إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأديب اللبناني جبران خليل جبران ملف كامل

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأديب اللبناني جبران خليل جبران ملف كامل

    جبران خليل جبران ملف كامل
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    أهل ورد الغاليين

    كاتب من أعظم الكتّاب المعاصرين
    نبع عطاء روى به ظمأ الأجيال و ما يزال
    تعجز الكلمات امام ابداعه الفذ
    منتهى العذوبة و الشاعرية
    و الحكمة و الرقة و الرقي
    و العمق و السموّ
    الذي قلّما تميز به كاتب
    كاتب ناجت كلماته الوجدان
    و حاكت تعابيره العواطف و الأحاسيس
    و خاطبت مخيلته العقول و القلوب
    و صرخت كتاباته
    داخل جدار الخواطرو المشاعر الجيّاشة
    و سامرت روحه الإنسان من كل جنس و لون
    و مكانة إجتماعية و دين و طائفة
    إنه بلا منازع


    الأديب جبران خليل جبران

  • #2
    سيرته الذاتية
    جبران خليل جبران بن ميخائيل بن سعد
    من أحفاد يوسف جبران الماروني البشعلاني
    شاعر لبناني امريكي
    ولد في 6 يناير 1883 م في بلدة بشري شمال لبنان
    و توفي في نيويورك 10 ابريل 1931 م
    لم يذهب جبران إلى المدرسة لأن والده لم يعط
    لهذا الأمر أهمية و لذلك كان يذهب من حين إلى آخر
    إلى كاهن البلدة الذي سرعان ما أدرك جديته و ذكاءه
    فانفق الساعات في تعليمه الأبجدية و القراءة والكتابة
    مما فتح أمامه مجال المطالعة

    و التعرف إلى التاريخ و العلوم و الآداب
    و بفضل أمه تعلم الصغير جبران العربية
    و تدرب على الرسم و الموسيقى
    و لما لاحظت ميل الرسم لديه زودته بألبوم لوحات
    للفنان ليوناردو دافنشي الذي بقي معجباً به
    بصمت بعد وقت طويل كتب يقول :
    لم أر قط عملاً لليوناردو دافنشي إلاّ و انتاب أعماقي
    شعور بأن جزءاً من روحه تتسلل إلى روحي
    تركت أمه بصمات عميقة في شخصيته
    سنواته الأولى أمضاها جبران لا مبالياً
    لم يكف العائلة ما كانت تعانيه من فقر
    و عدم مبالاة من الوالد
    حتى جاء الجنود العثمانيون عام 1891
    و القوا القبض عليه و أودعوه السجن
    لسوء إدارته الضرائب التي كان يجيبها
    أدين و جرد من كل ثرواته و باعوا منزلهم الوحيد
    فاضطرت العائلة إلى النزول عند بعض الأقرباء
    و لكن الوالدة قررت ان الحل الوحيد لمشاكل العائلة
    هو الهجرة إلى الولايات المتحدة الامريكية سعيا وراء حياة أفضل

    تعليق


    • #3
      فكرت والدة جبران بالهجرة
      فكيف ستطعم أولادها الأربعة و هى لا تملك أي شيء
      و لكن أين ستجد نفقات السفر
      باعت ما تبقى لها من تركة والدها
      و التمست تدخل أحد الأساقفة للحصول على
      إذن السفر من السلطات الأمريكية
      و رحلت الأسرة بحراً عام 1895
      إلى العالم الجديد إلى بوسطن
      سافرت العائلة تاركة الوالد وراءها
      حطت الأسرة الرحال في إليس إيسلاند
      و وصلوا إلى نيويورك و منها انتقلوا
      إلى مدينة بوسطن حيث كانت تسكن
      أكبر جالية لبنانية في الولايات المتحدة
      و نزلت العائلة في بوسطن في ضيافة أقارب
      كانوا قد جاءوا من بشري
      قبل سنوات قليلة و بذلك لم تشعر الوالدة بالغربة
      بل كانت تتكلم اللغة العربية مع جيرانها
      و تقاسمهم عاداتهم اللبنانية التي احتفظوا بها
      اهتمت الجمعيات الخيرية بإدخال جبران
      إلى المدرسة في حين قضت التقاليد بأن تبقى
      شقيقتاه في المنزل في حين بدأت الوالدة تعمل
      كبائعة متجولة في شوارع بوسطن على غرار
      الكثيرين من أبناء الجالية
      بدأت أحوال العائلة تتحسن ماديا حيث
      راح الأخ غير الشقيق بطرس يبحث عن عمل
      و وجده في محل للمنسوجات
      و كان على الأم أن تحمل على ظهرها بالة صغيرة
      من الشراشف و الأغطية و الحريريات السورية
      و تنتقل بها من بيت إلى بيت لبيعها
      ثم عملت في الخياطة بمساعدة ابنتيها
      سلطانة و ماريانا و عندما جمعت الأم مبلغا كافيا
      من المال أعطته لابنها بطرس و فتحت العائلة
      محلا تجاريا و كان معلمو جبران في ذلك الوقت
      يكتشفون مواهبه الأصيلة في الرسم و يعجبون بها
      إلى حد ان مدير المدرسة استدعى الرسام الشهير هولاند داي
      لإعطاء دروس خاصة لجبران مما فتح أمامه
      أبواب المعرفة الفنية و زيارة المعارض
      و الاختلاط مع بيئة اجتماعية مختلفة
      في نفس الوقت أشفقت كاملة على بطرس
      و هي تراه يكد لإعالة الأسرة بينما كان يمضي
      جبران وقته في القراءة و الرسم و الاستغراق
      في الأحلام و طلبت منه مساعدة أخيه
      لكنه رفض معلناً إن إصبع رسام صغيرة
      لتساوي ألف تاجر ما عدا بطرس
      و إن صفحة من الشعر لتساوي
      كل أنسجة مخازن العالم
      أخذ جبران يواظب على التردد إلى
      مؤسسة خيرية اسمها دنسيون هاوس
      تعطي دروساً في الرسم
      حيث لفتت موهبته انتباه مساعدة اجتماعية
      نافذة جداً اسمها جسي التي عرّفته من خلال
      صديق لها إلى المصور الشهير فرد هولاند داي
      الذي كان يدير داراً للنشر في بوسطن
      كان داي بحاجة لموديلات شرقية للوحاته
      و قد راقه جبران بوجهه المسفوع
      و شعره الأسود و نظراته التأملية
      ألبسه راعيه ثياباً جديدة
      وعرّفه إلى عالم الرسام و الشاعر وليم بليك
      الذي اكتشف فيه جبران عالماً أسطورياً و تنبؤياً
      وبهره تنوع الينابيع التي أثرت مفرداته الشعرية،
      و تأثر بخصوبة أعماله الرمزية الموسومة
      بالجدل الروحي بين الخير و الشر و الجنة و الجحيم

      تعليق


      • #4
        و راح يخط رسوماً مشحونة بالرموز مستوحاة
        من رسوم الفنان و الشاعر اللندني الشهير
        كان لداي فضل اطلاع جبران على الميثولوجيا اليونانية
        و الأدب العالمي و فنون الكتابة المعاصرة و التصوير الفوتوغرافي
        و لكنه شدد دائما على ان جبران يجب ان يختبر كل تلك الفنون
        لكي يخلص إلى نهج و أسلوب خاصين به
        و قد ساعده على بيع بعض إنتاجه من إحدى دور النشر
        كغلافات للكتب التي كانت تطبعها
        و قد بدا واضحا انه قد اختط لنفسه أسلوبا و تقنية خاصين به
        و بدأ يحظى بالشهرة في أوساط بوسطن الأدبية و الفنية
        قررت عائلة جبران و خصوصا أمه
        أن الشهرة المبكرة ستعود عليه بالضرر
        و انه لا بد أن يعود إلى لبنان لمتابعة دراسته
        و خصوصا من أجل إتقان اللغة العربية
        و كان قد أثار تردد جبران المتزايد إلى أوساط داي
        الذي لم تكن سمعته تدعو للارتياح قلق الأسرة
        فكرت كاملة بإعادة ابنها المراهق إلى لبنان
        و لم يعترض جبران فوصل جبران إلى بيروت
        و هو يتكلم لغة إنجليزية ضعيفة و يكاد ينسى العربية أيضا
        رحل إلى بيروت في 1898
        كان بين أمتعته الأناجيل و كتاب لتوماس بلفنيتش
        في الميثولوجيا اكتشف فيه الفنان الناشئ
        جبران دراما بروميثيوس و أسطورة أورفيوس
        و النبي الفارسي زرادشت و الفلسفة الفيثاغورسية
        و الأساطير الهندية
        هرع جبران فوراً إلى بشري و حضن أبيه
        و توافد الأقارب و الأصدقاء لرؤية الأمريكي
        كان بينهم أستاذه الشاعر و الطبيب سليم الضاهر
        الذي نصحه بمتابعة دروسه في كوليج دو لا ساجيس
        التى بقي فيها ثلاث سنوات



        يتبع

        تعليق


        • #5
          وبدأ يجيد التعبير عن أفكاره بلغته الأم،
          وكتب أولى نصوصه بالعربية.

          وتعلم الفرنسية وأخذ يقرأ آدابها.
          كان جبران في نظر رفاق الصف غريباً،
          بشعره الطويل الذي يرفض قصه،
          ومواقفه غير المألوفة.
          في بداية العام 1900،

          تعرف جبران على يوسف الحويك واصدرا معا مجلة "المنارة"
          وكانا يحررانها سوية فيما وضع جبران رسومها وحده.
          وبقيا يعملان معا بها حتى أنهى جبران دروسه
          بتفوق واضح في العربية والفرنسية والشعر 1902وكان في عام 1901
          وقد وصلته أخبار عن مرض أفراد عائلته،
          فيما كانت علاقته مع والده تنتقل من سيء إلى
          أسوأ فغادر لبنان عائدا إلى بوسطن،
          ولكنه لسوء حظه وصل بعد وفاة شقيقته سلطانة.
          وخلال بضعة أشهر كانت أمه تدخل المستشفى لإجراء عملية جراحية
          لاستئصال بعض الخلايا السرطانية.
          قرر شقيقه بطرس ترك المحل التجاري والسفر إلى كوبا.
          وهكذا كان على جبران ان يهتم بشؤون العائلة المادية والصحية.
          ولكن المآسي تتابعت بأسرع مما يمكن احتماله.
          في عام 1903ما لبث بطرس ان عاد من كوبا
          مصابا بمرض قاتل هو ( السل ) وقضى نحبه
          فيما فشلت العملية الجراحية التي أجرتها الوالدة
          في استئصال المرض وقضت نحبها في السنة نفسها.
          إضافة إلى كل ذلك كان جبران يعيش أزمة من نوع آخر،
          فهو كان راغبا في إتقان الكتابة باللغة الإنجليزية،
          لأنها تفتح أمامه مجالا أرحب كثيرا من مجرد الكتابة
          في جريدة تصدر بالعربية في أميركا ( كالمهاجر )
          ولا يقرأها سوى عدد قليل من الناس.
          ولكن انجليزيته كانت ضعيفة جدا.
          ولم يعرف ماذا يفعل، فكان يترك البيت
          ويهيم على وجهه هربا من صورة الموت والعذاب.
          مع فجر القرن العشرين، كانت بوسطن،التي سميت "أثينا الأمريكية"،

          مركزاً فكرياً حيوياً اجتذب فنانين مشهورين وواعدين.
          وكان بعضهم راغباً في الخروج من معاقل المادية
          للبحث عن سبل فنية جديدة واستكشاف ميثولوجيا
          وحضارات الشرق بل وعلومه الباطنية والروحية.

          تعليق


          • #6
            غاص جبران في هذا المجتمع البوسطني
            تعرف إلى امرأة اسمها ماري هاسكل في عام (1904)

            فخطّت بذلك صفحات مرحلة جديدة من حياة جبران.
            كانت ماري هاسكل امرأة مستقلة في حياتها الشخصية

            وتكبر جبران بعشر سنوات، وقد لعبت دورا هاما في حياته
            منذ ان التقيا. فقد لاحظت ان جبران لا يحاول الكتابة بالإنكليزية،
            بل يكتب بالعربية أولا ثم يترجم ذلك.
            فنصحته وشجعته كثيرا على الكتابة بالإنكليزية مباشرة.
            وهكذا راح جبران ينشر كتاباته العربية
            في الصحف أولا ثم يجمعها ويصدرها
            بشكل كتب ، ويتدرب في الوقت نفسه
            على الكتابة مباشرة بالإنكليزية.
            عزم جبران على البحث عن عمل أكثر ربحاً من الرسم.

            ولما علم بأن شاباً لبنانياً يدعى "أمين غريّب"
            أصدر صحيفة بالعربية في نيويورك اسمها "المهاجر"،
            تقرب منه وأطلعه على رسومه وكتاباته وقصائده.
            قبل "غريب" مقابل دولارين في الأسبوع لجبران.
            وظهرت أول مقالة له في "المهاجر"
            بعنوان "رؤية".

            وفي 1904، احترق مبنى معرض "داي"،
            وأتى على موجوداته كلها،
            بما في ذلك رسوم جبران.
            وتحت صدمة الحريق، الذي وصفه بأنه

            مشهد جديد من التراجيديا التي يعيشها منذ سنتين،
            أصبح جبران يكتب أكثر مما يرسم.
            وخصه "أمين غريب"
            بزاوية منتظمة بعنوان "أفكار"،
            ثم استبدله بعنوان "دمعة وابتسامة"،
            حيث راح جبران يتحدث عن المحبة،
            والجمال والشباب والحكمة.
            ونشرت له "المهاجر" عام 1905
            كتاباً بعنوان "الموسيقى".

            تعليق


            • #7
              كانت باريس في بدايات القرن العشرين حلم فناني العالم كله.
              بعد وصوله إليها بوقت قصير، أقام في "مونبارناس"،
              وسرعان ما انتسب إلى "أكاديمية جوليان"،
              أكثر الأكاديميات الخاصة شعبية في باريس،
              التي تخرج منها فنانون كبار،
              "ماتيس"، و"بونار"، و"ليجيه"...

              وانتسب كطالب مستمع إلى "كلية الفنون الجميلة".
              أوقات فراغه، كان جبران يقضيها ماشياً على
              ضفاف نهر السين ومتسكعاً ليلاً في أحياء باريس القديمة.
              بعد أن ترك باريس لاحقاً، قال لصديقه "يوسف حويك"
              الذي عاش معه سنتين في مدينة النور:
              "كل مساء، تعود روحي إلى باريس
              وتتيه بين بيوتها.

              وكل صباح، أستيقظ وأنا أفكر بتلك الأيام
              التي أمضيناها بين معابد الفن وعالم الأحلام...".
              لم يستطع جبران البقاء طولاً في "أكاديمية جوليان"،

              فجبران نهم إلى المعارف والإبداع وراغب في حرق المراحل.. .
              تردد حينذاك على أكاديمية "كولاروسي"،

              المتخصصة في الرسم والتي كانت تستقبل فنانين أجانب،
              غير أن جبران كان يفضل العمل وحيداً وبملء الحرية في مرسمه،
              وزيارة المعارض، والمتاحف، كمتحف اللوفر،
              الذي كان يمضي ساعات طويلة في قاعاته الفسيحة.
              وأعطى دروساً في الرسم لبعض الطلبة.
              وانخرط في مشروع طموح:
              و هو رسم بورتريهات شخصيات شهيرة،

              وقد ابتدأها بالنحات الأمريكي "برتليت"،
              دون أن نعرف بدقة إن كان قد التقى بهؤلاء.
              في هذه الأثناء، توفي والده.
              كان جبران دائم الشك، طموحاً، ومثالياً،

              متصوراً أنه يستطيع إعادة تكوين العالم،
              وسعى إلى إقناع الآخرين بأفكاره ونظرياته
              حول الفن، والطبيعة...،

              وقلقاً، وكثير التدخين، وقارئاً نهماً،
              وقد أعاد قراءة
              "جيد" و"ريلكه" و"تولوستوي" و"نيتشه"،

              وكتب نصوصاً بالعربية
              وصفها المحيطون به بأنها "حزينة ووعظية".

              يتبع

              تعليق


              • #8
                في ذلك الوقت، قدم إلى باريس عدد كبير
                من دعاة الاستقلال السوريين واللبنانيين،
                المطالبين بحق تقرير المصير للبلدان العربية
                الواقعة تحت النير العثماني.

                وظهرت فيها جمعيات سرية تطالب بمنح العرب
                في الإمبراطورية العثمانية حقوقهم السياسية
                وبالاعتراف بالعربية لغة رسمية...

                وتردد جبران إلى هذه الأوساط وتشرب بأفكارها.
                ورأى أن على العرب أن يثوروا
                على العثمانيين وأن يتحرروا بأنفسهم.

                مكث في باريس ما يقارب السنتين
                ثم عاد إلى أميركا
                بعد زيارة قصيرة للندن
                برفقة الكاتب أمين الريحاني.
                وصل جبران إلى بوسطن في عام 1910،


                وسرعان ما شعر بأن بوسطن مدينة باردة وضيقة
                وأنها أصغر من طموحاته الفنية،
                خصوصاً بعد تلك الإقامة
                في باريس
                الرحبة والدافئة، وقرر المغادرة إلى نيويورك.

                حزم حقائبه غير آسف، حاملاً معه
                مخطوطة "الأجنحة المتكسرة"

                ونسخة من "هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه
                عام ۱٩١١، يبدأ جبران العمل على أول كتاب له
                باللغة الإنكليزية تحت عنوان "المجنون".
                في العام ذاته، يلتقي بالشاعر الإيرلندي ييتس،
                إذ أبدى إعجاباً به لكنه إنتقده لشدّة وطنيته.

                ثم في العام ١٩١۲، ينشر جبران في نيويورك
                كتابه الوحيد المؤلف من قصة واحدة
                تحت عنوان "الأجنحة المتكسّرة"
                و الذى كان سبب مباشر فى
                بدأ جبران
                بمراسلة الكاتبة السورية المصرية
                مي زيادة

                تعليق


                • #9
                  ولدت مَيّ و اسمها الحقيقي ماري سنة 1886 م

                  في الناصرة في فلسطين
                  من أب لبناني ماروني
                  و أم فلسطينية أرثوذكسية


                  تعـلـّمت ميّ القراءة و الكتابة في دير الناصرة
                  ثمّ
                  انتقل أبوها ليعمل في التدريس في لبنان
                  فدرست ميّ في مدرسة راهبات

                  و تعـلـّمت مي ّ زيادة عدّة لغات أجنبية و أتقنتها
                  و بعـد ذلك انتقل أبوها إلى القاهرة
                  ليعمل في الصّحافة فانتقلت و أمّها معه

                  و في القاهرة أسس إلياس زخور زيادة والد ميّ
                  جريدة " المحروسة "،
                  فحررت ميّ فيها بابا ً اسمته " يوميات فتاة ".

                  و كانت مي في السادسة و العشرين
                  حين أرسلت لجبران
                  مبدية إعجابها بكتاباته في عام1912
                  أجاب جبران عـلى رسالة ميّ وأرسل لها
                  رواية " الأجنحة المتكسّرة "

                  التي كان قد نشرها في نيويورك
                  و كتبت له ميّ أنـّها لا توافقه على آرائه
                  و خاصة في الزواج
                  و بدأت بينهما مراسلة استمرت
                  تسع عـشرة سنة لم يلتقيا فيها أبدا ً

                  أرسلت ميّ صورتها لجبران في سنة 1921 ،
                  فرسمها بالفحم و أرسلها لها
                  و تحولت عـلاقة ميّ بجبران
                  من الإعـجاب الأدبي إلى صداقة روحية ثمّ
                  إلى حبّ نتج عنها ابداع أدبى غير مسبوق

                  سنتعرض لبعض منه لاحقا


                  في العام ۱٩١٤ينتقل جبران ليستقر في نيويورك،
                  مجموعة من مختارات جبران الشعرية النثرية
                  تُنشر في نيويورك تحت عنوان "دمعة وإبتسامة"
                  من قبل نسيب عريضة. في العام ذاته،
                  يقوم جبران بعرض لوحاته في معرض مونسترومس
                  إذ رفضت معظم المعارض عرض لوحاته
                  عند عمر الثالثة والثلاثين،
                  شعور جبران بإنتمائه الوطني وإستيائه من
                  الحكم العثماني أخذ بالتزايد مع إنتشار المجاعة
                  على طول السواحل الشرقية للبحر المتوسط.
                  بدأ جبران بإرسال المساعدات والإعانات
                  الأميركية للضائرين المساكين.
                  وبعد عامين، نشر "المجنون" باللغة الإنكليزية
                  كما نشر قصيدة طويلة بالعربية بعنوان "المواكب".
                  عام ۱٩۲۰، أسس جبران ما سُمي بالرابطة القلمية،
                  مع مجموعة من الّكتّاب العرب في نيويورك،
                  على سبيل المثال أمين الريحاني وميخائيل نعيمة.
                  الهدف من تأسيس هذه الرابطة كان
                  لجمع الفكر العربي المغترب
                  والدعوة الى الحداثة والتطور.
                  في عام ١٩۲٣، نشر جبران كتابه الشهير "النبي"
                  الذي لاقى نجاحاً سريعاً للأسلوب
                  السهل والبسيط الذي كُتب به.
                  وفي عام ١٩۲٨، ينشر جبران
                  كتابه "يسوع إبن الإنسان".
                  بعدها تتدهور صحته
                  وفي العام ١٩٣١، ينشر "آلهة الأرض"
                  و في العاشر من ابريل،
                  توفيّ جبران في مستشفى نيويورك،
                  وقد أعلنت صحيفة "نيويورك سان"
                  في صفحة الوفيات: (نبي قد مات).
                  نُقل جثمانه الى لبنان وقد رافقه موكب غفير
                  من بيروت الى بشري.
                  في الأعوام اللاحقة وحتى يومنا هذا،
                  آلاف من الزّوار يصعدوا الى جبل مار سركيس
                  حيث يرقد جثمانه في ظل سلسلة جبال لبنان
                  الغربية في أحضان وادي مار سركي.
                  سوف نتعرض له بالتفصيل فى نهاية الموضوع

                  تعليق


                  • #10
                    مؤلفاته بالعربية
                    دمعة وابتسامة . 1914
                    الأرواح المتمردة. 1908
                    الأجنحة المتكسرة. 1912
                    العواصف / المواكب 1918
                    البدائع والطرائف: مجموعة من مقالات

                    وروايات تتحدث عن مواضيع عديدة

                    لمخاطبة الطبيعة ومن مقالاته "الأرض".
                    نشر في مصر عام1923.
                    مؤلفاته بالإنجليزية
                    النبي 1923 . مكون من 26 قصيدة شعرية

                    وترجم إلى ما يزيد على 40 لغة.
                    المجنون 1918
                    السابق 1920
                    رمل وزبد 1926
                    يسوع ابن الانسان . 1928
                    حديقة النبي 1933
                    آلهة الأرض 1931
                    الأعلام للزركلي.
                    التائه 1932

                    تعليق


                    • #11
                      حول رائعة جبران الكبيرة
                      النبي

                      سنة 1923 ظهرت إحدى روائع جبران
                      وهي رائعةالنبي ففي عام 1996،
                      بيعت من هذا الكتاب الرائع،
                      في الولايات المتحدة وحدها، تسعة ملايين نسخة.
                      وما فتئ هذا العمل، الذي ترجم إلى أكثر من
                      أربعين لغة، يأخذ بمجامع قلوب
                      شريحة واسعة جداً من الناس.
                      وفي الستينيات، كانت الحركات الطلابية والهيبية
                      قد تبنت هذا المؤلف الذي يعلن بلا مواربة:
                      "أولادكم ليسوا أولاداً لكم، إنهم أبناء
                      وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها...".
                      وفي خطبة شهرية له،
                      كرر "جون فيتزجرالد كندي"
                      سؤال جبران: "هل أنت سياسي
                      يسال نفسه ماذا يمكن أن يفعله بلده له .
                      أم أنك ذاك السياسي الهمام والمتحمس
                      الذي يسأل نفسه ماذا يمكن أن يفعله من أجل بلده؟".
                      حمل جبران بذور هذا الكتاب في كيانه منذ طفولته.
                      وكان قد غير عنوانه أربع مرات قبل أن يبدأ بكتابته.
                      وفي نوفمبر 1918،
                      كتب إلى "مي زيادة" يقول
                      "هذا الكتاب فكرت بكتابته منذ ألف عام..".
                      ومن عام 1919 إلى عام 1923،
                      كرس جبران جل وقته لهذا العمل،
                      الذي اعتبره حياته و"ولادته الثانية".
                      وساعدته "ميري" في التصحيحات،
                      إلى أن وجد عام 1923 أن عمله قد اكتمل،
                      فدفعه إلى النشر، ليظهر في أيلول نفس العام.
                      "النبي" كتاب شبيه بالكتاب المقدس وبالأناجيل
                      من حيث أسلوبه وبنيته ونغمية جمله،
                      وهو غني بالصور التلميحية، والأمثال،
                      والجمل الاستفهامية الحاضة على تأكيد الفكرة
                      "من يستطيع أن يفصل إيمانه عن أعماله،
                      وعقيدته عن مهنته؟"،
                      "أو ليس الخوف من الحاجة هو الحاجة بعينها؟".
                      أمكن أيضاً إيجاد تشابه بين "النبي"
                      و"هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه.
                      من المؤكد أن جبران قرأ كتاب المفكر الألماني،
                      وثمّنه. اختار كلاهما حكيماً ليكون لسان حاله.
                      الموضوعات التي تطرقا إليها
                      في كتابيهما متشابهة أحياناً: الزواج، والأبناء،
                      والصداقة، والحرية، والموت... .
                      كما نعثر على بعض الصور نفسها في العملين،
                      كالقوس والسهم، والتائه.... .
                      مع ذلك، ففي حين تتسم كتابة نيتشة
                      برمزية شديدة وفصاحة تفخيمية،
                      تمتاز كتابة "النبي" بالبساطة والجلاء وبنفحة
                      شرقية لا يداخلها ضعف.

                      تعليق


                      • #12
                        ونيتشه أقرب بكثير إلى التحليل الفلسفي
                        من جبران، الذي يؤثر قول الأشياء ببساطة.
                        "النبي" هو كتاب في التفاؤل والأمل.
                        وبطريقة شاعرية، وأسلوب سلس،
                        يقدم لنا جبران فيه برسالة روحية تدعونا
                        إلى تفتح الذات و"إلى ظمأ أعمق للحياة".

                        ماذا يقول لنا جبران في "النبي" على لسان حكيمه؟.

                        عندما طلبت منه المطرة، المرأة العرافة، خطبة في المحبة،

                        قال: "المحبة لا تعطي إلا نفسها، ولا تأخذ إلا من نفسها.
                        المحبة لا تملك شيئاً، ولا تريد أن يملكها أحد،
                        لأن المحبة مكتفية بالمحبة".
                        ولما طلبت رأيه في الزواج،أجاب:"قد ولدتم معاً،
                        تظلون معاً إلى الأبد. وستكونون معاً عندما تبدد
                        أيامكم أجنحة الموت البيضاء..
                        أحبوا بعضكم بعضاً، ولكن لا تقيدوا المحبة بالقيود..
                        قفوا معاً ولكن لا يقرب أحدكم من الآخر كثيراً:
                        لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين، والسنديانة والسروة
                        لا تنمو الواحدة منهما في ظل رفيقتها".

                        وفي الأبناء ، يقول: أولادكم ليسوا أولاداً لكم.
                        إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها،
                        بكم يأتون إلى العالم ولكن ليس منكم.
                        ومع أنهم يعيشون معكم فهم ليسوا ملكاً لكم".

                        وفي العمل: "قد طالما أُخبرتم أن العمل لعنة،
                        والشغل نكبة ومصيبة. أما أنا فأقول لكم إنكم بالعمل
                        تحققون جزءاً من حلم الأرض بعيد، جزءاً خصص لكم
                        عند ميلاد ذلك الحلم. فإذا واظبتم على عمل النافع
                        تفتحون قلوبكم بالحقيقة لمحبة الحياة.
                        لأن من أحب الحياة بالعمل النافع تفتح له
                        الحياة أعماقها، وتدنيه من أبعد أسرارها".......

                        في عام 1931، كتب جبران بخصوص "النبي":

                        "شغل هذا الكتاب الصغير كل حياتي.
                        كنت أريد أن أتأكد بشكل مطلق من أن كل كلمة
                        كانت حقاً أفضل ما أستطيع تقديمه".
                        لم تذهب هوده عبثاً: بعد سبعين سنة على وفاته،
                        ما يزال يتداوله ملايين القراء في نحاء العالم.

                        تعليق


                        • #13
                          بعضا من قصصه الصغيرة

                          الحرب والأمم الصغيرة


                          كان في أحد المروج نعجة وحمل يرعيان .
                          وكان فوقهما في الجو نسر يحوم ناظراً
                          إلى الحمل بعين جائعة يبغي إفتراسه
                          وبينما هو يهم بالهبوط لإقتناص فريسته ،
                          جاء نسر آخر وبدأ يرفرف فوق النعجه
                          وصغيرها وفي أعماقه جشع زميله .
                          فتلاقيا وتقاتلا حتى ملأ صراخهما الوحشي
                          أطراف الفضاء .
                          فرفعت النعجة نظرها إليهما منذهلة ،
                          والتفتت إلى حملها وقالت :
                          (( تأمل ياولدي ، ما أغرب قتال هذين
                          الطائرين الكريمين !!
                          أوليس من العار عليهما أن يتقاتلا ،
                          وهذا الجو الواسع كاف لكليهما
                          ليعيشا متسالمين ؟؟
                          ولكن صلّ ياصغيري ، صلّ في قلبك إلى الله ،
                          لكي يرسل سلاماً إلى
                          أخويك المجنحين ! ))
                          فصلى الحمل من أعماق قلبه !

                          الصحيفة البيضاء

                          قالت صحيفة ورق بيضاء ( كالثلج ) :
                          (( قد برئت نقية طاهرة وسأظل نقيةً إلى الأبد .
                          وإنني لأوثر أن احرق وأتحول
                          إلى رماد أبيض ، على أن آذن للظلمة
                          فتدنو مني وللأقذار فتلامسني ))
                          فسمعت قنينة الحبر قولها وضحكت
                          في قلبها القاتم المظلم ولكنها خافت
                          ولم تدن منها .
                          وسمعت الأقلام أيضاً على أختلاف
                          ألوانها ولم تقربها قط .
                          وهكذا ظلت صحيفة الورق بيضاء كالثلج
                          نقيةً طاهرة ولكن ... فارغة .

                          الأثمان

                          كان رجل يحفر في حقله .
                          وفيما هو يحفر عثر على تمثال بديع
                          من المرمر الجميل .
                          فأخذه ومضى به إلى رجل كان شديد الولع
                          بالآثار والعاديّات وعرضه عليه .
                          فاشتراه منه بأبهظ الأثمان .
                          ومضى كل منهما في سبيله .
                          وبينما كان البائع راجعاً إلى بيته
                          أخذ يفكر في ذاته قائلاَ :
                          (( وما أكثر مافي هذا المال
                          من القوة والحياة ! إنه بالحقيقة
                          ليدهشني كيف أن رجلاً عاقلاً ينفق مالاً
                          هذا مقداره لقاء صخرٍ أصم فاقد الحركة ،
                          كان مدفوناً في الأرض منذ ألف سنة
                          ولم يحلم به أحد)
                          وفي الساعة عينها كان المشتري يتأمل
                          التمثال مفكراً وقائلاً في ذاته :
                          (( تبارك ما فيك من الجمال ! تبارك
                          مافيك من الحياة ! حلم أية نفس علوية انت ؟
                          هذه بالحقيقة نضارة أعطيتها من نوم
                          ألف سنة في سكينة الأرض ؟
                          أنني والله لا أفهم كيف يمكن الإنسان
                          أن يبيع مثل هذه الطرفة

                          تعليق


                          • #14
                            قصة أخرى قصيرة

                            العالم والشاعر


                            قالت الحية للحسون : ما أجمل طيرانك أيها الحسون !
                            ولكن حبذا لو أنك تنسلّ إلى ثقوب الأرض وأوكارها .
                            حيث تختلج عصارة الحياة في هدوء وسكون!
                            فأجابها الحسون وقال : أي وربي ! إنك واسعة
                            المعرفة بعيدتها ، بل انت أحكم جميع المخلوقات ،
                            ولكن حبذا لو أنك تطيرين .
                            فقالت الحية كأنها لم تسمع شيئاً : مسكين أنت
                            أيّها الحسون ! فأنك لا تستطيع أن تبصر أسرار
                            العمق مثلي ، ولا تقدر أن تتخطر في خزائن
                            المماليك الخفية ، فترى أسرارها ومحتواياتها ،
                            أما أنا فلا أبعد بك ، فقد كنت في الأمس
                            متكئة في كهف من الياقوت الأحمر
                            أشبه بقلب رمانة ناضجة ،
                            وأضأل الأشعة تحولها إلى وردةٍ من نور .
                            فمن أعطي سواي في هذا العالم
                            أن يرى مثل هذه الغرائب؟ .
                            فقال لها الحسون : بالصواب قد حكمت
                            أيتها الحكيمة ، فلا أحد إلاك يستطيع أن
                            يفترش ما تبلور من تذكارات العصور ،
                            وآثار الدهور . ولكن وا أسفاه ،فأنك لا تغردين !.
                            فقالت الحية : إنني أعرف نباتاً تمتدّ جذوره
                            إلى أحشاء الأرض ، وكل من يأكل من تلك
                            الجذور يصير أجمل من عشتروت .
                            فأجابها الحسون قائلاً : لا أحد ،
                            إلاك قد أهتدى إلى حسر القناع
                            عن فكر الأرض . ولكن واأسفاه ،
                            فأنك لا تطيرين !
                            فقالت الحية : وأعرف جدولاً أرجوانياً
                            يجري تحت جبل عظيم ،
                            وكلّ من يشرب من هذا الجدول يصير خالداً .
                            وليس بين الطير أو الحيوان من أهتدى
                            إلى ذلك الجدول سواي .

                            فأجاب الحسون وقال : بلى والله .
                            فإن في منالك أن تكوني خالدة لو شئت .
                            ولكن واأسفاة ، فأنك لا تغردين ! .
                            فقالت الحية :وأعرف هيكلاً مطموراً
                            تحت تراب الأرض ، لم يهتد إليه باحث
                            أو منقب بعد ، أزوره مرة في الشهر ،
                            وهو من بناء جبابرة الأزمنة الغابرة .
                            وقد نقشت على جدرانه أسرار
                            جميع الأزمنة والأمكنة .
                            فأجابها الحسون قائلاً : بلى
                            أيتها الحكيمة العزيزة ، فإنك لو شئت
                            لاستطعت أن تكتنفي بلين جسدك
                            جميع معارف الأجيال .
                            ولكنك وا أسفاه ، لا تقدرين أن تطيري .
                            فاشمأزت الحية إذ ذاك من حديثه ،
                            وارتدت عنه إلى وكرها وهي تبربر
                            في ذاتها قائلة :
                            قبحه الله من غرّيد فارغ الرأس !!! .
                            أما الحسون فطار وهو يغني
                            بأعلى صوته قائلاً :
                            واأسفاه، إنك لا تغردين ! واأسفاه، واأسفاه
                            ياحكيمتي، فإنك لا تطيرين! .


                            يتبع

                            تعليق


                            • #15
                              حب و أدب

                              رسائل مى و جبران


                              ضاع منها الكثير
                              لكن سنحاول عرض ما تيسر

                              حضرة الأديبة الفاضلة

                              قد فكرت بأمور كثيرة في تلك الشهور الخرساء
                              التي مرت بدون خطاب ولا جواب ولكنه لم يخطر
                              على بالي كونك " شريرة" أما الآن وقد صرّحت
                              لي بوجود الشر في روحك فلا يجمل بي سوى
                              تصديقك فأنا أصدق وأثق بكل كلمة تقولينها لي !
                              أنت بالطبع تفتخرين بقولك أنا شريرة ويحق لك
                              الافتخار لأن الشر قوة تضارع الخير بعزمها
                              وتأثيرها . ولكن اسمحي لي أن أقول لك مصرحاً
                              بأنك مهما تماديت بالشر فلا تبلغين نصف ما بلغته
                              فأنا شرير كالأشباح الساكنة في كهوف الجحيم
                              بل أنا شرير كالروح السوداء التي تحرس
                              أبواب الجحيم ! أنت بالطبع ستصدقين كلامي هذا !
                              غير أنني للآن لم أفهم الأسباب الحقيقية التي دعتك
                              إلى استخدام الشر ضدي فهلا تكرمت بافهامي ؟
                              قد أجبت على كل رسالة تكرمت بها عليّ
                              واسترسلت متعمقاً بمعاني كل لفظة تعطفت
                              بهمسها في أذني فهل هناك أمر آخر
                              كان يجب عليّ أن أفعله ؟
                              أو لم تبدعي لي من " لا شيء" ذنباً
                              لتبيني لي مقدرتك على الاقتصاص ؟
                              لقد فلحت وأحسنت البيان
                              أما أنا فقد آمنت باقنومك الجديد الكلي المطلق
                              الجامع بين أسياف " كالي" ربة الهند
                              وسهام " ديانا" معبودة الأغريق .
                              والآن وقد فهم كل منا ما في روح الآخر من الشر
                              والميل إلى الاقتصاص فلنعد إلى متابعة الحديث
                              الذي ابتدأنا به منذ عامين .
                              كيف أنت وكيف حالك ؟
                              هل أنت بصحة وعافية ( كما يقول سكان لبنان )؟
                              هل خلعت ذراعاً ثانية في الصيف الماضي
                              أم منعتك والدتك من ركوب الخيل فعدت
                              إلى مصر صحيحة الذراعين ؟
                              أما أنا فصحتي أشبه شيء بحديث السكران
                              وقد صرفت الصيف والخريف متنقلاً بين
                              أعالي الجبال وشواطئ البحر ثم عدت إلى نيويورك
                              أصفر الوجه نحيل الجسم لمتابعة الأعمال
                              ومصارعة الأحلام تلك الأحلام الغريبة
                              التي تصعد بي إلى قمة الجبل ثم تهبط بي
                              إلى أعماق الوادي .
                              وقد سررت باستحسانك مجلة الفنون
                              فهي أفضل ما ظهر من نوعها في العالم العربي
                              أما صاحبها فهو فتى عذب النفس دقيق الفكر
                              وله كتابات لطيفة وقصائد مبتكرة ينشرها
                              تحت اسم " ليف" ومما يستدعي الإعجاب بهذا
                              الشاب هو أنه لم يترك شيئاً مما كتبه الافرنج
                              إلا وعرفه حق المعرفة .
                              أما صديقنا أمين الريحاني فقد ابتدأ بنشر رواية
                              جديدة طويلة في مجلة فنون وقد قرأ لي أكثر
                              فصولها فوجدتها جميلة للغاية
                              ولقد أخبرت صاحب الفنون بأنك سوف
                              تبعثين إليّ بمقالة ففرح وبات يترقب .
                              بكل أسف أقول انني لا أحسن الضرب
                              على آلة من آلات الطرب ولكنني أحب الموسيقى
                              محبتي الحياة ولي ولع خاص بدرس قواعدها
                              ومبانيها والتعمق بتاريخ نشأتها وارتقائها
                              فان ابقتني الأيام سأكتب رسالة طويلة في الدوائر
                              العربية والفارسية وكيفية ظهورها وتدرجها وتناسخها .
                              ولي ميل للموسقى الغربية يضارع ميلي للأنغام
                              الشرقية فلا يمر أسبوع إلا وأذهب مرة أو مرتين
                              إلى الأوبرا غير أني أفضل من البيان الموسيقي
                              الأفرنجي تلك المعروفة بالسنفوني والسوناتا
                              والكنتاتا على الأوبرا والسبب في ذلك
                              خلوّ الأوبرا من البساطة الفنية التي تناسب
                              أخلاقي وتتمايل مع أميالي .
                              واسمحي لي الآن أن أغبط يدك على عودك
                              وعودك على يدك وأرجوك أن تذكري اسمي
                              مشفوعاً باستحساني كلما ضربت نغم النهوند
                              على الأوتار فهو نغم أحبه ولي رأي فيه
                              يشابه رأي " كارليل في النبي محمد ".
                              ( كارلايل : أديب ومؤرخ انكليزي درس
                              بعضا من العربية في جامعة كمبردج
                              سنة 1795 وكتب عن النبي محمد
                              فصلا ضمنه إعجابه بشخصيته البطولية
                              في مؤلفه " الأبطال , عبادة الأبطال ,
                              والبطولة في التاريخ ")
                              وهلا تكرمت بذكري أمام هيبة أبي الهول ؟
                              عندما كنت في مصر كنت أذهب مرتين
                              في الأسبوع واصرف الساعات الطوال
                              جالساً على الرمال الذهبية محدقاً بالأهرام
                              وكنت في ذلك العهد صبياً في الثامنة عشرة
                              ذا نفس ترتعش أمام المظاهر الفنية ارتعاش
                              الأعشاب أمام العاصفة
                              أما أبو الهول فكان يبتسم لي ويملأ قلبي
                              بحزن عذب وندبات مستحبة .
                              أنا معجب مثلك بالدكتور شميل فهو واحد من
                              القليلين الذين انبتهم لبنان ليقوموا بالنهضة
                              الحديثة في الشرق الأدنى وعندي أن الشرقيين
                              يحتاجون إلى أمثال الدكتور شميل
                              حاجة ماسة كرد فعل للتأثير الذي
                              أوجده الصوفيون والمتعبدون
                              في القطرين مصر وسوريا .
                              هل قرأت الكتاب الفرنساوي الذي وضعه
                              خير الله افندي خير الله ؟
                              أنا لم أره بعد وقد أخبرني صديق أن
                              في الكتاب فصل عنك وفصل آخر عني
                              فإذا كان لديك نسختان تكرمي بإرسال
                              نسخة منهما إليّ وأجرك على الله .

                              ها قد انتصف الليل فليسعد الله مساءك ويبقيك .

                              المخلص
                              جبران خليل جبران

                              نيويورك 2 كانون الثاني 1919

                              تعليق

                              مواضيع تهمك

                              تقليص

                              المنتدى: المكتبة الالكترونية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 04:01 PM
                              المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:44 PM
                              المنتدى: التعريف بالهندسة الصناعية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:38 PM
                              المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-10-2025 الساعة 01:22 AM
                              المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-04-2025 الساعة 12:04 AM
                              يعمل...
                              X