إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ادب الصداقه و العتاب من خطبه الشيخ سالم العجمى

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ادب الصداقه و العتاب من خطبه الشيخ سالم العجمى

    ادب الصداقه و العتاب من خطبه الشيخ سالم العجمى
    فإن مما يقرب بين القلوب ويذهب الأحقاد و الضغائن :
    العتاب بين الأحبة بالحسنى و باللفظ اللطيف
    و لذلك فقد مدح قوم العتاب فقالوا :
    العتاب حدائق المتحابين و دليل على بقاء المودة
    و قال بعض أهل الأدب : العتاب خير من الحقد
    و لا يكون العتاب إلا على زلة
    فالذي يحمل في قلبه على عشرائه إنما يجمع الأحقاد و يكثرها
    فإذا عاتب صاحبه تبين له ما كان ملتبساً بشبهة
    و اتضح له ما كان يحتمل أكثر من معنى
    و من أجل ذلك قال القائل :

    و في العتاب حياةٌ بين أقوام
    و هو المحك لذي لبس و إيهام

    و يحسن بالمرء إذا أراد أن يعاتب صاحبه
    أن يجعل له طريقا إلى الرجوع و المعاودة
    و ذلك عن طريق التماس العذر
    فلا يغلق عليه الأبواب بعتاب غليظ جاف
    ثم يريده أن يعتذر منه

    ألم تر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
    حين جاءه المتخلفون عن غزوة تبوك
    يعتذرون عن تخلفهم أخذ بظواهرهم
    و قبل اعتذارهم و وكل سريرتهم إلى الله تعالى

    و لما جاء الرجل و أقر عنده بالزنى
    قال صلى الله عليه و سلم : لعلك غمزت لعلك قبلت
    قال أهل العلم : يؤخذ منه تنبيه الحاكمِ الجاني إلى العذر
    و هذا إن لم يتعلق بجرمه حق للآخرين
    فإذا كان ذلك في حكم شرعي و كبيرة من الكبائر
    فكيف بالأمور المستحبة أو المباحات

    و قد كتب رجل إلى صديقه كتاباً أرسله إليه
    و فيه حط عليه فرد عليه الصديق ينبهه إلى تأمُّلِ ما كتبه
    من عتاب غليظ بعد هدوء النفس حتى يرى قوة عباراته
    فقال :

    اقرأ كتابك و اعتبره قريبا
    فكفى بنفسك لي عليك حسيبا
    أكذا يكون خطابُ إخوان الصفا
    إن أرسلوا جعلوا الخطابَ خطوبا
    ما كان عذري إن أجبْتُ بمثله
    أو كنتُ بالعتب العنيف مجيبا
    لكنني خفت انتقاص مودتي
    فيُعَدّ إحساني إليك ذنوبا

    كما أن من الواجب على المرء أنْ لا يعاتبَ في كل شيء
    حتى يكون العتاب له سمة و علامة يُعرَف بها
    فيحط قدره عند إخوانه و يعرف أنه يعاتب على كل شيء
    ويغضب لأي شيء فالمرء كلما استطاع أن يجعل عتابه عزيزاً فليفعل
    حتى إذا عاتب عُرِف أنه لا يعاتب إلا على ما يُستَحق أن يعاتَب عليه
    و ينبغي للعاقل إن عاتب أخاه أو صاحبه أو عشيره أن يتلطف معه
    و لا يسبه فيما عرفه عنه فإن من أخلاق اللؤم عند بعض الناس
    إن غضب على صاحبه بشيء أظهر كل ما يعرفه عنه
    فقطع وصله و أثار ضغينته و لم يُبْق للصلح موضعاً و سبيلاً
    و قد أحسن من قال :

    و أعرض عن أشياءَ لو شئتُ قلتُها
    و لو قلتها لم أبق للصلح موضعا

    فكل منا يرى في الناس ما لا يرى في نفسه
    فلو كان في حال عتابه و مخاصمته لصديقه
    أظهر كل ما في مكنونه هل يأمل
    أن ترجع الصحبة إلى موضعها في يوم من الأيام
    فإن هذا الخلق يعمل به من أراد قطع صلته بصاحبه
    و ليس من أراد تقريبها بعد انفلاتها

    و ليحذر العاقل من العتاب المفضي إلى القطيعة
    فالعاقل يميّز فإن رأى أن هذا الشخص مما يجدي معه العتاب عاتبه
    و إن رأى أن هذا مما يفسد عليه صحبته أحجم عنه
    قال إياس بن معاوية :
    خرجت في سفر و معي رجل من الأعراب
    فلما كان في بعض المناهل لقيه ابن عم له
    فتعانقا و تعاتبا وإلى جانبهما شيخ من الحي فقال لهما :
    أنعما عيشا إن المعاتبة تبعث التجني و التجني يبعث المخاصمة
    و المخاصمة تبعث العداوة و لا خير في شيء ثمرته العداوة
    هذا و إن من الخير للصديق إن رأى من صاحبه شيئاً
    و هو صديق له و يحبه أن يذهب إليه مباشرة ويسأله عما في نفسه
    ولا يجعل بينهما وسيطاً فيظل يكلم الناس و إن كانوا أصدقاء
    و صاحبه أمامه فلا يسأله حتى يبين له وجهة نظره
    لا سيما في هذا الوقت الذي كثر فيه مستشارو السوء و ناقصو المروءة
    فلعلهم يوقعون بينه و بين صديق يحبه و يألفه
    و قد قال عمر رضي الله عنه : إذا رزقك الله مودة امرئ فتشبث به
    هذا و إنَّ تَرْك مصارحة الصاحب لصاحبه فيما يعاتبه به
    مما يزيد التفرق و الشتات و يذهب الألفة
    كما أنه من كتم النصيحة و النبي صلى الله عليه و سلم يقول : الدين النصيحة
    فاعملوا على تنقية القلوب و طهارتها فالقلب صغير و العمر قصير
    فلا نذهبهما بالشحناء و الضغائن فإن منتهى السعادة
    في مراجعة القلب و تزكيته و تطهيره.
    فإن إخوان الصدق هم خير مكاسب الدنيا زينة في الرخاء
    و عدةٌ في الشدة و العاقل هو الذي لا يفرط في اكتسابهم
    فمن رزق بأخ صالح ناصح فليتشبث به و ليجعل المودةَ و الألفة
    خير رباط بينهما ألا ترى أن الله سبحانه امتن على خير القرون
    أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم و ذكرهم نعمته
    بأن جمع قلوبهم على الصفاء و ردها بعد الفرقة إلى الألفة و الإخاء
    فقال تعالى وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً
    فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً
    و من أجل ذلك فقد عرف سلف الأمة و عقلاؤها المتقدمون
    منزلة الأخوة فحثوا عليها وا تخذوها وسيلة لإيناس الوحشة
    و تبديد التفرد و الانعزال قال علي رضي الله عنه :
    الرجل بلا أخ كشمال بلا يمين
    و قال زياد : خير ما اكتسب المرء الإخوان فإنهم معونة على حوادث الزمان
    ونوائب الحدثان و عونٌ في السراء و الضراء
    و قال سليمان بن عبد الملك : أكلت الطيّب و لبست الليّن
    و ركبت الفارِه فلم يبق من لذاتي إلا صديق أطرح معه مؤنة التحفظ
    و على المرء إن اتخذ صديقاً أن يتخذ أخاً عاقلاً رزيناً تزينه صحبته و لا تشينه
    فإن الأصحاب مرآة الأصحاب و المرء يُعرف حاله عند النظر في أقرانه
    قال عبد الله بن المبارك رحمه الله : خير ما أعطي الرجل أخ ناصح يستشيره
    و قيل لابن السماك : أي الأخوان أحق ببقاء المودة
    قال : الوافرُ دينه الوافي عقله الذي لا يملُّك على القرب و لا ينساك على البعد
    إن دنوت منه داناك وإن بعُدْت عنه راعاك و إن استعنت به عضدك
    و إن احتجت إليه أعانك و تكون مودةُ فعله أكثر من مودةِ قوله
    و ليحذر صديق السوء فإنه المهلك المردي فلا يزال بصاحبه
    حتى يوقعه في المهالك
    قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : مثل الجليس السوء كنافخ الكير
    إما أن يحرق ثيابك و إما أن تجد عنده ريحاً خبيثة
    فإن لم يوقع صاحبه في المصائب فإنه لن يسلم من أن يأخذَ سمعته السيئة
    ويُتَّهمَ في دينه و مروءته
    و من رزق بإخوانٍ فليكن اتساع صدره لهم طبيعته و سجيته
    و ليعلم أن من طلب صديقاً لا يزل فقد طلب المحال و رام الوصول
    إلى مرتقى بعيد المنال و قد قيل : من لا يؤاخي إلا من لا عيب فيه ملّ صديقه
    ومن لم يرضَ من صديقه إلا بإيثاره على نفسه دام سخطه
    و من عاتب على كل ذنب ضاع عتبه و كثر تعبه
    و لذا قيل :

    إذا كنت في كل الأمور معاتباً
    صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
    وإن كنت لم تشرب مراراً على القذى
    ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه

    و قد قال بعض أهل العلم :
    إذا رأيت من أخيك أمراً تكرهه أو خلةً لا تحبها فلا تقطعْ حبله
    و لا تصرم وده و لكن داو جُرحَه و استر عورتَه و أبقه و ابرأ من عمله
    و قد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه و سلم وَ اخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
    فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بريء مِّمَّا تَعْمَلُونَ
    فلم يأمره بقطعهم و إنما بالبراءة من عملهم السيئ
    هذا و اعلموا أن من طمع باستكمال الأجر فليحب صاحبه لصلاحه و قربه من ربّه
    لا لطمع في دنيا فمن أحبه لذلك فقد استكمل الإيمان
    قال صلى الله عليه و سلم : أوثق عرى الإيمان : الحب في الله و البغض في الله
    و ليعلم المسلم أن أقرب الصاحبين إلى الله أشدهما حباً للآخر في الله
    قال صلى الله عليه و سلم : ما تحاب اثنان في الله إلا كان أفضلهما عند الله
    أشدهما حباً لصاحبه

    وهي خطبة للشيخ سالم العجمي حفظه الله

  • #2
    الغالى هاشم

    نصائح ذهبيه فى ادب الصداقه و المعاتبه
    ما احوجنا اليها و قد تعودنا في هذا الزمن
    على التشبث بمواقفنا لا نترك بابا للود الا و اوصدناه
    و احكمنا اغلاقه و كأننا لانترك حيزا و لا بصيصا لضوء
    ينير لاصدقائنا طريق العوده

    شكرا لك

    تعليق

    مواضيع تهمك

    تقليص

    المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: Reem2Rabeh الوقت: 04-23-2025 الساعة 04:27 PM
    المنتدى: ضبط وتوكيد الجودة نشرت بواسطة: HeaD Master الوقت: 04-15-2025 الساعة 09:30 AM
    المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HeaD Master الوقت: 04-11-2025 الساعة 01:08 PM
    المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: نوال الخطيب الوقت: 03-19-2025 الساعة 03:07 AM
    المنتدى: الكمبيوتر والإنترنت نشرت بواسطة: عوض السوداني الوقت: 03-18-2025 الساعة 07:22 AM
    يعمل...
    X