إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كارلوس ليسكانو الكاتب و الآخر

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كارلوس ليسكانو الكاتب و الآخر

    كارلوس ليسكانو الكاتب و الآخر

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    أهل ورد الغاليين

    من المعركة ضد الفوضى يولد الفن
    والأدب بشكل عام هو محاولة لترتيب تجربة الحياة
    التي هي فوضوية .
    اما الكتابة هي أن تبقى موثقا إلى وتد
    في قلب الصحراء وأن تعيش قلقا لا حدود له ...

    الكاتب كارلوس ليسكانو


    من مواليد أورجواي عام 1949
    كان عسكرياً وعضواً في حركة التوبمارو
    و هي حركة تحرر ثورية يسارية
    اعتمدت النضال العسكري وحرب العصابات
    لتحقيق أهدافها بين العامين 1960م و 1970م

  • #2
    بدأ كارلوس ليسكانو

    أحد أشهركتاب

    الاورجواي وأميركا اللاتينية عموما
    الكتابة في السجن
    تجربة حياتية مختلفة خاضها الكاتب
    حيث تعرض للاعتقال حين كان في الجامعة،
    وقضى ثلاثة عشر عاماً
    ذاق خلالها صنوف التعذيب داخل المعتقلات،
    في تلك الأجواء تشكل الكاتب في داخله،
    وهي بالطبع أجواء غير طبيعية،
    لكنه تغلب على تلك الصعاب،
    ونجح في مجال الإبداع،
    حيث قدّم العديد من الروايات
    والأعمال المسرحية والمجموعات الشعرية.
    وتجربته بطبيعة الحال جديرة
    بتأمل واستكشاف الطريق التي سار فيها
    حتى صار واحداً من أبرز أدباء الأورجواي.
    محاولة للغوص في هذه التجربة الثرية
    من خلال قراءة
    لكتابه الكاتب و الاخر
    ترجمت نهى أبو عرقوب
    والذي اجتمعت فيه
    السيرة الذاتية بالأدب والفلسفة
    في مرثية عقلانية، غير درامية بالمرة ..
    يعزفها كارلوس ليسكانو
    المؤلف يقدّم واقعيا في هذا العمل
    ملامح سيرته الذاتية.
    وخاصة تجربة «الإبداع» التي عاشها
    خلال تجربة السجن حيث استيقظ
    الآخر «الكاتب» في أعماقه
    ثم نضوب الإبداع
    و«خفوت جذوة زمن البراءة الأدبية»
    يوم اكتسب حريته حيث وجد نفسه
    «مسؤولا» عن ذلك «الآخر»
    الذي انبثق من أعماقه.

    تعليق


    • #3
      ثمّة فرد هو واحد
      وذات يوم يبتكر كاتباً، ويصبح خادماً له،
      ومنذ تلك اللحظة، يعيش كما لو كان اثنين

      كما يقول كارلوس ليسكانو

      مفسّراً حالة الوقوع تحت جحيم الثنائيّة
      حيث يسير “الآخر/ المبتكَر”
      نحو تحقيق متطلبات الكتابة،
      عكس رغبة ” المبتكِر” بممارسة حياة طبيعية،
      مهدداً بالانسلاخ عن صاحبه دون جدوى،
      حبس المؤلّف نفسه في سجن اللغة
      قاطعاً صلاته بالعالم من حوله حتى فقد
      قدرته على التمتع بملذات الحياة البسيطة.
      ثم ها هو ذا في لحظة معينة لا يستطيع أن
      ينهي كتابة رواية. إنه ينقّح، ويبحث،
      ويشطب، لكن بلا جدوى.
      وأمام رعب بياض الأوراق،
      يستسلم للتفكير في اللحظة الراهنة،
      غارقاً في تأملاته الليلية وذكرياته
      بعبارات بسيطة التركيب، وخالية من الزخرفة.
      وبشفافية البوح الصادق،
      يستعيد العزلة والعذاب ومصارعة الموت،
      متسائلاً عن ماهيّة الكتابة وجدواها
      لديه (كإنسان) ولدى آخره (ككاتب)،
      شارحاً بعض الاستراتيجيات في صراعه
      مع هذا «الآخر»؛
      قرينه الذي يمتلك في الوقت ذاته
      هويّة خاصة غير قابلة للتحول.
      معترفاً أنه لو حذف الساعات التي
      أمضاها في الكتابة،
      وفي التفكير فيما عليّه أن يكتبه،
      وفي تدوين ملاحظات من أجل الكتابة،
      فإنه لن يبقى أي شيء في حياته،
      أي شيء على الإطلاق.
      الكتاب يتألف من «89» فصلا قصيرا
      يكمن الخط الناظم بينها كلها
      في تقديم الكاتب لمعاناته «بلا رتوش»،
      ولما يعيشه من تمزّق ومن شكوك
      على خلفية إدراكه «حدوده» وما يترتب على
      هذا من اعتراف بعدم القدرة على الكتابة،
      ولكن أيضا ما يترتب عليه من «قلق»
      أمام هذه الفكرة. لكن رغم هذه الاعترافات كلها
      عرف كارلوس أن يصوغ من «استحالة الكتابة»
      كتابا عنها وعن حياة المؤلف وعن الفن
      وربما نجح الكاتب في العودة إلى الكتابة الإبداعية،
      من خلال هذا الكتاب،
      فقد أظهر براعة كبيرة في الوصف،
      وتصوير حياة السجن،
      وما بعد السجن من خلال الأيام التي قضاها
      في التمزق والشك وعن الإبداع والإلهام والقلق.
      حيث يوفر هذا الكتاب متعة كبيرة،
      ويشهد على مقدرة المؤلف الإبداعية،
      التي يبدو أنه قد استعادها تماماً
      من خلال سرد شيق، وسيرة ذاتية
      حافلة بالتفاصيل، حشد فيه كل الإمكانات
      التي كانت غائبة في لحظة من حياته.

      وفي المحصلة يتولد لدى قراءة هذا الكتاب
      الإحساس أننا أمام رواية عن الجرأة
      في قول الحقيقة «بلا خجل»
      وعن الإبداع والإلهام والقلق
      هو يفكك كل جوانب الكتابة
      و يعرضها للقارىء و يشرح له عن ماهية
      رحلة الكتابة
      و ماذا تعني لمن يرغب في خوضها ,
      يحدثنا عن السبب الذي دفعه للكتابة
      وكيف أثر سجنه في ذلك
      و كيف باتت الكتابة بالنسبة له
      ضرورية لا غنى عنها ,
      ومن ثم ينطلق الكاتب للتحدث عن الحالات
      التي يمر بها الكاتب وهو يصنع شخصياته
      وافكار كتبه والجهد الهائل الذي يتطلبه الامر
      و كيف تتحول الكتابة أحيانا إلى سجن فكري
      يقع فيه الكاتب بإرادته
      و كيف تحاصره الشخصيات في حياته الخاصة
      لدرجة انه يشعر بالغرابة حتى في منزله ,
      بل داخل عقله , فيتقلب مزاجه
      كما تتقلب أحداث روايته ,
      وهنا يلقي الضوء على الجانب المظلم
      لكون الانسان كاتباً , ومدى الاحباط
      والتأثر النفسي الذي يتعرض له الكاتب
      أمام العجز عن ممارسة ما يحب وعن الغياب
      وهذا كله بالنسبة لإنسان كانت الكتابة هي
      خلاصه وسلاح مقاومته أمام التعذيب والسجن.

      تعليق


      • #4
        بعض المقتطفات من كتاب
        الكاتب و الآخر
        لكارلوس ليسكانو

        من ليلة إلى ليلة , أنتظر أن يحدث شيء
        أعرف أنه لن يحدث , و لكنني إن لم أنتظر
        فلن يحدث بالتأكيد . و بحلول ليلة جديدة
        مماثلة لسابقتها , لم يحدث فيها شيء
        أدرك أن ما حدث حقاً هو أنني
        على مر تلك الساعات اليت مضت قد انتظرت
        و هذا في حدث ذاته شيء ,
        إنه الجسر الذي يسمح بالعبور من ليلة
        إلى أخرى , إذ ثمة ليال أسوأ , ليال بلا انتظار

        -----------------
        قد يكفي أن أتمكن من قول ما هي المشكلة .
        لو كنت أعلم ما المشكلة ,
        لو كان في وسعي أن أصفها ,
        أن أقول : أنا لا استطيع المضي قدما
        لأنني لا اعرف كيف أعالج ذلك .
        لكن المشكلة كلها في أن أعرف
        ما هو ( ذلك ) , ذلك الشيء الذي
        يتركني ساكناً , ساكناً و خارج كل شيء ,
        اياما متتالية , غير قادر على الوصول إلي ,
        أطارد هدفاً غير متحرك لا يسمح لأحد بأن يبلغه

        -----------------
        ليست المشكلة هي الأدب بل الحياة ,
        حياتي , لكي أهرب من التأمل المتواصل ,
        لا سبيل سوى السخرية , و الدعابة ,
        إنها المنطقة الغامضة دوماً , المريبة دوماً ,
        متى نصنع الدعابة ؟
        متى تنتهي الدعابة و يبدأ النفاق ؟
        كيف نجاور بين الدعابة و محاولة التأمل ؟
        إنه لأمر صحي أن تكون أنت
        موضع سخريتك . و لكن إلى أي مدى ,
        و كم من الوقت يمكن أن تحتمل
        هجوم السخرية المسلط عليك بلا هوادة .
        إلى اي مدة يمكن أن تستمر
        في عدم أخذ نفسك على محمل الجد ؟

        ----------------
        كل شيء يبدأ من جديد ,
        لا تعتقد بأي شيء ,
        و إن ظننت أنك قد خلصت إلى شيء ,
        حاول ألا تظهره , أن تمحوه على الفور ,
        ألا تترك أي أثر لوجوده ,
        ألا يعلم أي شخص أنك , ذات يوم ,
        قد خلصت إلى شيء ما على هذا القدر
        او ذاك من الرسوخ , ولو للحظة واحدة

        --------------
        الأمر الوحيد الذي يهم .
        هو أن تعرف ماذا عليك أن تصنع بحياتك ,
        وماذا فعلت بها ,
        الحياة لا تصنع حين تفكر بها بل حين تحياها ,
        ها أنا أسقط في الفخ :
        امتداد مقفر , صمت , لأيام و أيام

        --------------
        مذ كنت في الثانية عشر من عمري ,
        عرفت أنني أريد أن اصبح كاتباً ,
        و إذا صار هذا , لاحقاً , مبتغاي لسنوات عديدة ,
        و إذا لم أعش إلا من أجل أن أبدأ الكتابة يوماً ,
        فإن الأدب لم يعد اليوم نقطة الوصول ,
        و السعادة تنتظري في المستقبل ,
        الأدب اليوم هو الواقع ,
        إذ لا أستطيع أن أفعل شيئاً آخر سوى الكتابة ,
        بطريقة أو بأخرى , أنا أحيا من أجل أن أكتب ,
        فالقضية ليست عجزي عن هجر الكتابة ,
        و إنما لا أملك شيئاً آخر أتعلق به ,
        إن أنا حذفت الساعات التي أمضيها في الكتابة
        و في التفكير فيما علي أن أكتبه ,
        و في تدوين ملاحظات من أجل الكتابة
        – إن طرحت هذه الساعات – فإنه ,
        و دون أي مبالغة , لن يبقى اي شيء
        في حياتي , أي شيء على الاطلاق

        يتبع

        تعليق


        • #5
          ليس الأدب نقطة وصول ,
          وهذا ما لم أكن أعرفه قبل ثلاثين عاماً ,
          لكنني أعرفه الآن , إنه أرض واسعة ,
          مليئة بأماكن خفية لا يدخلها من
          لا يملك شغفاً و التزاماً مطلقين .
          إنك تبلغ أرضاً لا هدفاً .
          تبدأ اكثر المشاكل تعقيداً حين يبلغ
          المرء أرض الأدب ,
          تتقدم باجتهاد , متدثراً بالوهم و البراءة ,
          نحو الأدب , نحو ما تعتقد أنه الأدب ,
          ولكن ماذا يحدث ما إن تصل ؟
          ليس الأدب نقطة بل مكانا ,
          من السهل أن تضيع فيه ,
          من السهل ان تتبع فيه دروباً تفضي إلى لا شيء

          --------------
          إنه لمن اليسير جداً على الكاتب
          أن يخدع نفسه , أن يكذب عليها ,
          الكذب على النفس حالة إنسانية بالطبع ,
          غير أن وعيك بأنك تكذب على نفسك
          لا يجعل الأشياء محتملة أكثر

          ----------------
          أن يكتب المرء , هو أن يروي لنفسه حياة ,
          لأن الحياة التي يحياها لا تروقه ,
          أن يكتب , هو أن يرغب في
          الاختلاف عن الآخرين ,
          أن يؤمن بأنه يمثل شيئاً ما ,
          و أن عنده ما يقوله للآخرين ,
          و هذا ليس صحيحاً , إذ ليس لديه
          أي شيء ليقوله أبداً , عليه أن يسكت
          من البداية حتى النهاية ,
          أن يمضي دون ضجيج ,
          أن يموت دون أن يلحظ أحد ذلك ,
          أن يبقى ممداً في زاوية إلى أن يتحلل كلياً ,
          وللانتهاء من هذه المشكلة ,
          ربما عليه ألا يوجد , ألا يكون قد وجد قط ,
          ألا يكون له أسم و لا بيت
          و لا عائلة ولا وطن , أن يهجر الكلام , ألا يكون

          ------------
          أنا أيضاً موجود , و عندي مشكلات أخرى ,
          و آلام أخرى , و رغبات أخرى
          مختلفة عن رغبات الشخصية ,
          انا أيضاً لي الحق في أن أحيا ,
          في أن أكون , أريد للحظة واحدة
          أن أشفق على نفسي
          و ألا أخجل من منحها هذا التعاطف مهما قل قدره

          -------------
          ليست القضية أن مكانا أفضل من مكان آخر ,
          لا فرق , فأنت تجرجر نفسك
          في كل مكان حاملاً دوما البؤس ذاته ,
          ما كنت أريده , مثل الحيوان , هو أن أعود
          إلى الروائح المألوفة , إلى الأماكن التي
          تتعرف إليها الذاكرة دون أن يكون
          عليك التفكير بها ,
          إلى الأحاديث التي لا تحتاج مرجعياتها
          إلى شرح . أما ما عدا ذلك :
          أن أكون بعيداً جداً و محملاً ببؤسي القديم ,
          فقد سبق و أن عرفته :
          إذ كنت قد سافرت ذات يوم إلى بلد آخر ,
          إلى قارة أخرى , إلى لغة أخرى,
          فقط لكي أكتشف بعد وقت بأنني بقيت أنا ,
          دون شفاء , كنت أعرف أنه ما من مخرج

          -------------
          كنت قد بلغت من العمر ما لا يمكن معه
          أن أؤمن بإمكانية الهرب .
          لكنني عثرت حينها على وهم قديم ,
          و هم العودة , ليس من أجل البحث
          عن شيء جديد , بل من أجل البحث
          عن مرسى معلوم ,
          لأنه ليس ثمة فرق بين الرحيل
          إلى ما هو جديد و بين العودة .
          لأنك في نهاية الرحلة تكون دوماً أنت ذاتك ,
          تنتظر بوجهك ذاته , بحملك ذاته ,
          بأسئلتك ذاتها , الشيء الوحيد الذي يتغير
          هو أنه بعد كل رحلة تكون أكبر سناً و اقل اهتماما

          -------------
          أن تكون : أن تتأمل كينونتك و تعرفك .
          أن ترى نفسك فترى أنك تدعي ,
          أن تعرفك ليس فيمن تريد أن تكونه
          بل في ذلك الذي تدعيه , المضحك ,
          ليس ان تكون من تكون ,
          بل ألا تريد ان تكونه وتتظاهر بأنك غيره ,
          أن تتأملك فتراهما :
          ذلك الذي يدعي و ذلك المدعي ,
          فلا تؤمن بأي منهما ,
          أن تتأملك فلا ترى أياً من الإثنين
          بل ترى المخادع فقط ,
          يعني أنك لا تعرف كيف ترى ,
          يعني أنك لا تعرف أن تكون

          تعليق


          • #6
            السبب الوحيد لعودتي , هنا , إلى مدينتي ,
            لأنه هنا , لا أحد يسألني من أين انا ,
            و ماذا أفعل هنا , هنا أعيش عن ظهر قلب ,
            لست في حاجة لأن أشرح مرجعيات الماضي ,
            أو التاريخ , أو الثقافة ,
            لأنه ماضي أصدقائي و ثقافتهم و تاريخهم

            ---------------
            ما من جديد في المكان الذي عرفته منذ البداية ,
            لكن غيابك عنه زمناً طويلاً يجعلك
            ترى المشهد بطريقة أخرى ,
            ليس أنك تفهمه فهماً أفضل ,
            نحن لا نفهم أي شيء فهماً تاماً أبداً ,
            لكنك ترى ثانية الشيء ذاته
            و قد امسيت شخصاً آخر
            غير ذلك الذي رحل ذات يوم

            --------------
            في لحظات معينة , أشعر أنني لم أفعل
            في حياتي شيئاً غير أن أبداً دوما من جديد ,
            و المشكلة الآن تكمن في أنني لم أعد قادراً
            على بداية جديدة ,
            و هو ما يجب علي فعله مع ذلك ,
            لكنني لا أقوى عليه , و لأنه لم يعد لدي
            الفضول الذي كنت أملكه سابقاً ,
            و لأنه , لفرط ما بدأت من جديد ,
            لم يعد عندي ما أرغب في عيشه
            كي أرويه لنفسي فيما بعد ,
            لأنه من الآن فصاعداً باتت الكتابة
            حملاً ثقيلاً و لم يعد هناك أحد أرغب في أن أكونه

            --------------
            لسنوات عديدة , كنت مسافراً مقيماً ,
            كان رأسي يسافر ,
            بينما أنا مقيد على الدوام بالمكان ذاته ,
            أعتقد أن ذلك عودني على أن أحيا
            في الفكر أكثر منه في الواقع ,
            عندي قابلية كبيرة لأن أكون وحيداً ,
            ليس وحيداً فحسب : بل أن أكون في وحدة ,
            دون الاستماع إلى الموسيقى ,
            دون الرد على الهاتف ,
            دون حتى أن أوجد , ليس الأمر أنني أسعى لذلك ,
            بل هذه هي الحال , في الوحدة ,
            في الصمت و بلا حركة , أكون **

            -------------
            لا يحدث الابتكار دفعة واحدة ,
            و لا ينتهي أبداً , فثمة مراحل ,
            إذ يجب العقول على صوت يروي ,
            و تحديد ما نريد الكتابة عنه ,
            و ما لا نريد الكتابة عنه ,
            يجب أن نختار من يؤثرون فينا,
            و أن نكون مخلصين لهم ,
            كي نحاكيهم , و نتميز عنهم

            ---------------
            الناس يمشون , يتحركون , يتكلمون ,
            يقرع أحدهم جرس منزل , تدخل امرأة شابة ,
            و بين ذراعيها طفلة صغيرة , إنه الواقع ,
            فالعالم , و كل شيء مدفوع بأمل خفي ,
            لسبب ما , إنهم يمضون عبر الزمن واثقين ,
            و معروف , و إن لم يكن مفهوماً ,
            انهم جميعاً يشكلون خيطاً يحكمه نسق ما ,
            و تتمثل الحياة في أن ندخل في هذا النسق
            و هذا الخيط من البشر و الأشياء ,
            لا في التفكر فيهما

            تعليق


            • #7
              أحمق ذلك الذي يعتقد أن طرح أفكاره
              عبر الكتابة يساعده على التفكير ,
              و ذلك الذي يعتقد بالعثور على حل للحياة
              فيما يكتبه الآخرون أحمق هو الآخر ,
              و أحمق أنا الذي على مدى أعوام
              قام بالأمرين معاً ,
              بل و أكثر حماقة بعد لأنني أواصل
              ذلك بعناد , لا أعرف لماذا أنا مسرور
              لما كتبته للتو , و لكن , نعم , أعرف :
              أنا مسرور لأنه لا يحب أن يحسب المرء
              نفسه شيئاً أبداً , يجب أن نحيا و نكابد ألم
              من لا يجد طوق النجاة ,
              و لكن دون أن يحول هذا الألم إلى
              عرض مشهدي , كما أفعل أنا في هذه الصفحات

              ----------------
              حين نبدأ في البحث عن كيفية أن نكون
              أكثر شهرة من غيرنا , نكون قد ابتعدنا
              كثيراً عن البدايات , حين كان الفن وسيلة
              للبحث عن معنى اندهشنا لوجودنا في هذا العالم

              ---------------
              إذا وقع فشل أدبي ما ,
              فإن المشكلة تكمن في عيب وقع عند إبتكار
              الكاتب الذي اردنا أنه نكونه ,
              فالموهبة الأدبية , إن كان ثمة ما يسمى كذلك ,
              تكمن كلها في ابتكار شخصية الكاتب ,
              فالعمل الأدبي ليس سوى نتيجة لهذا الفعل ,
              إذا نجحنا في الابتكار سيكون عندنا
              ايمان راسخ بما نكتبه , و سيكون لدينا
              في كل لحظة الوعي بأننا ننتج أدباً

              ---------------
              أن أكتب , يعني أن أفتح الباب للجنون ,
              و هذا ما لا يجب أن أفعله ,
              الكتابة يجب أن تكون طريقاً
              يوصلنا إلى التأمل النوراني فيجعلنا
              لا نعود بحاجة إلى الكتابة ,
              و حتى لو لم نصل أبداً إلى هذا الحد ,
              علينا أن نتوقف ذات يوم ,
              أن نترك الكلمات في مكانها ,
              أن لا نستمر في الكتابة عن الحياة ,
              بل أن نكرس أنفسنا للحياة حقاً

              -----------
              هذا المساء , كالعادة يدور الحديث فيه عن
              كيفية الحصول على الكثير من المال
              بطريقة سهلة وسريعة ,
              نعرف أن هذه الطريقة لا وجود لها ,
              نحن نحيا بفضل أشياء صغيرة
              لا تجلب لنا الكثير ,
              و لا نجنيها بسهولة أو بسرعة ,
              فتجارة المخدرات الصغيرة و قرصنة
              الاقراص المدمجة و بيع المسروقات ,
              تعود على مضيفي و مدعويه ,
              بما يمكنهم من العيش يوماً بيوم فقط ,
              إنها لا تملأ حياتهم و لا تترك ذكرى
              عند أي منهم , إنها مثل شعري :
              تأتي بالشيء القليل و سرعان ما تنسى

              -------------
              لا ينبغي تأمل الوجود , بل عيشه ,
              فلكي تتأمله , عليك أن تتخلى عنه ,
              و على هذا لن تعيش ,
              إنه لمن المؤلم جداً أن تتخلى عن الحياة
              اعتقادا منك بأن من يقصي نفسه عنها
              هو وحده من يستطيع معرفتها ,
              ربما يكون الحب نقصاً في المعرفة
              أكثر من كونه معرفة مطلقة ,
              ربما يكون الحلقة المفقودة في المعرفة ,
              لان الحب هو التوقف عن تأمل الحياة
              والانخراط فيها بدلا من ذلك ,
              لان لكل حياة سحرها إلى أن يبدأ المرء
              بتأمل نفسه في المرآة .
              لأن السعادة لا تخضع للخطط
              و لا تنال إلا بترك الإرادة تتصرف
              وفقاً لمشيئتها ,
              ذلك أن الجسد يعرف دوما كيف يعثر
              على مكانه ,
              و لأن إرادة السعادة تعرف ما يلائمها

              ------------
              في بعض الاحيان ,
              جعلت رفض الشغف محور حياتي ,
              لكن يجب ألا تتخلى عن الشغف حتى
              و ان كنت لا تعيش من أجله , لانه يبدو ,
              بدلاً من قضاء الوقت في البحث عن
              الفروق السبعة في كل شيء ,
              من الضروري أن تتشبث بالحياة ,
              التي تحمل بذاتها هذا الشغف ,
              لان الشغف هو موقف في وجه المعرفة
              أو يمكن أن يكون كذلك

              -----------
              تتطلب الحياة استقراراً قد تبلغه دون
              مرحلة انتقال أو بعد نضالات طويلة
              ضد الفوضى , ذلك أن الفوضى
              توجد في الروح ,
              و ليس من الاخلاقي أن تستجيب لنداء الفوضى ,
              فأنت لن تصبح برجوازياً صغيراً
              إن استجبت لها , و من المعركة ضد الفوضى
              يولد الفن ,
              إن نمط حياة البرجوازي الصغير المتمثل في
              أن المرء لا يريد أن يفهم نفسه
              ولا يريد أن يفهم شيئاً ,
              يكمن في ان يرفض أن يستسلم لغواية
              الظلمات ليظل بمقدوره اتباع السلوك
              الذي اختاره لنفسه وعده أخلاقياً ,
              تختار سلوكاً , ثم تقر بأنه الوحيد الممكن ,
              في حين أن السلوك الوحيد في الواقع
              الذي يجب الوفاء له إنما يكون في
              الاستجابة إلى نداء الظلمات ,
              من أجل أن تقود فيها صراعك نحو الاستقرار

              -------------
              يجب عليك العودة الى الظلمات ان كنت
              لا تريد ان تصبح ذلك المغرور المقتنع
              بأن العالم على ما يرام

              ------------
              ما الحياة سوى وهم تشكل
              من اوهام صغيرة لا متناهية ,
              من هذيانات صغيرة ,
              من أفكار عصية على التطبيق ,
              من صور , و تناقضات دائمة

              -----------
              يحيا المهاجر , بالضرورة , حياة اجتماعية ضيقة ,
              أكثر فقراً مما هي عليه في بلده ,
              يعرف أناساً أقل , و ليس له ماض في المكان
              الذي يعيش فيه , و عليه من الالتزامات
              الاجتماعية أقل مما عليه في بلده ,
              لكن قليل الحياة الاجتماعية التي يحياها ,
              هي دوما , أشد كثافة , فهو يحاول
              طوال الوقت فهم المرجعيات الثقافية ,
              و الحكايات التي تروى له ,
              التي تعود إلى حقائق و تواريخ و تقاليد يجهلها

              --------------
              الأدب هو محاولة لترتيب تجربة الحياة ,
              التي هي فوضوية , يمنح الكاتب الأشياء مركزاً ,
              مركزها , و يشعر بأنه قد يكون من الممكن
              أن يهزم ذلك الذي , كما يعلم ,
              سيأتي ساعياً في طلبه : الموت ,
              إن هو نجح في إقامة مركزه ,
              سيتملكه الوهم و الغرور معتقداً بأن
              شيئاً منه سوف يبقى حياً بعد موته ,
              و هذا هو الانتصار بعينه أو قد يكون

              -------------
              يتذكر أنه كان في
              التاسعة أو العاشرة من العمر ,
              وأنه كان يلعب كرة القدم مع أطفال آخرين
              في الشارع , فجأة , في منتصف الشوط ,
              توقف عن الانتماء إلى الفريق ,
              صار خارج اللعبة يراقب الآخرين ,
              كان يقيم الآخرين و يقيم نفسه ,
              أن يكون هناك راكضا وراء الكرة ,
              لم يكن لذلك اي معنى ,
              بل و أكثر من ذلك :
              لم يكن يفهم ما يفعله اولئك الأطفال ,
              ما الذي كان يحفزهم , و لماذا ذلك القدر من الحماس **

              --------------
              إننا نولد وحيدين ,
              و كل ما يتلو ذلك نسيان لهذه الحقيقة

              ---------------
              الناس الفريدون هم الذين ليسوا بحاجة
              لأن يفكر بهم الآخرون , أو يكتبوهم ,
              أو يقذفوا في وجوههم بالأسئلة الجوهرية ,
              أي غرور هذا الذي يجعلك تعتقد
              أن باستطاعتك أن تطرح عبر الكتابة أسئلة
              يمكن أن تثير اهتمام أي كان ,
              و حتى لو حدث ذلك ,
              فلن يطلع عليه الآخرون أبداً ,
              لأن الآخرين لا يقرأون ما تكتبه ,
              لانهم ليسوا بحاجة لأن يقرأوك كي يعيشوا ,
              فلا أحد بحاجة , ولم يكن بحاجة ,
              ولن يكون بحاجة أبداً إلى وجودك .

              إنتهى **


              طيب الله اوقاتكم

              تحياتي

              تعليق


              • #8
                الكاتب و الاخر بداخلنا يقبع الاثنان
                و من تكون له الغلبة يظهر و يسيطر
                نرحل عن الأماكن و لكنها تظل عالقة بداخلنا
                نهرب إليها خفية ليعيش الاخر بداخلنا
                لحظات عمر مضى لتستقيم الحياة
                كارلوس ليسكانو كاتب فلسفي يعيش اكثر من آخر
                بطلا لكتاباته
                أماني الجميلة قد يعود الآخر عندي
                مرات و مرات لقراءة موضوعك
                فمن المؤكد اني سوف أكتشف آخر ثالث او رابع
                تسلمي حبيبتي و دام ذوقك الراقِ في الانتقاء

                تعليق


                • #9
                  هالة حبيبتي الفنانة المبدعة
                  نورتي موضوعي بحضورك الراقي
                  شكرا لأنك هنا

                  تعليق


                  • #10
                    كم انك رائعة غاليتى أمانى
                    تحركين ما سكن فى دواخلنا بهذه التقارير الفريدة الممتعة
                    و أظننى وجدت ثمة تواصل مع الاديب كارلوس ليسكانو
                    في أن لكل إنسان ربما سجن ما فإن لم يجد الأخر فى داخله
                    يكون قد القى كل أسلحة مقاومته و أطبقت عليه الجدران من كل جانب
                    و على حد قوله فإن كل شئء يبدأ من جديد
                    يبقى فقط إكتشاف الملاذ الذى بدونه نبقى بدون الأخر المستتر كإنقاذ و عون
                    شكرا لك دمت بكل الخير

                    تعليق


                    • #11
                      ليسكانو بعد حياة شاقة بوالد منتحر و أم متوفاة
                      و حكم بالسجن لعشرين سنة قضى منها 13 سنة
                      لنضاله السياسي و غربة حقيقية لما يزيد عن عقد كامل
                      بدون أخ بدون امرأة بدون صديق بدون حتى جار
                      لا شيء سوى بضعة روايات نالت بعض الشهرة
                      يجلس أمام الطاولة ليكتب عن ليسكانو الكاتب
                      لا ذلك الشخص الذي يعيش حياة مريرة
                      عن الكتابة و آلامها و دوافعها الغامضة و اللامجدية
                      عن رعب الصفحات البيضاء التي تعنّف أفكاره المترددة
                      عن الرغبة في أن تصبح كاتباً على الرغم من إيمانك
                      الشديد بأنك لن تأتي بشيءٍ مميز



                      نص أدبي ممتع
                      سرد ذاتي لكارلوس ليسكانو عن الكتابة و الحياة
                      تسلمى حبيبتى الغالية أمانى على كل ماتقدمينه من روائع الأدب
                      و يسلم ذوقك فى الانتقاء و تقديم كل ما هو متنوع قيم و مفيد
                      لا حرمنا الله مشاركاتك يا الغالية
                      دمتى بكل ود و خير دوما متألقة
                      حبى وتقديرى و احترامى
                      جزاك الله خير الجزاء

                      تعليق

                      مواضيع تهمك

                      تقليص

                      المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-10-2025 الساعة 01:22 AM
                      المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-04-2025 الساعة 12:04 AM
                      المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-21-2025 الساعة 02:38 PM
                      المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: mohamedrabeh الوقت: 06-19-2025 الساعة 11:47 AM
                      المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-15-2025 الساعة 12:57 AM
                      يعمل...
                      X