تويت
--------------------------------------------------------------------------------
وفي اليوم الرابع والعشرين على الحرب الاسرائيلية المفتوحة ضد لبنان، تكررت <قانا الثانية> في بلدة القاع في البقاع الشمالي وفي بلدة الطيبة الجنوبية، فيما ظلّ مصير عشرات المواطنين المحاصرين في عيتا الشعب مجهولا، وكذلك مصير المئات، لا بل الآلاف من المنقطعة اخبارهم عن ذويهم في القرى الجنوبية الامامية التي شهدت يوما جديدا من المواجهات البطولية، بدت معها <قوات النخبة> في الجيش الاسرائيلي عاجزة عن تثبيت اقدامها، ولو لساعات قليلة، في <المستنقع اللبناني>.
ايضا، حمل فجر اليوم الرابع والعشرين، منعطفا جديدا في التمادي الاسرائيلي، ليس فقط في ارتكاب <مجزرة جسور> بين غزير في كسروان والمدفون عند مدخل محافظة الشمال، مرورا بالفيدار والمعاملتين، ادت الى استشهاد خمسة مواطنين وجرح حوالى الاربعين، بل في قطع المسرب الوحيد بين بيروت والشمال وبين العاصمة وسوريا، وبالتالي الممر الوحيد للمساعدات الانسانية القادمة الى النازحين في جبل لبنان وبيروت وبعض مناطق الجنوب، وهو الامر الذي استدعى الاعلان من قبل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الاغذية العالمي والمفوضية الاوروبية عن انتكاسة كبرى اصابت اعمال الاغاثة نهائيا مع قطع <الحبل السري> الوحيد الى العاصمة.
وبعد مضي ساعات قليلة على مجازر القاع والطيبة وتدمير الجسور واستهداف الضاحية الجنوبية، نفذت المقاومة اعمق رد صاروخي باتجاه العمق الاسرائيلي، منذ الثاني عشر من تموز، حيث استهدفت بثلاثة صواريخ <خيبر واحد> مدينة الخضيرة على بعد 75 كيلومترا من الحدود مع لبنان، والتي تفصلها مسافة 25 كيلومترا تقريبا عن مدينة تل ابيب. كما حققت المقاومة خرقا امنيا للبنية العسكرية الاسرائيلية بعد ان طالت صواريخها القاعدة المركزية لسلاح الجو الاسرائيلي في رمات ديفيد وحققت فيها اصابات مباشرة فرضت الرقابة العسكرية الاسرائيلية حظر اي حديث عنها حتى ساعة متاخرة ليلا.
في هذا الوقت، ظل الواقع الميداني هو العنصر المحدد لمسار الحركة السياسية الدولية الساعية لايجاد <مخرج مشرف> لحكومة ايهود اولمرت، الا ان الرهان على الوقت <بدأ يضيق اسرائيليا ودوليا>، على حد تعبير وسائل الاعلام الاسرائيلية، فيما نجحت المقاومة، في منع الاسرائيليين من توسيع حدود بعض التوغلات البرية الجزئية عبر اربعة محاور، ولم تكتف بذلك بل عملت احدى مجموعاتها امس على خرق الخطوط الخلفية حيث خاضت مواجهة مع قوة اسرائيلية كانت تتقدم من افيفيم باتجاه مارون الراس وتمكنت من تدمير دبابة <ميركافا>.
واعترفت اسرائيل بعد ساعات من التكتم بمقتل ضابط وجنديين واصابة اربعة بجراح احدهم حالته حرجة، خلال مواجهة استمرت منذ الصباح بالقرب من التلال الهندسة الصناعيةية لبلدة مركبا، فيما منع رجال المقاومة القوات الاسرائيلية من رفع اي تحصينات في <مشروع الطيبة> الذي تحول، كما الطرق المؤدية اليه، والى رب ثلاثين، الى مقبرة لست دبابات وناقلة جند وجرافة اسرائيلية ظل بعضها يحترق حتى ساعات المساء حسب افادات شهود عيان في القرى المقابلة للطيبة.
وفي القطاع الغربي، تمكن رجال المقاومة من تدمير دبابة <ميركافا> كانت جزءا من قوة مدرعة حاولت التقدم باتجاه بلدة عيتا الشعب بعد ان سبقتها قوة مشاة، لاذ معظم
جنودها بالفرار، لتبقى المواجهة محصورة عند الاطراف التي يسعى الاسرائيليون لامساكها بعدما ايقنوا ان الدخول الى البلدة وربما الى بلدات اخرى سيكون مكلفا على غرار ما حصل في مارون الراس وبنت جبيل. واعلنت المقاومة انها صدّت قرابة الحادية عشرة الا ربعا من ليل امس محاولة تقدم قامت بها دبابة اسرائيلية من الجهة الهندسة الصناعيةية للبلدة.
وفي المحور نفسه، اقتصر توغل جنود العدو على التقدم باتجاه شيحين الجبين، لكن المفاجأة التي باغتت الاسرائيليين، هي نجاح بعض مجموعات المقاومة في اطلاق عدد من الصواريخ باتجاه شمال اسرائيل من مسافة لا تبعد عشرات الامتار عن <الخط الازرق>، فيما كانت صليات الكاتيوشا وغيرها تنهمر على الجليل، حيث قدّرت المصادر الاسرائيلية عدد الصواريخ بانها تجاوزت المئتي صاروخ وادت الى مقتل اربعة اسرائيليين وجرح العشرات، وذلك ردا على استمرار استهداف المدنيين والبنى التحتية في لبنان.
وافاد مراسل <السفير> في البقاع الشمالي ان الطيران الحربي الاسرائيلي استهدف، بعد ظهر امس، أقصى شمال سهل البقاع، وتحديدا مشغلا لتوضيب الخضار والفاكهة في منطقة المشاريع الزراعية التابعة لبلدة القاع، حيث كان عشرات العمال متجمعين لتناول طعامهم، فإذا بالصواريخ تهدم المكان وتحول اجسادهم الى اشلاء اختلطت بالتراب والشظايا وحبات الدراق والدراجات النارية المتكومة في المكان.
وأظهرت حصيلة اولية استشهاد اربعة وثلاثين مواطنا، فضلا عن اصابة ثلاثة عشر بجروح بالغة، وقد ضاعف حجم الكارثة صعوبة الوصول الى المكان بسبب الأضرار الكبيرة التي كان قد أحدثها القصف الاسرائيلي في طرقات المنطقة وجسورها، وأعاقت عمليات الاسعاف التي تتطلبها الحالات الحرجة للمصابين ليصار الى نقل الجثث والجرحى، ومعظمهم من العمال السوريين الى الحدود السورية اللبنانية في نقطة جوسية حيث تولى الهلال الاحمر السوري نقلهم الى المستشفيات في مدينة حمص.
وارتكبت اسرائيل مجزرة ثانية في بلدة الطيبة عندما استهدفت غاراتها أحد المنازل الذي احتمى فيه العشرات من القصف الاسرائيلي، ما أدى الى استشهاد 7 منهم وجرح 10 آخرين وهم من كبار السن. وترددت معلومات ليلا عن استهداف منزل مماثل في عيتا الشعب ظل اكثر من خمسين من ابنائها المسنين محاصرين فيها، فيما اكدت مصادر امنية رسمية وجود اربعة اشخاص على الاقل تحت انقاض احد المنازل.
واعلن مصدر فلسطيني ان ثلاثة فلسطينيين اصيبوا، ليل الجمعة السبت، في قصف اسرائيلي على مخيم الرشيدية بالقرب من صور. وقال امين سر حركة فتح في لبنان سلطان ابو العينين، الذي يقطن في المخيم، ان حالة التأهب اعلنت في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في منطقة صور حيث طلب من حراس مقرات المنظمات الفلسطينية اخلاؤها خشية ان تكون هذه المناورات مقدمة لغارات جوية.
واظهرت حصيلة غير رسمية ان عدد الضحايا اللبنانيين حتى اليوم الرابع والعشرين للحرب الاسرائيلية على لبنان، بلغ حوالى الالف شهيد وثلاثة آلاف واربعمئة جريح، غالبيتهم الساحقة من المدنيين وبينهم حوالى ثلاثين في المئة من الاطفال وفق حصيلة اعدتها وكالة <فرانس برس>.
((هـــذا أول الغيث ** والويل من إعصارنا ))
تعليق