الفارغون أكثر ضجيجاً
إذا مرَّ القطار و سمعت جلبة لإحدى عرباته فاعلم أنها فارغة ، و إذا سمعت تاجراً يحرّج على بضاعته و ينادي عليها فاعلم أنها كاسدة
إن كل فارغ من البشر و الأشياء له جلبة و صوت و صراخ ، أما العاملون المثابرون فهم في سكون و وقار ؛ لأنهم مشغولون ببناء صروح المجد و إقامة هياكل النجاح
*******
إن سنبلة القمح الممتلئة خاشعة ساكنة ثقيلة ، أما الفارغة فإنها في مهب الريح لخفتها و طيشها ، و في الناس أناس فارغون مفلسون أصفار رسبوا في مدرسة الحياة ، و أخفقوا في حقول المعرفة و الإبداع و الإنتاج فاشتغلوا بتشويه أعمال الناجحين ، فهم كالطفل الأرعن الذي أتى إلى لوحة رسّام هائمة بالحسن ، ناطقة بالجمال فشطب محاسنها و أذهب روعتها
هؤلاء الأغبياء الكسالى التافهون مشاريعهم كلام ، و حججهم صراخ ، و أدلتهم هذيان لا تستطيع أن تطلق على أحدهم لقباً مميّزاً و لا وصفاً جميلاً ، فليس بأديب و لا خطيب و لا كاتب و لا مهندس و لا تاجر و لا يُذكر مع الموظفين الرواد ، و لا مع العلماء الأفذاذ ، و لا مع الصالحين الأبرار ، و لا مع الكرماء الأجواد ، بل هو صفر على يسار الرقم ، يعيش بلا هدف ، و يمضي بلا تخطيط ، و يسير بلا همة ، ليس له أعمال تُنقد ، فهو جالس على الأرض و الجالس على الأرض لا يسقط ، لا يُمدح بشيء ، لأنه خال من الفضائل ، و لا يُسب لأنه ليس له حسّاد
*******
و في كتب الأدب أن شاباً خاملاً فاشلاً قال لأبيه : يا أبي أنا لا يمدحني أحد و لا يسبني أحد مثل فلان فما السبب ؟ فقال أبوه : لأنك ثور في مسلاخ إنسان ، إن الفارغ البليد يجد لذة في تحطيم أعمال الناس و يحس بمتعة في تمريغ كرامة الرّواد ، لأنه عجز عن مجاراتهم ففرح بتهميش إبداعهم ، و لهذا تجد العامل المثابر النشيط منغمساً في إتقان عمله و تجويد إنتاجه ليس عنده وقت لتشريح جثث الآخرين و لا بعثرة قبورهم ، فهو منهمك في بناء مجده و نسج ثياب فضله
إن النخلة باسقة الطول دائمة الخضرة حلوة الطلع كثيرة المنافع ، و لهذا إذا رماها سفيه بحجر عادت عليه تمراً ، أما الحنظلة فإنها عقيمة الثمر، مشؤومة الطلع ، مرة الطعم ، لا منظر بهيجاً و لا ثمر نضيجاً
*******
السيف يقص العظام و هو صامت، و الطبل يملأ الفضاء وهو أجوف ، إن علينا أن نصلح أنفسنا و نتقن أعمالنا ، و ليس علينا حساب الناس و الرقابة على أفكارهم و الحكم على ضمائرهم ، الله يحاسبهم و الله وحده يعلم سرّهم و علانيتهم ، و لو كنا راشدين بدرجة كافية لما أصبح عندنا فراغ في الوقت نذهبه في كسر عظام الناس و نشر غسيلهم و تمزيق أكفانهم
التافهون وحدهم هم المنشغلون بالناس كالذباب يبحث عن الجرح ، أما الخيّرون فأعمالهم الجليلة أشغلتهم عن توافه الأمور كالنحل مشغول برحيق الزهر يحوّله عسلاً فيه شفاء للناس ، إن الخيول المضمرة عند السباق لا تنصت لأصوات الجمهور ، لأنها لو فعلت ذلك لفشلت في سباقها و خسرت فوزها
*******
اعمل و اجتهد و أتقن و لا تصغ لمثبّط أو حاسد أو فارغ .. هبطت بعوضة على نخلة ، فلما أرادت أن تطير قالت للنخلة : تماسكي أيتها النخلة فأنا سوف أطير ، فقالت النخلة للبعوضة : والله ما شعرت بك يوم وقعت فكيف أشعر بك إذا طرتِ ؟
تدخل الشاحنات الكبرى عليها الحديد و الجسور و قد كتبوا عليها عبارة : خطر ممنوع الاقتراب ، فتبتعد التكاسي و السياكل و لسان حالها ينادي : لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لَا يَشْعُرُونَ ، الأسد لا يأكل الميتة ، و النمر لا يهجم على المرأة لعزة النفس و كمال الهمة ، أما الصراصير و الجعلان فعملها في القمامة
و إبداعها في الزبالة
*******
دكتور عائض القرني
إذا مرَّ القطار و سمعت جلبة لإحدى عرباته فاعلم أنها فارغة ، و إذا سمعت تاجراً يحرّج على بضاعته و ينادي عليها فاعلم أنها كاسدة
إن كل فارغ من البشر و الأشياء له جلبة و صوت و صراخ ، أما العاملون المثابرون فهم في سكون و وقار ؛ لأنهم مشغولون ببناء صروح المجد و إقامة هياكل النجاح
*******
إن سنبلة القمح الممتلئة خاشعة ساكنة ثقيلة ، أما الفارغة فإنها في مهب الريح لخفتها و طيشها ، و في الناس أناس فارغون مفلسون أصفار رسبوا في مدرسة الحياة ، و أخفقوا في حقول المعرفة و الإبداع و الإنتاج فاشتغلوا بتشويه أعمال الناجحين ، فهم كالطفل الأرعن الذي أتى إلى لوحة رسّام هائمة بالحسن ، ناطقة بالجمال فشطب محاسنها و أذهب روعتها
هؤلاء الأغبياء الكسالى التافهون مشاريعهم كلام ، و حججهم صراخ ، و أدلتهم هذيان لا تستطيع أن تطلق على أحدهم لقباً مميّزاً و لا وصفاً جميلاً ، فليس بأديب و لا خطيب و لا كاتب و لا مهندس و لا تاجر و لا يُذكر مع الموظفين الرواد ، و لا مع العلماء الأفذاذ ، و لا مع الصالحين الأبرار ، و لا مع الكرماء الأجواد ، بل هو صفر على يسار الرقم ، يعيش بلا هدف ، و يمضي بلا تخطيط ، و يسير بلا همة ، ليس له أعمال تُنقد ، فهو جالس على الأرض و الجالس على الأرض لا يسقط ، لا يُمدح بشيء ، لأنه خال من الفضائل ، و لا يُسب لأنه ليس له حسّاد
*******
و في كتب الأدب أن شاباً خاملاً فاشلاً قال لأبيه : يا أبي أنا لا يمدحني أحد و لا يسبني أحد مثل فلان فما السبب ؟ فقال أبوه : لأنك ثور في مسلاخ إنسان ، إن الفارغ البليد يجد لذة في تحطيم أعمال الناس و يحس بمتعة في تمريغ كرامة الرّواد ، لأنه عجز عن مجاراتهم ففرح بتهميش إبداعهم ، و لهذا تجد العامل المثابر النشيط منغمساً في إتقان عمله و تجويد إنتاجه ليس عنده وقت لتشريح جثث الآخرين و لا بعثرة قبورهم ، فهو منهمك في بناء مجده و نسج ثياب فضله
إن النخلة باسقة الطول دائمة الخضرة حلوة الطلع كثيرة المنافع ، و لهذا إذا رماها سفيه بحجر عادت عليه تمراً ، أما الحنظلة فإنها عقيمة الثمر، مشؤومة الطلع ، مرة الطعم ، لا منظر بهيجاً و لا ثمر نضيجاً
*******
السيف يقص العظام و هو صامت، و الطبل يملأ الفضاء وهو أجوف ، إن علينا أن نصلح أنفسنا و نتقن أعمالنا ، و ليس علينا حساب الناس و الرقابة على أفكارهم و الحكم على ضمائرهم ، الله يحاسبهم و الله وحده يعلم سرّهم و علانيتهم ، و لو كنا راشدين بدرجة كافية لما أصبح عندنا فراغ في الوقت نذهبه في كسر عظام الناس و نشر غسيلهم و تمزيق أكفانهم
التافهون وحدهم هم المنشغلون بالناس كالذباب يبحث عن الجرح ، أما الخيّرون فأعمالهم الجليلة أشغلتهم عن توافه الأمور كالنحل مشغول برحيق الزهر يحوّله عسلاً فيه شفاء للناس ، إن الخيول المضمرة عند السباق لا تنصت لأصوات الجمهور ، لأنها لو فعلت ذلك لفشلت في سباقها و خسرت فوزها
*******
اعمل و اجتهد و أتقن و لا تصغ لمثبّط أو حاسد أو فارغ .. هبطت بعوضة على نخلة ، فلما أرادت أن تطير قالت للنخلة : تماسكي أيتها النخلة فأنا سوف أطير ، فقالت النخلة للبعوضة : والله ما شعرت بك يوم وقعت فكيف أشعر بك إذا طرتِ ؟
تدخل الشاحنات الكبرى عليها الحديد و الجسور و قد كتبوا عليها عبارة : خطر ممنوع الاقتراب ، فتبتعد التكاسي و السياكل و لسان حالها ينادي : لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لَا يَشْعُرُونَ ، الأسد لا يأكل الميتة ، و النمر لا يهجم على المرأة لعزة النفس و كمال الهمة ، أما الصراصير و الجعلان فعملها في القمامة
و إبداعها في الزبالة
*******
دكتور عائض القرني
تعليق