كلمـــــــــــات مصــــرية ودلالاتها العراقـــــــــــية
جابر جعفر الخطاب
تختلف اللهجات المحلية من بلد عربي الى آخر بل انها تشتد اختلافا داخل البلد الواحد بفعل المؤثرات البيئية والتاريخية والإحتكاك الحضاري مع المجتمعات الأخرى ويبدو الإختلاف واضحا بين سكان المدن وسكان الريف الذين يطلق على مناطقهم في مصر ( الصعيد ) وفي لبنان ( الضيعة ) وفي العراق سكان الريف أو القرويون وهم يختلفون عن البدو
الرحل الذين يسكنون بيوت الشعر لأنها سريعة البناء وخفيفة الحمل وغير مستقرة في مكان واحد . إن هذا التباين في أسلوب الحياة بين الريف والمدينة أدى إلى نشوء لهجات متعددة داخل هذه المجتمعات
بحيث يصعب التفاهم بها بين المناطق الأخرى للبلد الواحد ففي العراق
توجد عدة لهجات محلية بينها خيوط مشتركة ضئيلة فابن الجنوب لا يفهم بعض الكلمات البغدادية لأنه يعيش في بيئة قريبة من مجتمع الخليج العربي وخاصة ابن البصرة الذي تغلب على لهجته الكثير من الكلمات والمصطلحات الخليجية كما ان سكان بغداد يجدون صعوبة في فهم وتداول بعض الكلمات الموصلية هذا التباين نجده في وطن واحد فكيف إذا خرجنا إلى رحاب الوطن العربي الكبير المتعدد اللهجات وفي جميع هذه البلدان تتميز الحياة في المدينة بطابع الإنفتاح الحضاري على المجتمعات الإنسانية والتعامل بروح التسامح بعيدا عن التعصب القبلي
والعشائري والتمسك الشديد ببعض العادات والتقاليد التي يجدها ابن المدينة مكبلة لحريته كاتمة لأنفاسه . ولو أخذنا نماذج من بعض الكلمات المتداولة في الحياة اليومية بين المجتمعات العربية لوجدناها تعطي معاني ودلالات متباينة بين بلد عربي وآخر وقد تعطي معاني متضادة
وهذا ما سنلاحظه من بعض الكلمات المصرية وما تمثله من معان
مغايرة في الحياة العراقية
1 – زلابية في البحث التراثي والأدبي القيم للأخت العزيزة ( زهرة الكاميليا ) وجدت هذه الكلمة مغايرة لما هو موجود في التداول العراقي
فهذه تسمى عندنا ( داطلي ) وهي يمكن صنعها في البيوت في المناسبات المتعددة أما الزلابية العراقية فهي دوائر متداخلة صفراء شفافة تعمل مشبعة بماء السكر وتصف كل مجموعة في صينية على شكل جدار اسطواني واحدة فوق الأخرى وتعمل في معامل الحلويات الخاصة .
أما البقلاوة فهي واحدة في كل البلدان وتختلف بحجومها الصغيرة أو الكبيرة ومحتوياتها الداخلية . يحكى أن أحد المدرسين كان يشرح للطلاب
في درس الجغرافية طبقات الجبال وكيف أنها تتكون من طبقة صخرية
تعلوها طبقة كلسية وأخرى ترابية وأخرى رملية وهنا تقدم أحد الطلاب
بسؤال للأستاذ عن طبقات البقلاوة فاستحسن الأستاذ السؤال لأنه كان من عشاق البقلاوة وأجاب بأن البقلاوة تصنع في صينية من طبقة دهنية تعلوها طبقة عجينية وتعلوها طبقة جوزية وأخرى فستقية وتعلوها طبقة سكرية وهنا دخل مفتش الوزارة الصف وسط هذا الحديث فتراجع المدرس عن البقلاوة وعاد مسرعا الى طبقات الجبال قائلا ...وتعلوها طبقة صخرية وأخرى ترابية وأخرى رملية .
2 – بالعافية وتعني الشدة والإكراه والتعسف ولكنها في العراق تأخذ معنى معاكسا فهي تعني الدعاء بالصحة والسلامة وتقال بعد تناول الطعام
أو عند ارتداء ثوب جديد ولا أدري كيف اجتمعت الأضداد في هذه الكلمة .
3 – عصير التمر ويسمى في العراق الدِبس ولا توجد عندنا تسمية أخرى
لهذه المادة الغذائية الشائعة الإنتشار بسبب كون العراق بلد النخيل وهنالك
معامل كثيرة تنتج الدبس من التمور العراقية المتنوعة إضافة إلى إمكانية
صنعه في البيوت . وفي حديث إذاعي للعلامة المرحوم الشيخ جلال الدين
الحنفي البغدادي (الرجل المتعدد المواهب من فقه ولغة وشعر وتاريخ )
أنه كان في القاهرة بمهمة ثقافية وذات يوم اشتهى دبسا ونزل الى أقرب
سوق من مسكنه فسأل صاحب أول دكان إن كان لديه دبس فأجابه بالنفي
ثم استمر الى نهاية السوق والكل ينفي وجود الدبس لديه ولكنه شاهد زجاجات الدبس على الرفوف عند الدكان الأخير وأشار إليه فأجابه صاحب
الدكان بأن هذا يسمى عصير التمر ونحن لا نعرف ما هو الدبس فأخبره
بأنه هو نفسه ولكن اسمه في العراق مختلف عما هو في مصر فاشترى
منه ما يكفيه وفي طريق عودته سأل صاحب أول دكان كان قد مر به إن
كان لديه عصير التمر فأجابه نعم .
4 - النهارده ...معناها هذا اليوم 5 – ميرسي ..وتعني شكرا
6 – عسلامة وهذه تعني بالمصرية العودة بعد غياب والترحيب بالأحبة ولكنها في العراقية تعني التوديع والغياب في سفر أوختام زيارة ومثلها عبارة في أمان الله فهي متعاكسة المعنى في اللهجتين .
7 – هنالك بعض الأكلات المصرية التي لا أعرف محتواها لأقارنها مع بعض الأكلات العراقية وقد وردت في بحث الأخت العزيزة زهرة الكاميليا
عند زيارتها لبورسعيد في ذكرى عيد ميلاد الأخ العزيز محمد ورد فلو كانت مصورة لتبينت معالمها وتوصلت الى قرائنها في العراق .يحكى أن أحد السواح زار بلدا ودخل الى أحد المطاعم في ذلك البلد فجاءه عامل المطعم بلائحة المأكولات وكانت كلها مكتوبة باللهجة المحلية لذلك البلد
فلم يفهم واحدة منها وطال تحديقه بها وللتخلص من هذا الإحراج أشار الى كلمة في أعلى الصفحة وطلب من العامل أن يحضر له صحنا منها
ليأكله فصاح العامل ان هذا اسم صاحب المطعم فكيف تريد أن تأكل صحنا منه ؟
8 - الكوبري ..الجسر ..9 – التورتة .. وتسمى في العراق ( الكيكة ) وتقدم في المناسبات والأعياد وخاصة أعياد الميلاد وهي مشابهة لما يعرض على صفحات المنتدى بكل اِشكالها محاطة بالشموع والزينة فهي تختلف في الإسم فقط والكيك منتشر في واجهات محلات الحلويات
إضافة إلى تحضيره في بيوتنا .
وأخيرا لا يمكن الإحاطة بجميع مفردات اللهجات المحلية ومقارنتها وكم أتمنى أن تبادر إحدى المؤسسات العربية إلى إصدار قاموس عربي يضم مفردات اللهجات العربية وألفاظها ومعانيها في الدول العربية لأن بعض اللهجات وخاصة المغربية والجزائرية أجد صعوبة في فهمها والتواصل معها . إن هذا القاموس سيسهل على السائح العربي التفاهم والتنقل والإختلاط بأبناء البلد الذي يقصده دون صعوبات تذكر .
جابر جعفر الخطاب
تختلف اللهجات المحلية من بلد عربي الى آخر بل انها تشتد اختلافا داخل البلد الواحد بفعل المؤثرات البيئية والتاريخية والإحتكاك الحضاري مع المجتمعات الأخرى ويبدو الإختلاف واضحا بين سكان المدن وسكان الريف الذين يطلق على مناطقهم في مصر ( الصعيد ) وفي لبنان ( الضيعة ) وفي العراق سكان الريف أو القرويون وهم يختلفون عن البدو
الرحل الذين يسكنون بيوت الشعر لأنها سريعة البناء وخفيفة الحمل وغير مستقرة في مكان واحد . إن هذا التباين في أسلوب الحياة بين الريف والمدينة أدى إلى نشوء لهجات متعددة داخل هذه المجتمعات
بحيث يصعب التفاهم بها بين المناطق الأخرى للبلد الواحد ففي العراق
توجد عدة لهجات محلية بينها خيوط مشتركة ضئيلة فابن الجنوب لا يفهم بعض الكلمات البغدادية لأنه يعيش في بيئة قريبة من مجتمع الخليج العربي وخاصة ابن البصرة الذي تغلب على لهجته الكثير من الكلمات والمصطلحات الخليجية كما ان سكان بغداد يجدون صعوبة في فهم وتداول بعض الكلمات الموصلية هذا التباين نجده في وطن واحد فكيف إذا خرجنا إلى رحاب الوطن العربي الكبير المتعدد اللهجات وفي جميع هذه البلدان تتميز الحياة في المدينة بطابع الإنفتاح الحضاري على المجتمعات الإنسانية والتعامل بروح التسامح بعيدا عن التعصب القبلي
والعشائري والتمسك الشديد ببعض العادات والتقاليد التي يجدها ابن المدينة مكبلة لحريته كاتمة لأنفاسه . ولو أخذنا نماذج من بعض الكلمات المتداولة في الحياة اليومية بين المجتمعات العربية لوجدناها تعطي معاني ودلالات متباينة بين بلد عربي وآخر وقد تعطي معاني متضادة
وهذا ما سنلاحظه من بعض الكلمات المصرية وما تمثله من معان
مغايرة في الحياة العراقية
1 – زلابية في البحث التراثي والأدبي القيم للأخت العزيزة ( زهرة الكاميليا ) وجدت هذه الكلمة مغايرة لما هو موجود في التداول العراقي
فهذه تسمى عندنا ( داطلي ) وهي يمكن صنعها في البيوت في المناسبات المتعددة أما الزلابية العراقية فهي دوائر متداخلة صفراء شفافة تعمل مشبعة بماء السكر وتصف كل مجموعة في صينية على شكل جدار اسطواني واحدة فوق الأخرى وتعمل في معامل الحلويات الخاصة .
أما البقلاوة فهي واحدة في كل البلدان وتختلف بحجومها الصغيرة أو الكبيرة ومحتوياتها الداخلية . يحكى أن أحد المدرسين كان يشرح للطلاب
في درس الجغرافية طبقات الجبال وكيف أنها تتكون من طبقة صخرية
تعلوها طبقة كلسية وأخرى ترابية وأخرى رملية وهنا تقدم أحد الطلاب
بسؤال للأستاذ عن طبقات البقلاوة فاستحسن الأستاذ السؤال لأنه كان من عشاق البقلاوة وأجاب بأن البقلاوة تصنع في صينية من طبقة دهنية تعلوها طبقة عجينية وتعلوها طبقة جوزية وأخرى فستقية وتعلوها طبقة سكرية وهنا دخل مفتش الوزارة الصف وسط هذا الحديث فتراجع المدرس عن البقلاوة وعاد مسرعا الى طبقات الجبال قائلا ...وتعلوها طبقة صخرية وأخرى ترابية وأخرى رملية .
2 – بالعافية وتعني الشدة والإكراه والتعسف ولكنها في العراق تأخذ معنى معاكسا فهي تعني الدعاء بالصحة والسلامة وتقال بعد تناول الطعام
أو عند ارتداء ثوب جديد ولا أدري كيف اجتمعت الأضداد في هذه الكلمة .
3 – عصير التمر ويسمى في العراق الدِبس ولا توجد عندنا تسمية أخرى
لهذه المادة الغذائية الشائعة الإنتشار بسبب كون العراق بلد النخيل وهنالك
معامل كثيرة تنتج الدبس من التمور العراقية المتنوعة إضافة إلى إمكانية
صنعه في البيوت . وفي حديث إذاعي للعلامة المرحوم الشيخ جلال الدين
الحنفي البغدادي (الرجل المتعدد المواهب من فقه ولغة وشعر وتاريخ )
أنه كان في القاهرة بمهمة ثقافية وذات يوم اشتهى دبسا ونزل الى أقرب
سوق من مسكنه فسأل صاحب أول دكان إن كان لديه دبس فأجابه بالنفي
ثم استمر الى نهاية السوق والكل ينفي وجود الدبس لديه ولكنه شاهد زجاجات الدبس على الرفوف عند الدكان الأخير وأشار إليه فأجابه صاحب
الدكان بأن هذا يسمى عصير التمر ونحن لا نعرف ما هو الدبس فأخبره
بأنه هو نفسه ولكن اسمه في العراق مختلف عما هو في مصر فاشترى
منه ما يكفيه وفي طريق عودته سأل صاحب أول دكان كان قد مر به إن
كان لديه عصير التمر فأجابه نعم .
4 - النهارده ...معناها هذا اليوم 5 – ميرسي ..وتعني شكرا
6 – عسلامة وهذه تعني بالمصرية العودة بعد غياب والترحيب بالأحبة ولكنها في العراقية تعني التوديع والغياب في سفر أوختام زيارة ومثلها عبارة في أمان الله فهي متعاكسة المعنى في اللهجتين .
7 – هنالك بعض الأكلات المصرية التي لا أعرف محتواها لأقارنها مع بعض الأكلات العراقية وقد وردت في بحث الأخت العزيزة زهرة الكاميليا
عند زيارتها لبورسعيد في ذكرى عيد ميلاد الأخ العزيز محمد ورد فلو كانت مصورة لتبينت معالمها وتوصلت الى قرائنها في العراق .يحكى أن أحد السواح زار بلدا ودخل الى أحد المطاعم في ذلك البلد فجاءه عامل المطعم بلائحة المأكولات وكانت كلها مكتوبة باللهجة المحلية لذلك البلد
فلم يفهم واحدة منها وطال تحديقه بها وللتخلص من هذا الإحراج أشار الى كلمة في أعلى الصفحة وطلب من العامل أن يحضر له صحنا منها
ليأكله فصاح العامل ان هذا اسم صاحب المطعم فكيف تريد أن تأكل صحنا منه ؟
8 - الكوبري ..الجسر ..9 – التورتة .. وتسمى في العراق ( الكيكة ) وتقدم في المناسبات والأعياد وخاصة أعياد الميلاد وهي مشابهة لما يعرض على صفحات المنتدى بكل اِشكالها محاطة بالشموع والزينة فهي تختلف في الإسم فقط والكيك منتشر في واجهات محلات الحلويات
إضافة إلى تحضيره في بيوتنا .
وأخيرا لا يمكن الإحاطة بجميع مفردات اللهجات المحلية ومقارنتها وكم أتمنى أن تبادر إحدى المؤسسات العربية إلى إصدار قاموس عربي يضم مفردات اللهجات العربية وألفاظها ومعانيها في الدول العربية لأن بعض اللهجات وخاصة المغربية والجزائرية أجد صعوبة في فهمها والتواصل معها . إن هذا القاموس سيسهل على السائح العربي التفاهم والتنقل والإختلاط بأبناء البلد الذي يقصده دون صعوبات تذكر .
تعليق