السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
نعود لموضوع الفتنة بعد أن قدمنا بالموضوع الأول موضوع قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه
هناااااااااااااااا
مقدمات موقعة الجمل
بعد أن قرّر عليٌّ رضي الله عنه الخروج لمعاوية أتته الأخبار من مكة لتغيّر من مساره تمامًا، كان بمكة السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين عدا السيدة أم حبيبة- فقد كانت بالمدينة- وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم جميعًا، وأيضًا يعلى بن أمية التميمي، الذي كان واليًا لعثمان رضي الله عنه على اليمن، ولما حدثت الفتنة جاء إلى مكة، ومعه ستمائة من الإبل، وستمائة ألف درهم من بيت مال اليمن، وعبد الله بن عامر الذي كان واليًا على البصرة من قبل عثمان رضي الله عنه وأرضاه، واجتمع كل هؤلاء وبدءوا في مدارسة الأمر، وكان رأيهم جميعًا، وكان منهم من قد بايع عليًا رضي الله عنه، أن هناك أولوية لأخذ الثأر لعثمان رضي الله عنه، وأنه لا يصح أن يؤجل هذا الأمر بأي حال من الأحوال، وقد تزعّم هذا الأمر الصحابيان طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوّام رضي الله عنهما.
اجتمع هؤلاء جميعًا مع السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وأرضاها، وكان تأويلهم في أمر الأخذ بدم عثمان رضي الله عنه، أولًا أنه لو لم يتم الأخذ بدمه في هذا الوقت نكون قد ضيّعنا حدًّا من حدود الله، وتركنا القرآن الذي يقول بالقصاص، وكانت هذه القضية هي شغلهم الشاغل، إذ كيف يتم تعطيل هذا الحدّ من حدود الله.
وكانوا يرون أن من ضيع هذا الحدّ، أو عطّله لا تصح مبايعته، ولم يكن اعتراضهم رضي الله عنهم على علي بن أبي طالب رضي الله عنه لذاته، وإنما رأوا باجتهادهم أنه يجب أخذ الثأر أولًا لعثمان رضي الله عنه، وكان طلحة رضي الله عنه، والزبير قد بايعا، فلا يصح لهما فعل هذا الأمر، وإنما هو اجتهاد منهما، ولم يصيبا فيه، ولهما أجر، وحتى على فرض أنهما بايعا مُكرَهين، فلا يجوز لهما الخروج على قرار الإمام، ولا يصح خلع الإمام إلا بجماعة المسلمين.
قرر المجتمعون في مكة أن يجهزوا جيشًا، ويذهبوا إلى المدينة المنورة لأخذ الثأر من قتلة عثمان رضي الله عنه؛ لأن عليًا رضي الله عنه لا يستطيع أن يقاتلهم وحده، ووافقت السيدة عائشة رضي الله عنها على هذا الأمر، ووافقت جميع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم على الخروج من مكة إلى المدينة؛ لأخذ الثأر لعثمان بن عفان رضي الله عنه.
وظهر رأي آخر يقول بالذهاب إلى الشام للاستعانة بمعاوية رضي الله عنه على هذا الأمر، فقال عبد الله بن عامر: إن معاوية قد كفاكم أمر الشام.
وأشار عليهم بالذهاب إلى البصرة- وكان واليًا عليها قبل ذلك- للتزود بالمدد، والأعوان منها، وكان له فيها يدٌ ورأي، وقال لهم: إن لطلحة فيها كلمة ورأي.
وقد كان رضي الله عنه واليًا عليها لفترة من الزمن وتأثّروا به.
فكان رأي عبد الله بن عامر أن يذهبوا إلى البصرة، ويبدءوا بقتلة عثمان الموجودين في البصرة، فيقتلونهم، ثم يذهبون بعد أن يتزودوا بالعدد، والعدة إلى المدينة فيأتون على باقي القتلة.
وأعجب هذا الرأي الجميع إلا السيدة عائشة رضي الله عنها فقالوا لها: [لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا] {النساء:114}.
وأن ما تفعلينه بهذا الخروج، إنما هو إصلاح بين الناس، وليس منافيًا لقول الله تعالى: [وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ] {الأحزاب:33}.
ورفضت سائر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم الخروج إلى البصرة إلا السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها، وعن أبيها فقررت الخروج مع السيدة عائشة رضي الله عنها إلى البصرة، إلا أن أخاها عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال لها:
إن هذا زمن فتنة، وعليك أن تقرّي في بيتك، ولا تخرجي.
فلما خاطبتها السيدة عائشة في عدم خروجها إلى البصرة قالت لها إن أخاها- أي عبد الله بن عمر- قد منعها، فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها:
غفر الله له.
ويتضح من هذا الموقف مدى قناعة السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها بأمر الخروج للبصرة لدرجة أنها تَعُدّ أمر عبد الله بن عمر في منعه للسيدة حفصة رضي الله عنها من الخروج، تعدّ ذلك ذنبًا تستغفر اللهَ لعبد الله بن عمر منه.
كان موقف عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هو اعتزال الفتنة من أولها إلى آخرها، وكان رضي الله عنه يصوّر الفتنة بأنها كغمامة جاءت على المسلمين، فلم يعد أحد يرى شيئًا، والكل يسير في طريق يريد أن يصلوا إلى الصواب، فاجتهد فريق منهم في الطريق، فوصل فهذا عليّ ومن معه، واجتهد آخرون لكي يصلوا، ولكنهم أخطأوا الطريق، فمعاوية ومن معه، والبعض انتظر حتى تنقشع الغمامة ثم يرى الرأي، وكان هو رضي الله عنه من هذه الفئة، ثم يقول رضي الله عنه: والمجاهد أفضل.
أي علي بن أبي طالب رضي الله عنه أفضل، لكن الأمر فيه خطورة كبيرة، وفيها احتمالية الخطأ في الوصول، ولم يكن علي رضي الله عنه يجبر أحدًا على الخروج معه في هذا الأمر، بل كان الأمر تطوعيًا، ومن اعتزل فلا شيء عليه، ولا يُجبَر على رأي من الآراء.
خرجت السيدة عائشة رضي الله عنها من مكة ومن معها من الناس؛ طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وابنه عبد الله، وأمّرت السيدة عائشة رضي الله عنها عبد الله بن الزبير على الصلاة، وكانت ترى أنه أعلم الناس مع وجود أبيه، وجهّز يعلى بن أميّة البعير، وكانت ستمائة بعير، وبالمال الذي أتى به معه من اليمن عندما قدم إلى مكة.
وكان عددهم عند خروجهم من مكة تسعمائة، ثم بلغ عددهم بعد قليل ثلاثة آلاف في طريقهم إلى البصرة، واشتروا للسيدة عائشة رضي الله عنها جملًا وركبت في الهودج فوق الجمل، وانطلقوا نحو البصرة.
علم علي رضي الله عنه بهذا الأمر كله، وكان حينها على نيّة الخروج للشام، لكن مع هذه المستجدات قرّر رضي الله عنه الانتظار حتى يرى ما تصير إليه الأمور.
السيدة عائشة رضي الله عنها وجيشها يصلون إلى البصرة
قدِم الجيش الذي خرج من مكة وفيه السيدة عائشة رضي الله عنها إلى البصرة، وقبل دخولهم أرسلوا رسائل إلى عثمان بن حنيف والي البصرة من قِبل علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يُخلي البصرة لجيش السيدة عائشة رضي الله عنها؛ لأخذ المدد، والأخذ على يد من قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، ولم يكن عثمان بن حنيف رضي الله عنه يعلم من قتل عثمان من أهل البصرة، ولا يعلم أيضًا من وافق من أهلها على القتل، ومن لم يوافق، ولكن مما يُذكر أن حكيم بن جبلة وهو أحد رؤوس الفتنة كان قد هرب من المدينة إلى البصرة بعد قتل عثمان رضي الله عنه، وكان مختبئًا في مكان لا يعلم به أحد، وهو من رءوس قومه، ومن إحدى القبائل الكبيرة.
نعود لموضوع الفتنة بعد أن قدمنا بالموضوع الأول موضوع قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه
هناااااااااااااااا
مقدمات موقعة الجمل
بعد أن قرّر عليٌّ رضي الله عنه الخروج لمعاوية أتته الأخبار من مكة لتغيّر من مساره تمامًا، كان بمكة السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين عدا السيدة أم حبيبة- فقد كانت بالمدينة- وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم جميعًا، وأيضًا يعلى بن أمية التميمي، الذي كان واليًا لعثمان رضي الله عنه على اليمن، ولما حدثت الفتنة جاء إلى مكة، ومعه ستمائة من الإبل، وستمائة ألف درهم من بيت مال اليمن، وعبد الله بن عامر الذي كان واليًا على البصرة من قبل عثمان رضي الله عنه وأرضاه، واجتمع كل هؤلاء وبدءوا في مدارسة الأمر، وكان رأيهم جميعًا، وكان منهم من قد بايع عليًا رضي الله عنه، أن هناك أولوية لأخذ الثأر لعثمان رضي الله عنه، وأنه لا يصح أن يؤجل هذا الأمر بأي حال من الأحوال، وقد تزعّم هذا الأمر الصحابيان طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوّام رضي الله عنهما.
اجتمع هؤلاء جميعًا مع السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وأرضاها، وكان تأويلهم في أمر الأخذ بدم عثمان رضي الله عنه، أولًا أنه لو لم يتم الأخذ بدمه في هذا الوقت نكون قد ضيّعنا حدًّا من حدود الله، وتركنا القرآن الذي يقول بالقصاص، وكانت هذه القضية هي شغلهم الشاغل، إذ كيف يتم تعطيل هذا الحدّ من حدود الله.
وكانوا يرون أن من ضيع هذا الحدّ، أو عطّله لا تصح مبايعته، ولم يكن اعتراضهم رضي الله عنهم على علي بن أبي طالب رضي الله عنه لذاته، وإنما رأوا باجتهادهم أنه يجب أخذ الثأر أولًا لعثمان رضي الله عنه، وكان طلحة رضي الله عنه، والزبير قد بايعا، فلا يصح لهما فعل هذا الأمر، وإنما هو اجتهاد منهما، ولم يصيبا فيه، ولهما أجر، وحتى على فرض أنهما بايعا مُكرَهين، فلا يجوز لهما الخروج على قرار الإمام، ولا يصح خلع الإمام إلا بجماعة المسلمين.
قرر المجتمعون في مكة أن يجهزوا جيشًا، ويذهبوا إلى المدينة المنورة لأخذ الثأر من قتلة عثمان رضي الله عنه؛ لأن عليًا رضي الله عنه لا يستطيع أن يقاتلهم وحده، ووافقت السيدة عائشة رضي الله عنها على هذا الأمر، ووافقت جميع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم على الخروج من مكة إلى المدينة؛ لأخذ الثأر لعثمان بن عفان رضي الله عنه.
وظهر رأي آخر يقول بالذهاب إلى الشام للاستعانة بمعاوية رضي الله عنه على هذا الأمر، فقال عبد الله بن عامر: إن معاوية قد كفاكم أمر الشام.
وأشار عليهم بالذهاب إلى البصرة- وكان واليًا عليها قبل ذلك- للتزود بالمدد، والأعوان منها، وكان له فيها يدٌ ورأي، وقال لهم: إن لطلحة فيها كلمة ورأي.
وقد كان رضي الله عنه واليًا عليها لفترة من الزمن وتأثّروا به.
فكان رأي عبد الله بن عامر أن يذهبوا إلى البصرة، ويبدءوا بقتلة عثمان الموجودين في البصرة، فيقتلونهم، ثم يذهبون بعد أن يتزودوا بالعدد، والعدة إلى المدينة فيأتون على باقي القتلة.
وأعجب هذا الرأي الجميع إلا السيدة عائشة رضي الله عنها فقالوا لها: [لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا] {النساء:114}.
وأن ما تفعلينه بهذا الخروج، إنما هو إصلاح بين الناس، وليس منافيًا لقول الله تعالى: [وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ] {الأحزاب:33}.
ورفضت سائر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم الخروج إلى البصرة إلا السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها، وعن أبيها فقررت الخروج مع السيدة عائشة رضي الله عنها إلى البصرة، إلا أن أخاها عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال لها:
إن هذا زمن فتنة، وعليك أن تقرّي في بيتك، ولا تخرجي.
فلما خاطبتها السيدة عائشة في عدم خروجها إلى البصرة قالت لها إن أخاها- أي عبد الله بن عمر- قد منعها، فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها:
غفر الله له.
ويتضح من هذا الموقف مدى قناعة السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها بأمر الخروج للبصرة لدرجة أنها تَعُدّ أمر عبد الله بن عمر في منعه للسيدة حفصة رضي الله عنها من الخروج، تعدّ ذلك ذنبًا تستغفر اللهَ لعبد الله بن عمر منه.
كان موقف عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هو اعتزال الفتنة من أولها إلى آخرها، وكان رضي الله عنه يصوّر الفتنة بأنها كغمامة جاءت على المسلمين، فلم يعد أحد يرى شيئًا، والكل يسير في طريق يريد أن يصلوا إلى الصواب، فاجتهد فريق منهم في الطريق، فوصل فهذا عليّ ومن معه، واجتهد آخرون لكي يصلوا، ولكنهم أخطأوا الطريق، فمعاوية ومن معه، والبعض انتظر حتى تنقشع الغمامة ثم يرى الرأي، وكان هو رضي الله عنه من هذه الفئة، ثم يقول رضي الله عنه: والمجاهد أفضل.
أي علي بن أبي طالب رضي الله عنه أفضل، لكن الأمر فيه خطورة كبيرة، وفيها احتمالية الخطأ في الوصول، ولم يكن علي رضي الله عنه يجبر أحدًا على الخروج معه في هذا الأمر، بل كان الأمر تطوعيًا، ومن اعتزل فلا شيء عليه، ولا يُجبَر على رأي من الآراء.
خرجت السيدة عائشة رضي الله عنها من مكة ومن معها من الناس؛ طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وابنه عبد الله، وأمّرت السيدة عائشة رضي الله عنها عبد الله بن الزبير على الصلاة، وكانت ترى أنه أعلم الناس مع وجود أبيه، وجهّز يعلى بن أميّة البعير، وكانت ستمائة بعير، وبالمال الذي أتى به معه من اليمن عندما قدم إلى مكة.
وكان عددهم عند خروجهم من مكة تسعمائة، ثم بلغ عددهم بعد قليل ثلاثة آلاف في طريقهم إلى البصرة، واشتروا للسيدة عائشة رضي الله عنها جملًا وركبت في الهودج فوق الجمل، وانطلقوا نحو البصرة.
علم علي رضي الله عنه بهذا الأمر كله، وكان حينها على نيّة الخروج للشام، لكن مع هذه المستجدات قرّر رضي الله عنه الانتظار حتى يرى ما تصير إليه الأمور.
السيدة عائشة رضي الله عنها وجيشها يصلون إلى البصرة
قدِم الجيش الذي خرج من مكة وفيه السيدة عائشة رضي الله عنها إلى البصرة، وقبل دخولهم أرسلوا رسائل إلى عثمان بن حنيف والي البصرة من قِبل علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يُخلي البصرة لجيش السيدة عائشة رضي الله عنها؛ لأخذ المدد، والأخذ على يد من قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، ولم يكن عثمان بن حنيف رضي الله عنه يعلم من قتل عثمان من أهل البصرة، ولا يعلم أيضًا من وافق من أهلها على القتل، ومن لم يوافق، ولكن مما يُذكر أن حكيم بن جبلة وهو أحد رؤوس الفتنة كان قد هرب من المدينة إلى البصرة بعد قتل عثمان رضي الله عنه، وكان مختبئًا في مكان لا يعلم به أحد، وهو من رءوس قومه، ومن إحدى القبائل الكبيرة.
تعليق