الجواهري في ( يافا الجميلة )
جابر جعفر الخطاب
كانت قطرات المطر تطرق على نافذة الشاعر الجواهري في الطائرة التي أقلته من بغداد إلى يافا الحبيبة فتعزف في نقراتها نشيد محبة وترحاب كأنها مبعوثة من بيارات فلسطين وزيتونها المترنم بألحان السلام وكان الرذاذ يعانق الطائرة المحلقة في الجو وينثر عليها قبلاته الندية كأنه
عاشق يحتضن أحبته بعد غياب طويل و أشواق الجواهري الكبير تسابق الريح نحو ( يافا الجميلة ) حيث الوطن الحبيب والأهل والصحب
من أدباء يافا ومثقفيها ففي آذار من عام 1945 أقام المجمع الثقافي في يافا وهو يضم عدة نواد ثقافية احتفالا للشاعر الكبير
الجواهري حيث أنشد في الحفل العامر رائعته التي
وشح بها ربوع يافا ومد جسور الأخوة بين قلوب أبناء الأمة العربية .
سألته وهو يعيش فرحة اللقاء الأخوي مع أحبته من أدباء يافا الذين طوقوه بمشاعرهم النبيلة وغمروه بحفاوتهم وطيب معشرهم
1 – كيف كانت رحلتك إلى يافا الجميلة ؟
بيافا يوم َ حط َّ بنا الركاب ُ......تمطرَ عارضٌ ودجا سحاب ُ
ولفَّ الغادة َ الحسناءَ جوٌّ ......مُريبُ الخطو ِ ليس به شهاب ُ
وأوسعها الرذاذ ُ السح ُ لثما ....ففيها من تحرشهِ اضطراب ُ
2 – هل تذكر منظر يافا وسط الغيوم ؟
ويافا والغيوم ُ تطوف فيها .......كحالمة ٍ يجللها اكتئاب ُ
وعارية ُ المحاسن مغريات ٍ ....بكف الغيم خيط لها ثياب ُ
3 – وأين وقفت في هذا المهرجان الجميل ؟
وقفت ُ موزع النظرات فيها ....لطرفي في مفاتنها انسياب ُ
وموج ُ البحر يغسل أخمصيها ....وبالأنواء تغتسل القباب ُ
وبياراتها ضربت نطاقا ......يخططها كما رُسم َ الكتاب ُ
4 – ماذا قلت لفلسطين وأنت تعيش لحظات الجمال في ابنتها يافا ؟
فقلت ُ وقد أُخذت ُ بسحر يافا .....وأتراب ٍ ليافا تُستطاب ُ
فلسطين ٌ ونعم َ الأم ِ هذي .....بناتك كلها خود ٌ كعاب ُ
5 – من أين كانت بداية رحلتك إلى يافا وهل سبقتك أشواقك إليها ؟
أقلتني من الزوراء ريح ٌ.....إلى يافا وحلق َ بي عُقاب ُ
فيا لك َ طائرا ً مرحا ً عليه ِ.....طيورُ الجو من حنق ٍ غضاب ُ
كأن الشوق َ يدفعه ُ فيذكي ....جوانحه من النجم اقتراب ُ
6 –وماذا أراك َ هذا الطائر في علياء السماء ؟
أرانا كيف يهفو النجم حبا ً .....وكيف يغازل الشمسَ الضباب ُ
وكيف الجو ُ يُرقصه ُ سناها .....إذا خطرت ويُسكرهُ اللعاب ُ
7 – عندما عانقت نظراتك أرض يافا أية مشاعر انتابتك ؟
ولما طبَّق َ الأرج ُ الثنايا ......وفــُتِح َ من نسيم الخلد باب
ولاحَ ( اللد ُّ ) منبسطا عليه .....من الزهرات يانعة ًخضاب ُ
نظرت بمقلة ٍ غطى عليها .....من الدمع الضليل بها حجاب ُ
8 - وماذا قلت وأنت ترى الوجوه الواحدة والأرض الواحدة ؟
وقلت وما أ ُحيرُ سوى عتاب ٍ ....ولست ث بعارف ٍ لمن العتاب ُ
أحقا بيننا اختلفت حدود ٌ ......وما اختلف الطريق ولا التراب ُ
ولا افترقت وجوه ٌ عن وجوه ٍ ....ولا الضاد ُالفصيح ولا الكتاب ُ
9 – لقد أحاطك أهل يافا وأدباؤها بحفاوة بالغة فأي الآثار تركتها هذهالزيارة في نفسك ؟
فيا داري إذا ضاقت ديار ٌ..........ويا صحبي إذا قلَّ الصحاب ُ
ويا متسابقين إلى احتضاني .......شفيعي عندهم أدب ٌ لـُباب ُ
ويا غـُرَّ السجايا لم يَمُـنوا ........بما لطفوا عليَّ ولم يُحابوا
10– هنالك قواسم مشتركة جمعتك وأهل يافا فكيف أفصحت عنها ؟
ثقوا أنا توحدنا هموم ٌ.....مشاركة ٌ ويجمعنا ِنصاب ُ
تشعُ كريمة ً في كل ِ طرف ٍ ... عراقي ٍ طيوفكم ُ العذاب ُ
وسائلة ٌ دما في كل قلب ٍ.... ..عراقي ٍ جروحكم ُ الرغاب ُ
11 – وما الحكمة البالغة التي استوحيتها من هذه الرحلة ؟
يزكينا من الماضي تراث ٌ....وفي مستقبل ٍ جذل ٍ نِصاب ُ
12 – لقد أفرغت قلبك في قصيدتك إلى يافا فما سر ذلك ؟
قوافي َّ التي ذوبت ُ قامت ............بعذري إنها قلب ٌ مذاب ُ
وما ضاق القريض ُ به ستمحو .....عواثره ُ صدوركم ُ الرحاب ُ
أزفت لحظات الوداع وهي حزينة لأن القلب لا يريد أن يفارق
الأحبة في يافا الذين هم امتداد للأهل والوطن في بغداد شقيقة يافا
في السراء والضراء ...انهالت مدامعه شعرا
وهو يودع الأهل والأرض والشجر
الذي لوح له بغصونه المحملة حبا وزهرا ونسيما
في وداع مؤثر لا تمحو ذكرياته عواصف الزمن
لَئن حـُمَّ الوداع ُ فضقت ذرعا ......به واشتـف َّ مهجتيَ الذهاب ُ
فمن أهلي إلى أهلي رجوع ٌ.........وعن وطني إلى وطني إياب ُ
المصدر ديوان الجواهري الجزء الثالث
جابر جعفر الخطاب
كانت قطرات المطر تطرق على نافذة الشاعر الجواهري في الطائرة التي أقلته من بغداد إلى يافا الحبيبة فتعزف في نقراتها نشيد محبة وترحاب كأنها مبعوثة من بيارات فلسطين وزيتونها المترنم بألحان السلام وكان الرذاذ يعانق الطائرة المحلقة في الجو وينثر عليها قبلاته الندية كأنه
عاشق يحتضن أحبته بعد غياب طويل و أشواق الجواهري الكبير تسابق الريح نحو ( يافا الجميلة ) حيث الوطن الحبيب والأهل والصحب
من أدباء يافا ومثقفيها ففي آذار من عام 1945 أقام المجمع الثقافي في يافا وهو يضم عدة نواد ثقافية احتفالا للشاعر الكبير
الجواهري حيث أنشد في الحفل العامر رائعته التي
وشح بها ربوع يافا ومد جسور الأخوة بين قلوب أبناء الأمة العربية .
سألته وهو يعيش فرحة اللقاء الأخوي مع أحبته من أدباء يافا الذين طوقوه بمشاعرهم النبيلة وغمروه بحفاوتهم وطيب معشرهم
1 – كيف كانت رحلتك إلى يافا الجميلة ؟
بيافا يوم َ حط َّ بنا الركاب ُ......تمطرَ عارضٌ ودجا سحاب ُ
ولفَّ الغادة َ الحسناءَ جوٌّ ......مُريبُ الخطو ِ ليس به شهاب ُ
وأوسعها الرذاذ ُ السح ُ لثما ....ففيها من تحرشهِ اضطراب ُ
2 – هل تذكر منظر يافا وسط الغيوم ؟
ويافا والغيوم ُ تطوف فيها .......كحالمة ٍ يجللها اكتئاب ُ
وعارية ُ المحاسن مغريات ٍ ....بكف الغيم خيط لها ثياب ُ
3 – وأين وقفت في هذا المهرجان الجميل ؟
وقفت ُ موزع النظرات فيها ....لطرفي في مفاتنها انسياب ُ
وموج ُ البحر يغسل أخمصيها ....وبالأنواء تغتسل القباب ُ
وبياراتها ضربت نطاقا ......يخططها كما رُسم َ الكتاب ُ
4 – ماذا قلت لفلسطين وأنت تعيش لحظات الجمال في ابنتها يافا ؟
فقلت ُ وقد أُخذت ُ بسحر يافا .....وأتراب ٍ ليافا تُستطاب ُ
فلسطين ٌ ونعم َ الأم ِ هذي .....بناتك كلها خود ٌ كعاب ُ
5 – من أين كانت بداية رحلتك إلى يافا وهل سبقتك أشواقك إليها ؟
أقلتني من الزوراء ريح ٌ.....إلى يافا وحلق َ بي عُقاب ُ
فيا لك َ طائرا ً مرحا ً عليه ِ.....طيورُ الجو من حنق ٍ غضاب ُ
كأن الشوق َ يدفعه ُ فيذكي ....جوانحه من النجم اقتراب ُ
6 –وماذا أراك َ هذا الطائر في علياء السماء ؟
أرانا كيف يهفو النجم حبا ً .....وكيف يغازل الشمسَ الضباب ُ
وكيف الجو ُ يُرقصه ُ سناها .....إذا خطرت ويُسكرهُ اللعاب ُ
7 – عندما عانقت نظراتك أرض يافا أية مشاعر انتابتك ؟
ولما طبَّق َ الأرج ُ الثنايا ......وفــُتِح َ من نسيم الخلد باب
ولاحَ ( اللد ُّ ) منبسطا عليه .....من الزهرات يانعة ًخضاب ُ
نظرت بمقلة ٍ غطى عليها .....من الدمع الضليل بها حجاب ُ
8 - وماذا قلت وأنت ترى الوجوه الواحدة والأرض الواحدة ؟
وقلت وما أ ُحيرُ سوى عتاب ٍ ....ولست ث بعارف ٍ لمن العتاب ُ
أحقا بيننا اختلفت حدود ٌ ......وما اختلف الطريق ولا التراب ُ
ولا افترقت وجوه ٌ عن وجوه ٍ ....ولا الضاد ُالفصيح ولا الكتاب ُ
9 – لقد أحاطك أهل يافا وأدباؤها بحفاوة بالغة فأي الآثار تركتها هذهالزيارة في نفسك ؟
فيا داري إذا ضاقت ديار ٌ..........ويا صحبي إذا قلَّ الصحاب ُ
ويا متسابقين إلى احتضاني .......شفيعي عندهم أدب ٌ لـُباب ُ
ويا غـُرَّ السجايا لم يَمُـنوا ........بما لطفوا عليَّ ولم يُحابوا
10– هنالك قواسم مشتركة جمعتك وأهل يافا فكيف أفصحت عنها ؟
ثقوا أنا توحدنا هموم ٌ.....مشاركة ٌ ويجمعنا ِنصاب ُ
تشعُ كريمة ً في كل ِ طرف ٍ ... عراقي ٍ طيوفكم ُ العذاب ُ
وسائلة ٌ دما في كل قلب ٍ.... ..عراقي ٍ جروحكم ُ الرغاب ُ
11 – وما الحكمة البالغة التي استوحيتها من هذه الرحلة ؟
يزكينا من الماضي تراث ٌ....وفي مستقبل ٍ جذل ٍ نِصاب ُ
12 – لقد أفرغت قلبك في قصيدتك إلى يافا فما سر ذلك ؟
قوافي َّ التي ذوبت ُ قامت ............بعذري إنها قلب ٌ مذاب ُ
وما ضاق القريض ُ به ستمحو .....عواثره ُ صدوركم ُ الرحاب ُ
أزفت لحظات الوداع وهي حزينة لأن القلب لا يريد أن يفارق
الأحبة في يافا الذين هم امتداد للأهل والوطن في بغداد شقيقة يافا
في السراء والضراء ...انهالت مدامعه شعرا
وهو يودع الأهل والأرض والشجر
الذي لوح له بغصونه المحملة حبا وزهرا ونسيما
في وداع مؤثر لا تمحو ذكرياته عواصف الزمن
لَئن حـُمَّ الوداع ُ فضقت ذرعا ......به واشتـف َّ مهجتيَ الذهاب ُ
فمن أهلي إلى أهلي رجوع ٌ.........وعن وطني إلى وطني إياب ُ
المصدر ديوان الجواهري الجزء الثالث
تعليق