[CENTER]زهير بن القين
في أبصار العين: كان زهير شريفاً في قومه، نازلاً بالكوفة شجاعاً، له في المغازي مواقف مشهورة، ومواطن مشهودة.
قصّة التحاقه بالحسين (ع):
كان زهير أوّلاً عثمانيّاً، وكان قد حجّ في السنة التي خرج فيها الحسين عليه السلام إلى العراق، فلمّا رجع من الحجّ جمعه الطريق مع الحسين عليه السلام؛ فأرسل إليه الحسين و كلّمه، فانتقل علويّاً و فاز بالشهادة.
روى أبو مخنف في مقتله و المفيد في إرشاده و غيرهما قالوا: حدّث جماعة من فزارة و بجيلة قالوا: كنّا مع زهير بن القين البجليّ حين أقبلنا من مكة، فكنّا نساير الحسين عليه السلام، فلم يكن شيء أبغض إليه من أن نسير معه في مكان واحد، أو ننزل معه في منزل واحد. فإذا سار الحسين تخلّف زهير بن القين، و إذا نزل الحسين تقدّم زهير، حتّى نزلنا يوماً في منزل لم نر بدّاً من أن ننازله فيه، فنزل الحسين في جانب و نزلنا في جانب، فبينما نحن جلوس نتغدّى من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسين (ع) حتّى سلّم، ثم دخل فقال: يا زهير بن القين، إن أبا عبدالله الحسين بعثني إليك لتأتيه. فطرح كلّ إنسان منّا ما في يده حتّى كأنّ على رؤوسنا الطير (كراهة أن يذهب زهير إلى الحسين، فإنّهم كانوا عثمانيّة، يبغضون الحسين و أباه).
قال أبو مخنف: فحدثتني دلهم بنت عمرو، امرأة زهير فقالت قلت له: سبحان الله! أيبعث إليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه، فلو أتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت. فأتاه زهير بن القين، فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه و ثقله و رحله فقوّض و حمل إلى الحسين، ثم قال لي: أنت طالق، إلحقي بأهلك، فإنّي لا أحبّ أن يصيبك بسببي إلاّ خير. ثم قال لأصحابه: من أحبّ منكم أن يتبعني و إلاّ فإنه آخر العهد أنّي سأحدّثكم حديثاً:
غزونا بلنجر (2) ففتح الله علينا و أصبنا غنائم، فقال لنا سلمان: أفرحتم؟ قلنا نعم. فقال: إذا أدركتم سيّد شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معه ممّا أصبتم اليوم من الغنائم.
فأمّا أنا فأستودعكم الله. قالوا: ثمّ والله مازال في القوم مع الحسين عليه السلام حتى قتل.
مواقفه البطوليّة:
قال أبو مخنف و غيره: إنه لمّا التقى الحرّ بالحسين عليه السلام بذي حسم (وهو جبل) و منعهم الحرّ من المسير، خطبهم الحسين خطبته التي يقول فيها «إنه نزل بنا من الأمر ما قد ترون» إلخ، فقام زهير و قال لأصحابه: تتكلّمون أم أتكلّم؟ قالوا: بل تكلّم.
فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: قد سمعنا هداك الله يا ابن رسول الله مقالتك، و الله لو كانت الدنيا لنا باقية، و كنّا فيها مخلدّين، إلاّ أنّ فراقها في نصرك و مواساتك، لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها، فدعا له الحسين و قال له خيراً.
شهادته يوم الطفّ الرهيبة:
حمل الحرّ و زهير يوم عاشوراء فقاتلا قتالاً شديداً، و كان إذا حمل أحدهما و غاص فيهم (معسكر الأعداء)؛ حمل الآخر حتّى يخلّصه، و لمّا حضر وقت صلاة الظهر قال الحسين عليه السلام لزهير بن القين و سعيد بن عبد الله الحنفيّ: «تقدّما أمامي حتّى أصليّ». فتقدّما أمامه في نحو نصف من أصحابه، حتّى صلّى بهم صلاة الخوف. و في ذلك يقول الشاعر:
ولمّا فرغ الحسين عليه السلام من الصلاة تقدّم زهير فجعل يقاتل قتالاً لم ير مثله و لم يسمع بشبهه. قال ابن شهرآشوب في المناقب و غيره: حمل على القوم و هو يقول:
أنا زهير و أنا ابن القين ـــــ أذودكم بالسيف عن حسين
إنّ حسيناً أحد السبطين ــــ من عترة البرّ التقيّ الزين
ذاك رسول الله غير المَيْن ــــ أضربكم و لا أرى من شين (5)
يا ليت نفسي قُسمت قسمين
فكأنّه ودّعه و عاد يقاتل فشدّ عليه كثير بن عبد الله الشعبيّ و مهاجر بن أوس التميميّ فقتلاه، و لمّا صرع وقف عليه الحسين عليه السلام فقال:
«لا يبعدنّك الله يا زهير، و لعن الله قاتلك لعن الذين مسخوا قردة و خنازير».
فسلام عليك يا زهير يوم هداك الله، و يوم جاهدت تذبّ عن حرم رسول الله، و بذلت مهجتك في سبيل نصرة ابن رسول الله و أحد سبطيه و إحدى بما ريحانتيه من الدنيا، و هنيئاً لك هذا الفوز المبين، و لعن الله قاتليك الظالمين
في أبصار العين: كان زهير شريفاً في قومه، نازلاً بالكوفة شجاعاً، له في المغازي مواقف مشهورة، ومواطن مشهودة.
قصّة التحاقه بالحسين (ع):
كان زهير أوّلاً عثمانيّاً، وكان قد حجّ في السنة التي خرج فيها الحسين عليه السلام إلى العراق، فلمّا رجع من الحجّ جمعه الطريق مع الحسين عليه السلام؛ فأرسل إليه الحسين و كلّمه، فانتقل علويّاً و فاز بالشهادة.
روى أبو مخنف في مقتله و المفيد في إرشاده و غيرهما قالوا: حدّث جماعة من فزارة و بجيلة قالوا: كنّا مع زهير بن القين البجليّ حين أقبلنا من مكة، فكنّا نساير الحسين عليه السلام، فلم يكن شيء أبغض إليه من أن نسير معه في مكان واحد، أو ننزل معه في منزل واحد. فإذا سار الحسين تخلّف زهير بن القين، و إذا نزل الحسين تقدّم زهير، حتّى نزلنا يوماً في منزل لم نر بدّاً من أن ننازله فيه، فنزل الحسين في جانب و نزلنا في جانب، فبينما نحن جلوس نتغدّى من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسين (ع) حتّى سلّم، ثم دخل فقال: يا زهير بن القين، إن أبا عبدالله الحسين بعثني إليك لتأتيه. فطرح كلّ إنسان منّا ما في يده حتّى كأنّ على رؤوسنا الطير (كراهة أن يذهب زهير إلى الحسين، فإنّهم كانوا عثمانيّة، يبغضون الحسين و أباه).
قال أبو مخنف: فحدثتني دلهم بنت عمرو، امرأة زهير فقالت قلت له: سبحان الله! أيبعث إليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه، فلو أتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت. فأتاه زهير بن القين، فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه و ثقله و رحله فقوّض و حمل إلى الحسين، ثم قال لي: أنت طالق، إلحقي بأهلك، فإنّي لا أحبّ أن يصيبك بسببي إلاّ خير. ثم قال لأصحابه: من أحبّ منكم أن يتبعني و إلاّ فإنه آخر العهد أنّي سأحدّثكم حديثاً:
غزونا بلنجر (2) ففتح الله علينا و أصبنا غنائم، فقال لنا سلمان: أفرحتم؟ قلنا نعم. فقال: إذا أدركتم سيّد شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معه ممّا أصبتم اليوم من الغنائم.
فأمّا أنا فأستودعكم الله. قالوا: ثمّ والله مازال في القوم مع الحسين عليه السلام حتى قتل.
مواقفه البطوليّة:
قال أبو مخنف و غيره: إنه لمّا التقى الحرّ بالحسين عليه السلام بذي حسم (وهو جبل) و منعهم الحرّ من المسير، خطبهم الحسين خطبته التي يقول فيها «إنه نزل بنا من الأمر ما قد ترون» إلخ، فقام زهير و قال لأصحابه: تتكلّمون أم أتكلّم؟ قالوا: بل تكلّم.
فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: قد سمعنا هداك الله يا ابن رسول الله مقالتك، و الله لو كانت الدنيا لنا باقية، و كنّا فيها مخلدّين، إلاّ أنّ فراقها في نصرك و مواساتك، لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها، فدعا له الحسين و قال له خيراً.
شهادته يوم الطفّ الرهيبة:
حمل الحرّ و زهير يوم عاشوراء فقاتلا قتالاً شديداً، و كان إذا حمل أحدهما و غاص فيهم (معسكر الأعداء)؛ حمل الآخر حتّى يخلّصه، و لمّا حضر وقت صلاة الظهر قال الحسين عليه السلام لزهير بن القين و سعيد بن عبد الله الحنفيّ: «تقدّما أمامي حتّى أصليّ». فتقدّما أمامه في نحو نصف من أصحابه، حتّى صلّى بهم صلاة الخوف. و في ذلك يقول الشاعر:
ولمّا فرغ الحسين عليه السلام من الصلاة تقدّم زهير فجعل يقاتل قتالاً لم ير مثله و لم يسمع بشبهه. قال ابن شهرآشوب في المناقب و غيره: حمل على القوم و هو يقول:
أنا زهير و أنا ابن القين ـــــ أذودكم بالسيف عن حسين
إنّ حسيناً أحد السبطين ــــ من عترة البرّ التقيّ الزين
ذاك رسول الله غير المَيْن ــــ أضربكم و لا أرى من شين (5)
يا ليت نفسي قُسمت قسمين
فكأنّه ودّعه و عاد يقاتل فشدّ عليه كثير بن عبد الله الشعبيّ و مهاجر بن أوس التميميّ فقتلاه، و لمّا صرع وقف عليه الحسين عليه السلام فقال:
«لا يبعدنّك الله يا زهير، و لعن الله قاتلك لعن الذين مسخوا قردة و خنازير».
فسلام عليك يا زهير يوم هداك الله، و يوم جاهدت تذبّ عن حرم رسول الله، و بذلت مهجتك في سبيل نصرة ابن رسول الله و أحد سبطيه و إحدى بما ريحانتيه من الدنيا، و هنيئاً لك هذا الفوز المبين، و لعن الله قاتليك الظالمين
تعليق