الفن الأفريقى فن متميز بذاته و له طابعه الخاص و المنحوتات الافريقية عبارة عن إعادة تشكيل و بناء و رسم لأعمال فنية قام بها مجموعة من مختلف المناطق و القبائل الأفريقية ، إضافة إلى المنحوتات التى عملت بالخزف و التى أخذت فى صنعها عدة مراحل ، فقد تم التركيز على هذا الجانب لإبراز الأسلوب البسيط الذى كان يتعامل به الفنانون الأفارقة مع هذه المنحوتات البسيطة لأنهم يحاولون دائما صنع هذه الأشياء ببساطة و تجرد كاملين ، و مصدرهم فى ذلك الطبيعة الأم .
الفن الافريقى هو فن رمزى و يعطى معنى عميقا و كبيرا . أن الفنان الافريقى لا يولى اهتماما بقضية الضوء و الظل و النسب، لأنه فنة لا يحاور الشكل بقدر ما هو يحاول ان يبدع و يبنى شيئا له علاقة بالرمزية و التعبير البسيط عند الانسان الفطري .
أما عن بعض النماذج الاخرى للأقنعة الافريقية المشهورة فى افريقيا ، فلقد أكد بأن القناع الافريقى ليس وليد اليوم ، إنما هو موجود منذ قديم الزمان ، أى منذ قرابة القرن الخامس او السادس قبل الميلاد ، كما أن هناك أقنعة أخرى تمثل بداية المواسم الزراعية و مواطن الحصاد ، و هى أقنعة رائجة لدى الأفارقة لتحفيز المزارعين و العمال على بذل المزيد من الجهد .
و العطاء من أجل الحصول على محصول جيد ، إضافة الى قناع آخر يمثل الوجه الأفريقى تتمثل فيه العناصر و الملامح الافريقية المتكاملة التى لها علاقة بفنون مصر القديمة و الفنون الأخري .
و الفن الافريقي يتناول جمال المرأة بلباسها و حليها و مقتنياتها ، هذا الوجه الافريقى من الاقنعة التى تميزت به مناطق بنين و هو ما يعرف بـ « الفن البرونزي »، و هو موجود و معروف منذ قديم الزمان فى افريقيا قبل أن يكون فى مناطق أخرى من العالم .
كما ان الفن الافريقي هو فن يتميز بالبساطة و بتجريداته ، و لا ننسى بأن الفن الافريقى كان له تأثير كبير على فنون العصر الحديث و المعاصر، فكثير من الفنانين مثل بيكاسو ، و جوجان ، و براك ، و فان جوخ ، كل هذه الاسماء الكبيرة أخذت من الفنون الافريقية الاصول فى أعمالهم الفنية ، و خاصة المدرسة السريالية و التكعيبية .
و منذ آلاف السنين قبل الميلاد فقد كانت البدايات مع فنون الكهوف فى تاسيلى و أكاكوس و المناطق الجبلية ، لأن تلك المناطق كانت تقطنها التجمعات البشرية ، و تلك الجماعات كانت معروفة بوجودها وحرفها التى خلفوا لنا منها الكثير من الآثار .
إضافة الى الرسوم و النقوش الموجودة الآن ، إلا أن الاقنعة الافريقية التى عثر عليها تعد من أقدم الاقنعة الموجودة منذ القرن الخامس قبل الميلاد .
و الفن الافريقي كذلك هو فن رمزى يحاول الفنان من خلاله أن يتقمص أرواح الاجداد و إبراز الافكار و النصائح القديمة و بثها للأجيال المتلاحقة .
و قد خلفت بعض القبائل الإفريقية المتفرقة في أنحاء القارة آثاراً فنية تتبدى في عدد كبير من المنحوتات و التماثيل و الرسوم المصورة على الجدران أو الصخور المستوية ،
و يعود أقدم ما عثر عليه منها في إفريقية المدارية إلى القرن الثالث للميلاد ، حيث عثر في بعض مكامن القصدير الحالية في نيجيرية على بعض الأدوات الفنية ، و على أجزاء متنوعة من التيجان و التماثيل و المقاعد الحجرية التي تعود إلى حضارة نوك (Nok) , كما عثر في الجنوب الغربي من نيجيرية على بعض المقاعد المصنوعة من الكوارتزيت ، و التماثيل الحجرية ، و بعض الأدوات البرونزية التي تعود إلى ما بين القرنين الثامن و العاشر للميلاد ، و اكتشفت على الضفة اليسرى من نهر النيجر و في شمالي إفريقية آثار و مخلفات حضارية كثيرة كالتماثيل المصنوعة من الطين المشوي التي تشبه التماثيل المكتشفة في مناطق غربي إفريقية ، و عثر في المنطقة الممتدة بين بحيرة تشاد و نيجيريا و الكاميرون على مواقع أثرية فيها قطع من الطين المشوي و البرونز تعود إلى المدة الواقعة بين القرنين العاشر و السادس عشر للميلاد .
و أكثر الآثار و المخلفات القديمة المعروفة حتى اليوم في إفريقية هي التماثيل و الآثار المحفورة على الخشب ، أو المنحوتة في الحجر، أو الفخاريات المعروفة في غربي القارة خاصة ، و كان الفنانون يختارون أشجاراً بعينها ، و ينتزعون لحاءها قبل الحفر عليها ، و يستعملون لذلك أدوات متنوعة الأحجام و القياسات و الأشكال ،
الفن البدائي الإفريقي
الفنون إفريقية القديمة قبل أن تقع تحت تأثير الفتوحات الأجنبية المتعددة ، كان الغالب في تلك الحقبة من الزمن عدم وجود حدود ثابتة بين المجتمعات الإفريقية ، و كانت أسماء المناطق ، و كذلك ما نشأ معها من دول ، متعددة و متداخلة في حالات كثيرة ، فإن من المناسب عند ذكرنا للفنون الافريقية القديمة ان نذكر تلك التقسيمات قديما و حديثا للوصل الى الخصائص المشتركة بين هذة القبائل .
تقسيمات القبائل :
1 ـ الفن الإفريقي البدائي في أقطار إفريقية الغربية
1- مالي Mali
ترجع أصول الجماعات المعروفة باسم تلّيم Tellem و دوجون Dogon و بمبارة Bambara إلى المنطقة المسماة اليوم مالي ، و تفاعلت مع بيئتها و طبيعتها و أفادت من توافر المواد الأولية في إبداع روائعها الفنية.
و قد حلت جماعات دوجون محل جماعات تلّيم و حافظت على تراثها الفني القبلي في الغابات المنتشرة فوق صخور باندياغارا Bandiagara قرب مدينة تمبكتو . و تعدّ قبيلة دوجون من أهم قبائل إفريقية في ميدان فن النحت الذي يعود فضل إبداع معظم روائعه إلى فئة « الحدادين »، مما يفسر أثر تقنية مهنتهم في النحت الخشبي و خطوطه القاسية و كانت الكهوف التي استخدمتها قبيلة دوجون مقابر لموتاهم خير مساعد في المحافظة على المنحوتات الخشبية الجميلة .
إن الروائع الحديدية المكتشفة في مالي تدل على خبرة مجتمع بمبارة في ميادين هذه الصناعة و على مهارتهم اليدوية وذوقهم الفني و متطلبات مجتمعهم من الفن .
و تجدر الإشارة إلى أهمية الأقنعة و التماثيل و تنوعها و وظائفها في الحياة الروحية و الاجتماعية .
2- غينيا Guinee:
أقامت قبائل و مجتمعات مختلفة في المنطقة المسماة اليوم غينيا ، و توارثت أجيالها المتعاقبة قصصاً أسطورية طريفة متعلقة بالكون و خالقه و كائناته و فلسفته ، و أبدعت كل ما ينسجم مع معتقداتها و يلبّي متطلباتها المختلفة . و تعدّ قبيلة توما Toma أو لوما Loma من القبائل الناطقة بلغة ماندي Mande و مناطقها في غينية الداخلية . و قد أبدع فنانوها أجمل الأقنعة المتنوعة التي تعدّ من خصائص فنهم ، و يتميز قناع المذكر بالشكل المتطاول و يسمى لاندا Landa و يتردد بكثرة على ألسنة القبائل الناطقة بلغة ماندي مثل قبيلة نالو Nalu.
و هناك قناع الأنثى المسمى نيانجباي Nyangbai و يمثل هراً برياً .
و ثمة نوع ثالث من الأقنعة يعلوه قرنان .
و كل هذه الأقنعة مستوحاة من عالم الأدغال والسهوب ، و يتميز الوجه بالتبسيط و التسطيح ، و له جبهة بارزة و أنف مثلث ، و تميز خصائص هذه الأقنعة في بعض أقنعة قبيلة أوجوني Ogoni التي قطنت شرقي دلتا النيجر .
و هناك كذلك قبيلة باغا Baga الصغيرة في غينيا التي أبدعت الأقنعة الخشبية الثقيلة المعروفة باسم نيمبا Nimba التي تمثل ، كما يقال ، ربة النمو و معبودة المجتمع سيمو Simo. و من منتجات فنانيها الخشبية تمثال نصفي كبير له رأس متميز بخطوطه المنحنية. و يغطي جسمه ثوب ضخم من الألياف ، يضعه الراقص على رأسه ، و ينظر من خلال ثقبين صغيرين من الخشب بين ثديين رمزيين. يضاف إلى ذلك كثير من الأقنعة الخشبية المتعددة الألوان و المتميزة بالبساطة .
3- ( سيراليون Sierra Leone) :
أقامت في المنطقة المسماة اليوم سيراليون قبائل ماندي و تيمنه Temne و غيرها. تعدّ قبائل ماندي أهم قبائل سيراليون منذ أربعة قرون ، وتتحدث بلغة ماندي فو Mande-Fu و قد أبدع صناعها أعمالهم المتميزة بالعفوية و البساطة و الجمال. و من هذه الأعمال الفنية تماثيل معروفة باسم مينسره Minsereh تستخدمها سادناتٌ في فنون الطب السحري انطلاقاً من الاعتقاد بفكرة « حيوية المادة » و قدرتها على نقل إرادات الأرواح بوساطة السادنات .
كان بين قبيلة تيمنه و قبيلة باغا المقيمة في غينيا قرابة وثيقة . و قد تركت قبيلة تيمنه و جماعة شيربرو Sherbro التي كانت تبدع منحوتات حجرية جميلة تعرف باسم نومولي Nomoli، آثاراً في معظم أراضي بلاد سيراليون . و لكن من المتعذر اليوم تمييز تلك الأعمال من أعمال قبيلة ماندي . و مهما يكن ، فإن الأعمال المذكورة تتصف بحرية الخط الممتد ،. و من الأعمال المتميزة في سيراليون الأقنعة التي لها شكل خوذة .
4- ساحل العاج Cote DIvoire:
حرصت قبيلة بولي Baule التي تقطن منطقة ساحل العاج الشرقية على التعبير عن الجمال أكثر من رغبتها في التعبير عن القوة . و لكن الرقة تؤدي أحياناً إلى التبذل . و تتجلى نفحة إنسانية تميز فن الأقنعة لدى قبيلة بولي كما تميز فن قبيلة يوروبا Yoruba الشهيرة في نيجيرية. و الجدير بالذكر أن قبيلة بولي انفصلت عن قبيلة أشانتي Ashanti منذ نحو ثلاثة قرون ، وكان للموارد الطبيعية في منطقتها أثر كبير في ازدهار فن النحت على يد فنانين من قبيلة بولي كانوا يفضلون الأشكال البسيطة ، شأنهم في ذلك شأن بقية فناني غينيا ونيجيريا .
أقامت جماعات قبيلة سينوفو Senufo في شمالي بلاد ساحل العاج ( كوت دي فوار )، و جاورتها جماعات قبيلة نافانا Nafana أيضاً. و قد تميزت حضارة سينوفو بغناها بالأقنعة المتنوعة التي تمثل أحياناً أشكالاً نصف آدمية و نصف حيوانية . و هناك تماثيل جميلة مختلفة تعرف باسم دبلي Deble، كان أعضاء الروابط كرابطة لو Lo يدوسون الأرض بوساطتها و هم يؤدون رقصاتهم التي تتطلبها المناسبات المختلفة . و قد عثر في قرية لاتاها Lataha في منطقة كورهوغو Korhogo على أحد هذه التماثيل القديمة المتميزة بجمال التشكيل والمنحنيات في الجذع و الأعضاء حول محور شاقولي غير مرئي.
5- بوركينا Burkina:
أقامت جماعات قبيلة بوبو Bobo و موزي Mosi و غيرها في المنطقة المسماة اليوم بوركينا فاسو . و تضم قبيلة بوبو جماعات كثيرة من أشهرها بوبوفينغ Bobo-Fing أو بوبو السود ، و بوبو أولي Bobo- Ule أو بوبو الحمر، وبوبو غبي Bobo-Gbe أو بوبو البيض
أنتج فنانوها الأقنعة الجميلة المستخدمة عادة في الطقوس المختلفة و لا سيما الزراعية ، و معظم النماذج المعروفة هي من إبداع فناني جماعات بوبو السود من منطقة بوبو ديولاسّو Bobo-Dioulasso. و تميز أعمالهم طرازين مختلفين ، الأول ذو بعدين ، بأشكال هندسية و تجريدية ، ملونة بالألوان الأحمر و الأبيض و الأسود . أما الطراز الثاني فإنه قريب من فن النحت البارز ، و يتخذ شكل قناع خوذة بيضوي الشكل و يعلوه أحياناً تمثال صغير يمثل إنساناً ، و يضاف إلى ذلك استخدام مادة الخشب القاسي .
و تعد قبيلة موسي أو موشي القبيلة الرئيسة في فولتا العليا ، و تتألف من جماعات مدنية اعتنقت الإسلام منذ مدة بعيدة . و هناك جماعات ريفية لها معتقداتها القبلية و يتمثل فنها بالأقنعة التي تتصف بالبساطة و التجريد .و يرجع ذالك الى اعتناقها الإسلام . و هكذا اعتمد الفنان على التشكيلات الهندسية و قد يدخل عليها نادراً الشكل الإنساني .
6- غانا Gana:
اشتهرت المنطقة المسماة اليوم غانا باسم بلاد الذهب و ساحل الذهب و ذلك لكثرة الذهب في مناجم جالام Galam و بامبوك Bambouk. و قد استوطنت قبائل أشانتي معظم أراضي غانا الجنوبية ، و توسعت في مثلث السهوب و الأدغال مما جعلها في مواجهة تأثيرات الشرق . و كانت أشانتي قد انفصلت عن قبيلة بولي . وإذا كانت قبيلة بولي قد اهتمت بموارد أرضها الطبيعية ، فإن قبيلة أشانتي اهتمت بالموارد الموجودة تحت الأرض ، و أبدع فنانوها روائعهم الجميلة من الذهب، مما جعل حضارتهم و فنونهم ذات طابع ذهبي . أما المنحوتات الخشبية و المعدنية فإنها تتميز بأبعادها الصغيرة . و هكذا فإن الدمى الصغيرة المعروفة باسم أكوآبا Akua’ba، التي كانت الفتيات الصغيرات يحملنها ، كثيراً ما تتصف بالتجريد. كما أن الموازين النحاسية الصغيرة الجميلة و التقليدية كانت مستخدمة في مساومات مسحوق الذهب .
و كانت أهم منحوتاتهم مصنوعة من الطين المشوي بأنماط مختلفة تميز بها فن أشانتي .
كل ذلك يؤكد أن مملكة أشانتي التي اتخذت كوماسي عاصمة لها ، و التي ازدهرت في القرن العاشر و الحادي عشر بعد الميلاد ، أسهمت جدياً في نشوء الفن الإفريقي و تطوره ، و إن تكتل جماعات ساراكولي Sara- Kolles جعل منها قوة مهمة لها معتقداتها الروحية ، و فنونها المحلية المتميزة .
7_ بنين Benin:
كانت مملكة بنين من أشهر الممالك التاريخية في منطقة أحراج غربي إفريقيا ، فقد تأسست قبل 1300م. و مرت على المملكة الكثير من المنازعات الداخلية و الحروب مع من حولها.
كان الفن وثيق الصلة بالسلطة مع اهتمامه بالمتطلبات الروحية و الحياة اليومية ، و قد عبرت المنحوتات عن مظاهر الملك و سلطته الزمنية ، و كانت ، في الوقت ذاته ، تحمل طابعاً روحياً لأن الاعتقاد السائد كان يعدّ الحاكم من ذات إله
الفن الافريقى هو فن رمزى و يعطى معنى عميقا و كبيرا . أن الفنان الافريقى لا يولى اهتماما بقضية الضوء و الظل و النسب، لأنه فنة لا يحاور الشكل بقدر ما هو يحاول ان يبدع و يبنى شيئا له علاقة بالرمزية و التعبير البسيط عند الانسان الفطري .
أما عن بعض النماذج الاخرى للأقنعة الافريقية المشهورة فى افريقيا ، فلقد أكد بأن القناع الافريقى ليس وليد اليوم ، إنما هو موجود منذ قديم الزمان ، أى منذ قرابة القرن الخامس او السادس قبل الميلاد ، كما أن هناك أقنعة أخرى تمثل بداية المواسم الزراعية و مواطن الحصاد ، و هى أقنعة رائجة لدى الأفارقة لتحفيز المزارعين و العمال على بذل المزيد من الجهد .
و العطاء من أجل الحصول على محصول جيد ، إضافة الى قناع آخر يمثل الوجه الأفريقى تتمثل فيه العناصر و الملامح الافريقية المتكاملة التى لها علاقة بفنون مصر القديمة و الفنون الأخري .
و الفن الافريقي يتناول جمال المرأة بلباسها و حليها و مقتنياتها ، هذا الوجه الافريقى من الاقنعة التى تميزت به مناطق بنين و هو ما يعرف بـ « الفن البرونزي »، و هو موجود و معروف منذ قديم الزمان فى افريقيا قبل أن يكون فى مناطق أخرى من العالم .
كما ان الفن الافريقي هو فن يتميز بالبساطة و بتجريداته ، و لا ننسى بأن الفن الافريقى كان له تأثير كبير على فنون العصر الحديث و المعاصر، فكثير من الفنانين مثل بيكاسو ، و جوجان ، و براك ، و فان جوخ ، كل هذه الاسماء الكبيرة أخذت من الفنون الافريقية الاصول فى أعمالهم الفنية ، و خاصة المدرسة السريالية و التكعيبية .
و منذ آلاف السنين قبل الميلاد فقد كانت البدايات مع فنون الكهوف فى تاسيلى و أكاكوس و المناطق الجبلية ، لأن تلك المناطق كانت تقطنها التجمعات البشرية ، و تلك الجماعات كانت معروفة بوجودها وحرفها التى خلفوا لنا منها الكثير من الآثار .
إضافة الى الرسوم و النقوش الموجودة الآن ، إلا أن الاقنعة الافريقية التى عثر عليها تعد من أقدم الاقنعة الموجودة منذ القرن الخامس قبل الميلاد .
و الفن الافريقي كذلك هو فن رمزى يحاول الفنان من خلاله أن يتقمص أرواح الاجداد و إبراز الافكار و النصائح القديمة و بثها للأجيال المتلاحقة .
و قد خلفت بعض القبائل الإفريقية المتفرقة في أنحاء القارة آثاراً فنية تتبدى في عدد كبير من المنحوتات و التماثيل و الرسوم المصورة على الجدران أو الصخور المستوية ،
و يعود أقدم ما عثر عليه منها في إفريقية المدارية إلى القرن الثالث للميلاد ، حيث عثر في بعض مكامن القصدير الحالية في نيجيرية على بعض الأدوات الفنية ، و على أجزاء متنوعة من التيجان و التماثيل و المقاعد الحجرية التي تعود إلى حضارة نوك (Nok) , كما عثر في الجنوب الغربي من نيجيرية على بعض المقاعد المصنوعة من الكوارتزيت ، و التماثيل الحجرية ، و بعض الأدوات البرونزية التي تعود إلى ما بين القرنين الثامن و العاشر للميلاد ، و اكتشفت على الضفة اليسرى من نهر النيجر و في شمالي إفريقية آثار و مخلفات حضارية كثيرة كالتماثيل المصنوعة من الطين المشوي التي تشبه التماثيل المكتشفة في مناطق غربي إفريقية ، و عثر في المنطقة الممتدة بين بحيرة تشاد و نيجيريا و الكاميرون على مواقع أثرية فيها قطع من الطين المشوي و البرونز تعود إلى المدة الواقعة بين القرنين العاشر و السادس عشر للميلاد .
و أكثر الآثار و المخلفات القديمة المعروفة حتى اليوم في إفريقية هي التماثيل و الآثار المحفورة على الخشب ، أو المنحوتة في الحجر، أو الفخاريات المعروفة في غربي القارة خاصة ، و كان الفنانون يختارون أشجاراً بعينها ، و ينتزعون لحاءها قبل الحفر عليها ، و يستعملون لذلك أدوات متنوعة الأحجام و القياسات و الأشكال ،
الفن البدائي الإفريقي
الفنون إفريقية القديمة قبل أن تقع تحت تأثير الفتوحات الأجنبية المتعددة ، كان الغالب في تلك الحقبة من الزمن عدم وجود حدود ثابتة بين المجتمعات الإفريقية ، و كانت أسماء المناطق ، و كذلك ما نشأ معها من دول ، متعددة و متداخلة في حالات كثيرة ، فإن من المناسب عند ذكرنا للفنون الافريقية القديمة ان نذكر تلك التقسيمات قديما و حديثا للوصل الى الخصائص المشتركة بين هذة القبائل .
تقسيمات القبائل :
1 ـ الفن الإفريقي البدائي في أقطار إفريقية الغربية
1- مالي Mali
ترجع أصول الجماعات المعروفة باسم تلّيم Tellem و دوجون Dogon و بمبارة Bambara إلى المنطقة المسماة اليوم مالي ، و تفاعلت مع بيئتها و طبيعتها و أفادت من توافر المواد الأولية في إبداع روائعها الفنية.
و قد حلت جماعات دوجون محل جماعات تلّيم و حافظت على تراثها الفني القبلي في الغابات المنتشرة فوق صخور باندياغارا Bandiagara قرب مدينة تمبكتو . و تعدّ قبيلة دوجون من أهم قبائل إفريقية في ميدان فن النحت الذي يعود فضل إبداع معظم روائعه إلى فئة « الحدادين »، مما يفسر أثر تقنية مهنتهم في النحت الخشبي و خطوطه القاسية و كانت الكهوف التي استخدمتها قبيلة دوجون مقابر لموتاهم خير مساعد في المحافظة على المنحوتات الخشبية الجميلة .
إن الروائع الحديدية المكتشفة في مالي تدل على خبرة مجتمع بمبارة في ميادين هذه الصناعة و على مهارتهم اليدوية وذوقهم الفني و متطلبات مجتمعهم من الفن .
و تجدر الإشارة إلى أهمية الأقنعة و التماثيل و تنوعها و وظائفها في الحياة الروحية و الاجتماعية .
2- غينيا Guinee:
أقامت قبائل و مجتمعات مختلفة في المنطقة المسماة اليوم غينيا ، و توارثت أجيالها المتعاقبة قصصاً أسطورية طريفة متعلقة بالكون و خالقه و كائناته و فلسفته ، و أبدعت كل ما ينسجم مع معتقداتها و يلبّي متطلباتها المختلفة . و تعدّ قبيلة توما Toma أو لوما Loma من القبائل الناطقة بلغة ماندي Mande و مناطقها في غينية الداخلية . و قد أبدع فنانوها أجمل الأقنعة المتنوعة التي تعدّ من خصائص فنهم ، و يتميز قناع المذكر بالشكل المتطاول و يسمى لاندا Landa و يتردد بكثرة على ألسنة القبائل الناطقة بلغة ماندي مثل قبيلة نالو Nalu.
و هناك قناع الأنثى المسمى نيانجباي Nyangbai و يمثل هراً برياً .
و ثمة نوع ثالث من الأقنعة يعلوه قرنان .
و كل هذه الأقنعة مستوحاة من عالم الأدغال والسهوب ، و يتميز الوجه بالتبسيط و التسطيح ، و له جبهة بارزة و أنف مثلث ، و تميز خصائص هذه الأقنعة في بعض أقنعة قبيلة أوجوني Ogoni التي قطنت شرقي دلتا النيجر .
و هناك كذلك قبيلة باغا Baga الصغيرة في غينيا التي أبدعت الأقنعة الخشبية الثقيلة المعروفة باسم نيمبا Nimba التي تمثل ، كما يقال ، ربة النمو و معبودة المجتمع سيمو Simo. و من منتجات فنانيها الخشبية تمثال نصفي كبير له رأس متميز بخطوطه المنحنية. و يغطي جسمه ثوب ضخم من الألياف ، يضعه الراقص على رأسه ، و ينظر من خلال ثقبين صغيرين من الخشب بين ثديين رمزيين. يضاف إلى ذلك كثير من الأقنعة الخشبية المتعددة الألوان و المتميزة بالبساطة .
3- ( سيراليون Sierra Leone) :
أقامت في المنطقة المسماة اليوم سيراليون قبائل ماندي و تيمنه Temne و غيرها. تعدّ قبائل ماندي أهم قبائل سيراليون منذ أربعة قرون ، وتتحدث بلغة ماندي فو Mande-Fu و قد أبدع صناعها أعمالهم المتميزة بالعفوية و البساطة و الجمال. و من هذه الأعمال الفنية تماثيل معروفة باسم مينسره Minsereh تستخدمها سادناتٌ في فنون الطب السحري انطلاقاً من الاعتقاد بفكرة « حيوية المادة » و قدرتها على نقل إرادات الأرواح بوساطة السادنات .
كان بين قبيلة تيمنه و قبيلة باغا المقيمة في غينيا قرابة وثيقة . و قد تركت قبيلة تيمنه و جماعة شيربرو Sherbro التي كانت تبدع منحوتات حجرية جميلة تعرف باسم نومولي Nomoli، آثاراً في معظم أراضي بلاد سيراليون . و لكن من المتعذر اليوم تمييز تلك الأعمال من أعمال قبيلة ماندي . و مهما يكن ، فإن الأعمال المذكورة تتصف بحرية الخط الممتد ،. و من الأعمال المتميزة في سيراليون الأقنعة التي لها شكل خوذة .
4- ساحل العاج Cote DIvoire:
حرصت قبيلة بولي Baule التي تقطن منطقة ساحل العاج الشرقية على التعبير عن الجمال أكثر من رغبتها في التعبير عن القوة . و لكن الرقة تؤدي أحياناً إلى التبذل . و تتجلى نفحة إنسانية تميز فن الأقنعة لدى قبيلة بولي كما تميز فن قبيلة يوروبا Yoruba الشهيرة في نيجيرية. و الجدير بالذكر أن قبيلة بولي انفصلت عن قبيلة أشانتي Ashanti منذ نحو ثلاثة قرون ، وكان للموارد الطبيعية في منطقتها أثر كبير في ازدهار فن النحت على يد فنانين من قبيلة بولي كانوا يفضلون الأشكال البسيطة ، شأنهم في ذلك شأن بقية فناني غينيا ونيجيريا .
أقامت جماعات قبيلة سينوفو Senufo في شمالي بلاد ساحل العاج ( كوت دي فوار )، و جاورتها جماعات قبيلة نافانا Nafana أيضاً. و قد تميزت حضارة سينوفو بغناها بالأقنعة المتنوعة التي تمثل أحياناً أشكالاً نصف آدمية و نصف حيوانية . و هناك تماثيل جميلة مختلفة تعرف باسم دبلي Deble، كان أعضاء الروابط كرابطة لو Lo يدوسون الأرض بوساطتها و هم يؤدون رقصاتهم التي تتطلبها المناسبات المختلفة . و قد عثر في قرية لاتاها Lataha في منطقة كورهوغو Korhogo على أحد هذه التماثيل القديمة المتميزة بجمال التشكيل والمنحنيات في الجذع و الأعضاء حول محور شاقولي غير مرئي.
5- بوركينا Burkina:
أقامت جماعات قبيلة بوبو Bobo و موزي Mosi و غيرها في المنطقة المسماة اليوم بوركينا فاسو . و تضم قبيلة بوبو جماعات كثيرة من أشهرها بوبوفينغ Bobo-Fing أو بوبو السود ، و بوبو أولي Bobo- Ule أو بوبو الحمر، وبوبو غبي Bobo-Gbe أو بوبو البيض
أنتج فنانوها الأقنعة الجميلة المستخدمة عادة في الطقوس المختلفة و لا سيما الزراعية ، و معظم النماذج المعروفة هي من إبداع فناني جماعات بوبو السود من منطقة بوبو ديولاسّو Bobo-Dioulasso. و تميز أعمالهم طرازين مختلفين ، الأول ذو بعدين ، بأشكال هندسية و تجريدية ، ملونة بالألوان الأحمر و الأبيض و الأسود . أما الطراز الثاني فإنه قريب من فن النحت البارز ، و يتخذ شكل قناع خوذة بيضوي الشكل و يعلوه أحياناً تمثال صغير يمثل إنساناً ، و يضاف إلى ذلك استخدام مادة الخشب القاسي .
و تعد قبيلة موسي أو موشي القبيلة الرئيسة في فولتا العليا ، و تتألف من جماعات مدنية اعتنقت الإسلام منذ مدة بعيدة . و هناك جماعات ريفية لها معتقداتها القبلية و يتمثل فنها بالأقنعة التي تتصف بالبساطة و التجريد .و يرجع ذالك الى اعتناقها الإسلام . و هكذا اعتمد الفنان على التشكيلات الهندسية و قد يدخل عليها نادراً الشكل الإنساني .
6- غانا Gana:
اشتهرت المنطقة المسماة اليوم غانا باسم بلاد الذهب و ساحل الذهب و ذلك لكثرة الذهب في مناجم جالام Galam و بامبوك Bambouk. و قد استوطنت قبائل أشانتي معظم أراضي غانا الجنوبية ، و توسعت في مثلث السهوب و الأدغال مما جعلها في مواجهة تأثيرات الشرق . و كانت أشانتي قد انفصلت عن قبيلة بولي . وإذا كانت قبيلة بولي قد اهتمت بموارد أرضها الطبيعية ، فإن قبيلة أشانتي اهتمت بالموارد الموجودة تحت الأرض ، و أبدع فنانوها روائعهم الجميلة من الذهب، مما جعل حضارتهم و فنونهم ذات طابع ذهبي . أما المنحوتات الخشبية و المعدنية فإنها تتميز بأبعادها الصغيرة . و هكذا فإن الدمى الصغيرة المعروفة باسم أكوآبا Akua’ba، التي كانت الفتيات الصغيرات يحملنها ، كثيراً ما تتصف بالتجريد. كما أن الموازين النحاسية الصغيرة الجميلة و التقليدية كانت مستخدمة في مساومات مسحوق الذهب .
و كانت أهم منحوتاتهم مصنوعة من الطين المشوي بأنماط مختلفة تميز بها فن أشانتي .
كل ذلك يؤكد أن مملكة أشانتي التي اتخذت كوماسي عاصمة لها ، و التي ازدهرت في القرن العاشر و الحادي عشر بعد الميلاد ، أسهمت جدياً في نشوء الفن الإفريقي و تطوره ، و إن تكتل جماعات ساراكولي Sara- Kolles جعل منها قوة مهمة لها معتقداتها الروحية ، و فنونها المحلية المتميزة .
7_ بنين Benin:
كانت مملكة بنين من أشهر الممالك التاريخية في منطقة أحراج غربي إفريقيا ، فقد تأسست قبل 1300م. و مرت على المملكة الكثير من المنازعات الداخلية و الحروب مع من حولها.
كان الفن وثيق الصلة بالسلطة مع اهتمامه بالمتطلبات الروحية و الحياة اليومية ، و قد عبرت المنحوتات عن مظاهر الملك و سلطته الزمنية ، و كانت ، في الوقت ذاته ، تحمل طابعاً روحياً لأن الاعتقاد السائد كان يعدّ الحاكم من ذات إله
تعليق