
إن القصص القرآنى المبارك يُنمي جوانب الخير، ويُحذر من الشرور والآثام،
وقبل فإنه يصحح الاعتقاد ويخلص النوايا من الشوائب والأكدار
ويُقوِم الأخلاق ويُهذب النفوس ويُحذر ويُنذر،
ويُطمئن ويُبشر ويُواس ويُذكر،
ويُهون الخطوب ويُصبر.

فقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم قصصًا منوعة كثيرة
تؤخذ منها العبر وتستفاد منها العظات،
وتطمئن بها قلوب أهل الإيمان،
تطمئن قلوبهم إلى أن الإيمان بالله عز وجل وتوحيده وطاعته
وامتثال أمره وطاعة رسله صلوات الله وسلامه عليهم،
وشكر نعمه بالإحسان لخلقه، كل ذلك من أسباب دوام النعم،
وازديادها وكثرتها ونموها والبركة فيها
فضلاً عما أعد لأهل الإيمان في الآخرة كما قال تعالى:
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم: 7].

وفي المقابل فإن الكفر بالله وجحود نعمه ومخالفة أمره
وعصيان رسله، والإساءة إلى خلقه وظلمهم
كل ذلك من أسباب زوال النعم وحلول النقم في الدنيا
فضلاً عن العذاب الشديد المعدِّ في الآخرة للظالمين.
قال تعالى:
{وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}
[إبراهيم: 7].

وقد يكون هذا العذاب الشديد في الدنيا بسحق النعمة وإزالتها...
وقد يكون بمحو آثارها في النفوس،
فيكون الشخص في نعم عظيمة ولكنه مكتئبٌ على الدوام
مهموم مغموم في كل حال، جشع وطماع وحريص.
وقد يدخر العذاب الشديد إلى الآخرة
عياذًا بالله من العذاب وسوء المصير.

* فهذه المفاهيم التي ذكرت تتجلى وتتضح وتظهر وتتجسد
في القصص القرآني المبارك الكريم
وها هي قصة من قصص هذا الكتاب المبارك الميمون
كتاب الله عز وجل الذي يحمل دومًا الخير والبركات
والبشارة والعظات...
إنها قصة :

قال تعالى فى سورة القلم ( 17- 33 )


كان في قديم الزمان رجل صالح وله بضعة أولاد ..
قص الله علينا قصتهم في سورة القلم .

كان لذلك الشيخ الصالح بستان جميل عامر بمختلف أنواع
الأشجار المثمرة، وجداول الماء العذب تسقيها، فتعطي تلك
الأشجار فواكة لذيذة وكثيرة ومتنوعة.

وكان ذلك الشيخ قد جعل نصيباً في تلك الثمار للفقراء والمساكين،
الذين كانوا يتوافدون أيام قطافها إلى البستان، ليأخذوا نصيبهم
منها، وكان الشيخ يعطيهم مما رزقه الله بنفس طيبة وقلب سعيد،
لأنه كان يعرف أنه بذلك يرضي الله تعالى، ويدخل السعادة على
قلوب أولئك المعذبين.

وكان جميع أولاد الشيخ الصالح – إلا واحد منهم – يكرهون فعل
أبيهم ، ويعتبرونه تبذيراًوإنفاقاً في غير موضعه حتى إذا ما مات
أبوهم الشيخ ، قرروا أن يحتكروا ثمرات البستان لأنفسهم ،
ليكثروا مالهم ، ويسعدوا أنفسهم وأولادهم،
وليذهب الفقراء إلى حال سبيلهم.

قال أحدهم: لقد صار البستان لنا، وسوف نجني منه الكثير.
وقال الثاني: ولن ندع الفقراء يقتربون منه
وقال الثالث: ولن يطمع الفقراء بعد اليوم بشيء منه.
قال أوسط الإخوة، وكان معجباً بأبيه وبكرمه وإنفاقه على الفقراء
والمساكين : أنصحكم أن تسيروا على ما كان يسير عليه أبوكم،
فالله سبحانه وتعالى قد جعل للفقراء والمحتاجين حقاً في هذا المال.-
قال كبيرهم : إنه مالنا .. وليس لأحد حق فيه.
قال أوسطهم : بل إنه – كما يقول أبونا – إنه مال الله ، وقد استودعنا الله إياه، وللفقراء نصيب فيه..

اشتد الجدال وطال الحوار، وغلب الأخ الأوسط على أمره، وأئتمر
الأخوة فيما بينهم ، أن يبكروا إلى تلك الجنة الدانية القطوف، وأن
يأخذوا كل ما فيها من فواكه وثمار قبل أن ينتبه الفقراء
والمساكين ويأتوا – كعادتهم أيام أبيهم – ليأخذوا حصتهم ونصيبهم منها.

نام الأخوة الأشحاء على أحلام الغد الممتلئ بالغنى والثروة،
واستيقظوا في الجزء الأخير من الليل، وبادروا إلى بستانهم،
وعندما وصلوا إليه وقفوا ذاهلين ، فقد كان البستان قاعاً صفصفا،
فقد احترق بأكمله ..

قال كبيرهم : لا .. لا .. هذا ليس بستاننا ..
قال الآخر: إن بستاننا جنة تجري من تحتها الأنهار، وهذا خراب.
قال أوسطهم : بل إنه بستانكم .. قد أرسل الله عليه طائفاً من
البلاء جعله كما ترون، لأنكم لم تفعلوا كما كان يفعل أبوكم ، ولم
ترضوا فيما أعطاكم، لم تعطوا الفقراء حقهم الذي فرضه الله لهم
في بستانكم .. ولقد نصحتكم، ولكنكم لا تحبون الناصحين ..
وندم الأخوة على ما كانوا بيتوه ضد الفقراء، لكن بعد فوات الأوان

قال تعالى:

على بعض يتلاومون .. قالوا يا ويلنا إن كنَا طاغين ..
عسى ربُنا أن يبدلنا خيراً مِنها إنَا إلى ربِنا راغبون


شاهد الفيديو
قصة أصحاب الجنة
تابعونى
جزاكم الله خيرا

تعليق