السلام عليكم و رحمة اللـــــــــه و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وإنك لعلى خلق عظيم}، ويقول سبحانه: {فبما رحمة من الله
لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}، وفي الحديث في وصف النبي
(ص): "كان خلقه القرآن".
ذلك هو رسول الله (ص) الذي كان قرآناً يتجسّد، فهو يحمل القرآن في كل ذاته من خلال أنه
عاش مع الله تعالى قبل أن يبعثه الله رسولاً، كان يتأمل ويفكّر ويتعبّد، ووكّل الله تعالى به
ملكاً من أعظم ملائكته، كان يعطيه في كل يوم خلقاً، فانطبعت شخصية رسول الله (ص)
بأخلاق ربه، وهو القائل: "تخّلقوا بأخلاق الله"، كونوا الرحماء فالله هو الرحيم، كونوا
الكرماء فالله هو الكريم، كونوا الأعزة فالله هو العزيز.
وانطلق (ص) ليمنحه الله تعالى هذا الوسام بعد أن أرسله بالنبوة، واصطفاه لرسالته، لأن الله لا
يصطفي للرسالة إلا الشخص الذي إذا رآه الناس رأوا الرسالة متجسّدة فيه، رأوا عينيه
تشرقان وتلمعان بالمحبة، ورأوا لسانه ينطق بالحكمة ويفيض بالرحمة، ورأوا حركاته تنفتح
على ما ينفع الناس: {وإنك لعلى خلق عظيم}، فأخلاقك ليست على الشكل الذي يتخلّق به
الناس، بل إنها تمثّل العظمة في كل عناصرها وأساليبها وحيويتها وحركيتها وانفتاحها على
الناس
كانت أخلاقه أخلاق الدعوة، والدعوة من أية داعية، ولا سيما إذا كان نبيّاً، بحاجة إلى
أخلاقية في الكلمة والأسلوب والروح، حتى تمتصها العقول وتنبض بها القلوب، لأن إنسانية
الإنسان لا تتفاعل مع الإنسان الداعية إلا إذا كان قلبه نابضاً بالحب، وكان عقله منفتحاً على
الرحمة، وكانت علاقاته متحركة في محبة الناس: {فبما رحمة من الله لنت لهم}، يا محمد لقد
رحم الله هؤلاء الناس الذين دعوتهم إلى الإسلام، لأن الله جعلك رقيق القلب، لا تقسو بالكلمة ولا
بالأسلوب، ورقيق اللسان، ولهذا اتّبعك الناس، لأن الناس لا ينفعلون مع القلب القاسي واللسان
القاسي، إنهم يريدون إنساناً يعيشون إنسانيته في قلبه ولسانه، وقد كنت كذلك يا محمد
في أحاديث الرسول (ص): "جعل الله سبحانه مكارم الأخلاق صلةً بينه وبين عباده ـ هي التي
تربط العباد بالله ـ فحسب أحدكم أن يتمسَّك بخلق متصل بالله"، وأية عظمة أكبر من أن يعيش
الإنسان في صلة ورابطة بالله من خلال أخلاقيته؟ وأمير المؤمنين(ع) يقول في بعض
خطبه: "فهب أنه لا ثواب يرجى، ولا عقاب يُتقى، أفتزهدون بمكارم الأخلاق"؟! وكان عليّ(ع)
يقول في وصيته لـ"كميل بن زياد": "يا كميل، مر أهلك يروحوا في كسب المكارم ـ أن
ينطلقوا في الحياة ليكتسبوا مكارم الأخلاق، فيربّوا أنفسهم عليها ـ ويدلجوا في حاجة من هو
نائم ـ أن يسعوا في الليل لقضاء حاجة شخص في ما يحتاجه من شؤون حياته ليوسّعوا عليه ـ
فوالذي وَسِع سمعه الأصوات، ما من امرئ أودع قلباً سروراً ـ بحيث جعله يعيش السرور في
أي عمل أو كلمة ـ إلا وخلق الله له من ذلك السرور لطفاً، فإذا نابته نائبة جرى إليها ـ ذاك
اللطف ـ كالسيل في انحداره، فيطردها كما تُطرد غريبة الإبل". وقد ورد في الحديث: "الخلق
كلهم عيال الله، وأحبّهم إلى الله من نفع عيال الله أو أدخل على قلب أهل بيت سروراً".
علينا أن نوزّع الفرح والسرور على القلوب الحزينة، والنفوس المتألمة، ولكن عندنا الكثير ممن
يعملون على توزيع الحزن والألم على الناس من خلال ما يصنعونه من مشاكل وفتن. وفي
حديث أن الإنسان إذا وُضع في قبره وكان قد أدخل السرور في حياته على مؤمن هنا ومؤمن
هناك، فهناك يتمثّل له في هذه الوحشة شاب من أجمل الشباب، فيُفاجأ ويقال له: من أنت وقد
تركني كل أهلي؟ فيقول له: أنا ذلك السرور الذي أودعته في قلب ذلك المؤمن، خلقني الله
لأكون معك في قبرك لأدخل عليك السرور، وأكون معك في حشرك، فلا أزال بك حتى أُدخلك
الجنة؟ بعض الناس بخلاء بالابتسامة والكلمة الحلوة وقضاء الحاجة، وهذه لا تكلّف شيئاً،
وهناك حديث عن أئمة أهل البيت(ع): "إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بطلاقة الوجه
وحسن البشر"، ومن صفات النبي (ص) أنه كان إذا التقى أحداً سبقت الابتسامة كلمته،
فالبسمة تفتح قلب الإنسان الآخر..
وقد ورد عن أمير المؤمنين(ع): "من أحسن المكارم تجنّب المحارم"، وعنه: "أحسن المكارم
بثّ المعروف". ونقرأ في الفرق بين الخلق الحسن والخلق السيّىء، ما يقوله الإمام الصادق
(ع): "الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد"، وفي المقابل يقول(ع): "وإن سوء
الخلق ليُفسد العمل كما يفسد الخل العسل". وفي الحديث عن النبي(ص): "خصلتان لا تجتمعان
في مؤمن: البخل وسوء الخلق"، وعن عليّ(ع): "روّضوا أنفسكم على الأخلاق الحسنة، فإن
العبد المسلم يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم". وفي حديث النبي(ص) لعليّ(ع): "ألا أخبرك
بأشبهكم بي خلقاً"؟ قال: "بلى يا رسول الله"، قال: "أحسنكم خلقاً، وأعظمكم حلماً،
وأبركم بقرابته، وأشدّكم من نفسه إنصافاً"، وفي حديث: "إن أحبكم إليّ وأقربكم مني يوم
القيامة مجلساً أحسنكم خلقاً وأشدكم تواضعاً".
وعلى هذا الأساس، فلا بد أن نهيىء كل أجواء مجتمعاتنا من أجل تربية أنفسنا وأهلنا
وأجيالنا ومجتمعاتنا على العنصر الأخلاقي الذي يسمو به الإنسان إلى أعلى درجة.
(وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
تحياتي
الفيلسوف
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وإنك لعلى خلق عظيم}، ويقول سبحانه: {فبما رحمة من الله
لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}، وفي الحديث في وصف النبي
(ص): "كان خلقه القرآن".
ذلك هو رسول الله (ص) الذي كان قرآناً يتجسّد، فهو يحمل القرآن في كل ذاته من خلال أنه
عاش مع الله تعالى قبل أن يبعثه الله رسولاً، كان يتأمل ويفكّر ويتعبّد، ووكّل الله تعالى به
ملكاً من أعظم ملائكته، كان يعطيه في كل يوم خلقاً، فانطبعت شخصية رسول الله (ص)
بأخلاق ربه، وهو القائل: "تخّلقوا بأخلاق الله"، كونوا الرحماء فالله هو الرحيم، كونوا
الكرماء فالله هو الكريم، كونوا الأعزة فالله هو العزيز.
وانطلق (ص) ليمنحه الله تعالى هذا الوسام بعد أن أرسله بالنبوة، واصطفاه لرسالته، لأن الله لا
يصطفي للرسالة إلا الشخص الذي إذا رآه الناس رأوا الرسالة متجسّدة فيه، رأوا عينيه
تشرقان وتلمعان بالمحبة، ورأوا لسانه ينطق بالحكمة ويفيض بالرحمة، ورأوا حركاته تنفتح
على ما ينفع الناس: {وإنك لعلى خلق عظيم}، فأخلاقك ليست على الشكل الذي يتخلّق به
الناس، بل إنها تمثّل العظمة في كل عناصرها وأساليبها وحيويتها وحركيتها وانفتاحها على
الناس
كانت أخلاقه أخلاق الدعوة، والدعوة من أية داعية، ولا سيما إذا كان نبيّاً، بحاجة إلى
أخلاقية في الكلمة والأسلوب والروح، حتى تمتصها العقول وتنبض بها القلوب، لأن إنسانية
الإنسان لا تتفاعل مع الإنسان الداعية إلا إذا كان قلبه نابضاً بالحب، وكان عقله منفتحاً على
الرحمة، وكانت علاقاته متحركة في محبة الناس: {فبما رحمة من الله لنت لهم}، يا محمد لقد
رحم الله هؤلاء الناس الذين دعوتهم إلى الإسلام، لأن الله جعلك رقيق القلب، لا تقسو بالكلمة ولا
بالأسلوب، ورقيق اللسان، ولهذا اتّبعك الناس، لأن الناس لا ينفعلون مع القلب القاسي واللسان
القاسي، إنهم يريدون إنساناً يعيشون إنسانيته في قلبه ولسانه، وقد كنت كذلك يا محمد
في أحاديث الرسول (ص): "جعل الله سبحانه مكارم الأخلاق صلةً بينه وبين عباده ـ هي التي
تربط العباد بالله ـ فحسب أحدكم أن يتمسَّك بخلق متصل بالله"، وأية عظمة أكبر من أن يعيش
الإنسان في صلة ورابطة بالله من خلال أخلاقيته؟ وأمير المؤمنين(ع) يقول في بعض
خطبه: "فهب أنه لا ثواب يرجى، ولا عقاب يُتقى، أفتزهدون بمكارم الأخلاق"؟! وكان عليّ(ع)
يقول في وصيته لـ"كميل بن زياد": "يا كميل، مر أهلك يروحوا في كسب المكارم ـ أن
ينطلقوا في الحياة ليكتسبوا مكارم الأخلاق، فيربّوا أنفسهم عليها ـ ويدلجوا في حاجة من هو
نائم ـ أن يسعوا في الليل لقضاء حاجة شخص في ما يحتاجه من شؤون حياته ليوسّعوا عليه ـ
فوالذي وَسِع سمعه الأصوات، ما من امرئ أودع قلباً سروراً ـ بحيث جعله يعيش السرور في
أي عمل أو كلمة ـ إلا وخلق الله له من ذلك السرور لطفاً، فإذا نابته نائبة جرى إليها ـ ذاك
اللطف ـ كالسيل في انحداره، فيطردها كما تُطرد غريبة الإبل". وقد ورد في الحديث: "الخلق
كلهم عيال الله، وأحبّهم إلى الله من نفع عيال الله أو أدخل على قلب أهل بيت سروراً".
علينا أن نوزّع الفرح والسرور على القلوب الحزينة، والنفوس المتألمة، ولكن عندنا الكثير ممن
يعملون على توزيع الحزن والألم على الناس من خلال ما يصنعونه من مشاكل وفتن. وفي
حديث أن الإنسان إذا وُضع في قبره وكان قد أدخل السرور في حياته على مؤمن هنا ومؤمن
هناك، فهناك يتمثّل له في هذه الوحشة شاب من أجمل الشباب، فيُفاجأ ويقال له: من أنت وقد
تركني كل أهلي؟ فيقول له: أنا ذلك السرور الذي أودعته في قلب ذلك المؤمن، خلقني الله
لأكون معك في قبرك لأدخل عليك السرور، وأكون معك في حشرك، فلا أزال بك حتى أُدخلك
الجنة؟ بعض الناس بخلاء بالابتسامة والكلمة الحلوة وقضاء الحاجة، وهذه لا تكلّف شيئاً،
وهناك حديث عن أئمة أهل البيت(ع): "إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بطلاقة الوجه
وحسن البشر"، ومن صفات النبي (ص) أنه كان إذا التقى أحداً سبقت الابتسامة كلمته،
فالبسمة تفتح قلب الإنسان الآخر..
وقد ورد عن أمير المؤمنين(ع): "من أحسن المكارم تجنّب المحارم"، وعنه: "أحسن المكارم
بثّ المعروف". ونقرأ في الفرق بين الخلق الحسن والخلق السيّىء، ما يقوله الإمام الصادق
(ع): "الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد"، وفي المقابل يقول(ع): "وإن سوء
الخلق ليُفسد العمل كما يفسد الخل العسل". وفي الحديث عن النبي(ص): "خصلتان لا تجتمعان
في مؤمن: البخل وسوء الخلق"، وعن عليّ(ع): "روّضوا أنفسكم على الأخلاق الحسنة، فإن
العبد المسلم يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم". وفي حديث النبي(ص) لعليّ(ع): "ألا أخبرك
بأشبهكم بي خلقاً"؟ قال: "بلى يا رسول الله"، قال: "أحسنكم خلقاً، وأعظمكم حلماً،
وأبركم بقرابته، وأشدّكم من نفسه إنصافاً"، وفي حديث: "إن أحبكم إليّ وأقربكم مني يوم
القيامة مجلساً أحسنكم خلقاً وأشدكم تواضعاً".
وعلى هذا الأساس، فلا بد أن نهيىء كل أجواء مجتمعاتنا من أجل تربية أنفسنا وأهلنا
وأجيالنا ومجتمعاتنا على العنصر الأخلاقي الذي يسمو به الإنسان إلى أعلى درجة.
(وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
تحياتي
الفيلسوف
تعليق