان ينشغل عامة الناس بالبحث عن لقمة العيش ليسدوا رمقهم من الظمأ والجوع كما هو حاصل في ايامنا هذه ، وكما قالوا التاريخ يعيد نفسه.
الا ان الامام الحسين عليه السلام تنبأ الى ذلك الخطر المحدق ، وعلى ان الامة الاسلامية باتت تعيش في نفق مظلم ولا يمكن الخروج من اسره الا باعلان ثورة نهضوية تهز كل صاحب قلب ميت وضمير مريض .
فالامويون في ذلك الوقت كانوا يمثلون امريكا الشيطان الاكبر في زماننا هذا ، فهم مسيطرون على ثروات الشعوب ، ومستحوذون على مدخرات ومكتسبات المجتمعات الضعيفة ، ولا يهمهم سوى ان تبق مصالحهم في الحفظ والصون ، وان يبق بسط نفوذهم وسيادتهم الى ابد الآبدين .
فلما وجدوا الحسين معارضا ومناكفا اعتبروه عصيانا مدنيا ، بل اعتبروه متطرفا وارهابيا ، فحرضوا عليه الاقلام المأجورة ، واشتغلت عليه النفوس الرخيصة ، ووضعوه في القائمة السوداء .
ورغم المحاولات المستميتة لثني الحسين ولوي ذراعه ، بعد ان لعبت اجهزة المخابرات الاموية لعبتها ، وبعد ان شنت المؤامرات الخبيثة والخطط الوضيعة لقتل الحسين نفسيا ومعنويا الا انه عليه السلام كان كالجبل الشاهق لم تحركه تلك الممارسات اللقيطة قيد انملة .
كيف لا ، وهو رجل تقوى وزهد وورع وايمان ، وهو امام فكر وعلم ومعرفة ، وهو سبط جهاد ونضال وكفاح ، مما جعل الامويون الاجلاف ينظرون له نظرة خصم لذود ، وعدو شرس ، ولا بد ان يصدر في حقه حكما شرعيا يجيز قتله والقضاء عليه دون ان تكون هناك اعتصامات جماهيرية ، ومظاهرات شعبية ، ومسيرات احتجاجية .
فلجأت الحكومة الاموية الى معاونيها الاوباش ، والى جلاوزتها الانذال بعد ان عبئوا الجيوب بالاموال والاطيان ، وبعد ان غسلوا العقول بالاراضي والعقارات ، وبعد ان ملكوا القلوب بالذهب والفضة .
فخرجت الجيوش الجرارة بكامل عدتها وعتادها معلنين حربا ضروسا على ابي عبد الله دون ان يكون هناك شجب وادانة واستنكار من هنا او هناك ، لان الامويين الاقزام استغلوا كل شيء لتكميم الافواه ماديا واعلاميا ودينيا ، حيث برهنوا لعامة الناس انهم عائلة محترمة تسعى لنشر البر والخير والسلام في الارجاء المعمورة ، وشغلها الشاغل هو البقاء على بيضة الاسلام ورفع رايته الى عنان السماء .
ومما لا شك فيه ان كل اموي من الامويين لا يعير للاسلام ادنى ذرة احترام ووقار ، ولا يهمه سوى ان يبق العرش الاموي خالدا سرمديا الى ما لا نهاية حتى يتمكنوا من التمتع بعرق الآخرين ليبقوا هم الاسياد وغيرهم الرق والعبيد ليس إلا.
من هنا اعلن الحسين ثورة ، ومن هنا اعلن الحسين مقاومة ، ومن هنا اعلن الحسين انتفاضة ، اذ من البديهي ان يعيش زبالة البشر حياة رغد وبحبوحة ورفاهية ، بينما يعيش اشراف البشر حياة ذل وخزي وهوان . فلا بد اذا من حرب ضارية ضد هذا التيار المنحرف ، انها حرب شاملة ضد كل شيء فيه سلب ونهب لخيرات وثروات الامة ، وفيه عبث وتلاعب بهويتها وتراثها وثقافتها وحضارتها.
ولا يمكن الوصول الى هذه الغاية الانسانية العظيمة بكل يسر وسهولة ، اذ لا بد من التضحية الجسيمة ، ولا بد من بدل الغالي والنفيس ، ولا بد من بدل المهج والارواح ، وكما قال احد الادباء اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر … اذا اردت عدلا وحرية وديمقراطية ومساواة وحقوقا انسانية فلا بد اذا ان تطلق صرخة مدوية معلنا رفضك واعتراضك للواقع المعاش .
انه واقع فقر مقذع ، وواقع بطالة متفشية ، وواقع فساد مستشر ، وواقع رذيلة مباحة. اذا كيف للامام الحسين عليه السلام ان يصمت عن هذه المهزلة التي ما بعدها مهزلة ؟ وكيف له ان يرى المنكر بأم عينيه ، وان الامة تعيش ايامها ولياليها تحت مظلة حكم جائر لا يعرف سوى اللهو والعبث ؟ .
اذا لا بد من ثورة عارمة للاطاحة برؤوس الفساد حتى تتنفس الامة الصعداء كما هو حاصل في ايران بعد ان طفق الشاه المقبور يلعب يمينا وشمالا بخيرات وثروات الشعب المنكوب لينتعش ويزدهر الاقتصاد الامريكي والاوربي بينما اهل الارض الشرعيين يطحنهم البؤس والحرمان.
حتى انتصر السيف على الدم ، وبرهن الامام الحسين للعالم قاطبة وعلى مر الازمنة والدهور ان الانسان الكريم الحر يجب ان لا يبيع نفسه للطواغيت والظلمة من اجل مركز هنا او منصب هناك ، او من اجل جاه هنا او نفوذ هناك ، وانما عليه ان يكون انسانا محترما له هويته وشخصيته ، وله حقوقه وقوميته ، وليس انسانا رخيصا ينعق وراء كل ناعق كالهمج الرعاة .
لان مثل هذا الانسان الصعلوك يموت ميتة حيوان ابتر ، بل الحيوان افضل منه بكثير . اما الانسان الرسالي الذي وضع دينه وعقيدته بين نصبي عينيه ولم يفرط فيه قط ، ولم يركع لاي ظالم فاجر ، ولم ينصاع لاي سفيه لئيم ، فهو في حقيقة الامر انسان ملائكي ويستحق كل اشادة وحفاوة وتكريم على مدى القرون والاجيال احياء لذكرى بطولاته العريقة ومواقفه المجيدة وعطاءاته الرائدة .
هذا هو الامام الحسين شخصية وفكرا ، وهذا هو الامام الحسين حضارة وعلما ، وهذا هو الامام الحسين عمرانا وتنمية ، ومن غير الحسين سعادة وبهجة ، ومن غيره امنا وسلاما ، ومن غيره حرية وكرامة.
فليبق لنا الحسين منارة هدى وضياء لنسير درب حياتنا بشهامة واباء ولنعرف مالنا وما علينا من حقوق وواجبات اتجاه وطننا وديننا وعقيدتنا.
فبالحسين نعيش اخوة متحابين ، وبالحسين نعيش اوطانا آمنين ، وبالحسين نعيش قلوبا متصافين ، ولولا الحسين لم عرفنا كلمة حب ، ولا ديباجة امن ، ولا طعم حرية .
لان الحسين هو رمز من رموز الحب ، وهو قلعة من قلاع الامن والامان ، وهو خط من خطوط الحرية ، ومن لم يتخذ من الحسين قدوة واسوة ونبراسا فسوف يعيش سني حياته ذليلا خانعا لا يهمه سوى اشباع فرجه وبطنه.
اننا اذا اردنا ان نكون امة قوية وراقية ومتحضرة فعلينا ان نسير على درب الحسين فكرا ورؤى واطروحة ، وان نسير على دربه سلوكا واخلاقا وثقافة .
لان الحسين ليس دمعة نذرفها فقط ، وليس تعزية نحييها فقط ، وليس منبرا نرثيه فقط ، وانما هو واقع عملي لمواكبة كل شيء مستجد ومعاصر .
فما حال دنيا ليس فيها ذكر للحسين ؟ وما حال دنيا ليس فيها شخص للحسين ؟ وما حال دنيا ليس فيها لبيك يا حسين ؟ .
اننا اذا اردنا ان نكون حسينيون ، فعلينا ان نطبق حسينا في كل افعالنا واعمالنا ، وفي كل اقوالنا ومعاملاتنا ، وفي كل صولاتنا وجولاتنا ، لان حسين المنبر فقط فيه جناية فادحة ، وفيه اشكالية مؤلمة ، وفيه خسارة اكيدة .
وما يحدث في وسط مجتمعنا من مسلسلات جرائم وجنايات لا حصر لها يدل دلالة واضحة ان حسينا ليس حاضرا في وجداننا وكياننا ، والا لو كان له وجود عملي وميداني ، لم اصطكت دور المحاكم وقاعات القضاة بالالوف المؤلفة من الجرائم والجنايات ما ظهر منها وما بطن.
لان الحسين مدرسة اخلاقية وفكرية وجهادية ، ومن لم يتخرج من محراب هذه المدرسة المثالية النموذجية ، فهو بلا ريب من اسفل سافلين.
ولم تبق سوى ايام معدودات ويهل علينا هلال عاشوراء ، وتتشح كل الشوارع والمآتم والاسواق بالسواد حزنا وكمدا على ما تعرض له اهل بيت النبوة ومهبط الرسالة من مصائب ومحن ، فدعونا ايها الاخوة الاعزاء نشرك حسينا في مواكبنا اشراك وحدة وتعاون بمنأى عن أي بؤرة طائفية وعنصرية ، لان استثمار أي موكب عزاء استثمارا شخصيا او طائفيا يمثل تشويها صارخا لاهداف ثورة الطف .
وبما ان ثورة الطف ، هي ثورة اصلاح وتصحيح ، فعلينا ان نصلح كل ما هو منحرف في مجتمعنا ، ونصحح كل ما هو خطأ في شارعنا ، ونقّوم كل ما هو معوج في داخلنا.
وانما هناك اهداف كبيرة وغايات سامية جعلت الحسين يتخذ قرارا عسكريا بعد ان باءت كل المحاولات بالفشل ، واهم قرار هو كشف النقاب عن الوجه القبيح للطغمة الاموية التي عاثت في الارض فسادا على جميع الاصعدة وكافة الميادين اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
فمعاوية وابنه يزيد بلغا مبلغا عظيما في التلاعب بمصير مستقبل الامة ، فهناك فساد اداري ومالي ، وهناك فساد فكري واخلاقي ، وهناك فساد روحي وثقافي والقائمة طويلة عريضة .
فما كان من الحسين الا ان وقف وقفة رجل واحد ازاء هذا الطوفان المدمر بعد ان ضربت المجاعة وتفشت الجريمة وشاعت الفتن وغابت الضمائر واصبح المجتمع الاسلامي يومئذ يعيش حالة خواء فكري وروحي واخلاقي .
فلا سلوك سام ولا قيم نبيلة ولا مبادئ فاضلة ، اذ ان كل التعاليم والمفاهيم الاسلامية الجليلة قد تقلصت وصودرت وحل محلها الكيل بمكيالين .
كل هذا من اجل ان يبق البلاط الاموي في حالة امن واستقرار بعد ان ينشغل عامة الناس بالبحث عن لقمة العيش ليسدوا رمقهم من الظمأ والجوع كما هو حاصل في ايامنا هذه ، وكما قالوا التاريخ يعيد نفسه.
الا ان الامام الحسين عليه السلام تنبأ الى ذلك الخطر المحدق ، وعلى ان الامة الاسلامية باتت تعيش في نفق مظلم ولا يمكن الخروج من اسره الا باعلان ثورة نهضوية تهز كل صاحب قلب ميت وضمير مريض .
فالامويون في ذلك الوقت كانوا يمثلون امريكا الشيطان الاكبر في زماننا هذا ، فهم مسيطرون على ثروات الشعوب ، ومستحوذون على مدخرات ومكتسبات المجتمعات الضعيفة ، ولا يهمهم سوى ان تبق مصالحهم في الحفظ والصون ، وان يبق بسط نفوذهم وسيادتهم الى ابد الآبدين .
فلما وجدوا الحسين معارضا ومناكفا اعتبروه عصيانا مدنيا ، بل اعتبروه متطرفا وارهابيا ، فحرضوا عليه الاقلام المأجورة ، واشتغلت عليه النفوس الرخيصة ، ووضعوه في القائمة السوداء .
ورغم المحاولات المستميتة لثني الحسين ولوي ذراعه ، بعد ان لعبت اجهزة المخابرات الاموية لعبتها ، وبعد ان شنت المؤامرات الخبيثة والخطط الوضيعة لقتل الحسين نفسيا ومعنويا الا انه عليه السلام كان كالجبل الشاهق لم تحركه تلك الممارسات اللقيطة قيد انملة .
كيف لا ، وهو رجل تقوى وزهد وورع وايمان ، وهو امام فكر وعلم ومعرفة ، وهو سبط جهاد ونضال وكفاح ، مما جعل الامويون الاجلاف ينظرون له نظرة خصم لذود ، وعدو شرس ، ولا بد ان يصدر في حقه حكما شرعيا يجيز قتله والقضاء عليه دون ان تكون هناك اعتصامات جماهيرية ، ومظاهرات شعبية ، ومسيرات احتجاجية .
فلجأت الحكومة الاموية الى معاونيها الاوباش ، والى جلاوزتها الانذال بعد ان عبئوا الجيوب بالاموال والاطيان ، وبعد ان غسلوا العقول بالاراضي والعقارات ، وبعد ان ملكوا القلوب بالذهب والفضة .
فخرجت الجيوش الجرارة بكامل عدتها وعتادها معلنين حربا ضروسا على ابي عبد الله دون ان يكون هناك شجب وادانة واستنكار من هنا او هناك ، لان الامويين الاقزام استغلوا كل شيء لتكميم الافواه ماديا واعلاميا ودينيا ، حيث برهنوا لعامة الناس انهم عائلة محترمة تسعى لنشر البر والخير والسلام في الارجاء المعمورة ، وشغلها الشاغل هو البقاء على بيضة الاسلام ورفع رايته الى عنان السماء .
ومما لا شك فيه ان كل اموي من الامويين لا يعير للاسلام ادنى ذرة احترام ووقار ، ولا يهمه سوى ان يبق العرش الاموي خالدا سرمديا الى ما لا نهاية حتى يتمكنوا من التمتع بعرق الآخرين ليبقوا هم الاسياد وغيرهم الرق والعبيد ليس إلا.
من هنا اعلن الحسين ثورة ، ومن هنا اعلن الحسين مقاومة ، ومن هنا اعلن الحسين انتفاضة ، اذ من البديهي ان يعيش زبالة البشر حياة رغد وبحبوحة ورفاهية ، بينما يعيش اشراف البشر حياة ذل وخزي وهوان . فلا بد اذا من حرب ضارية ضد هذا التيار المنحرف ، انها حرب شاملة ضد كل شيء فيه سلب ونهب لخيرات وثروات الامة ، وفيه عبث وتلاعب بهويتها وتراثها وثقافتها وحضارتها.
ولا يمكن الوصول الى هذه الغاية الانسانية العظيمة بكل يسر وسهولة ، اذ لا بد من التضحية الجسيمة ، ولا بد من بدل الغالي والنفيس ، ولا بد من بدل المهج والارواح ، وكما قال احد الادباء اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر … اذا اردت عدلا وحرية وديمقراطية ومساواة وحقوقا انسانية فلا بد اذا ان تطلق صرخة مدوية معلنا رفضك واعتراضك للواقع المعاش .
انه واقع فقر مقذع ، وواقع بطالة متفشية ، وواقع فساد مستشر ، وواقع رذيلة مباحة. اذا كيف للامام الحسين عليه السلام ان يصمت عن هذه المهزلة التي ما بعدها مهزلة ؟ وكيف له ان يرى المنكر بأم عينيه ، وان الامة تعيش ايامها ولياليها تحت مظلة حكم جائر لا يعرف سوى اللهو والعبث ؟ .
اذا لا بد من ثورة عارمة للاطاحة برؤوس الفساد حتى تتنفس الامة الصعداء كما هو حاصل في ايران بعد ان طفق الشاه المقبور يلعب يمينا وشمالا بخيرات وثروات الشعب المنكوب لينتعش ويزدهر الاقتصاد الامريكي والاوربي بينما اهل الارض الشرعيين يطحنهم البؤس والحرمان.
حتى انتصر السيف على الدم ، وبرهن الامام الحسين للعالم قاطبة وعلى مر الازمنة والدهور ان الانسان الكريم الحر يجب ان لا يبيع نفسه للطواغيت والظلمة من اجل مركز هنا او منصب هناك ، او من اجل جاه هنا او نفوذ هناك ، وانما عليه ان يكون انسانا محترما له هويته وشخصيته ، وله حقوقه وقوميته ، وليس انسانا رخيصا ينعق وراء كل ناعق كالهمج الرعاة .
لان مثل هذا الانسان الصعلوك يموت ميتة حيوان ابتر ، بل الحيوان افضل منه بكثير . اما الانسان الرسالي الذي وضع دينه وعقيدته بين نصبي عينيه ولم يفرط فيه قط ، ولم يركع لاي ظالم فاجر ، ولم ينصاع لاي سفيه لئيم ، فهو في حقيقة الامر انسان ملائكي ويستحق كل اشادة وحفاوة وتكريم على مدى القرون والاجيال احياء لذكرى بطولاته العريقة ومواقفه المجيدة وعطاءاته الرائدة .
هذا هو الامام الحسين شخصية وفكرا ، وهذا هو الامام الحسين حضارة وعلما ، وهذا هو الامام الحسين عمرانا وتنمية ، ومن غير الحسين سعادة وبهجة ، ومن غيره امنا وسلاما ، ومن غيره حرية وكرامة.
فليبق لنا الحسين منارة هدى وضياء لنسير درب حياتنا بشهامة واباء ولنعرف مالنا وما علينا من حقوق وواجبات اتجاه وطننا وديننا وعقيدتنا.
فبالحسين نعيش اخوة متحابين ، وبالحسين نعيش اوطانا آمنين ، وبالحسين نعيش قلوبا متصافين ، ولولا الحسين لم عرفنا كلمة حب ، ولا ديباجة امن ، ولا طعم حرية .
لان الحسين هو رمز من رموز الحب ، وهو قلعة من قلاع الامن والامان ، وهو خط من خطوط الحرية ، ومن لم يتخذ من الحسين قدوة واسوة ونبراسا فسوف يعيش سني حياته ذليلا خانعا لا يهمه سوى اشباع فرجه وبطنه.
اننا اذا اردنا ان نكون امة قوية وراقية ومتحضرة فعلينا ان نسير على درب الحسين فكرا ورؤى واطروحة ، وان نسير على دربه سلوكا واخلاقا وثقافة .
لان الحسين ليس دمعة نذرفها فقط ، وليس تعزية نحييها فقط ، وليس منبرا نرثيه فقط ، وانما هو واقع عملي لمواكبة كل شيء مستجد ومعاصر .
فما حال دنيا ليس فيها ذكر للحسين ؟ وما حال دنيا ليس فيها شخص للحسين ؟ وما حال دنيا ليس فيها لبيك يا حسين ؟ .
اننا اذا اردنا ان نكون حسينيون ، فعلينا ان نطبق حسينا في كل افعالنا واعمالنا ، وفي كل اقوالنا ومعاملاتنا ، وفي كل صولاتنا وجولاتنا ، لان حسين المنبر فقط فيه جناية فادحة ، وفيه اشكالية مؤلمة ، وفيه خسارة اكيدة .
وما يحدث في وسط مجتمعنا من مسلسلات جرائم وجنايات لا حصر لها يدل دلالة واضحة ان حسينا ليس حاضرا في وجداننا وكياننا ، والا لو كان له وجود عملي وميداني ، لم اصطكت دور المحاكم وقاعات القضاة بالالوف المؤلفة من الجرائم والجنايات ما ظهر منها وما بطن.
لان الحسين مدرسة اخلاقية وفكرية وجهادية ، ومن لم يتخرج من محراب هذه المدرسة المثالية النموذجية ، فهو بلا ريب من اسفل سافلين.
ولم تبق سوى ايام معدودات ويهل علينا هلال عاشوراء ، وتتشح كل الشوارع والمآتم والاسواق بالسواد حزنا وكمدا على ما تعرض له اهل بيت النبوة ومهبط الرسالة من مصائب ومحن ، فدعونا ايها الاخوة الاعزاء نشرك حسينا في مواكبنا اشراك وحدة وتعاون بمنأى عن أي بؤرة طائفية وعنصرية ، لان استثمار أي موكب عزاء استثمارا شخصيا او طائفيا يمثل تشويها صارخا لاهداف ثورة الطف .
وبما ان ثورة الطف ، هي ثورة اصلاح وتصحيح ، فعلينا ان نصلح كل ما هو منحرف في مجتمعنا ، ونصحح كل ما هو خطأ في شارعنا ، ونقّوم كل ما هو معوج في داخلنا.
تعليق