سوف نتحدث عن قرابة العقائد الدينية :
إن الدارس للعقائد الدينية في الأقطار العربية في عهودها القديمة يعجب من تداخل أساطير الآلهة وتعدد وظائفها حتى لتبدو هذه العقائد شديدة الغموض في كثير من الأحيان . ولما كانت هذه العقائد نشأت في الأغلب في مجتمعات نظمت الري أو شعرت بحاجتها الشديدة إلى الماء ، كما أحست بأهمية الشمس والقمر والنجوم فقد ارتبطت أغلب هذه العقائد بهذه الظواهر الطبيعية ، ويقول الأستاذ ديلابورت إن الفكرة الأساسية في كل دين هي الاعتقاد في كئن متسام أو أكثر تلتزم به الإنسانية بواجبات معينة ، وقد آمن السومريون والأكديون بوجود عدد ضخم من المعبودات ، كانت جميعها كائنات سماوية وكان الرمز الذي يعبر به عن فكرة الإله يصور كنجم معناه الحقيقي سماء . على حين كانت مختلف النجوم تدل عليها العلاقة نفسها مكررة ثلاث مرات (*) ديلابورت : بلاد ما بين النهرين ص 165 .
أما الأستاذ رشتون كولبورن فيقول كان كل من الإله أنكى ( أيا ) في العراق وأوزوريس في مصر يقومان على الماء ، وما فعله كل إله منهما للمحصولات أو لزيادة الأشياء فعله في الأرض وعلى الأرض . كان كل إله منهما من الآلهة الخالقة ، كان أنكى إله المحصولات كما كان إله المراعي . أما أوزوريس فكان إله الحنطة بخاصة ، وجاء علم اللاهوت المصري بتفاصيل حاذة عن كيفية جلب أوزوريس الحنطة إلى الوجود ، وكيف أنه هو ذاته القمح والماء على السواء ، ويعكس أنكى وأوزوريس الاختلاف بين مياه مواطن هذين المجتمعين . كان أنكى إله ماء النهر ولكنه بالمثل كان إله مياه الآبار والينابيع وماء المطر على السواء . وكان أوزوريس إله ماء النيل .(*) ريشتون كولوبرن : أصل المجتمعات المتحضرة ص 114 .
وهكذا نجد نظاماً عقائديَّا متقارباً , ففي مصر نجد الثالوث أوزوريس وإيزيس وحوروس وفي العراق القديم نجد الثالوث أنو وأنليل واياه . وفــي جــنوب الجزيرة العربية نجد الثالثون من الكواكب ( الموقاه ) و ( ذات حميم ) و ( عشتر ) ، وفي العراق نجد ثالوثاً آخر من سن ( إله القمر ) ، وشماس ( إله الشمس ) وعشتر ( الزهرة ) ونجد الإله بعل في الشام يمثل الخصب ، ويطلق في مصر على الزراعة البكر فيقال نبات ( بعلى ) (*) ديلابورت : بلاد ما بين النهرين ص 165 وما بعدها ، أحمد فخري : دراسات في العالم العربي ص 163 .
كما أن اللات هي عشتر (*) . رنيه ديسو : العرب في سوريا قبل الإسلام .
ويضيف كوك أنه قد انتهى إلينا أقدم دليل مباشر من الأله الخاصة بالديانات القديمة من مصر وبابل ، وكلاهما بلد يدين برفاهيته وطبيعة ديانته لنظامه السياسي القديم ، نظام المدن المنفصلة ، ودول المدن التي تعتمد جميعها على تنظيم توزيع الماء . وكان دينا القطرين متشابهين في أشياء كثيرة (*) ستانلي أ . كوك : تاريخ العالم ، المجلد الأول ص 630 .
نخرج من كل ذلك أن الأقاليم العربية ممتزجة ومتصلة منذ فجر التاريخ سواء أكان ذلك بسبب القرابة ووحدة الأصل الواضح في الجنس واللغة والعقائد ، أم التجارة المستمرة منذ أقدم العصور ، وما يتبعها من استيطان أو تزاوج .
وبقي علينا أن نناقش نقطة أخرى من النقاط الهامة وهي أصل حضارة العراق القديم ، هل يعود الفضل فيها إلى الجنس السامي العربي أم الجنس الهندوأوربي .
أصل حضارة العراق القديم :
يكاد يجمع المؤرخون على أن الحضارة التي ازدهرت في بلاد ما بين النهرين ( العراق القديم ) في الألف الرابع قبل الميلاد في الحوض الأدنى للدجلة والفرات تعود إلى السومريين الذي يزعم أغلب المؤرخين أنهم من الجنس الطوراني ـ الهندوأوربي . بل قال أغلبهم أيضاً إنها أقدم الحضارات البشرية على الإطلاق .
وقد لمس الأستاذ العقاد هذا التمييز فقال : يزعم المتشيعون للحضارة السومرية التي ازدهرت في أرض بابل قبل انتقال الساميين إليها أنها أقدم الحضارات البشرية على الإطلاق ولكنها على الأرجح نزعة من نزعات العنصرية التي تجعل بعض الكتاب الأوربيين يتجاوزون كل حضارة سامية إلى حضارة أخرى منسوبة إلى جنس آخر (*) . عباس محمود العقاد : الله ، ص 102 .
إن الدارس للعقائد الدينية في الأقطار العربية في عهودها القديمة يعجب من تداخل أساطير الآلهة وتعدد وظائفها حتى لتبدو هذه العقائد شديدة الغموض في كثير من الأحيان . ولما كانت هذه العقائد نشأت في الأغلب في مجتمعات نظمت الري أو شعرت بحاجتها الشديدة إلى الماء ، كما أحست بأهمية الشمس والقمر والنجوم فقد ارتبطت أغلب هذه العقائد بهذه الظواهر الطبيعية ، ويقول الأستاذ ديلابورت إن الفكرة الأساسية في كل دين هي الاعتقاد في كئن متسام أو أكثر تلتزم به الإنسانية بواجبات معينة ، وقد آمن السومريون والأكديون بوجود عدد ضخم من المعبودات ، كانت جميعها كائنات سماوية وكان الرمز الذي يعبر به عن فكرة الإله يصور كنجم معناه الحقيقي سماء . على حين كانت مختلف النجوم تدل عليها العلاقة نفسها مكررة ثلاث مرات (*) ديلابورت : بلاد ما بين النهرين ص 165 .
أما الأستاذ رشتون كولبورن فيقول كان كل من الإله أنكى ( أيا ) في العراق وأوزوريس في مصر يقومان على الماء ، وما فعله كل إله منهما للمحصولات أو لزيادة الأشياء فعله في الأرض وعلى الأرض . كان كل إله منهما من الآلهة الخالقة ، كان أنكى إله المحصولات كما كان إله المراعي . أما أوزوريس فكان إله الحنطة بخاصة ، وجاء علم اللاهوت المصري بتفاصيل حاذة عن كيفية جلب أوزوريس الحنطة إلى الوجود ، وكيف أنه هو ذاته القمح والماء على السواء ، ويعكس أنكى وأوزوريس الاختلاف بين مياه مواطن هذين المجتمعين . كان أنكى إله ماء النهر ولكنه بالمثل كان إله مياه الآبار والينابيع وماء المطر على السواء . وكان أوزوريس إله ماء النيل .(*) ريشتون كولوبرن : أصل المجتمعات المتحضرة ص 114 .
وهكذا نجد نظاماً عقائديَّا متقارباً , ففي مصر نجد الثالوث أوزوريس وإيزيس وحوروس وفي العراق القديم نجد الثالوث أنو وأنليل واياه . وفــي جــنوب الجزيرة العربية نجد الثالثون من الكواكب ( الموقاه ) و ( ذات حميم ) و ( عشتر ) ، وفي العراق نجد ثالوثاً آخر من سن ( إله القمر ) ، وشماس ( إله الشمس ) وعشتر ( الزهرة ) ونجد الإله بعل في الشام يمثل الخصب ، ويطلق في مصر على الزراعة البكر فيقال نبات ( بعلى ) (*) ديلابورت : بلاد ما بين النهرين ص 165 وما بعدها ، أحمد فخري : دراسات في العالم العربي ص 163 .
كما أن اللات هي عشتر (*) . رنيه ديسو : العرب في سوريا قبل الإسلام .
ويضيف كوك أنه قد انتهى إلينا أقدم دليل مباشر من الأله الخاصة بالديانات القديمة من مصر وبابل ، وكلاهما بلد يدين برفاهيته وطبيعة ديانته لنظامه السياسي القديم ، نظام المدن المنفصلة ، ودول المدن التي تعتمد جميعها على تنظيم توزيع الماء . وكان دينا القطرين متشابهين في أشياء كثيرة (*) ستانلي أ . كوك : تاريخ العالم ، المجلد الأول ص 630 .
نخرج من كل ذلك أن الأقاليم العربية ممتزجة ومتصلة منذ فجر التاريخ سواء أكان ذلك بسبب القرابة ووحدة الأصل الواضح في الجنس واللغة والعقائد ، أم التجارة المستمرة منذ أقدم العصور ، وما يتبعها من استيطان أو تزاوج .
وبقي علينا أن نناقش نقطة أخرى من النقاط الهامة وهي أصل حضارة العراق القديم ، هل يعود الفضل فيها إلى الجنس السامي العربي أم الجنس الهندوأوربي .
أصل حضارة العراق القديم :
يكاد يجمع المؤرخون على أن الحضارة التي ازدهرت في بلاد ما بين النهرين ( العراق القديم ) في الألف الرابع قبل الميلاد في الحوض الأدنى للدجلة والفرات تعود إلى السومريين الذي يزعم أغلب المؤرخين أنهم من الجنس الطوراني ـ الهندوأوربي . بل قال أغلبهم أيضاً إنها أقدم الحضارات البشرية على الإطلاق .
وقد لمس الأستاذ العقاد هذا التمييز فقال : يزعم المتشيعون للحضارة السومرية التي ازدهرت في أرض بابل قبل انتقال الساميين إليها أنها أقدم الحضارات البشرية على الإطلاق ولكنها على الأرجح نزعة من نزعات العنصرية التي تجعل بعض الكتاب الأوربيين يتجاوزون كل حضارة سامية إلى حضارة أخرى منسوبة إلى جنس آخر (*) . عباس محمود العقاد : الله ، ص 102 .
تعليق