إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ايليا ابو ماضى شاعر البهجة والامل

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ايليا ابو ماضى شاعر البهجة والامل

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    أهل ورد الغاليين

    ابتسم فلعل غيرك إن رآك مرنما
    طرح الكآبة جانبا و ترنما


    قل المجيدون وكثر المتشاعرين
    في زمننا الحاضر
    لكن شاعرنا
    ينتسب الى فصيلة الصقور
    والى الشعراء المبدعين الكبار.
    شاعرًا ممن تربعوا على قمة الشعر العربي
    أحدث تجديداً في الكلمة الشعرية،
    وجعلها تتسع لمضامين الحياة
    الاجتماعية والفكرية والنفسية
    من غير أن تخرج من إطار البساطة والوضوح.
    هذا الشاعر الكبير الذي حملت قصائده
    روح الشرق وهمومه، وهو في أقصى الغرب،
    وكأنه شجرة أرزٍ لبنانية
    غُرست على ضفاف الميسيسيبي.
    خلَّف لنا عدة دواوين شعر
    تذخر بالمشاعر الوجدانية،
    وتفيض بالأحاسيس الرقيقة الراقية
    إنه شاعر البهجة والأمل


    "إيليا أبي ماضي"


  • #2
    الاسم الحقيقي
    إيليا ضاهر أبو ماضي
    1889-1957
    محل الميلاد المحيدثة ـ المتن الشمالي - لبنان
    نشأ أبو ماضي في عائلة بسيطة الحال
    لذلك لم يستطع أن يدرس في قريته سوى
    الدروس الابتدائية البسيطة؛
    فدخل مدرسة المحيدثة القائمة في جوار الكنيسة.
    عندما اشتد به الفقر في لبنان،

    رحل إيليا إلى مصر عام 1902
    بهدف التجارة مع عمه الذي كان يمتهن تجارة التبغ،
    وهناك التقى بأنطون الجميل،
    الذي كان قد أنشأ مع أمين تقي الدين
    مجلة "الزهور"
    فأعجب بذكائه وعصاميته إعجابا شديدا
    ودعاه إلى الكتابة بالمجلة،
    فنشرأولى قصائده بالمجلة،
    وتوالى نشر أعماله،
    إلى أن جمع بواكير شعره في ديوان
    أطلق عليه اسم " تذكار الماضي "

    وقد صدر في عام 1911م
    عن المطبعة المصرية،
    وكان إذ ذاك يبلغ من العمر 22 عاما.
    اتجه أبو ماضي إلى نظم الشعر
    في الموضوعات الوطنية والسياسية،
    فلم يسلم من مطاردة السلطات،

    فاضطر للهجرة إلى أمريكا عام 1912
    حيث استقر أولا في
    مدينة " سنسناتي " بولاية أوهايو
    حيث أقام فيها مدة أربع سنوات
    عمل فيها بالتجارة مع أخيه البكر مراد،
    ثم رحل إلى نيويورك
    وفي "بروكلين"،
    شارك في تأسيس الرابطة القلمية
    في الولايات المتحدة الأمريكية
    مع جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة.

    أصدر مجلة " السمير" عام 1929م،
    التي تعد مصدراً أولياً لأدب إيليا أبي ماضي،
    كما تعد مصدراً أساسياً من مصادر الأدب المهجري،
    حيث نشر فيها معظم أدباء المهجر،
    وبخاصة أدباء المهجر الشمالي
    كثيراً من إنتاجهم الأدبي شعراً ونثراً.

    واستمرت في الصدور حتى وفاة الشاعرعام 1957م .

    يأتي ثالثا في شهرته بين شعراء المهجر،
    بعد جبران ونعيمة..
    يزخر شعر أبي ماضي بالتفاؤل
    والإقبال على الحياة
    بإسباغ الجمال على البشر والطبيعة،
    ويستثنى من ذلك درته الشهيرة "الطلاسم"
    وكمعظم المهجريين
    يتصف بالجرأة في التعامل مع اللغة
    ومع القالب العمودي الموروث .
    يعتبر إيليا من الشعراء المهجريين
    الذين تفرغوا للأدب والصحافة،
    ويلاحظ غلبة الاتجاه الإنساني على سائر أشعاره،
    ولاسيما الشعر الذي قاله في ظل الرابطة القلمية
    وتأثر فيه بمدرسة جبران

    تعليق


    • #3
      إيليا أبي ماضي

      اشتغل بالصحافة فحرر عشر سنوات في
      جريدة "مرآة الغرب"
      ثم أصدر جريدة "السمير" في نيويورك؛
      وكانت من أوسع الصحف انتشاراً في المهجر.
      يعد ايليا أبو ماضي صورة صادقة

      لمدرسة المهجر في الشعر العربي وثمرة لها؛
      تأثر بالمتنبي والمعري
      وأخذ من أبي العلاء
      شكه في أصل الوجود والبعث والنشور؛
      كما تأثر بتشاؤمه ثم تحول عن هذا التشاؤم
      ودعا الى التفاؤل
      كما تأثر بالشاعر "أبو نواس
      وقد تأثر بمذهب الرابطة القلمية في الشعر
      فتخلى عن الطابع الكلاسيكي القديم
      الذي يهتم بالألفاظ والأوزان
      أكثر مما يهتم بالمعاني والأفكار؛
      وشغف بشعر الطبيعة والحب والجمال.
      كما تأثر بجبران ونعيمة ورفاقهما,

      وأبرز خصائص شعر أبي ماضي
      هو شعر الشك والتفاؤل
      وهو من الآخذين بنظرية عمر الخيام:
      التمتع بالحياة قبل غروبها
      والتملي من خرير الجداول وأريج الأزهار.

      القصة الشعرية عند إيليا أبي ماضي:
      من أشهر ما برع في القصة الشعرية
      ولا سيما الأسطورية؛ فقد امتلأت دواوينه
      بهذا اللون من الشعر وبعض قصائده
      كانت تأتي طويلة منوعة القوافي
      وأحياناً منوعة الأوزان أيضاً مثل
      "الحكاية الأزلية" و "الشاعر والسلطان الجائر"
      و "أمنية الهة" و "الشاعر في السماء"
      و "الأشباح الثلاثة" و" الشاعر والأمة"
      و"المجنون" و كثير غيرها.
      وبعضها الآخر كان يأتي مقطوعات قصيرة،
      فيها الحكمة والعبرة والعظة الأخلاقية أو الاجتماعية
      مثل "التينة الحمقاء" و"الضفادع والنجوم"
      و"الحجر الصغير" و"العير المتنكر"
      و "الإله الثرثار" وقصائد أخرى متعددة.

      أهم الأعمال:

      وأصدر عدة دواوين
      رسمت اتجاهه الفلسفي والفكري

      أصدر ديوانه الأول عام 1910 م
      باسم "ديوان ايليا ضاهر أبو ماضي" بجزأين
      "تذكار الماضي" (الإسكندرية 1911):
      تناول موضوعات مختلفة أبرزها الظلم،
      عرض فيها بالشعر الظلم
      الذي يمارسه الحاكم على المحكوم،
      مهاجماً الطغيان العثماني ضد بلاده.

      "إيليا أبو ماضي" (نيويورك 1918):
      كتب مقدمته جبران خليل جبران،
      جمع فيه إيليا بين الحب، والتأمل والفلسفة،
      وموضوعات اجتماعية وقضايا وطنية
      كل ذلك في إطار رومانسي حالم أحياناً
      وثائر عنيف أحياناً أخرى،
      يكرر شاعرنا فيه تغنيه بجمال الطبيعة.

      "الجداول" (نيويورك 1927):
      كتب مقدمته ميخائيل نعيمة.

      "الخمائل" (نيويورك 1940):
      من أكثر دواوين أبي ماضي شهرةً ونجاحاً،
      فيه اكتمال نضوج إيليا أدبياً،
      جعله شعر التناقضات، ففيه الجسد والروح،
      والثورة وطلب السلام،
      والاعتراف بالواقع ورسم الخيال.
      "تبر وتراب"
      "الغابة المفقودة"

      اتت هذه الإبداعات نتاج فتراتٍ زمانية متعاقبة ..
      ومحطاتٍ مكانية متنوعة في حياة شاعرنا،
      من جبال لبنان إلى شواطئ الإسكندرية،
      إلى طرقات نيويورك..
      ولكنه لم يَنْسَ قط الشرق العزيز،
      ولبنان الحبيب
      كما غنى أيضا لوطنه الثاني مصر
      التي كان لها في نفسه أثرٌ كبير ..
      فقد وجد فيها الرزق والعلم..
      وخطت فيها أولى خطواته على طريق الأدب..

      أن إيليا لم يكن بمعزلٍ عن قضايا أمته السياسية والاجتماعية،
      فعندما كان في مصر
      وجد فيها مُستعمرا غاشما وحُكاما طغاة،
      يواجههم شعبٌ مطحون وثوارٌ مخلصون ..
      فوجد لزامًا عليه أن ينخرط في صفوفهم
      ويسهم بشعره في نضالهم..

      وعندما وجد الظلم الاجتماعي يسحق ملايين
      الكادحين البسطاء ليثري طبقة مسيطرة تحميها
      السلطة الظالمة، صرخ بوجههم .
      شعر أبي ماضي يزخر بالأمل والتفاؤل،
      ويرد على من يدعي أن ظروف الحياة
      حولنا قد تدعو للتشاؤم؛

      وأبي ماضي عاشق للحياة وجمالها
      رافض للشكوى والتبرم من عنائها،

      كما أنه عاشق متيم للطبيعة،
      ولعل هذا العشق هو سر تفاؤله

      ويرافقه حب الطبيعة إلى مهجره في أمريكا،
      ولكن هذا العاشق للطبيعة والجمال والأمل ..
      يبدو أنه لاقى العناء في الحب ..


      ولكن مهما تلبدت السماء بالغيوم
      التي تحيل ضوءها ظلامًا،
      تعود أبيات قصائده لتحوم في رحاب
      الأمل الفسيح والأحلام الوردية

      هو هكذا دائمًا يجد في الطبيعة
      كنزًا شائع الملكية ومنجمًا للأمل
      والتفاؤل وبلسمًا لجراح المعذبين

      جعـل أبو ماضي من شعره منطلقـاً لأفكـاره الفلسفـية
      التي صاغها ببلاغة وسهولة ومـرونة بيان.
      فلسفـته في الكـون, وما وراء الطبيعة,
      وفي الوجـود والعدم, وفي الـروح والحقيقة,
      اعتمـدت عـلى مبـدأ إعتنـقه عـدد من الفلاسفة
      الذين رأوا في البحث عن هذه الأمور مسألة عقيمة
      لا تؤدي بصاحبها الى حل تلك الأسئلة
      التي راودت المفكرين منذ زمن بعيد جداً,
      فالفكر في نظرهم لا يستطيع أن يتخطى حدوده المادية
      ليصل الى اكتشاف حقائق مجهولة تتعدى قواه الفكرية.
      ولكن الغريب أن الشاعر قد توقف عن الكتابة
      أو كتب ولم ينشر أي دواوين بعد "الخمائل"
      حتى توفى عام 1957.

      تعليق


      • #4
        مختارات من أشعاره


        قصيدة "ابتسم"


        قال : السماء كئيبة ، وتجهما
        قلت : ابتسم يكفي التجهم في السما

        قال : الصبا ولى فقلت له ابتسم
        لن يرجع الأسف الصبا المتصرما

        قال : التي كانت سمائي في الهوى
        صارت لنفسي في الغرام جهنما

        خانت عهودي بعدما ملكتها
        قلبي فكيف أطيق أن أتبسما ؟

        قلت : ابتسم واطرب فلو قارنتها
        قضّيت عمرك كله متألما

        قال : التجارة في صراع هائل
        مثل المسافر كاد يقتله الظما

        أو غادة مسلولة محتاجة
        لدم وتنفث كلما لهثت دما

        قلت : ابتسم ما أنت جالب دائها
        وشفائها فإذا ابتسمت فربما ..

        أيكون غيرك مجرما وتبيت في
        وجل كأنك أنت صرت المجرما

        قال : العدى حولي علت صيحاتهم
        أأسر والأعداء حولي في الحمى ؟

        قلت : ابتسم لم يطلبوك بذمة
        لو لم تكن منهم أجل وأعظما

        قال : المواسم قد بدت أعلامها
        وتعرضت لي في الملابس والدمى

        وعلي للأحباب فرض لازم
        لكنّ كفي ليس تملك درهما

        قلت : ابتسم يكفيك أنك لم تزل
        حيا ولست من الأحبة معدما

        قال : الليالي جرعتني علقما
        قلت : ابتسم ولئن جرعت العلقما

        فلعل غيرك إن رآك مرنما
        طرح الكآبة جانبا وترنما

        أتراك تغنم بالتبرم درهما
        أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما

        يا صاح لا خطر على شفتيك أن
        تتثلما والوجه أن يتحطما

        فاضحك فإن الشهب تضحك والدجى
        متلاطم ولذا نحب الأنجما

        قال : البشاشة ليس تسعد كائنا
        يأتي إلى الدنيا ويذهب مرغما

        قلت : ابتسم مادام بينك والردى
        شبر فإنك بعد لن تتبسما


        تعليق


        • #5
          قصيدة "كُن بَلسَما"


          كن بلسماً إن صار دهرك أرقما
          وحلاوة إن صار غيرك علقما
          إن الحياة حبَتك كلَّ كنوزها
          لا تبخلن على الحياة ببعض ما ..
          أحسِنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا
          أيَّ الجزاء الغيث يبغي إن همى ؟
          مَن ذا يُكافئ زهرة فواحة ؟
          أو مَن يثيب البلبل المترنما ؟
          عُدَّ الكرام المحسنين وقِسهم
          بهما تجد هذين منهم أكرما
          يا صاح خُذ عِلمَ المحبة عنهما
          إني وجدتُ الحب عِلما قيِّما
          لو لم تَفُح هذي، وهذا ما شَدا
          عاشت مذممة وعاش مذمما
          فأعمل لإسعاد السِّوى وهنائهم
          إن شِئتَ تسعد في الحياة وتنعما
          أَيقِظ شُعورَك بالمحبة إن غـفا
          لَو لا الشعور الناس كانوا كالدُمى



          قصيدة "التينةُ الحمقاءُ"



          وتينةٍ غضةِ الأفنانِ باسقةٍ
          قالتْ لأترابها والصيفُ يحتضرُ
          لأحبسنّ على نفسي عوارفها
          فلا يبينُ لها في غيرها أثرُ
          كم ذا أكلفُ نفسي فوقَ طاقتها
          وليسَ لي بل لغيري الظلُ والثمرُ
          عادَ الربيعُ إلى الدنيا بموكبهِ
          وازينتْ واكتستْ بالسندسِ الشجرُ
          وظلتْ التينةُ الحمقاءُ عاريةً
          كأنها وتدٌ في الأرضِ أوحجرُ
          فلم يطقْ صاحبُ البستانِ رؤيتها
          فاجتثها فهوتْ في النارِِ تستعرُ
          من ليسَ يسخوُ بما تسخوُ الحياةُ
          بهِ فإنهُ أحمقٌ بالحرصِ ينتحرُ.

          تعليق


          • #6
            قصيدة "المساء"

            السحب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين
            والشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين
            والبحر ساجٍ صامتٌ فيه خشوع الزاهدين
            لكنما عيناك باهتتان في الأفـق البعيد
            سلمى …بماذا تفكرين؟
            سلمى …بماذا تحلمين؟
            أرأيت أحلام الطفـولة تختفي خلف التخوم؟
            أم أبصرتْ عيناك أشباح الكهولة في الغيوم؟
            أم خفتْ أن يأتي الدُّجى الجاني ولا تأتي النجوم؟
            أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنما
            أظلالها في ناظريك
            تنم ، ياسلمى ، عليك
            إني أراك كسائحٍ في القفر ضل عن الطريق
            يرجو صديقاً في الفلاة ، وأين في القفر الصديق
            يهوى البروق وضوءها ، ويخاف تخدعهُ البروق
            بــــلْ أنت أعظم حيرة من فارسٍ تحت القتام
            لا يستطيع الانتصار
            ولا يطيق الانكسار
            هذي الهواجس لم تكن مرسومة في مقلتيك
            فلقد رأيتك في الضحى ورأيته في وجنتيك
            لكن وجدتُك في المساء وضعت رأسك في يديك
            وجلست في عينيك ألغازٌ ، وفي النفس اكتئاب
            مثل اكتئاب العاشقين
            سلمى …بماذا تفكرين
            بالأرض كيف هوت عروش النور عن هضباتها؟
            أم بالمروج الخُضرِ ساد الصمت في جنباتها؟
            أم بالعصافير التي تعدو إلى وكناتها؟
            أم بالمسا؟ إن المسا يخفي المدائن كالقرى
            والكوخ كالقصر المكينْ
            والشـوكُ مـثلُ الياسمين
            لا فرق عند الليل بين النهر والمستنقع
            يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجعِ
            إن الجمالَ يغيبُ مثل القبح تحت البرقعِ
            لكن لماذا تجزعين على النهار وللدجى
            أحلامه ورغائبه
            وسماؤُهُ وكواكبهْ؟
            إن كان قد ستر البلاد سهولها ووعورها
            لم يسلب الزهر الأريج ولا المياه خريرها
            كلا ، ولا منعَ النسائم في الفضاءِ مسيرُهَا
            ما زال في الوَرَقِ الحفيفُ وفي الصَّبَا أنفاسُها
            والعندليب صداحُه
            لا ظفـرُهُ وجناحهُ
            فاصغي إلى صوت الجداول جارياتٍ في السفوح
            واستنشقي الأزهار في الجنات مادامت تفوح
            وتمتعي بالشهب في الأفلاك مادامتْ تلوح
            من قبل أن يأتي زمان كالضباب أو الدخان
            لا تبصرين به الغدير
            ولا يلذُّ لك الخريرْ
            مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات
            إن التأمل في الحياة يزيد إيمان الفتاة
            فدعي الكآبة والأسى واسترجعي مرح الفتاةْ
            قد كان وجهك في الضحى مثل الضحى
            متهللاً فيه البشاشة والبهاءْ
            ليكن كذلك في المساءْ

            تعليق


            • #7
              قصيدة "وطن النجوم"


              وطن النجوم … أنا هنا حدّق … أتذكر من أنا ؟
              ألمحت في الماضي البيعيد فتى غريرا أرعنا ؟
              جذلان يمرح في حقولك كالنسيم مدندنا
              ألمقتني المملوك ملعبة و غير المقتنى !
              يتسلّق الأشجار لا ضجرا يحسّ و لا ونى
              و يعود بالأعصان يبريها سيوفا أو قنا
              و يخوض في وحل الشّتا متهلّلا متيمّنا
              لا يتّقي شرّ العيون و لا يخاف الألسنا
              و لكم تشيطن كي يقول الناس عنه ” تشيطنا ”

              أنا ذلك الولد الذي دنياه كانت ههنا !
              أنا من مياهك قطرة فاضت جداول من سنا
              أنا من ترابك ذرّة ماجت مواكب من منى
              أنا من طيورك بلبل غنّى بمجدك فاغتنى
              حمل الطّلاقة و البشاشة من ربوعك للدّنى
              كم عانقت روحي رباك وصفّقت في المنحنى ؟
              للأرز يهزأ بالرياح و بالدهور و بالفنا
              للبحر ينشره بنوك حضارة و تمدّنا
              لليل فيك مصلّيا للصبح فيك مؤذّنا
              للشمس تبطيء في وداع ذراك كيلا تحزنا
              للبدر في نيسان يكحّل بالضّياء الأعينا
              فيذوب في حدق المهى سحرا لطيفا ليّنا
              للحقل يرتجل الرّوائع زنبقا أو سوسنا
              للعشب أثقله النّدى ، للغصن أثقله الجنى
              عاش الجمال متشرّدا في الأرض ينشد مسكنا
              حتّى انكشفت له فألقى رحلة و توطّنا
              واستعرض الفنّ الجبال فكنت أنت الأحسنا
              لله سرّ فيك ، يا لبنان ، لم يعلن لنا
              خلق النجوم و خاف أن تغوي العقول و تفتنا
              فأعار أرزك مجده و جلاله كي نؤمنا
              زعموا سلوتك … ليتهم نسبوا إليّ الممكنا
              فالمرء قد ينسى المسيء المفترى ، و المحسنا
              و الخمر ، و الحسناء ، و الوتر المرنّح ، و الغنا
              و مرارة الفقر المذلّ بل ، و لذّات الغنى
              لكنّه مهما سلا هيهات يسلو الموطنا



              قصيدة "الغبطة"


              أقبلَ العيدُ ، ولكنْ ليسَ في الناسِ المسرَّهْ
              لا أَرى إلاَّ وُجُوهاً كالحاتٍ مُكْفَهِرَّهْ
              كالرَّكايا لم تَدَعْ فيها يدُ الماتِحِ قطرَهْ
              أو كمثلِ الرَّوضِ لم تَتْركْ به النكباءُ زهرَهْ
              وعيوناً دَنقتْ فيها الأماني المُسْتَحِرَّهْ
              فَهْيَ حَيرى ذاهلاتٌ في الذي تهوى وتكرَهْ
              وخدوداً باهتاتٍ قد كساها الهَمُّ صُفْرَهْ
              وشفاهاً تحذرُ الضحكَ كأنَّ الضحكَ جمرَهْ
              ليسَ للقومِ حديثٌ غير شكوى مستمرَّهْ
              قد تساوى عندهُمْ لليأسِ نفعٌ ومضرَّهْ
              لا تَسَلْ ماذا عراهُمْ كلُّهم يجهل ُ أمرَهْ
              حائرٌ كالطائرِ الخائفِ قد ضَيَّعَ وكرَهْ
              فوقَهُ البازِيُّ ، والأشْرَاكُ في نجدٍ وحُفْرَهْ
              فهو إنْ حَطَّ إلى الغبراءِ شَكَّ السهمُ صدرَهْ
              وإذا ما طارَ لاقى قشعمَ الجوِّ وصقرَهْ
              كلُّهم يبكي على الأمسِ ويخشى شَرَّ بُكْرَهْ
              فهمُ مثل عجوزٍ فقدتْ في البحرِ إبرَهْ

              * * *

              أيّها الشاكي الليالي إنَّما الغبطةُ فِكْرَهْ
              ربَّما اسْتوطَنَتِ الكوخَ وما في الكوخِ كِسْرَهْ
              وخَلَتْ منها القصورُ العالياتُ المُشْمَخِرَّهْ
              تلمسُ الغصنَ المُعَرَّى فإذا في الغصنِ نُضْرَهْ
              وإذا رفَّتْ على القَفْرِ استوى ماءً وخُضْرَهْ
              وإذا مَسَّتْ حصاةً صَقَلَتْها فهيَ دُرَّهْ
              لَكَ ، ما دامتْ لكَ ، الأرضُ وما فوق المَجَرَّهْ
              فإذا ضَيَّعْتَها فالكونُ لا يَعْدِلُ ذَرَّهْ
              أيُّها الباكي رويداً لا يسدُّ الدمعُ ثغرَهْ
              أيُّها العابسُ لن تُعطَى على التقطيبِ أُجْرَهْ
              لا تكنْ مُرَّاً ، ولا تجعَلْ حياةَ الغيرِ مُرَّهْ
              إِنَّ من يبكي لهُ حَوْلٌ على الضحكِ وقُدْرَهْ
              فتَهَلَّلْ وتَرَنَّمْ ، فالفتى العابسُ صَخْرَهْ
              سَكَنَ الدهرُ وحانتْ غفلةٌ منهُ وغِرَّهْ
              إنَّهُ العيدُ … وإنَّ العيدَ مثل العُرْسِ مَرَّهْ

              يتبع

              تعليق


              • #8
                يزخر شعر أبي ماضي بالتفاؤل
                والإقبال على الحياة
                بإسباغ الجمال على البشر والطبيعة،
                ويستثنى من ذلك درته الشهيرة "الطلاسم"

                والتي أكتسبت شهرة فائقة.
                خاصة بعد أن غنى
                عبد الحليم حافظ
                مختارات منها

                ونقلتها الإذاعات العربية بعد ذلك .

                قصيدة "الطلاسم"

                جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت
                ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت
                وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيت
                كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
                لست أدري!
                أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود
                هل أنا حرّ طليق أم أسير في قيود
                هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود
                أتمنّى أنّني أدري ولكن...
                لست أدري!
                وطريقي، ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟
                هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور
                أأنا السّائر في الدّرب أم الدّرب يسير
                أم كلاّنا واقف والدّهر يجري؟
                لست أدري!
                ليت شعري وأنا عالم الغيب الأمين
                أتراني كنت أدري أنّني فيه دفين
                وبأنّي سوف أبدو وبأنّي سأكون
                أم تراني كنت لا أدرك شيئا؟
                لست أدري!
                أتراني قبلما أصبحت إنسانا سويّا
                أتراني كنت محوا أم تراني كنت شيّا
                ألهذا اللّغو حلّ أم سيبقى أبديّا
                لست أدري... ولماذا لست أدري؟
                لست أدري!
                البحر:
                قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر منكا؟
                هل صحيح ما رواه بعضهم عني وعنكا؟
                أم ترى ما زعموا زوار وبهتانا وإفكا؟
                ضحكت أمواجه مني وقالت:
                لست أدري!
                أيّها البحر، أتدري كم مضت ألف عليكا
                وهل الشّاطىء يدري أنّه جاث لديكا
                وهل الأنهار تدري أنّها منك إليكا
                ما الذّي الأمواج قالت حين ثارت؟
                لست أدري!
                أنت يا بحر أسير آه ما أعظم أسرك
                أنت مثلي أيّها الجبار لا تملك أمرك
                أشبهت حالك حالي وحكى عذري عذرك
                فمتى أنجو من الأسر وتنجو؟ ..
                لست أدري!
                ترسل السّحب فتسقي أرضنا والشّجرا
                قد أكلناك وقلنا قد أكلنا الثّمرا
                وشربناك وقلنا قد شربنا المطرا
                أصواب ما زعمنا أم ضلال؟
                لست أدري!
                قد سألت السّحب في الآفاق هل تذكر رملك
                وسألت الشّجر المورق هل يعرف فضلك
                وسألت الدّر في الأعناق هل تذكر أصلك
                وكأنّي خلتها قالت جميعا:
                لست أدري!
                برفض الموج وفي قاعك حرب لن تزولا
                تخلق الأسماك لكن تخلق الحوت الأكولا
                قد جمعت الموت في صدرك والعيش الجميلا
                ليت شعري أنت مهد أم ضريح؟..
                لست أدري!

                تعليق


                • #9
                  كم فتاة مثل ليلى وفتى كأبن الملوح
                  أنفقا السّاعات في الشّاطىء ، تشكو وهو يشرح
                  كلّما حدّث أصغت وإذا قالت ترنّح
                  أخفيف الموج سرّ ضيّعاه؟..
                  لست أدري!
                  كم ملوك ضربوا حولك في اللّيل القبابا
                  طلع الصّبح ولكن لم نجد إلاّ الضّبابا
                  ألهم يا بحر يوما رجعة أم لا مآبا
                  أم هم في الرّمل ؟ قال الرّمل إني...
                  لست أدري!
                  فيك مثلي أيّها الجبّار أصداف ورمل
                  إنّما أنت بلا ظلّ ولي في الأرض ظلّ
                  إنّما أنت بلا عقل ولي ،يا بحر ، عقل
                  فلماذا ، يا ترى، أمضي وتبقى ؟..
                  لست أدري!
                  يا كتاب الدّهر قل لي أله قبل وبعد
                  أنا كالزّورق فيه وهو بحر لا يجدّ
                  ليس لي قصد فهلل للدهر في سيري قصد
                  حبّذا العلم، ولكن كيف أدري؟..
                  لست أدري!
                  إنّ في صدري، يا بحر ، لأسرار عجابا
                  نزل السّتر عليها وأنا كنت الحجابا
                  ولذا أزداد بعدا كلّما أزددت اقترابا
                  وأراني كلّما أوشكت أدري...
                  لست أدري!
                  إنّني ،يا بحر، بحر شاطئاه شاطئاكا
                  الغد المجهول والأمس اللّذان اكتنفاكا
                  وكلانا قطرة ، يا بحر، في هذا وذاك
                  لا تسلني ما غد، ما أمس؟.. إني...
                  لست أدري!
                  الدير:
                  قيل لي في الدّير قوم أدركوا سرّ الحياة
                  غير أنّي لم أجد غير عقول آسنات
                  وقلوب بليت فيها المنى فهي رفات
                  ما أنا أعمى فهل غيري أعمى؟..
                  لست أدري!
                  قيل أدرى النّاس بالأسرار سكّان الصوامع
                  قلت إن صحّ الذي قالوا فإن السرّ شائع
                  عجبا كيف ترى الشّمس عيون في البراقع
                  والتي لم تتبرقع لا تراها؟..
                  لست أدري!
                  إن تك العزلة نسكا وتقى فالذّئب راهب
                  وعرين اللّيث دير حبّه فرض وواجب
                  ليت شعري أيميت النّسك أم يحيي المواهب
                  كيف يمحو النّسك إثما وهو إثم؟..
                  لست أدري!

                  تعليق


                  • #10
                    أنني أبصرت فيّ الدّير ورودا في سياج
                    قنعت بعد النّدى الطّاهر بالماء الأجاج
                    حولها النّور الذي يحي ، وترضى بالديّاجي
                    أمن الحكمة قتل القلب صبرا؟..
                    لست أدري!
                    قد دخلت الدّير عند الفجر كالفجر الطّروب
                    وتركت الدّير عند اللّيل كاللّيل الغضوب
                    كان في نفسي كرب، صار في نفسي كروب
                    أمن الدّير أم اللّيل اكتئابي؟
                    لست أدري!
                    قد دخلت الدّير استنطق فيه الناسكينا
                    فإذا القوم من الحيرة مثلي باهتونا
                    غلب اليأس عليهم ، فهم مستسلمونا
                    وإذا بالباب مكتوب عليه...
                    لست أدري!
                    عجبا للنّاسك القانت وهو اللّوذعي
                    هجر النّاس وفيهم كلّ حسن المبدع
                    وغدا يبحث عنه المكان البلقع
                    أرأى في القفر ماء أم سرابا؟..
                    لست أدري!
                    كم تمارى ، أيّها النّاسك، في الحق الصّريح
                    لو أراد اللّه أن لا تعشق الشّيء المليح
                    كان إذ سوّاك بلا عقل وروح
                    فالّذي تفعل إثم ... قال إني ...
                    لست أدري!
                    أيّها الهارب إنّ العار في هذا الفرار
                    لا صلاح في الّذي تفعل حتّى للقفار
                    أنت جان أيّ جان ، قاتل في غير ثار
                    أفيرضى اللّه عن هذا ويعفو ؟..
                    لست أدري!
                    بين المقابر:
                    ولقد قلت لنفسي، وأنا بين المقابر
                    هل رأيت الأمن والرّاحة إلاّ في الحفائر؟
                    فأشارت : فإذا للدّود عيث في المحاجر
                    ثم قالت :أيّها السّائل إني...
                    لست أدري!
                    أنظري كيف تساوى الكلّ في هذا المكان
                    وتلاشى في بقايا العبد ربّ الصّولجان
                    والتقى العاشق والقالي فما يفترقان
                    أفبذا منتهى العدل؟ فقالت ...
                    لست أدري!
                    إنّ يك الموت قصاصا، أيّ ذنب للطّهاره
                    وإذا كان ثوابا، أيّ فضل للدعاره
                    وإذا كان يوما وما فيه جزاء أو جساره
                    فلم الأسماء إثم أو صلاح؟..
                    لست أدري!

                    تعليق


                    • #11
                      أيّها القبر تكلّم، واخبرني يا رمام
                      هل طوى أحلامك الموت وهل مات الغرام
                      من هو المائت من عام ومن مليون عام
                      أبصير الوقت في الأرماس محوا؟..
                      لست أدري!
                      إن يك الموت رقادا بعده صحو طويل
                      فلماذا ليس يبقى صحونا هذا الجميل؟
                      ولماذا المرء لا يدري متى وقت الرّحيل؟
                      ومتى ينكشف السّرّ فيدري؟..
                      لست أدري!
                      إن يك الموت هجوعا يملأ النّفس سلاما
                      وانعتاقا لا اعتقالا وابتداء لا ختاما
                      فلماذا أعشق النّوم ولا أهوى الحماما
                      ولماذا تجزع الأرواح منه؟..
                      لست أدري!
                      أوراء القبر بعد الموت بعث ونشور
                      فحياة فخلود أم فتاء ودثور
                      أكلام النّاس صدق أم كلام الناس زور
                      أصحيح أنّ بعض الناس يدري؟..
                      لست أدري!
                      إن أكن أبعث بعد الموت جثمانا وعقلا
                      أترى أبعث بعضا أم ترى أبعث كلاّ
                      أترى أبعث طفلا أم ترى أبعث كهلا
                      ثمّ هل أعرف بعد الموت ذاتي؟..
                      لست أدري!
                      يا صديقي، لا تعللّني بتمزيق السّتور
                      بعدما أقضي فعقلي لا يبالي بالقشور
                      إن أكن في حالة الإدراك لا أدري مصيري
                      كيف أدري بعدما أفقد رشدي...
                      لست أدري!
                      القصر والكوخ:
                      ولقد أبصرت قصرا شاهقا عالي القباب
                      قلت ما شادك من شادك إلاّ للخراب
                      أنت جزء منه لكن لست تدري كيف غاب
                      وهو لا يعلم ما تحوي؛ أيدري؟..
                      لست أدري!
                      يا مثالا كان وهما قبلما شاء البناة
                      أنت فكر من دماغ غيّبته الظلمات
                      أنت أمنية قلب أكلته الحشرات
                      أنت بانيك الّذي شادك لا ... لا...
                      لست أدري!
                      كم قصور خالها الباني ستبقى وتدوم
                      ثابتات كالرّواسي خالدات كالنّجوم
                      سحب الدّهر عليها ذيله فهي رسوم
                      مالنا نبني وما نبني لهدم؟..
                      لست أدري!
                      لم أجد في القصر شيئا ليس في الكوخ المهين
                      أنا في هذا وهذا عبد شك ويقين
                      وسجين الخالدين اللّيل والصّبح المبين
                      هل أنا في القصر أم في الكوخ أرقى؟
                      لست أدري!
                      ليس في الكوخ ولا في القصر من نفسي مهرب
                      أنّني أرجو وأخشى، إنّني أرضى وأغضب
                      كان ثوبي من حرير مذهب أو كان قنّب
                      فلماذا يتمنّى الثوب عاري؟..
                      لست أدري!
                      سائل الفجر: أعند الفجر طين ورخام؟
                      واسأل القصر ألا يخفيه، كالكوخ، الظّلام
                      واسأل الأنجم والرّيح وسل صوب الغمام
                      أترى الشّيء كما نحن نراه؟..
                      لست أدري!

                      تعليق


                      • #12
                        ربّ شخص عشت معه زمن األهو وأمرح
                        أو مكان مرّ دهر لي مسرى ومسرح
                        لاح لي في البعد أجلى منه في القرب وأوضح
                        كيف يبقى رسم شيء قد توارى؟
                        لست أدري!
                        ربّ بستان قضيت العمر أحمي شجره
                        ومنعت النّاس أن تقطف منه زهره
                        جاءت الأطيار في الفجر فناشت ثمره
                        ألأطيار السّما البستان أم لي؟
                        لست أدري!
                        رب قبح عند زيد هو حسن عند بكر
                        فهما ضدّان فيه وهو وهم عند عمرو
                        فمن الصّادق فيما يدّعيه ، ليت شعري
                        ولماذا ليس للحسن قياس؟
                        لست أدري!
                        قد رأيت الحسن ينسى مثلما تنسى العيوب
                        وطلوع الشّمس يرجى مثلما يرجى الغروب
                        ورأيت الشّر مثل الخير يمضي ويؤوب
                        فلماذا أحسب الشرّ دخيلا؟
                        لست أدري!
                        إنّ هذا الغيث يهمي حين يهمي مكرها
                        وزهور الأرض تفشي مجبرات عطرها
                        لا تطيق الأرض تخفي شوكها أو زهرها
                        لا تسل : أيّهما أشهى وأبهى؟
                        لست أدري!
                        قد يصير الشوك إكليلا لملك أو نبّي
                        ويصير الورد في عروة لص أو بغيّ
                        أيغار الشّوك في الحقل من الزّهر الجنّي
                        أم ترى يحسبه أحقر منه؟
                        لست أدري!
                        قد يقيني الخطر الشّوك الذي يجرح كفّي
                        ويكون السّمّ في العطر الّذي يملأ أنفي
                        إنّما الورد هو الأفضل في شرعي وعرفي
                        وهو شرع كلّه ظلم ولكن ...
                        لست أدري!
                        قد رأيت الشّهب لا تدري لماذا تشرق
                        ورأيت السّحب لا تدري لماذا تغدق
                        ورأيت الغاب لا تدري لماذا تورق
                        فلماذا كلّها في الجهل مثلي ؟
                        لست أدري!
                        كلّما أيقنت أني قد أمطت السّتر عني
                        وبلغت السّر سرّي ضحكت نفسي مني
                        قد وجدت اليأس والحيرة لكن لم أجدني
                        فهل الجهل نعيم أم جحيم؟
                        لست أدري!
                        لذة عندي أن أسمع تغريد البلابل
                        وحفيف الورق الأخضر أو همس الجداول
                        وأرى الأنجم في الظلّماء تبدو كالمشاعل
                        أترى منها أم اللّذة منّي...
                        لست أدري!
                        أتراني كنت يوما نغما في وتر
                        أم تراني كنت قبلا موجة في نهر
                        أم تراني كنت في إحدى النّجوم الزّهر
                        أم أريجا ، أم حفيفا ، أم نسما؟
                        لست أدري!
                        فيّ مثل البحر أصداف ورمل ولآل
                        في كالأرض مروج وسفوح وجبال
                        فيّ كالجو نجوم وغيوم وظلال
                        هل أنا بحر وأرض وسماء؟
                        لست أدري!
                        من شرابي الشّهد والخمرة والماء الزّلال
                        من طعامي البقل والأثمارواللّحم الحلال
                        كم كيان قد تلاشى في كياني واستحال
                        كم كيان فيه شيء من كياني؟
                        لست أدري!

                        تعليق


                        • #13
                          أأنا أفصح من عصفورة الوادي وأعذب؟
                          ومن الزّهرة أشهى ؟ وشذى الزّهرة أطيب؟
                          ومن الحيّة أدهى ؟ ومن النّملة أغرب؟
                          أم أنا أوضع من هذي وأدنى؟
                          لست أدري!
                          كلّها مثلي تحيا، كلّها مثلي تموت
                          ولها مثلي شراب ، ولها مثلي قوت
                          وانتباه ورقاد، وحديث وسكوت
                          فيما أمتاز عنها ليت شعري؟
                          لست أدري!
                          قد رأيت النّمل يسعى مثلما أسعى لرزقي
                          وله في العيش أوطار وحق مثل حقي
                          قد تساوى صمته في نظر الدّهر ونطقي
                          فكلانا صائر يوما إلى ما ...
                          لست أدري!
                          أنا كالصّهباء ، لكن أنا صهباي ودّني
                          أصلها خاف كأصلي ، سجنها طين كسجني
                          ويزاح الختم عنها مثلما ينشّق عني
                          وهي لا تفقه معناها، وإني...
                          لست أدري!
                          غلط القائل إنّ الخمر بنت الخابيه
                          فهي قبل الزق كانت في عروق الدّاليه
                          وحواها قبل رحن الكرم رحم الغاديه
                          إنّما من قبل هذا أين كانت؟
                          لست أدري!
                          هي في رأي فكر ، وهي في عينّي نور
                          وهي في صدري آمال ، وفي قلبي شعور
                          وهي في جسمي دم يسري فيه ويمور
                          إنّما من قبل هذا كيف كانت؟
                          لست أدري!
                          أنا لا أذكر شيئا من حياتي الماضية
                          أنا لا أعرف شيئا من حياتي الآتيه
                          لي ذات غير أني لست لأدري ماهيه
                          فمتى تعرف ذاتي كنه ذاتي؟
                          لست أدري!
                          إنّني جئت وأمضي وأنا لا أعلم
                          أنا لغز ... وذهابي كمجيتي طلسم
                          والّذي أوجد هذا اللّغز لغز منهم
                          لا تجادل ذا الحجا من قال إنّي ...
                          لست أدري

                          تعليق


                          • #14
                            "قل للذى احصي السنين مفاخرا :: ياصاح ليس السر فى السنوات
                            بل انه فى المرء كيف يعيشها :: فى يقظة ام فى عميق سبات

                            خير من الفلوات لا حد لها :: روض أغن يقاس بالخطوات

                            تحصي على أهل الحياة دقائق :: و الدهر لا يحصي علي الأموات"

                            يطلق عليه النقاد شاعر الأمل والتفاؤل

                            (قال السماء كئيبةً وتجهمَ، قلت ابتسم يكفي التجهم في السما،
                            قال الصبا ولّى فقلت له ابتسم، لن يرجع الأسف الصبا المتصرّما)

                            كان الجمال حاضراً في أغلب أعمال أبي ماضي،
                            وامتاز بعشقه للطبيعة وجعله قريناً بكل شيء.

                            (يا ليتني لصٌ لأسرق في الضحى، سرَّ اللطافة في النسيم الساري،
                            وأَجسَّ مؤتلق الجمالِ بأصبعي، في زرقة الأفقِ الجميلِ العاري)

                            كما لم ينس أوجاع الفقراء والمسحوقين
                            فكتب لهم كثيراً وجعلهم من ثوابت قلمه المبدع؛
                            أما الوطن فلم يغب فكان لبنان محور يوميات
                            ايليا أبي ماضي،

                            (اثنان أعيا الدهر أن يبليهما، لبنان والأمل الذي لذويه)

                            وأجاد مع الحرب العالمية في
                            ترجمة الحنين إلى العائلة والأرض شعراً

                            (يا جارتي كان لي أهلٌ وإخوان، فبتت الحرب ما بيني وبينهم،
                            كما تقطع أمراس وخيطان، فاليوم كل الذي فيه مهجتي ألم،
                            وكل ما حولهم بؤس وأحزان، وكان لي أمل إذا كان لي وطن)

                            نصل إلى الحب
                            كانت تجارب أبي ماضي قاسيةً عاطفياً،
                            ولكنه احتفظ بالأمل الذي لم يفارق كتاباته،
                            فكان يخرج دوماً حالماً مبرراً القسوة والانكسار
                            جاعلاً منه قلعة تفاؤل وتمسك بالحب،
                            حتى توفي بنوبة قلبية
                            أسكتت قلبه المرهف بالشعر في نوفمبر 1957

                            يتبع

                            تعليق


                            • #15
                              مقتطفات من قصائده

                              أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا

                              لولا الشعور الناس كانوا كالدمى ”

                              “قال: الليالي جرعتني علقما
                              قلت: ابتسم ولئن جرعت العلقما!

                              فلعل غيرك إن رآك مرنما
                              طرح الكآبة جانبا وترنما

                              أتراك تغنم بالتبرم درهما
                              أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما؟!

                              يا صاح لا خطر على شفتيك أن
                              تتثلما والوجه أن يتحطما

                              فاضحك فإن الشهب تضحك والدجى
                              متلاطم ولذا نحب الأنجما”



                              “ليست حياتك غير ما صوّرتها
                              أنت الحياة بصمتها ومقالها ”

                              “إن كنت مكتئبا لعزّ قد مضى
                              هيــهات يرجعه إليك تندّم

                              أو كنت تشفق من حلول مصيبة

                              هيــهات يمنع أن تحلّ تجهّم”

                              “ليس الكفيف الذي أمسى بلا بصر
                              إنّي أرى من ذوي الأبصار عميانا”


                              “أي شيء في العيد أهدي إليكِ؟
                              يا ملاكي وكل شيء لديكِ

                              أسواراً؟ أم دملجاً من نضارٍ

                              لا أحب القيود في معصميكِ

                              أم خموراً؟ وليس في الأرض خمر
                              كالذي تسكبين من عينيكِ

                              أم ورداً؟ وليس أجمل عندي
                              كالذي قد نشقت من خديكِ

                              أم عقيقاً كمهجتي يتلظى
                              والعقيق الثمين في شفتيك

                              ليس عندي شيء أعز من الروح
                              وروحي مرهونة بين يديكِ ”


                              “إنّ التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياة”

                              “وعجيب أن يخلق المرء حرًا ثمّ يأبى لنفسه الحرية”

                              “والذي نفسه بغير جمال,
                              لا يرى في الوجود شيئا جميلا”

                              “كم تشتكي وتقول إنك معدم
                              والأرض ملكك والسما والأنجم

                              ولك الحقول وزهرها ونخيلها
                              ونسيمها والبلبل المترنم

                              والماء حولك فضة رقراقة
                              والشمس فوقك عسجد يتضرم

                              والنور يبني في السفوح وفي الذرا
                              دورا مزخرفة وحينا يهدم

                              هشت لك الدنيا فما لك واجما؟
                              وتبسمت فعلام لا تتبسم؟

                              إن كنت مكتئبا لعز قد مضى
                              هيهات يرجعه اليك تندُم

                              أو كنت تشفق من حلول مصيبة
                              هيهات يمنع أن تحل تجهم

                              أو كنت جاوزت الشباب فلا تقل
                              شاخ الزمان فإنه لا يهرم

                              انظر فما زالت تطل من الثرى
                              صور تكاد لحسنها تتكلم”

                              تعليق

                              مواضيع تهمك

                              تقليص

                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-08-2025 الساعة 11:33 PM
                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-04-2025 الساعة 05:29 PM
                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 05-31-2025 الساعة 10:07 PM
                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 05-30-2025 الساعة 11:48 PM
                              المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 05-30-2025 الساعة 09:36 AM
                              يعمل...
                              X