تويت
قبل أيام، دار أمامي حوار طويل وجميل بين اثنين من أصدقائي المثقفين في غرفتي في صالة عمليات الطوارئ، كان الحوار عميقا فاستغرقت بالإنصات أليه دون أي تعليق من جانبي على آراء المتحاورين لأنني كنت قد اعتزمت جعل موضوع ذلك الحوار مادة لإحدى مقالاتي المقبلة.
كان موضوع الحديث يدور حول أسباب بعض مظاهر التدهور الأخلاقي في مجتمعنا وتحليل هذه الأسباب ، كان رأي أحدهما إن سبب هذا التدهور يعود إلى الابتعاد عن ديننا العظيم وعن توجيهاته الرائعة للناس في كل مجالات الحياة ، وهذا حق أؤمن به كل الإيمان ، بينما كان رأي الآخر إن السبب يعود إلى الفقر الذي ساد المجتمع الإسلامي _ والمجتمع العراقي ضمنا_ مما أدى إلى إفراز كل هذه المظاهر المشوهة الممسوخة ، وهذا أيضا حق لا أستطيع إنكاره.
وبعد أن تأملت طويلا فيما قاله الصديقان ، أدركت أن كلاهما على حق ، ولكن كل واحد منهما ينظر إلى الأمر من زاوية مختلفة ، والتحليل الذي يجمع الرأيين هو إن إهمال تطبيق روح الشريعة العظيمة منذ أن تحولت دولة الإسلام إلى مملكة أرضية دنيوية قد قلب موازين العدالة الاجتماعية الحقيقية التي جاء الإسلام ليقيمها أصلا ، وهكذا أنتشر الفقر ليحول حياة الأمة إلى جحيم على الأرض.
ومع تصاعد معاناة الأمة المعذبة ، راقب المستضعفون بأسى بالغ مهادنة كثير من علماء السوء لحكامهم الطغاة الذين يحكمونهم حكما شيطانيا رهيبا في ظل صمت هؤلاء العلماء وسكوتهم _ ماعدا قلة منهم وقفت بوجه الطغاة مواقف عظيمة سجلها لنا التاريخ لقلتها وعظمتها _ مما أضعف الوازع الديني لدى الشعب الذي لم يعد يهتم كثيرا بتوجيهات علمائه ومنظريه الدينيين ، وراحت الأمور تتدهور من سيئ إلى أسوأ إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه .
آن الكثيرين من دعاة الله(وفقهم الله لكل خير) يدعون الشعب إلى العودة السريعة إلى تطبيق تعاليم الدين على مظاهر حياتهم كسبيل للخلاص ، وهذه أمنية حياتي، أنا الذي نشأت على تقديس دين الله وحبه في كنف والد عالم فاضل ، ولكن الأمر الآن اعظم وأخطر من التمنيات والنوايا الطيبة .من الذي سيسمعنا ومن الذي سيطبق دعوتنا ؟ إننا لا نريد مجرد تقديم الحل إلى الشعب بدون أن نتأكد أن الشعب سيتقبل هذا الحل وسيطبقه ، ألا تعلمون إننا نحن الأطباء عندما نرى مريضا على درجة من الخطورة ونتصور انه لن يلتزم بتناول العلاج في أوقاته المحددة فأننا ندخله المستشفى لنضمن ونتأكد من تناوله لعلاجه كما يجب ، وهل هناك أخطر من الحال التي وصل إليها مجتمعنا؟
هذا يذكرني بقصة قديمة رواها أحد علمائنا ، أنه رأى مرة أبلا جرباء فسأل صاحبها كيف يداويها فقال له صاحب الإبل: أداويها بدعاء الوالدة ، فقال له العالم جادا أو مداعبا :لو جعلت مع دعاء الوالدة شيئا من قطران _العلاج الذي يستعمل آنذاك لجرب الإبل _ لكان أجدى
وكذلك نحن ، لو كثفنا جهودنا للدفاع عن إخواننا الفقراء ، وقلصنا هذا الفارق الكبير بين طبقات المجتمع ، وساهمنا _بدعوتنا أو فعلنا _ في تحقيق العدالة الاجتماعية ، لو فعلنا ذلك لكان لدعوتنا للشعب إلى العودة إلى دينه العظيم أثر أكبر وأجدى.
منقول من منتدى .........
لأستفادة
كان موضوع الحديث يدور حول أسباب بعض مظاهر التدهور الأخلاقي في مجتمعنا وتحليل هذه الأسباب ، كان رأي أحدهما إن سبب هذا التدهور يعود إلى الابتعاد عن ديننا العظيم وعن توجيهاته الرائعة للناس في كل مجالات الحياة ، وهذا حق أؤمن به كل الإيمان ، بينما كان رأي الآخر إن السبب يعود إلى الفقر الذي ساد المجتمع الإسلامي _ والمجتمع العراقي ضمنا_ مما أدى إلى إفراز كل هذه المظاهر المشوهة الممسوخة ، وهذا أيضا حق لا أستطيع إنكاره.
وبعد أن تأملت طويلا فيما قاله الصديقان ، أدركت أن كلاهما على حق ، ولكن كل واحد منهما ينظر إلى الأمر من زاوية مختلفة ، والتحليل الذي يجمع الرأيين هو إن إهمال تطبيق روح الشريعة العظيمة منذ أن تحولت دولة الإسلام إلى مملكة أرضية دنيوية قد قلب موازين العدالة الاجتماعية الحقيقية التي جاء الإسلام ليقيمها أصلا ، وهكذا أنتشر الفقر ليحول حياة الأمة إلى جحيم على الأرض.
ومع تصاعد معاناة الأمة المعذبة ، راقب المستضعفون بأسى بالغ مهادنة كثير من علماء السوء لحكامهم الطغاة الذين يحكمونهم حكما شيطانيا رهيبا في ظل صمت هؤلاء العلماء وسكوتهم _ ماعدا قلة منهم وقفت بوجه الطغاة مواقف عظيمة سجلها لنا التاريخ لقلتها وعظمتها _ مما أضعف الوازع الديني لدى الشعب الذي لم يعد يهتم كثيرا بتوجيهات علمائه ومنظريه الدينيين ، وراحت الأمور تتدهور من سيئ إلى أسوأ إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه .
آن الكثيرين من دعاة الله(وفقهم الله لكل خير) يدعون الشعب إلى العودة السريعة إلى تطبيق تعاليم الدين على مظاهر حياتهم كسبيل للخلاص ، وهذه أمنية حياتي، أنا الذي نشأت على تقديس دين الله وحبه في كنف والد عالم فاضل ، ولكن الأمر الآن اعظم وأخطر من التمنيات والنوايا الطيبة .من الذي سيسمعنا ومن الذي سيطبق دعوتنا ؟ إننا لا نريد مجرد تقديم الحل إلى الشعب بدون أن نتأكد أن الشعب سيتقبل هذا الحل وسيطبقه ، ألا تعلمون إننا نحن الأطباء عندما نرى مريضا على درجة من الخطورة ونتصور انه لن يلتزم بتناول العلاج في أوقاته المحددة فأننا ندخله المستشفى لنضمن ونتأكد من تناوله لعلاجه كما يجب ، وهل هناك أخطر من الحال التي وصل إليها مجتمعنا؟
هذا يذكرني بقصة قديمة رواها أحد علمائنا ، أنه رأى مرة أبلا جرباء فسأل صاحبها كيف يداويها فقال له صاحب الإبل: أداويها بدعاء الوالدة ، فقال له العالم جادا أو مداعبا :لو جعلت مع دعاء الوالدة شيئا من قطران _العلاج الذي يستعمل آنذاك لجرب الإبل _ لكان أجدى
وكذلك نحن ، لو كثفنا جهودنا للدفاع عن إخواننا الفقراء ، وقلصنا هذا الفارق الكبير بين طبقات المجتمع ، وساهمنا _بدعوتنا أو فعلنا _ في تحقيق العدالة الاجتماعية ، لو فعلنا ذلك لكان لدعوتنا للشعب إلى العودة إلى دينه العظيم أثر أكبر وأجدى.
منقول من منتدى .........
لأستفادة
تعليق