إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بطلات مسلمات فى صفحات التاريخ الخالده

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بطلات مسلمات فى صفحات التاريخ الخالده

    هذه بعض الصفحات الخالدة
    لبطلات مسلمات
    تركن بصماتهن واضحة
    على كتاب التاريخ المجيد




    خولة بنت الأزور




    خولة بنت الأزور الأسدي: شاعرة كانت من أشجع النساء في عصرها، وتشبه خالد بن الوليد في حملاتها. وهي أخت ضرار ، توفيت أواخر عهد عثمان 35هـ.



    سبق الفارس الملثَّم جيش المسلمين، وفى شجاعة نادرة اخترق صفوف الروم، وأعمل السيف فيهم، فأربك الجنود، وزعزع الصفوف، وتطايرت الرءوس، وسقطت الجثث على الأرض، وتناثرت الأشلاء هنا وهناك، وتعالت الصَّرَخات من الأعداء والتكبيرات من جيش المسلمين.
    ليت شعري من هذا الفارس؟ وأيم اللَّه، إنه لفارس شجاع...كلمات قالها خالد بن الوليد قائد جيش المسلمين في معركة أجنادين عندما لمح الفارس وهو يطيح بسيفه هامات الأعداء، بينما ظن بعض المسلمين أن هذا الفارس لا يكون إلا خالدًا القائد الشجاع.لكن خالدًا قد قرب منهم، فسألوه في تعجب، من هذا الفارس الهُمام؟ فلا يجبهم، فتزداد حيرة المسلمين وخوفهم على هذا الفارس ولكن! ما لبث أن اقترب من جيش المسلمين وعليه آثار الدماء بعد أن قتل كثيرًا من الأعداء، وجعل الرعب يَدُبُّ فى صفوفهم، فصاح خالد والمسلمون: للَّه درُّك من فارس بذل نفسه فى سبيل اللَّه ! اكشف لنا عن لثامك. لكن الفارس لم يستجب لطلبهم، وانزوى بعيدًا عن المسلمين، فذهب إليه خالد وخاطبه قائلا: ويحك لقد شغلتَ قلوب الناس وقلبى لفعلك، من أنت؟ فأجابه: إننى يا أمير لم أُعرِضْ عنك إلا حياءً منك لأنك أمير جليل وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور. فلما علم خالد أنها امرأة سألها -وقد تعجَّب من صنيعها-: وما قصتك؟ فقالت المرأة: علمتُ أن أخى ضرارًا قد وقع أسيرًا فى أيدى الأعداء، فركبتُ وفعلتُ ما فعلتُ.قال خالد: سوف نقاتلهم جميعًا ونرجو اللَّه أن نصل إلى أخيكِ فنفكه من الأسر.
    واشتبك جيش المسلمين مع الأعداء وقتلوا منهم عددًا كبيرًا، وكان النصر للمسلمين، وسارت تلك الفارسة تبحث عن أخيها، وتسأل المسلمين عنه، فلم تجد ما يشفى صدرها ويريح قلبها، فجلست تبكى على أخيها وتقول: "يابن أمى ليت شِعْرِي... فى أية بَيْدَاء طَرَحُوكَ، أم بأى سِنَانٍ طعنوك، أم بالْحُسام قتلوكَ. يا أخى لك الفداء، لو أنى أراك أنقذكَ من أيدى الأعداء، ليت شِعْرِى أترى أنى لا أراك بعدها أبدًا؟
    لقد تركتَ يابن أمى في قلب أختك جمرة لا يخمد لهيبها، ليت شعري، لقد لحقت بأبيك المقتول بين يدَى النبي (، فعليك منى السلام إلى يوم اللقاء. فما إن سمعها الجيش حتى بكوا وبكى خالد بن الوليد.
    وما هى إلا لحظات حتى أتى الخبر بالبشرى بأن أخاها مازال على قيد الحياة، وأن جيش الأعداء قد أرسله إلى ملك الروم مكبَّلا بالأغلال، فأرسل "خالدٌ" "رافعَ بن عميرة" فى مائة من جيش المسلمين ليلحق بالأعداء ويفك أسْرَ أخيها، فما إن سمعتْ بخروج "رافع بن عميرة" حتى أسرعتْ إلى خالد تستأذنه للخروج مع المسلمين لفك أسر أخيها، فذهبتْ معهم حيث أعدوا كمينًا فى الطريق، وما إن مرَّ الأعداء بالأسير حتى هجموا عليهم هجمة رجل، واحد وما لبثوا أن قضوا عليهم وفكوا أسر أخيها وأخذوا أسلحة العدو.
    تلك هي الفارسة الفدائية خولة بنت الأَزْوَر، صحابية جليلة، أَبْلت بلاء حسنًا فى فتوح الشام ومصر. وكانت من أشجع نساء عصرها.
    وتمر الأيام، وتظهر بسالة تلك المرأة، ومدى دفاعها عن الإسلام، ففى موقعة "صجورا" وقعت هي ونسوة معها فى أسر جيش الروم. ولكنها أبت أن تكون عبدة فى جيش الروم، فأخذت تحث أخواتها على الفرار من الأسر، فقامت فيهن قائلة: يا بناتَ حِمْيَر وبقية تبع، أترضين لأنفسكن أن يكون أولادكن عبيدًا لأهل الروم، فأين شجاعتكن وبراعتكن التي تتحدث بها عنكن أحياء العرب؟ وإنى أرى القتل عليكن أهون مما نزل بكُنَّ من خدمة الروم. فألهبت بكلامها حماس النسوة، فأبَيْن إلا القتال والخروج من هذا الذُّل والهوان.
    وقالت لهن: خذوا أعمدة الخيام، واجعلوها أسلحة لكُن، وكنَّ فى حلقة متشابكات الأيدى مترابطات، لعل اللَّه ينصرنا عليهم، فنستريح من معرَّة العرب. فهجمت وهجم معها النسوة على الأعداء وقاتلن قتال الأبطال حتى استطعن الخروج من معسكر الأعداء وتخلصن من الأسر.
    ولم تنته معارك خَوْلة فى بلاد الشام، فقد أُسِرَ أخوها ضرار مرة أخرى فى معركة مرج راهط، فاقتحمت الصفوف من أجله.
    وخاضت مع المسلمين معركة أنطاكية حتى تمَّ النصر فيها للمسلمين، كما اشتركتْ -أيضًا- فى فتح مصر، وغدتْ مفخرة نساء العرب ورجالهم.
    وظلتْ السيدة خَوْلة -رضى الله عنها- على إيمانها وحبها للفداء والتضحية، ودفاعها عن دين الله، ورفْع لواء الإسلام حتى تُوُفِّيتْ فى آخر خلافة عثمان بن عفان -رضى الله عنه-.


    قالت عندما أسر أخوها :
    ألا مخـبـر بـعـــد الــفراق يخبرنـــا *** فمن ذا الذي يا قوم أشغــلكم عنا
    فـلو كـنــت أدري أنـه آخــر اللقـــا *** لكــنا وقفنــا للــوداع وودعنــــا
    ألا يا غـراب البـيـن هـل أنت مخـبري *** فهـل بقــدوم الغائــبين تبشرنـــا
    لقــد كـانـت الأيـام تزهــو لقربــهم *** وكنا بهــم نزهو وكانوا كما كنا
    ألا قاتـل الله الـنـــوى مــا أمــرّه *** وأقبــحه ماذا يريــد الـنوى مــنا
    ذكــرت لـيلـي الجـمــع كـنا سـويـة *** ففـرقنا ريــب الزمـان وشتتــــنا
    لئــن رجعوا يـومـاً إلـى دار عـزهــم *** لثمنــا خفافــاً للمطــايـا وقبلنــــا
    ولـم أنـس إذ قــالوا ضـرار مقيــد *** تركنـاه فــي دار العــدو ويممــنا
    فمـا هـذه الأيـام إلاّ مـعـارة *** وما نحن إلاّ بمـثل لفظ بلا معنى
    أرى القلب لا يختار في الناس غيرهم *** إذا ما ذكرهم ذاكر قلبي المضنى
    سلام على الأحباب في كل ساعة *** وإن بعدوا عنا وإن منعوا منـــــا



    وقالت أيضا :

    أبعد أخي تلذ الغمض عينــي *** فكيف ينام مقروح الجفــــون
    سأبكي ما حييت على شقيـق *** أعز علي من عيني اليميــــن
    فلو أني لحقت به قتيــــلاً *** لهان عليّ إذ هو غير هــــون
    وكنت إلى السلو أرى طريقا *** وأعلق منه بالحبل المتــــــين
    وإنا معشر من مات منــــاً *** فليس يموت موت المستكيـن
    وإنـي إن يقـال مضى ضرار *** لبـاكـية بـمـنـسـجم هــتون
    وقالـوا لـم بكـاك فقـلت مهلاً *** أما أبكي وقد قطعوا وتيني

  • #2
    [IMG][/IMG]

    [IMG][/IMG]

    اخي يوسف و لموضوعك الجميل والمهم

    تعليق


    • #3
      اخي يوسف

      اين نحن من هاتي البطلات لقد صلن وجلن
      في مواقع كثيرة ونحن في مكاننا نتحسر علي ما فات
      شكرا لك

      تعليق


      • #4




        يوسف
        على الموضوع الجميل


        تعليق


        • #5
          السويدي

          اخي يوسف و لموضوعك الجميل والمهم


          العزيز
          السويدي
          ننتظر دائما اطلالاتك الدائمة
          واغناءك لكل المواضيع
          فشكرا لك

          تعليق


          • #6
            هالة
            اخي يوسف

            اين نحن من هاتي البطلات لقد صلن وجلن
            في مواقع كثيرة ونحن في مكاننا نتحسر علي ما فات
            شكرا لك




            شكرا هالة
            على الزيارة
            وأتمنى أن تعود
            أمجاد أمتنا الى ما كانت عليه

            تعليق


            • #7
              ملك

              شكرا لك يوسف
              على الموضوع الجميل



              الشكر لك
              أخي العزيز
              ملك
              على تشجيعاتك الدائمة للجميع

              تعليق


              • #8
                شكرا لك على الموضوع القيم

                تعليق


                • #9
                  اخي يوسف


                  أم عمارة

                  المجاهدة التي دافعت عن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم أحد
                  الصحابية الجليلة التي وصفها الإمام أبو نعيم بقوله :: أمعمارة المبايعة بالعقبة المحاربة عن الرجال والشيبة ، كانت ذات جد واجتهادوصوم ونُسك واعتماد ..
                  وقال عنها الإمام الذهبي :: أم عمارة نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول ..
                  الفاضلة المجاهدة الأنصارية الخزرجية النجارية المازنية المدنية ..
                  كان أخوها عبد الله بن كعب المازني من البدريين ، وكان أخوها عبد الرحمن من البكائين ..
                  شهدت أم عمارة ليلة العقبة ، وشهدت أُحداً ، والحديبية ، ويوم حُنين ، ويوم اليمامة ، وجاهدت وفعلت الأفاعيل ..
                  روي لها أحاديث ،، وقُطعت يدها في الجهاد ..
                  كانتأم عمارة متزوجة من زيد بن عاصم المازني النجاري ، فولدت له عبد اللهوحبيباً ، وصحبا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، ثم خلف عليها غزية بنعمرو المازني النجاري ، فولدت له خولة ، وكان لأولادها وأسرتها شأن كبيرفي الإسلام ..
                  :: أين تلكــ المكارم ::
                  لقد جمع الله لها من المكارم والفضائل الكثير والكثير ..
                  فإذاأردنا أن نتكلم عنها كزوجة فهي الزوجة الوفية التي تعرف حق زوجها .. وإنأردنا أن نصفها كأم فهي الأم الرحيمة الرؤوم .. وإن أردنا أن نتحدث عنعبادتها لله فهي القائمة الذاكرة لله جل وعلا .. وإن أردنا أن نتحدث عنجهادها فهي التي تدافع وتنافح عن النبي صلى الله عليه وسلم ..
                  :: أشرقت شمسها الغالية مع بيعة العقبة الثانية ::
                  لماأشرقت شمس الإسلام على أرض الجزيرة ووجدت قلوباً طاهرة فاستجابت لدعوةالحق التي جاء بها الحبيب صلى الله عليه وسلم من عند ربه عز وجل ، وبعدبيعة العقبة الأولى أرسل الحبيب صلى الله عليه وسلم سفير الدعوة الأولمصعب بن عمير رضي الله عنه ، الذي نجح أيما نجاح في نشر الإسلام وجمعالناس عليه بأسلوبه الهاديء وأخلاقه العطرة وحجته القوية الرحيمة وذكائهالشديد ،، فهو الذي تربى بين يدي الحبيب صلى الله عليه وسلم وتعلم منه كيفتكون الدعوة إلى الله جل وعلا
                  وكانت أم عمارة ممن أسلم على يديه ، فكانت على موعد مع سعادة الدنيا والآخرة ..
                  وفيالعام التالي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة وسبعون رجلاوامرأتان من أجل أن يبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية ..
                  فأما المرأتان :: فالأولى هي ضيفتنا المباركة (( أمعمارة نسيبة بنت كعب )) رضي الله عنها ، والثانية :: أم منيع أسماء بنتعمرو رضي الله عنها ..
                  وتمت تلك البيعة المباركة ، وبايعت أم عمارة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسطرت بذلك على جبين التاريخ صفحة من النور ..
                  أمانة عظيمة
                  وعادتأم عمارة إلى المدينة وهي تحمل أمانة هذا الدين العظيم ، فما إن وصلت إلىالمدينة حتى قامت لتنشر الإسلام بين النساء في المدينة وبين أولادهاوأهلها وقومها ..
                  وهكذا تكون المسلمة التي تعلم أن الدين لن يصل إلى الكون كله إلا بالبذل والتضحية وحمل الأمانة ..
                  مشاهد من جهادها في سبيل الله
                  شهدتأم عمارة عدة مشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي :: بيعة العقبةوأُحد والحديبية وخيبر وعمرة القضية والفتح وحُنين .. وكانت ممن شارك فيحرب المرتدين في يوم اليمامة والقضاء على مسيلمة الكذاب وأعوانه ..
                  وفي هذه المشاهد كانت أم عمارة رضي الله عنها تسجل المواقف الوضاءة واحدا بعد الآخر ، وهي أول مقاتلة في تاريخ الإسلام ..
                  ومنالطريف أنها بايعت النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على النصرة ووفت بهذافي غزوة أحد ، فأحسنت وأجادت ، بل كان لها من المواقف العظيمة يومذاك ماجلعها تنال البشارة بالجنة مع أسرتها كلها ،، فإلى تلك المواقف المباركةالوضاءة نجد فيها مقام الصحابية الكبيرة قرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذلك المقام الذي سبقت فيه كثيرا من الناس ..
                  جهادها في يوم أُحد ... ودفاعها عن النبي صلى الله عليه وسلم
                  لميهدأ بال قريش منذ غشيها في (( بدر )) ما غشيها ، وكان جدَّ من الحوادثبعد لا يزيد أحقادها إلا ضراما ،، فلما استدارت السنة ،، كانت مكة قداستكملت عدتها واجتمع إليها أحلافها من المشركين ، وانضم إليهم كل ناقمعلى الإسلام وأهله ..
                  فخرج الجيش الثائر في عدد يربو على ثلاثة آلاف ..
                  ورأى أبو سفيان قائده أن يستصحب النساء معه ، حى يكون ذلك أبلغ في استماتة الرجال دون أن تصاب حرماتهم وأعراضهم
                  وخرجالمسلمون لملاقاة المشركين وعسكروا بالشِّعب من أُحد في عدوة الوادي ،جاعلين ظهرهم إلى الجبل .. ورسم النبي صلى الله عليه وسلم الخطة لكسبالمعركة ، فجاءت مُحكمة رائعة ،، وزع الرماة على أماكنهم وأمَّر عليهم عبدالله بن جبير ، وكانوا خمسين رجلا ، وقال : انضحوا الخيل عنا بالنبل ، لايأتونا من خلفنا .. إن كانت الدائرة لنا أو علينا فالزموا أماكنكم ، لانؤتين من قِبَلِكم ..
                  وفي رواية قال لهم : احموا ظهورنا إنرأيتمونا نُقتَل فلا تنصرونا ، وإن رأيتمونا نغنم فلا تشركونا ،، واطمأنرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن فرقة الرماة قد أمّنت بهذه الأوامرالمشددة مؤخرة جيشه فأقبل يتعهد مقدمته .. وأمر ألا ينشب قتال إلا بإذنه ..
                  خرجتالأسرة المؤمنة أم عمارة وولديها عبد الله وحبيب وزوجها ، واندفع زوجهاوأولادها يجاهدون في سبيل الله ، بينما ذهبت أم عمارة تسقي العطشى وتضمدالجرحى ، ولكن ظروف المعركة جعلتها تُقبل على مُحاربة المشركين ، وتقفوقفة الأبطال تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هيابة ولا وجلة ،وذلك عندما تفرق الناس من هول ما أصابهم في ذلك اليوم ، عندها أخذت سيفاوترسا ووقفت بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم تقيه بنفسها ..
                  وبدأالقتال الدامي ، وكانت النصرة لجند الله الموحدين ، وبدأ المسلمون في جمعالغنائم ، وإذ بالرماة يتركون مواقعهم هابطين إلى الميدان ، فاغتنمالمشركون الفرصة وجاءوا من الخلف وهجموا على المسلمين وقتلوا عددا كبيرامنهم ، ثم بحثوا عن النبي صلى الله عليه وسلم يريدون قتله ..
                  وهنا اجتمع عدد قليل من أصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم يدافعون عنه وكان على رأسهم أم عمارة رضي الله عنها ..
                  عنعمارة ين غزية قال : قالت أم عمارة : رأيتني ، وانكشف الناس عن رسول اللهصلى الله عليه وسلم ، فما بقي إلا في نفير ما يتمون عشرة ، وأنا وابنايوزوجي بين يديه نذبّ عنه ، والناس يمرون به منهزمين ، ورآني ولا ترس معي ،فرأى رجلا مولياً ومعه ترس ، فقال : ألقِ ترسك إلى مَن يقاتل .. فألقاهفأخذته .. فجعلت أترس به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وإنما فعلبنا الأفاعيل أصحاب الخيل ؛ لو كانوا رجالة مثلنا أصبناهم ، إن شاء الله ..
                  فيُقبِلرجل على فرس فيضربني ، وترَّستُ له ، فلم يصنع شيئا وولى ، فأضرب عرقوبفرسه فوقع على ظهره فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح : يا ابن أم عمارة، أمك .. أمك .. قالت : فعاونني عليه ، حتى أوردته شَعوب (( أي حتى قتلتهوهو اسم من أسماء الموت ))
                  :: الحبيب صلى الله عليه وسلم يشهد لها شهادة عظيمة ::
                  كانضمرة بن سعيد المازني يحدث عن جدته ، وكانت قد شهدت أُحداً ، قالت : سمعترسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير منمقام فلان وفلان ..
                  :: اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة ::
                  بل يدعو النبي صلى الله عليه وسلم لأم عمارة وولدها أن يكونا معه في الجنة.
                  عنالحارث بن عبد الله : سمعت عبد الله بن زيد بن عاصم يقول : شهدت أُحدا ،فلما تفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دنوت منه أنا وأمي نذب عنه، فقال صلى الله عليه وسلم : ابن أم عمارة ؟ قالت : نعم ، قال : إرمِ ،فرميت بين يديه رجلا بحجر ، وهو على فرس ، فأصبت عين الفرس .. فاضطربالفرس ، فوقع هو وصاحبه وجعلت أعلوه بالحجارة والنبي يبتسم .. ونظر إلىجرح أمي على عاتقها ، فقال : أمك أمك ، اعصب جرحها ، اللهم اجعلهم رفقائيفي الجنة ..
                  قلت : ما أبالي ما أصابني من الدنيا ..
                  جراح وأفراح
                  وعادتمن غزوة أحد تحمل آلام الجراح التي أصيبت بها .. وما هي إلا ليلة واحدةقضاها المجاهدون في ديارهم يداوون جراحهم وفي الصباح نادي منادي رسول اللهصلى الله عليه وسلم : إلى حمراء الأسد ، قامت أم عمارة فشدت عليها ثيابهاولكنها ما استطاعت أن تخرج معهم لكثرة الدماء التي تنزف من جسدها الطاهر.
                  وظلت سنة كاملة تعالج الجراح التي أصابتها في غزوة أحد ..
                  ولكنها ما زالت رضي الله عنها تكمل مسيرتها مع الجهاد في سبيل الله تعالى.
                  فلماخرج النبي صلى الله عليه وسلم لغزو بني قريظة كانت أم عمارة رضي الله عنهافي هذه الغزوة المباركة ليعلم الكون كله أن الجراح التي أصابتها في غزوةأحد لم تضعف عزيمتها لأنها تستمد قوتها من إيمانها بالله عز وجل ..
                  :: نالت الرضوان في بيعة الرضوان ::
                  ولماكان عام الحديبية خرجت أم عمارة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلماأرسل الحبيب صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه سفيرا إلىقريش ليؤكد لهم موقفه وأنه ما جاء لحرب أبدا وإنما جاء لأداء العمرة .. وإذا بقريش تحتبس عثمان ، ولعلهم أرادوا أن يتشاوروا معه في الوضع الراهن، وطال الاحتباس ، فشاع بين المسلمين أن عثمان قُتِل ، فقام النبي صلىالله عليه وسلم ودعا أصحابه إلى بيعة الرضوان ، فبايعوه على الموت ، وكانتأم عمارة ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم لتنال الرضوان في بيعةالرضوان ، فقد قال جل وعلا عن الين حضروا تلك البيعة : " لَقَدْ رَضِيَاللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِفَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْوَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا "
                  ولما حلق النبي صلىالله عليه وسلم شعره تسابق أصحابه على شعره صلى الله عليه وسلم وفازت أمعمارة رضي الله عنها ببعض تلك الشعرات واحتفظت بها إلى آخر لحظة في حياتها ..
                  وتتوالى المشاهد
                  وتتوالى مشاهدأم عمارة ، ويتوالى تألقها في كل مشهد تشهده مع رسول الله صلى الله عليهوسلم ، وها هو العام السابع من الهجرة يطل على المسلمين وهم في المدينة ،وها هو الشهر الأول منه شهر المحرم ، وذلك الشهر الذي انطلق خلالهالمسلمون إلى خيبر ليقضوا على وكر الدس والتآمر والفساد بزعامة اليهودهنالك.
                  وأخذت أم عمارة طريقها إلى خيبر مع الجيش الغازي؛ الذي شهد بيعة الرضوان ، حيث أعلن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لماأراد الخروج إلى خيبر ..
                  وأكد أن لا يخرج معه إلا راغب في الجهاد ، فلم يخرج إلا أصحاب الشجرة وهم ألف وأربعمائة ..
                  وعلىأرض خيبر شهدت أم عمارة وشاهدت فروسية أبطال المسلمين وفرسان رسول اللهصلى الله عليه وسلم ، وكيف أعز الله نبيه وأهلك أعداءه ، ثم عادت مع الجيشالمنتصر إلى المدينة لتشهد عمرة القضية ، وتدخل المسجد الحرام مع المؤمنينالموحدين ..
                  وفي يوم حُنين
                  ولما سار الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى غزوة حُنين كانت أم عمارة رضي الله عنها معه تواصل مسيرتها في البذل والعطاء ..
                  وأقبلتالطلائع الغفيرة تتدافع نحو الوادي ، وهي غافلة عما يكمن فيه ، وكانوادياً أجوفاً منحدراً ، ينحط فيه الراكبون كلما أوغلوا كأنهم يسيرون إلىهاوية ..
                  لما تكاثرت في دروبه الفرق الزاحفة ، لم يرعهمإلا وابل من السهام يتساقط فوقهم من المكامن العالية ، وكان غبش الفجر لايزال يترك بقاياه في الجو الغائم ، فارتاعت المقدمة لهذه المفاجأة ، فهيفي عماية من الليل وعماية من أمرها ، لا تعرف إلا أن تستدير ثم توليالأدبار ..
                  وانتشرت موجة الفزع فكسرت الصفوف المرصوصة وبعثرتها ..
                  وانحازرسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين وقد أغضبه هذا الفرار ، فقال : أين أيها الناس ؟ هلموا إلي ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبد الله ..
                  فلا يرد عليه شيء ، وركبت الإبل بعضها بعضا وهي مولية بأصحابها ..
                  وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس :: وكان جهير الصوت :: أن ينادي الصحابة ..
                  قالالعباس : قلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة ؟ قال : فو الله لكأن عطفتهمحين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها فقالوا : يا لبيك يا لبيك ..
                  لقد هداه الحق أن يهتف بأصحاب العقائد ، ورجال الفداء عند الصدام ، فهم وحدهم الذي تنجح بهم الرسالات وتفرج الكروب ..
                  وكانتأم عمارة رضي الله عنها قد ثبتت مع من ثبت في هذا الموقف العصيب ، الذي لايثبت فيه إلا أصحاب العقائد الراسخة ، بل واستطاعت أن تقتل واحداً منفرسان المشركين لتختم رحلة جهادها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
                  المجاهدة أم الشهيد
                  ولقد ضربت أم عمارة رضي الله عنها المثل في كل المكارم ، فكانت عابدة قانتة مجاهدة صابرة على قضاء الله عز وجل .
                  فهاهي تصبر على مقتل ولدها الحبيب (( حبيب )) الذي أرسله النبي صلى الله عليهوسلم إلى مسيلمة الكذاب ، ومع أن الرسل لا تُقتَل ، إلا أن مسيلمة غدر بهوأمر بقتله ..
                  والقصة باختصار كما ذكر أصحاب السير والتراجم فقالوا ::
                  إنمسيلمة الكذاب وَفَدَ مع بني حنيفة على رسول الله صلى الله عليه وسلموخلفوه في رحالهم ، وذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلموا ،ولما رجعوا إلى منازلهم ارتدَّ مسيلمة وزعم أنه نبي مرسل إلى بني حنيفة ،وتبعه بعض قومه بدوافع مضطربة أهمها العصبية ، واستشرى خطر مسيلمة وعاث فيالأرض فساداً
                  وهنا برز الشهيد السعيد الصامد ابن أمعمارة (( حبيب بن زيد )) أحد نجباء مدرسة النبوة ، الذي رضع الإيمان ،وفُطِمَ على التقوى ، وشَبَّ على الجهاد ، وعاش في حجر أمه يتعلم الخير ،وشهد أُحُداً وما بعدها ، فاختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤديرسالة إلى مسيلمة الكذاب يزجره فيها عن ضلاله وكذبه وغيه ، ولم يرع مسيلمةحرمة الرسل ، بل قبض عليه وأوثقه ، فكان مسيلمة إذا قال له : أتشهد أنمحمداً رسول الله ؟ قال : نعم .. وإذا قال له : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : أنا أصم لا أسمع .. فعل ذلك مراراً فقطَّعَهُ مسيلمة عضواً عضواً وماتشهيدا ، وصعدت روحه إلى بارئها راضية مرضية ..
                  وانتشر خبراستشهاد حبيب رضي الله عنه ، ولما بلغ أم عمارة قتل ابنها عاهدَت الله أنتموت دون مسيلمة أو تُقتَل ، ورضيت بقضاء الله وصبرت صبراً جميلاً ، فقدنذرت نفسها وأولادها وما تملك لله سبحانه وتعالى ، لتكون في جنات وعيون ،ويكفيها أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قد دعا لها ولآل بيتهابالبركة والخيرات ، ومات عليه الصلاة والسلام وهو راضٍ عنها وعن أولادها ..
                  جهادها في يوم اليمامة.
                  وبعدوفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم ارتدت بعض قبائل العرب ، فقام أبو بكريرسل الجيوش ليحارب المرتدين ويردهم إلى دين الله عز وجل ، فسارعت أمعمارة لتستأذن أبا بكر في الخروج مع الجيش إلى معركة اليمامة لتواصلمسيرتها في الجهاد ولكي تثأر لابنها حبيب من مسيلمة الكذاب ..
                  وانطلقتأم عمارة تشق الصفوف لتقاتل أعداء الله وكان عمرها قد زاد عن الستين ،وظلت تضرب بسيفها في جيش المرتدين إلى أن أثلج الله صدرها بمقتل مسيلمة فيمعركة اليمامة فرأته مقتولا فسجدت شكراً لله جل وعلا ، ونسيت كل الجراحالتي لحقت بجسدها فقد جُرحَت في يوم اليمامة أحد عشر جُرحاً وقُطِعَت يدها ..
                  وعادت تلكم المجاهدة التي سطرت بجهادها سطوراً من النورعلى جبين التاريخ ،، ولما عادت إلى المدينة كان أبو بكر رضي الله عنهيأتيها يسأل عنها ويطمئن عليها ، فلقد كانت تحتل مكانة عالية في قلوبأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وظلت هكذا حتى آخر لحظة من عمرها ..
                  وحان وقت الرحيل
                  وبعدهذه الرحلة المباركة من العطاء والبذل والجهاد في سبيل الله ، نامت أمعمارة رضي الله عنها على فراش الموت لتخرج من الدنيا بعد أن دخلت التاريخمن أشرف أبوابه وفازت برضوان الحق جل وعلا وفاضت روحها إلى بارئها ..
                  ونسألالله أن يرزق الأمة نساء أمثال (( أم عمارة )) لترفع الأمة راية الجهاد خفاقة عالية وليرجع الأقصى الأسير إلى أيدي المسلمين بإذن الله ..
                  ولاننسى ونحن نودع أم عمارة أن نقرأ قوله جل وعلا : " إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ "

                  تعليق


                  • #10
                    سيد الرسام

                    شكرا لك على الموضوع القيم




                    شكرا لك
                    سيد الرسام
                    على مرورك الكريم
                    نتمنى أن تعم الفائذة الجميع

                    تعليق


                    • #11
                      أخي العزيز
                      السويدي
                      شكرا جزيلا لك
                      على تعريفنا بواحدة من بطلات الاسلام
                      اللواتي ضحين بالغالي والنفيس من أجل
                      اعلاء كلمة الله ونصرة حبيبه المصطفى
                      عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام
                      فعلا أم عمارة صفحة مشرقة على جبهة التاريخ
                      وقدوة كل فتاة مسلمة تطمح للعزة والكرامة
                      وهذه هي الصورة التي نرجو أن نرى عليها
                      أخواتنا وأمهاتنا وجميع بنات المسلمين

                      تعليق


                      • #12
                        أول شهيدة فى الإسلام
                        (سمية بنت خياط)

                        ما كادتْ تسمع بدعوة النبي ( حتى دخلتْ فى دين الله تعالى، فلما راح المشركون يعذبون من آمن، فصبُّوا عليها من عذابهم قسطًا كبيرًا عساها ترتد وترجع، فأبت إلا الإسلام، فقتلوها، فكانت أول شهيدة فى الإسلام.
                        إنها الصحابية الجليلة، سُمَـيّة بنتُ خَـيَّاط، زوجة ياسر، وأم عمار -رضى الله عنهم-.
                        كانت مولاة لأبى حذيفة بن المغيرة المخزومي، وكان ياسر حليفًا لأبى حذيفة، فزّوجه من سمية، فولدت له عَمّارًا، ولما ظهرتْ فى مكة دعوةُ الإسلام سبقتْ إليها سمية وابنها عمار، ثم لحق بهما زوجها. قال مجاهد: أول من أظهر الإسلام بمكة، سبعة: رسول الله، وأبو بكر، وبلال، وخَبَّاب، وصُهَيْب، وعمَّار، وسُمَيَّة.
                        وأخذ أهل مكة يعذبون من أسلم. فقام آل بنى المغيرة بتعذيب سمية؛ لترجع عن دينها، ولكن هيهات هيهات، فالإيمان قد استقر فى قلبها، فلا يزحزحه أى تعذيب أو اضطهاد.
                        وكان ( يمر على المعذبين من المسلمين يوصيهم بالصبر، وكلما مر على سمية وزوجها ياسر، وابنهما عمار، وهم يعذبون العذاب الشديد يقول: "صبرًا آل ياسر، إن موعدكم الجنة" [الطبراني].
                        وإن كان صبر الرجال المسلمين على العذاب الشديد عجيبًا، فأعجب منه أن تصبر عليه امرأة، وصبرها على التمسك بدينها يهون إلى جانبه الصبر على الألم، مهما زاد واشتد.
                        وذات يوم مر عليها أبو جهل فسمعها تردد كلمات الإيمان: أحد. أحد. الله أكبر. الله أكبر. فأمرها أن تكفر بمحمد ( ودينه، فامتنعت، فأخذ حربة فطعنها بها، فسقطت شهيدة، وكانت -رضى الله عنها- كبيرة السن، عظيمة الإيمان، ضعيفة الجسم، قوية اليقين، رمزًا للصمود، وأمارة على قوة العقيدة، فلما كان يوم بدر قتل أبو جهل، فقال النبي ( لعمار: "قتل الله قاتل أمِّك" [ابن سعد].


                        *_*_*_*_*_*_*_*_*


                        ذات النطاقين
                        (أسماء بنت أبى بكر)

                        أسلمت مبكرًا، وعاشت حياتها تنصر الإسلام فى شجاعة وبطولة، وتضرب المثل فى التضحية والفداء، فتقول: لما خرج رسول اللَّه ( أتانا نفر من قريش، منهم أبو جهل عمرو بن هشام، فوقفوا على باب أبى بكر، فخرجت إليهم، فقالوا: أين أبوك يا بنت أبى بكر؟ قلتُ: لا أدرى واللَّه أين أبي، فرفع أبو جهل يده، وكان فاحشًا خبيثًا، فلطم خدِّى لطمة خرَّ منها قُرْطي(نوع من حلى الأذن)، ثم انصرفوا.
                        فمضت ثلاث ليالٍ ما ندرى أين توجّه رسولُ اللَّه ( ، إذ أقبل صوت من أسفل مكة، يغنى بأبيات شعرٍ غنى بها العربُ، وإن الناس ليتبعونه يسمعون صوته ولا يرونه، حتى خرج بأعلى مكة، فقال:
                        جَزَى اللَّـهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِـهِ
                        رَفِيقَـيْنِ قَالا خَـيْمَـتَى أمِّ مَعْــبَـدِ
                        هُمَـا نَزَلا بِالهُـــدَي، فَاهْـَتَـدَتْ بِهِ
                        فَأفْلَحَ مَنْ أمْسَى رَفِيقَ مُحَـمَّــدِ
                        لِيهْنِ بنى كَـعْـبٍ مَـكَانُ فَـتَاتِـهِـمْ
                        وَمَقْعَدُهَـا لِلْمُـؤْمِنِينَ بِمَـرْصَــدِ
                        [ابن هشام].
                        فلما سمعنا قوله - عَرَفْنا حيث وجَّه رسول اللَّه (، وأن وَجْهَهُ إلى المدينة، وكانوا أربعة: رسول اللَّه (، وأبو بكر، وعامر ابن فهيرة مولى أبى بكر، وعبد اللَّه بن أريقط دليلهم.
                        إنها السيدة الفاضلة أسماء بنت أبى بكر الصديق بن أبى قحافة، وأمها قُتيلة بنت عبد العُزّى بن عبد بن أسعد بن نصربن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وأخت عبد اللَّه بن أبى بكر لأبيه وأمه، وأخت عائشة لأبيها، وكانت أَكبر من عائشة فى السن، ووالدة عبد الله بن الزبير، وآخر المهاجرات وفاة.
                        ولدت أسماء قبل الهجرة النبوية بسبع وعشرين سنة. وتزوجت من الزبير بن العوام قبل هجرتها إلى المدينة.. فلما استقر النبي ( وصحبه هاجرت مع زوجها وكانت حاملاً، وفى المدينة، ولدت عبد اللَّه بن الزبير، فكان أول مولود فى الإسلام بالمدينة بعد هجرة المصطفى (، كما ولدت له عروة، والمنذر، والمهاجر، وعاصم، وخديجة الكبري، وأم حسن، وعائشة.
                        وسُميت "ذات النطاقين" لأنه لما تجهز رسول اللَّه للهجرة ومعه أبو بكر الصديق أرادت أن تجهز طعامًا، ولم تجد ما تربطه به، فشقت نطاقها نصفين، نصفًا تربط به الطعام، ونصفًا لها. [البخارى ومسلم وابن هشام].
                        فقال لها رسول اللَّه (: "قد أبدلكِ اللَّه بنطاقكِ هذا نطاقين فى الجنة". فقيل لها: ذات النطاقين.[ابن سعد].
                        وكانت -رضى الله عنها- صامدة صابرة، بعد هجرة أبيها (أبى بكر) إلى المدينة، حسنة التصرف والتدبير، قالت: ولما توجه رسول اللَّه ( من مكة إلى المدينة -ومعه أبوبكر- حمل أبو بكر معه جميع ماله: خمسة آلاف أوستة آلاف، فأتانى جدى أبوقحافة، وقد ذهب بصره، فقال: إن هذا واللَّه قد فجعكم بمالِه مع نَفسه! فقلت: كلا يا أبتِ! قد ترك لنا خيرًا كثيرًا.
                        فعمدتُ إلى أحجار فجعلتهن فى كوة فى البيت - كان أبو بكر يجعل ماله فيها - وغطيت على الأحجار بثوب، ثم جئتُ به، فأخذتُ بيده فوضعتُها على الثوب، فقلتُ: ترك لنا هذا ! فجعل يَجِدُ مسّ الحجارة من وراء الثوب. فقال: لا بأس، إن كان ترك لكم هذا، فقد أحسن، ففى هذا لكم بلاغ. قالت: لا والله ما ترك لنا شيئًا، لكن أردت أن أسكن الشيخ بذلك [أبو نعيم].
                        وكانت تثق فيما عند الله ورسوله، وترتاح إليه، فذات يوم بعثت إلى أختها عائشة -لما أصابها ورم فى رأسها ووجهها-: اذكرى وجعى لرسول اللَّه (، لعل اللَّه يشفيني. فذكرت عائشة لرسول اللَّه ( وجعَ أسماء، فانطلق رسول اللَّه ( حتى دخل على أسماء، فوضع يده على وجهها ورأسها من فوق الثياب. وقال: "اللهم عافها من فحشه وأذاه" [ابن سعد].
                        وكانت -رضى الله عنها- تؤثر رضا الله تعالى، وتجعل دونه كل رضا، فلما جاءتها أمها "قتيلة بنت عبد العزى" -وكانت مشركة- وقدَّمت لها هدايا، فرفضت أن تقبلها، وقالت: لا أقبلها حتى يأذن لى رسول اللَّه (، ولا تدخلى علي. فذكرت ذلك عائشةُ للنبى ( فأنزل اللَّه: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)[الممتحنة: 8].
                        وكانت تقول ما تراه حقًا وما تتمناه صدقًا، مصرحة بذلك من غير إيماء ولا استحياء، فقد حدّث هشام بن عروة عن أبيه، قال: دخلت أنا وعبد اللَّه بن الزبير على أسماء -قبل قتل ابن الزبير بعشر ليالٍ، وأنها وَجِعَة- فقال عبد اللَّه: كيف تجدينك؟ قالت: وجِعَة. قال: إن فى الموت لعافية. قالت: لعلك تشتهى موتي، فلذلك تتمناه، فلا تفعل. فالتفت إلى عبد اللَّه فضحكت، فقالت: واللَّه ما أشتهى أن أموت حتى يأتى على أحد طرفيك: إما أن تُقتل فأحتسبك، وإما أن تظفر فتقرَّ عينى عليك.
                        وإياك أن تُعرضَ على خطة فلا توافق. فتقبلها كراهية الموت. [أبو نعيم وابن إسحاق].
                        وكانت باحثة عن الحق، فإذا وجدته كانت أسرع الناس عملاً به، ومرشدة غيرها إليه؛ حرصًا على عموم النفع والخير، وتوضيحًا لما استشكل من الأمور، فقد دخل عليها عبد اللَّه -بعد أن خذله أنصاره مستيئسين من النصر على الحَجَّاج- فقال لها: يا أماه! ما ترين؟ قد خذلنى الناس، وخذلنى أهل بيتي! فقالت: لايلعَبنَّ بك صبيان بنى أمية. عِشْ كريمًا أو مِتْ كريمًا. فخرج فأسند ظهره إلى الكعبة ومعه نفر يسير، فجعل يقاتل -فى شجاعة- جيش الحجاج.
                        ولما ناداه الحجاج ليقبل الأمان ويدخل فى طاعة أمير المؤمنين، دخل على أمه أسماء، فقال لها: إن هذا - يعنى الحجاج - قد أمَّنني. قالت : يا بني، لا ترضَ الدنية، فإن الموت لابد منه. قال: إنى أخاف أن يمثََّل بي، قالت: يا بنى ما يضير الشاة سلخها بعد ذبحها.
                        عندئذٍ خرج فقاتل قتالاً باسلاً حتى استُشهد! وأقبل عليه الحجاج فحز رأسه، ثم بعث بها إلى عبد الملك بن مروان، وصلبه منكسًا، وعظم الأمر على أمه أسماء - وكان قد ذهب بصرها - فخرجت إلى الحجاج مع بعض جواريها، فلما دخلت عليه قالت: أما آن لهذا الراكب أن ينزل -تقصد ابنها عبد الله-؟ فقال الحجاج: المنافق؟ فقالت: لا واللَّه ماكان منافقًا. سمعتُ رسول اللَّه ( يقول: "يخرج فى ثقيف كذاب ومُبير (قاتل). فأما الكذاب فقد رأيناه -تقصد المختار الثقفي- وأما المبُِير فأنت هو! [الطبراني].
                        ثم جاء كتاب عبد الملك بن مروان بإنزال ابنها من الخشبة ودفعه إلى أهله، فغسلتْه أمه أسماء وطَـيَّـبَـتْـهُ، ثم دفنتْه.
                        وقد روت أسماء الكثير من الأحاديث، وروى عنها أبناؤها وأولادهم، فعن عبد اللَّه بن عروة بن الزبير، قال: قلتُ لجدتى أسماء: كيف كان أصحاب رسول اللَّه ( إذا سمعوا القرآن؟ قالت: تَدْمعُ أعينهم، وتقشعر جلودهم، كما نعتهم اللَّه، قال: قلتُ: فإن ناسًا هاهنا إذا سمع أحدهم القرآن خر مغشيَّا عليه! فقالت: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم.
                        امتد العمر بأسماء حتى بلغت مائة عام، وتُوفِيَت فى سنة 73 هجرية، ولم يسقط لها سن، ولم يُنكر لها عقل! رضى اللَّه عنها.

                        تعليق


                        • #13
                          راكبة البحر
                          أم حرام بنت ملحان

                          قالت: بينما رسول اللَّه ( يزورنا إذ وضع رأسه؛ لينام ساعة القيلولة، فاستيقظ فجأة وهو يبتسم، فقالت: لم تضحك يا رسول الله؟ قال: " ناس من أمتى يركبون البحر الأخضر فى سبيل الله، مثلهم مثل الملوك على الأِسّرة " فقالت: يا رسول الله، ادعُ اللَّه أن يجعلنى منهم . قال: "اللهم اجعلها منهم".ثم عاد فضحك فقالت له مثل ذلك، فقال لها مثل ذلك، فقالت: ادع الله أن يجعلنى منهم. قال: "أنت من الأولين ولست من الآخرين" [البخاري].
                          وقالت: سمعت رسول اللَّه ( يقول: "أول جيش من أمتى يغزون البحر قد أوْجبوا".
                          قالت: يا رسول اللَّه أنا فيهم؟
                          قال: "أنت فيهم". ثم قال النبي (: "أول جيش من أمتى يغزون مدينة قيصر مغفور لهم".
                          فقالت: أنا فيهم يا رسول الله؟
                          قال: "لا" [البخاري].
                          وكانت تلك نبوءة تنبأ بها رسول اللَّه (.
                          إنها أم حرام بنت ملحان الخزرجية الأنصارية، أخت الرُّمَيْصَاء أم سليم -رضى اللَّه عنهما-.
                          تزوجها عمرو بن قيس -رضى الله عنه- فأنجبت له قيسًا وعبدالله، وظلت مع عمرو بن قيس حتى كانت غزوة أحد، فاستشهد عمرو وولده قيس، فتزوجها عبادة بن الصامت -رضى الله عنه- فعاشت فى كنفه مطيعة راضية.
                          وكان لأم حرام شغف بالجهاد فى سبيل اللَّه، وباعٌ طويل فيه؛ فقد خرجت مع زوجها عبادةَ إلى الشام فى جيش كان قائده معاوية ابن أبى سفيان -رضى اللَّه عنه- فلما جاز معاوية بجيشه البحرَ، كانت أم حرام تركب دابة لها، فجالت بها الدابة، فصرعتها وقتلتها، وذلك فى غزوة "قبرص"، وهكذا تحققت نبوءة النبي ( لها.
                          توفيت أم حرام فى خلافة عثمان بن عفان -رضى الله عنه- سنة 28 هجرية، ودفنت فى مكان مَقْتَلِها (بجزيرة قبرص)، وكان الناس كلما مَرّوا بقبرها يقولون: هذا قبر المرأة الصالحة.
                          وروت السيدة أم حرام -رضى الله عنها- بعضًا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.



                          *_*_*_*_*_*_*_*_*



                          المضحية
                          (ليلى بنت أبى حثمة)


                          عرفت حقيقة الإسلام وعظمته، فضحَّت من أجله بكل غالٍ ونفيس. فقد أسلمت وجهها للَّه، وبايعت النبي (، وهاجرت مع زوجها إلى أرض الحبشة الهجرتين الأولى والثانية.
                          ويروى أنها لما أقدمت على الهجرة مع زوجها عبد اللَّه بن عامر ابن ربيعة، وتوجها معًا صوب الجنوب نحو الحبشة، قابلهما عمر بن الخطاب -وذلك قبل أن يُسلم- فقال لهما: إنه الانطلاق يا أم عبداللَّه، فقالت له بلا خوف ولا تردد: نعم واللَّه لنخرجنّ فى أرض اللَّه، آذيتمونا وقهرتمونا؛ حتى يجعل الله لنا مخرجًا. فقال عمر: صحبكم اللَّه، ثم انصرف، فقالت لزوجها: يا أبا عبد الله، لو رأيت عمر آنفًا ورِقَّته وحزنه علينا! قال: أطمعتِ فى إسلامه؟ قالت: نعم، قال: فلا يُسلم الذي رأيت حتى يُسلم حِمَارُ الخطاب [ابن حجر فى الإصابة]! قال أبو عبد الله ذلك؛ لما كان يرى فى عمر وغيره من المشركين من الغلظة تجاه المسلمين الجدد، لكن الله -سبحانه وتعالى- يهدى من يشاء من عباده إلى الإسلام ونوره. وينتزعهم من شِراك الظلمة والكفر، وأسلم عمر بن الخطاب وأصبح يغار على الإسلام والمسلمين وكرَّس حياته فى خدمة هذا الدين. و ذات مرة سمعها رسول اللَّه ( تنادى ابنها عبد اللَّه بن عامر وهو طفل فقالت: هاكَ، تعالَ أعطيك. فقال لها النبي (: "وما أردت أن تعطيه؟". قالت : أُعطيه تمرًا. فقال النبي (: "أما إنك لو لم تعطيه شيئًا كتبت عليك كذبة" [أبو داود وأحمد].
                          وهكذا كان رسول اللَّه ( يعلِّم أصحابه، ولاسيما أمام الأطفال؛ لكى تنشأ عندهم الأخلاق الإسلامية السامية، فأعطى للمرأة درسًا فى معاملة أولادها بالصدق، وهكذا كانت نموذجًا للمسلمة الصادقة مع أولادها.
                          إنها ليلى بنت أبى حثْمَة بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد اللَّه سيدة من نساء الإسلام الخالدات اللاتى تحملن من أجله كل مكروه كى ترتفع رايته، ويسعد بظله كل إنسان على ظهر الأرض لما فيه من نجاة وسعادة، فقد هاجرت ليلى مع زوجها تاركةً دارها ومالها وبلدها، وفضلت ما عند اللَّه على ما عند البشر.

                          تعليق

                          مواضيع تهمك

                          تقليص

                          المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: Reem2Rabeh الوقت: 04-23-2025 الساعة 04:27 PM
                          المنتدى: ضبط وتوكيد الجودة نشرت بواسطة: HeaD Master الوقت: 04-15-2025 الساعة 09:30 AM
                          المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HeaD Master الوقت: 04-11-2025 الساعة 01:08 PM
                          المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: نوال الخطيب الوقت: 03-19-2025 الساعة 03:07 AM
                          المنتدى: الكمبيوتر والإنترنت نشرت بواسطة: عوض السوداني الوقت: 03-18-2025 الساعة 07:22 AM
                          يعمل...
                          X