تويت
ألا قل للمشاركين أفيقوا .. للسيد كامل الهاشمي
مرة بعد أخرى تثبت بعض القوى المعارضة في بلدنا البحرين أنها لا تجيد اللعب مع الحكومة والسلطة السياسية، والتي ما فتأت تكرر نفس اللعبة كل عشرة أعوام من دون تغيير لقواعدها وآلياتها، ولكنها مع ذلك تنطلي على الجيل الجديد كونه لم يقرأ تجربة من سبقه، وفي ظل احتدام الجدل والنقاش حول إشكالية المشاركة والمقاطعة في الاستحقاق النيابي القادم، وإعادة اشتغال آلية التصنيف إلى مقاطع ومشارك .. يبدو من المهم جداً التوقف عند كثير من الأمور لملاحظة الخيوط التي بدأت الحكومة تحركها من جديد بخبث ودهاء معهودين منها، من أجل شق الصف الواحد، لأنها اللعبة التي تكسب على الدوام منها، فالحكومة لا يمكن أن تصطاد السمك إلا حينما تعكر المياه، ومن أجل أن نعي جميعاً هذا الأمر دعونا أولاً نتفهم التأسيس النظري لهذا المبدأ عند السياسيين ومن ثم نبحث عن تطبيقاته على أرض الواقع.
يتحدث بعض أخطر المفكرين السياسيين عن هذا المبدأ بالقول: (عكّر المياه لتصطاد السمك .. إن الغضب والانفعال العاطفي يعطيان نتائج عكسية من الناحية الاستراتيجية. فعليك أن تبقى هادئاً وموضوعياً على الدوام. ولكن إذا استطعت إغضاب أعدائك بينما تبقى أنت هادئاً، فإنك تكسب ميزة حاسمة. فخلخل توازن أعدائك. اعثر على شقٍّ في غرورهم تستطيع من خلاله أن تهزهم بقعقعةٍ بينما تمسك أنت بالخيطان).
ولأن مساحة الحديث لا تتيح أمامي الكثير من إمكانيات التطويل والتفصيل فسأكتفي بهذا المستوى من التنظير لألج إلى عمق الحدث الذي يراد لنا أن نجرّ إليه من أجل أن نفشل مشروع المشاركة بأيدينا كما ساهمنا في إفشال مشروع المقاطعة في المرحلة السابقة بأيدينا أيضا، وحقيقة الأمر أن الدولة بدأت تتوجس خيفة من محاولة المشاركين والمقاطعين على التوحد على برنامج عمل واحد رغم اختلاف توجهاتهم ومواقعهم، فقد بدأت الساحة تشهد حركة توافقية على إعطاء الملف الدستوري أولوية أساسية في الحراك السياسي والإعلامي، حتى أنه هناك توافقات تبنى من أجل توحيد العمل المشترك على إسقاط دستور 2002 المبتور وغير الشرعي، والدفع باتجاه الضغط من أجل استصدار دستور تعاقدي جديد تصيغه مجموعة منتخبة من قبل الأمة انتخاباً حراً وديمقراطياً، سواء من داخل البرلمان المقبل أم من خارجه، وسواء رغبنا في المشاركة أم بقينا ضمن دائرة المقاطعة، وفي ظل إدراك الحكومة لخطورة هذه التوافقات على مشروعها السياسي التدميري -والذي مازال يستهدف عدم الوصول إلى برلمان حقيقي يمتلك كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، وتحويله إلى مجرّد ديكور شكلي تستثمره إعلامياً في إسباغ المشروعية عليها أمام الآخرين- فإنها عمدت وستعمد في الأيام والشهور القادمة لتفتيت أي توافق شعبي ممكن على أيّ ملف من الملفات العالقة بين السلطة والمعارضة.
وفي هذا السياق -وكخطوة استباقية- استغلت الحكومة تداعيات أحداث مجمع الدانة لتعكر صفو المياه ولتصطاد أكثر من عصفور بحجر واحد، فأولاً، هناك رغبة في تصفية حسابات تجارية ضخمة بين رئيس المجمع وبين أطراف متنفذة في البلد شعرت بخسارتها الكبيرة لتأجيره هذا المجمع بالمبلغ المتفق عليه لمدة طويلة بينما مدخولاته هي ضعف هذا المبلغ، كما أن هناك عرض لشرائه بمبلغ يسيل له لعاب هؤلاء المتنفذين، ولتدارك هذه الخسارة لابد من "تطفيش" المستأجر الحالي عبر الإيعاز إليه بأن وضعه ووضع البلد غير آمن في ظل المظاهرات أو التجمعات السياسية التي تجري بالقرب منه.
هذا أولاً، وأما ثانياً، فإن تفجير الوضع الأمني، ولاسيما في منطقة السنابس، سيعكر الأجواء الأمنية والسياسية والاجتماعية بما يخدم مهمة استرجاع دور قوات الأمن المتخفية خلف ألف قناع وقناع، وإعطائها الدور من جديد لقمع التطلعات الجديدة لبناء تجربة برلمانية جديدة فاعلة على أنقاض التجربة البرلمانية المهلهلة في دورتها الحالية من خلال -كما قلنا- التوافقات المشتركة التي ستمثل جسور تواصل بين المقاطعين والمشاركين على حدّ سواء، وهو ما لا تطمح الحكومة في رأيته أو السماع به، ومن هنا لا يكون من العقل أن يتم استبعاد دور أجهزة الأمن كلها أو بعضها في العمل على استثارة الهاجس الأمني عبر ما جرى خلال الأسبوع الفائت ومنذ اعتصام أهالي المعتقلين في قضية المطار أمام مجمع الدانة، ومن ثمّ لجوئهم إلى داخله بعد أن بادرتهم قوات الأمن بالهجوم والضرب، وقبل فقط أقل من نصف ساعة على قرار فض الاعتصام، مما يعني أن هناك نية مبيته لتعكير الأجواء والاستفادة من الفرصة بخبث وذكاء لتحقيق أرباح تجارية وسياسية، ولو على حساب الوطن والمواطن. ومن هنا من حقنا أن نقول لمن يرغبون في الركوب في قطار المشاركة: لا بأس عليكم، ولكن كونوا أذكياء حذرين، لكي لا يتنذر عليكم المقاطعون بعد أربع سنوات بالقول: ألا قل للمشاركين أفيقوا فسيلقى المشاركون كما لقينا.
تحياتي
الضمير الحي
يتحدث بعض أخطر المفكرين السياسيين عن هذا المبدأ بالقول: (عكّر المياه لتصطاد السمك .. إن الغضب والانفعال العاطفي يعطيان نتائج عكسية من الناحية الاستراتيجية. فعليك أن تبقى هادئاً وموضوعياً على الدوام. ولكن إذا استطعت إغضاب أعدائك بينما تبقى أنت هادئاً، فإنك تكسب ميزة حاسمة. فخلخل توازن أعدائك. اعثر على شقٍّ في غرورهم تستطيع من خلاله أن تهزهم بقعقعةٍ بينما تمسك أنت بالخيطان).
ولأن مساحة الحديث لا تتيح أمامي الكثير من إمكانيات التطويل والتفصيل فسأكتفي بهذا المستوى من التنظير لألج إلى عمق الحدث الذي يراد لنا أن نجرّ إليه من أجل أن نفشل مشروع المشاركة بأيدينا كما ساهمنا في إفشال مشروع المقاطعة في المرحلة السابقة بأيدينا أيضا، وحقيقة الأمر أن الدولة بدأت تتوجس خيفة من محاولة المشاركين والمقاطعين على التوحد على برنامج عمل واحد رغم اختلاف توجهاتهم ومواقعهم، فقد بدأت الساحة تشهد حركة توافقية على إعطاء الملف الدستوري أولوية أساسية في الحراك السياسي والإعلامي، حتى أنه هناك توافقات تبنى من أجل توحيد العمل المشترك على إسقاط دستور 2002 المبتور وغير الشرعي، والدفع باتجاه الضغط من أجل استصدار دستور تعاقدي جديد تصيغه مجموعة منتخبة من قبل الأمة انتخاباً حراً وديمقراطياً، سواء من داخل البرلمان المقبل أم من خارجه، وسواء رغبنا في المشاركة أم بقينا ضمن دائرة المقاطعة، وفي ظل إدراك الحكومة لخطورة هذه التوافقات على مشروعها السياسي التدميري -والذي مازال يستهدف عدم الوصول إلى برلمان حقيقي يمتلك كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، وتحويله إلى مجرّد ديكور شكلي تستثمره إعلامياً في إسباغ المشروعية عليها أمام الآخرين- فإنها عمدت وستعمد في الأيام والشهور القادمة لتفتيت أي توافق شعبي ممكن على أيّ ملف من الملفات العالقة بين السلطة والمعارضة.
وفي هذا السياق -وكخطوة استباقية- استغلت الحكومة تداعيات أحداث مجمع الدانة لتعكر صفو المياه ولتصطاد أكثر من عصفور بحجر واحد، فأولاً، هناك رغبة في تصفية حسابات تجارية ضخمة بين رئيس المجمع وبين أطراف متنفذة في البلد شعرت بخسارتها الكبيرة لتأجيره هذا المجمع بالمبلغ المتفق عليه لمدة طويلة بينما مدخولاته هي ضعف هذا المبلغ، كما أن هناك عرض لشرائه بمبلغ يسيل له لعاب هؤلاء المتنفذين، ولتدارك هذه الخسارة لابد من "تطفيش" المستأجر الحالي عبر الإيعاز إليه بأن وضعه ووضع البلد غير آمن في ظل المظاهرات أو التجمعات السياسية التي تجري بالقرب منه.
هذا أولاً، وأما ثانياً، فإن تفجير الوضع الأمني، ولاسيما في منطقة السنابس، سيعكر الأجواء الأمنية والسياسية والاجتماعية بما يخدم مهمة استرجاع دور قوات الأمن المتخفية خلف ألف قناع وقناع، وإعطائها الدور من جديد لقمع التطلعات الجديدة لبناء تجربة برلمانية جديدة فاعلة على أنقاض التجربة البرلمانية المهلهلة في دورتها الحالية من خلال -كما قلنا- التوافقات المشتركة التي ستمثل جسور تواصل بين المقاطعين والمشاركين على حدّ سواء، وهو ما لا تطمح الحكومة في رأيته أو السماع به، ومن هنا لا يكون من العقل أن يتم استبعاد دور أجهزة الأمن كلها أو بعضها في العمل على استثارة الهاجس الأمني عبر ما جرى خلال الأسبوع الفائت ومنذ اعتصام أهالي المعتقلين في قضية المطار أمام مجمع الدانة، ومن ثمّ لجوئهم إلى داخله بعد أن بادرتهم قوات الأمن بالهجوم والضرب، وقبل فقط أقل من نصف ساعة على قرار فض الاعتصام، مما يعني أن هناك نية مبيته لتعكير الأجواء والاستفادة من الفرصة بخبث وذكاء لتحقيق أرباح تجارية وسياسية، ولو على حساب الوطن والمواطن. ومن هنا من حقنا أن نقول لمن يرغبون في الركوب في قطار المشاركة: لا بأس عليكم، ولكن كونوا أذكياء حذرين، لكي لا يتنذر عليكم المقاطعون بعد أربع سنوات بالقول: ألا قل للمشاركين أفيقوا فسيلقى المشاركون كما لقينا.
تحياتي
الضمير الحي
تعليق