ملل كثير جدا على نهار واحد

هذا الملل كثير جدا على نهار واحد … وهذا غريب ..لأن شعور الملل لا ينتابني من الأساس إلا نادرا .. حتى وإن كنت أجلس صامتة وهادئة ومنزوية ولا أجد ما أفعله لساعات طويلة فأنا لا أشعر بالملل .. دائما ما تحتلني فكرة تسليني وتأكل الوقت بنهم وجوع شديد .. أما اليوم .. فلا شيء على الإطلاق .. كأنني حمام سباحة فرغ من مياهه وبهجته ومرحه و على أرضيته تتكوم أوراق الخريف الجافة بطريقة تثير الوحشة والحزن .. لا أستسلم لكل هذا .. أبحث عما يسليني ولو قليلا .. أحاول تحميل فيلم كوميدي يشجع على الضحك .. يبدأ التحميل .. وأنا أجلس أمام الشاشة أتابع الأرقام المتزايدة .. 1% … 2% … 5% … 9% ..15%.. 17% … 22% …28% .. يتوقف التحميل لخطأ في الملف .. أزفر بحنق .. أراقب الأصدقاء ..أون .. أوف ….أون …أوف .. تنقطع الكهرباء … وأتحول أنا إلى “أف” طويلة جدا … أبحث عن شيء آخر أفعله ..أمسك ديوان “أزهار الشر” ..لـ “بودلير” .. وأبدأ القراءة :
أنا غرفة انتظار عتيقة
مليئة بالورود الذابلة
يملئها خليط عجيب
من أزياء فات زمانها
ولا يتنفس فيها عبير عطر مسكوب
إلا الرسوم النائحة
ولوحات بوشيه الشاحبة *

وتحت الأبيات يتحدث “سارتر” عن فكرة الضجر عند “بودلير” .. أندهش جدا ..لأنني لم أكن أعرف مسبقا أن الكتاب سيتحدث عن مزاجي الحالي ولهذا تناولته .. أندهش أكثر لأن الديوان ممتلىء بعواطف لا أول لها من آخر .. وأتساءل كيف يتصادف أن أفتحه الآن بالذات ..على هذه الصفحة بالذات .. أتذكر ولاء وهي تقول ” لا شيء يحدث بالصدفة حقا” ..و أنا المفتونة بالصدف أصلا.. المفتونة بها حد أنه حين تحدث واحدة فأنا أعيد كل شيء في رأسي من البداية بحاجب مرفوع وتأمل مذهول بأسبابها !
من حوالي أسبوع عاهدت الله بشيء .. وكان هذا سر صغير بيني وبين ربي .. وفي الأيام التالية لهذا العهد صار الشيطان يوسوس لي كثيرا كي أنقضه ..حتى اللحظة التي فتحت فيها المصحف لأقرأ وردي اليومي .. وقع بصري أول ما فتحته على الآية :”وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضو الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون” …هل ثمة ما يسمى صدفة إذن .. لا أعتقد !
أفتح الديوان مرة أخرى ..أتابع القراءة :
كل الوحوش التي تدمدم وتزمجر وتزحف
داخل نفوسنا الآسنة الوضيعة
هناك واحد هو أشدها دمامة وخبثا
وهو وإن كان قليل الحراك ..ضعيف الصوت
مستعد بجولة واحدة أن يصنع من الأرض أنقاضا
وبتثاؤب واحد أن يبتلع العالم
إنه الضجر الذي يحلم بالمشنقة وهو يدخن نرجيلته
وفي عينيه تلتمع دمعة لا إرادية
أنت تعرفه أيها القارىء ..هذا الغول الناعم
أيها القارىء المرائي _ياشبيهي_ ..يا أخي !*
هذا الوحش يتلبسني الآن ..يتثائب وهو يشفط الهواء من حجرتي .. يحلم أيضا بشفط مياه كل حمامات السباحة في العالم أجمع … يحلم بأن ينفث على فراغ أرضياتها أوراق الشجر اليابسة.. الأوراق التي نسيت من فصول طويلة كيف يكون شكل العصفور المَرِح !

هذا الملل كثير جدا على نهار واحد … وهذا غريب ..لأن شعور الملل لا ينتابني من الأساس إلا نادرا .. حتى وإن كنت أجلس صامتة وهادئة ومنزوية ولا أجد ما أفعله لساعات طويلة فأنا لا أشعر بالملل .. دائما ما تحتلني فكرة تسليني وتأكل الوقت بنهم وجوع شديد .. أما اليوم .. فلا شيء على الإطلاق .. كأنني حمام سباحة فرغ من مياهه وبهجته ومرحه و على أرضيته تتكوم أوراق الخريف الجافة بطريقة تثير الوحشة والحزن .. لا أستسلم لكل هذا .. أبحث عما يسليني ولو قليلا .. أحاول تحميل فيلم كوميدي يشجع على الضحك .. يبدأ التحميل .. وأنا أجلس أمام الشاشة أتابع الأرقام المتزايدة .. 1% … 2% … 5% … 9% ..15%.. 17% … 22% …28% .. يتوقف التحميل لخطأ في الملف .. أزفر بحنق .. أراقب الأصدقاء ..أون .. أوف ….أون …أوف .. تنقطع الكهرباء … وأتحول أنا إلى “أف” طويلة جدا … أبحث عن شيء آخر أفعله ..أمسك ديوان “أزهار الشر” ..لـ “بودلير” .. وأبدأ القراءة :
أنا غرفة انتظار عتيقة
مليئة بالورود الذابلة
يملئها خليط عجيب
من أزياء فات زمانها
ولا يتنفس فيها عبير عطر مسكوب
إلا الرسوم النائحة
ولوحات بوشيه الشاحبة *

وتحت الأبيات يتحدث “سارتر” عن فكرة الضجر عند “بودلير” .. أندهش جدا ..لأنني لم أكن أعرف مسبقا أن الكتاب سيتحدث عن مزاجي الحالي ولهذا تناولته .. أندهش أكثر لأن الديوان ممتلىء بعواطف لا أول لها من آخر .. وأتساءل كيف يتصادف أن أفتحه الآن بالذات ..على هذه الصفحة بالذات .. أتذكر ولاء وهي تقول ” لا شيء يحدث بالصدفة حقا” ..و أنا المفتونة بالصدف أصلا.. المفتونة بها حد أنه حين تحدث واحدة فأنا أعيد كل شيء في رأسي من البداية بحاجب مرفوع وتأمل مذهول بأسبابها !
من حوالي أسبوع عاهدت الله بشيء .. وكان هذا سر صغير بيني وبين ربي .. وفي الأيام التالية لهذا العهد صار الشيطان يوسوس لي كثيرا كي أنقضه ..حتى اللحظة التي فتحت فيها المصحف لأقرأ وردي اليومي .. وقع بصري أول ما فتحته على الآية :”وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضو الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون” …هل ثمة ما يسمى صدفة إذن .. لا أعتقد !
أفتح الديوان مرة أخرى ..أتابع القراءة :
كل الوحوش التي تدمدم وتزمجر وتزحف
داخل نفوسنا الآسنة الوضيعة
هناك واحد هو أشدها دمامة وخبثا
وهو وإن كان قليل الحراك ..ضعيف الصوت
مستعد بجولة واحدة أن يصنع من الأرض أنقاضا
وبتثاؤب واحد أن يبتلع العالم
إنه الضجر الذي يحلم بالمشنقة وهو يدخن نرجيلته
وفي عينيه تلتمع دمعة لا إرادية
أنت تعرفه أيها القارىء ..هذا الغول الناعم
أيها القارىء المرائي _ياشبيهي_ ..يا أخي !*
هذا الوحش يتلبسني الآن ..يتثائب وهو يشفط الهواء من حجرتي .. يحلم أيضا بشفط مياه كل حمامات السباحة في العالم أجمع … يحلم بأن ينفث على فراغ أرضياتها أوراق الشجر اليابسة.. الأوراق التي نسيت من فصول طويلة كيف يكون شكل العصفور المَرِح !

تعليق