تاريخ الانتخابات البرلمانية
وتطور الحياة النيابية في مصر
مقدمة:
إن الحرية لا يمكن أن تتوفر في بلد من البلدان بدون وجود الديمقراطية وتوفرها، ومن المستحيل أن توجد الديمقراطية إلا إذا وجدت حياة نيابية سليمة نمت وتطورت من خلال كفاح شعبي متراكم، والحياة النيابية لا يمكن وجودها إلا عن طريق وجود الأحزاب والقوي السياسية الفاعلة ذات الوجود الحقيقي بين المواطنين
ورصد تطور الحياة النيابية في مصر يحتاج إلي إعادة قراءة التاريخ السياسي مرة أخري قراءة متأنية نقدية تبتعد عن النمطيات والأحكام المسبقة،وانطلاقا من هذه الفرضية يمكننا التأريخ للحياة النيابية في مصر بدءا من بروز المقاومة الشعبية في مصر إبان الاحتلال الفرنسي للبلاد في الفترة الواقعة من 1798 إلي 1801 حيث تكونت قيادة شعبية من المشايخ لمقاومة الاحتلال والعمل علي طرده من البلاد بما يشبه القوي السياسية ذات المطالب المحدودة والمتمثلة فقط في الجلاء والتحرر من ربقة الاستعمار والاحتلال، بيد أن هذه الزعامات الوطنية بعد خروج المستعمر الفرنسي ارتأت أن توسع من سقف مطالبها وتثور علي الحكام المعينين من قبل الباب العالي (السلطان العثماني)، نظرا للمظالم المنتشرة في طول البلاد وعرضها بل والضغط علي الباب العالي لتعيين والي لمصر يرتضيه زعماء المشايخ كطبقة تعبر عن مصالح جموع المواطنين، وهو ما يمكن معه اعتبار هذه الطبقة بمثابة حزب سياسي أو جماعة أو قوة سياسية لها مطالب سياسية محددة وهو ما نجحت فيه طبقة المشايخ والأعيان عام 1805 عبر تعيين محمد علي باشا واليا علي مصر تحت شروط ثلاثة هي:
1. احترام القانون.
2. الحكم بالشوري.
3. تمثيل الإرادة الشعبية التي تملك تنصيب الولاة كما تملك عزلهم إذا خرجوا علي حكم القانون وحكم الشوري.
وبناء علي ما سبق يمكننا التأريخ لوجود ارهاصات بحياة نيابية وبرلمانية بدء من العام 1798 وهو تاريخ الاحتلال الفرنسي لمصر، ومن ثم سنتابع هذا التطور في مراحله المختلفة، وذلك علي النحو التالي:
1. من 1798 إلي 1866.
2. من عام 1866 إلي عام 1923.
3. من عام 1923 إلي عام 2010.
أولا: تطور الحياة النيابية
من عام 1798 إلي العام 1866م.
1. بعد دخول نابليون إلي القاهرة في 24 يوليو 1798 أعلن عن نيته في إنشاء ديوان من كبار العلماء والأعيان بغرض تدبير الأمور والنظر في راحة الرعية وإجراء الشريعة، وبناء علي هذا الاجتماع تم انتخاب عشرة من هؤلاء ليكونوا هم نواة هذا الديوان
وقد أمر نابليون الديوان بالاجتماع في اليوم التالي لاجراء مشاورات ومداولات لاختيار رئيس الديوان وسكرتيره (وذلك من غير أعضاء الديوان)، وذلك يوم 25 يوليو 1798.
وتمثلت أهم الوظائف الملقاة علي عاتق هذا الديوان فيما يلي
* حق تعيين بعض الجنود لإدارة البوليس.
* حق مراقبة الأسواق وتموين القاهرة .
* الاهتمام بالصحة العامة وخاصة دفن الموتي بعيدا عن مدينة القاهرة، تجنبا لتفشي الأمراض والأوبئة.
وقد حرص نابليون أن يقيد هذا الديوان حيث جعل عليه حرسا فرنسيا وتركيا علي بابه، كما عين الجنرال برتييه "رئيس الأركان"، والجنرال "ديبويه" حاكم القاهرة مراقبين للديوان.
وكان الديوان يجتمع يوميا ابتداءا من الظهر، مع بقاء ثلاثة من أعضاء الديوان في حالة اجتماع دائم
وعمم نابليون التجربة في الأقاليم المصرية، ثم أنشأ ما يسمي بالديوان العام بحيث يكون أعضاؤه ممثلين لكافة دواوين القطر المصري وكان يختار من كل مديرية تسعة أشخاص :ثلاثة من العلماء وثلاثة من الأعيان وثلاثة من الأهالي "عمد ومشايخ البلد".
ولا يفوتنا هنا أنه خلال هذه المرحلة الهامة قد جرت ولأول مرة انتخابات حقيقية بين أعضاء الديوان العام لاختيار قاضي قضاة مصر وذلك عبر الاقتراع السري المباشر حيث فاز بالمنصب الشيخ أحمد العرايشي حاصدا ستة عشر صوتا مقابل خمسة أصوات فقط لأقرب منافسيه إليه وهو الشيخ: مصطفي الجداوي.
وجدير بالذكر أثناء قراءة وتحليل هذه التجربة أن نؤكد علي النقاط التالية:
* جميع أعضاء الدواوين المشار إليها كانوا مصريين لأول مرة، وربما يرجع ذلك إلي سياسة نابليون والتي كانت تحاول اجتذاب المصريين والتأكيد علي أن الفرنسيين أتوا إلي مصر لتحريرهم من الأتراك والمماليك.
* أن هذه الدواوين وعلي الرغم من حرص بونابرت علي تجريدها من أية سلطة فعلية إلا أنها مكنت المصريين لأول مرة أن يتشاوروا في الأمور المختلفة التي تسود البلاد مما مثل إرهاصة لا شك فيها قوية لبدء العمل السياسي والوطني.
* لفتت هذه الدواوين نظر المصريين أن مصر لهم وعليهم أن يحكموها وفق ما يحقق صالح المواطنين وراحتهم لا وفق ما يمليه الوالي المصري.
* لاشك لدينا أن هذه الدواوين تعد بمثابة نواة أولى للعمل البرلماني في مفهومه الحديث.
2. لاشك لدينا أن عملية اختيار الشعب لحاكمه تعد واحدة من أرقي صور الديمقراطية وأكثرها تأثيرا في حياة الأمم والشعوب، ومن ثم فلا جدال أن اختيار محمد علي حاكما للبلاد بعد قيام الشعب المصري بعزل الوالي العثماني خورشيد باشا يعد إرهاصا للمشاركة السياسية وتطورا هائلا في النظام السياسي المصري، حيث تعد هذه هي المرة الأولي التي يشارك فيها الشعب المصري ممثلا في قياداته الدينية مشاركة سياسية فعالة في اختيار حاكمه.
* علي أن محمد علي كان طموحا ومتطلعا إلي حكم مصر منفردا، ومن ثم فما لبث أن أحكم قبضته علي البلاد وبدأ في تصفية خصومه واحد تلو الآخر فبدأ بالعلماء والمشايخ الذين أتوا به علي رأس البلاد فنفي الشيخ عمر مكرم، ثم قضي علي المماليك في مذبحة القلعة الشهيرة عام 1811م، وقضي علي بقايا الأتراك وتحكمهم في البلاد، وصار هو الصانع الأوحد والزارع الأوحد، ولعل ذلك كان مرده - بجانب طموحاته الشخصية - في أن مشروعه التنموي والنهضوي كان يواجه بمعارضات كثيرة من قبل هذه الطوائف، وبالتالي فإن البناء الحقيقي لمصر بدأ بعد أن صفا حكم مصر لمحمد علي.
* وعقب استقلاله بحكم مصر، بدأ محمد علي ثورة إدارية شاملة لإقامة مؤسسات حكم حديثة، بما فيها إقامة مجلس شبه نيابي تمثيلي حديث، حيث تم تكوين "المجلس العالي"، في عام 1824م، الذي يعد البداية الحقيقية لأول مجلس نيابى ولم يكن فيه مصريا واحداً، بل كان يتكون من الأتراك والشركس، وفي عام 1829م عمد محمد علي إلي توسيع عضوية المجلس العالي بضم 24 من شيوخ وعلماء الأزهر إلي قوام المجلس، وبذلك أصبح "المجلس العالي"، سمي فيما بعد "مجلس المشورة"، يتألف من نظار الدواوين، ورؤساء المصالح، واثنين من العلماء يختارهما شيخ الأزهر، واثنين من التجار يختارهما كبير تجار العاصمة، واثنين من ذوى المعرفة بالحسابات، واثنين من الأعيان عن كل مديرية من مديريات القطر المصري ينتخبهما الأهالي.
وفي يناير 1825 صدرت اللائحة الأساسية للمجلس العالي وحددت اختصاصاته بأنها"مناقشة ما يراه أو يقترحه محمد على فيما يتعلق بسياسته الداخلية.. وقد تضمنت اللائحة الأساسية كذلك مواعيد انعقاد المجلس وأسلوب العمل فيه.
* لم يكن هذا المجلس مجلسا حقيقيا ولم يكن ذا سلطات يتمكن من خلالها من القيام بفعل حقيقي في عملية إصلاح البلاد بل كان كما يظهر من اسمه مجرد مجلس استشاري للاستئناس برأيه في المسائل الداخلية، كالإدارة والتعليم والأشغال العمومية والنظر في الشكايات التي تقدم ضد موظفي الدولة فيما يخص الرشوة، ولم يكن له أية اختصاصات مالية
* لا شك أن محمد علي لم يرد إنشاء حياة نيابية سليمة ولا إشراك الشعب المصري في إدارة شئون البلاد، بل كان يهدف إلي مساعدة نفسه في إدارة البلاد وتعظيمها لصالح أسرته حيث أدرك أنه لا يستطيع بمفرده حكم البلاد وإدارتها ومن ثم فقد كان مجلس المشورة ينعقد مرة كل عام وتحت رئاسة إبراهيم باشا نجل محمد علي، وحينما ضاق محمد علي ذرعا بالمجلس ألغاه في عام1837م
* أنشأ محمد علي في عام 1837 مجلسين هما المجلس العمومي والمجلس الخصوصي وذلك لمناقشة ما تحيله إليهما الحكومة من أمور وسن القوانين والتشريعات مع ضرورة عرضها علي الباشا وهو الذي يقرر التنفيذ من عدمه.
وقانون "السياستنامة" الذي صدر في هذا العام وأنشأ المجلسين السابقين هو الذي أنشأ الوزارات تحت مسمي الدواوين وجعلها سبعة دواوين وهي:
الديوان الخديوي (الداخلية)، ديوان كلفة الإيرادات، ديوان البحر، ديوان المدارس، ديوان الأمور الإفرنكية والتجارة المصرية، ديوان الفاوريقات(الصناعة).
ولم يحدث تعديل يذكر في هذا النظام حتي عام 1878م إلا في تغيير الدواوين إلي نظارات، وتغيير بعض الأسماء مثل ديوان المدارس والذي أصبح نظارة المعارف، وديوان الأمور الإفرنكية الذي تحول إلي نظارة الخارجية، وإضافة نظارتين (وزارتين) جديدتين هما الأشغال والحقانية
* في فترة حكم عباس التي استمرت خمس سنوات ألغيت كافة المجالس شبه النيابية تماما وقتلت المدرسة التي كان من الممكن اعتبارها نواة لتعليم الديمقراطية وممارستها لطوائف متعددة من الشعب المصري كشيوخ وعلماء الأزهر والأعيان وطوائف الحرف الممثلة في المجالس السابقة
* شهد عصر الخديوي إسماعيل الخطوة الأساسية والحقيقية في تشييد وبنيان و تطور الحياة النيابية في مصر بإنشاء "مجلس شورى النواب" في عام 1866م، فهذا المجلس يعد أول برلمان يمتلك اختصاصات نيابية، وليس مجرد مجلس استشارى تغلب عليه الصفة الإدارية.
وقد صدر المرسوم الخديوي بإنشاء المجلس في نوفمبر 1866، متضمنا اللائحة الأساسية واللائحة النظامية للمجلس.
وتضمنت اللائحة الأساسية ثمانى عشرة مادة: اشتملت على نظام الانتخابات، والشروط القانونية الواجبة للياقة العضو المرشح، وفترات انعقاد المجلس. وتضمنت سلطات المجلس للتداول في الشئون الداخلية، ورفع نصائح إلى الخديوي، وتأثرت لوائح المجلس بشدة بالنظم البرلمانية التي كان معمولاً بها في أوروبا في ذلك الوقت، خاصة الهيئة التشريعية الفرنسية
وتكون مجلس شورى النواب من 75 عضوًا منتخبًا من قبل الأعيان في القاهرة، والإسكندرية، ودمياط، وعمد البلاد ومشايخها في باقي المديريات الذين أصبحوا بدورهم منتخبين لأول مرة في عهد الخديوي إسماعيل. إضافة إلى رئيس المجلس الذى كان يعين بأمر من الخديوي
ولأهمية هذا المجلس نسوق أسماء أعضاؤه وهم: نواب القاهرة: (موسى بك العقاد والحاج يوسف عبد الفتاح والسيد محمود العطار)، نواب الإسكندرية: ( الشيخ مصطفي جميعي والسيد عبد الرازق الشوربجي)، نواب الغربية: (اتربي بك أبو العز والحاج فؤاد عبد الرحمن العرباوى عمدة كفر الصارم القبلى والحاج عبد الرحمن جوده عوض العرباوى عمدة كفر الصارم القبلى وعلي كامل عمدة القصرية والحاج شتا يوسف عمدة أبي مندور ومحمد حمودة عمدة برما وسيد أحمد رمضان عمدة قسطا وعبد الحميد زهرة عمدة حانوت وعلي أبو سالم دنيا عمدة مسهلة وسليمان الملوانى عمدة ميت حبيش القبلية وأحمد الشريف عمدة أبيار)، نواب المنوفية: (الحاج علي الجزار عمدة شبين الكوم والحاج علي عياد عمدة سدود ومحمد شعير عمدة كفر عشما وموسى أفندي الجندي عمدة منوف وأحمد أبو حسين عمدة كفر ربيع وحماد أبو عامر عمدة جنزور وعلى أبو عمارة عمدة مليج ومحمد الأنباني عمدة جزي)، نواب البحيرة: (الشيخ محمد الصيرفي عمدة قليشان وحسنين حمزة عمدة البريجات وأحمد دبوس عمدة نكله العنب والحاج علي عمار عمدة بيبان والشيخ محمد الوكيل عمدة سمخراط)، نواب الشرقية والقليوبية: (الحاج نصر منصور الشواربي من قليوب والإمام الشافعي أبو شنب عمدة الخانكة وعلى حسن حجاج عمدة الرملة ومحمد الشواربي قليوب وأحمد أفندي أباظه منيا القمح والشيخ محمد جمال الدين عمدة الجديدة والسيد دربالة عمدة الصنافين القبلية والمعلم سليمان سيدهم عمدة بندر منيا القمح وبركات الديب عمدة القرين ومحمد أفندي عفيفي عمدة الزوامل وعبد الله عياد عمدة كفر عياد)، نواب الدقهلية: (هلال بك وسيد أحمد أفندي نافع عمدة دنديط ومحمد بك سعيد نوسا البحر وإسماعيل أفندي حسن عمدة تمى الأمديد والشيخ محرم على عمدة السنبلاوين والشيخ العدل أحمد عمدة جزيرة القباب)، نواب الجيزة: (علي بك محمد المكاوي وعامر أفندي الزمر وإبراهيم أحمد المنشاوي وعبد الباقي عزوز)، نواب بني سويف والفيوم: ( حزين الجاحد وعلي سيد أحمد وزايد هندي ومحمد حسن كساب و جرجس برسوم)، نواب المنيا وبني مزار: (إبراهيم أفندي الشريعي وإسماعيل أحمد وأحمد على عمدة الزاوية وأحمد حبيب وميخائيل اثناسيوس وحسن أفندي شعراوي)، نواب أسيوط: (سليمان أفندي عبد العال وعثمان غزالي ويوسف محمد عمر ورميح شحاتة وعمر حمد وعبدالعال موسى ومحمد عبد الوهاب)، نواب جرجا: ( محمد حمادي وحميد أبو ستيت والحاج محمد عطية أبودومه وعثمان أبو ليله ورضوان أحمد عرقان وعطية مهران وأحمد سلطان وعبد الرحمن حمد الله)، نواب قنا وإسنا: ( عبد الجليل بك على سلام وعمر أفندي أبو يحي ومحمد سحلي وعلي إبراهيم وأحمد أفندي عبد الصادق وأحمد على إسماعيل).
* ومن مساوئ لائحة مجلس شوري النواب:
أ. أن جلسات المجلس سرية.
ب. إعطاء الحق للخديوي في حل المجلس وقتما يريد.
أما عن طريقة فرز الأصوات:
فقد تقرر أن يتم انتخاب نواب كل مديرية في عاصمتها وأن يتم الفرز تحت إشراف لجنة مكونة من: مدير المديرية ووكيلها وناظر الدعاوي (منصب مثل وكيل النيابة في الوقت الحالي).
وكانت مدة المجلس ثلاث سنوات ينعقد خلال كل سنة منها لمدة شهرين، وقد انعقد مجلس شورى النواب في تسعة أدوار انعقاد على مدى ثلاث هيئات نيابية، وذلك في الفترة من 25 من نوفمبر 1866 حتى 6 من يوليو عام 1879م.
ومع مرور الوقت اتسعت صلاحيات المجلس، وبدأت تظهر نواة الاتجاهات المعارضة، وقد ساعد على هذا التطور انتشار أفكار التنوير على يد مجموعة من كبار المفكرين والكتاب، إضافة إلى ظهور الصحف في ذلك الوقت مما عزز المطالبة الشعبية بإنشاء مجلس نيابي له صلاحيات تشريعية ورقابية أوسع.
* انتهي دور الاجتماع الأول لهذا المجلس في 24 يناير 1867 م، ولم يتناول الأعضاء في المجلس إلا الإصلاحات المحلية أما المسائل المالية والديون وغيرها من الموضوعات ذات الصلة والتي كانت تشغل الرأي العام في ذلك الحين فلم يتعرضوا لها ولم يطلبوا الإطلاع علي ميزانية الدولة للتباحث فيها
* توزع السادة أعضاء مجلس شوري النواب الأول علي خمس لجان ضمت كل لجنة عدد (15) عضواً، وذلك علي النحو التالي:
- لجنة المدائن (العواصم) برئاسة موسي بك العقاد.
- لجنة الغربية ورئيسها إتربي بك أبو العز.
- لجنة الشرقية ورئيسها هلال بك.
- لجنة المنيا برئاسة إبراهيم بك الشريعي.
- لجنة أسيوط برئاسة سليمان أفندي عبد العال.
والمهمة الأولي لهذه اللجان هو التحقق من صحة عضوية النواب وقد قامت اللجان بمهمتها الأولي وخلصت إلي صحة عضوية جميع النواب، أما المهمة الثانية التي ألقيت علي عاتق اللجان الخمس فهي تشكيل لجان أخري تسمي "قومسيونات" لبحث المسائل التي يحيلها إليها المجلس كلما رأي لزوما لذلك، وتلك القومسيونات تشكل من خمسة أعضاء بواقع عضو واحد من كل من اللجان الرئيسية[12].
* وقد ناقش المجلس في دور الانعقاد الأول عددا من الموضوعات منها مايلي:
- مناقشة نظام السخرة في سبيل وضع نظام للتخفيف من وطأتها.
- المداولة حول تقسيط الأموال الأميرية وتحديد مواعيد لسدادها بما يخفف من وطأتها علي الفلاحين وربط السداد بمواعيد جني المحصولات.
- مناقشة مسألة ضرورة تعميم المدارس الابتدائية في عموم القطر المصري.
- وضع نظام لضبط عملية تحصيل الأموال في المديريات لمنع العبث في قيد المتحصلات.
- منع مجازاة العمد بالضرب وضرورة إلغاء النص الذي يبيح ذلك للحكام من القانون.
* ملاحظات حول لوائح المجلس:
- اعتبار كل نائب بمجلس شوري النواب وكيلا عن عموم القطر المصري لا عن أبناء دائرته فقط (المادة السادسة).
_ يتقاضي عضو مجلس شوري النواب بدل انتقال لحضور الجلسات قدره (100) جنيه مصري.
_ في حالة حدوث خلاف بين مجلس شوري النواب وبين مجلس النظار (مجلس الوزراء) فللخديوي استعفاء مجلس النظار أو حل مجلس النواب، وفي الحالة الثانية إذا اجتمع المجلس الثاني وتبني رأي مجلس النواب المنحل فإن القرار الذي يتخذه يكن واجب التنفيذ فورا.
_ ينتخب مجلس شوري النواب من بين أعضائه ثلاثة أشخاص ويتم عرض هذه الأسماء علي الحضرة الخديوية والتي تختار من بينهم شخصا لرئاسة مجلس شوري النواب.
_ لا يكون اجتماع مجلس شوري النواب صحيحا إلا بحضور ثلثي أعضائه.
_ الجزاءات التي توقع علي أعضاء مجلس شوري النواب هي:
أ. الإخطار(اللوم).
ب. تقبيح مخالفة النظام.
ج. المنع من حضور ثلاث جلسات للمجلس والاخراج منه في جلسة المخالفة.
- ومن أهم وأرقي الأحكام التي تضمنتها لائحة المجلس هو عدم جواز الجمع بين الصفة النيابية وأية وظيفة ملكية أو جهادية وإذا انتخب ذو وظيفة فعليه التخلي عن وظيفته لنيل شرف الانضمام إلي عضوية مجلس شوري النواب.
* علي أن مجلس شوري النواب لم يكن التجربة الوحيدة للخديوي إسماعيل في مجال ترسيخ الحياة النيابية في مصر فقد سبقتها تجربة رائدة لم يكتب لها الاستمرار في عصر خلفائه علي الرغم من عبقرية الفكرة والتجربة وكونها كانت ستؤدي في النهاية إلي تنشئة سياسية وديمقراطية عظيمة الأثر في الحركة الوطنية المصرية.
ونعني بها طريقة انتخاب العمد ومشايخ البلد في ذلك الحين، حيث كان يجتمع أهل القرية في أحد الأماكن الواسعة بها في حضور ناظر القسم وينقسمون إلي مجموعات تبعا لعصبيات المرشحين الذين يريدون الفوز بمنصب العمدة أو شيخ البلد ممن تتوافر فيهم الشروط اللازمة لشغل هاتين الوظيفتين المرموقتين في هذا العصر، ثم يدلون بأصواتهم علانية وبعد عد الأصوات يعتبر أكثر المرشحين حصولا علي الأصوات معينا في المنصب الذي ترشح له، سواء عمدة أو شيخ بلد، وكان من حق ناظر القسم الاعتراض علي الانتخابات وفي هذه الحالة كانت الانتخابات تعاد مرة أخري وإذا فاز نفس المرشح أصبح معينا في منصبه ولا يجوز اعتراض ناظر القسم مرة ثانية
القاهرة في 19 يوليو 2010
تاريخ الانتخابات البرلمانية
وتطور الحياة النيابية في مصر
ملخص :
رأينا في الجزء الأول من هذا التتبع التاريخي لتطور الحياة النيابية في مصر كيف أن مشايخ الأزهر بسبب الظلم والقهر الذي تعرض له المصريون علي أيدي المماليك والعثمانيين قد صاروا لسان حال الشعب وتحولوا إلي قوة شعبية ضاغطة وكونوا رأيا عاما ضد نظام الحكم وضد الولاة الثمانيين وأتباعهم من المماليك ،ورأينا كيف تنامت هذه القوة حتي تمكنت من اختيار والي(حاكم)-محمد علي – لأول مرة في مصر،كما رأينا هذه القوة الشعبية تفرض علي الحاكم شروطا يحكم البلاد بمقتضاها،ولا يهمنا في هذا المقام مدي التزام محمد علي باشا بهذا الشروط من عدمه،ففكرة قدرة الشعب علي اختيار حاكمه للمرة الأولي في التاريخ فكرة جديرة بالاعتبار ولولا طغيان محمد علي واستبداده لتطورت هذا الفكرة تطورا تاريخيا هاما ولكنا رأينا ديمقراطية مصرية عتيدة.
وتابعنا انشاء المجلس العمومي والمجلس الخصوصي في عهد محمد علي-علي الرغم من كونهما مجلسان شكليان،ثم تابعنا إنشاء مجلس شوري النواب في عهد الخديوي اسماعيل عام 1866م،وتوقفنا عند هذا الحد في الجزء الأول.
ثانيا
تطور الحياة النيابية والحزبية
من عام 1866 إلي عام 1923
عصر الخديوي إسماعيل:
1/لم يكن الخديوي إسماعيل ديمقراطيا حينما عزم علي تأسيس مجلس شوري النواب عام 1866 ولم يكن متطلعا إلي أن يشاركه أحد في حكم البلاد،بل أراد من هذا المجلس أن يزيد من رونق وأبهة الحكم،كما أن إنشاء المجلس دون سابق مطالبة شعبية به تجعله منحة من الحاكم،والمنحة لا تعني إلا ديمقراطيات شكلية ووهمية
بينما يذهب البعض إلي أن إنشاء مجلس شوري النواب يدل علي ظهور طبقات اجتماعية جديدة يخشي الخديوي قوتها ويعمل علي استشارتها في خطواته المقبلة ودلل علي ذلك بتتبع تاريخ دورات مجلس شوري النواب والقرارات الصادرة عنه .
ونري أن إنشاء مجلس شوري النواب كان أمر طبيعيا في هذه المرحلة التاريخية المهمة من تاريخ مصر الحديثة،فلاشك لدينا أن هذه المرحلة قد شهدت العديد من التغيرات وظهور العديد من الطبقات في مصر،كما لا نشك في ميل الخديوي إسماعيل إلي الانفراد بالحكم وبالسلطة ولكن الظروف التالية:
-وجود طبقة جديدة من المتعلمين والمثقفين جراء البعثات العلمية المتعددة التي أرسلها محمد علي باشا واسماعيل نفسه إلي اوروبا واطلاعها علي النظم السياسية الحديثة مما جعلها تدعو إلي وجود نظم سياسية وقانونية لنظام الحكم في مصر كان من العوامل الحاسمة في هذا الاتجاه.
-وجود طبقة ممتازة من كبار الملاك كان ولا بد أن يضعه إسماعيل في حسبانه خاصة مع تكرار استدانته من الخارج وبدأ التفكير في كيفية سداد هذه الديون ومن ثم أصدر هو ووزيره إسماعيل المفتش قانون المقابلة لخفض الدين المحلي ويقضي هذا القانون بأن ملاك الأطياان إذا قاموا بسداد الضريبة المربوطة علي أطيانهم لمدة ستة سنوات علي دفعة واحدة مقدمة أو علي أقساط متساوية لا تزيد علي ستة سنوات فإنهم يعفون من نصف المربوط الضريبي مدي الحياة(م3-20 من هذا القانون)
-رغبة الخديوي إسماعيل نفسه في أن يحيط نفسه بمجلس شكلي بلا اختصاصات ليؤكد علي أن مصر أصبحت جزء من أوروبا من حيث الشكل ومن حيث نظام الحكم،وبعد أن تفاقمت الديون وحاصرت المشاكل الخديوي إسماعيل،أراد استغلال المجلس في تحقيق أغراضه السياسية والتهرب من الشروط التي فرضتها عليه انجلترا وفرنسا عبر تعيين وزيرين أجنبيين في الوزارة التي يشكلها وهو ما رفضه مجلس شوري النواب وما كان يريده الخديوي.
2/استعرضنا في المقال السابق قرارات مجلس شوري النواب في دورته الأولي،وفي الدورة الثانية والتي بدأت في 16 مارس 1868م ،وفي الافتتاح بينت الح
وفي هذه الدور بدأ النواب ولأول مرة يتطلعون إلي النظر في الأمور المالية خاصة مع ازدياد القروض والديون وارتفاع فوائدها ومع تقليد إسماعيل المفتش وزارة المالية بجوار عمله كمفتش عام للأقاليم المصرية.
قام نواب المجلس بتشكيل لجنة مكونة من ثلاثة من أعضائه لبحث قضية الديون وميزانية الدولة "حيث توجه الأعضاء الثلاثة إلي وزارة المالية واطلعوا علي بعض دفاترها وقدموا بيانا غير صحيح للمجلس بناء علي معلومات قدمها لهم إسماعيل باشا المفتش"
ولأهمية هذا البيان نورده علي النحو التالي
إيرادات الحكومة=7335000 سبعة ملايين جنيها وثلاثمائة وخمس وثلاثون ألف جنيها.
مصروفات الحكومة=3175000 ثلاثة ملايين ومائة وخمس وسبعون ألف جنيها.
أقساط ديون=2515000 مليونان وخمسمائة وخمسة عشر ألف جنيها.
ونؤكد هنا أن وعي النواب بدأ يرتفع بأهمية وضرورة أن يكون المجلس ذا سيادة واختصاصات حقيقية يتمكن من خلالها من مناقشة الحكومة واستجوابها وخاصة فيما يتعلق بميزانية الدولة،وإن كان المجلس وفق قانونه حتي تلك اللحظة غير ذا سلطات اللهم الا السلطات الاستشارية.
3/انتهت مدة المجلس ومن ثم دعت الحاجة في عام 1870 إلي انتخاب مجلس جديد ،ولم يناقش المجلس الجديد إلا الأمور العادية الخاصة باستكمال الترع والرياحات لتحسين أحوال الزراعة وكالعادة قدمت الحكومة الميزانية وبها فائض مزعوم ، وجري دور الانعقاد الثاني 1871 علي المنوال ذاته وفي عام 1872 لم ينعقد المجلس أصلا.ثم توقفت الحياة النيابية لمدة عامين بلا ابداء أسباب.
ونعتقد أن توقف الحياة النيابية يرجع إلي:
أ/تزايد الديون ومحاصرة الخديوي إسماعيل بالمشاكل المالية وضغوط الدول الأوربية عليه،وبيعه لحصة مصر في شركة قناة السويس بثمن بخس لا يتجاوز أربعة ملايين جنيه،ورغبة الفرنسيين والإنجليز في إلغاء قانون المقابلة.
ب/برز إلي سطح الحياة السياسية في هذه الأونة ونتيجة الديون وإسراف الخديوي إسماعيل ظاهرة جديدة كل الجدة وهي قيام مظاهرات تندد بالخديوي وبسياسته ومن ذلك:
*مظاهرة مينا البصل:
وخلاصتها قيام الأهالي بمهاجمة ناظر دائرة الخديوي الخاصة وكادوا يفتكون به،ثم عقد الأهالي عدة اجتماعات بالمدينة قام الخطيب في إحداها بالمطالبة بعزل الخديوي وعلقت الإعلانات في الشوارع وفي الأماكن الآهلة بالسكان لهذا الغرض
*مظاهرة البورصة بالإسكندرية:
وخلاصتها بعد اعلان تأزم الأمور المالية في مصر والقرار القاضي بالتوقف عن دفع فوائد الديون قرروا نزع صورة الخديوي من البورصة والمطالبة بخلعه.
4/عادت الحياة النيابية من جديد في عام 1876 بعد غيبة سنتين ودارت خلال انعقاده مناقشات حول قانون المقابلة ،وكانت الحكومة تحت ضغط اللجان الأوربية علي وشك أن تلغيه ،بعد أن حصلت بموجبه حوالي 12 أو 13 مليون جنيه ،وقد اقترحت الحكومة امتداد العمل بهذا القانون لعدم قدرتها علي السداد[25].
وهو ما أقره المجلس بشرط أن يحاط علما بمصير هذه الأموال وأوجه انفاقها.
5/أنشأ الخديوي إسماعيل مجلس النظار"مجلس الوزراء"،في 28 أغسطس 1878 وعهد بتشكيل الوزارة لنوبار باشا[26].وكان الغرض من مجلس النظار العمل علي تحسين نظم الإدارة والحكم علي أحدث الثواعد والمبادئ المعمول بها في الدول الأوربية ويناط بالمجلس التناقش والتباحث في كافة الأمور المهمة للبلاد ويؤخذ المجلس قراراته بالأغلبية وبعد تصديق الخديوي عليها تكون واجبة النفاذ"
وقد وسع الخديوي من سلطات مجلس النواب فأقر مبدأ مسئولية مجلس النظار أمامه وذلك لمواجهة ضغوط الدول الأوربية عليه.
ومن نافلة القول أن تشييد وتأسيس هذا المبدأ إقرار للديمقراطية التي لم يكن يرغب فيها إسماعيل ولا الدول الأوربية- ولم يرغب فيها أحد ممن تولوا حكم مصر منذ عهد محمد علي-لكنها الديمقراطية المصرية التي يتلاعب بها الحكام لتنفيذ مآربهم الخاصة وتحقق مصالحهم علي غرار :ديمقراطية الأنياب والمخالب،وديمقراطية الجرعات.
علي أن عصر اسماعيل انتهي نهاية مأساوية بعزله وتعيين ابنه توفيق بدلا منه علي سدة الحكم في البلاد وكان توفيق ذو شخصية ضعيفة وفي عهده بدأ الاحتلال الانجليزي وبدأت المطالبات بدستور للبلاد.
عصر الخديوي توفيق:
1/لا شك أن العامين الأخيرين من حكم الخديوي اسماعيل كانا عامين حاسمين في الحياة النيابية المصرية ،فقد أطلق حرية الصحافة عام 1877 ووافق علي قيام مجلس النواب بمناقشة دستور للباد في عهد وزارة شريف باشا،وأطلت المعارضة برأسها في هذه الأونة بسبب تراكم الديون والسياسة المالية الخاطئة للخديوي والتدخل الأجنبي في البلاد،فضلا عن المجاعات التي انتشرت بسبب النيل واغراقه للمزروعات وتدميرها في عام 1878 واصرار الدول الدائنة علي المطالبة بأقساط الديون،إذن فقد تولي توفيق الحكم والبلاد مثقلة بتركة ثقيلة من الديون والتدخل الاجنبي علي الأبواب وحركة وطنية قوية آخذة في النهوض.
وآية ذلك عندما حاول رياض باشا حل المجلس بحجة انتهاء دور انعقاده،فلقي من المجلس مظاهرة غير منتظرة إلي درجة أن جريدة التيمز البريطانية في عددها الصادر بتاريخ 16 أغسطس 1878 قالت:لم يعد مجلس النواب المصري موضع سخرية واحتقار من أحد حيث أثبت أعضاؤه أنهم علي جانب كبير من الاستقلال حيث طالب زعيم المعارضة عبد السلام المويلحي بتحويل الحكومة المطلقة إلي حكومة مسئولة أمام الشعب .
2/لم يضف الخديوي توفيق شيئا للحياة النيابية في مصر حيث كان معاديا للحريات يضيق بها وفي اول عهده قامت الثورة العرابية(ولأنها حركة جيش ومطالبة بتصحيح اوضاع الضباط المصريين وأحوالهم،فلن نتناولها هنا)،ثم تلا ذلك الاحتلال الانجليزي للبلاد.
3/عصر الاحتلال والحياة النيابية:
لاشك أن دراسة الحياة النيابية في عهد الاحتلال تؤكد أمران لا ثالث لهما:
الأول:
أن سلطات الاحتلال لم ترغب في اقامة حياة نيابية سليمة وقوية في مصر لأن هذا ضد مصالحها الاستراتيجية وضد مخططها للاستيلاء علي مصر وتأمين قنوات اتصالها بمسنعمراتها في الهند وفي اسيا وكقاعدة انطلاق لها في إفريقيا وهو ما نلحظه بوضوح وجلاء في تقرير "دوفرين"،والذي كتبه خلال ثلاثة أشهر في الفترة من 7نوفمبر 1882 حتي 6 فبراير 1883،حيث يقول في هذا التقرير[29]:
"إن الحكم الاستبدادي ضرورة لبقاء سلطتنا في مصر..وأن الحكم البريطاني يزول إذا كان للشعب جمعية نواب ينوبون عنه،ويحاول دوفرين تبرير الغاء مجلس شوري النواب علي أساس أن الشعب المصري لا زال قاصرا وأنه إذا منح الحرية فسوف يسئ فهمها وأن ذلك سيعطل الإصلاحات التي تنوي بريطانيا القيام بها .
كما أكد هذه السياسة اللورد كرومر بقوله:
"إن سياسة الحكومة تتلخص في أولا تصدير القطن إلي أوروبا علي أن يدفع في سبيل ذلك ضريبة مقدارها 1%،وثانيا في استيراد المنسوجات القطنية من الخارج علي أن تدفع ضريبة الواردات بمقدار 8%،وليس في نية الحكومة أن تعمل علي غير هذا وأن تحمي زراعة القطن المصري لما في ذلك من ضرر ومخاطر"
وبعبارة أخري نسبت له :لما كان القطر المصري قطرا زراعيا فلا بدع أن تكون الزراعة همه الأول،وكل تعليم صناعي يؤدي إلي إهمال حرث الأرض ويقلل من ميل الأهالي إلي الزراعة يعد مصيبة كبري علي الأمة
الثاني:
أن الحركة الوطنية المصرية قد تبلور دورها إلي حد كبير في هذه الفترة ونشطت لمواجهة الاحتلال الانجليزي من خلال تكوين الجمعيات السرية ومن خلال الصحف التي ازداد عددها إلي حد كبير.
فقد ظهرت جريدتي :"مصر"،و "التجارة" لصاحبهما أديب اسحق في عامي 1877 و1878،كما ظهرت جريدة الوطن لميخائيل عبد السيد عام 1877،وجريدة الاهرام في عام 1876،وغيرها من الجرائد والتي اتخذت خط الحركة القومية والوطنية فضلا عن ظهور عدد كبير من الجمعيات الاهلية والتي كان لها في كثر من الاحيان أفرع سرية لمقاومة الاحتلال الانجليزي.
وفي واقع الأمر كانت الحكومة المصرية تواجه الصحف بموجب اللائحة السعيدية الصادرة عام 1857 بشأن المطبوعات،ولما اشتد خطر الصحف وأصبحت تنادي بأفكار ثورية مع انتشارها بين الأهالي أصدر شريف باشا في فبراير 1881 أول قانون للمطبوعات في مصر لايقاف سيل الصحف واندفاعها الثوري في مصر
مجالس الاحتلال:
صدر مرسوم بقانون بحل مجلس شوري النواب للأسباب التي قدمناها،وقامت سلطة الاحتلال بتشكيل المجالس التالية:
1/مجلس شوري القوانين:
كان مؤلفا من (30) عضوا،أربعة عشر عضوا منهم معينون عن طريق الحكومة،والآخرون منتخبون بواسطة مجالس المديريات[33].ومدة العضوية في هذا المجلس ستة سنوات .
وعلي الرغم من شكلية هذا المجلس الا ان تنامي الحركة الوطنية قد أثر في مسيرته وارتفاع الحس الوطني قد جعله أحيانا يتعامل من منطلق كونه مجلسا نيابيا ذا سلطات حقيقية ومن ذلك:
أن المجلس رفض مناقشة مشروع الميزانية العمومية عن عام 1883 لأنها قدمت إلي المجلس في وقت متأخر.
وانتقد المجلس ميزانية عام 1894 بسبب ثقل الضرائب المفروضة علي الأهالي.
ونوه المجلس إلي أن مرتبات الأجانب تمثل عبئا علي ميزانية الدولة إذا ما قورنت بمرتبات الوطنيين.
رفض المجلس مشروع مد امتياز قناة السويس ولم يرضخ للضغوط التي مورست عليه في هذا الصدد[34].
2/الجمعية العمومية:
وكانت مؤلفة من 82 عضوا،منهم 46 عضوا منتخبا ،والباقي معينون:30 عضو (مجلس شوري النواب)،ومجلس النظار(الوزراء)،وتجتمع الجمعية العمومية مرة كل عامين.
3/ومع تنامي الحركة الوطنية واشتداد وتيرتها قررت سلطات الاحتلال إصدار قانون نظامي(دستور 1913) وانشاء الجمعية التشريعية،وتتكون من 83 عضوا (17 معينون-66 منتخبون)،ونص علي انه لا يجوز اصدار اي قانون إلا بعد أخذ رأي الجمعية التشريعية .
ويجب أخذ رأي الجمعية التشريعية في الأمور التالية:
*أي دين عمومي.
*كل مشروع عام يتعلق بالمديريات(المحافظات).
*تقدير ضرائب الأطيان.
وقد أجريت انتخابات الجمعية العمومية في 26 أكتوبر 1913 وعلي الرغم من حماس المصريين لوجود مجلس نيابي ولوجود دستور إلا أنه لم يحضر في هذه الانتخابات الهامة سوي 15% تقريبا من مجمل عدد الناخبين المقيدين بالجداول والذين يبلغ تعدادهم (اثنان مليون ناخب)،وكانت نسبة من حضروا الانتخابات بالقاهرة 9.69%،وفي الإسكندرية 4.98%[35].
ولم يقدر لهذه الجمعية أن تعيش طويلا حيث قامت الحرب العالمية الأولي عام 1914 ومن ثم أعلنت الحكومة البريطانية حمايتها علي مصر وجرتها إلي ويلات الحرب وبالتالي خمدت الحياة النيابية إلي حين انتهاء الحرب والتي انتهت فعليا في عام 1918.
4/الصحوة النيابية:
*كانت البداية بعد انتهاء الحرب وقيام سعد زغلول بتقديم طلب للمندوب السامي هو ورفيقيه:عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي للسفر لحضور مؤتمر الصلح المعقود بفرساي في فرنسا.
*توالت الأحداث بعد ذلك من قيام الشعب بعمل توكيلات لسعد زغلول ونفي الأخير إلي قيام ثورة 1919 للمطالبة باخلاء سبيل سعد وجلاء الاحتلال عن مصر .
وانتهت هذه المرحلة بتصريح فبراير 1922 باستقلال مصر وفق شروط معينة:
-تأمين طرق مواصلات للامبراطورية البريطانية.
-الدفاع عن مصر ضد كل احتلال اجنبي.
-حماية المصالح الاجنبية والأقليات في مصر.
وأخيرا صدر الدستور المصري عام 1923 ووضعته لجنة مشكلة من ثلاثين عضوا برئاسة حسين باشا رشدي وهو الدستور الأول في البلاد حيث كفل العديد من الحقوق والحريات للشعب المصري واجريت بموجبه انتخابات برلمانية حقيقية عام 1924 .
وللحديث بقية في العدد القادم.
[1]/د:محمود متولي:"مصر والحياة النيابية والحزبية قبل سنة 1952 دراسة تاريخية وثائقية"،دار الثقافة والطباعة والنشر ،ط1980 ، ص 11.
كما يمكن مراجعة الدكتور:أحمد فارس عبد المنعم في :"السلطة السياسية في مصر وقضية الديمقراطية "،ص13 ،سلسلة تاريخ المصريين العدد 105،حيث يقول سيادته:"تعتبر واقعة كبار رجال مصر من العلماء ونقباء الحرف والعامة بعزل الوالي العثماني خورشيد باشا سنة 1805 وتعيين محمد علي بدلا منه ،نقطة انطلاق أساسية في تطور النظام السياسي المصري وحلقة مهمة من حلقات كفاح الشعب المصري من أجل تقييد سلطة الحاكم المطلقة وتحقيق الديمقراطية".
[2]/والأسماء المختارة وفق الجبرتي في:"عجائب الآثار في التراجم والأخبار"الجزء الثالث هم السادة:الشيخ عبد الله الشرقاوي،الشيخ خليل البكري،الشيخ مصطفي الصاوي ،الشيخ سليمان الفيومي ،الشيخ محمد المهدي،الشيخ موسي السرسي ،الشيخ مصطفي الدمنهوري ،الشيخ أحمد العريشي ،الشيخ يوسف الشبراخيتي ،الشيخ محمد الدواخلي.
وفي النص الفرنسي وفق الأستاذ/عبد الرحمن الرافعي عدد أعضاء الديوان تسعة من بينهم نقيب الأشراف الشيخ عمر مكرم.
[3] /راجع الدكتور /محمود متولي ،مرجع سابق،ص :28.
[4] /المرجع السابق ص 28.
[5]/يراجع في هذا الشأن كل من:
الدكتور محمود متولي مرجع سابق ص40-43.
الدكتور أحمد فارس عبد المنعم مرجع سابق ص:15 وما بعدها.
[6] / في عام 1837 أصدر محمد على القانون الأساسى للدولة"السياستنامة"الذى ألغى مجلس المشورة وأحل مكانه مجلسين هما:"المجلس الخصوصى"لسن القوانين، و"المجلس العمومى"لبحث ما تحيله إليه الحكومة من أمور. وتم تنظيم الحكومة في شكل سبعة دواوين أساسية.
[7] /يراجع الدكتور :أحمد فارس عبد المنعم ،مرجع سابق ص:28-29.
[8]/امتازت فترة حكم عباس الأول بالغموض وبانتشار الجاسوسية بشكل غير عادي وانتشر فيها بشكل لافت للنظر النفي إلي السودان والعداء بين أفراد أسرة محمد علي لدرجة أن معظم أفراد هذه الأسرة اختارت الاقامة خارج مصر مثل الخديوي اسماعيل والذي أقام في اسطانبول،ولم يبقي من الأسرة بجوار عباس الأول سوي الأمير أحمد رفعت.
[9]/ولعل ذلك يجد مرده في ولع الخديوي إسماعيل بالثقافة الفرنسية وبالفرنسيين ومن ذلك تطويره للقاهرة لتصبح مثل باريس بالضبط وتخطيط كيدان الاسماعيلية (ميدان التحرير حاليا)علي مقاييس ونسب أحد ميادين باريس،وكذا العمارات التي اقيمت في القاهرة الخديوية.
[10] / عصر إسماعيل ج2 للأستاذ/عبد الرحمن الرافعي ،الطبعة الرابعة ،دار المعارف ص:94 وما بعدها.
[11]/الدكتور محمود متولي مرجع سابق ص:53 وما بعدها.
[12]/عبد الرحمن الرافعي"عصر إسماعيل ج2 ص:101.
[13]/يراجع في هذا الشأن الدكتور محمود متولي:"تطور الحياة النيابية والحزبية في مصر"ص: 49.
[14] /عبد الرحمن الرافعي:"عصر إسماعيل"،دار المعارف ،الطبعة الرابعة ،ص83 وما بعدها.
[15] /فوزي جرجس:"دراسات في تاريخ مصر السياسي منذ العصر المملوكي"-العربي للنشر والتوزيع بدون تاريخ طبع-ص 80 وما بعدها.
[16] /عبد الرحمن الرافعي:"عصر إسماعيل"-الجزء الثاني –ص 47-48.
[17] /حسب لائحة المجلس يبدأ دور الانعقاد في شهر ديسمبر ،وتأخر إلي مارس بسبب مرض الخديوي في هذه الفترة كما أوضح ذلك خطاب العرش الملقي في افتتاح هذا الدور.
[18] /رأس المجلس في هذه الدور إبراهيم باشا عزت.
[19] /الرافعي"عصر اسماعيل"-مرجع سابق-ص 115.
[20] /فوزي جرجس-مرجع سابق –ص 81-82.
[21] /ويؤكد عبد الرحمن الرافعي أن هذه الأرقام مزعومة وليس لها أي أساس من الصحة حيث قرر بزيادة مصروفات الحكومة عن إيرادتها في هذه السنة بمقدار عشرة ملايين جنيه علي الأقل،وللأسف لم ينتبه أحد في المجلس إلي مناقشة الحكومة في طلبها عقد سلفة إذا ما كانت الايرادات تزيد علي المصروفات كما تزعم وتدعي-"عصر إسماعيل"-ص 115.
[22]/إلياس الأيوبي:"تاريخ مصر في عهد الخديوي إسماعيل"-دار الكتب القومية 1923-ص:346-348
[23] /دعي المجلس لانعقاد غير عادي بمدينة طنطا في أغسطس 1876 لمناقشة قانون المقابلة.
[24] /عبد الرحمن الرافعي"عصر اسماعيل"،حيث يؤكد أن الحكومة حصلت بموجب هذا القانون 13 ونصف مليون جنيه.
[25]/فوزي جرجس-مرجع سابق –ص 82.
[26] /بوغوص نوبار باشا (1825 - 1899) أول رئيس لوزراء مصر. شغل هذا المنصب 3 مرات، الأولى كانت من أغسطس 1878 وحتى 23 فبراير 1879. وكانت ثاني وزاراته من 10 يناير 1884 إلى 9 يونيو 1888. وآخر وزاراته كانت من 16 أبريل 1894 حتى 12 نوفمبر 1895.
[27]/هذا ماورد في خطاب الخديوي اسماعيل لنوبار باشا بتكليفه برئاسة مجلس النظار،راجع عصر اسماعيل للرافعي مرجع سابق –ص83-84.
[28] /الدكتور محمود متولي مرجع سابق ص 59.
[29] /المرجع السابق ص 62.
[30] /فوزي جرجس-مرجع سابق – ص 92.
[31] /المرجع السابق ص 92.
[32] /الصحافة المصرية والحركة الوطنية،الدكتور رمزي ميخائيل،مركز وثائق وتاريخ مصر المعاصر-ص16.
[33] /كانت مجالس المديريات مكونة من أعضاء منتخبين من بين مشايخ القري وعدد أعضاء هذه المجالس ما بين اربعة وخمسة أعضاء وهي مجالس أنشأها الاحتلال.
بجانب مجالس القري وهي مؤلفة من نواب دوائر الانتخاب الذين ينتخبون بواسطة الأهالي.
[34] /الدكتور محمود متولي-مرجع سابق ص 178.
[35]/المرجع السابق ص 70.
ومن الغريب والعجيب أنه في العصر الحديث وحينما حدث تعديل في الدستور المصر يالدائم الصادر عام 1971 ،وأتيح اختيار رئيس الجمهورية لأول مرة عن طريق الاقتراع السري المباشر لم يحضر الانتخاب نسبة تزيد عن 23% من مجمل عدد الناخبين البالغ عددهم في الانتخابات الرئاسية لعام 2005(32 مليون ناخب)،وهو أمر جدير بالملاحظة والاعتبار ويحتاج إلي الدراسة والبحث لمعرفة أسباب عزوف المواطنين المصريين عن مباشرة حقوقهم السياسية خاصة في تلك اللحظات التاريخية الفارقة.
تحياتي للجميع
إذا اعجبكم هذا البحث الذي اكمل لكم بقية حلقاته
وتطور الحياة النيابية في مصر
مقدمة:
إن الحرية لا يمكن أن تتوفر في بلد من البلدان بدون وجود الديمقراطية وتوفرها، ومن المستحيل أن توجد الديمقراطية إلا إذا وجدت حياة نيابية سليمة نمت وتطورت من خلال كفاح شعبي متراكم، والحياة النيابية لا يمكن وجودها إلا عن طريق وجود الأحزاب والقوي السياسية الفاعلة ذات الوجود الحقيقي بين المواطنين
ورصد تطور الحياة النيابية في مصر يحتاج إلي إعادة قراءة التاريخ السياسي مرة أخري قراءة متأنية نقدية تبتعد عن النمطيات والأحكام المسبقة،وانطلاقا من هذه الفرضية يمكننا التأريخ للحياة النيابية في مصر بدءا من بروز المقاومة الشعبية في مصر إبان الاحتلال الفرنسي للبلاد في الفترة الواقعة من 1798 إلي 1801 حيث تكونت قيادة شعبية من المشايخ لمقاومة الاحتلال والعمل علي طرده من البلاد بما يشبه القوي السياسية ذات المطالب المحدودة والمتمثلة فقط في الجلاء والتحرر من ربقة الاستعمار والاحتلال، بيد أن هذه الزعامات الوطنية بعد خروج المستعمر الفرنسي ارتأت أن توسع من سقف مطالبها وتثور علي الحكام المعينين من قبل الباب العالي (السلطان العثماني)، نظرا للمظالم المنتشرة في طول البلاد وعرضها بل والضغط علي الباب العالي لتعيين والي لمصر يرتضيه زعماء المشايخ كطبقة تعبر عن مصالح جموع المواطنين، وهو ما يمكن معه اعتبار هذه الطبقة بمثابة حزب سياسي أو جماعة أو قوة سياسية لها مطالب سياسية محددة وهو ما نجحت فيه طبقة المشايخ والأعيان عام 1805 عبر تعيين محمد علي باشا واليا علي مصر تحت شروط ثلاثة هي:
1. احترام القانون.
2. الحكم بالشوري.
3. تمثيل الإرادة الشعبية التي تملك تنصيب الولاة كما تملك عزلهم إذا خرجوا علي حكم القانون وحكم الشوري.
وبناء علي ما سبق يمكننا التأريخ لوجود ارهاصات بحياة نيابية وبرلمانية بدء من العام 1798 وهو تاريخ الاحتلال الفرنسي لمصر، ومن ثم سنتابع هذا التطور في مراحله المختلفة، وذلك علي النحو التالي:
1. من 1798 إلي 1866.
2. من عام 1866 إلي عام 1923.
3. من عام 1923 إلي عام 2010.
أولا: تطور الحياة النيابية
من عام 1798 إلي العام 1866م.
1. بعد دخول نابليون إلي القاهرة في 24 يوليو 1798 أعلن عن نيته في إنشاء ديوان من كبار العلماء والأعيان بغرض تدبير الأمور والنظر في راحة الرعية وإجراء الشريعة، وبناء علي هذا الاجتماع تم انتخاب عشرة من هؤلاء ليكونوا هم نواة هذا الديوان
وقد أمر نابليون الديوان بالاجتماع في اليوم التالي لاجراء مشاورات ومداولات لاختيار رئيس الديوان وسكرتيره (وذلك من غير أعضاء الديوان)، وذلك يوم 25 يوليو 1798.
وتمثلت أهم الوظائف الملقاة علي عاتق هذا الديوان فيما يلي
* حق تعيين بعض الجنود لإدارة البوليس.
* حق مراقبة الأسواق وتموين القاهرة .
* الاهتمام بالصحة العامة وخاصة دفن الموتي بعيدا عن مدينة القاهرة، تجنبا لتفشي الأمراض والأوبئة.
وقد حرص نابليون أن يقيد هذا الديوان حيث جعل عليه حرسا فرنسيا وتركيا علي بابه، كما عين الجنرال برتييه "رئيس الأركان"، والجنرال "ديبويه" حاكم القاهرة مراقبين للديوان.
وكان الديوان يجتمع يوميا ابتداءا من الظهر، مع بقاء ثلاثة من أعضاء الديوان في حالة اجتماع دائم
وعمم نابليون التجربة في الأقاليم المصرية، ثم أنشأ ما يسمي بالديوان العام بحيث يكون أعضاؤه ممثلين لكافة دواوين القطر المصري وكان يختار من كل مديرية تسعة أشخاص :ثلاثة من العلماء وثلاثة من الأعيان وثلاثة من الأهالي "عمد ومشايخ البلد".
ولا يفوتنا هنا أنه خلال هذه المرحلة الهامة قد جرت ولأول مرة انتخابات حقيقية بين أعضاء الديوان العام لاختيار قاضي قضاة مصر وذلك عبر الاقتراع السري المباشر حيث فاز بالمنصب الشيخ أحمد العرايشي حاصدا ستة عشر صوتا مقابل خمسة أصوات فقط لأقرب منافسيه إليه وهو الشيخ: مصطفي الجداوي.
وجدير بالذكر أثناء قراءة وتحليل هذه التجربة أن نؤكد علي النقاط التالية:
* جميع أعضاء الدواوين المشار إليها كانوا مصريين لأول مرة، وربما يرجع ذلك إلي سياسة نابليون والتي كانت تحاول اجتذاب المصريين والتأكيد علي أن الفرنسيين أتوا إلي مصر لتحريرهم من الأتراك والمماليك.
* أن هذه الدواوين وعلي الرغم من حرص بونابرت علي تجريدها من أية سلطة فعلية إلا أنها مكنت المصريين لأول مرة أن يتشاوروا في الأمور المختلفة التي تسود البلاد مما مثل إرهاصة لا شك فيها قوية لبدء العمل السياسي والوطني.
* لفتت هذه الدواوين نظر المصريين أن مصر لهم وعليهم أن يحكموها وفق ما يحقق صالح المواطنين وراحتهم لا وفق ما يمليه الوالي المصري.
* لاشك لدينا أن هذه الدواوين تعد بمثابة نواة أولى للعمل البرلماني في مفهومه الحديث.
2. لاشك لدينا أن عملية اختيار الشعب لحاكمه تعد واحدة من أرقي صور الديمقراطية وأكثرها تأثيرا في حياة الأمم والشعوب، ومن ثم فلا جدال أن اختيار محمد علي حاكما للبلاد بعد قيام الشعب المصري بعزل الوالي العثماني خورشيد باشا يعد إرهاصا للمشاركة السياسية وتطورا هائلا في النظام السياسي المصري، حيث تعد هذه هي المرة الأولي التي يشارك فيها الشعب المصري ممثلا في قياداته الدينية مشاركة سياسية فعالة في اختيار حاكمه.
* علي أن محمد علي كان طموحا ومتطلعا إلي حكم مصر منفردا، ومن ثم فما لبث أن أحكم قبضته علي البلاد وبدأ في تصفية خصومه واحد تلو الآخر فبدأ بالعلماء والمشايخ الذين أتوا به علي رأس البلاد فنفي الشيخ عمر مكرم، ثم قضي علي المماليك في مذبحة القلعة الشهيرة عام 1811م، وقضي علي بقايا الأتراك وتحكمهم في البلاد، وصار هو الصانع الأوحد والزارع الأوحد، ولعل ذلك كان مرده - بجانب طموحاته الشخصية - في أن مشروعه التنموي والنهضوي كان يواجه بمعارضات كثيرة من قبل هذه الطوائف، وبالتالي فإن البناء الحقيقي لمصر بدأ بعد أن صفا حكم مصر لمحمد علي.
* وعقب استقلاله بحكم مصر، بدأ محمد علي ثورة إدارية شاملة لإقامة مؤسسات حكم حديثة، بما فيها إقامة مجلس شبه نيابي تمثيلي حديث، حيث تم تكوين "المجلس العالي"، في عام 1824م، الذي يعد البداية الحقيقية لأول مجلس نيابى ولم يكن فيه مصريا واحداً، بل كان يتكون من الأتراك والشركس، وفي عام 1829م عمد محمد علي إلي توسيع عضوية المجلس العالي بضم 24 من شيوخ وعلماء الأزهر إلي قوام المجلس، وبذلك أصبح "المجلس العالي"، سمي فيما بعد "مجلس المشورة"، يتألف من نظار الدواوين، ورؤساء المصالح، واثنين من العلماء يختارهما شيخ الأزهر، واثنين من التجار يختارهما كبير تجار العاصمة، واثنين من ذوى المعرفة بالحسابات، واثنين من الأعيان عن كل مديرية من مديريات القطر المصري ينتخبهما الأهالي.
وفي يناير 1825 صدرت اللائحة الأساسية للمجلس العالي وحددت اختصاصاته بأنها"مناقشة ما يراه أو يقترحه محمد على فيما يتعلق بسياسته الداخلية.. وقد تضمنت اللائحة الأساسية كذلك مواعيد انعقاد المجلس وأسلوب العمل فيه.
* لم يكن هذا المجلس مجلسا حقيقيا ولم يكن ذا سلطات يتمكن من خلالها من القيام بفعل حقيقي في عملية إصلاح البلاد بل كان كما يظهر من اسمه مجرد مجلس استشاري للاستئناس برأيه في المسائل الداخلية، كالإدارة والتعليم والأشغال العمومية والنظر في الشكايات التي تقدم ضد موظفي الدولة فيما يخص الرشوة، ولم يكن له أية اختصاصات مالية
* لا شك أن محمد علي لم يرد إنشاء حياة نيابية سليمة ولا إشراك الشعب المصري في إدارة شئون البلاد، بل كان يهدف إلي مساعدة نفسه في إدارة البلاد وتعظيمها لصالح أسرته حيث أدرك أنه لا يستطيع بمفرده حكم البلاد وإدارتها ومن ثم فقد كان مجلس المشورة ينعقد مرة كل عام وتحت رئاسة إبراهيم باشا نجل محمد علي، وحينما ضاق محمد علي ذرعا بالمجلس ألغاه في عام1837م
* أنشأ محمد علي في عام 1837 مجلسين هما المجلس العمومي والمجلس الخصوصي وذلك لمناقشة ما تحيله إليهما الحكومة من أمور وسن القوانين والتشريعات مع ضرورة عرضها علي الباشا وهو الذي يقرر التنفيذ من عدمه.
وقانون "السياستنامة" الذي صدر في هذا العام وأنشأ المجلسين السابقين هو الذي أنشأ الوزارات تحت مسمي الدواوين وجعلها سبعة دواوين وهي:
الديوان الخديوي (الداخلية)، ديوان كلفة الإيرادات، ديوان البحر، ديوان المدارس، ديوان الأمور الإفرنكية والتجارة المصرية، ديوان الفاوريقات(الصناعة).
ولم يحدث تعديل يذكر في هذا النظام حتي عام 1878م إلا في تغيير الدواوين إلي نظارات، وتغيير بعض الأسماء مثل ديوان المدارس والذي أصبح نظارة المعارف، وديوان الأمور الإفرنكية الذي تحول إلي نظارة الخارجية، وإضافة نظارتين (وزارتين) جديدتين هما الأشغال والحقانية
* في فترة حكم عباس التي استمرت خمس سنوات ألغيت كافة المجالس شبه النيابية تماما وقتلت المدرسة التي كان من الممكن اعتبارها نواة لتعليم الديمقراطية وممارستها لطوائف متعددة من الشعب المصري كشيوخ وعلماء الأزهر والأعيان وطوائف الحرف الممثلة في المجالس السابقة
* شهد عصر الخديوي إسماعيل الخطوة الأساسية والحقيقية في تشييد وبنيان و تطور الحياة النيابية في مصر بإنشاء "مجلس شورى النواب" في عام 1866م، فهذا المجلس يعد أول برلمان يمتلك اختصاصات نيابية، وليس مجرد مجلس استشارى تغلب عليه الصفة الإدارية.
وقد صدر المرسوم الخديوي بإنشاء المجلس في نوفمبر 1866، متضمنا اللائحة الأساسية واللائحة النظامية للمجلس.
وتضمنت اللائحة الأساسية ثمانى عشرة مادة: اشتملت على نظام الانتخابات، والشروط القانونية الواجبة للياقة العضو المرشح، وفترات انعقاد المجلس. وتضمنت سلطات المجلس للتداول في الشئون الداخلية، ورفع نصائح إلى الخديوي، وتأثرت لوائح المجلس بشدة بالنظم البرلمانية التي كان معمولاً بها في أوروبا في ذلك الوقت، خاصة الهيئة التشريعية الفرنسية
وتكون مجلس شورى النواب من 75 عضوًا منتخبًا من قبل الأعيان في القاهرة، والإسكندرية، ودمياط، وعمد البلاد ومشايخها في باقي المديريات الذين أصبحوا بدورهم منتخبين لأول مرة في عهد الخديوي إسماعيل. إضافة إلى رئيس المجلس الذى كان يعين بأمر من الخديوي
ولأهمية هذا المجلس نسوق أسماء أعضاؤه وهم: نواب القاهرة: (موسى بك العقاد والحاج يوسف عبد الفتاح والسيد محمود العطار)، نواب الإسكندرية: ( الشيخ مصطفي جميعي والسيد عبد الرازق الشوربجي)، نواب الغربية: (اتربي بك أبو العز والحاج فؤاد عبد الرحمن العرباوى عمدة كفر الصارم القبلى والحاج عبد الرحمن جوده عوض العرباوى عمدة كفر الصارم القبلى وعلي كامل عمدة القصرية والحاج شتا يوسف عمدة أبي مندور ومحمد حمودة عمدة برما وسيد أحمد رمضان عمدة قسطا وعبد الحميد زهرة عمدة حانوت وعلي أبو سالم دنيا عمدة مسهلة وسليمان الملوانى عمدة ميت حبيش القبلية وأحمد الشريف عمدة أبيار)، نواب المنوفية: (الحاج علي الجزار عمدة شبين الكوم والحاج علي عياد عمدة سدود ومحمد شعير عمدة كفر عشما وموسى أفندي الجندي عمدة منوف وأحمد أبو حسين عمدة كفر ربيع وحماد أبو عامر عمدة جنزور وعلى أبو عمارة عمدة مليج ومحمد الأنباني عمدة جزي)، نواب البحيرة: (الشيخ محمد الصيرفي عمدة قليشان وحسنين حمزة عمدة البريجات وأحمد دبوس عمدة نكله العنب والحاج علي عمار عمدة بيبان والشيخ محمد الوكيل عمدة سمخراط)، نواب الشرقية والقليوبية: (الحاج نصر منصور الشواربي من قليوب والإمام الشافعي أبو شنب عمدة الخانكة وعلى حسن حجاج عمدة الرملة ومحمد الشواربي قليوب وأحمد أفندي أباظه منيا القمح والشيخ محمد جمال الدين عمدة الجديدة والسيد دربالة عمدة الصنافين القبلية والمعلم سليمان سيدهم عمدة بندر منيا القمح وبركات الديب عمدة القرين ومحمد أفندي عفيفي عمدة الزوامل وعبد الله عياد عمدة كفر عياد)، نواب الدقهلية: (هلال بك وسيد أحمد أفندي نافع عمدة دنديط ومحمد بك سعيد نوسا البحر وإسماعيل أفندي حسن عمدة تمى الأمديد والشيخ محرم على عمدة السنبلاوين والشيخ العدل أحمد عمدة جزيرة القباب)، نواب الجيزة: (علي بك محمد المكاوي وعامر أفندي الزمر وإبراهيم أحمد المنشاوي وعبد الباقي عزوز)، نواب بني سويف والفيوم: ( حزين الجاحد وعلي سيد أحمد وزايد هندي ومحمد حسن كساب و جرجس برسوم)، نواب المنيا وبني مزار: (إبراهيم أفندي الشريعي وإسماعيل أحمد وأحمد على عمدة الزاوية وأحمد حبيب وميخائيل اثناسيوس وحسن أفندي شعراوي)، نواب أسيوط: (سليمان أفندي عبد العال وعثمان غزالي ويوسف محمد عمر ورميح شحاتة وعمر حمد وعبدالعال موسى ومحمد عبد الوهاب)، نواب جرجا: ( محمد حمادي وحميد أبو ستيت والحاج محمد عطية أبودومه وعثمان أبو ليله ورضوان أحمد عرقان وعطية مهران وأحمد سلطان وعبد الرحمن حمد الله)، نواب قنا وإسنا: ( عبد الجليل بك على سلام وعمر أفندي أبو يحي ومحمد سحلي وعلي إبراهيم وأحمد أفندي عبد الصادق وأحمد على إسماعيل).
* ومن مساوئ لائحة مجلس شوري النواب:
أ. أن جلسات المجلس سرية.
ب. إعطاء الحق للخديوي في حل المجلس وقتما يريد.
أما عن طريقة فرز الأصوات:
فقد تقرر أن يتم انتخاب نواب كل مديرية في عاصمتها وأن يتم الفرز تحت إشراف لجنة مكونة من: مدير المديرية ووكيلها وناظر الدعاوي (منصب مثل وكيل النيابة في الوقت الحالي).
وكانت مدة المجلس ثلاث سنوات ينعقد خلال كل سنة منها لمدة شهرين، وقد انعقد مجلس شورى النواب في تسعة أدوار انعقاد على مدى ثلاث هيئات نيابية، وذلك في الفترة من 25 من نوفمبر 1866 حتى 6 من يوليو عام 1879م.
ومع مرور الوقت اتسعت صلاحيات المجلس، وبدأت تظهر نواة الاتجاهات المعارضة، وقد ساعد على هذا التطور انتشار أفكار التنوير على يد مجموعة من كبار المفكرين والكتاب، إضافة إلى ظهور الصحف في ذلك الوقت مما عزز المطالبة الشعبية بإنشاء مجلس نيابي له صلاحيات تشريعية ورقابية أوسع.
* انتهي دور الاجتماع الأول لهذا المجلس في 24 يناير 1867 م، ولم يتناول الأعضاء في المجلس إلا الإصلاحات المحلية أما المسائل المالية والديون وغيرها من الموضوعات ذات الصلة والتي كانت تشغل الرأي العام في ذلك الحين فلم يتعرضوا لها ولم يطلبوا الإطلاع علي ميزانية الدولة للتباحث فيها
* توزع السادة أعضاء مجلس شوري النواب الأول علي خمس لجان ضمت كل لجنة عدد (15) عضواً، وذلك علي النحو التالي:
- لجنة المدائن (العواصم) برئاسة موسي بك العقاد.
- لجنة الغربية ورئيسها إتربي بك أبو العز.
- لجنة الشرقية ورئيسها هلال بك.
- لجنة المنيا برئاسة إبراهيم بك الشريعي.
- لجنة أسيوط برئاسة سليمان أفندي عبد العال.
والمهمة الأولي لهذه اللجان هو التحقق من صحة عضوية النواب وقد قامت اللجان بمهمتها الأولي وخلصت إلي صحة عضوية جميع النواب، أما المهمة الثانية التي ألقيت علي عاتق اللجان الخمس فهي تشكيل لجان أخري تسمي "قومسيونات" لبحث المسائل التي يحيلها إليها المجلس كلما رأي لزوما لذلك، وتلك القومسيونات تشكل من خمسة أعضاء بواقع عضو واحد من كل من اللجان الرئيسية[12].
* وقد ناقش المجلس في دور الانعقاد الأول عددا من الموضوعات منها مايلي:
- مناقشة نظام السخرة في سبيل وضع نظام للتخفيف من وطأتها.
- المداولة حول تقسيط الأموال الأميرية وتحديد مواعيد لسدادها بما يخفف من وطأتها علي الفلاحين وربط السداد بمواعيد جني المحصولات.
- مناقشة مسألة ضرورة تعميم المدارس الابتدائية في عموم القطر المصري.
- وضع نظام لضبط عملية تحصيل الأموال في المديريات لمنع العبث في قيد المتحصلات.
- منع مجازاة العمد بالضرب وضرورة إلغاء النص الذي يبيح ذلك للحكام من القانون.
* ملاحظات حول لوائح المجلس:
- اعتبار كل نائب بمجلس شوري النواب وكيلا عن عموم القطر المصري لا عن أبناء دائرته فقط (المادة السادسة).
_ يتقاضي عضو مجلس شوري النواب بدل انتقال لحضور الجلسات قدره (100) جنيه مصري.
_ في حالة حدوث خلاف بين مجلس شوري النواب وبين مجلس النظار (مجلس الوزراء) فللخديوي استعفاء مجلس النظار أو حل مجلس النواب، وفي الحالة الثانية إذا اجتمع المجلس الثاني وتبني رأي مجلس النواب المنحل فإن القرار الذي يتخذه يكن واجب التنفيذ فورا.
_ ينتخب مجلس شوري النواب من بين أعضائه ثلاثة أشخاص ويتم عرض هذه الأسماء علي الحضرة الخديوية والتي تختار من بينهم شخصا لرئاسة مجلس شوري النواب.
_ لا يكون اجتماع مجلس شوري النواب صحيحا إلا بحضور ثلثي أعضائه.
_ الجزاءات التي توقع علي أعضاء مجلس شوري النواب هي:
أ. الإخطار(اللوم).
ب. تقبيح مخالفة النظام.
ج. المنع من حضور ثلاث جلسات للمجلس والاخراج منه في جلسة المخالفة.
- ومن أهم وأرقي الأحكام التي تضمنتها لائحة المجلس هو عدم جواز الجمع بين الصفة النيابية وأية وظيفة ملكية أو جهادية وإذا انتخب ذو وظيفة فعليه التخلي عن وظيفته لنيل شرف الانضمام إلي عضوية مجلس شوري النواب.
* علي أن مجلس شوري النواب لم يكن التجربة الوحيدة للخديوي إسماعيل في مجال ترسيخ الحياة النيابية في مصر فقد سبقتها تجربة رائدة لم يكتب لها الاستمرار في عصر خلفائه علي الرغم من عبقرية الفكرة والتجربة وكونها كانت ستؤدي في النهاية إلي تنشئة سياسية وديمقراطية عظيمة الأثر في الحركة الوطنية المصرية.
ونعني بها طريقة انتخاب العمد ومشايخ البلد في ذلك الحين، حيث كان يجتمع أهل القرية في أحد الأماكن الواسعة بها في حضور ناظر القسم وينقسمون إلي مجموعات تبعا لعصبيات المرشحين الذين يريدون الفوز بمنصب العمدة أو شيخ البلد ممن تتوافر فيهم الشروط اللازمة لشغل هاتين الوظيفتين المرموقتين في هذا العصر، ثم يدلون بأصواتهم علانية وبعد عد الأصوات يعتبر أكثر المرشحين حصولا علي الأصوات معينا في المنصب الذي ترشح له، سواء عمدة أو شيخ بلد، وكان من حق ناظر القسم الاعتراض علي الانتخابات وفي هذه الحالة كانت الانتخابات تعاد مرة أخري وإذا فاز نفس المرشح أصبح معينا في منصبه ولا يجوز اعتراض ناظر القسم مرة ثانية
القاهرة في 19 يوليو 2010
تاريخ الانتخابات البرلمانية
وتطور الحياة النيابية في مصر
ملخص :
رأينا في الجزء الأول من هذا التتبع التاريخي لتطور الحياة النيابية في مصر كيف أن مشايخ الأزهر بسبب الظلم والقهر الذي تعرض له المصريون علي أيدي المماليك والعثمانيين قد صاروا لسان حال الشعب وتحولوا إلي قوة شعبية ضاغطة وكونوا رأيا عاما ضد نظام الحكم وضد الولاة الثمانيين وأتباعهم من المماليك ،ورأينا كيف تنامت هذه القوة حتي تمكنت من اختيار والي(حاكم)-محمد علي – لأول مرة في مصر،كما رأينا هذه القوة الشعبية تفرض علي الحاكم شروطا يحكم البلاد بمقتضاها،ولا يهمنا في هذا المقام مدي التزام محمد علي باشا بهذا الشروط من عدمه،ففكرة قدرة الشعب علي اختيار حاكمه للمرة الأولي في التاريخ فكرة جديرة بالاعتبار ولولا طغيان محمد علي واستبداده لتطورت هذا الفكرة تطورا تاريخيا هاما ولكنا رأينا ديمقراطية مصرية عتيدة.
وتابعنا انشاء المجلس العمومي والمجلس الخصوصي في عهد محمد علي-علي الرغم من كونهما مجلسان شكليان،ثم تابعنا إنشاء مجلس شوري النواب في عهد الخديوي اسماعيل عام 1866م،وتوقفنا عند هذا الحد في الجزء الأول.
ثانيا
تطور الحياة النيابية والحزبية
من عام 1866 إلي عام 1923
عصر الخديوي إسماعيل:
1/لم يكن الخديوي إسماعيل ديمقراطيا حينما عزم علي تأسيس مجلس شوري النواب عام 1866 ولم يكن متطلعا إلي أن يشاركه أحد في حكم البلاد،بل أراد من هذا المجلس أن يزيد من رونق وأبهة الحكم،كما أن إنشاء المجلس دون سابق مطالبة شعبية به تجعله منحة من الحاكم،والمنحة لا تعني إلا ديمقراطيات شكلية ووهمية
بينما يذهب البعض إلي أن إنشاء مجلس شوري النواب يدل علي ظهور طبقات اجتماعية جديدة يخشي الخديوي قوتها ويعمل علي استشارتها في خطواته المقبلة ودلل علي ذلك بتتبع تاريخ دورات مجلس شوري النواب والقرارات الصادرة عنه .
ونري أن إنشاء مجلس شوري النواب كان أمر طبيعيا في هذه المرحلة التاريخية المهمة من تاريخ مصر الحديثة،فلاشك لدينا أن هذه المرحلة قد شهدت العديد من التغيرات وظهور العديد من الطبقات في مصر،كما لا نشك في ميل الخديوي إسماعيل إلي الانفراد بالحكم وبالسلطة ولكن الظروف التالية:
-وجود طبقة جديدة من المتعلمين والمثقفين جراء البعثات العلمية المتعددة التي أرسلها محمد علي باشا واسماعيل نفسه إلي اوروبا واطلاعها علي النظم السياسية الحديثة مما جعلها تدعو إلي وجود نظم سياسية وقانونية لنظام الحكم في مصر كان من العوامل الحاسمة في هذا الاتجاه.
-وجود طبقة ممتازة من كبار الملاك كان ولا بد أن يضعه إسماعيل في حسبانه خاصة مع تكرار استدانته من الخارج وبدأ التفكير في كيفية سداد هذه الديون ومن ثم أصدر هو ووزيره إسماعيل المفتش قانون المقابلة لخفض الدين المحلي ويقضي هذا القانون بأن ملاك الأطياان إذا قاموا بسداد الضريبة المربوطة علي أطيانهم لمدة ستة سنوات علي دفعة واحدة مقدمة أو علي أقساط متساوية لا تزيد علي ستة سنوات فإنهم يعفون من نصف المربوط الضريبي مدي الحياة(م3-20 من هذا القانون)
-رغبة الخديوي إسماعيل نفسه في أن يحيط نفسه بمجلس شكلي بلا اختصاصات ليؤكد علي أن مصر أصبحت جزء من أوروبا من حيث الشكل ومن حيث نظام الحكم،وبعد أن تفاقمت الديون وحاصرت المشاكل الخديوي إسماعيل،أراد استغلال المجلس في تحقيق أغراضه السياسية والتهرب من الشروط التي فرضتها عليه انجلترا وفرنسا عبر تعيين وزيرين أجنبيين في الوزارة التي يشكلها وهو ما رفضه مجلس شوري النواب وما كان يريده الخديوي.
2/استعرضنا في المقال السابق قرارات مجلس شوري النواب في دورته الأولي،وفي الدورة الثانية والتي بدأت في 16 مارس 1868م ،وفي الافتتاح بينت الح
وفي هذه الدور بدأ النواب ولأول مرة يتطلعون إلي النظر في الأمور المالية خاصة مع ازدياد القروض والديون وارتفاع فوائدها ومع تقليد إسماعيل المفتش وزارة المالية بجوار عمله كمفتش عام للأقاليم المصرية.
قام نواب المجلس بتشكيل لجنة مكونة من ثلاثة من أعضائه لبحث قضية الديون وميزانية الدولة "حيث توجه الأعضاء الثلاثة إلي وزارة المالية واطلعوا علي بعض دفاترها وقدموا بيانا غير صحيح للمجلس بناء علي معلومات قدمها لهم إسماعيل باشا المفتش"
ولأهمية هذا البيان نورده علي النحو التالي
إيرادات الحكومة=7335000 سبعة ملايين جنيها وثلاثمائة وخمس وثلاثون ألف جنيها.
مصروفات الحكومة=3175000 ثلاثة ملايين ومائة وخمس وسبعون ألف جنيها.
أقساط ديون=2515000 مليونان وخمسمائة وخمسة عشر ألف جنيها.
ونؤكد هنا أن وعي النواب بدأ يرتفع بأهمية وضرورة أن يكون المجلس ذا سيادة واختصاصات حقيقية يتمكن من خلالها من مناقشة الحكومة واستجوابها وخاصة فيما يتعلق بميزانية الدولة،وإن كان المجلس وفق قانونه حتي تلك اللحظة غير ذا سلطات اللهم الا السلطات الاستشارية.
3/انتهت مدة المجلس ومن ثم دعت الحاجة في عام 1870 إلي انتخاب مجلس جديد ،ولم يناقش المجلس الجديد إلا الأمور العادية الخاصة باستكمال الترع والرياحات لتحسين أحوال الزراعة وكالعادة قدمت الحكومة الميزانية وبها فائض مزعوم ، وجري دور الانعقاد الثاني 1871 علي المنوال ذاته وفي عام 1872 لم ينعقد المجلس أصلا.ثم توقفت الحياة النيابية لمدة عامين بلا ابداء أسباب.
ونعتقد أن توقف الحياة النيابية يرجع إلي:
أ/تزايد الديون ومحاصرة الخديوي إسماعيل بالمشاكل المالية وضغوط الدول الأوربية عليه،وبيعه لحصة مصر في شركة قناة السويس بثمن بخس لا يتجاوز أربعة ملايين جنيه،ورغبة الفرنسيين والإنجليز في إلغاء قانون المقابلة.
ب/برز إلي سطح الحياة السياسية في هذه الأونة ونتيجة الديون وإسراف الخديوي إسماعيل ظاهرة جديدة كل الجدة وهي قيام مظاهرات تندد بالخديوي وبسياسته ومن ذلك:
*مظاهرة مينا البصل:
وخلاصتها قيام الأهالي بمهاجمة ناظر دائرة الخديوي الخاصة وكادوا يفتكون به،ثم عقد الأهالي عدة اجتماعات بالمدينة قام الخطيب في إحداها بالمطالبة بعزل الخديوي وعلقت الإعلانات في الشوارع وفي الأماكن الآهلة بالسكان لهذا الغرض
*مظاهرة البورصة بالإسكندرية:
وخلاصتها بعد اعلان تأزم الأمور المالية في مصر والقرار القاضي بالتوقف عن دفع فوائد الديون قرروا نزع صورة الخديوي من البورصة والمطالبة بخلعه.
4/عادت الحياة النيابية من جديد في عام 1876 بعد غيبة سنتين ودارت خلال انعقاده مناقشات حول قانون المقابلة ،وكانت الحكومة تحت ضغط اللجان الأوربية علي وشك أن تلغيه ،بعد أن حصلت بموجبه حوالي 12 أو 13 مليون جنيه ،وقد اقترحت الحكومة امتداد العمل بهذا القانون لعدم قدرتها علي السداد[25].
وهو ما أقره المجلس بشرط أن يحاط علما بمصير هذه الأموال وأوجه انفاقها.
5/أنشأ الخديوي إسماعيل مجلس النظار"مجلس الوزراء"،في 28 أغسطس 1878 وعهد بتشكيل الوزارة لنوبار باشا[26].وكان الغرض من مجلس النظار العمل علي تحسين نظم الإدارة والحكم علي أحدث الثواعد والمبادئ المعمول بها في الدول الأوربية ويناط بالمجلس التناقش والتباحث في كافة الأمور المهمة للبلاد ويؤخذ المجلس قراراته بالأغلبية وبعد تصديق الخديوي عليها تكون واجبة النفاذ"
وقد وسع الخديوي من سلطات مجلس النواب فأقر مبدأ مسئولية مجلس النظار أمامه وذلك لمواجهة ضغوط الدول الأوربية عليه.
ومن نافلة القول أن تشييد وتأسيس هذا المبدأ إقرار للديمقراطية التي لم يكن يرغب فيها إسماعيل ولا الدول الأوربية- ولم يرغب فيها أحد ممن تولوا حكم مصر منذ عهد محمد علي-لكنها الديمقراطية المصرية التي يتلاعب بها الحكام لتنفيذ مآربهم الخاصة وتحقق مصالحهم علي غرار :ديمقراطية الأنياب والمخالب،وديمقراطية الجرعات.
علي أن عصر اسماعيل انتهي نهاية مأساوية بعزله وتعيين ابنه توفيق بدلا منه علي سدة الحكم في البلاد وكان توفيق ذو شخصية ضعيفة وفي عهده بدأ الاحتلال الانجليزي وبدأت المطالبات بدستور للبلاد.
عصر الخديوي توفيق:
1/لا شك أن العامين الأخيرين من حكم الخديوي اسماعيل كانا عامين حاسمين في الحياة النيابية المصرية ،فقد أطلق حرية الصحافة عام 1877 ووافق علي قيام مجلس النواب بمناقشة دستور للباد في عهد وزارة شريف باشا،وأطلت المعارضة برأسها في هذه الأونة بسبب تراكم الديون والسياسة المالية الخاطئة للخديوي والتدخل الأجنبي في البلاد،فضلا عن المجاعات التي انتشرت بسبب النيل واغراقه للمزروعات وتدميرها في عام 1878 واصرار الدول الدائنة علي المطالبة بأقساط الديون،إذن فقد تولي توفيق الحكم والبلاد مثقلة بتركة ثقيلة من الديون والتدخل الاجنبي علي الأبواب وحركة وطنية قوية آخذة في النهوض.
وآية ذلك عندما حاول رياض باشا حل المجلس بحجة انتهاء دور انعقاده،فلقي من المجلس مظاهرة غير منتظرة إلي درجة أن جريدة التيمز البريطانية في عددها الصادر بتاريخ 16 أغسطس 1878 قالت:لم يعد مجلس النواب المصري موضع سخرية واحتقار من أحد حيث أثبت أعضاؤه أنهم علي جانب كبير من الاستقلال حيث طالب زعيم المعارضة عبد السلام المويلحي بتحويل الحكومة المطلقة إلي حكومة مسئولة أمام الشعب .
2/لم يضف الخديوي توفيق شيئا للحياة النيابية في مصر حيث كان معاديا للحريات يضيق بها وفي اول عهده قامت الثورة العرابية(ولأنها حركة جيش ومطالبة بتصحيح اوضاع الضباط المصريين وأحوالهم،فلن نتناولها هنا)،ثم تلا ذلك الاحتلال الانجليزي للبلاد.
3/عصر الاحتلال والحياة النيابية:
لاشك أن دراسة الحياة النيابية في عهد الاحتلال تؤكد أمران لا ثالث لهما:
الأول:
أن سلطات الاحتلال لم ترغب في اقامة حياة نيابية سليمة وقوية في مصر لأن هذا ضد مصالحها الاستراتيجية وضد مخططها للاستيلاء علي مصر وتأمين قنوات اتصالها بمسنعمراتها في الهند وفي اسيا وكقاعدة انطلاق لها في إفريقيا وهو ما نلحظه بوضوح وجلاء في تقرير "دوفرين"،والذي كتبه خلال ثلاثة أشهر في الفترة من 7نوفمبر 1882 حتي 6 فبراير 1883،حيث يقول في هذا التقرير[29]:
"إن الحكم الاستبدادي ضرورة لبقاء سلطتنا في مصر..وأن الحكم البريطاني يزول إذا كان للشعب جمعية نواب ينوبون عنه،ويحاول دوفرين تبرير الغاء مجلس شوري النواب علي أساس أن الشعب المصري لا زال قاصرا وأنه إذا منح الحرية فسوف يسئ فهمها وأن ذلك سيعطل الإصلاحات التي تنوي بريطانيا القيام بها .
كما أكد هذه السياسة اللورد كرومر بقوله:
"إن سياسة الحكومة تتلخص في أولا تصدير القطن إلي أوروبا علي أن يدفع في سبيل ذلك ضريبة مقدارها 1%،وثانيا في استيراد المنسوجات القطنية من الخارج علي أن تدفع ضريبة الواردات بمقدار 8%،وليس في نية الحكومة أن تعمل علي غير هذا وأن تحمي زراعة القطن المصري لما في ذلك من ضرر ومخاطر"
وبعبارة أخري نسبت له :لما كان القطر المصري قطرا زراعيا فلا بدع أن تكون الزراعة همه الأول،وكل تعليم صناعي يؤدي إلي إهمال حرث الأرض ويقلل من ميل الأهالي إلي الزراعة يعد مصيبة كبري علي الأمة
الثاني:
أن الحركة الوطنية المصرية قد تبلور دورها إلي حد كبير في هذه الفترة ونشطت لمواجهة الاحتلال الانجليزي من خلال تكوين الجمعيات السرية ومن خلال الصحف التي ازداد عددها إلي حد كبير.
فقد ظهرت جريدتي :"مصر"،و "التجارة" لصاحبهما أديب اسحق في عامي 1877 و1878،كما ظهرت جريدة الوطن لميخائيل عبد السيد عام 1877،وجريدة الاهرام في عام 1876،وغيرها من الجرائد والتي اتخذت خط الحركة القومية والوطنية فضلا عن ظهور عدد كبير من الجمعيات الاهلية والتي كان لها في كثر من الاحيان أفرع سرية لمقاومة الاحتلال الانجليزي.
وفي واقع الأمر كانت الحكومة المصرية تواجه الصحف بموجب اللائحة السعيدية الصادرة عام 1857 بشأن المطبوعات،ولما اشتد خطر الصحف وأصبحت تنادي بأفكار ثورية مع انتشارها بين الأهالي أصدر شريف باشا في فبراير 1881 أول قانون للمطبوعات في مصر لايقاف سيل الصحف واندفاعها الثوري في مصر
مجالس الاحتلال:
صدر مرسوم بقانون بحل مجلس شوري النواب للأسباب التي قدمناها،وقامت سلطة الاحتلال بتشكيل المجالس التالية:
1/مجلس شوري القوانين:
كان مؤلفا من (30) عضوا،أربعة عشر عضوا منهم معينون عن طريق الحكومة،والآخرون منتخبون بواسطة مجالس المديريات[33].ومدة العضوية في هذا المجلس ستة سنوات .
وعلي الرغم من شكلية هذا المجلس الا ان تنامي الحركة الوطنية قد أثر في مسيرته وارتفاع الحس الوطني قد جعله أحيانا يتعامل من منطلق كونه مجلسا نيابيا ذا سلطات حقيقية ومن ذلك:
أن المجلس رفض مناقشة مشروع الميزانية العمومية عن عام 1883 لأنها قدمت إلي المجلس في وقت متأخر.
وانتقد المجلس ميزانية عام 1894 بسبب ثقل الضرائب المفروضة علي الأهالي.
ونوه المجلس إلي أن مرتبات الأجانب تمثل عبئا علي ميزانية الدولة إذا ما قورنت بمرتبات الوطنيين.
رفض المجلس مشروع مد امتياز قناة السويس ولم يرضخ للضغوط التي مورست عليه في هذا الصدد[34].
2/الجمعية العمومية:
وكانت مؤلفة من 82 عضوا،منهم 46 عضوا منتخبا ،والباقي معينون:30 عضو (مجلس شوري النواب)،ومجلس النظار(الوزراء)،وتجتمع الجمعية العمومية مرة كل عامين.
3/ومع تنامي الحركة الوطنية واشتداد وتيرتها قررت سلطات الاحتلال إصدار قانون نظامي(دستور 1913) وانشاء الجمعية التشريعية،وتتكون من 83 عضوا (17 معينون-66 منتخبون)،ونص علي انه لا يجوز اصدار اي قانون إلا بعد أخذ رأي الجمعية التشريعية .
ويجب أخذ رأي الجمعية التشريعية في الأمور التالية:
*أي دين عمومي.
*كل مشروع عام يتعلق بالمديريات(المحافظات).
*تقدير ضرائب الأطيان.
وقد أجريت انتخابات الجمعية العمومية في 26 أكتوبر 1913 وعلي الرغم من حماس المصريين لوجود مجلس نيابي ولوجود دستور إلا أنه لم يحضر في هذه الانتخابات الهامة سوي 15% تقريبا من مجمل عدد الناخبين المقيدين بالجداول والذين يبلغ تعدادهم (اثنان مليون ناخب)،وكانت نسبة من حضروا الانتخابات بالقاهرة 9.69%،وفي الإسكندرية 4.98%[35].
ولم يقدر لهذه الجمعية أن تعيش طويلا حيث قامت الحرب العالمية الأولي عام 1914 ومن ثم أعلنت الحكومة البريطانية حمايتها علي مصر وجرتها إلي ويلات الحرب وبالتالي خمدت الحياة النيابية إلي حين انتهاء الحرب والتي انتهت فعليا في عام 1918.
4/الصحوة النيابية:
*كانت البداية بعد انتهاء الحرب وقيام سعد زغلول بتقديم طلب للمندوب السامي هو ورفيقيه:عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي للسفر لحضور مؤتمر الصلح المعقود بفرساي في فرنسا.
*توالت الأحداث بعد ذلك من قيام الشعب بعمل توكيلات لسعد زغلول ونفي الأخير إلي قيام ثورة 1919 للمطالبة باخلاء سبيل سعد وجلاء الاحتلال عن مصر .
وانتهت هذه المرحلة بتصريح فبراير 1922 باستقلال مصر وفق شروط معينة:
-تأمين طرق مواصلات للامبراطورية البريطانية.
-الدفاع عن مصر ضد كل احتلال اجنبي.
-حماية المصالح الاجنبية والأقليات في مصر.
وأخيرا صدر الدستور المصري عام 1923 ووضعته لجنة مشكلة من ثلاثين عضوا برئاسة حسين باشا رشدي وهو الدستور الأول في البلاد حيث كفل العديد من الحقوق والحريات للشعب المصري واجريت بموجبه انتخابات برلمانية حقيقية عام 1924 .
وللحديث بقية في العدد القادم.
[1]/د:محمود متولي:"مصر والحياة النيابية والحزبية قبل سنة 1952 دراسة تاريخية وثائقية"،دار الثقافة والطباعة والنشر ،ط1980 ، ص 11.
كما يمكن مراجعة الدكتور:أحمد فارس عبد المنعم في :"السلطة السياسية في مصر وقضية الديمقراطية "،ص13 ،سلسلة تاريخ المصريين العدد 105،حيث يقول سيادته:"تعتبر واقعة كبار رجال مصر من العلماء ونقباء الحرف والعامة بعزل الوالي العثماني خورشيد باشا سنة 1805 وتعيين محمد علي بدلا منه ،نقطة انطلاق أساسية في تطور النظام السياسي المصري وحلقة مهمة من حلقات كفاح الشعب المصري من أجل تقييد سلطة الحاكم المطلقة وتحقيق الديمقراطية".
[2]/والأسماء المختارة وفق الجبرتي في:"عجائب الآثار في التراجم والأخبار"الجزء الثالث هم السادة:الشيخ عبد الله الشرقاوي،الشيخ خليل البكري،الشيخ مصطفي الصاوي ،الشيخ سليمان الفيومي ،الشيخ محمد المهدي،الشيخ موسي السرسي ،الشيخ مصطفي الدمنهوري ،الشيخ أحمد العريشي ،الشيخ يوسف الشبراخيتي ،الشيخ محمد الدواخلي.
وفي النص الفرنسي وفق الأستاذ/عبد الرحمن الرافعي عدد أعضاء الديوان تسعة من بينهم نقيب الأشراف الشيخ عمر مكرم.
[3] /راجع الدكتور /محمود متولي ،مرجع سابق،ص :28.
[4] /المرجع السابق ص 28.
[5]/يراجع في هذا الشأن كل من:
الدكتور محمود متولي مرجع سابق ص40-43.
الدكتور أحمد فارس عبد المنعم مرجع سابق ص:15 وما بعدها.
[6] / في عام 1837 أصدر محمد على القانون الأساسى للدولة"السياستنامة"الذى ألغى مجلس المشورة وأحل مكانه مجلسين هما:"المجلس الخصوصى"لسن القوانين، و"المجلس العمومى"لبحث ما تحيله إليه الحكومة من أمور. وتم تنظيم الحكومة في شكل سبعة دواوين أساسية.
[7] /يراجع الدكتور :أحمد فارس عبد المنعم ،مرجع سابق ص:28-29.
[8]/امتازت فترة حكم عباس الأول بالغموض وبانتشار الجاسوسية بشكل غير عادي وانتشر فيها بشكل لافت للنظر النفي إلي السودان والعداء بين أفراد أسرة محمد علي لدرجة أن معظم أفراد هذه الأسرة اختارت الاقامة خارج مصر مثل الخديوي اسماعيل والذي أقام في اسطانبول،ولم يبقي من الأسرة بجوار عباس الأول سوي الأمير أحمد رفعت.
[9]/ولعل ذلك يجد مرده في ولع الخديوي إسماعيل بالثقافة الفرنسية وبالفرنسيين ومن ذلك تطويره للقاهرة لتصبح مثل باريس بالضبط وتخطيط كيدان الاسماعيلية (ميدان التحرير حاليا)علي مقاييس ونسب أحد ميادين باريس،وكذا العمارات التي اقيمت في القاهرة الخديوية.
[10] / عصر إسماعيل ج2 للأستاذ/عبد الرحمن الرافعي ،الطبعة الرابعة ،دار المعارف ص:94 وما بعدها.
[11]/الدكتور محمود متولي مرجع سابق ص:53 وما بعدها.
[12]/عبد الرحمن الرافعي"عصر إسماعيل ج2 ص:101.
[13]/يراجع في هذا الشأن الدكتور محمود متولي:"تطور الحياة النيابية والحزبية في مصر"ص: 49.
[14] /عبد الرحمن الرافعي:"عصر إسماعيل"،دار المعارف ،الطبعة الرابعة ،ص83 وما بعدها.
[15] /فوزي جرجس:"دراسات في تاريخ مصر السياسي منذ العصر المملوكي"-العربي للنشر والتوزيع بدون تاريخ طبع-ص 80 وما بعدها.
[16] /عبد الرحمن الرافعي:"عصر إسماعيل"-الجزء الثاني –ص 47-48.
[17] /حسب لائحة المجلس يبدأ دور الانعقاد في شهر ديسمبر ،وتأخر إلي مارس بسبب مرض الخديوي في هذه الفترة كما أوضح ذلك خطاب العرش الملقي في افتتاح هذا الدور.
[18] /رأس المجلس في هذه الدور إبراهيم باشا عزت.
[19] /الرافعي"عصر اسماعيل"-مرجع سابق-ص 115.
[20] /فوزي جرجس-مرجع سابق –ص 81-82.
[21] /ويؤكد عبد الرحمن الرافعي أن هذه الأرقام مزعومة وليس لها أي أساس من الصحة حيث قرر بزيادة مصروفات الحكومة عن إيرادتها في هذه السنة بمقدار عشرة ملايين جنيه علي الأقل،وللأسف لم ينتبه أحد في المجلس إلي مناقشة الحكومة في طلبها عقد سلفة إذا ما كانت الايرادات تزيد علي المصروفات كما تزعم وتدعي-"عصر إسماعيل"-ص 115.
[22]/إلياس الأيوبي:"تاريخ مصر في عهد الخديوي إسماعيل"-دار الكتب القومية 1923-ص:346-348
[23] /دعي المجلس لانعقاد غير عادي بمدينة طنطا في أغسطس 1876 لمناقشة قانون المقابلة.
[24] /عبد الرحمن الرافعي"عصر اسماعيل"،حيث يؤكد أن الحكومة حصلت بموجب هذا القانون 13 ونصف مليون جنيه.
[25]/فوزي جرجس-مرجع سابق –ص 82.
[26] /بوغوص نوبار باشا (1825 - 1899) أول رئيس لوزراء مصر. شغل هذا المنصب 3 مرات، الأولى كانت من أغسطس 1878 وحتى 23 فبراير 1879. وكانت ثاني وزاراته من 10 يناير 1884 إلى 9 يونيو 1888. وآخر وزاراته كانت من 16 أبريل 1894 حتى 12 نوفمبر 1895.
[27]/هذا ماورد في خطاب الخديوي اسماعيل لنوبار باشا بتكليفه برئاسة مجلس النظار،راجع عصر اسماعيل للرافعي مرجع سابق –ص83-84.
[28] /الدكتور محمود متولي مرجع سابق ص 59.
[29] /المرجع السابق ص 62.
[30] /فوزي جرجس-مرجع سابق – ص 92.
[31] /المرجع السابق ص 92.
[32] /الصحافة المصرية والحركة الوطنية،الدكتور رمزي ميخائيل،مركز وثائق وتاريخ مصر المعاصر-ص16.
[33] /كانت مجالس المديريات مكونة من أعضاء منتخبين من بين مشايخ القري وعدد أعضاء هذه المجالس ما بين اربعة وخمسة أعضاء وهي مجالس أنشأها الاحتلال.
بجانب مجالس القري وهي مؤلفة من نواب دوائر الانتخاب الذين ينتخبون بواسطة الأهالي.
[34] /الدكتور محمود متولي-مرجع سابق ص 178.
[35]/المرجع السابق ص 70.
ومن الغريب والعجيب أنه في العصر الحديث وحينما حدث تعديل في الدستور المصر يالدائم الصادر عام 1971 ،وأتيح اختيار رئيس الجمهورية لأول مرة عن طريق الاقتراع السري المباشر لم يحضر الانتخاب نسبة تزيد عن 23% من مجمل عدد الناخبين البالغ عددهم في الانتخابات الرئاسية لعام 2005(32 مليون ناخب)،وهو أمر جدير بالملاحظة والاعتبار ويحتاج إلي الدراسة والبحث لمعرفة أسباب عزوف المواطنين المصريين عن مباشرة حقوقهم السياسية خاصة في تلك اللحظات التاريخية الفارقة.
تحياتي للجميع
إذا اعجبكم هذا البحث الذي اكمل لكم بقية حلقاته
تعليق