مسافرٌ زاده الخيال ُ
بقلم جابر جعفر الخطاب
على أجنحة الشوق بدأت رحلتي إلى مصر الحبيبة يوم الخامس عشر من أبريل الماضي ..كنت مسافرا أعيش لحظات الخيال الجميلة واستحضر وجه الحبيبة الغالية مصر وهي تنام بين أحضان النيل في غابة الأحلام السعيدة
ففي مطار بغداد الدولي لقيت مصر وهي ترحب بي وتفتح لي قلبها حيث كان مدير محطة مصر للطيران في مطار بغداد يشرف على أمور المسافرين ولما التقيته رحب بي وسألني إن كنت قد زرت مصر سابقا فأخبرته بأني أزورها بعواطفي وقصائدي فقدمت له نسخة من قصيدتي ( أغنية إلى النيل الحبيب ) فشكرني وقال لي بأن الحب ظاهر فيها وتمنى لي رحلة سعيدة وودعني عند مدخل البوابة الطويلة التي تؤدي إلى الطائرة المصرية وأوصاني بالدعاء في المشاعر المقدسة فوعدته خيرا .حلقت الطائرة مودعة سماء العراق منطلقة إلى مصر الحب والحياة وأنا أردد ما قلته في ( أنشودة النصر )
يا مصر أنت على الدوام حبيبتي ....وسناك ِ في وسط الدجى قنديلي
إن نوّرت عند الصباح خميلة ٌ.... .. فنسيم أزهار الصباح رسولي
وبعد لحظات من تحليق الطائرة وزعت علينا الصحف المصرية
فأخذت بعضها وبدأت في تصفحها وبعد الهبوط في مطار القاهرة الدولي تحول الحلم إلى حقيقة فها أنا في أرض الكنانة استطلع الوجوه المحيطة بنا وأحاول الانطلاق مثل عصفور يحاول مغادرة عشه ليحلق في أجواء جديدة لم تألفها أجنحته .
يخفق الشوق بأضلاعي لها .......شوقَ عصفور ٍ إلى الغصن الرطيب ِ
أقلتنا الحافلة من المطار إلى الفندق الذي كان من المقرر أن ننزل فيه واسمه ( انتر كوننتنال ) والواقع في منطقة سياحية جميلة ولكننا فوجئنا بمكان جديد وفي منطقة على حافة الصحراء اسمها المريوطية من محافظة الجيزة واسم الفندق هو ( كراند بروميدوز ) وقريب من شارع الهرم فكانت المنطقة جرداء رغم فخامة الفندق فهو بعيد عن النيل الحبيب وشواطئه الموشحة بشمس الأصيل فكان هذا أول خلاف لنا مع الشركة السياحية التي لم تبر بوعدها لنا . في صباح اليوم الثاني وهو الأحد توجهنا إلى الأهرام وهي قريبة منا فشاهدنا عظمة البناء المصري القديم وعبقرية العقل

الذي شيد هذه الأشكال الهندسية الرائعة التي تتحدى عوامل الزمن وتشهد بعظمة الصبر والجهد الخارق للإنسان في تحديه للصعاب فهذه الأحجار الكبيرة والثقيلة كيف تم جمعها وتحميلها على بعضها في وقت لم تكن وسائل التقنية الحديثة قد ولدت فهذا الإنجاز العظيم شهادة تاريخية على قوة الإرادة وصلابة الموقف فالإرتفاع الشاهق للأهرام الكبيرة صورة ناطقة تعبر عن العمق الحضاري لوادي النيل وشعبه الأصيل وهو يبني للأجيال ملحمة من ملاحم البناء وواحدة من عجائب الدنيا السبع . كانت الأيام الخمسة التي أمضيتها في القاهرة وضواحيها تمثل نافذة مشرعة على الحياة المصرية المتنوعة فقد زرنا المساجد التاريخية في صباح اليوم الثالث وهو الاثنين

فبدأنا بمسجد السيدة نفيسة فكان تحفة في العمارة الإسلامية الرائعة في الهندسة والأقواس وجمالية النقوش التاريخية توجهنا بعده إلى مسجد السيدة زينب وهو كبير في بنائه وسعة قاعاته ولاحظت أن المنطقة التي يقع فيها تشبه إلى حد كبير منطقة باب الشيخ في بغداد حيث يقع جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني وخاصة تجمع الناس البسطاء حوله لا سيما أيام الجمع والأعياد . كانت وجهتنا الأخرى هي مسجد سيدنا الحسين الذي يحتل ركنا كبيرا بأبوابه ومداخله وقاعاته وهو يقع في ساحة كبيرة يقابله من الجهة الأخرى الجامع الأزهر بمبانيه الشامخة حضاريا وتاريخيا ويطل على الشارع العام وفي وسط الساحة وبين البنائين يقع خان الخليلي الذي يتكون من

شارعين عميقين حافلين بأنواع

الأعمال التراثية التاريخية تجولت في هذا المتحف الجميل وتنفست عبق التراث المصري الأصيل واستوقفت نظري لوحة معلقة على باب سوداء تراثية تقول( مقهى نجيب محفوظ ) فكان الباب مغلقا ولا أدري إن كان هذا البناء ملتقى الأديب الراحل نجيب محفوظ أيام حياته الغنية بالعطاء والإبداع . التقطت بعض الصور في الخليلي الذي زينت جوانبه الأعمال الفنية والشعبية المتنوعة فهذه المجسمات تمثل التاريخ المادي للفنون الشعبية المصرية وهي تغني عن قراءة مقالات عدة بمجرد تأملها والنظر إليها ..لقد صادف وجودي في مصر احتفالات شعبية واسعة هي كما اخبروني عنها أعياد شم النسيم فكانت التجمعات الشعبية والشبابية خاصة تنطلق من مختلف المناطق نحو الحدائق وضفاف النهر احتفاءا بهذا الحدث السعيد ولقد أسعدتني هذه المصادفة الجميلة حين يكون سفري إلى الحبيبة مصر مقترنا بأعياد شم النسيم وإذا كان الأشقاء المصريون يشمون نسيما واحدا في هذا العيد فإني كنت أشم أنساما عدة تهب علي في وقت واحد فكنت أشم نسيم المحبة ونسيم الطيبة والإخاء ونسيم الوفاء كل هذه الأنسام العذبة تهب من قلوب أبناء هذا الشعب العريق في أصالته وطيبته وقيمه العالية
شممتُك ِ في أزاهير الصباح ِ ..... فهبّ َ نسيم ُ عطرك ِ بارتياح ِ
ورحت أسابقُ الأطيارَ شوقا ً ..... أليك ِ أطيرُ مصرَ بلا جناح ِ
وفي طريق العودة إلى مقر إقامتنا في الفندق توقفنا على جسر المنيب الذي يربط بين محافظتي الجيزة والقاهرة فتأملنا النيل الحبيب والتقطنا بعض الصور التذكارية تخليدا لهذه الأيام واستذكارا لها في لحظات الشوق والحنين فكنت أتطلع إلى هذا النهر الخالد وهو يسافر في أرض الكنانة محاطا بالحب والحنان فينتابني إحساس عميق بأني مسافر مثله وإليه أحمل في قلبي زاد الحب وأمتع ناظري بصوره الجميلة المعبرة .


كانت خاتمة سفرنا أن نزور الإسكندرية في اليوم الرابع قبيل سفرنا إلى المدينة المنورة لنستمتع بجمال البحر وسواحله المنعشة فكانت حدائق قصر
الملك فاروق غاية في الروعة والجمال وهي تطرز الأرض بوشاح ملون من أنقى الورد وأشهى العطور ولقد أمضينا يوما سعيدا بين هذه الحدائق المترامية الأطراف وبين واجهة البحر الواسعة التي تحيط بهذه الحدائق وتتواصل على طول مدينة الإسكندرية الساحرة عروس البحر وجوهرته الثمينة وها أنا استعد للسفر غدا الأربعاء من مطار القاهرة إلى المدينة المنورة ومنها إلى مكة المكرمة لأداء العمرة والعودة ثانية إلى مطار القاهرة بطريق الترانزيت للنطلق منه إلى بغداد لأحمل معي ارق المشاعر وأحلى لحظات الحياة التي لن تغيب عن ناظري فقد جئت إلى مصر الحبيبة وحقائبي مليئة بالأشواق وعدت منها وهي مليئة بالذكريات .
2017/5/15
بقلم جابر جعفر الخطاب
على أجنحة الشوق بدأت رحلتي إلى مصر الحبيبة يوم الخامس عشر من أبريل الماضي ..كنت مسافرا أعيش لحظات الخيال الجميلة واستحضر وجه الحبيبة الغالية مصر وهي تنام بين أحضان النيل في غابة الأحلام السعيدة
ففي مطار بغداد الدولي لقيت مصر وهي ترحب بي وتفتح لي قلبها حيث كان مدير محطة مصر للطيران في مطار بغداد يشرف على أمور المسافرين ولما التقيته رحب بي وسألني إن كنت قد زرت مصر سابقا فأخبرته بأني أزورها بعواطفي وقصائدي فقدمت له نسخة من قصيدتي ( أغنية إلى النيل الحبيب ) فشكرني وقال لي بأن الحب ظاهر فيها وتمنى لي رحلة سعيدة وودعني عند مدخل البوابة الطويلة التي تؤدي إلى الطائرة المصرية وأوصاني بالدعاء في المشاعر المقدسة فوعدته خيرا .حلقت الطائرة مودعة سماء العراق منطلقة إلى مصر الحب والحياة وأنا أردد ما قلته في ( أنشودة النصر )
يا مصر أنت على الدوام حبيبتي ....وسناك ِ في وسط الدجى قنديلي
إن نوّرت عند الصباح خميلة ٌ.... .. فنسيم أزهار الصباح رسولي
وبعد لحظات من تحليق الطائرة وزعت علينا الصحف المصرية
فأخذت بعضها وبدأت في تصفحها وبعد الهبوط في مطار القاهرة الدولي تحول الحلم إلى حقيقة فها أنا في أرض الكنانة استطلع الوجوه المحيطة بنا وأحاول الانطلاق مثل عصفور يحاول مغادرة عشه ليحلق في أجواء جديدة لم تألفها أجنحته .
يخفق الشوق بأضلاعي لها .......شوقَ عصفور ٍ إلى الغصن الرطيب ِ
أقلتنا الحافلة من المطار إلى الفندق الذي كان من المقرر أن ننزل فيه واسمه ( انتر كوننتنال ) والواقع في منطقة سياحية جميلة ولكننا فوجئنا بمكان جديد وفي منطقة على حافة الصحراء اسمها المريوطية من محافظة الجيزة واسم الفندق هو ( كراند بروميدوز ) وقريب من شارع الهرم فكانت المنطقة جرداء رغم فخامة الفندق فهو بعيد عن النيل الحبيب وشواطئه الموشحة بشمس الأصيل فكان هذا أول خلاف لنا مع الشركة السياحية التي لم تبر بوعدها لنا . في صباح اليوم الثاني وهو الأحد توجهنا إلى الأهرام وهي قريبة منا فشاهدنا عظمة البناء المصري القديم وعبقرية العقل
الذي شيد هذه الأشكال الهندسية الرائعة التي تتحدى عوامل الزمن وتشهد بعظمة الصبر والجهد الخارق للإنسان في تحديه للصعاب فهذه الأحجار الكبيرة والثقيلة كيف تم جمعها وتحميلها على بعضها في وقت لم تكن وسائل التقنية الحديثة قد ولدت فهذا الإنجاز العظيم شهادة تاريخية على قوة الإرادة وصلابة الموقف فالإرتفاع الشاهق للأهرام الكبيرة صورة ناطقة تعبر عن العمق الحضاري لوادي النيل وشعبه الأصيل وهو يبني للأجيال ملحمة من ملاحم البناء وواحدة من عجائب الدنيا السبع . كانت الأيام الخمسة التي أمضيتها في القاهرة وضواحيها تمثل نافذة مشرعة على الحياة المصرية المتنوعة فقد زرنا المساجد التاريخية في صباح اليوم الثالث وهو الاثنين
فبدأنا بمسجد السيدة نفيسة فكان تحفة في العمارة الإسلامية الرائعة في الهندسة والأقواس وجمالية النقوش التاريخية توجهنا بعده إلى مسجد السيدة زينب وهو كبير في بنائه وسعة قاعاته ولاحظت أن المنطقة التي يقع فيها تشبه إلى حد كبير منطقة باب الشيخ في بغداد حيث يقع جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني وخاصة تجمع الناس البسطاء حوله لا سيما أيام الجمع والأعياد . كانت وجهتنا الأخرى هي مسجد سيدنا الحسين الذي يحتل ركنا كبيرا بأبوابه ومداخله وقاعاته وهو يقع في ساحة كبيرة يقابله من الجهة الأخرى الجامع الأزهر بمبانيه الشامخة حضاريا وتاريخيا ويطل على الشارع العام وفي وسط الساحة وبين البنائين يقع خان الخليلي الذي يتكون من
شارعين عميقين حافلين بأنواع
الأعمال التراثية التاريخية تجولت في هذا المتحف الجميل وتنفست عبق التراث المصري الأصيل واستوقفت نظري لوحة معلقة على باب سوداء تراثية تقول( مقهى نجيب محفوظ ) فكان الباب مغلقا ولا أدري إن كان هذا البناء ملتقى الأديب الراحل نجيب محفوظ أيام حياته الغنية بالعطاء والإبداع . التقطت بعض الصور في الخليلي الذي زينت جوانبه الأعمال الفنية والشعبية المتنوعة فهذه المجسمات تمثل التاريخ المادي للفنون الشعبية المصرية وهي تغني عن قراءة مقالات عدة بمجرد تأملها والنظر إليها ..لقد صادف وجودي في مصر احتفالات شعبية واسعة هي كما اخبروني عنها أعياد شم النسيم فكانت التجمعات الشعبية والشبابية خاصة تنطلق من مختلف المناطق نحو الحدائق وضفاف النهر احتفاءا بهذا الحدث السعيد ولقد أسعدتني هذه المصادفة الجميلة حين يكون سفري إلى الحبيبة مصر مقترنا بأعياد شم النسيم وإذا كان الأشقاء المصريون يشمون نسيما واحدا في هذا العيد فإني كنت أشم أنساما عدة تهب علي في وقت واحد فكنت أشم نسيم المحبة ونسيم الطيبة والإخاء ونسيم الوفاء كل هذه الأنسام العذبة تهب من قلوب أبناء هذا الشعب العريق في أصالته وطيبته وقيمه العالية
شممتُك ِ في أزاهير الصباح ِ ..... فهبّ َ نسيم ُ عطرك ِ بارتياح ِ
ورحت أسابقُ الأطيارَ شوقا ً ..... أليك ِ أطيرُ مصرَ بلا جناح ِ
وفي طريق العودة إلى مقر إقامتنا في الفندق توقفنا على جسر المنيب الذي يربط بين محافظتي الجيزة والقاهرة فتأملنا النيل الحبيب والتقطنا بعض الصور التذكارية تخليدا لهذه الأيام واستذكارا لها في لحظات الشوق والحنين فكنت أتطلع إلى هذا النهر الخالد وهو يسافر في أرض الكنانة محاطا بالحب والحنان فينتابني إحساس عميق بأني مسافر مثله وإليه أحمل في قلبي زاد الحب وأمتع ناظري بصوره الجميلة المعبرة .
كانت خاتمة سفرنا أن نزور الإسكندرية في اليوم الرابع قبيل سفرنا إلى المدينة المنورة لنستمتع بجمال البحر وسواحله المنعشة فكانت حدائق قصر
الملك فاروق غاية في الروعة والجمال وهي تطرز الأرض بوشاح ملون من أنقى الورد وأشهى العطور ولقد أمضينا يوما سعيدا بين هذه الحدائق المترامية الأطراف وبين واجهة البحر الواسعة التي تحيط بهذه الحدائق وتتواصل على طول مدينة الإسكندرية الساحرة عروس البحر وجوهرته الثمينة وها أنا استعد للسفر غدا الأربعاء من مطار القاهرة إلى المدينة المنورة ومنها إلى مكة المكرمة لأداء العمرة والعودة ثانية إلى مطار القاهرة بطريق الترانزيت للنطلق منه إلى بغداد لأحمل معي ارق المشاعر وأحلى لحظات الحياة التي لن تغيب عن ناظري فقد جئت إلى مصر الحبيبة وحقائبي مليئة بالأشواق وعدت منها وهي مليئة بالذكريات .
2017/5/15
تعليق