ولد بيجن جلالي في طهران عام 1927.
وهو ابن أخت
الكاتب الإيراني الكبير صادق هدايت،
درس الفيزياء في جامعة طهران
ثم تابع دراسة العلوم الطبيعية في فرنسا
التي بقي فيها خمس سنوات،
تعمّق خلالها في قراءة
بودلير ومالارميه ورامبو وفاليري وإيلوار،
وقد كانت تجمعه بهذا الأخير علاقةشخصية.

بعد عودته إلى طهران درس الأدب الفرنسي،
يكتب جلالي قصائد
بلغة تلقائية صافية خالية من
البلاغات اللفظية والتعقيدات اللغوية،
لتشكّل في مجملها دائرة من
تمتماتٍ تتناول مواضيع عميقة
تتعلّق بالحياة والموت والطبيعة والوجود.
هو في أشعاره يرصد
المسائل الوجودية الكبرى
ويحاول تبسيطها،
وجعلها ككل حدث عاديّ وعابر في الحياة،
وذلك على العكس من بعض الشعراء المعاصرين
له من أمثال أحمد شاملو
الذي كان يجعل من أشياء بسيطة
مواضيع مهولة.
تُظهر قصائده تأثّراً عميقاً بأفكار
خاله صادق هدايت وحياته، وبانتحاره،
وبعمله الفريد "البومة العمياء"،
فضلاً عن تأثره الكبير
بفلسفات الشرق الأقصى
والشعر العرفاني الفارسي.

توفي في طهران تقريبا في عام 2000،
إثر سكتة دماغية أبقته في غيبوبة شهراً كاملاً،

من دواوينه "الأيّام" 1962،
"قلبنا والعالم" 1965،
"لون المياه" 1971،
"الماء والشمس" 1983،
و"يوميات" 1994.

بعض من اشعاره من ترجمة :
عمار كاظم محمد

القـصائد
1

ابتسامتك
مثل قارب ذهبي
يتهادى في بحر ازرق
ويمر أمام عيني
وأنا فجأة اكتشف جمالك ووحدتي

2

الموت سيأتي
ليغمض أعيننا بيد
وباليد الأخرى
سيلتقط فاكهة الشمس

3

أريد أن أموت
لكن ليس ذلك الموت الذي يتوقف فيه القلب
ويغدو به الجسد باردا
وان أتساوى مع الأرض
أريد أن أموت
لكن ليس لكي لا اسمع صوتا
ولا شمس تشرق فوقي
ولا استطيع النظر
إلى القمر والنجوم
أريد أن أموت موتا غير عادي
موتا مثل تحول الماء إلى بخار
ومثل نثر البذار
مثل شروق الشمس
مثل تحول السماء إلى غيوم
أريد أن أفنى
لأظهر في عالم آخر
عالم لم يتخذ بعد
عالم لم أجربه سابقا
مثل عالم الخيال
فيه كل شيء عادي
سوى الخوف من الفناء
والخوف من العجز
والخوف من الوحدة ....

4

كيف يختار كل غص من الشجرة
مجاله في الفضاء
انه لا يشبه أي غصن آخر

5

الزهرة ...
هي كل شيء
حينما تنظر إليها بتمعن
إنها تبدو، مثل عالم كبير
يبدأ من عندنا
بمفاجأة
من عينيها المشرقتين ...

مجموعة قصائد من ترجمة:
مريم حيدري

1
الموت عندي
واقفٌ أو جالس،
أو يسير
وأنا أتلفّت نحو الشعر
وأراه
واقفاً أو جالساً،
أو يسير مثل الموت
أريد الكلماتِ دخاناً
أو ناراً
ألقيها في الريح
ثم أبكي
حبّاً لها.
2

حصّتي من العالم
كانت ورقة بيضاء
وأنا دُرت عبثا حول نفسي
وحول العالم.

3

لا معنى لأن نقول:
الموت سيأتي ذات يوم
فحين يصل الموت
لن أكون أنا.

4

قططي تتلاشى
سريعا
مثل قصصِ حبّي
ولا يبقى لي منها
سوى الحزن.

5

يد الظلام
تنظر بفضولٍ
في الظلام
منتظرةً عيناً
لا تبكي.
يدُ الظلام
تنادي
عالياً
نجمةً
لا تشعّ.


6

ما أكبر السعادة
حين يهطل الثلج
وتعرف
أن أجساد الطيور
دافئة.

7
عندي كلام
لم أكتبه بعد
لأنه أشدّ بياضا من الأوراق.

مجموعة من القصائد ترجمة :
محمد الأمين

ذكرى رجل
كان وحيدا في أرجاء الأبدية
وكان يرى ان يقظة الشمس واغفاءتها
دليل على حريته وعظمته.
ذكرى رجل مهمل و مجهول منذ سنين وقرون
لم ير الأرض خصماً له.
ذكرى رجل ساهد
يبجّل ذكريات النهار.
ذكرى أعين براقة
لم تشق في الحديقة ستارة الغيم وحجاب المطر.
ذكرى عزلته وبسالته
ذكرى حب حزين وظلاله التي تهيمن
على روحه وجسده مثلما شجيرات غابة كثيفة.
ذكرى صداقة لانهاية لها
ذكرى عطاياها الباذخة
التي دعتني رغم الأسى
أن أبحث في هذا الليل الطويل..
أن أبحث في أبدية الأرض
في أبدية الحديقة
في أبدية البشر
في أبدية الحب والعزلة
عن نهج
وعن معنى لاغفاءة الشمس ويقظتها.

1

حينما سأموت
لن أكون خجلا إزاء العالم
ذلك أنني لن أصطحب معي وردة أو نجمة.
ذلك أنني أعدت للعالم النجوم وأزاهير السماء الزرق.
ولن أتواضع إزاء الموت
فقد تحاورنا أعواما
وقد اصطحبني معه الى أكوام التراب.

2

في الجحيم
ثمة رجال ونساء
ذوو وجوه حقيقية وسلوك واقعي
يتحدثون عن حوادث حقيقية.
في الجحيم ثمة رجال ونساء من جميع ممالك العالم
بعد القاء التحية والسؤال عن احوال بعضهم بعضا
يتحدثون عن عقائدهم.
في الجحيم رجال ونساء يتوادعون بمنتهى الأدب والاحترام
وعلى الأغلب بعبارة :"في أمان الله".
لكنهم حين يحل الظلام
عوضا عن الصمت يفسدون الليل بصراخهم المؤلم
طاردين النوم من أعينهم

3

القصيدة تفصح عن حادثة لم تقع..
لن تقع.
فقط سمعنا عنها القليل
نتذكر منها القليل
فقط أصابنا يأسها.

4

الليل الزلال الأزرق الذي في مياهه الشفافة تلمع الأصداف.
وافتقد بسمتكَ وضيافتك السخية
وأتشبّثُ بأذيال معطفك المترهل.
الذي إن قُّدر لي ان اتدلّى من زرقته
فسوف تسـّـاقط مني الاوجاع
وأغفل الصيف والخريف وأتشبث بكَ،
متحرراً من حكايات حبي الناقصة. ناسياً النساء

مجموعة اخرى من القصائد:
1

كان وحيدا في أرجاء الأبدية
وكان يرى ان يقظة الشمس واغفاءتها
دليل على حريته وعظمته.
ذكرى رجل مهمل ومجهول منذ سنين وقرون
لم ير الأرض خصماً له.
ذكرى رجل ساهد
يبجّل ذكريات النهار.
ذكرى أعين براقة
لم تشق في الحديقة ستارة الغيم وحجاب المطر.
ذكرى عزلته وبسالته
ذكرى حب حزين وظلاله التي تهيمن
على روحه وجسده مثلما شجيرات غابة كثيفة.
ذكرى صداقة لانهاية لها
ذكرى عطاياها الباذخة
التي دعتني رغم الأسى
أن أبحث في هذا الليل الطويل..
أن أبحث في أبدية الأرض
في أبدية الحديقة
في أبدية البشر
في أبدية الحب والعزلة
عن نهج
وعن معنى لاغفاءة الشمس ويقظتها.

2

في الجحيم
ثمة رجال ونساء
ذوو وجوه حقيقية وسلوك واقعي
يتحدثون عن حوادث حقيقية.
في الجحيم ثمة رجال ونساء من جميع ممالك العالم
بعد القاء التحية والسؤال عن احوال بعضهم بعضا
يتحدثون عن عقائدهم.
في الجحيم رجال ونساء يتوادعون بمنتهى الأدب والاحترام
وعلى الأغلب بعبارة :"في أمان الله".
لكنهم حين يحل الظلام
عوضا عن الصمت يفسدون الليل بصراخهم المؤلم
طاردين النوم من أعينهم

3

الليل مثل صديق يطوّقني بين ذراعيه
في عناقه النبيل
أتطلع الى نجمتي الصغيرة وكفاءتي المتواضعة.
الليل مثل حبيبة تستضيفني في سريرها
لأطبق صدري على صدرها
وأراجع ذكرياتها الجميلة بحب وفخر.
الليل مثل تاج أضعه على رأسي
سائراً على ضفاف زاهية
منصتا لأصوات القادمين والراحلين.
الليل جواب مكتمل لأوصال العالم
وأنا مثل ساحر
ينثر في فضاء الكون الهائل بذور الامل واليأس.

4

سنتعاضد ونتكاتف
سنهرول في مرتع النسيان
على جبل الصمت
على بحر الغضب.

5

لن تقع.
فقط سمعنا عنها القليل
نتذكر منها القليل
القصيدة تفصح عن حادثة لم تقع..
فقط أصابنا يأسها.

6

حينما سأموت
لن أكون خجلا إزاء العالم
ذلك أنني لن أصطحب معي وردة أو نجمة.
ذلك أنني أعدت للعالم النجوم وأزاهير السماء الزرق.
ولن أتواضع إزاء الموت
فقد تحاورنا أعواما
وقد اصطحبني معه الى أكوام التراب.

7

أنت يا من حبست نفسك في قفص العالم، الذهبي.
كي أردد لك أغاني عن فراقك المرير.
كي أعشق الكون قفصاً وجنة.

رحلة سريعة محملة بالكثير من الدهشة
مع شاعر منح الأدب الفارسي المعاصر
جرأة ما كانت أن تكون.
شاعر يكتب بصمت وهدوء قصائد لظله.
لكنه بروح متمردة
يدعو كل من حوله
للمبارزة على شرف القصيدة
حسبما جاء في شهادة خاله
الاديب صادق هدايت

يقول الشاعر الإيراني بيجن جلالي
عن مضامين شعره:

«إن هناك حواراً يتواصل في شعري،
مع الله أحيانا،
ومع العالم،
ومع الطبيعة في حين آخر.
تحمل هذه النصوص دائماً وجهاً مشرقاً،
ووجهاً معتماً.
والقاسم المشترك بينها هو ضرب من الفكر.
أي أنها تتحدث عن فكرة
أو تهيّئ لتكوين فكرة لدينا.
لكن هذه الحوارات تبقى غيرَ مكتملة دائماً،
وأظن أنها تخلق حالة من
الانتظار لدى القارئ...
فبعد كلّ مقطع
ينفتح الطريق أمام القارئ
لمواصلة تلك الفكرة.»

طيب الله اوقاتكم
تحياتي