العدل لا تمطره السماء من البحر الوافر
قصيدة شعرية من البحر الوافر
بقلم أحمد ابن الصديق
مغربي الميلاد 1961 بفاس
متزوج و أب لبنت و ولد
حصل على الباكالوريا شعبة الرياضيات 1979
و انتقل لباريس قضى سنتين من الدراسات الرياضية العليا و الخاصة
ثم دخل المدرسة المركزية بباريس لتكوين المهندسين
العدل لا تمطرُه السَّماءُ و الجور قد يرفعُه الدعاءُ
و الظلم لا يغالبه نحيبٌ و الحق لا يناصره البكاءُ
فلا تركع لغير الله يوماً فخلق الله أصلهمُ سواءُ
و لا تجزع في الشدائد أو تُداهنْ و كُن جَلداً و لو غلب العياءُ
لئنْ ترضخ مُهانا خوفَ بطشٍ فنفس الحُرِّ يجرحُها انحناءُ
و بطشُ الله ليس له مردٌّ و بطش العبدِ أقصاهُ انتهاءُ
و حكمُ الظلم ليس له دوامٌ و حكم الحق شيمتُه البقاءُ
و غمضُ العين عن شرّ ضلالٌ و غضّ الطرف عن جورٍ غباءُ
فجاهِر بقول الحقِّ و اصْبِرْ و عند الله فـي ذاك الجزاءُ
بِقولِ الصدقِ أوصى أتقـياءٌ بقول الصدق أوصى أنبياءُ
و لا تخذلْ ضعيفا أو غريباً و عندك قدرةٌ و له رجــاءُ
لئنْ تبخلْ بمال أو بعـلمٍ فطبْعُ الأكرَمين هو السّـخاءُ
و إنْ تبذلْ بقرشٍ عزَّ نفسٍ فعِزّ النفس سومته غلاءُ
و يمدحُ مادحٌ قومًا لكسبٍ و مِلءُ فؤادِه لهُـمُ هـجاءُ
و لو نطقَ النفاقُ بحرفِ رُشدٍ فقد لا يُعوزُ الغـيَّ الذّكاءُ
و إن لبسَ الظلامُ لَبُوسَ ضوءٍ فإن الفسقَ ليس له حياءُ
و قد يبدو الخطيبُ وعاءَ عـلمٍ و كلّ كلامه عسلٌ صفاءُ
فتحسبه أبرَّ الناس لكنْ إلى الإخلاص ليس له انتماءُ
و إنَّ فساده من شرِّ جِنسٍ وقد عَلِقتْ بذِمّته دِماءُ
و إنَّ الأمنَ كلَّ الأمنِ عدلٌ يلاذ بظلّه و به احتماءُ
و رمز القسط قاضٍ قد تساوَى ذَوُو ضعـفٍ لديهِ و أقوياءُ
وعينُ القسط ميزانٌ تساوَى أخو فقرٍ لديهِ وأغـنياءُ
فإن صلُحَ القضاء فـنمْ قريراً وإنْ فسدَ القضاء فما العزاءُ
وإن وَهَنَ القضاةُ طغى طغاةٌ سلاحهُمُ الخراب والاعـتداءُ
إذا ما الــرياءُ فـَـــشَا بــشعبٍ وأوشـك أنْ تُعاقـبه السمــاءُ
وأضـحى للمظاهر ألـفُ شأنٍ وغاب عن الجواهرِ الاعتناءُ
وأعدِمَتِ المروءةُ ليت شعري يُــشــيِّـعـها لمَـرقــدهـا رثـاءُ
وصاح الـجهل يعلو كل صوتٍ كدأبِ الــسَّـيلُ يعـلـوه الغـثاءُ
ونــُظـِّـم للسـفـاهةِ مهـرجـانٌ لـتعـبثَ بالأنـامِ كـما تــشــاءُ
وأمسى لِلِّــئام بهـم ضجـيـجٌ وأسْـنِـدَ للــقـراصنة اللِّـــواءُ
وطأطأت الرؤوس لهُمْ وهانتْ كـحال الليث ترْهَـبُه الظـِّبـاءُ
هلـمّوا ارتَعوا وارْعَوْا هـنيـئاً فعُـشـبُكم الـتَّـفاهة والهُـراءُ
وتيهوا في الهضاب وفي الروابي تُرافـقـكـم بَهـائِـمُـكمْ و شَـاءُ
ولا تسألوا عن أشياءَ أنــتــمْ لضُعفِ عُقولِكم مـنها بــراءُ
فمنْ يُزعِجْ يكنْ للسوطِ أهلاً ومَن يرضخْ يُصانُ ولا يُساءُ
و إنَّ سيوفـنا لتحِنّ شوقاً لكسر عنادكم و لها مَضاءُ
فأفضَلكُمْ لأبسطِـنا خديمٌ و أشرفكُمْ لأحقرنا فِـداءُ
لنـا الدنـيـا و زيـنـتـها وأنتـمْ سعـادتـكمْ شقـاوتــكـمْ سواءُ
لنـا الدنـيـا و زهرتـها وفزتمْ بجـنّـتـكـم فــنِعْـمَ الاكْــتـفـاءُ
فــلو شـبَّت لفرط الغـشِّ نـارٌ فلـن تُـجـدي لتخـمـدها دلاءُ
أوِ ِانهارت سقوفٌ فوقَ جَمعٍ فـدونـكمُ التـضرّعُ والدعــاءُ
دعُـونا من محاسبةٍ دعـونـا فتـلك خـُرافـة وَهْـــمٌ هــبـاءُ
دعُـونا من مساءلةٍ دعـونـا أصَـوْتكُـمُ نهـيـقٌ أم ثـُـغـــاءُ؟
ضمائـرنا تُـقايَضُ في مَـزادٍ فـبـيـعٌ أو رهــانٌ أو كـــراءُ
وفي ترفِ القصورِ لنا مجونٌ وفي حُضن الغواية الارتماءُ
تـداعبـنا الكواعبُ إن سهرنَا ويُـطـربـُنا إذا شِـئـنا غــنــاءُ
ونوغِــلُ في المآدب دون حَدٍّ ويـسعــِدنا نـديمٌ و احـتـسـاءُ
وفـي بذخ الثـراء لـنا نعــيــمٌ وفي دِفْءِ الحصانةِ الارتشاءُ
وأمـــوالٌ تُـــبـدِّدُها طـقــوسٌ وأعـــرافٌ تجــاوزهـا البِلاءُ
وقـيـل محاسنُ الأخلاق وهْمٌ وأذعنتِ الرقابُ لمنْ أساؤوا
لأقـزامٍ إذا دَهـمــتْ خـطــوبٌ عـمالـقـةٍ إذاُ وُضِـعَ الشـِّـواءُ
فلا تحزَنْ ولا يـغلـِبْــكَ يـــأسٌ وقمْ أصـلحْ ولو طـفـحَ الإناءُ
وقمْ أصلِح ولو مقدارَ شـِسْـعٍ وهل يُـجدي بلا شِسْـعٍ حذاءُ؟
ولا تحقِرْ من المعروف شيئاً وبالأجـزاء يكـتـمـــلُ الـبناءُ
ولو تخلـُد لزُهــدٍ طـــولَ دهــرٍ فلن يصنعَ التـاريخَ انـزواءُ
ولـن يـُـنجـزَ التجـديـدَ عـقـــلٌ طبيعـته الخُمولُ و الارتخاءُ
وعـند تلاحق الأحـداث ساهِمْ وكنْ سَمحًا إذا احْتَدمَ المِراءُ
فإن تسلُكْ دروب العنف جهلاً تلاقـيـك الضَّغــينة و العــداءُ
وعنفُ اللفـظ إذ يدمي جراحـاً فـحاذِر وَقـْــعَــه فهُـو الوبـاءُ
وفـي قِـيَمِ الجـمال فـلا تُفـرِّطْ فإنَّ الـرِّوحَ ينعـشها الـنقـاءُ
وكُنْ ضيفَ الروائع والقوافي فنِعمَ المُضيف ونِعـمَ القِـراءُ
وسلّح بالعلومِ بَنيـك واسمـعْ صدى صـوتٍ يُـردّده حِـراءُ
نـداءٌ يَـمـلأ الدّنـيـا إلـى مَـنْ مَطـيَّته البُراقُ و القَـصْواءُ
فـأمـسِـك بكـلِّ مِـنهجِـه وإلاَّ تَقاذفـُك الشكـوك والأهـواءُ
وعن سِحر البيانِ فلا تَسَلني ومن غيثِ البلاغةِ الارتواءُ
وفي يمِّ المعارفِ غُصْ ونقِّبْ فـلــمْ يُدرَك بـلا عِـلـمٍ نـمـاءُ
وأما الـبـرلمانُ فــلا تـراهــنْ عليه ولا يداعبْك انـتـشـــاءُ
فراغٌ في مقاعده و هزلٌ و تضييعٌ للأمانةِ و افتراءُ
هنا حزبٌ يغالبه سباتٌ هنا حزبٌ فضائحه عراءُ
و أحزابٌ سينهِـكُها نزيفٌ كما جحدتْ جدودها أبـناءُ
و أحزابٌ قيادتها احتكارٌ فأين الإنتخابُ والاصطـفاءُ
وأحلافٌ قد اهترأت وشاختْ و لم يُسعِفْ تجعّـدها طـلاءُ
و أشباحٌ عن الجلسات غابوا و يوم تَقاسُمِ الأموال جاؤوا
و أحبابٌ يمزقهم نزاعٌ و أشتاتٌ يرقعها لقاءُ
فلا ندري يسارٌ أم يمينٌ و لا ندري أمامٌ أم وراءُ
و لا ندري عدوّ أم صديقٌ و كم دورٍ تَقمّصتْ حِرباءُ
وإن نكث اليسارُ يمينَ عهـدٍ فقد لا يحفظ المسكَ الوعاءُ
وقد هتفَ اليمينُ أتيتُ ركضاً على ظهر اليسار ليَ امتطاءُ
وبعضُ عزائمِ الزعَماءِ صخرٌ و بعض عزائم الزعَماءِ ماءُ
وبعض مواقف الأمواتِ حيٌ وأحياءٌ بموتِهمُ احتفاءُ
وإنْ تبحَثْ عن العُقلاء تَتْعَبْ ويعصِفُ بالتفاؤلِ الاستـياءُ
يـطالعُـك الخطابُ بألفِ وعدٍ وحين الحسمِ ينكشف الغطاءُ
فتسألُ أين وعْدُكمُ أجيبوا يُجيبُك الاضطراب و الالتواءُ
و تسألُ هل لذِمّتكم وفاءٌ يُجيبك مَن سألتَ و ما الوفاءُ
و تسألُ أنتَ تسْخرُ من ذكائي يُجيبك يا مُغـفـلُ ما الذكاءُ
و تسألُ قد سمعتَ فلا تُراوغ يُجيـبك قدْ جـفانيَ الإصغـاءُ
و تسألُ مَنْ بأيديهمْ قرارٌ يجيـبك قد تعذر الإنباءُ
و تسألُ و الكرامة ُيا صديقي يُجيبُك لمْ يعُد لي أصدقاءُ
فتمضي حائرًا يا ويح قومي ما هذا السّقام و ما الوقاء
أ وَقـرٌ عَـطـَّل الأسـماعَ مِنّا و رَان على بصائرنا غِـشاءُ
أًصُفِّدتِ المفاهمُ في قيودٍ ولم يكفِ الخديعةَ الاستلاءُ
لئنْ تهجرْ معاجِمَها المعاني فلن يَـبـقى لأقـلامٍ غِذاءُ
و ما ذنبُ الحداثة أثخنوها و هل يُخفِي الجريمةَ الاختفاءُ
و هل سَلْب الإرادةِ صار فرضاً و خلف السِّترِ يَقـبعُ أذكياءُ
و ما حَسْبُ المبادئ من جحودٍ و هل قَدَرُ القواعد الازدراءُ
وإنْ تلُمِ المواطنَ عن عزوفٍ فقد قُطِعَتْ مع النخبِ الرِّشاءُ
و إن أجهـضوا الآمال غدراً فغدرهُمُ سيُجهضه الإباءُ
و عهدُ المخلصين يبَرّ دوما وعهد المكر يُخطِئه الوفاءُ
و كلّ عليلة تُشفى بطِبٍّ و حبّ المال ليسَ له شفاءُ
تبايعُهُ القلوب و لا تُبالي لسلطـته عبيدٌ أو إماءُ
و عشقُ الحُكم إذ يـُطغِي رجالاً إذن تسعى لتأسرهم نساءُ
وذو الكبْر لا يُصغي لنصحٍ و ذو العُجبِ يزعجه النداءُ
و من يضجرْ بهَمس النقدِ تيهاً و تغريه البطانة والثناءُ
يقول أنا الكمال أنا الثريَّا و من قبَسي مَعالمكم تـُضاءُ
و أفضالي تنوءُ بها مُتونٌ و لا يُطيقُ شمائلي الإحصاءُ
فيصبح هائماً بالمدح عبدًا و يَغلبه التضايقُ و الجفاءُ
يبرِّئُ نفسهُ من كلِّ عيب وأعظـم عيبه ذاك البراءُ
فإن مناقب العظماءِ حِلمٌ وَ أخْذ بالمشورةِ و اهتداءُ
و خيرُ طبائع الحكماءِ رفقٌ و سَمْتُهُمُ التواضع و الحياءُ
و حَقل الفكر بالأضدادِ ينمو قوامُ نشاطه نَعَـمٌ ولاءُ
و إن تعَـدّدَ الأقوال فضلٌ و كسبٌ للجماعة و اغـتناءُ
و ما نجحتْ أُممٌ سوى بصدرٍ فسيحٍ و قد أُقـْصِيَ الإقصاءُ
فلا تُلبِسْ لذي عـلمٍ لجاماً فما ضاقت بأنجُمها سماءُ
و لا تفرضْ على صُحفٍ رقيباً فإن رقابة الآراء داءُ
و لو تسلَّلَ للإعلام رهْـٌط بـضاعته السخافة و الغباءُ
فلا تذهلْ إذا صادفت جسماً و داخلُ عقـله قَفرٌ خلاءُ
لعلَّ رسالة الإعلام نبلٌ و وعي بالحضارة و ارتقاءُ
وشأن الدهر يسرٌ بعـد عُسرٍ ورغد العيش يتلوه ابتلاءُ
تحاصرُك الشدائد ذاتُ بأسٍ ويُفرجها إذا انفضَّت رَخاءُ
و يبصرُكَ الصباحُ عزيزَ قـومٍ و يسخَرُ من مذلتك المساءُ
و يلقاك المصيفُ أنيسَ صَحْبٍ فهل يأسى لوحشـتك الشتاءُ
و كنتَ مؤازَراً بأخ و أختٍ فلم يُعجِزِ الحَتفَ الإخاءُ
و إن تعجبْ فيَا عجباً لِميمٍ تستّر خلفَها واوٌ وتاءُ
و إن تسألْ فما أنباءُ باءٍ تحلّـَق حولها قافٌ وراءُ
فإنْ يكنِ الحرير كساءَ عُمْرٍ فيومَ الحشر يُعوزك الكساءُ
و إنْ تلبَسْ لعيشك ألف نعلٍ فيوم الفصلِ يُدميك الحفاءُ
و يومُ الفصل ما أدراك يومٌ حرامٌ يَنفعُ الجاني دهاءُ
و سُعِّرتِ الجحيمُ لها لهيبٌ و أزلِفتِ الجِنانُ لهـا بهاءُ
فإن تتبعْ خطى الشيطان تندمْ تعشْ ضنكاً و يرهِقـْك العماءُ
و إن تلزمْ هُدى الرحمان تَسعدْ فرضوانٌ وفردوسٌ عطاءُ
و مَنْ يَلجَأ لنور الله يُفلِحْ و نور الله ليس له انطفاءُ
و أختمُ رافعـاً كفـِّي إلى مَنْ على عرش الجلال له استواءُ
فكلُّ بدائع الأكوان آيٌ تسبِّحُ حمدهُ و له الولاءُ
قصيدة شعرية من البحر الوافر
بقلم أحمد ابن الصديق
مغربي الميلاد 1961 بفاس
متزوج و أب لبنت و ولد
حصل على الباكالوريا شعبة الرياضيات 1979
و انتقل لباريس قضى سنتين من الدراسات الرياضية العليا و الخاصة
ثم دخل المدرسة المركزية بباريس لتكوين المهندسين
العدل لا تمطرُه السَّماءُ و الجور قد يرفعُه الدعاءُ
و الظلم لا يغالبه نحيبٌ و الحق لا يناصره البكاءُ
فلا تركع لغير الله يوماً فخلق الله أصلهمُ سواءُ
و لا تجزع في الشدائد أو تُداهنْ و كُن جَلداً و لو غلب العياءُ
لئنْ ترضخ مُهانا خوفَ بطشٍ فنفس الحُرِّ يجرحُها انحناءُ
و بطشُ الله ليس له مردٌّ و بطش العبدِ أقصاهُ انتهاءُ
و حكمُ الظلم ليس له دوامٌ و حكم الحق شيمتُه البقاءُ
و غمضُ العين عن شرّ ضلالٌ و غضّ الطرف عن جورٍ غباءُ
فجاهِر بقول الحقِّ و اصْبِرْ و عند الله فـي ذاك الجزاءُ
بِقولِ الصدقِ أوصى أتقـياءٌ بقول الصدق أوصى أنبياءُ
و لا تخذلْ ضعيفا أو غريباً و عندك قدرةٌ و له رجــاءُ
لئنْ تبخلْ بمال أو بعـلمٍ فطبْعُ الأكرَمين هو السّـخاءُ
و إنْ تبذلْ بقرشٍ عزَّ نفسٍ فعِزّ النفس سومته غلاءُ
و يمدحُ مادحٌ قومًا لكسبٍ و مِلءُ فؤادِه لهُـمُ هـجاءُ
و لو نطقَ النفاقُ بحرفِ رُشدٍ فقد لا يُعوزُ الغـيَّ الذّكاءُ
و إن لبسَ الظلامُ لَبُوسَ ضوءٍ فإن الفسقَ ليس له حياءُ
و قد يبدو الخطيبُ وعاءَ عـلمٍ و كلّ كلامه عسلٌ صفاءُ
فتحسبه أبرَّ الناس لكنْ إلى الإخلاص ليس له انتماءُ
و إنَّ فساده من شرِّ جِنسٍ وقد عَلِقتْ بذِمّته دِماءُ
و إنَّ الأمنَ كلَّ الأمنِ عدلٌ يلاذ بظلّه و به احتماءُ
و رمز القسط قاضٍ قد تساوَى ذَوُو ضعـفٍ لديهِ و أقوياءُ
وعينُ القسط ميزانٌ تساوَى أخو فقرٍ لديهِ وأغـنياءُ
فإن صلُحَ القضاء فـنمْ قريراً وإنْ فسدَ القضاء فما العزاءُ
وإن وَهَنَ القضاةُ طغى طغاةٌ سلاحهُمُ الخراب والاعـتداءُ
إذا ما الــرياءُ فـَـــشَا بــشعبٍ وأوشـك أنْ تُعاقـبه السمــاءُ
وأضـحى للمظاهر ألـفُ شأنٍ وغاب عن الجواهرِ الاعتناءُ
وأعدِمَتِ المروءةُ ليت شعري يُــشــيِّـعـها لمَـرقــدهـا رثـاءُ
وصاح الـجهل يعلو كل صوتٍ كدأبِ الــسَّـيلُ يعـلـوه الغـثاءُ
ونــُظـِّـم للسـفـاهةِ مهـرجـانٌ لـتعـبثَ بالأنـامِ كـما تــشــاءُ
وأمسى لِلِّــئام بهـم ضجـيـجٌ وأسْـنِـدَ للــقـراصنة اللِّـــواءُ
وطأطأت الرؤوس لهُمْ وهانتْ كـحال الليث ترْهَـبُه الظـِّبـاءُ
هلـمّوا ارتَعوا وارْعَوْا هـنيـئاً فعُـشـبُكم الـتَّـفاهة والهُـراءُ
وتيهوا في الهضاب وفي الروابي تُرافـقـكـم بَهـائِـمُـكمْ و شَـاءُ
ولا تسألوا عن أشياءَ أنــتــمْ لضُعفِ عُقولِكم مـنها بــراءُ
فمنْ يُزعِجْ يكنْ للسوطِ أهلاً ومَن يرضخْ يُصانُ ولا يُساءُ
و إنَّ سيوفـنا لتحِنّ شوقاً لكسر عنادكم و لها مَضاءُ
فأفضَلكُمْ لأبسطِـنا خديمٌ و أشرفكُمْ لأحقرنا فِـداءُ
لنـا الدنـيـا و زيـنـتـها وأنتـمْ سعـادتـكمْ شقـاوتــكـمْ سواءُ
لنـا الدنـيـا و زهرتـها وفزتمْ بجـنّـتـكـم فــنِعْـمَ الاكْــتـفـاءُ
فــلو شـبَّت لفرط الغـشِّ نـارٌ فلـن تُـجـدي لتخـمـدها دلاءُ
أوِ ِانهارت سقوفٌ فوقَ جَمعٍ فـدونـكمُ التـضرّعُ والدعــاءُ
دعُـونا من محاسبةٍ دعـونـا فتـلك خـُرافـة وَهْـــمٌ هــبـاءُ
دعُـونا من مساءلةٍ دعـونـا أصَـوْتكُـمُ نهـيـقٌ أم ثـُـغـــاءُ؟
ضمائـرنا تُـقايَضُ في مَـزادٍ فـبـيـعٌ أو رهــانٌ أو كـــراءُ
وفي ترفِ القصورِ لنا مجونٌ وفي حُضن الغواية الارتماءُ
تـداعبـنا الكواعبُ إن سهرنَا ويُـطـربـُنا إذا شِـئـنا غــنــاءُ
ونوغِــلُ في المآدب دون حَدٍّ ويـسعــِدنا نـديمٌ و احـتـسـاءُ
وفـي بذخ الثـراء لـنا نعــيــمٌ وفي دِفْءِ الحصانةِ الارتشاءُ
وأمـــوالٌ تُـــبـدِّدُها طـقــوسٌ وأعـــرافٌ تجــاوزهـا البِلاءُ
وقـيـل محاسنُ الأخلاق وهْمٌ وأذعنتِ الرقابُ لمنْ أساؤوا
لأقـزامٍ إذا دَهـمــتْ خـطــوبٌ عـمالـقـةٍ إذاُ وُضِـعَ الشـِّـواءُ
فلا تحزَنْ ولا يـغلـِبْــكَ يـــأسٌ وقمْ أصـلحْ ولو طـفـحَ الإناءُ
وقمْ أصلِح ولو مقدارَ شـِسْـعٍ وهل يُـجدي بلا شِسْـعٍ حذاءُ؟
ولا تحقِرْ من المعروف شيئاً وبالأجـزاء يكـتـمـــلُ الـبناءُ
ولو تخلـُد لزُهــدٍ طـــولَ دهــرٍ فلن يصنعَ التـاريخَ انـزواءُ
ولـن يـُـنجـزَ التجـديـدَ عـقـــلٌ طبيعـته الخُمولُ و الارتخاءُ
وعـند تلاحق الأحـداث ساهِمْ وكنْ سَمحًا إذا احْتَدمَ المِراءُ
فإن تسلُكْ دروب العنف جهلاً تلاقـيـك الضَّغــينة و العــداءُ
وعنفُ اللفـظ إذ يدمي جراحـاً فـحاذِر وَقـْــعَــه فهُـو الوبـاءُ
وفـي قِـيَمِ الجـمال فـلا تُفـرِّطْ فإنَّ الـرِّوحَ ينعـشها الـنقـاءُ
وكُنْ ضيفَ الروائع والقوافي فنِعمَ المُضيف ونِعـمَ القِـراءُ
وسلّح بالعلومِ بَنيـك واسمـعْ صدى صـوتٍ يُـردّده حِـراءُ
نـداءٌ يَـمـلأ الدّنـيـا إلـى مَـنْ مَطـيَّته البُراقُ و القَـصْواءُ
فـأمـسِـك بكـلِّ مِـنهجِـه وإلاَّ تَقاذفـُك الشكـوك والأهـواءُ
وعن سِحر البيانِ فلا تَسَلني ومن غيثِ البلاغةِ الارتواءُ
وفي يمِّ المعارفِ غُصْ ونقِّبْ فـلــمْ يُدرَك بـلا عِـلـمٍ نـمـاءُ
وأما الـبـرلمانُ فــلا تـراهــنْ عليه ولا يداعبْك انـتـشـــاءُ
فراغٌ في مقاعده و هزلٌ و تضييعٌ للأمانةِ و افتراءُ
هنا حزبٌ يغالبه سباتٌ هنا حزبٌ فضائحه عراءُ
و أحزابٌ سينهِـكُها نزيفٌ كما جحدتْ جدودها أبـناءُ
و أحزابٌ قيادتها احتكارٌ فأين الإنتخابُ والاصطـفاءُ
وأحلافٌ قد اهترأت وشاختْ و لم يُسعِفْ تجعّـدها طـلاءُ
و أشباحٌ عن الجلسات غابوا و يوم تَقاسُمِ الأموال جاؤوا
و أحبابٌ يمزقهم نزاعٌ و أشتاتٌ يرقعها لقاءُ
فلا ندري يسارٌ أم يمينٌ و لا ندري أمامٌ أم وراءُ
و لا ندري عدوّ أم صديقٌ و كم دورٍ تَقمّصتْ حِرباءُ
وإن نكث اليسارُ يمينَ عهـدٍ فقد لا يحفظ المسكَ الوعاءُ
وقد هتفَ اليمينُ أتيتُ ركضاً على ظهر اليسار ليَ امتطاءُ
وبعضُ عزائمِ الزعَماءِ صخرٌ و بعض عزائم الزعَماءِ ماءُ
وبعض مواقف الأمواتِ حيٌ وأحياءٌ بموتِهمُ احتفاءُ
وإنْ تبحَثْ عن العُقلاء تَتْعَبْ ويعصِفُ بالتفاؤلِ الاستـياءُ
يـطالعُـك الخطابُ بألفِ وعدٍ وحين الحسمِ ينكشف الغطاءُ
فتسألُ أين وعْدُكمُ أجيبوا يُجيبُك الاضطراب و الالتواءُ
و تسألُ هل لذِمّتكم وفاءٌ يُجيبك مَن سألتَ و ما الوفاءُ
و تسألُ أنتَ تسْخرُ من ذكائي يُجيبك يا مُغـفـلُ ما الذكاءُ
و تسألُ قد سمعتَ فلا تُراوغ يُجيـبك قدْ جـفانيَ الإصغـاءُ
و تسألُ مَنْ بأيديهمْ قرارٌ يجيـبك قد تعذر الإنباءُ
و تسألُ و الكرامة ُيا صديقي يُجيبُك لمْ يعُد لي أصدقاءُ
فتمضي حائرًا يا ويح قومي ما هذا السّقام و ما الوقاء
أ وَقـرٌ عَـطـَّل الأسـماعَ مِنّا و رَان على بصائرنا غِـشاءُ
أًصُفِّدتِ المفاهمُ في قيودٍ ولم يكفِ الخديعةَ الاستلاءُ
لئنْ تهجرْ معاجِمَها المعاني فلن يَـبـقى لأقـلامٍ غِذاءُ
و ما ذنبُ الحداثة أثخنوها و هل يُخفِي الجريمةَ الاختفاءُ
و هل سَلْب الإرادةِ صار فرضاً و خلف السِّترِ يَقـبعُ أذكياءُ
و ما حَسْبُ المبادئ من جحودٍ و هل قَدَرُ القواعد الازدراءُ
وإنْ تلُمِ المواطنَ عن عزوفٍ فقد قُطِعَتْ مع النخبِ الرِّشاءُ
و إن أجهـضوا الآمال غدراً فغدرهُمُ سيُجهضه الإباءُ
و عهدُ المخلصين يبَرّ دوما وعهد المكر يُخطِئه الوفاءُ
و كلّ عليلة تُشفى بطِبٍّ و حبّ المال ليسَ له شفاءُ
تبايعُهُ القلوب و لا تُبالي لسلطـته عبيدٌ أو إماءُ
و عشقُ الحُكم إذ يـُطغِي رجالاً إذن تسعى لتأسرهم نساءُ
وذو الكبْر لا يُصغي لنصحٍ و ذو العُجبِ يزعجه النداءُ
و من يضجرْ بهَمس النقدِ تيهاً و تغريه البطانة والثناءُ
يقول أنا الكمال أنا الثريَّا و من قبَسي مَعالمكم تـُضاءُ
و أفضالي تنوءُ بها مُتونٌ و لا يُطيقُ شمائلي الإحصاءُ
فيصبح هائماً بالمدح عبدًا و يَغلبه التضايقُ و الجفاءُ
يبرِّئُ نفسهُ من كلِّ عيب وأعظـم عيبه ذاك البراءُ
فإن مناقب العظماءِ حِلمٌ وَ أخْذ بالمشورةِ و اهتداءُ
و خيرُ طبائع الحكماءِ رفقٌ و سَمْتُهُمُ التواضع و الحياءُ
و حَقل الفكر بالأضدادِ ينمو قوامُ نشاطه نَعَـمٌ ولاءُ
و إن تعَـدّدَ الأقوال فضلٌ و كسبٌ للجماعة و اغـتناءُ
و ما نجحتْ أُممٌ سوى بصدرٍ فسيحٍ و قد أُقـْصِيَ الإقصاءُ
فلا تُلبِسْ لذي عـلمٍ لجاماً فما ضاقت بأنجُمها سماءُ
و لا تفرضْ على صُحفٍ رقيباً فإن رقابة الآراء داءُ
و لو تسلَّلَ للإعلام رهْـٌط بـضاعته السخافة و الغباءُ
فلا تذهلْ إذا صادفت جسماً و داخلُ عقـله قَفرٌ خلاءُ
لعلَّ رسالة الإعلام نبلٌ و وعي بالحضارة و ارتقاءُ
وشأن الدهر يسرٌ بعـد عُسرٍ ورغد العيش يتلوه ابتلاءُ
تحاصرُك الشدائد ذاتُ بأسٍ ويُفرجها إذا انفضَّت رَخاءُ
و يبصرُكَ الصباحُ عزيزَ قـومٍ و يسخَرُ من مذلتك المساءُ
و يلقاك المصيفُ أنيسَ صَحْبٍ فهل يأسى لوحشـتك الشتاءُ
و كنتَ مؤازَراً بأخ و أختٍ فلم يُعجِزِ الحَتفَ الإخاءُ
و إن تعجبْ فيَا عجباً لِميمٍ تستّر خلفَها واوٌ وتاءُ
و إن تسألْ فما أنباءُ باءٍ تحلّـَق حولها قافٌ وراءُ
فإنْ يكنِ الحرير كساءَ عُمْرٍ فيومَ الحشر يُعوزك الكساءُ
و إنْ تلبَسْ لعيشك ألف نعلٍ فيوم الفصلِ يُدميك الحفاءُ
و يومُ الفصل ما أدراك يومٌ حرامٌ يَنفعُ الجاني دهاءُ
و سُعِّرتِ الجحيمُ لها لهيبٌ و أزلِفتِ الجِنانُ لهـا بهاءُ
فإن تتبعْ خطى الشيطان تندمْ تعشْ ضنكاً و يرهِقـْك العماءُ
و إن تلزمْ هُدى الرحمان تَسعدْ فرضوانٌ وفردوسٌ عطاءُ
و مَنْ يَلجَأ لنور الله يُفلِحْ و نور الله ليس له انطفاءُ
و أختمُ رافعـاً كفـِّي إلى مَنْ على عرش الجلال له استواءُ
فكلُّ بدائع الأكوان آيٌ تسبِّحُ حمدهُ و له الولاءُ
تعليق