



مدفع الافطار.. اضرب"،
جملة يعشقها وينتظرها الإنسان المصري في كل مكان
عند مغيب شمس كل يوم من أيام شهر رمضان المعظّم،
وبطل هذه الجملة هو المدفع الذي ارتبط دويه في وجدان
الإنسان المصري باجتماع شمل العائلة والدفء الأسري
مهما سافر أو ارتحل بعيدًا؛

ولمدفع رمضان حكايات وقصص وتاريخ
كان في بعضها البطل الرئيسي، وفي الأخرى الراوي،
وفي بعض الأحيان اكتفى بدور الكومبارس،
ولكنه رغم ذلك ما زال يثير في نفوسنا دومًا
الحنين إلى رمضان ولياليه.

ولبداية ظهور مدفع رمضان ودوره في حياة المصريين قصص طريفة؛
حيث تروي كتب التاريخ أن والي مصر في العصر الإخشيدي "خوشقدم"
كان يجرب مدفعًا جديدًا أهداه له أحد الولاة،
وتصادف أن الطلقة الأولى جاءت وقت غروب شمس أول
رمضان عام 859 هـ وعقب ذلك توافد على قصر "خوشقدم"
الشيوخ وأهالي القاهرة يشكرونه على إطلاق المدفع
في موعد الإفطار، فاستمر إطلاقه بعد ذلك.

ومن الروايات الأخرى أن "محمد علي" الكبير والي مصر
ومؤسس حكم الأسرة العلوية في مصر من عام 1805
كان يجرب مدفعًا جديدًا من المدافع التي استوردها من ألمانيا
في إطار خططه لتحديث الجيش المصري،
فانطلقت أول طلقة وقت أذان المغرب في شهر رمضان،
فارتبط صوته في أذهان العامة بإفطار وسحور رمضان،
والذين أطلقوا على ذلك المدفع "الحاجة فاطمة"،
لارتباطه بشهر رمضان،حيث علمت الحاجة فاطمة
ابنة الخديوي إسماعيل بما حدث، فأعجبتها الفكرة،
وأصدرت فرمانًا يفيد باستخدام هذا المدفع
عند الإفطار والإمساك وفى الأعياد الرسمية.
وكان مكانه في قلعة "صلاح الدين الأيوبي".
ومن أبرز ملامح عصر محمد علي هذا الكارت
الخاص والنادر لكارت بوستال للجندي والمدفع

وفي منتصف القرن التاسع عشر وتحديدًا في عهد الخديوي
"عباس الأول" عام 1853م كان ينطلق مدفعان للإفطار في
القاهرة: الأول من القلعة، والثاني من سراي "عباس باشا
الأول" بالعباسية- ضاحية من ضواحي القاهرة-
وفي عهد الخديوي "إسماعيل" تم التفكير في وضع المدفع في
مكان مرتفع حتى يصل صوته لأكبر مساحة من القاهرة،
واستقر في جبل المقطم حيث كان يحتفل قبل بداية شهر رمضان
بخروجه من القلعة محمولا على عربة ذات عجلات ضخمة،
ويعود بعد نهاية شهر رمضان والعيد إلى مخازن القلعة ثانية.

الراديو والمدفع
وتطورت وظيفة المدفع فكان أداة للإعلان عن رؤية هلال رمضان،
فبعد ثبوت الرؤية تنطلق المدافع من القلعة ابتهاجًا بشهر الصوم
علاوة على إطلاقه 21 طلقة طوال أيام العيد الثلاثة.
وهكذا استمر صوت المدفع عنصرا أساسيًا في حياة المصريين
الرمضانية من خلال المدفع الذي يعود إلى عصر "محمد علي"
إلى أن ظهر الراديو، فتوقف إطلاقه من القلعة في أحيان كثيرة،
وإن ظل التسجيل الصوتي له يذاع يوميًا عبر أثير الراديو
والتليفزيون إلى أن قرر المسئولون أن تتم عملية بث الإطلاق
على الهواء في أذان المغرب من القلعة؛
حيث قرر وزير الداخلية المصري "أحمد رشدي" في عام
1983 إعادة إطلاق المدفع من "قلعة صلاح الدين الأيوبي"
طوال رمضان في السحور والإفطار فعاد للمدفع دوره ورونقه.

المناطق الأثرية
إلا أن هيئة الآثار المصرية طلبت في بداية التسعينيات من وزارة
الداخلية وقف إطلاقه من القلعة خوفًا على المنطقة التي تعد
متحفًا مفتوحًا للآثار الإسلامية، إذ تضم قلعة "صلاح الدين
الأيوبي" التي بناها عام 1183 م، و"الجامع المرمري" الذي
بناه "محمد علي" الكبير وفقًا للطراز المعماري العثماني عام
1830م ،علاوة على جامعي "السلطان حسن"، و"الرفاعي"،
و"متاحف القلعة الأربعة".
وحذرت الهيئة من أن إطلاق المدفع 60 مرة في سحور وإفطار
رمضان و21 طلقة كل أذان في أيام العيد الثلاثة تؤثر على العمر
الافتراضي لتلك الآثار بسبب الاهتزازات الناجمة عن إطلاقه.
وبالفعل تم التفكير في نقله إلى مكان آخر،
واستقر الرأي على جبل المقطم مرة أخرى،
حيث تم نقل مدفعين من المدافع الثلاثة الباقية من أسرة محمد
علي إلى هناك، وتم الإبقاء على المدفع الثالث كمعلم سياحي في
ساحة متحف الشرطة بقلعة صلاح الدين
يطل من ربوة مرتفعة على القاهرة.

أول مدينة تطلق مدفع رمضان
تكاد تجمع المصادر على أن مدينة القاهرة بمصر كانت أول
مدينة إسلامية أطلقت المدفع عند الغروب إيذانا بالإفطار في
شهر رمضان، وذلك عندما تم إطلاق مدفع الإفطار لأول مرة
-عن طريق الصدفة- عند غروب أول يوم من شهر رمضان
عام 859 هـ. وقد حدث ذلك عندما أهدي إلى السلطان
المملوكي "خوشقدم" مدفع فأراد تجربته للتأكد من صلاحيته
فصادف إطلاقه وقت المغرب بالضبط من أول يوم في رمضان
ففرح الناس اعتقادا أن هذا إشعار لهم بالإفطار وأن السلطان
أطلق المدفع لتنبيههم إلى أن موعد الإفطار قد حان في هذه اللحظة.
وذهبوا إلى القاضي في اليوم التالي لينقل شكرهم للسلطان
وعندما علم السلطان بسعادتهم بذلك أمر بالاستمرار في ذلك
وزاد على مدفع الإفطار مدفع السحور ومدفع الإمساك.
(مدفع الإفطار.. اضرب)! (مدفع الإمساك.. اضرب)!..
مع هذه الكلمات التي يسمعها المسلمون بعد غروب شمس
وقبل طلوع فجر كل يوم من أيام شهر رمضان يتناول
المسلمون إفطارهم، ويمسكون عن تناول السحور
منذ 560 عامًا.
وحتى الآن يسمع المصريون صوت المدفع عبر الراديو أو عبر
شاشات التلفزيون التى تعتبر من تراث وتقليد رمضان في مصر
والعبارة التى تلى انطلاقه ( حان الآن موعد أذان المغرب )

مدفع الإفطار فى الاسكندرية :
وتعبتر الاسكندريه ثانى أكبر مدن مصر المحروسة وعاصمة
الثقافة الاسلامية وعاصمة الحضارة بشعبها وبحرها وساحلها
ولرمضان في مدينة الاسكندريه تقاليد خاصة في مدفع الافطار
والذي ينطلق من بحري أو من قلعة قايتباي في الأنفوشي
ينتظره أبناء الثغر بشغف كل عام في رمضان مع الأذان
الذي ينطلق من مآذن أبو العباس المرسي والبوصيري
والقائد إبراهيم وغيرهم من المساجد الأثريه الكثيره

انتشار مدفع رمضان فى الأقطار العربية :
بدأت الفكرة تنتشر في أقطار الشام أولا،
القدس ودمشق ومدن الشام الأخرى
ثم إلى بغداد في أواخر القرن التاسع عشر،
وبعدها انتقل إلى مدينة الكويت حيث جاء أول
مدفع للكويت في عهد الشيخ مبارك الصباح،
وذلك عام 1907، ثم انتقل إلى كافة
أقطار الخليج قبل بزوغ عصر النفط
وكذلك اليمن والسودان وحتى دول غرب أفريقيا
مثل تشاد والنيجر ومالي
ودول شرق آسيا حيث بدأ مدفع الإفطار عمله
في إندونسيا سنة 1944



تعليق