إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

زهرة على وجهها ابتسامة النصر و التغلب

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • زهرة على وجهها ابتسامة النصر و التغلب

    البنفسجة الطموح

    كان في حديقة منفردة جميلة الثنايا طيبة العرف زهرة البنفسجة
    تعيش قانعة بين أترابها و تتمايل فرحة بين قامات الأعشاب
    ففي صباح و قد تكلّلت بقطر الندى رفعت رأسها و نظرت حواليها
    فرأت وردة تتطاول نحو العلاء بقامة هيفاء و رأس يتسامى متشامخاً
    كأنه شعلة من النار فوق مسرجة من الزمرّد

    ففتحت البنفسجة ثغرها الأزرق و قالت متنهدة
    ما أقلّ حظي بين الرياحين و ما أوضع مقامي بين الأزهار
    فقد ابتدعتني الطبيعة صغيرة حقيرة أعيش ملتصقة بأديم الأرض
    و لا أستطيع أن أرفع قامتي نحو ازرقاق السماء
    أو أحوّل وجهي نحو الشمس مثلما تفعل الورود

    و سمعت الوردة ما قالته جارتها البنفسجة فاهتزّت ضاحكة ثمّ قالت
    ما أغباك بين الأزهار فأنت في نعمة تجهلين قيمتها
    فقد وهبتك الطبيعة من الطيب و الظرف و الجمال
    ما لم تهبه لكثير من الرياحين
    فخلّي عنك هذه الميول العوجاء و الأماني الشريرة
    و كوني قنوعاً بما قسم لك و اعلمي أن من خفض جناحه رفع قدره
    و أنّ من طلب المزيد وقع في النقصان
    فأجابت البنفسجة قائلة أنت تعزينني أيتها الوردة
    لأنك حاصلة على ما أتمناه و تغمرين حقارتي بالحكم لأنك عظيمة
    و ما أمرّ مواعظ السعداء في قلوب التاعسين
    و ما أقسى القوي إذا وقف خطيباً بين الضعفاء

    وسمعت الطبيعة ما دار بين الوردة و البنفسجة فاهتزت مستغربة
    ثمّ رفعت صوتها قائلة ماذا جرى لك يا ابنتي البنفسجة ؟
    فقد عرفتك لطيفة بتواضعك عذبة بصغرك شريفة بمسكنتك
    فهل استهوتك المطامع القبيحة أم سلبت عقلك العظمة الفارغة ؟

    فأجابت البنفسجة بصوت ملؤه التوسل و الاستعطاف
    أيتها الأم العظيمة بجبروتها الهائلة بحنانها
    أضرع إليك بكل ما في قلبي من التوّسل
    و ما في روحي من الرجاء
    أن تجيبي طلبي و تجعليني وردة و لو يوماً واحداً

    فقالت الطبيعة أنت لا تدرين ما تطلبين
    و لا تعلمين ما وراء العظمة الظاهرة في البلايا الخفية
    فإذا رفعت قامتك و بدلت صورتك و جعلتك وردة
    تندمين حيث لا ينفع الندم

    فقالت البنفسجة حوّلي كياني البنفسجي إلى وردة
    مديدة القامة مرفوعة الرأس و مهما يحل بي بعد ذلك
    يكون صنع رغائبي و مطامعي

    فقالت الطبيعة لقد أجبت طلبك أيتها البنفسجة الجاهلة المتمردة
    و لكن إذا دهمتك المصائب و المصاعب لتكن شكواك من نفسك
    و مدّت الطبيعة أصابعها الخفية السحرية و لمست عروق البنفسجة
    فحوّلتها بلحظة إلى وردة زاهية متعالية فوق الأزهار و الرياحين

    و لما جاء عصر ذلك النهار تلبّد الفضاء بغيوم سوداء مبطنة بالإعصار
    ثمّ هاجت سواكن الوجود فأبرقت و رعدت و أخذت تحارب تلك الحدائق و البساتين
    بجيش عرمرم من الأمطار و الأهوية فكسرت الأغصان و لوت الأنصاب
    و اقتلعت الأزهار المتشامخة و لم تبق إلاّ على الرياحين الصغيرة
    التي تلتصق بالأرض أو تختبئ بين الصخور

    أمّا تلك الحديقة المنفردة فقد قاست من هياج العناصر ما لم تقاسه حديقة أخرى
    فلم تمر العاصفة و تنقشع الغيوم حتى أصبحت أزهارها هباء منثوراً
    و لم يسلم منها بعد تلك المعمعة الهوجاء سوى طائفة البنفسج المختبئة بجدار الحديقة

    و رفعت إحدى صبايا البنفسج رأسها فرأت ما حلّ بأزهار الحديقة و أشجارها
    فابتسمت فرحاً ثمّ نادت رفيقاتها قائلة
    ألا فانظرن ما فعلته العاصفة بالرياحين المتشامخة تيهاً و عجباً
    و قالت بنفسجة أخرى نحن نلتصق بالتراب
    و لكننّا نسلم من غضب العواصف و الأنواء
    و قالت بنفسجة ثالثة نحن حقيرات الأجسام غير أن الزوابع
    لا تستطيع التغّلب علينا

    و نظرت إذ ذاك مليكة طائفة البنفسج فرأت على مقربة منها
    الوردة التي كانت بالأمس بنفسجة و قد اقتلعتها العاصفة
    و بعثرت أوراقها الرياح و ألقتها على الأعشاب المبللة
    فبانت كقتيل أرداه العدو بسهم

    فرفعت مليكة طائفة البنفسج قامتها و مدّت أوراقها
    ونادت رفيقاتها قائلة تأمّلن و انظرن يا بناتي
    انظرن إلى البنفسجة التي غرّتها المطامع
    فتحوّلت إلى وردة لتشامخ ساعة ثمّ هبطت إلى الحضيض
    ليكن هذا المشهد أمثولة لكنّ

    عندئذ ارتعشت الوردة المحتضرة واستجمعت قواها الخائرة
    و بصوت متقطع قالت ألا فاسمعن أيتها الجاهلات القانعات
    الخائفات من العواصف و الأعاصير لقد كنت بالأمس مثلكن
    أجلس بين أوراقي الخضراء مكتفية بما قسم لي
    و قد كان الاكتفاء حاجزاً منيعاً يفصلني عن زوابع الحياة و أهويتها
    و يجعل كياني محدوداً بما فيه من السلامة متناهياً بما يساوره
    من الراحة و الطمأنينة لقد كان بإمكاني أن أعيش نظيركن ملتصقة بالتراب
    حتى يغمرني الشتاء بثلوجه و أذهب كمن يذهب قبلي إلى سكينة الموت
    و العدم قبل أن أعرف من أسرار الوجود و مخبآته غير ما عرفته
    طائفة البنفسج منذ وجد البنفسج على سطح الأرض
    لقد كان بإمكاني الانصراف عن المطامع و الزهد في الأمور
    التي تعلو بطبيعتها عن طبيعتي و لكني أصغيت إلى سكينة الليل
    فسمعت العالم الأعلى يقول لهذا العالم
    إنّما القصد من الوجود الطموح إلى ما وراء الوجود

    فتمرّدت نفسي على نفسي و هام وجداني بمقام يعلو عن وجداني
    و ما زلت أتمرّد على ذاتي و أتشوّق إلى ما ليس لي
    حتى انقلب تمرّدي إلى قوّة فعّالة و استحال شوقي إلى إرادة مبدعة
    فطلبت إلى الطبيعة و ما الطبيعة سوى مظاهر خارجية لأحلامنا الخفية
    أن تحولني إلى وردة ففعلت و طالما غيرت الطبيعة صورها و رسومها
    بأصابع الميل و التشويق

    و سكتت الوردة هنيهة ثمّ زادت بلهجة مفعمة بالفخر و التفوّق
    لقد عشت ساعة كملكة لقد نظرت إلى الكون من وراء عيون الورود
    وسمعت همس الأثير بآذان الورود و لمست ثنايا النور بأوراق الورود
    فهل بينكن من تستطيع أن تدّعي شرفي ؟

    ثمّ لوت عنقها و بصوت يكاد يكون لهاثاُ قالت
    أنا أموت الآن . أموت و في نفسي ما لم تكنه نفس بنفسجة من قبلي
    أموت و أنا عالمة بما وراء المحيط المحدود الذي ولدت فيه
    وهذا هو القصد من الحياة هذا هو الجوهر الكائن
    وراء عرضيات الأيام و الليالي

    و أطبقت الوردة أوراقها و ارتعشت قليلاً ثمّ ماتت
    و على وجهها ابتسامة علويّة ابتسامة من حققت الحياة أمانيه
    ابتسامة النصر و التغلّب

    جبران خليل جبران

  • #2
    انما القصد من الوجود الطموح الى ما وراء الوجود
    اموت الان و فى نفسى مالم تكنه نفس غيرى
    اموت و انا عالمة بما وراء المحيط الذى تواجدت فيه
    اموت و على وجهى ابتسامة رضى بما اخترته عن قناعة
    ثم استدير بوجهى ناحيتهن لتبقى ابتسامتى فى مخيلتهن
    لتسد عنهن طريق الشماته و لتحرك بداخلهن او داخل احداهن
    على الاقل وهج الطموح الذى منحنى سعادة تسرى بداخلى
    حتى و انا احتضر لاسلم روح مليئة بالثبات لنفس ماتت شامخة
    هذه هى بنفسجتى الخاصة التى رافقتنى عمرى كله
    و لا تزال و الى الابد باذن الله(safy)

    تعليق


    • #3
      الرضا بالمقسوم عبادة
      هي الحياة تغر من كانت بلواه
      في قلب شقي يتطلع لما عند غيره
      و لا يرضى بما قسمه الله له
      لحكمة لا يعلمها سوى الله سبحانه وتعالى
      فلو علمنا الغيب لرضينا بالواقع
      و لكنها الدنيا و قلة العزم
      قصة قصيرة حوت بلاغة عظيمة
      كم هو رائع جبران خليل جبران
      و الاروع من نقلت لنا كلماته
      تسلمي صافي الحلوة زادك الله بهجة روح
      و صفاء قلب دمتِ بكل خير

      تعليق


      • #4
        اختى الحبيبة هالة
        شكرا على اهتمامك و مرورك الذى دائما انتظرة و اتطلع اليه
        تماما كما تطلعت بنفسجتى الى عالم اخر افضل و اكبر مما تعيش فيه
        لم تطمع بنفسجتى فيما يمتلكه غيرها و انما تمنيها التحول الى ورده
        لم يكن الا وسيله لتتطلع بها الى العالم الاخر الذى طالما سمعت عنه
        عالم اوسع من الذى تعيش فيه عالم افضل عالم اجمل عالم اشمل
        يضيف الى معرفتها و معلوماتها
        فالبنفسجة ايقنت انها ستموت على اية حال سواء و هى بنفسجة ام وردة
        فقررت ان تموت و فى نفسها مالم تكنه اى بنفسجة اخرى
        قررت ان تموت و هى اعلم و هى ادرى و هى فاهمة و هى مستمتعة
        ابت على نفسها ان تموت خاوية مفرغة من العلم
        و انما قررت ان تموت و هى مثقلة بعوالم الامور و المعرفة
        هذا دفاع بسيط عن احب ما لدى فى الحياة
        شكر كتير لك و سعيده باهتمامك

        تعليق


        • #5
          قصة جميلة جدا جدا
          تختصر لغز الحياة فى كلمات قليلة بمعانى كبيرة


          انما القصد من الوجود ......الطموح الى ماوراء الوجود
          اموت الان وفى نفسى مالم تكنه نفس غيرى
          اموت وانا عالمة بما وراء المحيط الذى تواجدت فيه
          اموت وعلى وجهى ابتسامة رضا بما اخترته عن قناعة

          رائع فعلا جبران خليل جبران
          يرى الدنيا بعيون فيلسوف
          ويكتب بقلب شاعر
          تسلمى حبيبتى صافى
          فى انتظار جديدك دائما

          تعليق


          • #6
            اشكرك على مرورك واشكرك ايضا على اعجابك بالقصة كل من يحب بنفسجتى الطموح احبه

            تعليق


            • #7
              صافيناز قصة البنفسجة قصة جميلة
              تحمل كثير من ألغاز الحياة
              و تحوى كثير من الحكم و الموعظة
              تمتعت بقراءتي لموضوعك المفيد
              شكرا لكِ على مجهودك و موضوعك المميز
              تقبلي مروري

              تعليق


              • #8
                الاخ عاشق الروح
                كل من تعاطفوا مع بنفسجتى الجميلة الطموحة
                اشعر ان بداخلهم جزء منها وفقك الله لما تطمح
                شكرا لك اهتمامك و تشجيعك لى

                تعليق


                • #9
                  الغالية صافى قصة جميلة مشوقة
                  استمتعت بقراءتها و بما تحمله من معانى و أهداف
                  فالطموح شئ جميل و العلم و المعرفة أجمل و أجمل
                  شكرا لك و لك كل ود و تقدير
                  جزاك الله خير الجزاء

                  تعليق


                  • #10
                    علا الاسلام شكرا على اعجابك ببنفسجتى و مرورك
                    ربنا يخليكى

                    تعليق


                    • #11
                      قصة رمزية تهدف لطموح بس لنا هنا وقفة
                      او بمعنى ادق ايه هو الطموح ؟
                      الطموح فى تعريفى الشخصى هو ان الانسان الطموح
                      او الشئ الطموح هو اللى يعمل ان يكون فى احسن حال
                      فى احسن مكانة علمية او مادية او حتى معنوية بس بشرط
                      يكون هو مش حد تانى بمعنى ان يتميز على بنى جنسه بطموحة
                      بس يفضل منتمى لبنى جنسه و اتفق مع الاخت العزيزة هالة
                      الرضا بالمقسوم عبادة و لو ان هذة الزهرة كانت تطمح ان تكون مميزة
                      باناقتها و نضراتها و نظافتها بين باقى زهور البنفسج
                      التى هى تنتمى اليها لكنت قلت عليها طموحة لكن لاسف اصبحت متمردة
                      و هناك فرق بين الطموح و التمرد و رجائى من الاخت صافى
                      ان تتفهم وجه نظرى و شكرا لها على الموضوع الجميل

                      تعليق


                      • #12
                        الاخ محمد فاروق
                        طبعا اتفهم وجهة نظرك تماما و اوافقك
                        لكن ليه ماحدش قادر يفهم البنفسجة
                        هى حسبتها لقت انها بمجئ الشتاء القادم سوف تموت
                        من تراكم الثلوج حولها كده كده هاتموت
                        و قدامها فرصة ان تحولها الطبيعة الى زهرة
                        ليس من اجل حبها فى حال الزهرة
                        و انما ليرتفع ساقها و تنظر للعالم المحيط
                        زى ما انسان يغير مكانه او بلده او وظيفته
                        او الناس اللى عايش معاها لما يلاقى ان حاله هايكون افضل
                        قررت انها ما دام هاتموت يبقى تموت
                        و هى عارفة ببواطن الامور و ظواهرها
                        انا مع بنفسجتى اينما تذهب بى مهما كانت النتائج
                        و مهما كانت النهاية راضيه بها
                        انما القصد من الوجود هو الطموح لما وراء الوجود
                        شكرا لك اخى العزيز الغالى ربنا ما يحرمنى من مشاركتك
                        و ارائك الواقعية جدا لكن تعرفنى اخلط الواقع بشئ من الخيال
                        علشان اتقبله شكرا لك

                        تعليق


                        • #13
                          اوضح كلامى بضرب مثال بسيط
                          هو يستطيع الفار بضئلة جسمه و ضعفه
                          ان ينتصر على الاسد ملك الغابة
                          و يتميز بذكاء و يفضل فار زى ما هو
                          بس فار متميز

                          تعليق


                          • #14
                            ولو ماكانتش البيئة اللى حوليه تساعده على التمييز برغم مايحمل من مواهب

                            ومقومات يفضل عايش فيها؟

                            تعليق


                            • #15
                              جميل ان نأبى الا ان نكون
                              ولكن بامر الله تستقيم الحياه
                              قصه جميله وعبره بليغه
                              تحياتى وتقديرى لاختيارك
                              الغاليه
                              صافى
                              شكرا لك

                              تعليق

                              مواضيع تهمك

                              تقليص

                              المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 08-10-2025 الساعة 06:45 PM
                              المنتدى: السلامة والعوامل الانسانية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 08-10-2025 الساعة 06:43 PM
                              المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 08-10-2025 الساعة 06:37 PM
                              المنتدى: المكتبة الالكترونية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 04:01 PM
                              المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:44 PM
                              يعمل...
                              X