السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أهل ورد الغاليين
جميل جدا أن نقرأ
لكن ماذا عن الكاتب
مقال أعجبني
الأدب وسيكولوجية الكاتب
من هو هذا الكاتب
الذي نمنحه جزء من وقتنا طال أم قصر؟
من هو هذا الشخص الذي قررنا أن
نفتح له بيوتنا وافكارنا بل ومشاعرنا؟
هل يكتب عنا أم عن نفسه أم عن المجتمع؟
هل يكتب بموضوعية أم بإنعكاس لما يفكر به؟
هل يفرض علينا ما يفكر به بطريقة ساحرة
نشعر من خلالها أنه
لم يفرض علينا ما يفكر به بل إقتنعنا بما يفكر به؟
سوف تكون الإجابة البديهية أن الكاتب هو
كل هذا أو بعضه ولكن هذه الإجابة البديهية
لا تنفي عمق هذا الموضوع
لما له من أبعاد عميقة على الفرد والمجتمع.
أحد الفروق الهامة بين السياسة والأدب
هو أن السياسة واضحة المعالم رغم تعقيد التطبيق؛
فالسياسي لا يداري أهدافه ولا يصطنع المسالمة
هو يريد القيادة والرئاسة بل ويباهي بذلك؛
أما الأدب فهو ليس واضح المعالم؛
بل يسير بمداراة لأمور كثيرة في الحياة
وذلك كي لا يصطدم بما هو ممنوع
وبما هو مرفوض وبما هو قديم؛
يتحسس طريقة في المجتمع
وينظر جيداً أين يضع قدميه كي لا يتم رفضه
لأن رفضه أسهل بكثير من رفض برنامج سياسي.
وعدم وضوح معالم الأدب ليس نقيصه بل ميزة
لأنه بذلك يتقمص كل الشخصيات
ويتجول في كل الزوايا والصالات؛
بل لو أنه إتخذ ملامح محدده لفقد بريقه وجاذبيته.
ولكن الكاتب لابد له أن يكون واضح المعالم؛
وقد لا يستطيع ذلك؛
لأنه هناك شخصيتان تتنازعان الكاتب؛
شخصيته الحقيقية وشخصيته الأدبية؛
شخصيته الحقيقة يعيشها بكل سلبياتها وإيجابياتها؛
أما شخصيته الأدبية فيسعى جاهداً إلى تجميلها
لأنها لو كانت مشوهه لن يتم قبول ما يكتب.
ولكن لأي مدى تنعكس سيكولوجية الكاتب على ما يكتب؟
وهل يمكن للقاريء أن يستشف
إن كان الكاتب يعكس نفسيته في ما يكتب
أم انه يكتب بتجرد موضوعي؟
الصعوبة تكمن بأنه قد لا يتمكن الكاتب
من الإنسلاخ من سيكولوجيته الخاصة؛
قد لا تكون لديه هذه القدرة بأن ينسلخ من ذاته
ويكتب عن مواضيع واشياء وأشخاص خارج دائرة ذاته
أو خارج دائرة ما يشعره أو يعتقده.
وهنا بالذات يكمن سر تألق بعض الكتاب مقارنة بغيرهم؛
إنها هذه القدرة على الإنسلاخ عن الذات
والتحليق بعيداً في عوالم أخرى؛
بل أن تتقلص هذه الذات إلى أن تتلاشى حين يكتب؛
وهي قدرة ليست سهلة لأنها تحتاج
و بالدرجة الأولى لأن يكون الكاتب على علاقة وثيقة مع
ذاته وأن يكون لديه نضج فكري ونفسي وعقلي
بأن يتوقف عند حد معين حين يكتب
ويعلم بأنه الآن مُبحراً في جزيرة نائية بعيداً عن ذاته.
وكل هذا لا يتطلب فقط ثقافة واسعة بل تواضع عميق
بأن يرى أن ما في الحياة أكثر ثراءً مما يراه بذاته
حتى ولو كان عبقري الفكر والقلم.
ثم يتطلب نظرة إلى الحياة
تتجاوز النظرة التقليدية للأمور؛
أن يكون لديه فكر خاص تنعكس عليه الأحداث
ولا ينعكس تفكيره على الأحداث؛
وهذا يعني أنه يطوع أفكاره لما يمر حوله
ولكنه لا يفرض افكاره على ما يدور حوله؛
فالثراء الفكري ليس بفرض ما نفكر به
بل بقبول ما لا نفكر به والإستيعاب المتجدد
بأن الحياة لا تعرف الركود وأن الفكر أيضاً
لابد أن يواكب تغير الحياة وتلونها؛
بمدها وبجزرها؛ بإقبالها وبإدبارها.
أهل ورد الغاليين
جميل جدا أن نقرأ
لكن ماذا عن الكاتب
مقال أعجبني
الأدب وسيكولوجية الكاتب
من هو هذا الكاتب
الذي نمنحه جزء من وقتنا طال أم قصر؟
من هو هذا الشخص الذي قررنا أن
نفتح له بيوتنا وافكارنا بل ومشاعرنا؟
هل يكتب عنا أم عن نفسه أم عن المجتمع؟
هل يكتب بموضوعية أم بإنعكاس لما يفكر به؟
هل يفرض علينا ما يفكر به بطريقة ساحرة
نشعر من خلالها أنه
لم يفرض علينا ما يفكر به بل إقتنعنا بما يفكر به؟
سوف تكون الإجابة البديهية أن الكاتب هو
كل هذا أو بعضه ولكن هذه الإجابة البديهية
لا تنفي عمق هذا الموضوع
لما له من أبعاد عميقة على الفرد والمجتمع.
أحد الفروق الهامة بين السياسة والأدب
هو أن السياسة واضحة المعالم رغم تعقيد التطبيق؛
فالسياسي لا يداري أهدافه ولا يصطنع المسالمة
هو يريد القيادة والرئاسة بل ويباهي بذلك؛
أما الأدب فهو ليس واضح المعالم؛
بل يسير بمداراة لأمور كثيرة في الحياة
وذلك كي لا يصطدم بما هو ممنوع
وبما هو مرفوض وبما هو قديم؛
يتحسس طريقة في المجتمع
وينظر جيداً أين يضع قدميه كي لا يتم رفضه
لأن رفضه أسهل بكثير من رفض برنامج سياسي.
وعدم وضوح معالم الأدب ليس نقيصه بل ميزة
لأنه بذلك يتقمص كل الشخصيات
ويتجول في كل الزوايا والصالات؛
بل لو أنه إتخذ ملامح محدده لفقد بريقه وجاذبيته.
ولكن الكاتب لابد له أن يكون واضح المعالم؛
وقد لا يستطيع ذلك؛
لأنه هناك شخصيتان تتنازعان الكاتب؛
شخصيته الحقيقية وشخصيته الأدبية؛
شخصيته الحقيقة يعيشها بكل سلبياتها وإيجابياتها؛
أما شخصيته الأدبية فيسعى جاهداً إلى تجميلها
لأنها لو كانت مشوهه لن يتم قبول ما يكتب.
ولكن لأي مدى تنعكس سيكولوجية الكاتب على ما يكتب؟
وهل يمكن للقاريء أن يستشف
إن كان الكاتب يعكس نفسيته في ما يكتب
أم انه يكتب بتجرد موضوعي؟
الصعوبة تكمن بأنه قد لا يتمكن الكاتب
من الإنسلاخ من سيكولوجيته الخاصة؛
قد لا تكون لديه هذه القدرة بأن ينسلخ من ذاته
ويكتب عن مواضيع واشياء وأشخاص خارج دائرة ذاته
أو خارج دائرة ما يشعره أو يعتقده.
وهنا بالذات يكمن سر تألق بعض الكتاب مقارنة بغيرهم؛
إنها هذه القدرة على الإنسلاخ عن الذات
والتحليق بعيداً في عوالم أخرى؛
بل أن تتقلص هذه الذات إلى أن تتلاشى حين يكتب؛
وهي قدرة ليست سهلة لأنها تحتاج
و بالدرجة الأولى لأن يكون الكاتب على علاقة وثيقة مع
ذاته وأن يكون لديه نضج فكري ونفسي وعقلي
بأن يتوقف عند حد معين حين يكتب
ويعلم بأنه الآن مُبحراً في جزيرة نائية بعيداً عن ذاته.
وكل هذا لا يتطلب فقط ثقافة واسعة بل تواضع عميق
بأن يرى أن ما في الحياة أكثر ثراءً مما يراه بذاته
حتى ولو كان عبقري الفكر والقلم.
ثم يتطلب نظرة إلى الحياة
تتجاوز النظرة التقليدية للأمور؛
أن يكون لديه فكر خاص تنعكس عليه الأحداث
ولا ينعكس تفكيره على الأحداث؛
وهذا يعني أنه يطوع أفكاره لما يمر حوله
ولكنه لا يفرض افكاره على ما يدور حوله؛
فالثراء الفكري ليس بفرض ما نفكر به
بل بقبول ما لا نفكر به والإستيعاب المتجدد
بأن الحياة لا تعرف الركود وأن الفكر أيضاً
لابد أن يواكب تغير الحياة وتلونها؛
بمدها وبجزرها؛ بإقبالها وبإدبارها.
تعليق