[]هو الشاعر ....بدر السياب
ولد الشاعر بدر شاكر السياب عام 1926 في قرية جيكور على نهر الفرات، قرب مدينة البصرة جنوب العراق.
تأثر السياب بحكايات جده كثيرا هذاالجد الذي احترف سرد القصص والحكايات المسلية وكان السياب يحبها كثيرا وكانت أكثرهم قربا إلى قلبه حكاية "عبد الماء" الذي اختطف "زينب" الفتاة القروية الجميلة، وهي تملأ جرتها من النهر..ومضى بها إلى أعماق البحر وتزوجها ، وأنجبت له عددا من الأطفال، ثم رجته ذات يوم أن تزور أهلها، فأذن لها بذلك ، بعد أن احتفظ بأبنائه ليضمن عودتها ، ولكنها لم تعد ، فأخذ يخرج من الماء ويناديها ويستثر عاطفتها نحو الأطفال ، ولكنها أصرت على البقاء ، وأخيرا أطلق أهلها النار على " عبد الماء" فقتلوه، أما الأطفال فتختلف روايات العجائزحول مصيرهم.. ويبدو أن حكايات الجد عن الماء أثرت على ذكرياتهفجعلته يرتبط بالماء ولكن على طريقته الخاصة عن طريق المطر. فكتب انشودة المطر .
كذلك تشمل ذكرياته لعبه على شاطئ نهر"بويب" الذي كان له نصيب لا باس به من أشعاره، متذكرا بيتهم المختلف عن سائر البيوت وخصوصا الـ"الشناشيل"، وهي شرفة مغلقة مزينة بالخشب المزخرف و الزجاج الملون..
تنقل بين جيكور وأبي الخصيب والبصرة ثم بغداد لاستكمال تعليمه وتحصيله الدراسي ليتخرج من دار المعلمين في بغداد في منتصف الأربعينات، حيث كانت بغداد تعيش كباقي العواصم العربية انعكاسات الصراعات العالمية أثناء الحرب الثانية .
والسياب صاحب جسم نحيل هزيل، بسيط في ملبسه، يسير بصورة مستعجلة متأبطًا كتابه الذي يكون في الغالب باللغة الانجليزية التي يجيدها ، يكره الزيف والادعاء والعظمة." وهذا هو التعريف الذي سطره عنه رفيق رحلة العمل أ.عبد الوهاب الشيخلي الصحفي المعروف.
دخل السياب معترك الحياة السياسية وعانى منها الكثير فقد دخل السجن مرات وطرد من الوظيفة ونفي خارج البلاد.
صدرت مجموعته الأولى "أزهار ذابلة" عام 1947 في القاهرة وكان كتب في منفاه أجمل قصائده ومناجاته الشعرية غريب على الخليج وصهرت هذه المرحلة شعره ليتبلور فيها صوته وتكتمل أداته ويكتب ذروة نصه الشعري الذي صار يتميز به بعد رحيله.
زار بيروت عام 1960 لطبع ديوان له، وقد ساهم في هذه الفترة في الحركة الشعرية والثقافيةالمتمثلة بصدور مجلة شعر وحوار والآداب.
وفي هذه الفترة بالذات تدهورت صحته وصار يتنقل بين بيروت وباريس ولندن وراء العلاج وكان جمسه يهزل أكثر وأكثر حتى انكسر عظم ساقه لهشاشتها.
شكلت هذه السنوات الأخيرة بين 1960 - 1964 مأساة السياب الصحية والاجتماعية حيث عانى من الموت يحمله بين ضلوعه في المنافي وليس لديه إلا صوته ومناجاته الشعرية ممزوجة بدم الرئة المصابة، حتى مات مسلولا في يوم 24/12/1964 في المستشفى الأميري في الكويت.
أسس السياب لحداثتنا شعرا وكتب قصائد لا ماضي لها في الشعر العربي المعاصر مختطا بذلك مسارا في القصيدة العربية الحديثة سار عليه الكثيرون من بعده.
يمتاز شعر السياب بالمناجاة الغنائية العميقة والصورة البارعة التي تمتزج فيها اللغة بالرؤيةوبالإيقاع في مدى شعري ممتد بين روعة الأداء وعمق الدلالة وتشابك إيماءاتها.
صدرت له المجموعات الشعرية التالية "أزهار وأساطير" و"المعبد الغريق" و"منزل القنان" و"أنشودة المطر" و"شناشيل ابنة الجلبي"
ترددت الكثير من الآراء التي تؤكد أن "السياب" هو أول من كتب في الشعر الحر وأنه من اكتشفه ، ولكن لم يستطع احد إثبات ذلك ولا حتى هو شخصياً.
وبدأ كتاباته الشعرية بقصائده الرومانسية التي نشر أولاها عام1941 بعنوان"على الشاطئ" وكان ذلك في الخامسة عشر من عمره لتصل عدد القصائد عند وفاته إلى 244 قصيـدة وهو عدد هائل في سنوات عمره القصيرة.
ويتميز شعر "السياب" الجمال والبساطة فترى كل من يقرأه يعجب به ويتعلق بكلماته التي تشعر بأنها شابة دائما وصالحة لكل العصور والأوقات، ولذلك كان شعره مادة خصبة للدراسة والبحث فقد حظي شعره بالكثير من رسائل الدكتوراه والماجستير والكتب ففي رسالة دكتوراه عن السياب قـدمت في "جامعة السوربـون" أواخر عـام 1980يورد الباحث ما يزيد عن أربعمائة كتاب وبحث عن الشاعر بـاللغات العربية والإنكليـزية والفـرنسية والصربيـة.
ومن قصائده المشهورة
انشودة المطر التي احببتها كثيرا لما تحمله من معاني
قصييدة انشودة المطر[/]
[]عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر
عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
وترقصُ الأضواءُ .. كالأقمارِ في نهر
يرجُّهُ المجدافُ وَهْناً ساعةَ السحر...
كأنّما تنبضُ فيغوريهما النجوم
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيف
كالبحرِ سرَّحَ اليدينِ فوقَهُ المساء
دفءُ الشتاءِ فيه و ارتعاشةُ الخريف
و الموتُ و الميلادُ والظلامُ و الضياء
فتستفيقُ ملء روحي، رعشةُ البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانقا لسماء
كنشوةِ الطفلِ إذا خاف من القمر
كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم..
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر ...
وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم
ودغدغت صمتُ العصافيرِ على الشجر
أنشودةُالمطر
مطر
مطر
مطر
تثاءبَ المساءُ و الغيومُ ما تزال
تسحّ ما تسحّمن دموعها الثقال :
كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له : " بعد غدٍ تعود" -
لابدّ أنْ تعود
و إنْ تهامسَ الرفاقُ أنّها هناك
في جانبِ التلِ تنامُ نومةَ اللحود،
تسفُّ من ترابها و تشربُ المطر
كأنّ صياداً حزيناً يجمعُ الشباك
ويلعنُ المياهَ و القدر
و ينثرُ الغناء حيث يأفلُ القمر
مطر، مطر،المطر
مطر، مطر، المطر
أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعثُ المطر ؟
وكيف تنشجُ المزاريبُ إذا انهمر ؟
و كيف يشعرُ الوحيدُ فيه بالضياع؟
بلا انتهاء_ كالدمِ المُراق، كالجياع كالحبّ كالأطفالِ كالموتى –
هو المطر
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبرَ أمواجِ الخليجِ تمسحُ البروق
سواحلَ العراقِ
بالنجومِ والمحار،
كأنها تهمُّ بالبروق
فيسحبُ الليلُ عليها من دمٍ دثار
أصيحُ بالخيلج : " يا خليج
يا واهبَ اللؤلؤ و المحارِ و الردى
فيرجع الصدى كأنّهُ النشيج :
"يا خليج: يا واهب المحار و الردى "
أكادُ أسمعُ العراقَ يذخرُالرعود
و يخزنُ البروقَ في السهولِ و الجبال
حتى إذا ما فضّ عنها ختمَها الرجال
لم تترك الرياحُ من ثمود
في الوادِ من أثر
أكادُ أسمعُ النخيلَ يشربُ المطر
و أسمعُ القرى تئنّ ، و المهاجرين
يصارعون بالمجاذيفِ و بالقلوع
عواصفَ الخليجِ و الرعود ، منشدين
مطر .. مطر .. مطر
وفي العراقِ جوعٌ
وينثرُ الغلال فيه موسم الحصاد
لتشبعَ الغربانُ و الجراد
و تطحن الشوان و الحجر
رحىً تدورُ في الحقولِ … حولها بشر
مطر
مطر
مطر
وكمذرفنا ليلةَ الرحيل من دموع
ثم اعتللنا - خوفَ أن نُلامَ - بالمطر
مطر
مطر
و منذ أن كنّا صغاراً، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
و يهطلُ المطر
وكلّ عامٍ - حين يُعشبُ الثرى- نجوع
ما مرَّ عامٌ والعراقُ ليسَ فيه جوع
مطر
مطر
مطر
في كلّ قطرةٍ من المطر
حمراءَ أوصفراءَ من أجنّة الزهر
و كلّ دمعةٍ من الجياعِ و العراة
وكلّ قطرةٍ تُراقُ مندمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدتْ على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتيّ واهبِ الحياة
مطر
مطر
مطر
سيعشبُ العراقُ بالمطر
أصيحُ بالخليج : " يا خليج:
يا واهبَ اللؤلؤ و المحار والردى"
فيرجع الصدى كأنه النشيج :
"يا خليج: يا واهب المحار والردى"
وينثرُ الخليجُ من هباته الكثار
على الرمال ، رغوه الأجاج ، والمحار
و ما تبقى من عظام بائس غريق
من المهاجرين ظل يشرب الردى
من لجة الخليج و القرار
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرحيق
من زهرة يربها الرفات بالندى
و أسمعُ الصدى
يرنّ في الخليج:
مطر
مطر
مطر
في كل قطرةٍ من المطر
حمراءَ أو صفراءَ من أجنةِ الزهر
وكلّ دمعةٍ من الجياعِ والعراة
وكل قطرةٍ تُراق من دمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدت على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتي ، واهبِ الحياة
ويهطلُ المطرُ[/]
ولد الشاعر بدر شاكر السياب عام 1926 في قرية جيكور على نهر الفرات، قرب مدينة البصرة جنوب العراق.
تأثر السياب بحكايات جده كثيرا هذاالجد الذي احترف سرد القصص والحكايات المسلية وكان السياب يحبها كثيرا وكانت أكثرهم قربا إلى قلبه حكاية "عبد الماء" الذي اختطف "زينب" الفتاة القروية الجميلة، وهي تملأ جرتها من النهر..ومضى بها إلى أعماق البحر وتزوجها ، وأنجبت له عددا من الأطفال، ثم رجته ذات يوم أن تزور أهلها، فأذن لها بذلك ، بعد أن احتفظ بأبنائه ليضمن عودتها ، ولكنها لم تعد ، فأخذ يخرج من الماء ويناديها ويستثر عاطفتها نحو الأطفال ، ولكنها أصرت على البقاء ، وأخيرا أطلق أهلها النار على " عبد الماء" فقتلوه، أما الأطفال فتختلف روايات العجائزحول مصيرهم.. ويبدو أن حكايات الجد عن الماء أثرت على ذكرياتهفجعلته يرتبط بالماء ولكن على طريقته الخاصة عن طريق المطر. فكتب انشودة المطر .
كذلك تشمل ذكرياته لعبه على شاطئ نهر"بويب" الذي كان له نصيب لا باس به من أشعاره، متذكرا بيتهم المختلف عن سائر البيوت وخصوصا الـ"الشناشيل"، وهي شرفة مغلقة مزينة بالخشب المزخرف و الزجاج الملون..
تنقل بين جيكور وأبي الخصيب والبصرة ثم بغداد لاستكمال تعليمه وتحصيله الدراسي ليتخرج من دار المعلمين في بغداد في منتصف الأربعينات، حيث كانت بغداد تعيش كباقي العواصم العربية انعكاسات الصراعات العالمية أثناء الحرب الثانية .
والسياب صاحب جسم نحيل هزيل، بسيط في ملبسه، يسير بصورة مستعجلة متأبطًا كتابه الذي يكون في الغالب باللغة الانجليزية التي يجيدها ، يكره الزيف والادعاء والعظمة." وهذا هو التعريف الذي سطره عنه رفيق رحلة العمل أ.عبد الوهاب الشيخلي الصحفي المعروف.
دخل السياب معترك الحياة السياسية وعانى منها الكثير فقد دخل السجن مرات وطرد من الوظيفة ونفي خارج البلاد.
صدرت مجموعته الأولى "أزهار ذابلة" عام 1947 في القاهرة وكان كتب في منفاه أجمل قصائده ومناجاته الشعرية غريب على الخليج وصهرت هذه المرحلة شعره ليتبلور فيها صوته وتكتمل أداته ويكتب ذروة نصه الشعري الذي صار يتميز به بعد رحيله.
زار بيروت عام 1960 لطبع ديوان له، وقد ساهم في هذه الفترة في الحركة الشعرية والثقافيةالمتمثلة بصدور مجلة شعر وحوار والآداب.
وفي هذه الفترة بالذات تدهورت صحته وصار يتنقل بين بيروت وباريس ولندن وراء العلاج وكان جمسه يهزل أكثر وأكثر حتى انكسر عظم ساقه لهشاشتها.
شكلت هذه السنوات الأخيرة بين 1960 - 1964 مأساة السياب الصحية والاجتماعية حيث عانى من الموت يحمله بين ضلوعه في المنافي وليس لديه إلا صوته ومناجاته الشعرية ممزوجة بدم الرئة المصابة، حتى مات مسلولا في يوم 24/12/1964 في المستشفى الأميري في الكويت.
أسس السياب لحداثتنا شعرا وكتب قصائد لا ماضي لها في الشعر العربي المعاصر مختطا بذلك مسارا في القصيدة العربية الحديثة سار عليه الكثيرون من بعده.
يمتاز شعر السياب بالمناجاة الغنائية العميقة والصورة البارعة التي تمتزج فيها اللغة بالرؤيةوبالإيقاع في مدى شعري ممتد بين روعة الأداء وعمق الدلالة وتشابك إيماءاتها.
صدرت له المجموعات الشعرية التالية "أزهار وأساطير" و"المعبد الغريق" و"منزل القنان" و"أنشودة المطر" و"شناشيل ابنة الجلبي"
ترددت الكثير من الآراء التي تؤكد أن "السياب" هو أول من كتب في الشعر الحر وأنه من اكتشفه ، ولكن لم يستطع احد إثبات ذلك ولا حتى هو شخصياً.
وبدأ كتاباته الشعرية بقصائده الرومانسية التي نشر أولاها عام1941 بعنوان"على الشاطئ" وكان ذلك في الخامسة عشر من عمره لتصل عدد القصائد عند وفاته إلى 244 قصيـدة وهو عدد هائل في سنوات عمره القصيرة.
ويتميز شعر "السياب" الجمال والبساطة فترى كل من يقرأه يعجب به ويتعلق بكلماته التي تشعر بأنها شابة دائما وصالحة لكل العصور والأوقات، ولذلك كان شعره مادة خصبة للدراسة والبحث فقد حظي شعره بالكثير من رسائل الدكتوراه والماجستير والكتب ففي رسالة دكتوراه عن السياب قـدمت في "جامعة السوربـون" أواخر عـام 1980يورد الباحث ما يزيد عن أربعمائة كتاب وبحث عن الشاعر بـاللغات العربية والإنكليـزية والفـرنسية والصربيـة.
ومن قصائده المشهورة
انشودة المطر التي احببتها كثيرا لما تحمله من معاني
قصييدة انشودة المطر[/]
[]عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر
عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
وترقصُ الأضواءُ .. كالأقمارِ في نهر
يرجُّهُ المجدافُ وَهْناً ساعةَ السحر...
كأنّما تنبضُ فيغوريهما النجوم
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيف
كالبحرِ سرَّحَ اليدينِ فوقَهُ المساء
دفءُ الشتاءِ فيه و ارتعاشةُ الخريف
و الموتُ و الميلادُ والظلامُ و الضياء
فتستفيقُ ملء روحي، رعشةُ البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانقا لسماء
كنشوةِ الطفلِ إذا خاف من القمر
كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم..
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر ...
وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم
ودغدغت صمتُ العصافيرِ على الشجر
أنشودةُالمطر
مطر
مطر
مطر
تثاءبَ المساءُ و الغيومُ ما تزال
تسحّ ما تسحّمن دموعها الثقال :
كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له : " بعد غدٍ تعود" -
لابدّ أنْ تعود
و إنْ تهامسَ الرفاقُ أنّها هناك
في جانبِ التلِ تنامُ نومةَ اللحود،
تسفُّ من ترابها و تشربُ المطر
كأنّ صياداً حزيناً يجمعُ الشباك
ويلعنُ المياهَ و القدر
و ينثرُ الغناء حيث يأفلُ القمر
مطر، مطر،المطر
مطر، مطر، المطر
أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعثُ المطر ؟
وكيف تنشجُ المزاريبُ إذا انهمر ؟
و كيف يشعرُ الوحيدُ فيه بالضياع؟
بلا انتهاء_ كالدمِ المُراق، كالجياع كالحبّ كالأطفالِ كالموتى –
هو المطر
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبرَ أمواجِ الخليجِ تمسحُ البروق
سواحلَ العراقِ
بالنجومِ والمحار،
كأنها تهمُّ بالبروق
فيسحبُ الليلُ عليها من دمٍ دثار
أصيحُ بالخيلج : " يا خليج
يا واهبَ اللؤلؤ و المحارِ و الردى
فيرجع الصدى كأنّهُ النشيج :
"يا خليج: يا واهب المحار و الردى "
أكادُ أسمعُ العراقَ يذخرُالرعود
و يخزنُ البروقَ في السهولِ و الجبال
حتى إذا ما فضّ عنها ختمَها الرجال
لم تترك الرياحُ من ثمود
في الوادِ من أثر
أكادُ أسمعُ النخيلَ يشربُ المطر
و أسمعُ القرى تئنّ ، و المهاجرين
يصارعون بالمجاذيفِ و بالقلوع
عواصفَ الخليجِ و الرعود ، منشدين
مطر .. مطر .. مطر
وفي العراقِ جوعٌ
وينثرُ الغلال فيه موسم الحصاد
لتشبعَ الغربانُ و الجراد
و تطحن الشوان و الحجر
رحىً تدورُ في الحقولِ … حولها بشر
مطر
مطر
مطر
وكمذرفنا ليلةَ الرحيل من دموع
ثم اعتللنا - خوفَ أن نُلامَ - بالمطر
مطر
مطر
و منذ أن كنّا صغاراً، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
و يهطلُ المطر
وكلّ عامٍ - حين يُعشبُ الثرى- نجوع
ما مرَّ عامٌ والعراقُ ليسَ فيه جوع
مطر
مطر
مطر
في كلّ قطرةٍ من المطر
حمراءَ أوصفراءَ من أجنّة الزهر
و كلّ دمعةٍ من الجياعِ و العراة
وكلّ قطرةٍ تُراقُ مندمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدتْ على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتيّ واهبِ الحياة
مطر
مطر
مطر
سيعشبُ العراقُ بالمطر
أصيحُ بالخليج : " يا خليج:
يا واهبَ اللؤلؤ و المحار والردى"
فيرجع الصدى كأنه النشيج :
"يا خليج: يا واهب المحار والردى"
وينثرُ الخليجُ من هباته الكثار
على الرمال ، رغوه الأجاج ، والمحار
و ما تبقى من عظام بائس غريق
من المهاجرين ظل يشرب الردى
من لجة الخليج و القرار
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرحيق
من زهرة يربها الرفات بالندى
و أسمعُ الصدى
يرنّ في الخليج:
مطر
مطر
مطر
في كل قطرةٍ من المطر
حمراءَ أو صفراءَ من أجنةِ الزهر
وكلّ دمعةٍ من الجياعِ والعراة
وكل قطرةٍ تُراق من دمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدت على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتي ، واهبِ الحياة
ويهطلُ المطرُ[/]
تعليق