حوار خاص مع
الفنانة العراقية عفيفة العيبي Afifa Aleiby
الفنانة عفيفة العيبي من أسرة فنية لها باعُ طويل في الثقافة
و الفن التشكيلي و الصحافة فضلاً عن الهاجس السياسي فلا غرابة
أن تكون بدايتها الفنية مختلفة و مغايرة و خارجة عن السائد
و المألوف فأغلب الفنانات العراقيات من جيلي الخمسينيات
و الستينيات لم يكن يخرجن عن دائرة البيت و المعاناة المنزلية
بل أن البعض منهن لم تخرج عن إطار الحياة الزوجية آنذاك و إذا
قُدر لإحداهن أن تتمرد على هذه القيود فإنها تكتفي بالخروج إلى
الطبيعة لتصوير الحياة القروية كما فعلت الفنانة نزيهة سليم
اما عفيفة فقد كانت متكئة على إرث ثقافي مغاير و متحرر كان
يسمح لها بكسر العديد من القيود دفعة واحدة فلهذا قفزت إلى
قلب المجتمع بجرأة و شجاعة و دونما منغصات و حاولت أن تكون
عنصراً فاعلاً فيه من خلال معالجتها للقضايا الاجتماعية الكبيرة
ففضلاً عن كونها فنانة أصيلة و موهوبة، فهي امرأة سياسية
قوية و متحدية و جادة و مسؤولة تتمتع بنفسٍ تقدمي لا يمكن إغفاله
أو التغاضي عنه وربما لهذا السبب كانت بدايتها جريئة و صاخبة
بعض الشيء و هذا ما يفسر لنا عنف لوحاتها الأُولى على
الصعيدين التقني و المضموني
إن الموضوع الأثير للفنانة عفيفة العيبي هو موضوع المرأة التي
تتخذ منه أشكالاً متعددة كالأم و الأخت و الصديقة و الحبيبة و لكنها
في أغلب الأحوال تتشح بوشاح أسطوري بوصفها رمزاً للخصب
و العطاء و الحياة المتجددة و لكن ثمة تركيزاً واضحاً لا تخطئه
العين الباصرة على الجمال الغامض الآسر الذي يتفجر شباباً
و حيوية و نضارة حتى و إن كان في عز وحدته و عزلته و انكماشه
على ذاته و انطوائه على كينونته الداخلية المحتفية بنفسها .
عملت الفنانة عفيفة العيبي رسامة في جريدة طريق الشعب لفترة
ثلاث سنوات كرسامة ترسم للمجلات و الصحف و قد خدمتها
الصدف كثيراً كما خدمتني انا ايضا عندما التقيت بها صدفة في
أربيل العاصمة و قبلت استضافتنا لها فكان هذا اللقاء :
لماذا غادرت عفيفة العيبي العراق وهي في ريعان شبابها و هي فنانة واعدة ينتظر منها الكثير ؟
في عام 1974 غادرت العراق متوجهة الى موسكو لغرض
الدراسة و اكملت التخصص في الفن الجداري و انواع التكنيك الفني
و هو من الفنون القديمة و يرتبط بفن العمارة مثل الموزائيك
و الزجاج المعشق و الرسم على الجدران و بعدها غادرت
موسكو شادة رحالي الى إيطاليا و هناك مكثت لأربع سنوات في
مدينة روما و بعدها توجهت الى اليمن الجنوبية و كان ذلك في عام
1984 و عملت مدرسة للتاريخ و الفن و الرسم في معهد الفنون
الجميلة بمدينة عدن بعدها رجعت الى موسكو على امل ان احصل
على مقعد دراسي لاكمال دراسة الدكتوراه و لكن لم تشأ الصدف
ان احقق ذلك الامل فذهبت مرة اخرى الى روما ثم الى باريس
فروما و هكذا اتنقلت بين المدينتين لاكثر من 13 سنة و لكنني
و بسبب ظروف العمل توجهت الى هولندا و هناك اتيحت لي امكانية
الاستقرار و اتخذت من جنوب هولندا مسكناً لي و بدأت اتحرك
للتعريف بنفسي بدأت في متحف المدينة و بهذا حصلت على اول
فرصة و تفرغت لعملي تماماً و قد وجدت منفذاً لأعمالي .
هل كانت لوحاتك منقذاً او معيناً لك ؟
كانت لوحاتي السبب الرئيسي لتلافي العوز المعيشي و كانت مصدر
الرزق لي و اليوم اعمل بعدما استقرت اموري مع زوجي
الهولندي و هو استاذ في جامعة ليدن اعيش بسلام و لي في
بيتي ركن خاص ارسم فيه لوحاتي و لدي معارض دائمة و قد اهتم
الناس باعمالي كثيراً و الدليل انني ابيع منها اثناء افتتاح معارضي .
هل انت راضية عن نفسك ؟
( تضحك ) اعمل بمزاجي و لا اجبر نفسي ابداً على رسم أي شيء
من اجل المادة و أعيش بحرية تامة و بدون ضغوطات و طموحي
الكبير ان اقيم معرضاً في بغداد و كوردستان و اتمنى ان تتهيا لي
الفرص .
كيف وجدت العراق ؟
لقد احزنني بلدي كثيراً بالامس غادرته هرباً و اليوم لا استطيع
الرجوع اليه احب العراق و احب أهلي و احب ناسي و مشتاقة الي
شمس بلدي أه يا شمس بلادي احب كوردستان و احب الضياء
في كوردستان هناك في هولندا لا ارى الشمس كثيراً انه بلد معتم
دائم الغيم و المطر و هذا وحده يشكل لي ضغطاً دائماً .
ماذا تعني لك هذه الكلمات ؟
الصداقة شيء مهم جداً و احب اصدقائي و احاول دائماً ان لا اخسر
احدهم
اللون هو لغة التواصل مع الاخرين و من خلال اللون اوصل الفكرة
التي اريدها و اللون يعني الخصوصية .
اين هي الفنانة عفيفة العيبي ؟
منذ خمس سنوات و انا مواظبة على اقامة معارض سنوية و عادة
افتتح المعارض بلوحات جديدة و ارسم ما يقارب 15 لوحة سنوياً
و ابيع معظمها و بهذا تتوسع فكرة التعريف باسمي
ما هو الاحساس الذي يسيطر عليك عندما ترسمين ؟
الفن متعب و الفكرة تتعبني اكثر و لكن عندما اجلس لارسم انسى
نفسي و احس باحساس غريب جداً يجعلني كطائر يحلق في السماء .
اول من يرى لوحة رسمتها ؟
احب اثنين الي وهما زوجي و ابني .
الحنين الى الوطن حضارة ما هو حنين الفنانة عفيفة العيبي الى
الوطن ؟
الوطن بالنسبة لي هو اهلي و احبابي و معظمهم غادروا و بعض من
أهلي قد تغيروا كثيراً و يعيشون الان في جنوب العراق في
البصرة و احس بان جيلنا قد انهدرت حريته سابقاً امي و أبي
و فرا لنا الفرصة للتعامل و العيش بكرامة و انا اخذت حريتي تماماً .
كنت اعيش مع اربعة اخوان و اخت واحدة و انا اصغرهم كنا نسكن
في مدينة البصرة محلة الجمهورية و كانت تربيتي كتربية الاولاد
و كنت لا امل اللعب معهم ( بحسرة ) الذي يربطني بهذا البلد قد
تشظى و العواطف لا تكفي و صعب جداً ان نرى الاشياء على
حقيقتها .
كيف ترى الفنانة عفيفة العيبي كوردستان ؟
كنت اتمنى ان ارى تغيرات اكثر فيما يخص الناس هنا فمنذ عام
1991 غادرت سلطة الدكتاتور هذا المكان و لكنني حزينة ً جداً
لأنني بالامس زرت مدينة كركوك فوجدتها مدينة مهملة و الناس
يعيشون في بؤس دائم كوردستان جميلةً و لكن هذا قليل بالنسبة
للناس الذين مرت عليهم اكثر من 15 سنة و هم يعيشون بلا رقيب
احمق يعكر عليهم صفو حياتهم لهم تحيات مني و من كل أبناء
العراق الذين امتهنوا الغربة و ها هي كوردستان تفتح أياديها
لاستقبال ابنائها عرباً و كورداً
استمتعت جدا بمتابعه موضوعك السخى
المليئ باللوحات و السيره الذاتيه للعراقيه المبدعه
الفنانه عفيفه العيبي و احساسها الحالم الذى نقلته لنا
من خلال اعمالها الرائعه التي تتسم بالرقه و الجمال
و تتميز بالخصوصيه على الرغم من تأثرها اللونى الكبير
بالفن الروسي الا ان محتوى موضوعاتها شعبي شرقي
تناولت فيه نموذجا للمرأه التى تعيش الحياه بكل ما فيها
من فرح و الم و وحده و حلم و انوثه و امومه
موضوع جميل و سخي شكرا لك
تعليق