الشيخ عيسى قاسم.. المقاطعة لن تجلب نفعاً ولن تدفع ضرراً
المشاركة والمقاطعة أمران خطيران لكونهما يمسّان حاضرنا ومستقبلنا على مستوى الدنيا والدين معاً، فليس سهلاً أن أأخذ بقرار المقاطعة، وليس سهلاً أن أأخذ بقرار المشاركة: كلٍّ منهما مسؤولية ضخمة أمام الله عزّ وجل، والأمر أمر دين قبل أن يكون أمر دنيا.
وكل من القرارين يحتاج إلى خبرة ونظر موضوعي بتجرّد، ويحتاج إلى فقه، ويحتاج إلى تقوى، فلا يمكن أن يقرّر في المسألة بعيدا عن النظر الموضوعي، ولا يمكن أن يقرّر في المسألة بعيداً عن معطيات الفقه، ولا يمكن أن يقرّر في المسألة من مجتمع مؤمن ومن إنسان مؤمن بعيداً عن التقوى.
ليس في المشاركة فيما أرى مكاسب كبرى، ولا أقول بأنها خالية مطلقا من المكاسب، والمشاركةُ هي من أجل دفع الضرر قبل أن تكون من أجل جلب النفع. المقاطعة فيما أرى لن تجلب نفعا ولن تدفع ضرراً، والمشاركة نصيبها من المكاسب قليل، ولكن دورها في دفع الضرر ملحوظ.
فيما أرى أن الشعب لن يدفع ثمناً لمشاركته، وإذا كان في التجربة قصور وتقصير فإنّه بعد إخلاص النواب لا يحسب إلا على الحكومة، والمقاطعة انسحاب من ساحة من ساحات الصراع السياسي بلا ثمن يُقبض، وفيها زيادة تهميش وإقصاء وانزواء عن موقع من مواقع التأثير، وموقع من مواقع القرار.
أخذ القرار بالمشاركة أو المقاطعة محتاج كما تقدم إلى نظرة موضوعية شاملة، ينضاف إلى ذلك مطالعة للتجارب المحلية والخارجية، إلى ما هو المهم جداً من النظرة الفقهية وتقوى الله سبحانه وتعالى، والنظرِ إليه سبحانه قبل النظر إلى الناس. ذهب المجلس العلمائي إلى خيار المشاركة، آخذاً في نظره كل الأبعاد التي سبق ذكرها من مقوّمات خيار المشاركة أو خيار المقاطعة.
خيار المجلس العلمائي حاول وبإخلاص وصدق وجدّية أن يستجمع عناصر الخيار الرشيد وهي العناصر المتقدمة، وهو خيار نظيف بعيد عن كل الحسابات المصلحية الضيقة، والفئوية الضيقة، وهو تام القانونية، ودرجة قانونيته كاملة تماماً. ونرى أنه بموازين الدين والسياسة ينبغي للمؤمنين أن لا يفرّطوا في العملية الانتخابية أو أن يتكاسلوا عن الإدلاء بأصواتهم في صالح القوى المخلصة.
لا تعطوا للآخرين فرصة جديدة لأن يقرروا مصيركم، وأن يقضوا في حاضركم ومستقبلكم وأنتم غائبون. كونوا في موقع القرار، وقولوا كلمتكم قوية وجريئة، قولوا كلمة الحق وإن ثقلت على الآخرين، وقفوا معها إلى آخر الشوط.
وأقول لكم: ما كان الشهيد الصدر الأول أعلى الله مقامه ورفع درجته في الجنان، ولا زين الدين أعلى الله مقامه ورفع درجته في الجنان يوم أن نصحا ودفعا للمشاركة في المجلس التأسيسي، والمجلس الوطني التشريعي الأول ما كانا يقدّران لتلك المشاركة أن تأتي بنتائج ضخمة، وأن تقلب الموازين، وأن تخلق معادلة جديدة على الأرض، ما كان الرجلان الوعيّان التقيّان يتوقّعان من دخول فئة قليلة من الإسلاميين، بعضهم كان أميّاً، وبعضهم كان على شيء من العلم ليس بكثير، ما كان الرجلان يقدّران مشاركة تلك الفئة في وضع الدستور وثم في التجربة الثانية النيابية أن تهدم واقعا، وتقيم واقعاً جديداً مكانه، كان أكثر النظر عندهما يتّجه إلى تخفيف الضرر، وإلى دفع شيء من المفاسد، وإلى أن يكون حضور للكلمة الإيمانية الرسالية الواعية بحيث تُضايق الباطل – لو كان - في مواقعه.
والكتلة النيابية الإسلامية اليوم أكبر وعياً، وأكثر خبرة، وربما كانت أقوى عوداً، وأشد وقوداً، على أنّه يجب علينا أن نحسن الاختيار.
أما الشرعية الوضعية التي قد يُخاف على أن نعطيها للنظام بقرار المشاركة فهي أمر غير وارد، الشرعية الوضعية في كل البلاد العربية والإسلامية غير قائمة على نتائج الديموقراطية الحقيقية، وهي هنا لا تنتظر هذا الأمر على الإطلاق، وهناك أنظمة معروفة بتخلّفها وكفرها بالديموقراطية نهائياً، وهي مدعومة من أمريكا ومن الغرب الذين نتطلّع إلى الديموقراطية من آفاقهما تطلّعاً غير مدروس، تطلّعاً أقرب إلى الوهم منه إلى الحقيقة.
وهناك نظام رسمي في المنطقة هو أقرب الأنظمة في المنطقة وفي العالم العربي والإسلامي إلى الديموقراطية، وأشدّه أخذاً بها، وكل الغرب وأمريكا يعاديه ويندّد به ويقاومه، فهل من بعد ذلك كلّه تعتمد الشرعية الوضعية في البحرين على مشاركتنا! الاحتمال صفر تماماً.
لقد فرغت أمريكا، وفرغت فرنسا وإنجلترا من إعطاء الشرعية الوضعية للحكم في البحرين، وأعطوني بلدا واحدا من بلدان العالم لا يعترف بدولة البحرين وينتظر باعترافه مشاركتنا.
أما النواب الذين يتطلّعون إلى موقع نيابي فعليهم بمراجعة النفس، وهل أن هذا التطلّع من منطلق الحرص على الدين وعلى الأمة؟ وأن المنظور الأول فيه هو الله عز وجل؟ أو أن للنفس مآرب وتطلعات من منطلقات أخرى يجب الاحتراس منها؟ هذا الكلام لا يجري في حق نائب تكتّلي، أو نائب مستقل، الكل سواء في وجوب هذه المحاسبة.
ومن ناحية دنيوية: أيها المتطلّع إلى النيابة أنت اليوم عزيز، وربما كنت بعد دور النيابة ذليلاً، ربما أذلّتك النيابة، واليوم أنت مسكوت عنك وغداً ستتناولك الألسن السليطة بكل يؤذيك، أنت اليوم غير محاسب وغداً يُحاسبك الشعب كلّه، واليوم أنت غير ملاحق فيما تفعل في علاقاتك، في شؤونك الخاصة، وغداً ستلاحقك العيون، وستُحسب عليك الأنفاس، ومن أين جاءك الدرهم الواحد. لا تفرح، إن لم يكن ربحٌ أخروي وهو قائم على الإخلاص لله وللمؤمنين فالنيابة خسارة لا ربح.
دعوة المجلس العلمائي هي دعوة لكتلة انتخابية واحدة متراصَّة ولكن من عناصر كفوءة ومؤمنة، من عناصر مختارة بعناية، ومن أجل الله والمجتمع المسلم ورعاية لحق الوطن.
ونحن لا نقف في وجه التحالفات السياسية المحسوبة والتي تؤدي إلى مصلحة وطنية أكبر في البُعد الديني والدنيوي، وفيها قدرة أكبر على إحقاق الحق وإنصاف الشعب. التحالفات من هذا النوع لا يمكن أن نقف في وجهها، وإذا كانت على حساب دُنيا الشعب، أو على حساب فهي تحالفات مرفوضة.
قد أتحالف مع القريب، وقد أتحالف مع البعيد ولكنه التحالف المحسوب الموضوع في موضعه، والقائم على رعاية المصالح والمفاسد، بأن يكون آخذاً بالمصلحة وفيه درء للمفسدة.
وإن أي التفاف أو تحايل وغشّ وتزوير في العملية الانتخابية ينبغي أن يؤدي وبكلّ بساطة إلى انسحاب جماعي من مجمل العملية الانتخابية، وهو ما ينبغي أن تلتزم به كلّ القوى الإسلامية والوطنية..
ندخل عملية انتخابية صادقة، ولا ندخل في عملية انتخابية مزوّرة فنكون شركاء في التزوير.
والمطلوب إما رقابة محايدة أو رقابة مشتركة شاملة تغطّي كل مراكز الانتخاب. وإعطاء المجنّسين حق الانتخاب فضلا عن الترشّح سيسجّل خرقاً واضحا يعصف بنزاهة العملية الانتخابية ويسقط قيمتها.
والمراكز الانتخابية العامة تعطي فرصة التلاعب بالأصوات، والتحايل والغش في العملية والتزوير، وحجب من يستحق موقع النيابة عن موقعه، والدفع بمن لا يستحق الموقع إلى ذلك الموقع.
أعود فأقول: إن المرشّح غير الكفؤ أو غير الأمين سيُحرج نفسه وسيُسقط نفسه، وخيرٌ له أن لا يجازف بسمعته وشرفه وموقعه في مغامرة لم يُعدّ نفسه لها.
المشاركة والمقاطعة أمران خطيران لكونهما يمسّان حاضرنا ومستقبلنا على مستوى الدنيا والدين معاً، فليس سهلاً أن أأخذ بقرار المقاطعة، وليس سهلاً أن أأخذ بقرار المشاركة: كلٍّ منهما مسؤولية ضخمة أمام الله عزّ وجل، والأمر أمر دين قبل أن يكون أمر دنيا.
وكل من القرارين يحتاج إلى خبرة ونظر موضوعي بتجرّد، ويحتاج إلى فقه، ويحتاج إلى تقوى، فلا يمكن أن يقرّر في المسألة بعيدا عن النظر الموضوعي، ولا يمكن أن يقرّر في المسألة بعيداً عن معطيات الفقه، ولا يمكن أن يقرّر في المسألة من مجتمع مؤمن ومن إنسان مؤمن بعيداً عن التقوى.
ليس في المشاركة فيما أرى مكاسب كبرى، ولا أقول بأنها خالية مطلقا من المكاسب، والمشاركةُ هي من أجل دفع الضرر قبل أن تكون من أجل جلب النفع. المقاطعة فيما أرى لن تجلب نفعا ولن تدفع ضرراً، والمشاركة نصيبها من المكاسب قليل، ولكن دورها في دفع الضرر ملحوظ.
فيما أرى أن الشعب لن يدفع ثمناً لمشاركته، وإذا كان في التجربة قصور وتقصير فإنّه بعد إخلاص النواب لا يحسب إلا على الحكومة، والمقاطعة انسحاب من ساحة من ساحات الصراع السياسي بلا ثمن يُقبض، وفيها زيادة تهميش وإقصاء وانزواء عن موقع من مواقع التأثير، وموقع من مواقع القرار.
أخذ القرار بالمشاركة أو المقاطعة محتاج كما تقدم إلى نظرة موضوعية شاملة، ينضاف إلى ذلك مطالعة للتجارب المحلية والخارجية، إلى ما هو المهم جداً من النظرة الفقهية وتقوى الله سبحانه وتعالى، والنظرِ إليه سبحانه قبل النظر إلى الناس. ذهب المجلس العلمائي إلى خيار المشاركة، آخذاً في نظره كل الأبعاد التي سبق ذكرها من مقوّمات خيار المشاركة أو خيار المقاطعة.
خيار المجلس العلمائي حاول وبإخلاص وصدق وجدّية أن يستجمع عناصر الخيار الرشيد وهي العناصر المتقدمة، وهو خيار نظيف بعيد عن كل الحسابات المصلحية الضيقة، والفئوية الضيقة، وهو تام القانونية، ودرجة قانونيته كاملة تماماً. ونرى أنه بموازين الدين والسياسة ينبغي للمؤمنين أن لا يفرّطوا في العملية الانتخابية أو أن يتكاسلوا عن الإدلاء بأصواتهم في صالح القوى المخلصة.
لا تعطوا للآخرين فرصة جديدة لأن يقرروا مصيركم، وأن يقضوا في حاضركم ومستقبلكم وأنتم غائبون. كونوا في موقع القرار، وقولوا كلمتكم قوية وجريئة، قولوا كلمة الحق وإن ثقلت على الآخرين، وقفوا معها إلى آخر الشوط.
وأقول لكم: ما كان الشهيد الصدر الأول أعلى الله مقامه ورفع درجته في الجنان، ولا زين الدين أعلى الله مقامه ورفع درجته في الجنان يوم أن نصحا ودفعا للمشاركة في المجلس التأسيسي، والمجلس الوطني التشريعي الأول ما كانا يقدّران لتلك المشاركة أن تأتي بنتائج ضخمة، وأن تقلب الموازين، وأن تخلق معادلة جديدة على الأرض، ما كان الرجلان الوعيّان التقيّان يتوقّعان من دخول فئة قليلة من الإسلاميين، بعضهم كان أميّاً، وبعضهم كان على شيء من العلم ليس بكثير، ما كان الرجلان يقدّران مشاركة تلك الفئة في وضع الدستور وثم في التجربة الثانية النيابية أن تهدم واقعا، وتقيم واقعاً جديداً مكانه، كان أكثر النظر عندهما يتّجه إلى تخفيف الضرر، وإلى دفع شيء من المفاسد، وإلى أن يكون حضور للكلمة الإيمانية الرسالية الواعية بحيث تُضايق الباطل – لو كان - في مواقعه.
والكتلة النيابية الإسلامية اليوم أكبر وعياً، وأكثر خبرة، وربما كانت أقوى عوداً، وأشد وقوداً، على أنّه يجب علينا أن نحسن الاختيار.
أما الشرعية الوضعية التي قد يُخاف على أن نعطيها للنظام بقرار المشاركة فهي أمر غير وارد، الشرعية الوضعية في كل البلاد العربية والإسلامية غير قائمة على نتائج الديموقراطية الحقيقية، وهي هنا لا تنتظر هذا الأمر على الإطلاق، وهناك أنظمة معروفة بتخلّفها وكفرها بالديموقراطية نهائياً، وهي مدعومة من أمريكا ومن الغرب الذين نتطلّع إلى الديموقراطية من آفاقهما تطلّعاً غير مدروس، تطلّعاً أقرب إلى الوهم منه إلى الحقيقة.
وهناك نظام رسمي في المنطقة هو أقرب الأنظمة في المنطقة وفي العالم العربي والإسلامي إلى الديموقراطية، وأشدّه أخذاً بها، وكل الغرب وأمريكا يعاديه ويندّد به ويقاومه، فهل من بعد ذلك كلّه تعتمد الشرعية الوضعية في البحرين على مشاركتنا! الاحتمال صفر تماماً.
لقد فرغت أمريكا، وفرغت فرنسا وإنجلترا من إعطاء الشرعية الوضعية للحكم في البحرين، وأعطوني بلدا واحدا من بلدان العالم لا يعترف بدولة البحرين وينتظر باعترافه مشاركتنا.
أما النواب الذين يتطلّعون إلى موقع نيابي فعليهم بمراجعة النفس، وهل أن هذا التطلّع من منطلق الحرص على الدين وعلى الأمة؟ وأن المنظور الأول فيه هو الله عز وجل؟ أو أن للنفس مآرب وتطلعات من منطلقات أخرى يجب الاحتراس منها؟ هذا الكلام لا يجري في حق نائب تكتّلي، أو نائب مستقل، الكل سواء في وجوب هذه المحاسبة.
ومن ناحية دنيوية: أيها المتطلّع إلى النيابة أنت اليوم عزيز، وربما كنت بعد دور النيابة ذليلاً، ربما أذلّتك النيابة، واليوم أنت مسكوت عنك وغداً ستتناولك الألسن السليطة بكل يؤذيك، أنت اليوم غير محاسب وغداً يُحاسبك الشعب كلّه، واليوم أنت غير ملاحق فيما تفعل في علاقاتك، في شؤونك الخاصة، وغداً ستلاحقك العيون، وستُحسب عليك الأنفاس، ومن أين جاءك الدرهم الواحد. لا تفرح، إن لم يكن ربحٌ أخروي وهو قائم على الإخلاص لله وللمؤمنين فالنيابة خسارة لا ربح.
دعوة المجلس العلمائي هي دعوة لكتلة انتخابية واحدة متراصَّة ولكن من عناصر كفوءة ومؤمنة، من عناصر مختارة بعناية، ومن أجل الله والمجتمع المسلم ورعاية لحق الوطن.
ونحن لا نقف في وجه التحالفات السياسية المحسوبة والتي تؤدي إلى مصلحة وطنية أكبر في البُعد الديني والدنيوي، وفيها قدرة أكبر على إحقاق الحق وإنصاف الشعب. التحالفات من هذا النوع لا يمكن أن نقف في وجهها، وإذا كانت على حساب دُنيا الشعب، أو على حساب فهي تحالفات مرفوضة.
قد أتحالف مع القريب، وقد أتحالف مع البعيد ولكنه التحالف المحسوب الموضوع في موضعه، والقائم على رعاية المصالح والمفاسد، بأن يكون آخذاً بالمصلحة وفيه درء للمفسدة.
وإن أي التفاف أو تحايل وغشّ وتزوير في العملية الانتخابية ينبغي أن يؤدي وبكلّ بساطة إلى انسحاب جماعي من مجمل العملية الانتخابية، وهو ما ينبغي أن تلتزم به كلّ القوى الإسلامية والوطنية..
ندخل عملية انتخابية صادقة، ولا ندخل في عملية انتخابية مزوّرة فنكون شركاء في التزوير.
والمطلوب إما رقابة محايدة أو رقابة مشتركة شاملة تغطّي كل مراكز الانتخاب. وإعطاء المجنّسين حق الانتخاب فضلا عن الترشّح سيسجّل خرقاً واضحا يعصف بنزاهة العملية الانتخابية ويسقط قيمتها.
والمراكز الانتخابية العامة تعطي فرصة التلاعب بالأصوات، والتحايل والغش في العملية والتزوير، وحجب من يستحق موقع النيابة عن موقعه، والدفع بمن لا يستحق الموقع إلى ذلك الموقع.
أعود فأقول: إن المرشّح غير الكفؤ أو غير الأمين سيُحرج نفسه وسيُسقط نفسه، وخيرٌ له أن لا يجازف بسمعته وشرفه وموقعه في مغامرة لم يُعدّ نفسه لها.
تعليق