خزف طارق ابراهيم يتكلم
1938 _ ولد في بغداد .
1959 _ دبلوم معهد فنون جميلة - بغداد .
1964 _ دبلــــوم المعهد المركزي للفنون التطبيقية - بكين - الصين الشعبية
سيتم اعادة رفع اعمال الفنان قريبا
تابعونا فالموضوع يستحق المتابعه
في عصور قديمة كان المكان الثقافي هو الذي يهب التعبير للخزف , ومن هنا كان الخزف يستقل عن صانعه .
بل بسبب الامتثال والحالات الخارجة عن الفن . وفي كل الاحوال نعرف ان الخزف المعاصر ايضاً , يعاني من مشكلة جمالية فقد يدفع الى النحت وقد يقبل التراخي مع الماضي – وما اسهل هذا الامر – وقد يتحدد بقشور الثقافة , أو يشق درباً الى حلول تنطوي على مناورات جمالية . طارق ابراهيم يعي تماماً هذا المشكل , واعتقد انه جرب بعض الحلول التي أرجعت اصداء مختلفة , لكنه في كل تجربة كان يخرج فخوراً بمهنة " خزاف " التقليدية دون ان يكون تقليدياً .
ان خزفه يعلن عن شخصيته بقدر ما يعبرعن مشكلته هو . وكل تجربة من تجاربه تسلم نفسها الى اخرى من دون ان يخسر فيها نفسه
لكن هناك قدراً كبيراً من العناد القلق في سلوك طارق ابراهيم ازاء الخزف فهو يبقي على تقاليده ثم يثير فيها خللاً يحافظ عليها ويفر منها , معالجاً ميزاناً لايني يتمرجح بارادته .
لاشك انها موازنة صعبة مادام الذي يمسك بالميزان يقضل ان لايخسر الكفتين وها نحن نراه في هذا المعرض يمسك بهذه الموازنة الصعبة , فاذا يصنع جرة فلكي يكسرها , ومن ثم يعكس فكرة عليها , ويجعل منها مكاناً خيالياً . وتلك التجاويف التي تشير بوضوح الى اغراضها النفعية ستبدو لنا في حالين الحال الذي انتزعت فيه من مكان والحال الذي استحالت هي الى مكان :
انها بيت الجان !
لنرجع قليلا الى تجاربه السابقة :
فمن البداية حد طارق ابراهيم من النحو التلقائي للخزف مثلما تحرر من طلبات السوق . واضح ان للخزف المعاصر سحره , ويبدو كأنه يشتغل بقواه الخاصة , وطارق ابراهيم المتواضع اراد ان يلزمه حدوداً أو يضع عليه بصمته وأسمه.ومن دون ان يبدو صاحب دعوى اراد لخزفه ان يبدو " طبيعياً " فظاً بعض الشيء ساذجاً بعض الشيء يستدعي الخيال ولانه اراد ان يميزنفسه من جمهرة الايادي الانثوية فقد كبح في نفسه اغراءت التزجيج , وفضل الوناً قريبة من الوان التربة , ساحباً اعماله الى حالة من حالات الاثرة واحسب ان ذلك كان هرباً لايخلو من جرأخ من مشاكل التصميم والتقنية . وقد تجلى ذلك بشكل واضح حين عالج الطين بلونه المكبوح كمادة لبناء معماري مستوحياً البيوت الريفية .
لقد خرج من خزف معاصرالى ريفي يتصف بالبساطة والنقاء والغريب انه حتى في هذه التجربة البعيدة عن اصطللاحات الخزف التقليدية كان لايني يذكرنا ببعض الاعمال ذات المظهر النفعي . لقد افلت من الاشكال الوظيفية بل انه في بعض اعماله أفلتها الى النحت , لكنه كان يعود اليها دائماً بتاؤيل جديد . ان روحه المحافظة تلزمه بمهنة الخزاف الاصولية مع أنه في حقيقة الامر عافها بمعنى أنه مارس تجربة جديدة وإذ يعود اليها يحور وينمو داخل مفاهيم جديدة .
اننا نجد في تجاربه كلها تراجعاً وتقدماً اكثر مما ينبغي لكنه ضروري لموازناته القلقة . من هنا سنجد التجريدات النحتية جنباً الى جنب مع الاواني و الجرار ثم لكي يحور الاخيرة الى اشكال قريبة من النبات
فمرة ينتصر التكوير والتدوير ومرة تنتصر اعمال البناء المجردة , لكن يحور الاسلوبية تظل واحدة تقريباً وهي أطفاء البريق اللوني وتحسيس السطوح بالخطوط والحزوز والتعريات .
في تجربة تالية ومهمة ابدى أهتماما بالكتل وذلك بتوضيح خطوطها والصعود بها بواسطة مدارج ومغاور مستفيداً من سطوحها الجانبية في اعمال التحسيس . وهنا حور استلهاماته النحتية السابقة لاظهار تجربة معمارية اثرية. وبدا واضحاً ان فكرته عن المادة اقل تجريدية بكثير مما يوحيه فن الخزف الذي هو فن مجرد .
ومن خلال هذه الفكرة اقترب من معمارية مشهدية تندفع الى اعلى ومن المفضل ان نراها من الاعلى لان تفاصيل العمل تتركز هناك اما على الجوانب فهي تكاد تكون مقطوعة وحادة . لقد بدا في اعماله هذه اشبه برجل أثار يكشط من جهة السطح المواجه للسماء ويشق اخدودا لجهة العمق في التربة . واضح ان الأجرائين غير متماثلين من حيث النتائج فالكشط يجسد الأثر والأخدود يرفعه الى اعلى وفي الوقت نفسه يعري طبقات التلابة . ان التاثير الكلي لهذه الأعمال انها وضعتنا أزاء اعجوبة من عجائب المصغرات : ماكيت مجسد لأثر أو صورة مكان اقتلع اقتلاعاً حاداُ.
التجربة الحالية تستفيد من التجارب السابقة مثلما هي عودة صريحة وغريبة نحو الشكل الوظيفي . تخفف هنا صورة الاثر , أذ ليس ثمة كشط بل رفع غطاء عن تنظيم معماري اكثر تعقيدا من حيث التفاصيل لكن كل شيء سيبدو سحرياً وعاطفياً بسب ذلك التشاكل غير المتجانس في الظاهر بين هيئة مكان وشكل استعمالي تقليدي . ان طارق ابراهيم يفتح اوانيه وجراره على مدن . اهي تلك القصة المعروفة عن الجان الذي دخل القمقم ؟
لعله كان قد خرج , وبعنف بعد ان كسر حبسه لتبدو مدينته ظاهرة في القعر. بصريا يقودنا الفنان الى الاسفل :
هناك بحر وزورق وسلالم وأبواب وشبابيك أنها صورة ترجع اهتزازات ذهنية . ففي الجرار عمق أضافي ......... تجاويف لانسمع منها قرقرات لافكارنا الخيالية. ان مدينة الجان هي مدننا الخيالية بعد ان استنفذتنا مدننا الواقعية . ان خزف طارق ابراهيم يتكلم !
سهيل سامي نادر
ونلتقي على خير ان شاء الله .......
1938 _ ولد في بغداد .
1959 _ دبلوم معهد فنون جميلة - بغداد .
1964 _ دبلــــوم المعهد المركزي للفنون التطبيقية - بكين - الصين الشعبية
سيتم اعادة رفع اعمال الفنان قريبا
تابعونا فالموضوع يستحق المتابعه
في عصور قديمة كان المكان الثقافي هو الذي يهب التعبير للخزف , ومن هنا كان الخزف يستقل عن صانعه .
بل بسبب الامتثال والحالات الخارجة عن الفن . وفي كل الاحوال نعرف ان الخزف المعاصر ايضاً , يعاني من مشكلة جمالية فقد يدفع الى النحت وقد يقبل التراخي مع الماضي – وما اسهل هذا الامر – وقد يتحدد بقشور الثقافة , أو يشق درباً الى حلول تنطوي على مناورات جمالية . طارق ابراهيم يعي تماماً هذا المشكل , واعتقد انه جرب بعض الحلول التي أرجعت اصداء مختلفة , لكنه في كل تجربة كان يخرج فخوراً بمهنة " خزاف " التقليدية دون ان يكون تقليدياً .
ان خزفه يعلن عن شخصيته بقدر ما يعبرعن مشكلته هو . وكل تجربة من تجاربه تسلم نفسها الى اخرى من دون ان يخسر فيها نفسه
لكن هناك قدراً كبيراً من العناد القلق في سلوك طارق ابراهيم ازاء الخزف فهو يبقي على تقاليده ثم يثير فيها خللاً يحافظ عليها ويفر منها , معالجاً ميزاناً لايني يتمرجح بارادته .
لاشك انها موازنة صعبة مادام الذي يمسك بالميزان يقضل ان لايخسر الكفتين وها نحن نراه في هذا المعرض يمسك بهذه الموازنة الصعبة , فاذا يصنع جرة فلكي يكسرها , ومن ثم يعكس فكرة عليها , ويجعل منها مكاناً خيالياً . وتلك التجاويف التي تشير بوضوح الى اغراضها النفعية ستبدو لنا في حالين الحال الذي انتزعت فيه من مكان والحال الذي استحالت هي الى مكان :
انها بيت الجان !
لنرجع قليلا الى تجاربه السابقة :
فمن البداية حد طارق ابراهيم من النحو التلقائي للخزف مثلما تحرر من طلبات السوق . واضح ان للخزف المعاصر سحره , ويبدو كأنه يشتغل بقواه الخاصة , وطارق ابراهيم المتواضع اراد ان يلزمه حدوداً أو يضع عليه بصمته وأسمه.ومن دون ان يبدو صاحب دعوى اراد لخزفه ان يبدو " طبيعياً " فظاً بعض الشيء ساذجاً بعض الشيء يستدعي الخيال ولانه اراد ان يميزنفسه من جمهرة الايادي الانثوية فقد كبح في نفسه اغراءت التزجيج , وفضل الوناً قريبة من الوان التربة , ساحباً اعماله الى حالة من حالات الاثرة واحسب ان ذلك كان هرباً لايخلو من جرأخ من مشاكل التصميم والتقنية . وقد تجلى ذلك بشكل واضح حين عالج الطين بلونه المكبوح كمادة لبناء معماري مستوحياً البيوت الريفية .
لقد خرج من خزف معاصرالى ريفي يتصف بالبساطة والنقاء والغريب انه حتى في هذه التجربة البعيدة عن اصطللاحات الخزف التقليدية كان لايني يذكرنا ببعض الاعمال ذات المظهر النفعي . لقد افلت من الاشكال الوظيفية بل انه في بعض اعماله أفلتها الى النحت , لكنه كان يعود اليها دائماً بتاؤيل جديد . ان روحه المحافظة تلزمه بمهنة الخزاف الاصولية مع أنه في حقيقة الامر عافها بمعنى أنه مارس تجربة جديدة وإذ يعود اليها يحور وينمو داخل مفاهيم جديدة .
اننا نجد في تجاربه كلها تراجعاً وتقدماً اكثر مما ينبغي لكنه ضروري لموازناته القلقة . من هنا سنجد التجريدات النحتية جنباً الى جنب مع الاواني و الجرار ثم لكي يحور الاخيرة الى اشكال قريبة من النبات
فمرة ينتصر التكوير والتدوير ومرة تنتصر اعمال البناء المجردة , لكن يحور الاسلوبية تظل واحدة تقريباً وهي أطفاء البريق اللوني وتحسيس السطوح بالخطوط والحزوز والتعريات .
في تجربة تالية ومهمة ابدى أهتماما بالكتل وذلك بتوضيح خطوطها والصعود بها بواسطة مدارج ومغاور مستفيداً من سطوحها الجانبية في اعمال التحسيس . وهنا حور استلهاماته النحتية السابقة لاظهار تجربة معمارية اثرية. وبدا واضحاً ان فكرته عن المادة اقل تجريدية بكثير مما يوحيه فن الخزف الذي هو فن مجرد .
ومن خلال هذه الفكرة اقترب من معمارية مشهدية تندفع الى اعلى ومن المفضل ان نراها من الاعلى لان تفاصيل العمل تتركز هناك اما على الجوانب فهي تكاد تكون مقطوعة وحادة . لقد بدا في اعماله هذه اشبه برجل أثار يكشط من جهة السطح المواجه للسماء ويشق اخدودا لجهة العمق في التربة . واضح ان الأجرائين غير متماثلين من حيث النتائج فالكشط يجسد الأثر والأخدود يرفعه الى اعلى وفي الوقت نفسه يعري طبقات التلابة . ان التاثير الكلي لهذه الأعمال انها وضعتنا أزاء اعجوبة من عجائب المصغرات : ماكيت مجسد لأثر أو صورة مكان اقتلع اقتلاعاً حاداُ.
التجربة الحالية تستفيد من التجارب السابقة مثلما هي عودة صريحة وغريبة نحو الشكل الوظيفي . تخفف هنا صورة الاثر , أذ ليس ثمة كشط بل رفع غطاء عن تنظيم معماري اكثر تعقيدا من حيث التفاصيل لكن كل شيء سيبدو سحرياً وعاطفياً بسب ذلك التشاكل غير المتجانس في الظاهر بين هيئة مكان وشكل استعمالي تقليدي . ان طارق ابراهيم يفتح اوانيه وجراره على مدن . اهي تلك القصة المعروفة عن الجان الذي دخل القمقم ؟
لعله كان قد خرج , وبعنف بعد ان كسر حبسه لتبدو مدينته ظاهرة في القعر. بصريا يقودنا الفنان الى الاسفل :
هناك بحر وزورق وسلالم وأبواب وشبابيك أنها صورة ترجع اهتزازات ذهنية . ففي الجرار عمق أضافي ......... تجاويف لانسمع منها قرقرات لافكارنا الخيالية. ان مدينة الجان هي مدننا الخيالية بعد ان استنفذتنا مدننا الواقعية . ان خزف طارق ابراهيم يتكلم !
سهيل سامي نادر
ونلتقي على خير ان شاء الله .......
تعليق