
يقول شاعرنا العربي “اغضب صديقك تستطلع سريرته” والمقصود هنا أن الانفعال والغضب يكشفان حقيقة الناس الذي تتعامل معهم، فجميع لحظات المودة الصافية يمكن أن تتحول في غمضة عين إلى نار تحرق الأخضر واليابس، فتتحول عبارات الود إلى كلمات لاذعة تؤذي القلب وتجرح المشاعر، وقد يرعبك أن المرء الذي تعتقده صديقاً قريباً، يتحدث عنك بشكل لا تحتمل قسوته، فتتساءل ما الذي أحدث هذا التغيير؟ وكيف يمكن لإنسان أن يحتفظ بكل هذا الحقد؟
وفي الحقيقة ان مشاعر الغضب تسيطر على الإنسان فتجعله يرى كل شيء مظلماً قاتماً، ولا تترك له فرصة التأمل الإيجابي، لأن تلك المشاعر تمحو الحسنات في لحظتها وتبعد صاحبها عن التفكير الموضوعي، فكم شعرنا بالندم بعد نوبة غضب لم تتضح فيها أمامنا الرؤية، ولم نستطع أن نسمع أو نتجاوب مع وجهة نظر الآخر لأننا غاضبون، وقد أغلقت آذاننا عن كل صوت ما عدا صوت الغضب.
ولو عدنا الى تأمل الغضب ومساوئه لوجدنا أنه واحد من أهم أعداء الصحة لأن كبته قد يؤدي الى ارتفاع ضغط الدم، وأحياناً الإصابة بالسرطان، أما التصريح به فيسبب أضراراً بشرايين القلب، إذن فالغضب هو أحد أعداء الإنسان، ولا بد من التخلص منه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً قال له أوصني فقال الرسول “لا تغضب” فردد مراراً قال “لا تغضب”.
وهنا نجد أن تلك الوصية العظيمة قد أتت على أهم ما يجب أن يعرفه المرء عن موقفه من الغضب، وما يجب عليه من تجنب أسبابه، والتروي في التعامل مع الأمور يجعل الانفعال أخف، فليس من المفروض أن نخسر علاقاتنا الطيبة لتصرف واحد يثير الغضب وقد يكون غير مقصود، والحديث عن ضبط الانفعال، والغضب قد يساعدنا في تعلم بعض الطرق المفيدة في تجنبه، فأي امرىء يرغب أن يكون مكروهاً ومنبوذاً من الآخرين بسبب نوبات غضبه؟
وعلى الرغم أن من أسباب الغضب أكثر من أن تعد، لكن تأمل طريقة للتخفيف من حدتها مادامت لا تأتي بنتيجة إيجابية بل قد تزيد الطين بلة، فكم من العمر يمكن أن نعيشه ونحن نسحب وراءنا حملاً ثقيلاً من الغضب وتبعاته وكأنها الأمر الوحيد في حياتنا، إذن لنتأمل طريقة لدرء الغضب لعلنا نبتعد خطوة عن الندم والمرض.
تقبلوا تحياتي
اخوكم
الفيلسوف
تعليق