إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صفحات من تاريخ الفتوحات الاسلامية قاده وسيره

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صفحات من تاريخ الفتوحات الاسلامية قاده وسيره

    انتشرت الحضارة الاسلامية شرقا وغربا
    وترامت اطراف الدولة الاسلامية
    بجهود رجال حملوا مشعل الاسلام
    واناروا به مشارق الارض ومغاربها

    نستعرض معا في
    منتديات ألهندسة الصناعية
    سيرة رجال عظام قادوا مسيرة التنوير
    وكان هدفهم الاسمى
    اعلاء كلمة الحق
    ونشر الاسلام في بقاع الارض

    القائد محمود الغزنوي .. فاتح الهند

    من يطِّلع على تاريخ المشرق الإسلامي
    يتجلى أمامه نجم الدولة الغزنوية
    ويتجلى ذلك في دورها السياسي والحضاري
    فضلاً عن جهودها في نشر الإسلام في البلاد الوثنية
    والدفاع عن مكتسبات الخلافة الإسلامية
    ومن أعظم شخصيات هذه الدولة
    التي استطاعت أن تصنع تاريخها في سجل من ضياء
    هو يمين الدولة وأمين الملة
    السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوي
    (357 ـ 421هـ/966ـ 1029م)

    وقد اهتم بشخصيته عدد من المستشرقين
    فدرسوا سيرته وغزواته ومنجزاته الحضارية والعلمية
    أما نحن المسلمين فمن المؤسف حقًّا
    ألا يعرف الكثير منا شيئًا عن هذا السلطان
    السني العظيم ومملكته في بلاد الأفغان.

    يعتبر السلطان محمود الغزنوي
    من الشخصيات العظيمة في التاريخ الإسلامي
    فهو يتصف بصفات الحاكم المسلم
    التي أكسبته مكانة بارزة في التاريخ
    فقد ساهم بغزواته في توسيع رقعة العالم الإسلامي
    ، وكان من أكبر أسباب انتشار الإسلام
    في شبه القارة الهندية
    وله العديد من المنجزات الحضارية
    والبصمات العلمية في التراث الإسلامي.

    وقد ارتبطت شخصية السلطان محمود الغزنوي
    ومكانته في التاريخ بفتوحاته
    التي لم تُسبق في شبه القارة الهندية
    ويحمل هذا الارتباط معاني العرفان
    والإحسان العظيمة من هذا السلطان الغازي
    تجاه المنتمين إلى هذه القارة
    فهو يمثل الباب الذي دخل منه هذا الدين العظيم
    إلى هندوستان وتشرف أهلها به.

    توليه الحكم

    جد السلطان محمود هو "البتكين"
    وهو ينتمي إلى سلالة تركية من بخارى في تركستان
    والبتكين كان لديه صهر ابنته وهو "سبكتكين"
    في عام 977م نجح في توسيع مملكته
    إلى شمال بخارى وإلى غرب قندهار وخراسان
    وإلى شمال النهر هندوس
    توفي سلطان البتكين في عام 378هـ / 997م
    وعهد بالإمارة لابنه الأصغر سلطان إسماعيل
    لكن محمود ثار ضد أخيه الأصغر السلطان إسماعيل
    وتولى حكم البلاد.

    صفاته

    تحلى السلطان محمود الغزنوي بقيم إسلامية مُثلى
    كان لها أعمق الأثر في ازدهار مملكته
    والتفاف الناس حوله في محبة ووفاء
    فكان مسلمًا قوي العقيدة تواقًا إلى نشر الإسلام
    وكان سند والده في غزواته وحروبه
    وبلغت فتوحاته في بلاد الهند حدًّا
    لم تبلغه رايات الإسلام من قبل
    ودخلت في دين الله أفواجًا عديدة من أهل الهند

    وعده المؤرخون واحدًا من كبار الفاتحين
    في تاريخ الإسلام
    حتى قيل إن فتوحه تعدل في المساحة
    فتوح عمر بن الخطاب رضي الله عنه

    وأوردت كتب المؤرخين التي تعرضت لسيرته
    أنه كان صادق النية في إعلاء كلمة الله تعالى
    مظفرًا في غزواته، ما خلت سنة من سني ملكه
    عن غزوة أو سفرة، وكان ذكيًّا بعيد الغور
    صائب الرأي، وكان مجلسه مورد العلماء
    وكان محبًّا للعمل قامعًا للبدع ناشرًا للسنة
    وكان السلطان محمود مُكرِمًا لأمرائه وأصحابه.

    عبادته

    روى أن السلطان محمود الغزنوي
    كان في أول عمره وأمره يجلس بعد صلاة الفجر
    يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم
    ثلاثمائة ألف صلاة حتى يرتفع النهار
    ويقعد الناس على بابه ينتظرون خروجه
    ويشق عليهم الانتظار لقضاء الحاجات
    وفصل الخصومات ونظام مصالح العباد
    فلما كثر ذلك منه رأى النبي صلى الله عليه وسلم
    في المنام يقول له:
    ما هذا التطويل الذي تطوله على الناس
    حتى يضجر الضعفاء وذوو الحاجات
    من القعود على بابك والانتظار؟!
    فقال: إنما أقعد لأني أصلي عليك صلاة معلومة
    ولا أقوم حتى أفرغ منها
    فقال: إن هذا يشق على الضعفاء وأولي الحاجات
    ولكن أعلمك صلاة مختصرة كل واحدة منها
    بمائة ألف تقرؤها ثلاث مرات فتلك ثلاثمائة ألف
    ثم تخرج لمصالح المسلمين فيحصل أجر تلك الصلوات
    وأجر نفع المسلمين والمساعدة في قضاء حوائجهم
    فتعلَّمها وواظب عليها مدة
    ثم رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام
    وهو يقول له: ماذا فعلت حتى أتعبت الملائكة في كتابة ثوابك
    قال: ما عملت شيئًا إلا الصلاة التي علمتني إياها.


  • #2
    حبه للعلم والعلماء

    كان السلطان محمود الغزنوي يحب العلماء والمحدثين
    ويكرمهم ويجالسهم ويحسن إليهم
    وكان حنفي المذهب ثم صار شافعيًّا
    وكان مولعًا بعلم الحديث، يستمع إلى علمائه
    كما كان فقيهًا.. له مؤلفات
    ولا يكاد يسمع بعالمٍ له مكانة حتى يستدعيه إلى دولته
    فاستقدم أبا الريحان محمد بن أحمد البيروني
    المتوفى سنة 440هـ/ 1049م
    الذي نبغ في علوم كثيرة، في مقدمتها الرياضة والفلك
    وعُدَّ من أعظم رجال الحضارة الإسلامية
    وتُرجمت كتبه إلى اللغات الأوروبية
    وأطلقت روسيا اسمه على جامعة أنشأتها حديثًا.

    وأصبحت غزنة مركز الدولة الغزنوية
    في عهد السلطان محمود منارةً للعلم ومقصدًا للعلماء
    وغدت عامرة بالمساجد والقصور والأبنية
    التي لا تقل بهاءً وجمالاً عن المنشآت الهندية
    التي اشتهرت بدقة التصميم وجمال العمارة.

    ضبطه أمور الدولة

    قضى محمود الغزنوي الفترة الأولى من حكمه
    في تثبيت أركان دولته
    فجدير بالذكر أن الدولة الغزنوية ظهرت في المجال الإسلامي
    ظهورًا قويًّا واضحًا في عهد السلطان محمود الغزنوي
    الذي استطاع أن يعتلي العرش سنة 388هـ / 998م
    وبذل جهودًا كبيرة في سبيل ترسيخ نفوذ دولته
    فكان لدى السلطان محمود إستراتيجية
    في توسيع حدود دولته وتوسيع رقعتها
    من خلال انتهاجه سياسة التوسع
    على حساب الكيانات السياسية المجاورة لحدودها

    فحرص على السيطرة على إقليم خراسان
    عقب انهيار الدولة السامانية
    ومن بين إمارات المشرق التي انضوت تحت سيادته:
    إمارة سجستان، وإمارة غرجستان، وإمارة بلاد الغور
    وإمارة خوارزم، وإمارة جرجان وطبرستان وإمارة الجوزجان
    وقد استدعت هذه السياسة التوسعية
    بناء الجيش وإعداده وأسلحته وإدارته ونفقاته
    وكان الشغل الشاغل للقائد المجاهد طيلة مسئولياته
    في إدارة شئون الدولة هو نشر المذهب السُنِّي
    في إقليم المشرق والدفاع عنه
    ضد الفرق والطوائف المناوئة له
    وقد انعكست تلك السياسة الدينية على الدولة الغزنوية
    بعلاقتها بدار الخلافة العباسية السُنيَّة.

    السلطان محمود الغزنوي.. فاتح الهند

    أهم ما امتاز به عهد السلطان محمود الغزنوي
    وذاع به صيته هو الجهاد الإسلامي
    الذي رفع راياته في شبه القارة الهندية
    وبلغ في فتوحاته إلى حدود هضبة الدكن
    فاعترفت به الخلافة العباسية سلطانًا مستقل
    ومنحه الخليفة العباسي القادر بالله
    (381: 422هـ/991 :1030م)
    العديد من الألقاب الفخرية ذات الدلالات الدينية
    كان أهمها لقب: "يمين الدولة وأمين الملة"
    الذي اشتهر به اعترافًا من دار الخلافة
    بفضله في رعاية الركن الأيمن من المشرق الإسلامي.

    تعددت حملاته على الهند حتى بلغت
    أكثر من سبع عشرة حملة
    وظل يحارب دون فتور نحوًا من سبع وعشرين سنة
    بدأت من عام390هـ / 1000م ، وكانت حملته الأولى
    الذي قاد فيها عشرة آلاف مقاتل، والتقى عند مدينة بشاور
    بجيش "جيبال" أحد ملوك الهندوس
    وحقق نصر غاليا، ووقع الملك الهندي في الأسر
    وأخذوا من عنقه قلادة قيمتها ثمانون ألف دينار
    وغنم المسلمون منهم أموالاً عظيمة وفتحوا بلادا كثيرة .

    تعليق


    • #3
      ثم تعددت حملات الغزنوي، وفي كل مرة كان يحقق نصرا
      ويضيف إلى دولته رقعة جديدة
      ويبشر بالإسلام بين أهالي المناطق المفتوحة
      ويغنم غنائم عظيمة، حتى توج فتوحاته
      في الهند بفتح بلاد "الكجرات"
      ثم توجه إلى مدينة "سومنات"
      سنة 416هـ / 1025م
      وكان بها معبد من أكبر معابد الهند
      يحوي صنما اسمه "سومنات" وهو أعظم أصنامهم
      فكان الهندوس يعظمونه
      فقطع الغزنوي الصحاري المهلكة حتى بلغها
      واقتحم المعبد، وهزم الجموع الغفيرة
      التي حاولت إنقاذ المعبد
      ووقع آلاف الهندوس قتلى، وسقط المعبد في أيدي المسلمين
      وكانت حصيلة جهود محمود الغزنوي أن أتمّ فتح
      شمال شبة القارة الهندية
      ونشر الإسلام في ربوع الهند
      وأقام بدلا من بيوت الأصنام مساجد الإسلام"
      وغنم الغزنوي أموالا عظيمة قُدرت بنحو عشرين مليون دينار
      وعاد إلى غزنة سنة 417هـ /1026م
      وظلت ذكرى هدم معبد سومنات عالقة في ذاكرة الهندوس
      لم يمحها كرّ السنين، ولا تغيرها الأحول
      حتى إذا ما ظفرت الهند باستقلالها
      عمدت إلى بناء هذا المعبد من جديد في احتفال مهيب.

      لم يكن الغزنوي مدفوعا في فتوحاته برغبة جامحة
      في كسب الغنائم أو تحقيق مجد يذكره له التاريخ
      ولكن قاده حماسه لنشر الإسلام
      وإبلاغ كلمة التوحيد في مجتمع وثني
      وكانت تلك الحملات مسبوقة بطلب الدخول في الإسلام
      وإلى هذا أشار السير "توماس أرنولد" في كتابه
      "الدعوة إلى الإسلام" بقوله:
      وفي الحق أن الإسلام قد عُرض في الغالب على الكفار
      من الهندوس قبل أن يفاجئهم المسلمون.

      قالوا عنه

      وصف ابن كثير السلطان محمود الغزنوي
      في كتابه البداية والنهاية بأنه :
      "الملك العادل الكبير المثاغر المرابط المؤيد المنصور
      المجاهد يمين الدولة
      أبو القاسم محمود بن سبكتكين صاحب بلاد غزنة
      وفاتح أكثر بلاد الهند قهراً وكاسر بُدودِهم ( أصنامهم)
      وأوثانهم كسراً وقاهر هنودهم وسلطانهم الأعظم قهراً
      وقد سار في الرعية سيرة عادلة
      وقام بأعباء الإسلام قياماً تاماً
      وفتح فتوحات كثيرة في بلاد الهند وغيرها
      وعظم شأنه في العالمين، واتسعت مملكته وامتدت رعاياه
      وطالت أيامه ولله الحمد والمنة " .

      ويذكر أبن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ أن
      السلطان محمود الغزنوي كان :
      "إلباً على القرامطة والإسماعيلية الشيعية وعلى المتكلمين
      فصلب من أصحاب الباطنية خلقاً كثيراً
      ونفى المعتزلة إلى خرسان وأحرق كتب الفلسفة والنجوم

      وفاته

      ظلَّ السلطان محمود الغزنوي يواصل جهاده حتى مرض
      حيث أصابه مرض الملاريا أثناء غزواته الأخيرة
      وطال به مرضه نحو سنتين
      ومع ذلك لم يحجب نفسه عن الناس
      أو يمنعه المرض من مباشرة أمور رعيته
      حتى توفي قاعدًا في
      23 من شهر ربيع الأول سنة 421هـ
      29 من أبريل 1030م
      وعُمرهِ 59 سنةِ بعد أن أنشأ دولةً واسعةً
      ضمّت معظم إيران وبلاد ما وراء النهر وشمال الهند كله
      ونشر الإسلام فيها.

      انتظرونا مع قائد اخر

      منقول

      تعليق


      • #4
        تسلم عيونك الجميلة
        هالة منتديات ألهندسة الصناعية
        مجهود رائع فى البحث عن كل ماهو مميز ومفيد
        موضوع قيم عن تاريخ الفتوحات الاسلامية
        وايضا معلومات جديدة علي وقيمه
        كل الشكر والتقدير حبيبتى

        تعليق


        • #5
          اهلا بالحلوة منى
          اسعدني حبيبة قلبي
          ان اضاف موضوعي
          معلومات الى معارفك
          بارك الله فيكِ

          تعليق


          • #6
            عقبة بن نافع.. فاتح إفريقية

            هذه سيرة واحد من القادة العرب والفاتحين لبلاد الله
            مهَّد الله به الطريق لنشر دعوته
            وكان نعمة من النعم التي منَّ الله بها
            على المسلمين، وأيَّد بها جانب الدين
            فحقق الله على يديه نشر الإسلام في الشمال الإفريقي
            وأعاد بجهاده في إفريقية أمجاد اليرموك والقادسية
            ويعتبر آخر مَن ولي المغرب من الصحابة
            هو عقبة بن نافع بن عبد قيس بن لقيط
            بن عامر بن أمية بن الضرب بن الحارث بن فهر.

            عقبة بن نافع مولده ونشأته

            ولد عقبة بن نافع قبيل عام واحد
            من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم
            لذلك فقد ولد عقبة ونشأ في بيئة إسلامية خالصة
            وهو صحابي بالمولد؛ حيث إنه عاش في صباه
            ردحًا من الزمن يحضر مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم
            وله صلة قرابة للصحابي الجليل عمرو بن العاص
            من ناحية الأم، وقيل إنهما ابني خالة.

            صفاته وشيء من عبادته

            كان عقبة بن نافع مثالاً في العبادة والأخلاق
            والورع والشجاعة والحزم
            والعقلية العسكرية الإستراتيجية الفذة
            والقدرة الفائقة على القيادة بورع وإيمان
            وتقوى وتوكل تام أحبه رجاله وأحبه أمراء المؤمنين
            وكان مستجاب الدعوة، ميمون النقيبة
            مظفر الراية، فلم يهزم في معركة قط
            طبق في حروبه أحدث الأساليب العسكرية
            في تكتيكات القتال.

            القيادة والجندية في شخصية عقبة

            إلى جند الله المسلمين الصادقين، الداعين إلى الله
            على بصيرة والمجاهدين لنصرة شريعته
            وإعلاء كلمته أدعوهم لمعرفة القيادة والجندية
            من موقف أبو المهاجربن دينار وعقبة بن نافع
            لمعرفة القيادة والجندية كيف تسمو على المطامع الشخصية
            فعندما جاء الأمر من خليفة المسلمين
            معاوية بن أبي سفيان بعزل عقبة بن نافع
            عن ولاية إفريقية، وتولية رجل من جنوده اسمه
            أبو المهاجر دينار، هل تمرّد؟ هل امتنع أو حتى تذمر؟
            كلا والله، امتثل عقبة فورًا للأمر وانتظم في سلك الجندية.

            تعليق


            • #7
              ولم يمض كثيرًا من الوقت حتى عاد عقبة بن نافع
              إلى قيادة الجهاد ببلاد المغرب
              بعد وفاة الخليفة معاوية، فعينه الخليفة يزيد بن معاوية
              على إفريقية، وانتقل أبو المهاجر في صفوف الجنود
              مجاهدًا مخلصًا، وقرر عقبة بن نافع
              استئناف مسيرة الفتح الإسلامي
              من حيث انتهى أبو المهاجر
              وهكذا نرى خير الأمة ينتقل الواحد منهم
              من الرئاسة إلى عامة الجند بمنتهى اليسر والسهولة
              بلا مشاكل أو اعتراض، وبلا أحقاد وأضغان
              وذلك لأن الكل يبتغي مرضات الله ولا يريد شيئًا
              من عرض الدنيا الزائل، إنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
              فلا المناصب تبهرهم ولا الدنيا تفتنهم
              ولا الأحقاد تعرف إلى قلوبهم طريقًا
              إنهم خالصون مخلصون لا يريدون إلا وجه الله
              وبهذه النفوس الصادقة والقلوب المؤمنة
              والعزائم الفائقة انتشر الإسلام في ربوع الأرض.

              عقبة بن نافع خطيبًا

              كان عقبة بن نافع خطيبًا بارعًا عباراته فائقة
              تلخص رسالة المجاهد في سبيل الله
              فخطب في جيشه أثناء تحركه لفتح طنجة قائلاً:
              "أيها الناس إن أشرفكم وخياركم الذين رضي الله تعالى عنهم
              وأنزل فيهم كتابه، بايعوا رسول الله بيعة الرضوان
              على قتال من كفر بالله إلى يوم القيامة
              وهم أشرفكم والسابقون منكم إلى البيعة
              باعوا أنفسهم من رب العالمين بجنته بيعة رابحة
              وأنتم اليوم في دار غربة وإنما بايعتم رب العالمين
              وقد نظر إليكم في مكانكم هذا
              ولم تبلغوا هذه البلاد إلا طلبًا لرضاه وإعزازًا لدينه
              فأبشروا فكلما كثر العدو كان أخزى لهم
              وأذل إن شاء الله تعالى، وربكم لا يسلمكم
              فالقوهم بقلوب صادقة، فإن الله قد جعل بأسه
              على القوم المجرمين"
              وبهذه الكلمات الموجزة استثار عقبة حمية رجاله
              وأعطى درسًا بليغًا للأجيال من بعده
              عن حقيقة دعوة المجاهد.

              عندما وصل بخيله إلى المحيط الأطلنطي
              اخترق عقبة بفرسه ماء المحيط
              ثم قال بقلب المؤمن الصادق الغيور:
              "يا رب لولا هذا البحر لمضيت في البلاد مجاهدًا في سبيلك
              اللهم اشهد أني قد بلغت المجهود
              ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد
              أقاتل من كفر بك حتى لا يعبد أحد دونك".

              بروزه مبكرًا على ساحة الجهاد

              برز اسم عقبة بن نافع مبكرًا على ساحة
              أحداث حركة الفتح الإسلامي
              فبلغ بجهاده ما بلغ خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص
              وعمرو بن العاص، فشارك في فتح مصر سنة 21هـ
              أي في وقت كان عمر عقبة نيف عن العشرين سنة
              أو يفوقها بقليل، حيث اشترك هو وأبوه نافع
              في الجيش الذي توجه لفتح مصر
              بقيادة عمرو بن العاص.

              تعليق


              • #8
                ولقد توسم فيه عمرو أنه سيكون له شأن كبير
                ودور في حركة الفتح الإسلامي على الجبهة الغربية
                لذلك أسند إليه مهمة صعبة وهي قيادة دورية
                استطلاعية لدراسة إمكانية فتح الشمال الإفريقي
                ثم جعله عمرو بن العاص واليًا على إقليم برقة
                على الرغم من وجود العديد من القادة الأكفاء
                والصحابة الكبار، مما يدل على نجابة هذا البطل الشاب.

                كما أرسل عمرو بن العاص والى مصر البطل الشاب
                عقبة بن نافع إلى بلاد النوبة لفتحها
                فلاقى هناك مقاومة شرسة من النوبيين
                ولكنه مهد السبيل أمام من جاء بعده لفتح البلاد
                ثم أسند إليه عمرو مهمة في غاية الخطورة
                وهي تأمين الحدود الغربية والجنوبية لمصر
                ضد هجمات الروم وحلفائهم البربر.

                وفي أثناء الفتنة التي وقعت بين سيدنا علي أبن أبي طالب
                ومعاوية بن أبي سفيان نأى
                عقبة بن نافع بنفسه عن أحداثها
                وجعل شغله الشاغل الجهاد في سبيل الله
                ونشر الإسلام بين قبائل البربر
                ورد هجمات الروم، فلما استقرت الأمور
                وأصبح معاوية خليفة للمسلمين
                أصبح معاوية بن حديج واليًا على مصر
                وكان أول قرار أخذه هو إرسال عقبة بن نافع
                إلى الشمال الإفريقي لبداية حملة جهادية قوية
                وجديدة لمواصلة الفتح الإسلامي
                واستطاع عقبة وجنوده أن يطهروا
                منطقة الشمال الإفريقي من الحاميات الرومية المختلفة
                ومن جيوب المقاومة البربرية المتناثرة.

                أنشاء مدينة القيروان مسجدها الجامع

                أنشأ القائد المسلم عقبة بن نافع مدينة القيروان
                عام 50هـ/ 670م، وكان هدفه من هذا البناء
                أن يستقر بها المسلمون
                إذ كان يخشى إن رجع المسلمون عن أهل إفريقية
                أن يعودوا إلى دينهم، وقد اختير موقعها
                على أساس حاجات إستراتيجية واضحة
                فقد ذكر عقبة: "... إن أهل هذه البلاد
                قوم لا خلاق لهم إذا عضهم السيف أسلموا
                وإذا رجع المسلمون عنهم عادوا إلى عاداتهم ودينهم
                ولست أرى نزول المسلمين بين أظهرهم رأيًّا
                وقد رأيت أن أبني ها هنا مدينة يسكنها المسلمون
                فاستصوبوا رأيه..."، وقد اختار لها موضعًا
                بعيدًا عن البصر في وسط البلاد
                ولئلا تمر عليها مراكب الروم فتهلكها.

                وقد لعبت مدينة القيروان دورًا رئيسيًّا
                في القرون الإسلامية الأولى
                فكانت العاصمة السياسية للمغرب الإسلامي
                ومركز الثقل فيه منذ ابتداء الفتح
                كما كانت القيروان سدًّا منيعًا
                يحول دون تسرب الخطر الشيعي.

                واعتبر المؤرخون أن إنشاء مدينة القيروان
                يمثل بداية تاريخ الحضارة العربية الإسلامية
                في المغرب العربي، فلقد كانت المدينة
                تلعب دورين هامين في آن واحد هما
                الجهاد والدعوة، فبينما كانت الجيوش
                تخرج منها للغزو والفتح، كان الفقهاء يخرجون منها
                لينتشروا بين البلاد يعلمون العربية وينشرون الإسلام
                وقد كان لهذه المدينة منزلة دينية عظيمة
                في نفوس المسلمين وكانوا يعتبرونها
                مدينة مقدسة ولا يدخلها غير المسلمين
                وقد دعا عقبة بن نافع الله سبحانه وتعالى لمدينته:
                "... اللهم أملأها علمًا وفقهًا، وأعمرها بالمطيعين والعابدين
                واجعلها عزًّا لدينك وذلاً لمن كفر بك، وأعز بها الإسلام".

                وكان لمسجد عقبة الجامع بالمدينة دور كبير
                في نشر وتعليم الدين وعلومه بحكم ما علق عليها
                من آمال في هداية الناس وجلبهم إلى إفريقية
                وكانت مدرسة القيروان الفقهية
                محط أنظار الدارسين من صقلية والمغرب
                والأندلس فلا يكاد قطر من تلك الأقطار
                يخلو من مئات الوافدين منه
                على القيروان لتلقي العلوم والتفقه في الدين.

                قالوا عنه

                قال المستشرق "سيديو" في كتابه
                "تاريخ العرب العام":
                "ونصب والٍ جديد على البلاد المفتوحة
                ولم يكترث هذا الوالي لإدارتها اكتراثه
                لرفع راية المسلمين فوق المدن الرومية
                ولدى المغاربة إلى أبعد مدى
                وذلك الوالي هو عقبة بن نافع الجامع
                لجميع الصفات المرغوب فيها من الشجاعة
                عند كل بلية ومن إنكار للذات
                ومن كرم وعظمة نفس وإيمان لا يتزعزع".

                وفاته

                استشهد عقبة بن نافع سنة 63هـ
                قتله كسيلة بن لمزم الأودي
                وهو نصراني تظاهر بالإسلام
                ودفن في مكان يعرف حتى الآن باسم
                سيدي عقبة بالجزائر، وترك باستشهاده أثرًا كبيرًا
                في نفوس البربر، وأصبح من يومها يلقّب
                بـ"سيدي عقبة "

                تعليق


                • #9
                  عبد الرحمن الغافقي.. فارس بلاط الشهداء

                  بطلنا الذي سنسرد سيرته اليوم هو
                  عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي
                  شخصية صهرها القرآن الكريم
                  من التابعين الذين دخلوا الأندلس
                  وهو بطل بعيد الهمة حازم الإرادة، صاحب مشروع
                  حضاري إسلامي يقوم على فتح أوروبا
                  حتى الوصول للقسطنطينية، وقد ناضل من أجل تحقيقه
                  واستشهد في سبيله.

                  نشأته

                  نشأ عبد الرحمن الغافقي نشأة مباركة
                  فصحب كرام الصحابة، وتلقى الفقه والحديث عن
                  عبد الله بن عمر
                  ففاضت نفسه حماسة للإسلام وشغفًا بانتصاره
                  نزح إلى الأندلس مجاهدًا في سبيل دينه
                  ثم تألق نجمه فيما اشترك فيه من الغزوات والحروب
                  فعرف بالشجاعة والمروءة، وتقدم الصفوف
                  قائدًا ممتازًا يرسم الخطط ويدير المعارك.

                  تولى عبد الرحمن الغافقي ولاية الأندلس

                  فتح المسلمون الأندلس سنة 91: 92هـ/ 710: 711م
                  على يد الفاتحين العظيمين طارق بن زياد
                  وموسى بن نصير في عهد الوليد بن عبد الملك
                  وأصبحت الأندلس من ذلك التاريخ ولاية إسلامية
                  تعاقب عليها الولاة من قبل الخلافة الأموية
                  ينظمون شئونها، ولكن الأندلس في عهدها الأول
                  قد وليها بعد موسى بن نصير أناس لم يثبتوا للحوادث
                  فأصبحت مرتعًا للفتن والثورات ومسرحًا للخلاف القبلي
                  حتى رأسها السمح بن مالك الخولاني
                  فأعاد إليها النظام والاستقرار وكان بطلاً مقدامًا
                  رأى أن يستأنف الغزو ويرفع راية الجهاد
                  وشاء الله أن يسقط شهيدًا
                  أثناء اكتساحه للولايات الأسبانية.

                  وقطعت الأندلس بعد ذلك عشرة أعوام
                  من الاضطراب والفوضى وشغل الولاة
                  بالمنازعات الداخلية، وكان الغافقي أحد جنود السمح بن مالك
                  فأجمع الجيش على اختيار عبد الرحمن الغافقي
                  لقيادة الجيش، ولكن الوالي الإفريقي
                  لم يرض عن اختيار الغافقي للقيادة
                  وكانت الأندلس تابعة للشمال الإفريقي
                  في توالي ولاية الأندلس، ولكن اضطراب الأوضاع
                  قد أجبرت على تعيين عبد الرحمن الغافقي
                  واليًا للأندلس في صفر سنة 113هـ/ أبريل سنة 731م
                  فعاد الأسد إلى عرينه يتقدم الصفوف
                  ويجهز الكتائب للجهاد والنضال.

                  صفاته وعدله

                  يذكر الأستاذ محمد عبد الله عنان في كتابه
                  مواقف حاسمة في تاريخ الإسلام
                  أن عبد الرحمن الغافقي كان جنديًّا عظيمًا
                  ظهرت مواهبه الحربية، وحاكمًا قديرًا
                  بارعًا في شئون الحكم والإدارة، ومصلحًا مستنيرًا
                  وكان الغافقي بطلاً بعيد الهمة حازم الإرادة
                  وتجمع الرواية الإسلامية على تقديره
                  والإشادة بعدله ورفقه ولينه، فلا يحابي أحدًا
                  في سبيل الحق والعدالة، بل إن أخلاق الإسلام
                  التي سرت في عروقه واختلطت بدمائه
                  ألهمته سبيل الرشاد، وذلك يدل دلالة ساطعة
                  على إيمان القائد وورعه وتخلقه بالخلال الإسلامية
                  الواضحة الشفافة، فهو لا يعبأ بكبير في الحق
                  ولا يدخر لنفسه شيئًا دون جنوده
                  وبهذه الشمائل العالية نال ثواب الله
                  واحتل شغاف القلوب.

                  المشروع الحضاري لعبد الرحمن الغافقي

                  كان هذا البطل الباسل يعزم عزمًا أكيدًا
                  على تحقيق أمنية القائد المجاهد موسى بن نصير
                  في الفتح الإسلامي، فهو يريد أن يوغل في أرض الإفرنج
                  حاملاً مدنية الإسلام وحضارته إلى شعوب
                  غرقت في الظلام والضلال، ثم يعطف على الشرق
                  فينفذ من القسطنطينية إلى دمشق
                  وبذلك يعم الإسلام القارة الأوروبية، وينقذ شعوبها
                  من الظلمات ويخرجهم إلى النور
                  هذا هو المشروع الضخم الذي رصد حياته لتنفيذه

                  تعليق


                  • #10
                    وسائل التمكين عند الغافقي

                    بدأ عبد الرحمن الغافقي بإصلاح داخلي
                    يقوم على العدالة والمساواة، وقام بزيارة الأقاليم المختلفة
                    فنظم شئونها، وقمع الفتن والمظالم ما استطاع
                    كما عدل نظام الضرائب وفرضها على الجميع
                    بالعدل والمساواة، وعزل من العمال
                    من حامت حوله الريب والظنون
                    وأظهر تسامح الإسلام في معاملة النصارى واليهود
                    فرد كنائسهم وأملاكهم المغصوبة، وفرح الأندلسيون
                    بولايته فرحًا شديدًا، وعلى مستوى الجيش
                    عني بإصلاحه وتنظيمه عناية خاصة
                    فقد أخذ يدرب الجيوش ويحشد الذخائر
                    ويضع كل جندي في موضعه اللائق بكفايته
                    وانتخب فرقًا جديدةً مختارةً من فرسان البربر
                    وعهد بقيادتها إلى أبطال من العرب
                    فأحسنوا تدريبها الحربي وأضافوا إلى الجيش الإسلامي
                    قوة عظيمة، كما قام الغافقي بتطهير الجبهة الداخلية
                    قبل أن يشتبك مع أعداء الإسلام
                    وحصن الثغور الشمالية
                    وتأهب لإخماد كل نزعة إلى الخروج والثورة.

                    عبد الرحمن الغافقي.. رحلة جهاد

                    عبأ الغافقي جنوده واستأنف الغزو فاقتحم الجبال
                    ووطئ السهول بسيطها ووعرها، وتوغل مثخنًا
                    في بلاد الفرنج فاكتسح المدن الواقعة على نهر الرون
                    ثم هجم على ولاية "أكوتين" وحالفه النصر
                    فمزق جيوشها وطارد فلولها، ثم تابع زحفه منتصرًا
                    في جميع خطواته حتى افتتح نصف فرنسا الجنوبي
                    من الشرق إلى الغرب في بضعة أشهر
                    فانزعجت أوروبا انزعاجًا صارخًا لتقدم الجيوش الإسلامية
                    فأرسلوا صيحاتهم الصليبية في آفاق أوروبا
                    وبذلوا أقصى ما يقدرون عليه في إشعال الكراهية للإسلام
                    وتولى "شارل مارتل" فتجمع حوله الصليبيون
                    وقدموه قائدًا للكفاح النصراني
                    واستطاع أن يحشد طوفانًا مرعبًا
                    من الآدميين المتوحشين.

                    أما عن الجانب الإسلامي فأخذ القائد عبد الرحمن الغافقي
                    وكان من فرسان المنابر يخطب في جنوده
                    ويحثهم على الثبات والصبر، فأفرغ في خطبه كثيرًا
                    مما تزخر به نفسه المتوثبة، ثم تقدم بجنوده
                    يحدوه الأمل المشرق
                    ويدفعه اليقين الراسخ في نصر الله.

                    تعليق


                    • #11
                      موقعة بلاط الشهداء (114هـ/ 732م)

                      في رحاب إسبانيا الشاسعة الأطراف
                      بين بواتيه وتور التقى جيشان يختلفان عددًا ولغة ودينًا
                      وبدأ القتال في 13 أكتوبر سنة 732م/
                      أوائل شهر رمضان سنة 114هـ
                      فنشبت بين الجيشين معارك جزئية مدة ثمانية أيام
                      وفي اليوم التاسع نشبت بينهما المعركة
                      وعلى مقربة من نهر اللوار هجمت فرسان المسلمين
                      على صفوف الفرنجة حتى بدا الإعياء على الفرنج
                      ولاح النصر في جانب المسلمين
                      وتكدست جثث القتلى من الجانبين طيلة النهار
                      حتى فصل الظلام بينهما، وكان الجنود المسلمون
                      أُسدًا مغاوير، فقد اخترقوا الصفوف وراء قائدهم الباسل.

                      ولاحت لشارل مارتل فكرة داهية
                      فهو يعلم أن المسلمين مثقلون بغنائمهم الثمينة
                      وكثيرًا منهم من البربر الذين يحرصون على نفائسهم الغالية
                      فما عليه حين يتلاحم الجيشان حتى ارتفعت صيحة مجهول
                      في المراكز الإسلامية بأن معسكر الغنائم يكاد يقع
                      في يد العدو فارتدت قوة كبيرة من الفرسان
                      من قلب المعركة إلى ما وراء الصفوف لحماية الغنائم
                      وترك الكثيرون ميدان القتال واندفعوا إلى الخيام مذعورين
                      فدب الخلل في صفوف المسلمين
                      وطار الصراخ في كل مكان وارتفع البكاء على النفائس
                      فصح ما توقعه شارل مارتل.

                      وهال القائد عبد الرحمن الغافقي الموقف الرهيب
                      وأفزعه فطفق يعدو بجواده ويصرخ في جنوده
                      الذين وقعوا في حب المال، ويحاول عبثًا أن يعيد النظام
                      وأن يهدئ من روع الجند، ولكن خابت صرخاته اليائسة
                      وترك الطامعين من المرتدين، واندفع مع خيرة جنوده
                      ليقف بهم أمام الطوفان المتوحش الرهيب
                      واستبسلت كتيبة القائد الغافقي استبسالاً
                      ينحني له التاريخ إجلالاً وإكبارًا فأطاحت بصفوف هائلة
                      من الجحافل المتراصة المترامية
                      ولكن بينما هو يتنقل بين الصفوف يقودها ويجمع شتاتها
                      إذ أصابه من جانب الأعداء سهم أودى بحياته
                      فسقط البطل الغافقي صريعًا شهيدًا من فوق جواده
                      وعم الذعر والاضطراب في الجيش الإسلامي
                      إذ وقع استشهاد عبد الرحمن الغافقي موقعًا مؤلمًا
                      وأمعن العدو في المسلمين تقتيلاً وإهلاكًا
                      فطارت نفوس كثيرة، وسقطت جثث لا تخضع لحصر
                      وتمادى شارل مارتل مع جيشه حصدًا واستئصالاً
                      فلم يعبأ بجريح يئن أو شهيد يحتضر
                      حتى أتى الظلام الأسود فطوي الستار على أشأم يوم
                      لم يسمع المسلمون بمثله في الأندلس
                      وعرفت هذه المعركة في التاريخ الإسلامي
                      بمعركة بلاط الشهداء
                      نظرًا لكثرة من سقط في ميدانها الرهيب
                      من شهداء الجهاد الإسلامي من أكابر المسلمين والتابعين.

                      استشهد عبد الرحمن الغافقي بعد أن أبلى أحسن البلاء
                      وبذل أقصى ما يبذله قائد باسل في الذود عن حياضه
                      ولكن مأساة غزوة أحد تكررت في سهول فرنسا مرة ثانية
                      إذ تكالب المسلمون على الغنائم وتركوا الجهاد
                      وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد ليبرز للمسلمين
                      شتى العبر وأبلغ العظات، ولكن أين من يعقل ويتدبر.

                      معركة بلاط الشهداء بعيون غربية

                      لقد فرحت النصرانية بهذه النتيجة فرحًا شديدًا
                      وما زال أكثر كتاب الغرب إلى اليوم ينظمون
                      قصائد المديح لشارل مارتل واعتباره بطل النصرانية
                      الذي أوقف امتداد الإسلام، وثبت أركان المسيحية.

                      يقول إدوارد جيبون إن حوادث هذه المعركة
                      أنقذت آباءنا البريطانيين وجيراننا الفرنسيين
                      من نير القرآن المدني والديني وحفظت جلال روما
                      وأخرت استعباد القسطنطينية، وشدت أزر النصرانية.

                      ويقول السير إدوارد كريزي:
                      "إن النصر العظيم الذي حققه شارل مارتل
                      على العرب سنة 732م وضع حدًّا حاسمًا
                      لفتوح العرب في غرب أوروبا، وأنقذ النصرانية من الإسلام.

                      ويقول فون شليجل:
                      "إن النصر الساحق الذي غنمه شارل مارتل
                      بين تور وبواتييه وضع لتقدمهم حدًّا
                      وسقط قائدهم عبد الرحمن في الميدان مع زهرة جنده
                      وأنقذ مارتل بسيفه أمم الغرب النصرانية من قبضة الإسلام

                      ويذكر رانكه:
                      "إن فاتحة القرن الثامن من أهم عصور التاريخ
                      ففيها كان دين محمد ينذر بامتلاك إيطاليا.

                      رحم الله الشهيد عبد الرحمن الغافقي
                      فلم تطفئ هذه المعركة بريقًا من مجده
                      فقد أجمع المؤرخون على تقديره وإكباره
                      وسجلت فدائيته العجيبة بسطور من ضياء
                      فقد قاتل قتالاً مستميتًا، وتقدم إلى الموت
                      وهو لا يشك لحظة في استشهاده.

                      تعليق


                      • #12
                        بارك الله فيكِ
                        مراقبنا العام
                        الغاليه
                        هاله
                        حديث رائع عن تاريخ فتوحات وسيره قاده
                        انتقاء مميز
                        شكرا لمجهودك وافادتك
                        دمتِ لنا بكل خير

                        تعليق


                        • #13
                          اختي هاله
                          صفحات من تاريخ الفتوحات الاسلاميه
                          موضوع رائع
                          وسيرة عطرة لقادة من قادات أمتنا الاسلامية
                          التي قادوا فتوحاتها لتصل الى أقصى المعموره
                          وكانوا نبراسا يقتدى بهم لرفع
                          شأن الإسلام
                          ورفع راية التوحيد عالية خفاقا
                          بارك الله فيك ورعاك
                          وبانتظار المزيد والمزيد

                          تعليق


                          • #14
                            مبدعتي حبيبة قلبي
                            عطرتي الصفحات بمرورك الغالي
                            ربنا يبارك فيكِ ياغالية
                            ويدوم ودك الجميل

                            تعليق


                            • #15
                              ياهلا بك اخي الغالي
                              السيلاوي
                              رمضان كريم
                              اسعدني مرورك
                              بارك الله فيك












                              تعليق

                              مواضيع تهمك

                              تقليص

                              المنتدى: المكتبة الالكترونية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 04:01 PM
                              المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:44 PM
                              المنتدى: التعريف بالهندسة الصناعية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:38 PM
                              المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-10-2025 الساعة 01:22 AM
                              المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-04-2025 الساعة 12:04 AM
                              يعمل...
                              X