[]اسطورة الخلق عند مختلف الاديان
بقلم حمدي الراشدي
في الاسلام والمسيحية يظهر ان الله خـلـق العالم في ستة ايام ثم استراح على العـرش، وبالطبع خلق الكائنات في الايام الثلاث الاخيرة، في الاول الطيور ثم الحيوانات الارضية واخـيرا البشر .
اغـلـب الاديان لـديها اساطيرها الخاصة عن كيفية بـدء الحياة ، بالرغم من انهم يجدون صعوبة في توضيح ماكان سائدا قبل الخليقة .
الكثير منهم يصـور الامر وكأن الله قام بتنظيم الفوضى التي كانت سائدة من اجل تحقيق الظـروف المناسبة لبـدء خليقة الانسان ، حيـث ارسـل قـوى الشـر الى بوادي بعيدة من
واجبهم البقاء فيها طالما ان الانسان يلتزم بالقواعد التي وضعها الرب.
عند شعب دوغون الافريقي
عـنـد شعـب دوغـون ( dogon ) في دولـة مـالي بـدأ الامـر منـذ البـدايـة مع امما
( Amma ) الذي خلق النجـوم من الطـين ثم رماهم الى الاعلى. الشمس كانت كرة طينية ملتهبة تحيط بها حلقات من النحاس. القمر كان ايضا مثل الشمس ولكن الخالق حمـاه بالنـار فـترة اقصر مما فعـل مع الشمس . الارض كانت ايضا قطعـة من طـين وكانت منطرحة على ظهرها، عندما رآها الله ( Amma ) قرر ان يضاجعها . ولكن فـرجها انفتح وظهر منه بظـرهـا مدورا ليتتطاول الى ان يصل الى وجه الله عز وجل، لذلك قام الله امما بقصه، ليكون التطهير الاول للمرأة.
نـتـائج المضاجـعـة الاولى مع الارض لـم يكن تـوائـم كما كان الله يتمنى ولكن ولد لهم ضبع. غير ان الله لم يفقد الامل ، لقد اعاد المحاولة من جـديد لتـولـد لـه الارض هـذه المـرة تـوائـم مع بعض اسمهم نومـو (Nummo) وكانوا لنصفهم على شكل الحية. لقـد اعطـوا امهم العارية تنورة من جلدهم، عليها كان مكتوب الكلمات الاولى من اللغة الاولى .
الله ( امما ) فقد الامل ان يستطيع خلق بشر على شاكلته من خلال مضاجـعـة الارض، فقـرر ان يصنـع بنفسـه زوج من شـبهائـه من الطـين . اولاد هـذه المخـلـوقـات كانوا يخلقون ولهم جهتين احداهما ذكر والاخرى انثى. فقط بعد عملية التطهير بقص اللحمة الـزائـدة للعـضـو الذكري وقسم من البظر في مهبل المرأة عندها يصبح كل منهما ذكر وانثى منفصلين ونقيين طاهـرين
اسطورة الخلق عند شعب دوغون طويلة للغاية ومعقدة وتفاصيلها يعرفها فقط الكهنة، ولكن جـوهـرهـا قـائـم على توضيح صعـوبة خلـق انسان كامل وبدون اخطاء. وحتى عندما اضطر الله ان يخلقه بنفسه لم يستطع ان يخـلقـه كاملا، لقد اضطر الله ان يذعـن للواقع ويطلب من الانسان ان يقص النقص الذي لم يستطع الله معالجته. من هنا جاءت عادة التطهير لإصلاح عجز الله.
عند شعب الهنود الحمر
شعـب الهنود الحمر المسمى هـورون (Huron) عاش على ضفاف البحيرات الكبيرة الـواقعة في مايسمى اليوم ولاية اونتاريو في امريكا الشمالية . اسطورة الخلق لديهـم تحدثنا انه في البـدء لـم يكن هناك إلا الماء وبها كانت تعـيـش الحيـوانات المائية .
ولكن من عالم آخر فوقـنا سقطـت فجـاءة فـتـاة شابة ليتلقفها بطتين طائرتين . هاتان البطتان استدعوا حيوانات البحـر فـلبت نـداءهـم سلحفـاة بحـر ضخمة ، على ظهـرهـا وضعوا الفتاة. مع بقية حيـوانـات البحـر جـرى عـقـد مجلس استشاري كبير لمعـرفـة مالعـمـل من اجـل انقاذ الفتاة. لقـد توصلوا الى ضرورة ايجاد ارض من اجل ان تتمكن من العـيـش عـليها . السلاحف بـدؤ بالغطس واخراج بعض التراب من الاعماق لتقوم الفتاة بلصقـه حـول السلحـفـاة ليصبح بعـد فـترة ارضا كبيرة ممتـلئـة بالـزرع .
منذ لحظة سقـوط الفتـاة كانت حاملا بتـوائم كلاهـما كانوا من الذكور. احدهم كان خيرا والاخر كان شريرا قتل امه بولادته. بعد دفنها ظهرت النباتات الاكثر شهرة من جسدها المدفـون ، البطاطـا من رأسها والـذرة من صـدرها والبن من اذرعها . ابـناءها وزعوا الارض بينهـم . الشـرير خـلـق كافـة الحيـوانات الشرسة في حـين خلـق الخـير جميع الحيوانات الجيدة
هذه الاسطورة التي تتوجه لعبادة الارض منتشرة عند كافة هنود شمال امريكا. الخالق فيها يقـوم بمساعدة الانسان على بناء العلاقة على الارض وتحقيق الانسجام والتفاهم. هـنا يأخـذ الخـالـق شكل سلحـفـاة البحـر . عنـد شعـب اخـر من الهنود الحمر المسمى Cheyennei يـأخـذ الخـالـق شكل احـد انواع البط الـبري بأعـتباره مصـدر واساس الخليقة.
كتب الزميل Chajjam عن هنود المايا:
اليا يوجد حوالي 6.1 مليون من نسل شعوب المايا .
استوطنت شعوب المايا مناطق امريكا الوسطى .
تعددت حضارات المايا و دولهم و مستوطناتهم التي يعود اقدمها إلى حوالي ال 2000 قبل الميلاد .
سقطت آخـر دول المايا على يد الغـزاة الأوربيين ( الإسبان ) عـام 1697.
تقـول الأسطـورة :
في البداية كان هناك بحر مظلم و هاديء. في هذا البحر كانت الآلهة موجودة :
الخالق تساكول
( Tzakol )، الذي يعطي الأشكل بيتول (Bitol)، المنتصر تيبيو (Tepeu)، الحية ذات الريش الأخضر غـوكـوماتس (Gucumatz)، الصانعـين الـوم (Alom) و كاهولوم (Caholom) و قلب السماء او القوة البدائية هوراكان (Huracan).
تيبيو و غوكوماتس خلقا الأرض بأن نادهوا الى الوجود. ثم تشكلت الجبال و الوديان و السهـول و انقسم الميـاه . ثـم خلق هذان الإلهان الحيوانات. طالما ان الحيوانات لم تكن تستطيع الكلام و بالتالي لا تستطـيع ان تعبد و تحترم خالقيها و لا تستطيع ان تطلب من خالقيها ان يتركوها على قيد الحياة قررت آلهة الخلق صنع البشر. و لهذا الغرض قاموا بعـدة تجـارب في خلق البشر.
صنعـوه في المرة الأولى من الطـين و لكنه كان رخـوا و سائلا فأتـلفـوه .
في المـرة الثـانية صنعـوه من من الخشب . عـاش البشر المصنـوعـين من الخـشـب و استطاعو التناسـل و لكنهم كانو بدون عقل اي انهم لم يستطيعو عبادة الألهة لذلك قرر الآلهة اتلافهم و ارسلو عليهم الفيضان و قضو عليهم .
في المرة الثالـثـة صنع الألهة البشـر من حبوب الفاصولياء و القصب و لكن هذا النوع من البشر لم يكن يستطيع الكلام او التفكـير و لذلك اتلفـتهـم الآلهة بـأن ارسلت عـليهـم مطرا من صمغ الأشجار السائل و كذلك هاجمتهم الحيوانات و افترستهم حتى ان مقالي الطبخ قـفزت الى وجوههم انتقاما منهم لأن البشر كانو يحرقون مقلاة الطبخ على النار.
في المرة الأخيرة صنع الآلهة 4 رجـال من الذرة. هؤلاء الرجال الأربعة كانو مشابهين جـدا للآلهة اي انهم كانو اذكياء مثلهـم و كانو على علم بكل شيء و يريدون ان يعلمو كل شيء . لذلك قـام الآلهة بتخفيض قـواهـم العـقـلية من اجـل ان يكونو اقل مكانة من الآلهة.
خلال نوم الرجال الأربعة خلق الآلهة 4 نساء لهؤلاء الرجال و منهم جاءت القبائل كلها.
بعـد ذلك تـم خـلـق الشمس و النـور ( حتى ذلك الوقت كان الحياة تحدث في ظلام دامس
الله يقسم نفسه الى ثلاثة عند الهندوس
خـلال عـام كامل عاش براهـمان ، الـذي لايعـتبر إلـهـا ولكنه قـوة مقـدسـة ، في بيضـة جيلاتينية في البحر الابدي (ليس مقصودا بحار الارض ولا زمن الارض). براهما نفسه هـو الـذي صنح البحـر الابـدي والبيضة الجيـلاتينيـة التي في النتيجـة خـرج مـنـها الى جـانب القـوى المقـدسـة الاخـرى نـاريـانـا ( Narayana ): الـروح الاولى، بوروشا (Purusha): الانسان الاول، واخيرا براهما الذي يعتبر إله يعكس خصائص براهمان لتتلائم مع الانسان.. براهمان في نفس الوقت خالق ومخلوق. بعد سنة في البيضة خلق الكون بأسره والحياة فقط من خلال تفكيره ومن خلال إرادته.
من اجـل ان تصبح الخليقـة بشـريـة وانسانية وكامـلـة يجـب التضحية بجزء من جسد بوروشا. جزء كبير من جسمه لـن يمس ولكن فمه سيكون من حصة طبقـة الـبراهـما العليا واقـدامه من حصة الطبقة الـدنيا . القـمـر خـلـق من روح الانسان والشمس من عيونه، فمه اصبح النار ونفسه اصبح الرياح.
في هـذا الـدين يظهر بوضوح فكرة التضحية ، حيث كان بوروشا الضحية الاولى وهو مـرتكـز اساسي في الاصـول الاولى للـدين الهنـدوسي . وبالـرغـم من ان التضحية في الديانة القديمة كانت بالانسان نفسه، اصبحت فيما بعد بأشكال رمزية من خلال التضحية بالهـدايا والـزهـور والنـقـود . واسـطـورة الخـلـق الهنـدوسيـة توضح قـاعـدة التقسيـم الاجتماعي السائدة في المجتمع الهندوسي بين طبقة عليا مفكرة وطبقة دنيا عاملة. وإضافة الى التضحية يظهر اصل الثالوث المقدس.
البيضة تشير الى بذرة الحياة ونقطة الانطلاق لبداية الخلق والخليقة والعالم عند شعوب مثل بولينيسك. Polynesisk.
اسطورة الخلق السومري
حسب اسطـورة الخـليقة السومرية ، قد كان يطلق على الكون اسم ( ان - كي )، وهي كلمة مركبة تعنى ( السماء- الارض ). في هـذه الثنائية تعـتبر ( آن ـ السماء ) رمـز الذكورة، اما (كي ـ الارض) فهي رمزالانوثة، ومن اتحادهما ولد (انليل اله الهواء). ثم قام(انليل) بفصل المساء عن الارض، وجعل والده مستقـلا بعيدا، في حين استحوذ هـو على امه الارض و لعلكم ستلاحظـون وجه الشبه مع عـقـدة اوديب والتى شغـلت تفكير كل علماء النفس و اعتنقها ( سيجموند فـرويد ) و صار من أكبر المروجين لهاوتستمر اساطير الخلق السومرية لتؤكد على دور الانثى الفعال، حيث نجد الالهة (ننليل) بعد ان تضاجع (انليل) تلد (القمر) وهوبدوره ينجب الشمس.......
و من خلال هذه الأسطورة نجد ان الآلهة الانثوية كانت دائما تمتلك الكلمة العليا، وكانت على درجة المساواة مع الآلهة الذكورية، ولم تكن مهمة الخلق موكولة باله واحـد ، اذ جاء ( انكي ) مكملا عمل اسلافه، حيث تناديه امه( نمو ) بعد ان كان نائما:
(( يا ابنى قم واخلق لنا خدم للالهة لينتجوا اشباههم).. ثم اعطاها ( انكي ) وصفة من اجل خلق البشر. هكذا خلق البشر بطلب من الهة انثى...
وهذا ما يقوله انكي لها:
(( ايا امي ان المخلوق الذي نطقت بأسمه موجود
اربطي عليه صورة الالهة
اخلطي قلب الصلصال الذي فوق الغور
ان الخالقين الطيبين يكتفون بالصلصال
ان ننماخ الالهة الام سوف تعمل معك من فوق
والهة الولادة سوف تقف معك في خلقك
يا امي قرري مصير هذا الوليد
ان ننماخ(الهة الارض الام) سوف
تربط عليه قالب الالهة..)).
ان (( عينانا )) لدى السومريين والتي حملت اسم (( عشتار )) لدى الاكديين، هي الام العظمى ورمز الانوثة التى عبدت في كل البلاد، وفي البداية في جنوب العراق (منطقة الاهوار بالتحديد). انها كانت الرمز الانثوي للخليقة والمعبرة عن الخصب. كان اتحادها مع (( دموزي ) ـ رمز الذكورة) يعنى عودة الحياة . من اوائل ما يصلنا عن شكل ((عينانا) ـ (عشتار)) كان عبر المزهرية الصخرية من جمدة نصر 3000ق م وفيها نجد ((عينانا)) واقفة وامامها رجل عاري يقدم لها سلة من النذور وخلف ((عينانا)) شعارها حزمتا القصب(الذي يكثر في اهوار العراق). وهذا رمز يصعب فهم مضمونه الا انه يعطينا الاحساس بالانوثة.((عينانا)) لا يختلف شكلها كثيرا عن حامل النذور الا انها ترتدي ملابس طويلة وشعرها طويل كذلك. نستطيع ان نفهم بان ((عينانا)) لم تكن تختلف عن الانسان الاعتيادي وقد منحت شكلا انسانيا بحتا، ولكن رموز الالوهية تحيطها وتبرز اهميتها وتجعلها مختلفة عن الكاهن او ربما المتعبد الذي يقدم لها سلة من الفاكهة.
المقطع السومري عن الدكتورة ايمان الراجح
ففي الأسطورة السومرية تصطفي الآلهة الإنسان "زيوسودرا " من دون البشر لتحمله أمانة الحياة على الأرض فتبلغه بنيتها في إغراق الأرض بالفيضان وعليه أن يبني سفينة ويجمع فيها من كل حيوانات الأرض زوجين. وفعل " زيوسودرا" ما أمرت به الآلهة. فتهب العواصف على الأرض وتغرق ويموت كل حي عليها عدا ركاب سفينة زيوسودرا الذي أطلق حمامة ولما عادت عرف أن الأرض مازالت تغمرها المياه، ثم أطلق طائر السنونو وأخيرا أطلق غراب فلم يعد فعرف أن الماء بدأ في الانحسار. وأمام هذا المجهود تكافئ الآلهة " زيو سودرا" بالخلود في عالم الخلود " دلمون". تتعاطف عشتار مع البشر وتعد البشر بعدم تكرار هذا الخراب الكوني فتعلق عقدها في السماء وهو قوس قزح الذي يظهر بعد المطر.
أما أسطورة الطوفان البابلية الأكثر اكتمالاً والتي جاءت في ملحمة جلجماش تقدم لنا أقدم صياغة حول الطوفان
في أثناء هيامه وبحثه عن الخلود يلتقي جلجماش مع الإنسان الخالد " أوتنابشتيم" الذي يحكي له قصته مع الطوفان الذي حدث في مدينته والذي كان سبباً في خلوده
شوريباك مدينة أنت تعرفها، تقع على نهر الفرات
لقد شاخت المدينة والآلهة في وسطها
فحدثتهم نفوسهم أن يرسلوا طوفاناً
وتصطفي بعض الآلهة أوتنابشتيم لصلاحه وتأمره ببناء سفينة يجمع فيها من بذرة كل ذي حياة، ثم ترسل الآلهة عاصفة مدمرة وبعد سبعة أيام استقرت السفينة على جبل " نصير" ويتكرر حدث إطلاق الحمامة والسنونو والغراب كما في النص السومري حتى عرف أن الماء انحسر عن الأرض، ثم يصب خمر القربان على قمة الجبل. وتعلق الربة عشتار عقدها في السماء ليكون علامة وذكرى للحدث ووعد بعدم تكراره ويحصل أوتنابشتيم وزوجته على الخلود نتيجة عملهم في إنقاذ الجنس البشري
ثم يرى الإله " انليل" الذي تسبب في الفيضان السفينة الناجية فيغضب وتحاول الآلهة أن تحد من غضبه وتلومه على فعلته
دون تفكير أجريت الطوفان، حمل المذنب ذنبه والآثم أثمه، أمهله حتى لا يفنى ولا تهمله كي لا يفسد، كنت تستطيع بدل الطوفان أن تسلط الأسود لتنقص عدد البشر.
اسطورة الخلق في الحضارة الفرعونية
في البدء لم يكن هناك إلا بحر هائج، هكذا تقول اسطورة الشعب الفرعوني المنقولة عن نون Nun من مصر القديمة. في هذا البحر كانت توجد قوى الخير والشر. قوى الخير تحوي البذرة لكل ماهو حي في حين قوى الشر كانت تقطن الحية العظيمة Apofis. ولكن في لحظة ما خرج الاله آتوم Atum من اعماق البحر رافعا معه الارض من رحم البحر . في نفس الوقت صعدت الالهة رع لتصبح شمسا.
رع مع الإله آتوم انجبت طفلين هم شو آلهة الهواء والريح وتيفنوت التي كانت آلهة الخصب. ولكن كلا الطفلين اختفوا، فارسل الله " آتوم" عينه الالهية لتبحث عن الاطفال وعندما وجدتهم بكى الله من الفرح لتتحول دموعه الى البشر الاوائل. الاخوة شو وتيفوت احبوا بعضهم البعض ليتناكحوا ويحصلوا الى ابناء توائم، لتكون الاولى آلهة السماء نوت والثاني آلهة الارض جيب، ، وذلك من اجل المحافظة عليهم بعيدين عن بعضهم البعض حتى لايرتكبوا الخطأ الذي ارتكبه والديهم بالزواج من بعضهم البعض. ومع ذلك كان فراعنة مصر يتزوجون اخواتهم في سبيل التشبه بالالهة، إذ كان سائدا ان الالهة فقط يحق لها الزواج بالاخوة.
هذه الاسطورة توضح ان الاصل هو الفوضى ليأتي النظام مع الالهة، لذلك وجب احترام ممثلي الالهة على الارض ولي الامر وكهنته من رجال الدين. الامر الذي يوضح الجذور العميقة لاحترام القوانين القادمة من السماء لدى شعوب الشرق وتقديسهم لرجال الدين. كما توضح اسس مشتركة للاساطير التي يتزوج فيها الاخوة بعضهم البعض، إضافة الى اسطورة العالم المائي قبل الخلق. يمكن الاطلاع على اسطورة الطوفان المصرية هنا
وفي مذهب التاسوع بمصر القديمة في مدينة أون"/هليوبوليس/عين شمس الحالية عن قصة الخلق نجد إله الأرض الذكر "جب" و إلهة السماء الأنثى "نوت" ملتصقان كلا بالآخر بعد أن خلقا من الإله "آتم" ونتج من إلتصاقهما /تزاوجهما أربعة آلهة"أوزير" و"إست"(إيزيس) و "نبت حت"(نفتيس) و "ست" بعدها قام الإله "شو" إله الهواء بالفصل بين الأرض"جب" والسماء"نوت" حيث يبدو "جب" الذكر عاريا وقد رفع "شو" من فوقه أنثاه العارية"نوت" ! وهي اسطورة تتشابه للغاية مع الاسطورة البابلية، وتذكر بفتق السماء عن الارض، بعد ان كانتا رتقا.
الخلق عند شعوب استراليا
في البدء لم يكن هناك احد على الاطلاق على الارض. هكذا تقول الاسطورة عند شعب قبيلة كاراديري Karadjeri الاسترالية.
بالضبط في لحظة اقتراب الظلام من اليوم الاول خرج كلبين اخويين من باطن الارض لتبدء رحلتهم في الفيافي والبراري. خلال هذه الرحلة كانوا يغيرون بأستمرار احجامهم ونوعهم كحيوان. لقد اصبحوا ايضا بشرا بأحجام هائلة الى درجة ان رأسهم عانق السماء.
خلال الرحلة كان الكلبين يغنون عن النباتات والحيوانات التي يصادفوها، ويطلقوا عليهم الاسماء، لتصبح واقعا حقيقيا. بأغانيهم خلقوا الحية والكنغر واشجار الصبار وكافة الحيوانات. بعد ذلك اتجه الاخوة الى الشمال ليلتقوا ببشر ليس لهم اعضاء تناسلية. الاخوة الكلاب صنعوا اعضاء تناسلية من الفطر والصقوها بالبشر. لقد اعطوا البشر سلاحا بدائيا واعطوهم اداة يصدر عنها الاصوات كأصوات آبائنا الاوائل. بعد ذلك تحولوا الى حية ليختفوا في ثقب بالارض.
شعوب استراليا الاصليين يملكون العديد من اساطير الخلق ولكن جميعها يجمعها جامع مشترك انها حدثت في عصر الاحلام، حيث الارض كانت تغوص بالفوضى. لقد تحولت الى واقع فقط عندما بدأت ارواح الاجداد العظام تتجول في البراري لتتطلق الاسماء على ماتراه فيتحول الى حقيقة. كما يفسر لماذا هذه الشعوب تجرح الصبيان تحت قضبانهم التناسلية، وبالطبع لان الاجداد قرروا ذلك.
اسطورة الخلق عند شعوب الشمال
تبدأ قصة الخلق عند شعوب الشمال الاسكندنافية بالادعاء بأن الكون كان غير كامل وكان على حافة ثقب عظيم كالفم الهائل. من هذا الثقب كان يخرج نهر عظيم في البيداء الممتلئة بالضباب ويتجه الى الشمال، في حين كانت تخرج شرارات ملتهبة بأتجاه الجنوب. عندما تمكنت الشرارات من إذابة الجليد تحولت القطرات الى انسان هائل، إنه الشرير يمير Ymer. لقد كان هذا الشرير خصب للغاية إذ ان جسمه كان يولد منه بأستمرار المزيد من الاشرار الهائلين.
المياه المذابة انتجت ايضا بقرة بأسم Audhumbla ، حيث قام الانسان الشرير بشرب حليبها بينما كانت هي مشغولة بلحس الحجر الملحي. وفجاءة نبت للحجر شعر ومن ثم رأس وفي النهاية ظهر رجل كامل منه. هذا الرجل اصبح الجد الاول للالهة اودن Oden, Vile, Ve. هؤلاء الالهة الثلاثة قتلوا آباهم الاول ، غير ان دماء الاب اغرقت جميع الالهة ولم يبقى إلا اثنان منهم: امرأة ورجل، ليصبحوا والدين لجيل جديد من العمالقة.
الالهة بنت حديقة بها شجرة عملاقة ، ارسلت اغصانها وجذورها الى جميع زوايا الارض. عند الشاطئ عثرت الالهة على قطعتين من خشب هذه الشجرة منهم خلقوا امرأة ورجل بأسم Ask, & Embla ، ليكونوا اول البشر.
اسطورة شعوب الشمال نموذج على الاساطير التي يجري الخلق فيها من اجسام اولية، كما انها نموذج على الاساطير التي يقتل فيها الانسان الاول خالقه ليتحرر من العبودية. وهذه الاسطورة ترينا كيف ان الاساطير تنطلق من الواقع المحلي فتستخدم البيئة المحلية في الابداع. ومع ذلك تتفق مع اسطورة إسلامية عن العماليق الاولى.
اسطورة الخلق عند شعب الصين القديم
يحكى انه في العهود الموغلة في القدم كانت السماء والارض صنوين لا ينفصلان، وكان الفضاء يشبه بيضة كبيرة، في داخلها ظلام دامس، لا يمكن من خلاله تمييز الاتجاهات. ونشأ في هذه البيضة الكبيرة بطل عظيم واسمه "بان قو" يفصل الارض عن السماء. واستيقظ بان قو بعد 18 الف سنة من النوم، ولم ير الا ظلاما حالكا، وشعر بحرارة شديدة حتى كاد يختنق، وكان يريد النهوض، لكن قشرة البيضة كانت تلف جسده بشدة، ولم يتمكن من مد يديه ورجليه، فغضب "بان قو" واخذ يلوح بفأس كانت معه ، وبعد ذلك سمع صوتا مدويا وانشقت البيضة فجأة، وتطايرت المواد الخفيفة والصافية الى الاعلى لتشكل السماء وسقطت المواد الثقيلة والعكرة الى الاسفل لتكون الارض.
وكان بان قو سعيدا جدا بعد انفصال الارض عن السماء، لكنه خاف من امكانية التقاء السماء والارض مرة اخرى في يوم ما، لذلك، وقف بين السماء والارض، وكان طوله يزداد عشرة امتار يوميا، ويزداد ارتفاع السماء وسمك الارض عشرة امتار يوميا ايضا، وبعد 18 الف سنة، اصبح بان قو عملاقا، وبلغ طوله 45 الف كيلومتر، وهكذا استقرت السماء والارض آخيرا، ويشعر بان قوه بالتعب الشديد لكنه مطمئن نسبيا، اما الاسطورة فقالت ان جسده الضخم انهار فجأة.
وبعد وفاة بان قو، اصبحت عينه اليسرى الشمس الحمراء، واصبحت عينه اليمنى القمر الفضي، وتحولت انفاسه الآخيرة الى رياح وسحب، واصبح صوته الاخير هدير الرعد، واصبح شعره ولحيته نجوما متلألئة، وتحول رأسه واطرافه الاربعة الى اربعة اقطاب للارض وجبال شامخة، وتحول دمه الى انهار وبحيرات، واصبحت عروقه طرقا، واصبحت عضلاته اراضي خصبة، واصبح جلده واوباره ازهارا واعشابا واشجارا، واصبحت اسنانه وعظامه معادن واحجارا كريمة، وتحول عرقه الى امطار وندى، ومن هنا تقول الاسطورة ظهور الدنيا.
لكن ماذا تقول اساطير الصين القديمة عن قصة الخلق؟
يحكى ان الالهة "نيوى وا" التى تتميز بجسد انسان وذيل تنين كانت تتجول بين السماء والارض بعد انفصالهما بسبب"بان قو"، ورغم وجود الجبال والانهار والنباتات والحيوانات على سطح الارض في ذلك الوقت، لكن الدنيا كانت راكدة وهامدة بسبب عدم وجود بشر، وفي يوم من الايام، شعرت "نيوى وا" بالوحدة وهى تتجول على الارض الساكنة، لذلك، قررت اضافة اشياء مفعمة بالروح والحيوية الى الدنيا.
كانت نيوى وا تسير على ضفة النهر الاصفر، ورأت صورتها المنعكسة على صفحة الماء، ولم تتمالك عن فرحتها، فقررت صنع دمى من الطين اللين على ضفة النهر، وكانت ذكية وماهرة، فصنعت الكثير من الدمى بسرعة، وكادت تلك الدمى تشبهها تماما، لكنها زودت الدمى باقدام بدلا من ذيل التنين، وبعد ذلك، نفخت نيوى وا عليها، واصبحت تلك الدمى حية تستطيع المشي والنطق وتتمتع بالذكاء والروعة، وسمتها نيوى وا"الانسان"، وادخلت نيوى وا الروح الذكرية-العنصر الذكري في الطبيعة، الى بعض الناس فاصبحوا رجالا، وادخلت الروح الانثوية- العنصر الانثوي في الطبيعة، الى بعضهم الآخر، فاصبحوا نساءا، وكان اولئك الرجال والنساء يرقصون بفرح وسروح حول الالهة نيوى وا، واضفوا النشاط والحيوية على الارض.
وارادت نيوى وا نشر البشر في كل انحاء الارض، لكنها كانت متعبة جدا، فوجدت طريقة سهلة جدا لذلك، اذ صنعت حبلا من الاعشاب ووضعته في طين النهر واخذت تلفه في الطين الى ان انغمر باكمله، ثم سحبت الحبل من النهر واخذت تهزه يمنة ويسرة، وتناثرت قطع الطين اللين هنا وهناك، واصبحت هذه القطرات حسبما تقول الاسطورة بشرا صغارا الحجم، وهكذا خلقت نيوى وا ناسا منتشرين في انحاء الارض.
ولم تكثف نيوى وا بذلك، وبدأت تفكر في كيفية استمرار الانسان جيلا بعد جيل، لان تلك المخلوقات ستموت عاجلا أو آجلا، لذلك، زوجت نيوى وا الرجال والنساء ليتناسلوا وتستمر دورة الحياة، وهكذا استمر البشر بالتناسل والازدياد يوما بعد يوم.
زيادالمشترك بين جميع الاساطير
الجامع المشترك بين هذه الاساطير ان الشخصيات الاولى هي خارقة ومافوق الطبيعية، عادة تكون آلهة او عمالقة او شخصيات خرافية من نمط يأجوج ومأجوج او ارواح الاجداد الاوائل حيث يمكن ان تكون شخصيات نصفها حيوان ونصفها الاخر انسان او متتداخلة. فقط بعد ظهور هذه الشخصيات على المسرح يظهر الانسان العادي، وعندها يكون العالم قد اصبح مهيئا لاستقباله بعد ان قامت الشخصيات الخرافية الاولى بإزالة الفوضى.
في الانجيل لايوجد شئ يذكر عن زوجات قابيل وهابيل، غير ان بقية الاساطير تحتوي الكثير عن الزواج بين الاخوة والاخوات. واغلبها تنطلق من انه في البدء لم يكن هناك إمكانية للاختيار وبالتالي فتحليل الحرام كان امر مقضيا، ولكن اغلب الاساطير تعود لتحرم زواج الاخوة والاخوات، عدا الاشخاص الذين لهم مستويات الالهة.
على الاغلب الالهة ذكور ولكن هناك بعض الاناث وخصوصا ان عملية الخلق الاول تحتاج الى توالد من اجل اسكان الارض الفارغة. الالهة الاناث لم تكن خجولة وضعيفة وخاضعة، لقد كان هناك الكثير من الالهات التي بحثوا عن الجنس وقاموا بالاغتصاب والاغواء بتصرفات لم تختلف عن تصرفات الذكور.
الاساطير ممتلئة بالحيوانات الناطقة ولم يكن الخلاف كبيرا بين ادوار ومستويات الحيوان عن البشر. غير ان الديانة المسيحية والاسلامية تحل القضية بأعطاء التفويض من الله لسيطرة الانسان على الحيوان وتسخير موارد الارض والبيئة لمتتطلباته.
الحية موجودة في الكثير من الاساطير، حيث تكون في قسم منها ممثلة للشر كما في اساطير شعوب الشمال او اساطير المسيحيين والاسلام او تكون ممثلة للبطولة كما لدى شعوب استراليا الاصليين
البعض يعتقد ان الخلق تم بشكل حرفي كما جاء في اساطيرهم الدينية والبعض الاخر يعتقد ان الاساطير الدينية ليست إلا رواية رمزية ادبية لما قدر جرى فعلا. وعند التدقيق وإذا اتبعنا طريقة اتباع الاعجاز بلوي الكلمات لوجدنا ان الكثير من الروايات تتطابق مع اجزاء من الاكتشافات العلمية بشكل لايقل عما وجده اتباع الاعجاز في القرآن.
اساطير الخلق لاتحتاج الى ان تكون كبيرة او شديدة الدقة او مليئة بالتفاصيل الصحيحة، يكفي ان يتوافق احد مفاصلها مع حقيقة ما، للبدء ببناء التلفيقات الضرورية لاستكمال كامل البناء، لتصبح رمزا للاعجاز العلمي. بهذا الشأن اصبح للمسلمين سبق هو السبق الوحيد الذي نجحوا فيه في العصر الحديث.
[/]
بقلم حمدي الراشدي
في الاسلام والمسيحية يظهر ان الله خـلـق العالم في ستة ايام ثم استراح على العـرش، وبالطبع خلق الكائنات في الايام الثلاث الاخيرة، في الاول الطيور ثم الحيوانات الارضية واخـيرا البشر .
اغـلـب الاديان لـديها اساطيرها الخاصة عن كيفية بـدء الحياة ، بالرغم من انهم يجدون صعوبة في توضيح ماكان سائدا قبل الخليقة .
الكثير منهم يصـور الامر وكأن الله قام بتنظيم الفوضى التي كانت سائدة من اجل تحقيق الظـروف المناسبة لبـدء خليقة الانسان ، حيـث ارسـل قـوى الشـر الى بوادي بعيدة من
واجبهم البقاء فيها طالما ان الانسان يلتزم بالقواعد التي وضعها الرب.
عند شعب دوغون الافريقي
عـنـد شعـب دوغـون ( dogon ) في دولـة مـالي بـدأ الامـر منـذ البـدايـة مع امما
( Amma ) الذي خلق النجـوم من الطـين ثم رماهم الى الاعلى. الشمس كانت كرة طينية ملتهبة تحيط بها حلقات من النحاس. القمر كان ايضا مثل الشمس ولكن الخالق حمـاه بالنـار فـترة اقصر مما فعـل مع الشمس . الارض كانت ايضا قطعـة من طـين وكانت منطرحة على ظهرها، عندما رآها الله ( Amma ) قرر ان يضاجعها . ولكن فـرجها انفتح وظهر منه بظـرهـا مدورا ليتتطاول الى ان يصل الى وجه الله عز وجل، لذلك قام الله امما بقصه، ليكون التطهير الاول للمرأة.
نـتـائج المضاجـعـة الاولى مع الارض لـم يكن تـوائـم كما كان الله يتمنى ولكن ولد لهم ضبع. غير ان الله لم يفقد الامل ، لقد اعاد المحاولة من جـديد لتـولـد لـه الارض هـذه المـرة تـوائـم مع بعض اسمهم نومـو (Nummo) وكانوا لنصفهم على شكل الحية. لقـد اعطـوا امهم العارية تنورة من جلدهم، عليها كان مكتوب الكلمات الاولى من اللغة الاولى .
الله ( امما ) فقد الامل ان يستطيع خلق بشر على شاكلته من خلال مضاجـعـة الارض، فقـرر ان يصنـع بنفسـه زوج من شـبهائـه من الطـين . اولاد هـذه المخـلـوقـات كانوا يخلقون ولهم جهتين احداهما ذكر والاخرى انثى. فقط بعد عملية التطهير بقص اللحمة الـزائـدة للعـضـو الذكري وقسم من البظر في مهبل المرأة عندها يصبح كل منهما ذكر وانثى منفصلين ونقيين طاهـرين
اسطورة الخلق عند شعب دوغون طويلة للغاية ومعقدة وتفاصيلها يعرفها فقط الكهنة، ولكن جـوهـرهـا قـائـم على توضيح صعـوبة خلـق انسان كامل وبدون اخطاء. وحتى عندما اضطر الله ان يخلقه بنفسه لم يستطع ان يخـلقـه كاملا، لقد اضطر الله ان يذعـن للواقع ويطلب من الانسان ان يقص النقص الذي لم يستطع الله معالجته. من هنا جاءت عادة التطهير لإصلاح عجز الله.
عند شعب الهنود الحمر
شعـب الهنود الحمر المسمى هـورون (Huron) عاش على ضفاف البحيرات الكبيرة الـواقعة في مايسمى اليوم ولاية اونتاريو في امريكا الشمالية . اسطورة الخلق لديهـم تحدثنا انه في البـدء لـم يكن هناك إلا الماء وبها كانت تعـيـش الحيـوانات المائية .
ولكن من عالم آخر فوقـنا سقطـت فجـاءة فـتـاة شابة ليتلقفها بطتين طائرتين . هاتان البطتان استدعوا حيوانات البحـر فـلبت نـداءهـم سلحفـاة بحـر ضخمة ، على ظهـرهـا وضعوا الفتاة. مع بقية حيـوانـات البحـر جـرى عـقـد مجلس استشاري كبير لمعـرفـة مالعـمـل من اجـل انقاذ الفتاة. لقـد توصلوا الى ضرورة ايجاد ارض من اجل ان تتمكن من العـيـش عـليها . السلاحف بـدؤ بالغطس واخراج بعض التراب من الاعماق لتقوم الفتاة بلصقـه حـول السلحـفـاة ليصبح بعـد فـترة ارضا كبيرة ممتـلئـة بالـزرع .
منذ لحظة سقـوط الفتـاة كانت حاملا بتـوائم كلاهـما كانوا من الذكور. احدهم كان خيرا والاخر كان شريرا قتل امه بولادته. بعد دفنها ظهرت النباتات الاكثر شهرة من جسدها المدفـون ، البطاطـا من رأسها والـذرة من صـدرها والبن من اذرعها . ابـناءها وزعوا الارض بينهـم . الشـرير خـلـق كافـة الحيـوانات الشرسة في حـين خلـق الخـير جميع الحيوانات الجيدة
هذه الاسطورة التي تتوجه لعبادة الارض منتشرة عند كافة هنود شمال امريكا. الخالق فيها يقـوم بمساعدة الانسان على بناء العلاقة على الارض وتحقيق الانسجام والتفاهم. هـنا يأخـذ الخـالـق شكل سلحـفـاة البحـر . عنـد شعـب اخـر من الهنود الحمر المسمى Cheyennei يـأخـذ الخـالـق شكل احـد انواع البط الـبري بأعـتباره مصـدر واساس الخليقة.
كتب الزميل Chajjam عن هنود المايا:
اليا يوجد حوالي 6.1 مليون من نسل شعوب المايا .
استوطنت شعوب المايا مناطق امريكا الوسطى .
تعددت حضارات المايا و دولهم و مستوطناتهم التي يعود اقدمها إلى حوالي ال 2000 قبل الميلاد .
سقطت آخـر دول المايا على يد الغـزاة الأوربيين ( الإسبان ) عـام 1697.
تقـول الأسطـورة :
في البداية كان هناك بحر مظلم و هاديء. في هذا البحر كانت الآلهة موجودة :
الخالق تساكول
( Tzakol )، الذي يعطي الأشكل بيتول (Bitol)، المنتصر تيبيو (Tepeu)، الحية ذات الريش الأخضر غـوكـوماتس (Gucumatz)، الصانعـين الـوم (Alom) و كاهولوم (Caholom) و قلب السماء او القوة البدائية هوراكان (Huracan).
تيبيو و غوكوماتس خلقا الأرض بأن نادهوا الى الوجود. ثم تشكلت الجبال و الوديان و السهـول و انقسم الميـاه . ثـم خلق هذان الإلهان الحيوانات. طالما ان الحيوانات لم تكن تستطيع الكلام و بالتالي لا تستطـيع ان تعبد و تحترم خالقيها و لا تستطيع ان تطلب من خالقيها ان يتركوها على قيد الحياة قررت آلهة الخلق صنع البشر. و لهذا الغرض قاموا بعـدة تجـارب في خلق البشر.
صنعـوه في المرة الأولى من الطـين و لكنه كان رخـوا و سائلا فأتـلفـوه .
في المـرة الثـانية صنعـوه من من الخشب . عـاش البشر المصنـوعـين من الخـشـب و استطاعو التناسـل و لكنهم كانو بدون عقل اي انهم لم يستطيعو عبادة الألهة لذلك قرر الآلهة اتلافهم و ارسلو عليهم الفيضان و قضو عليهم .
في المرة الثالـثـة صنع الألهة البشـر من حبوب الفاصولياء و القصب و لكن هذا النوع من البشر لم يكن يستطيع الكلام او التفكـير و لذلك اتلفـتهـم الآلهة بـأن ارسلت عـليهـم مطرا من صمغ الأشجار السائل و كذلك هاجمتهم الحيوانات و افترستهم حتى ان مقالي الطبخ قـفزت الى وجوههم انتقاما منهم لأن البشر كانو يحرقون مقلاة الطبخ على النار.
في المرة الأخيرة صنع الآلهة 4 رجـال من الذرة. هؤلاء الرجال الأربعة كانو مشابهين جـدا للآلهة اي انهم كانو اذكياء مثلهـم و كانو على علم بكل شيء و يريدون ان يعلمو كل شيء . لذلك قـام الآلهة بتخفيض قـواهـم العـقـلية من اجـل ان يكونو اقل مكانة من الآلهة.
خلال نوم الرجال الأربعة خلق الآلهة 4 نساء لهؤلاء الرجال و منهم جاءت القبائل كلها.
بعـد ذلك تـم خـلـق الشمس و النـور ( حتى ذلك الوقت كان الحياة تحدث في ظلام دامس
الله يقسم نفسه الى ثلاثة عند الهندوس
خـلال عـام كامل عاش براهـمان ، الـذي لايعـتبر إلـهـا ولكنه قـوة مقـدسـة ، في بيضـة جيلاتينية في البحر الابدي (ليس مقصودا بحار الارض ولا زمن الارض). براهما نفسه هـو الـذي صنح البحـر الابـدي والبيضة الجيـلاتينيـة التي في النتيجـة خـرج مـنـها الى جـانب القـوى المقـدسـة الاخـرى نـاريـانـا ( Narayana ): الـروح الاولى، بوروشا (Purusha): الانسان الاول، واخيرا براهما الذي يعتبر إله يعكس خصائص براهمان لتتلائم مع الانسان.. براهمان في نفس الوقت خالق ومخلوق. بعد سنة في البيضة خلق الكون بأسره والحياة فقط من خلال تفكيره ومن خلال إرادته.
من اجـل ان تصبح الخليقـة بشـريـة وانسانية وكامـلـة يجـب التضحية بجزء من جسد بوروشا. جزء كبير من جسمه لـن يمس ولكن فمه سيكون من حصة طبقـة الـبراهـما العليا واقـدامه من حصة الطبقة الـدنيا . القـمـر خـلـق من روح الانسان والشمس من عيونه، فمه اصبح النار ونفسه اصبح الرياح.
في هـذا الـدين يظهر بوضوح فكرة التضحية ، حيث كان بوروشا الضحية الاولى وهو مـرتكـز اساسي في الاصـول الاولى للـدين الهنـدوسي . وبالـرغـم من ان التضحية في الديانة القديمة كانت بالانسان نفسه، اصبحت فيما بعد بأشكال رمزية من خلال التضحية بالهـدايا والـزهـور والنـقـود . واسـطـورة الخـلـق الهنـدوسيـة توضح قـاعـدة التقسيـم الاجتماعي السائدة في المجتمع الهندوسي بين طبقة عليا مفكرة وطبقة دنيا عاملة. وإضافة الى التضحية يظهر اصل الثالوث المقدس.
البيضة تشير الى بذرة الحياة ونقطة الانطلاق لبداية الخلق والخليقة والعالم عند شعوب مثل بولينيسك. Polynesisk.
اسطورة الخلق السومري
حسب اسطـورة الخـليقة السومرية ، قد كان يطلق على الكون اسم ( ان - كي )، وهي كلمة مركبة تعنى ( السماء- الارض ). في هـذه الثنائية تعـتبر ( آن ـ السماء ) رمـز الذكورة، اما (كي ـ الارض) فهي رمزالانوثة، ومن اتحادهما ولد (انليل اله الهواء). ثم قام(انليل) بفصل المساء عن الارض، وجعل والده مستقـلا بعيدا، في حين استحوذ هـو على امه الارض و لعلكم ستلاحظـون وجه الشبه مع عـقـدة اوديب والتى شغـلت تفكير كل علماء النفس و اعتنقها ( سيجموند فـرويد ) و صار من أكبر المروجين لهاوتستمر اساطير الخلق السومرية لتؤكد على دور الانثى الفعال، حيث نجد الالهة (ننليل) بعد ان تضاجع (انليل) تلد (القمر) وهوبدوره ينجب الشمس.......
و من خلال هذه الأسطورة نجد ان الآلهة الانثوية كانت دائما تمتلك الكلمة العليا، وكانت على درجة المساواة مع الآلهة الذكورية، ولم تكن مهمة الخلق موكولة باله واحـد ، اذ جاء ( انكي ) مكملا عمل اسلافه، حيث تناديه امه( نمو ) بعد ان كان نائما:
(( يا ابنى قم واخلق لنا خدم للالهة لينتجوا اشباههم).. ثم اعطاها ( انكي ) وصفة من اجل خلق البشر. هكذا خلق البشر بطلب من الهة انثى...
وهذا ما يقوله انكي لها:
(( ايا امي ان المخلوق الذي نطقت بأسمه موجود
اربطي عليه صورة الالهة
اخلطي قلب الصلصال الذي فوق الغور
ان الخالقين الطيبين يكتفون بالصلصال
ان ننماخ الالهة الام سوف تعمل معك من فوق
والهة الولادة سوف تقف معك في خلقك
يا امي قرري مصير هذا الوليد
ان ننماخ(الهة الارض الام) سوف
تربط عليه قالب الالهة..)).
ان (( عينانا )) لدى السومريين والتي حملت اسم (( عشتار )) لدى الاكديين، هي الام العظمى ورمز الانوثة التى عبدت في كل البلاد، وفي البداية في جنوب العراق (منطقة الاهوار بالتحديد). انها كانت الرمز الانثوي للخليقة والمعبرة عن الخصب. كان اتحادها مع (( دموزي ) ـ رمز الذكورة) يعنى عودة الحياة . من اوائل ما يصلنا عن شكل ((عينانا) ـ (عشتار)) كان عبر المزهرية الصخرية من جمدة نصر 3000ق م وفيها نجد ((عينانا)) واقفة وامامها رجل عاري يقدم لها سلة من النذور وخلف ((عينانا)) شعارها حزمتا القصب(الذي يكثر في اهوار العراق). وهذا رمز يصعب فهم مضمونه الا انه يعطينا الاحساس بالانوثة.((عينانا)) لا يختلف شكلها كثيرا عن حامل النذور الا انها ترتدي ملابس طويلة وشعرها طويل كذلك. نستطيع ان نفهم بان ((عينانا)) لم تكن تختلف عن الانسان الاعتيادي وقد منحت شكلا انسانيا بحتا، ولكن رموز الالوهية تحيطها وتبرز اهميتها وتجعلها مختلفة عن الكاهن او ربما المتعبد الذي يقدم لها سلة من الفاكهة.
المقطع السومري عن الدكتورة ايمان الراجح
ففي الأسطورة السومرية تصطفي الآلهة الإنسان "زيوسودرا " من دون البشر لتحمله أمانة الحياة على الأرض فتبلغه بنيتها في إغراق الأرض بالفيضان وعليه أن يبني سفينة ويجمع فيها من كل حيوانات الأرض زوجين. وفعل " زيوسودرا" ما أمرت به الآلهة. فتهب العواصف على الأرض وتغرق ويموت كل حي عليها عدا ركاب سفينة زيوسودرا الذي أطلق حمامة ولما عادت عرف أن الأرض مازالت تغمرها المياه، ثم أطلق طائر السنونو وأخيرا أطلق غراب فلم يعد فعرف أن الماء بدأ في الانحسار. وأمام هذا المجهود تكافئ الآلهة " زيو سودرا" بالخلود في عالم الخلود " دلمون". تتعاطف عشتار مع البشر وتعد البشر بعدم تكرار هذا الخراب الكوني فتعلق عقدها في السماء وهو قوس قزح الذي يظهر بعد المطر.
أما أسطورة الطوفان البابلية الأكثر اكتمالاً والتي جاءت في ملحمة جلجماش تقدم لنا أقدم صياغة حول الطوفان
في أثناء هيامه وبحثه عن الخلود يلتقي جلجماش مع الإنسان الخالد " أوتنابشتيم" الذي يحكي له قصته مع الطوفان الذي حدث في مدينته والذي كان سبباً في خلوده
شوريباك مدينة أنت تعرفها، تقع على نهر الفرات
لقد شاخت المدينة والآلهة في وسطها
فحدثتهم نفوسهم أن يرسلوا طوفاناً
وتصطفي بعض الآلهة أوتنابشتيم لصلاحه وتأمره ببناء سفينة يجمع فيها من بذرة كل ذي حياة، ثم ترسل الآلهة عاصفة مدمرة وبعد سبعة أيام استقرت السفينة على جبل " نصير" ويتكرر حدث إطلاق الحمامة والسنونو والغراب كما في النص السومري حتى عرف أن الماء انحسر عن الأرض، ثم يصب خمر القربان على قمة الجبل. وتعلق الربة عشتار عقدها في السماء ليكون علامة وذكرى للحدث ووعد بعدم تكراره ويحصل أوتنابشتيم وزوجته على الخلود نتيجة عملهم في إنقاذ الجنس البشري
ثم يرى الإله " انليل" الذي تسبب في الفيضان السفينة الناجية فيغضب وتحاول الآلهة أن تحد من غضبه وتلومه على فعلته
دون تفكير أجريت الطوفان، حمل المذنب ذنبه والآثم أثمه، أمهله حتى لا يفنى ولا تهمله كي لا يفسد، كنت تستطيع بدل الطوفان أن تسلط الأسود لتنقص عدد البشر.
اسطورة الخلق في الحضارة الفرعونية
في البدء لم يكن هناك إلا بحر هائج، هكذا تقول اسطورة الشعب الفرعوني المنقولة عن نون Nun من مصر القديمة. في هذا البحر كانت توجد قوى الخير والشر. قوى الخير تحوي البذرة لكل ماهو حي في حين قوى الشر كانت تقطن الحية العظيمة Apofis. ولكن في لحظة ما خرج الاله آتوم Atum من اعماق البحر رافعا معه الارض من رحم البحر . في نفس الوقت صعدت الالهة رع لتصبح شمسا.
رع مع الإله آتوم انجبت طفلين هم شو آلهة الهواء والريح وتيفنوت التي كانت آلهة الخصب. ولكن كلا الطفلين اختفوا، فارسل الله " آتوم" عينه الالهية لتبحث عن الاطفال وعندما وجدتهم بكى الله من الفرح لتتحول دموعه الى البشر الاوائل. الاخوة شو وتيفوت احبوا بعضهم البعض ليتناكحوا ويحصلوا الى ابناء توائم، لتكون الاولى آلهة السماء نوت والثاني آلهة الارض جيب، ، وذلك من اجل المحافظة عليهم بعيدين عن بعضهم البعض حتى لايرتكبوا الخطأ الذي ارتكبه والديهم بالزواج من بعضهم البعض. ومع ذلك كان فراعنة مصر يتزوجون اخواتهم في سبيل التشبه بالالهة، إذ كان سائدا ان الالهة فقط يحق لها الزواج بالاخوة.
هذه الاسطورة توضح ان الاصل هو الفوضى ليأتي النظام مع الالهة، لذلك وجب احترام ممثلي الالهة على الارض ولي الامر وكهنته من رجال الدين. الامر الذي يوضح الجذور العميقة لاحترام القوانين القادمة من السماء لدى شعوب الشرق وتقديسهم لرجال الدين. كما توضح اسس مشتركة للاساطير التي يتزوج فيها الاخوة بعضهم البعض، إضافة الى اسطورة العالم المائي قبل الخلق. يمكن الاطلاع على اسطورة الطوفان المصرية هنا
وفي مذهب التاسوع بمصر القديمة في مدينة أون"/هليوبوليس/عين شمس الحالية عن قصة الخلق نجد إله الأرض الذكر "جب" و إلهة السماء الأنثى "نوت" ملتصقان كلا بالآخر بعد أن خلقا من الإله "آتم" ونتج من إلتصاقهما /تزاوجهما أربعة آلهة"أوزير" و"إست"(إيزيس) و "نبت حت"(نفتيس) و "ست" بعدها قام الإله "شو" إله الهواء بالفصل بين الأرض"جب" والسماء"نوت" حيث يبدو "جب" الذكر عاريا وقد رفع "شو" من فوقه أنثاه العارية"نوت" ! وهي اسطورة تتشابه للغاية مع الاسطورة البابلية، وتذكر بفتق السماء عن الارض، بعد ان كانتا رتقا.
الخلق عند شعوب استراليا
في البدء لم يكن هناك احد على الاطلاق على الارض. هكذا تقول الاسطورة عند شعب قبيلة كاراديري Karadjeri الاسترالية.
بالضبط في لحظة اقتراب الظلام من اليوم الاول خرج كلبين اخويين من باطن الارض لتبدء رحلتهم في الفيافي والبراري. خلال هذه الرحلة كانوا يغيرون بأستمرار احجامهم ونوعهم كحيوان. لقد اصبحوا ايضا بشرا بأحجام هائلة الى درجة ان رأسهم عانق السماء.
خلال الرحلة كان الكلبين يغنون عن النباتات والحيوانات التي يصادفوها، ويطلقوا عليهم الاسماء، لتصبح واقعا حقيقيا. بأغانيهم خلقوا الحية والكنغر واشجار الصبار وكافة الحيوانات. بعد ذلك اتجه الاخوة الى الشمال ليلتقوا ببشر ليس لهم اعضاء تناسلية. الاخوة الكلاب صنعوا اعضاء تناسلية من الفطر والصقوها بالبشر. لقد اعطوا البشر سلاحا بدائيا واعطوهم اداة يصدر عنها الاصوات كأصوات آبائنا الاوائل. بعد ذلك تحولوا الى حية ليختفوا في ثقب بالارض.
شعوب استراليا الاصليين يملكون العديد من اساطير الخلق ولكن جميعها يجمعها جامع مشترك انها حدثت في عصر الاحلام، حيث الارض كانت تغوص بالفوضى. لقد تحولت الى واقع فقط عندما بدأت ارواح الاجداد العظام تتجول في البراري لتتطلق الاسماء على ماتراه فيتحول الى حقيقة. كما يفسر لماذا هذه الشعوب تجرح الصبيان تحت قضبانهم التناسلية، وبالطبع لان الاجداد قرروا ذلك.
اسطورة الخلق عند شعوب الشمال
تبدأ قصة الخلق عند شعوب الشمال الاسكندنافية بالادعاء بأن الكون كان غير كامل وكان على حافة ثقب عظيم كالفم الهائل. من هذا الثقب كان يخرج نهر عظيم في البيداء الممتلئة بالضباب ويتجه الى الشمال، في حين كانت تخرج شرارات ملتهبة بأتجاه الجنوب. عندما تمكنت الشرارات من إذابة الجليد تحولت القطرات الى انسان هائل، إنه الشرير يمير Ymer. لقد كان هذا الشرير خصب للغاية إذ ان جسمه كان يولد منه بأستمرار المزيد من الاشرار الهائلين.
المياه المذابة انتجت ايضا بقرة بأسم Audhumbla ، حيث قام الانسان الشرير بشرب حليبها بينما كانت هي مشغولة بلحس الحجر الملحي. وفجاءة نبت للحجر شعر ومن ثم رأس وفي النهاية ظهر رجل كامل منه. هذا الرجل اصبح الجد الاول للالهة اودن Oden, Vile, Ve. هؤلاء الالهة الثلاثة قتلوا آباهم الاول ، غير ان دماء الاب اغرقت جميع الالهة ولم يبقى إلا اثنان منهم: امرأة ورجل، ليصبحوا والدين لجيل جديد من العمالقة.
الالهة بنت حديقة بها شجرة عملاقة ، ارسلت اغصانها وجذورها الى جميع زوايا الارض. عند الشاطئ عثرت الالهة على قطعتين من خشب هذه الشجرة منهم خلقوا امرأة ورجل بأسم Ask, & Embla ، ليكونوا اول البشر.
اسطورة شعوب الشمال نموذج على الاساطير التي يجري الخلق فيها من اجسام اولية، كما انها نموذج على الاساطير التي يقتل فيها الانسان الاول خالقه ليتحرر من العبودية. وهذه الاسطورة ترينا كيف ان الاساطير تنطلق من الواقع المحلي فتستخدم البيئة المحلية في الابداع. ومع ذلك تتفق مع اسطورة إسلامية عن العماليق الاولى.
اسطورة الخلق عند شعب الصين القديم
يحكى انه في العهود الموغلة في القدم كانت السماء والارض صنوين لا ينفصلان، وكان الفضاء يشبه بيضة كبيرة، في داخلها ظلام دامس، لا يمكن من خلاله تمييز الاتجاهات. ونشأ في هذه البيضة الكبيرة بطل عظيم واسمه "بان قو" يفصل الارض عن السماء. واستيقظ بان قو بعد 18 الف سنة من النوم، ولم ير الا ظلاما حالكا، وشعر بحرارة شديدة حتى كاد يختنق، وكان يريد النهوض، لكن قشرة البيضة كانت تلف جسده بشدة، ولم يتمكن من مد يديه ورجليه، فغضب "بان قو" واخذ يلوح بفأس كانت معه ، وبعد ذلك سمع صوتا مدويا وانشقت البيضة فجأة، وتطايرت المواد الخفيفة والصافية الى الاعلى لتشكل السماء وسقطت المواد الثقيلة والعكرة الى الاسفل لتكون الارض.
وكان بان قو سعيدا جدا بعد انفصال الارض عن السماء، لكنه خاف من امكانية التقاء السماء والارض مرة اخرى في يوم ما، لذلك، وقف بين السماء والارض، وكان طوله يزداد عشرة امتار يوميا، ويزداد ارتفاع السماء وسمك الارض عشرة امتار يوميا ايضا، وبعد 18 الف سنة، اصبح بان قو عملاقا، وبلغ طوله 45 الف كيلومتر، وهكذا استقرت السماء والارض آخيرا، ويشعر بان قوه بالتعب الشديد لكنه مطمئن نسبيا، اما الاسطورة فقالت ان جسده الضخم انهار فجأة.
وبعد وفاة بان قو، اصبحت عينه اليسرى الشمس الحمراء، واصبحت عينه اليمنى القمر الفضي، وتحولت انفاسه الآخيرة الى رياح وسحب، واصبح صوته الاخير هدير الرعد، واصبح شعره ولحيته نجوما متلألئة، وتحول رأسه واطرافه الاربعة الى اربعة اقطاب للارض وجبال شامخة، وتحول دمه الى انهار وبحيرات، واصبحت عروقه طرقا، واصبحت عضلاته اراضي خصبة، واصبح جلده واوباره ازهارا واعشابا واشجارا، واصبحت اسنانه وعظامه معادن واحجارا كريمة، وتحول عرقه الى امطار وندى، ومن هنا تقول الاسطورة ظهور الدنيا.
لكن ماذا تقول اساطير الصين القديمة عن قصة الخلق؟
يحكى ان الالهة "نيوى وا" التى تتميز بجسد انسان وذيل تنين كانت تتجول بين السماء والارض بعد انفصالهما بسبب"بان قو"، ورغم وجود الجبال والانهار والنباتات والحيوانات على سطح الارض في ذلك الوقت، لكن الدنيا كانت راكدة وهامدة بسبب عدم وجود بشر، وفي يوم من الايام، شعرت "نيوى وا" بالوحدة وهى تتجول على الارض الساكنة، لذلك، قررت اضافة اشياء مفعمة بالروح والحيوية الى الدنيا.
كانت نيوى وا تسير على ضفة النهر الاصفر، ورأت صورتها المنعكسة على صفحة الماء، ولم تتمالك عن فرحتها، فقررت صنع دمى من الطين اللين على ضفة النهر، وكانت ذكية وماهرة، فصنعت الكثير من الدمى بسرعة، وكادت تلك الدمى تشبهها تماما، لكنها زودت الدمى باقدام بدلا من ذيل التنين، وبعد ذلك، نفخت نيوى وا عليها، واصبحت تلك الدمى حية تستطيع المشي والنطق وتتمتع بالذكاء والروعة، وسمتها نيوى وا"الانسان"، وادخلت نيوى وا الروح الذكرية-العنصر الذكري في الطبيعة، الى بعض الناس فاصبحوا رجالا، وادخلت الروح الانثوية- العنصر الانثوي في الطبيعة، الى بعضهم الآخر، فاصبحوا نساءا، وكان اولئك الرجال والنساء يرقصون بفرح وسروح حول الالهة نيوى وا، واضفوا النشاط والحيوية على الارض.
وارادت نيوى وا نشر البشر في كل انحاء الارض، لكنها كانت متعبة جدا، فوجدت طريقة سهلة جدا لذلك، اذ صنعت حبلا من الاعشاب ووضعته في طين النهر واخذت تلفه في الطين الى ان انغمر باكمله، ثم سحبت الحبل من النهر واخذت تهزه يمنة ويسرة، وتناثرت قطع الطين اللين هنا وهناك، واصبحت هذه القطرات حسبما تقول الاسطورة بشرا صغارا الحجم، وهكذا خلقت نيوى وا ناسا منتشرين في انحاء الارض.
ولم تكثف نيوى وا بذلك، وبدأت تفكر في كيفية استمرار الانسان جيلا بعد جيل، لان تلك المخلوقات ستموت عاجلا أو آجلا، لذلك، زوجت نيوى وا الرجال والنساء ليتناسلوا وتستمر دورة الحياة، وهكذا استمر البشر بالتناسل والازدياد يوما بعد يوم.
زيادالمشترك بين جميع الاساطير
الجامع المشترك بين هذه الاساطير ان الشخصيات الاولى هي خارقة ومافوق الطبيعية، عادة تكون آلهة او عمالقة او شخصيات خرافية من نمط يأجوج ومأجوج او ارواح الاجداد الاوائل حيث يمكن ان تكون شخصيات نصفها حيوان ونصفها الاخر انسان او متتداخلة. فقط بعد ظهور هذه الشخصيات على المسرح يظهر الانسان العادي، وعندها يكون العالم قد اصبح مهيئا لاستقباله بعد ان قامت الشخصيات الخرافية الاولى بإزالة الفوضى.
في الانجيل لايوجد شئ يذكر عن زوجات قابيل وهابيل، غير ان بقية الاساطير تحتوي الكثير عن الزواج بين الاخوة والاخوات. واغلبها تنطلق من انه في البدء لم يكن هناك إمكانية للاختيار وبالتالي فتحليل الحرام كان امر مقضيا، ولكن اغلب الاساطير تعود لتحرم زواج الاخوة والاخوات، عدا الاشخاص الذين لهم مستويات الالهة.
على الاغلب الالهة ذكور ولكن هناك بعض الاناث وخصوصا ان عملية الخلق الاول تحتاج الى توالد من اجل اسكان الارض الفارغة. الالهة الاناث لم تكن خجولة وضعيفة وخاضعة، لقد كان هناك الكثير من الالهات التي بحثوا عن الجنس وقاموا بالاغتصاب والاغواء بتصرفات لم تختلف عن تصرفات الذكور.
الاساطير ممتلئة بالحيوانات الناطقة ولم يكن الخلاف كبيرا بين ادوار ومستويات الحيوان عن البشر. غير ان الديانة المسيحية والاسلامية تحل القضية بأعطاء التفويض من الله لسيطرة الانسان على الحيوان وتسخير موارد الارض والبيئة لمتتطلباته.
الحية موجودة في الكثير من الاساطير، حيث تكون في قسم منها ممثلة للشر كما في اساطير شعوب الشمال او اساطير المسيحيين والاسلام او تكون ممثلة للبطولة كما لدى شعوب استراليا الاصليين
البعض يعتقد ان الخلق تم بشكل حرفي كما جاء في اساطيرهم الدينية والبعض الاخر يعتقد ان الاساطير الدينية ليست إلا رواية رمزية ادبية لما قدر جرى فعلا. وعند التدقيق وإذا اتبعنا طريقة اتباع الاعجاز بلوي الكلمات لوجدنا ان الكثير من الروايات تتطابق مع اجزاء من الاكتشافات العلمية بشكل لايقل عما وجده اتباع الاعجاز في القرآن.
اساطير الخلق لاتحتاج الى ان تكون كبيرة او شديدة الدقة او مليئة بالتفاصيل الصحيحة، يكفي ان يتوافق احد مفاصلها مع حقيقة ما، للبدء ببناء التلفيقات الضرورية لاستكمال كامل البناء، لتصبح رمزا للاعجاز العلمي. بهذا الشأن اصبح للمسلمين سبق هو السبق الوحيد الذي نجحوا فيه في العصر الحديث.
[/]
تعليق