الحكومة أكثر الغبية
بقلم عباس ميرزا المرشد حق" تواجه غباء الحكومة ونزعتها المتوحشة
قرابة الساعة الرابعة والنصف انطلقت طائرة عمودية من مبنى القلعة في العاصمة المنامة متوجهة ناحية منطقة السنابس كان قد سبقها تواجد مكثف لقوات مكافحة الشغب وعناصر المخابرات . الهدف من هذه العملية المكلفة جدا هو محاصرة مأتم السنابس الجديد ومنع إقامة ندوة سياسية لحساب حركة "حق ". المشهد المرعب يذكر سكان المنطقة بهجوم بربري تعرضت لها المؤسسات الدينية في منتصف التسعينات من قبل القوات نفسها .
القائمين على إقامة الندوة كانوا أكثر حرصا من الحكومة على سلامة الناس واستقرار الوضع الأمني في البلاد وهم لا يرغبون في إثارة الأوضاع بأي شكل من الأشكال. فوفقا لأجندة الحركة فمنهاجها سلمي لكنها تمتلك العناد الكافي لإخافة الحكومة من ردة أي فعل طائش تقوم به القوات الأمنية، تأجل موعد إقامة الندوة للأسبوع القادم .
ما من شك أن حركة " حق" تواجه غباء الحكومة ونزعتها المتوحشة وغير المأنسنة إضافة إلى أساليب السيطرة واختراق المجتمع، فالحكومة غبية لدرجة أن تفضح نفسها بسرعة وبسهولة، وهذا أمر يمكن ملاحظته بسهولة لكنها في الوقت نفسه تمتلك استراتيجيات تعمل من خلالها تصاحب ذلك الغباء. فهي قادرة على تفعيل العوامل الأثينية (عرب / عجم) والطائفية (سنة / شيعة) وجغرافية ( قرى/ مدن) ....الخ ولولا تفعيل هذه السياسيات المثيرة للفتن لما أمكن لنظام الحكم الاستمرار والهيمنة .
قبل أسبوع من تاريخ اليوم 15-9-2006 كان مجلس إدارة نادي العروبة يناقش تحذيرا صادر عن وزارة التمنية الاجتماعية ينص على ضرورة امتثال النادي لقرار وزارة الداخلية بمنع إقامة ندوة عن التجنيس السياسي كان من المزمع عقدها من قبل اللقاء الوطني الذي يضم جمعيات سياسية معترف بها من قبل وزارة العدل . في مساء اليوم تكرر الحدث نفسه ولكان وفق دراماتيكية مختلفة، فقوات مكافحة الشغب تربو أعدادها عن ألف عنصر تحيط بمأتم السنابس الجديد ومداخل منطقة السنابس لمنع ندوة تعتزم حركة حق إقامتها تستعرض فيها تفاصيل تسليم العريضة الشعبية للأمين العام للأم المتحدة . الهدف كان واحد هو التذكير بوجود سلطة أعلى من سلطة الشعب والمجتمع المدني، سلطة تذكر الناس بالإكراه والمنع من الحديث وتستهدف السيطرة على كافة مناحي التعامل السياسي والاجتماعي.
هذه الغاية السلطوية بحاجة إلى استراتيجيات متعددة تخدم في الناهية سياسية التشطير العمودي والتسطير السياسي للمجتمع، فإدارة نادي العروبة تُخطر كتابيا، وفي حالة المخالفة سيكون الشمع الأحمر مبرما بأفراد يلبسون اللباس المدني وتنتهي القضية. أما في السنابس والمناطق الساخنة فالأمر لا يكون هكذا فإرادة الممانعة أقوى من اللباس المدني ومن الخطر الكتابي، فهذه المناطق تحتاج إلى قوة بوليسية شرسة، أليسوا "حلايلية" في النهاية؟.
لكن الأمر ليس هكذا دوماً، فهذا جزء من الدعاية الرسمية لتبرير العنف والتسلط اتجاه قطاعات واسعة من المواطنين. فهؤلاء قرويون لا يفهمون المناحي المدنية وهم في غالبيتهم فوضويون لا يفهمون لغة السياسة، وبالتالي هم يحتاجون إلى قوة تردعهم عن تخريب المشروع الإصلاحي، ومن هنا يجب على القطاعات الأخرى أن تقف مع سلطة العنف وفي أفضل حالاتها تقف على خط الحياد لتترك الأمر لمن يفهم كيف يتعامل مع المخربين ودعاة الفتنة.
في مناسبات عديدة كانت مؤسسات المجتمع المدني عرضة لمثل هذه الانتهاكات ومحاولات الاختراق غير المشروع من قبل الحكومة. وقد استطاعت الحكومة أن تلجم مؤسسات عدة عن الخوض في مسارات لا ترضي السلطة، ولكنها ترتكب خطأ فاحشا عند محاولة تطبيق ذلك على مؤسسات مدنية ترتكز في وجودها على بعد ديني مستقل عن إرادة الدولة . فالمأتم ليست بالكيانات المدنية المنشأة بقرار من وزارة التنمية أو وزارة العدل، كما أنها ليست بالمؤسسات التي تجابه بقوات مكافحة الشغب وتتعرض للمحاصرة والتهديد فمؤدى ذلك استفزاز للحرارة الإيمانية المودعة في أفئدة أصحابها وانتهاك صارخ لحدود القوة الأمنية المسموح باستخدامها .
في حركات طائشة مثل التي حدثت في السنابس تستند الحكومة إلى ضرورة تخليص المؤسسات الدينية من التجاذبات السياسية واقتصار عملها على الأبعاد الدينية الصرفة. لكن هذه الحجة تسقط ويداس عليها وتستبدل بأغراض أخرى عندما تشتد إرادة تذكير السلطة بوجود شعب وأناس محرومين يلجئون للشارع بغية التعبير عن ظلامتهم فتتحرك السلطة وأبواقها طالبة النجدة من تلك المؤسسات ورجالها بالتدخل في الشأن السياسي وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه . وفي هذا تأكيد على الرغبة المتوحشة والشرسة عند الحكومة في إخضاع المجتمع لشهواتها ورؤاها المملؤة بعفن والقسوة .
المطلوب من الحكومة أن تحسم أمرها في تسييس المؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني، فإما أن يكون لها دور ثابت ليس بالضرورة أن يرضي الحكومة وإما أن تعلن عن نيتها الحقيقية في الاستفراد والتسلط، وهنا عليها أن تتحمل مسؤولية أي عمل طائش بمفردها .
غاب عن بال قوة الإرغام والإكراه أن مثل هذا التعامل لم يعد مقبولا، وأن تذكير الناس بقوة السلطة الحاكمة لن يقابل بالتسليم والإذعان بل بتذكير مشابه لقوة الناس وسلطة الشعب، وهو تذكير أقوى وأكثر فاعلية. فهل بمقدور السلطة مواجهة جموع غاضبة ترى نفسها محرومة من أبسط حقوقها؟ .
بقلم عباس ميرزا المرشد حق" تواجه غباء الحكومة ونزعتها المتوحشة
قرابة الساعة الرابعة والنصف انطلقت طائرة عمودية من مبنى القلعة في العاصمة المنامة متوجهة ناحية منطقة السنابس كان قد سبقها تواجد مكثف لقوات مكافحة الشغب وعناصر المخابرات . الهدف من هذه العملية المكلفة جدا هو محاصرة مأتم السنابس الجديد ومنع إقامة ندوة سياسية لحساب حركة "حق ". المشهد المرعب يذكر سكان المنطقة بهجوم بربري تعرضت لها المؤسسات الدينية في منتصف التسعينات من قبل القوات نفسها .
القائمين على إقامة الندوة كانوا أكثر حرصا من الحكومة على سلامة الناس واستقرار الوضع الأمني في البلاد وهم لا يرغبون في إثارة الأوضاع بأي شكل من الأشكال. فوفقا لأجندة الحركة فمنهاجها سلمي لكنها تمتلك العناد الكافي لإخافة الحكومة من ردة أي فعل طائش تقوم به القوات الأمنية، تأجل موعد إقامة الندوة للأسبوع القادم .
ما من شك أن حركة " حق" تواجه غباء الحكومة ونزعتها المتوحشة وغير المأنسنة إضافة إلى أساليب السيطرة واختراق المجتمع، فالحكومة غبية لدرجة أن تفضح نفسها بسرعة وبسهولة، وهذا أمر يمكن ملاحظته بسهولة لكنها في الوقت نفسه تمتلك استراتيجيات تعمل من خلالها تصاحب ذلك الغباء. فهي قادرة على تفعيل العوامل الأثينية (عرب / عجم) والطائفية (سنة / شيعة) وجغرافية ( قرى/ مدن) ....الخ ولولا تفعيل هذه السياسيات المثيرة للفتن لما أمكن لنظام الحكم الاستمرار والهيمنة .
قبل أسبوع من تاريخ اليوم 15-9-2006 كان مجلس إدارة نادي العروبة يناقش تحذيرا صادر عن وزارة التمنية الاجتماعية ينص على ضرورة امتثال النادي لقرار وزارة الداخلية بمنع إقامة ندوة عن التجنيس السياسي كان من المزمع عقدها من قبل اللقاء الوطني الذي يضم جمعيات سياسية معترف بها من قبل وزارة العدل . في مساء اليوم تكرر الحدث نفسه ولكان وفق دراماتيكية مختلفة، فقوات مكافحة الشغب تربو أعدادها عن ألف عنصر تحيط بمأتم السنابس الجديد ومداخل منطقة السنابس لمنع ندوة تعتزم حركة حق إقامتها تستعرض فيها تفاصيل تسليم العريضة الشعبية للأمين العام للأم المتحدة . الهدف كان واحد هو التذكير بوجود سلطة أعلى من سلطة الشعب والمجتمع المدني، سلطة تذكر الناس بالإكراه والمنع من الحديث وتستهدف السيطرة على كافة مناحي التعامل السياسي والاجتماعي.
هذه الغاية السلطوية بحاجة إلى استراتيجيات متعددة تخدم في الناهية سياسية التشطير العمودي والتسطير السياسي للمجتمع، فإدارة نادي العروبة تُخطر كتابيا، وفي حالة المخالفة سيكون الشمع الأحمر مبرما بأفراد يلبسون اللباس المدني وتنتهي القضية. أما في السنابس والمناطق الساخنة فالأمر لا يكون هكذا فإرادة الممانعة أقوى من اللباس المدني ومن الخطر الكتابي، فهذه المناطق تحتاج إلى قوة بوليسية شرسة، أليسوا "حلايلية" في النهاية؟.
لكن الأمر ليس هكذا دوماً، فهذا جزء من الدعاية الرسمية لتبرير العنف والتسلط اتجاه قطاعات واسعة من المواطنين. فهؤلاء قرويون لا يفهمون المناحي المدنية وهم في غالبيتهم فوضويون لا يفهمون لغة السياسة، وبالتالي هم يحتاجون إلى قوة تردعهم عن تخريب المشروع الإصلاحي، ومن هنا يجب على القطاعات الأخرى أن تقف مع سلطة العنف وفي أفضل حالاتها تقف على خط الحياد لتترك الأمر لمن يفهم كيف يتعامل مع المخربين ودعاة الفتنة.
في مناسبات عديدة كانت مؤسسات المجتمع المدني عرضة لمثل هذه الانتهاكات ومحاولات الاختراق غير المشروع من قبل الحكومة. وقد استطاعت الحكومة أن تلجم مؤسسات عدة عن الخوض في مسارات لا ترضي السلطة، ولكنها ترتكب خطأ فاحشا عند محاولة تطبيق ذلك على مؤسسات مدنية ترتكز في وجودها على بعد ديني مستقل عن إرادة الدولة . فالمأتم ليست بالكيانات المدنية المنشأة بقرار من وزارة التنمية أو وزارة العدل، كما أنها ليست بالمؤسسات التي تجابه بقوات مكافحة الشغب وتتعرض للمحاصرة والتهديد فمؤدى ذلك استفزاز للحرارة الإيمانية المودعة في أفئدة أصحابها وانتهاك صارخ لحدود القوة الأمنية المسموح باستخدامها .
في حركات طائشة مثل التي حدثت في السنابس تستند الحكومة إلى ضرورة تخليص المؤسسات الدينية من التجاذبات السياسية واقتصار عملها على الأبعاد الدينية الصرفة. لكن هذه الحجة تسقط ويداس عليها وتستبدل بأغراض أخرى عندما تشتد إرادة تذكير السلطة بوجود شعب وأناس محرومين يلجئون للشارع بغية التعبير عن ظلامتهم فتتحرك السلطة وأبواقها طالبة النجدة من تلك المؤسسات ورجالها بالتدخل في الشأن السياسي وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه . وفي هذا تأكيد على الرغبة المتوحشة والشرسة عند الحكومة في إخضاع المجتمع لشهواتها ورؤاها المملؤة بعفن والقسوة .
المطلوب من الحكومة أن تحسم أمرها في تسييس المؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني، فإما أن يكون لها دور ثابت ليس بالضرورة أن يرضي الحكومة وإما أن تعلن عن نيتها الحقيقية في الاستفراد والتسلط، وهنا عليها أن تتحمل مسؤولية أي عمل طائش بمفردها .
غاب عن بال قوة الإرغام والإكراه أن مثل هذا التعامل لم يعد مقبولا، وأن تذكير الناس بقوة السلطة الحاكمة لن يقابل بالتسليم والإذعان بل بتذكير مشابه لقوة الناس وسلطة الشعب، وهو تذكير أقوى وأكثر فاعلية. فهل بمقدور السلطة مواجهة جموع غاضبة ترى نفسها محرومة من أبسط حقوقها؟ .
تعليق