إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مختارات من كتاب كليله و دمنه

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مختارات من كتاب كليله و دمنه

    كتاب الفه الفيلسوف الهندي بيدبا للملك دبشليم
    و في اوائل القرن السادس الميلادي ارسل الملك الفارسي محب الحكمة كسرى
    انوشروان الطبيب الفارسي برذويه ليقوم بنقل الكتاب من الهندية
    الى الفهلوية الفارسية القديمة
    ثم في منتصف القرن الثاني الهجري نقله ابن المقفع الى العربية
    و يشاء الله ان تكتسب النسخة العربية اهميه عالمية بعد فقد الاصل
    الهندي و اختفاء الترجمة الفارسية و كانما حملت النسخة العربية
    مسؤولية الحفاظ على هذا الكتاب و تقديمه الى طلاب المعرفة و متذوقي
    الفن القصصي و علماء الاخلاق و السياسة عبر العصور
    و تمر السنون فاذا الناس لا يذكرون الا ابن المقفع ناسبين اليه كليلة
    و دمنة




    و كان يسمى قبل أن يترجم إلى اللغة العربية باسم الفصول الخمسة
    و الحق انه اذا كان هذا الكتاب يحمل ملامح ثلاث حضارات هي الهندية
    و الفارسية و العربية فان بصمات ابن المقفع تبدو واضحة جلية
    فيه و تجعله مثلا يحتذى تترائى لنا من خلاله مدرسة ابن المقفع و طريقته
    المبدعة في النثر الفني




    و قد قال قائل ان كتاب كليلة و دمنة قضية حاضرة ما دامت اخلاق
    الافراد و سلوك الجماعات و علاقات القوى الفاعلة في اي تكوين بشري
    موضع درس و تحليل من الفلاسفة و علماء الاجتماع و النفسانيين
    و مما يميز الكتاب عن غيره انه وضع لمستويات ثلاثة
    فالبسطاء و هواة التسلية يجدون فيه الجانب الترفيهي
    و الحكماء فيختارونه لحكمته ليستخلصوا منه دوافع السلوك و اسرار
    النفس و اداب الحياة الاجتماعية بين طوائف الشعب المختلفة
    و هناك المستوى الثالث و هم المتعلمون فانهم يجدون فيه المعلومات
    الكثيرة و تروقهم لغته الصافية و اسلوبه البلاغي المتين
    اما قصة تاليف هذا الكتاب فتبدا بغزو الاسكندر بلاد الهند و ثورة
    الشعب عليه و التي ادت بالتالي الى تولي الملك دبشليم العرش و قد
    كان مغرورا ظالما مما دفع الفيلسوف بيدبا الى نصحه فيسجنه
    لكنه يندم فيا بعد فيطلقه و يقربه اليه و يجعله وزيرا له يستشيره
    في كل الامور و يطلب منه ان يضع خبرته و نصائحه في كتاب فكان
    هو هذا الكتاب الذي يرمي الى اصلاح الاخلاق و تهذيب العقول
    معظم شخصيات قصص كليلة و دمنة عبارة عن حيوانات برية فالأسد
    هو الملك و خادمه ثور اسمه شتربة و كليلة و دمنة هما اثنان من حيوان
    ابن آوى و شخصيات اخرى عديدة هكذا تدور القصص بالكامل ضمن الغابة
    و على ألسنة هذه الحيوانات
    و الحديث على لسان الحيوانات ليس الا من قبيل الادب الرمزي .




    مختارات من كتاب كليلة و دمنة
    =============


    مثل القملة و البرغوث

    وهو مثل من يصيبه الشر بسبب غيره.
    (قال دمنة..زعموا ان قملة لزمت فراش رجل من الاغنياء دهرا فكانت
    تصيب من دمه وهو نائم لا يشعر...وتدب دبيبا رقيقا...فمكثت على ذلك
    حينا حتى استضافها في ليلة من الليالي برغوث...فقالت له...بت الليلة
    عندنا في دم طيب وفراش لين!فاقام البرغوث عندها حتى اذا اوى الرجل
    الى فراشه وثب عليه البرغوث فلدغه لدغة ايقظته واطارت النوم عنه
    فقام الرجل وامر ان يفتش فراشه فلم يجد الا القملة...فاخذت فقصعت
    وفر البرغوث.)

    ============


    مثل البطة و ضوء القمر


    (وهو مثل من يقيس الاشياء بمظاهرها فيخطيء الصواب.

    كخطا البطة التي زعموا انها رات في الماء ضوء القمر فظنته سمكة فحاولت
    ان تصيدها...فلما جربت ذلك مرارا علمت انه ليس بشيء يصاد فتركته..
    ثم رات من غد ذلك اليوم سمكة...فظنت انها مثل الذي راته بالامس
    فتركتها ولم تطلب صيدها.)



  • #2
    قمر كليله ودمنه
    اشكرك على كتابك الجميل
    و هذا الكتاب يحمل قصص جميلة
    و قد قرات فيه و اشكرك على المختارات
    و على ابداعك فى اختيار المواضيع


    تعليق


    • #3
      شكرا قمر موضوع جدا جميل
      و عندي السلسله في بغداد
      و كنت اتمنى ان لو كان اكبر مثل ما عودتينا
      على العموم شكرا لك و نتمنى لك كل الخير


      تعليق


      • #4
        ملك شكرا على ردك على الموضوع
        سررت كثيرا بمرورك الكريم


        تعليق


        • #5
          فناننا ثامر داود
          ان شاء الله بحاول أضيف قصص من الكتاب
          ليستمتع كل شخص بقراءة هذا الكتاب الجميل

          تعليق


          • #6
            لا تنصح الناس وتنس نفسك

            زعموا أن حمامة كانت تفرخ في رأس نخلة طويلة ذاهبة في السماء،
            فكانت الحمامة تشرع في نقل العش إلى رأس تلك النخلة، فلا يمكن أن تنقل ما تنقل
            من العش وتجعله تحت البيض إلا بعد شدة وتعب ومشقة: لطول النخلة وسحقها، فإذا
            فرغت من النقل باضت ثم حضنت بيضها، فإذا فقست وأدرك فراخها جاءها ثعلب قد
            تعاهد ذلك منها لوقت قد علمه بقدر ما ينهض فراخها، فيقف بأصل النخلة فيصيح بها
            ويتوعدها أن يرقي إليها فتلقي إليه فراخها.
            فبينما هي ذات يوم قد أدرك لها فرخان إذ أقبل مالك الحزين فوقع على النخلة. فلما رأى
            الحمامة كئيبة حزينة شديدة الهم قال لها مالك الحزين: يا حمامة، ما لي أراكي كاسفة
            اللون سيئة الحال?
            فقالت له: يا مالك الحزين، إن ثعلباً دهيت به كلما كان لي فرخان جاء يهددني ويصيح
            في أصل النخلة، فأفرق منه فأطرح إليه فرخي. قال لها مالك الحزين: إذا أتاكِ ليفعل ما
            تقولين فقولي له: لا ألقي إليك فرخي، فارقَ إلي وغرر بنفسك. فإذا فعلت ذلك وأكلت
            فرخي، طرت عنك ونجوت بنفسي.
            فلما علمها مالك الحزين هذه الحيلة طار فوقع على شاطئ نهر.
            فأقبل الثعلب في الوقت الذي عرف، فوقف تحتها، ثم صاح كما كان يفعل. فأجابته الحمامة
            بما علمها مالك الحزين. قال لها الثعلب: أخبريني من علمك هذا? قالت: علمني مالك الحزين.
            فتوجّه الثعلب إلى مالكاً الحزين على شاطئ النهر، فوجده واقفاً. فقال له الثعلب: يا مالك
            الحزين: إذا أتتك الريح عن يمينك فأين تجعل رأسك? قال: عن شمالي. قال: فإذا أتتك عن
            شمالك فأين تجعل رأسك. قال: أجعله عن يميني أو خلفي. قال: فإذا أتتك الريح من كل
            مكان وكل ناحية فأين تجعله? قال: أجعله تحت جناحي. قال: وكيف تستطيع أن تجعله تحت
            جناحك? ما أراه يتهيأ لك. قال: بلى: قال: فأرني كيف تصنع? فلعمري يا معشر الطير لقد
            فضلكم الله علينا. إنكن تدرين في ساعة واحدة مثلما ندري في سنة، وتبلغن ما لا نبلغ،
            وتدخلن رؤسكن تحت اجنحتكن من البرد والريح. فهنيئاً لكن فأرني كيف تصنع. فأدخل الطائر
            رأسه تحت جناحه فوثب عليه الثعلب مكانه فأخذه فهمزه همزة دقت عنقه. ثم قال: يا عدوي
            نفسه، ترى الرأي للحمامة، وتعلمها الحيلة لنفسها، وتعجز عن ذلك لنفسك، حتى يستمكن
            منك عدوك، ثم أجهز عليه وأكله.

            مثل الناسك واللص

            قال كليلة: زعموا أن ناسكاً أصاب من بعض الملوك كسوة فاخرة فبصُرَ به لص
            من اللصوص فرغب في الكسوة التي كسبها الناسك،فانطلق إليه قائلاً: إني أريد أن أصحبك
            وأتعلم منك وآخذ من أدبك. فصحبه متشبّهاً بالنساك. وكان يرفق بالناسك ويتلطف في خدمته
            ويوقره حتى أصاب منه غفلة فاحتمل (سرق) تلك الكسوة فذهب بها. فلما فقد الناسك الرجل
            والثياب عرف أنه صاحبه قد سرقها ، فطلبه في مظانّه حتى توجه في طلبه نحو مدينة من المدائن.
            فمرّ في طريقه على وعلين يتناطحان فطال انتطاحهما حتى سالت الدماء منهما. فجاء الثعلب
            يلغ في تلك الدماء. فبينما هو مكبّ عليها إذ التفّ عليه الوعلان ينطحانه وهو غافل فقتلاه.
            ومضى الناسك حتى انتهى إلى المدينة فدخلها ممسياّ. ولم يجد مأوىً ولا مبيتاً إلا بيت امرأة
            أرملة فنزل بها. وكان لتلك المرأة عبد يتاجر بمالها،فعرفت أنه يخونها ويضرها فاضطغنت عليه
            واحتالت لقتله ليلة أضافت الناسك. فسقّت العبد من الخمر صرفاً حتى غلب فنام. فلما استثقل
            نوما عمدت المرأة إلى سمّ كانت قد هيّأته فجعلته في قصبة لتنفخه في أنفه. فوضعت إحدى
            طرفي القصبة في أنفه والطرف الآخر في فيها. فبادره من قبل أن تنفخ في القصبة عطاس خرج
            من أنفه فطار ذلك السم فيحلق المرأة فوقعت ميتة، وذلك كله بعين الناسك. ثم أصبح غادياً في
            طلب ذلك اللص فأضافه رجل إسكاف وقال لامرأته: انظري هذا الناسك فكرّميه وأحسني القيام
            عليه فإنه قد دعاني بعض أصحابي إلى دعوة. فاطلق الإسكاف.
            وكان بين المرأة وزوجة رجل حجّام صداقة فأرسلت إليها تدعوها إلى وليمة وتخبرها أن زوجها
            عند أصحابه، وأنه لا يرجع إلا سكران في منتصف الليل، فهلمي لنقضي بعض ساعات في القصف.
            إلا أن الإسكاف عاد بعد قليل وطلب العشاء وكانت امرأته تقاعدت عن تهيئته لتستعد لاستقبال
            صديقتها امرأة الحجّام. فاعتذرت له فلم يقبل عذرها فأقبل عليها وضربها ضرباً مبرحاً وأوثقها إلى
            سارية في البيت وذهب ونام لا يعقل.
            ثم جاءت امرأة الحجام بعد ساعة لمسامرة صديقتها امرأة الإسكاف فوجدتها مربوطة،فقالت
            لها: إن زوجي عاد قبل أوانه وربطني بهذه السارية فإن شئت أن تحسني إليّ وتحليّني ربطتك
            مكاني حتى أعد الوليمة كما وعدتك. ففعلت امرأة الحجام ذلك. فاستيقظ الإسكاف قبل رجوع
            امرأته فناداها في الظلام مراراً باسمها فلم تجبه امرأة الحجام مخافة أن يعرف صوتها. ثم دعاها
            وسمّاها مراراً. كل ذلك وامرأة الحجّام لا تجيبه فازداد غضبا، وقام إليها بالسكين واحتزّ أنفها وقال
            لها: خذا هذا جزاء عنادك، وهو لا يشك في أنها امرأته.
            ثم رجعت امرأة الإسكاف فرأت صنع زوجها بامرأة الحجام فساءها ذلك وحلت وثاقها وأوثقت نفسها
            مكانها وأخذت الأخرى أنفها وانطلقت إلى بيتها خائبة. كلذلك بعين الناسك وسمعه.
            ثم إن امرأة الإسكاف رفعت صوتها فدعت ربها وتضرعت إليه وجعلت تبتهل وتقول: اللهم إن كان
            زوجي قد ظلمني فأعي عليّ أنفي صحيحاً.
            فقال لها زوجها: ما هذا الكلام يا ساحرة.
            فقالت: قم أيها الظالم فانظر إلى عملك وتغيير الله عليك ورحمته إياي، فها قد عاد إلي أنفي صحيحاً.
            فقام وأوقد ناراً ونظر إلى امرأته فوجد أنفها صحيحاً فباء بالذنب إلى ربه واعتذر إلى امرأته وسألها
            ان ترضى عنه.
            أما امرأة الحجام فلما انتهت إلى بيتها حارت في أمرها وقالت: ما عذري عند زوجي وعند الناس في
            جدع أنفي؟ فلما كان السَّحر استيقظ زوجها فناداها أن ائتيني بمتاعي فإني أريد أن أحجم بعض
            أشراف المدينة. فلم تأته من متاعه بشيء إلا بالموسى. فغضب الحجام فرماها بالموسى
            في الظلمة فرمت بنفسها إلى الأرض وصرخت و ولولت : أنفي.. أنفي. فلم تزل تصيح حتى جاء
            أهلها وذو قرابتها فانطلقوا بزوجها إلى القاضي فقال له: ما حملك على جدع أنف امرأتك؟ فلم يكن
            له حجة يحتج بها فأمر القاضي بالحجام أن يعاقب.
            فلما قدّم للعقوبة قام الناسك فتقدم إلى القاضي وقال له:
            لا يشتبهنّ عليك أيها القاضي، فإن اللص ليس هو من سرقني، وإن الأرملة ليس السم قتلها،
            وإن امرأة الحجام ليس زوجها جدعها، بل نحن جميعاً فعلنا ذلك بأنفسنا. فسأله القاضي عن
            تفسير ذلك فأخبره، فأمر القاضي بإطلاق الحجام

            تعليق


            • #7
              الف شكر لك قمر
              منقول رائع واختيار موفق
              تسلمي على هذا الموضوع

              تعليق


              • #8
                أختي شريرة مرورج هو الأروع غاليتي
                شكرا لج

                تعليق


                • #9
                  عزيزتي قمر موضوع كليلة و دمنة
                  من اجمل المواضيع التي قرأتها
                  تسلمين على مجهودج في المنتدى
                  و يعطيج العافية أختج شمسه

                  تعليق


                  • #10
                    غاليتي شمسه شكرا لج
                    على كلماتج الجميله و مرورج الرائع

                    تعليق


                    • #11
                      قمر
                      الغالية شكرا لك على منقولك
                      عن ومن كليلة ودمنة وعلى تذكيرك لنا به
                      فهو يعتبر كما ذكرت للترفيه والتعليم والعظة
                      وكثيرا من كتاب قصص الأطفال استقوا منه افكارهم
                      وكثير من فناني الكاريكاتير اتبعوا نهجه
                      في طرح احتجاجاتهم على الواقع
                      وهناك منا من يذكر مواقف منه ليسردها عبرة ومثل
                      للتسلية او لتمرير موقف يصعب تقبله بجدية

                      تعليق


                      • #12
                        اهداء الى القمر
                        الذي أنار ولا يزال
                        نوره على صفحات منتدانا
                        مع دعواتنا الصادقة لك
                        بالصحة والسلامة والعافية


                        مثل القرد والغيلم

                        كان ماهر ملكاً للقردة قبل ان يطرده قرد شاب من مملكته و يتولى الحكم بدلاً منه .
                        فارتحل إلى ضفة نهر كبير, و أقام فوق شجرة تين ضخمة تشرف على النهر , جعل منها مقراً له .
                        وبينما كان يأكل التين ذات يوم سقطت تينة من يده , فأعجبه صوت ارتطامها بالماء , و بدأ يلقي بالمزيد منها , و يقهقه ضاحكاً .
                        وصادف أن كان في الماء غيلم ( و هو ذكر السلحفاة ) , فأخذ يلتقط حبات التين و يأكلها .
                        ولما تكرر ذلك , اعتقد الغيلم أن القرد يفعل ذلك من أجله , فرغب في مصادقته و خرج إليه , فنشأت بينهما مودة كبيرة .
                        طالت غيبة الغيلم عن زوجته السلحفاة , فشكت ذلك إلى جارتها , و قالت : أخاف أن يكون قد اصطاده أحد و قتله .
                        قالت الجارة : لقد سمعت أنه يقيم مع صديق له من القردة على الضفة الأخرى من النهر .
                        تساءلت الزوجة : و لماذا لا يعود إلي ؟
                        فكرت الجارة قليلاً ثم أجابت : إذا عاد إليك فتمارضي, و إذا سألك عن حالك أجيبيه أن الأطباء وصفوا لك قلب قرد .
                        بعد مدة , تذكر الغيلم زوجته و قرر الذهاب إليها.وعندما لقيها , وجدها حزينة مهمومة , فربت على ظهرها برفق و سألها : ما بك يا عزيزتي؟
                        أجابت الجارة بدلاً عنها : إنها مريضة , و قد وصف لها الأطباء قلب قرد .
                        دهش الغيلم ثم قال : هذا أمر عسير , فمن أين نأتي بقلب قرد و نحن قوم نعيش في الماء.
                        وأخذ يفكر في صديقه القرد : هل أغدر بصاحبي القرد , و قد تعاهدنا على الوفاء؟
                        أجاب عن سؤاله بنفسه : هذا محال.
                        ثم فكر قليلاً : و لكن كيف أدع زوجتي تموت , و هي عون لي في هذه الدنيا ؟
                        صاحت الزوجة : بماذا تفكر يا زوجي العزيز ؟
                        أجابها الغيلم : لا شيء.
                        ثم تركها و انصرف إلى صديقه القرد , و هو لا يدري ماذا يصنع .
                        فسأله القرد : لماذا غبت عني يا صاحبي ؟
                        أجاب الغيلم : لقد كنت أفكر كيف أكافؤك على إحسانك إلي , فوجدت أن أدعوك لزيارتي في منزلي , وهو في جزيرة طيبة الفاكهة .
                        قال القرد : أشكرك على دعوتك يا عزيزي , لكن ليس عليك مكافأتي , فنحن أصدقاء.
                        قال الغيلم : لا بد من ذلك , فإن الحيوانات إذا أكلت معاً ازدادت المودة بينها.
                        وافق القرد على الذهاب مع الغيلم , فحمله على ظهره .
                        وفي الطريق , لاحظ القرد أن صاحبه مهموم فسأله عن سبب ذلك , وعرف أن زوجته مريضة .
                        فسأله القرد : و ما هو علاجها ؟
                        قال الغيلم : إنني خجل منك أيها الصديق , لقد وصف لها الأطباء قلب قرد .
                        علم القرد أن الغيلم يريد أن يغدر به , ففكر في حيلة ينجو بها من هذه الورطة فقال: ولماذا لم تخبرني بذلك قبل أغادر منزلي ؟ ألا تعلم أننا معشر القردة إذا سافرنا نترك قلوبنا عند أهلنا أو في مساكننا .
                        قال الغيلم: و أين قلبك الآن ؟
                        أجاب القرد : إنه على الشجرة .
                        هتف الغيلم بحماسة : هيا بنا نذهب إذن لنعود به .
                        عاد الإثنان معاً , و لما وصلا إلى الضفة قفز القرد إلى الشجرة و لم ينزل منها , فصاح به الغيلم : هيا احمل قلبك و انزل إلي يا أخي .
                        ضحك القرد و قال : هيهات , لقد احتلت علي و خدعتني , فخدعتك, و خنت صداقتي فلن نعود إلى ما كنا عليه من قبل أبداً .



                        منقول لعيون القمر

                        تعليق


                        • #13
                          مثل الحمَّالين و الرجلِ الذي أصابَ كنزًا
                          ومَنِ استَكثَرَ من جَمعِ الكُتُبِ وقِراءَةِ العلومِ من غيرِ إعمالِ الرَّويَّةِ فيما يَقرَأُهُ كانَ خَليقًا أن لا يُصيبَهُ إلاَّ ما أصابَ الرجلَ الذي زَعَمَتِ العلماءُ أنَّه اجتازَ ببعضِ المَفاوِزِ فَظَهَرَ له مَوضِعُ آثارِ كَنزٍ. فَجَعَلَ يَحفِرُ ويَطلُبُ فَوَقَعَ علي شيءٍ من عَينٍ ووِرْقٍ فقالَ في نفسِهِ: إن أنا أخَذتُ في نَقلٍ هذا المالِ قليلاً قليلاً طالَ عَلَيَّ وقَطَعَني الاشتِغالُ بنقلِهِ وإحرازِهِ عنِ اللَّذَّةِ بما أصَبتُ منه. ولكن سأستأجِرُ أقوامًا يَحمِلونَهُ إلي منزلي وأكونُ أنا آخِرَهُمْ. ولا يكونُ بَقِيَ ورائي شيءٌ يُشغَلُ فِكري بنقلِهِ. وأكونُ قد استَظهَرْتُ لنفسي في إراحَةِ بَدَني عنِ الكَدِّ بيَسيرِ أُجرَةٍ أُعطيها لهم.
                          ثم جاء بالحمَّالينَ فجَعَلَ يُحَمِّلُ كلَّ واحدٍ منهم ما يُطيقُ فينطلِقُ به إلي منزلِهِ هو فيفوزُ به، حتي إذا لم يبقَ مِنَ الكَنزِ شيءٌ انطلَقَ خَلفَهُمْ إلي منزلِهِ فلم يَجِدْ فيه مِنَ المالِ شيئًا لا كثيرًا ولا قليلاً. وإذا كلُّ واحدٍ مِنَ الحمَّالينَ قد فازَ بما حَمَلَهُ لنفسِهِ. ولم يكنْ للرجلِ من ذلك إلاَّ العَناءُ والتَّعَبُ لأنَّه لم يُفَكِّرْ في آخِرِ أمرِهِ.


                          مثل طالبِ العلمِ و الصَحيفةِ الصفراء
                          وكذلك مَن قَرَأَ هذا الكتابَ ولم يَفهَمْ ما فيه ولم يَعلَمْ غَرَضَهُ ظاهِرًا وباطِنًا لم يَنْتَفِعْ بما يَبدو له من خَطِّهِ ونَقشِهِ. كما لو أنَّ رجلاً قُدِّمَ له جَوزٌ صحيحٌ لم يَنتَفِعْ به إلاَّ أن يَكسِرَهُ ويَستَخرِجَ ما فيه. وكانَ أيضًا كالرجلِ الذي طَلَبَ عِلمَ الفَصيحِ من كلامِ الناسِ. فأتي صديقًا له مِنَ العلماءِ لَه عِلمٌ بالفَصاحَةِ فأعلَمَهُ حاجَتَهُ إلي عِلمِ الفَصيحِ. فَرَسَمَ له صديقُهُ في صحيفَةٍ صَفراءَ فَصيحَ الكلامِ وتَصاريفَهُ ووُجوهَهُ. فانصَرَفَ بها إلي منزلِهِ فَجَعَلَ يُكثِرُ قِراءَتَها ولا يقِفُ علي مَعانيها ولا يَعلَمُ تأويلَ ما فيها حتي استَظهَرَهَا كلَّها، فاعتَقَدَ أنَّه قد أحاطَ بعِلمِ ما فيها.
                          ثم إنَّه جَلَسَ ذاتَ يومٍ في مَحفِلٍ من أهلِ العِلمِ والأدَبِ فأخَذَ في مُحاوَرَتِهِمْ فَجَرَتْ له كلمَةٌ أخطأَ فيها. فقالَ له بعضُ الجماعَةِ: إنَّك قد أخطأتَ والوَجهُ غيرُ ما تَكَلَّمتَ به. فقالَ: كيفَ أُخطِئُ وقد قَرَأتُ الصَّحيفَةَ الصَّفراءَ وهي في منزلي? فكانت مقالَتُهُ هذه أوجَبَ للحُجَّةِ عليه وزادَهُ ذلك قُربًا مِنَ الجَهلِ وبُعدًا مِنَ الأدَبِ .


                          مثل ربِّ البيت و السارق
                          ثم إنَّ العاقِلَ إذا فَهِمَ هذا الكتابَ وبَلَغَ نهايَةَ عِلمِهِ فيه يَنبَغي له أن يَعمَلَ بما عَلِمَ منه لِيَنتَفِعَ به ويَجعَلَهُ مِثالاً لا يَحيدُ عنه. فإذا لم يَفعَلْ ذلك كانَ مَثَلُهُ كالرجلِ الذي زَعَموا أنَّ سارِقًا تَسَوَّرَ عليه وهو نائِمٌ في منزلِهِ، فعَلِمَ به فقالَ: واللهِ لأسكُتَنَّ حتي أنظُرَ ماذا يَصنَعُ ولا أذْعَرُهُ ، فإذا بَلَغَ مُرادَهُ قُمتُ إليه فَنَغَّصتُ ذلك عليه. ثم إنَّه أمسَكَ عنه وَجَعلَ السَّارِقُ يَتَرَدَّدُ وطالَ تَرَدُّدُهُ في جَمعِهِ ما يَجِدُهُ. فغَلَبَ الرجلَ النُّعاسُ فنامَ وفَرَغَ اللِّصُّ مِمَّا أرادَ وأمكَنَهُ الذَّهابُ. واستيقَظَ الرجلُ فَوَجَدَ اللِّصَّ قد أَخَذ المَتاعَ وفازَ به. فأقبَلَ علي نفسِهِ يلومُها وعَرَفَ أنَّه لم يَنتَفِعْ بعِلمِهِ باللِّصِّ إذ لم يَستَعمِلْ في أمرِهِ ما يجبُ


                          مثل الإخوةِ الثلاثة
                          وقد يَنبَغي للنَّاظِرِ في كتابِنا هذا أن لا تكونَ غايتُهُ التَّصَفُّحِ لِتَزاويقِهِ ، بل يُشرِفُ علي ما يَتَضَمَّنُ مِنَ الأمثالِ حتي يأتِيَ عليه إلي آخِرِه، ويَقِفُ عند كلِّ مَثَلٍ وكلمَةٍ، ويُعمِلُ فيها رَوِيَّتَهُ، ويكونُ مِثلَ ثالِثِ الإخوَةِ الثلاثَةِ الذينَ خَلَّفَ لهم أبوهُمُ المالَ الكثيرَ فَتنازَعوهُ بينهم. فأمَّا الاثنانِ الكبيرانِ فإنَّهُما أسرَعا في إتلافِهِ وإنفاقِهِ في غيرِ وجهِهِ. وأمَّا الصَّغيرُ فإنَّه عندَما نَظَرَ ما صارَ إليه أخَواهُ من إسرافِهِما وتَخَلِّيهِما مِنَ المالِ أقبَلَ علي نفسِهِ يُشاوِرُها وقالَ: يا نَفسِ إنَّما المالُ يَطلُبُهُ صاحِبُهُ ويجمعُهُ من كلِّ وجهٍ لبقاءِ حالِهِ وصَلاحِ معاشِهِ ودُنياهُ وشرفِ منزلتِهِ في أعْيُنِ الناسِ، واستِغنائِهِ عمَّا في أيديهِم، وصَرفِهِ في وجهِهِ من صِلَةِ الرَّحِمِ، والإنفاقِ علي الولَدِ والإفضالِ علي الإخوانِ. فمَن كانَ له مالٌ ولا يُنفِقُهُ في حُقوقِهِ كانَ كالذي يُعَدُّ فقيرًا وإن كانَ موسِرًا. وإن هو أحسَنَ إمساكَهُ والقيامَ عليه لم يَعدَمِ الأمرَينِ جميعًا من دُنيا تَبقي عليه وحَمدٍ يُضافُ إليه. ومتي قَصَدَ إنفاقَهُ علي غيرِ الوُجوهِ التي حُدَّتْ لم يَلبَثْ أن يُتلِِفَهُ ويبقي علي حَسرَةٍ وندامَةٍ. ولكنِ الرأيُ أن أُمسِكَ هذا المالَ، فإني أرجو أن يَنفَعَني الله به ويُغنِيَ أخَوَيَّ علي يَدي، فإنَّما هو مالُ أبي ومالُ أبيهِما. وإنَّ أولي الإنفاقِ علي صِلَةِ الرِّحِمِ وإن بَعُدَتْ، فكيفَ بأخوَيَّ! فأنفَذَ فأحضَرَهُما وشاطَرَهُما مالَهُ .

                          تعليق

                          مواضيع تهمك

                          تقليص

                          المنتدى: المكتبة الالكترونية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 04:01 PM
                          المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:44 PM
                          المنتدى: التعريف بالهندسة الصناعية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:38 PM
                          المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-10-2025 الساعة 01:22 AM
                          المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-04-2025 الساعة 12:04 AM
                          يعمل...
                          X