إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشاعر اللبنانى وديع سعادة ملف كامل

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • []
    []
    للدم شتاء أيضاً


    للدم شتاء أيضاً
    وإلاَّ من أين كلُّ هذا النهر؟
    للدم غيوم ملبَّدة ومطر
    وجُرْف
    جُرْف كاسح في العروق
    وعلى الأرض.

    ضفافٌ كانت هنا
    ومقاعد على الضفاف
    وعلى الشجرة عصفور كان يغنّي
    وعجوز على مقعد
    كان يصغي إليه.


    غرق


    دَلَقَ ماءً
    ماءً كثيراً
    وغرق في الماء.

    ظنَّ روحه قماشة
    وأراد أن يغسلها.


    مرةً قال

    مرةً قال: ليس للمساء إخوة
    ومشى كثيراً
    في الشوارع، في الدروب المقفرة، في الغابات
    كي يجلب أخاً للمساء.

    قال المساءُ بلا أخ ومشى
    محدِّقاً في المارَّة
    محدِّقاً في الشجر
    محدِّقاً في التراب
    محدِّقاً في المساء الذي
    نام وحيداً.


    حجر

    لا يعرف كيف رُصفت كلُّ هذه البلدان في قلبه
    وليس لديه غير بيت صغير
    وحجر.

    من بلد إلى بلد
    من ريح إلى ريح
    ولا يعرف كيف في هذا الهبوب
    لا تزال عيناه تحملان
    حجراً.


    أريد لحظة بعد


    سمعتُه
    نعم سمعتُه هذا الجرس يدقُّ في رأسي فأَوقفْه
    أريد أن أنام.
    أَوقف الجرس أرجوك
    أريد لحظة بعد
    كي أودّع الذي زارني في الحلم
    وكي أشكر لحافي.


    يافطات

    يافطات كثيرة على الطرقات
    يافطات تدلُّ إلى مدن
    يافطات تدلُّ إلى شوارع
    يافطات تدلُّ إلى مصانع، إلى مؤسسات،
    [/]
    إلى دكاكين، إلى بيوت...
    يافطات كثيرة ملأى بأسماء
    ويمشي
    باحثاً عن يافطة
    فارغة.

    [/]

    تعليق


    • []
      []قُلْ للعابر أن يعود
      نَسيَ هنا ظِلَّه

      (2012)



      الطريق

      ...وحين نأى هدأت الريح.
      كان في العاصفة. مقتلَعاً مخلَّعاً مشلَّعاً.


      رأسه في مكان، يده في مكان، قلبه في مكان،[/]

      وعبثاً حاول جمع أعضائه.
      لم يكن له اسم.
      سمَّاه بعضهم "منحرفاً" لأن لا طريق له،


      [] وسمَّاه بعضهم "هابّاً" لأن لا مقعد له،

      وسمَّاه بعضهم "غباراً" لأنَّ كلَّ شظيَّة منه في مكان.

      كانت له أسماء كثيرة استحال جمعها في اسم.

      كانت له أسماء كثيرة، ولم يكن له اسم.
      الذي بلا اسم كان في العاصفة
      وكانت ترتطم به


      طيور ميْتة تحملها الرياح
      وغصونٌ متكسّرة وجمعٌ مرتجف لا يعرفه.
      سمع أصواتاً تصرخ: "أيها العالَم ! أيها العالَم !".
      ولمستْه جموع، لمسه العالَم، ولم تخرج منه أيَّة قوَّة.
      لم يكن هو السيّد، لم يكن هو المصطفى.


      كان المرتجفَ مثلهم في الريح. وبالكاد خرج منه صوت:

      " ما جئتُ لأُكمل ولا جئتُ لأنقض،

      بل أنا النقصان والأنقاض والنقيض".

      وضيَّع صوته، ولم يبحث عنه،
      ولا بحث عنه أحد.
      الذي لم يكن سيّداً، وبلا اسم ولا صوت،


      كان يتحدَّث فقط في قلبه.
      قال أنا بلا اسم كي أكون كلَّ الأسماء،


      وبأعضاء متناثرة في كل مكان
      كي تكون كلُّ الأمكنة مكاني.


      إن نادى أحدٌ أحداً، أينما كان،
      أليس عليَّ أنا أيضاً أن أجيب؟


      وإن كبا كائن في أي مكان،

      ألا يجب أن يكون مني شيء هناك كي أحنو عليه؟
      قال أنا الكائن هناك،
      وأنا المنادي هناك، وأنا المجيب والحاني.


      والغصن المنكسر أمامي كان ضلعاً مني


      والطير الميْت المرتطم بي كان بعض حياتي.

      كل الغصون في الشجر هي ضلوعي أيضاً،

      والطيور على الأرض وفي الجوّ إخوتي. والأحجار،

      هنا وهناك، عظامٌ لي لم يكتمل نموُّها،
      فهل أتنكَّر لعظامي؟
      هبَّ المنحرف حاملاً معه الشجر والطيور والعظام.


      لا إلى أرض، لا إلى مكان. هبَّ إلى الشساعة،

      إلى كل الأمكنة، محمولاً بالعاصفة، وحاملاً السكينة:

      سكينة الشجر إذ يمتلئ بالتراب. سكينة الطير إذ يمتلئ بالفضاء.

      سكينة العظْم إذ يفرغ من الجسد.
      هبَّ عاصفاً، لكن أينما عصفت الريح به كانت السكينة في قلبه.
      مثلهم، نعم، كان مرتجفاً، لكنَّه حوَّل الارتجاف إلى سكينة.


      ففي أمكنة هناك كان هدوء، وشظاياه التي هناك جلبت الهدوء إلى شظاياه التي هنا.
      ثمة سلْكٌ لا يراه أحد، يجعل المقيمين هناك هنا، والمقيمين هنا هناك.
      وهو كان هنا، ومقيماً هناك. وكان هناك، ومقيماً هنا.
      لا تدعِ النبعَ يغفو. رُشَّ على وجهك من مائه قليلاً فيصحو.


      وتصحو معه الجبال والوديان التي أوصلته إليك.
      خُذِ القطرة بيدك فيصحو الغيم وتصحو السماء.
      وإنْ رأيتَ سحْلية لا تنهرْها، اتبعْها، فقد تأخذك إلى الكنز.


      كلُّ ما تبحث عنه هو لا شيء، سوى وكْر السكينة.
      وَضَعَ يده في النبع ورشًّ ماء على وجهه. رشَّ غيماً، رشَّ سماء. وضاع وجهه في الفضاء وانتظر نقطة، كي تعيد وجهه إليه.
      ثمة أكثر من وجه في الغيمة. ثمة أكثر من غيمة في الوجه.
      وحاول أن يرى.
      نظر إلى فوق، ولم يرَ. نظر إلى تحت، ولم يرَ.


      وحين أغمض عينيه رأى: سحْلية ميْتة.
      كان ذلك في الماضي البعيد، حين كان نبع وشجر وغيم وسماء وأرض.


      كان ذلك في الماضي، حين كانت عيون.
      وحين كان للسحْلية وكْر.
      كان ذلك حين كانت دروب، وحين كان يمكن أن ينحرف المنحرفُ عنها.


      وحين كانت غصون الأشجار ضلوعاً، والمنكسر منها، حتى في غابات الأمازون، عظامك.
      كان ذلك في الماضي البعيد، الذي لم يكن.

      هبَّ "الهابُّ" واصطدمت به جموع، ولم يلتفت إليه أحد.


      لم يسأله أحد سؤالاً، لا عن المحبة، لا عن الزواج،

      لا عن الأولاد...لم يكن المصطفى ولا السيّد،

      ولا سفينة له ولا هيكل ولا تلاميذ. ولو سألوه ما كان سيجيب.

      لم يكن يعرف جواباً. كان يعرف فقط أنَّ الهبوب يجرف كلَّ شيء،

      الأسئلةَ والأجوبة والكلام، ويصمت.
      كان طفلاً في حقل حين هبَّت عليه أوَّل ريح،


      وسقطتْ ورقة من شجرة أمامه. انتظرَ،

      علَّ الريح تعود، وتعيد الورقة إلى الشجرة.
      ثم رأى الشجرة كلَّها تهوي.
      ثم لم يعد يرى أيَّ حقل.
      وما بقي للبستانيّ أن يفعل غير جمْع الأوراق وكسور الشجر.


      ما بقي للبستانيّ أن يفعل غير إحراق بستانه.
      وتيقَّن، حينذاك، أنَّ ما يراه في البعيد،


      أنَّ ما يسعى إليه، هو الدخان.
      لكنْ، في ذاك الدخان ورق وشجر. في ذاك الدخان حقول.


      في ذاك الدخان هو حين كان طفلاً،

      وهو حين كبر... إنه، الآن، في ذاك الدخان.
      إنه هناك، في الدخان الذي يراه في البعيد.
      ولا شكَّ معه أيضاً ناسٌ هناك.


      فالناس ليسوا هنا وهو ليس هنا.

      فأين يكون وأين يكونون إنْ لم يكن هناك؟
      ولكنْ، أين الهناك؟
      صُبَّ الناسَ والحقول في كأسك واشربْهما.


      وصُبَّ نفسك أيضاً واشربْها.
      صُبَّ الناس والحقول ونفسك في عينيك واغمضهما،


      وإلا يضيع الناس وتضيع الحقول وتضيع أنت.
      صُبَّ الدخان.
      وقلْ للسحْلية التي ماتت قبل أن تصل إلى وكرها: لا كنز في الوكر.
      وافرشْ شريط أغانٍ على الغصون، فلعلَّ الأشجار تغنّي.
      رأيتُ شجراً يفتح فمه. رأيتُ أوراقاً تصفّق،


      وغصوناً تطلع من الرماد، وترقص...

      هناك، في البعيد، حيث كان يستلقي قلبي.
      أريد قدماً لهذا القلب. هذا القلب يريد أن يرقص مع الشجر.
      صُبَّ الترابَ في شرايينك واخترعْ قدماً.


      صُبَّ تراباً واخترعْ شجراً ورقصاً.
      صُبَّ تراباً. فإنْ ترمَّد الشجر، قد تبزغ نبتة من ترابك. قد تبزغ شجرة.
      وإنْ خلوتَ من شريط غناء، قد يأتي عصفور يحطُّ عليها، ويغنّي.

      بعضهم سمَّاه "المنحرف". بعضهم سمَّاه "الغبار".


      وبعضهم سمَّاه "الماحي"...
      محا "الماحي" قدمه ومضى بلا قدم.
      لم تكن هناك طريق. استنسخَ من حذائه طريقاً.
      لم يكن هناك شجر. استنسخَ من ضلوعه جذوعاً وأغصاناً.


      ومن أنفاسه استنسخ ريحاً عائدة، كي تعيد الورقة إلى الشجرة.
      حين رأى الريح تُسقط الورقة أمامه انتظر وبكى،


      لأنَّ الريح لم تَعُد ولم تُعِد الورقة إلى غصنها...

      ويحزن الآن لأنَّ دموعه لم تكن حينذاك مطراً،

      فلعلَّ الورقة كانت شربت قبل أن تموت.
      صُبَّ دمعاً في كأسك صُبَّ مطراً على ورقٍ ميْت.
      صُبَّ شجراً، من ضلوعك.

      استنسخَ طريقاً من حذائه.
      وطوى الطريق، طيَّة طيَّة، ووضعها في جيبه.
      وصار، عوض أن يمشي على الطريق، يمشي في ثنايا ردائه.
      لم تكن هناك طريق، ولا حذاء له ولا ثوب.


      لكن قال ذلك كي يكون له مشي.
      لم يكن له شيء. كان له القول فقط. كان له القول، والمشي في القول.
      وقطعَ الدروب كلَّها مشياً على الكلام.
      لا تلفظِ الكلمة الأخيرة، لا تقلْ الكلمة التي في آخر الطريق.


      قد يسمعها أحد في أوَّل الطريق ولا يعود يمشي.
      وإذ تطوي الطريق وتضعها في جيبك،
      [/]
      تيقَّنْ أنْ لا أحد ماشٍ عليها. هكذا يخفُّ حمْلك.
      وهكذا لا تزعج الماشين.
      وإنْ أردتَ رفيقاً، فأيُّ رفيق أعزُّ من وحدتك؟
      امشِ على الكلام. امشِ على اللهاث الذي يخرج من فمك.
      وسترى في لهاثك طريقاً، وشجراً أيضاً.
      امشِ في ثنايا ردائك. امشِ على الطريق المطويَّة في جيبك.
      بين لهاثك وثوبك طريق، ويمكنك أن تمشي عليها العمر كلَّه.

      [/]

      تعليق


      • []
        []المَقعد

        مشى ناظراً إلى فوق، إلى الغيم الذي يعبر،
        [/]

        []وقال في قلبه: إنهم يعبرون أيضاً هناك.
        هناك أيضاً فوق من يمشي، ولا مقعد له.
        ولكن من هم هؤلاء الذين طلعوا من ماء ويمشون فوق؟
        [/]

        []لا شكَّ بينهم أنفاسُ غرقى.
        مُدَّ نظرةً إليهم، مُدَّ كرسيّاً، فلعلَّهم متعبون.
        مشى خافضاً رأسه. لا يريد أن يرى أنفاس غرقى في الفضاء.
        [/]

        []مشى خافضاً رأسه، وانتابه حُبٌّ هائل للتراب.
        ما في قلبي على الأرجح هو تراب إذاً وليس دماً، قال، ومشى.

        ابحثْ في التراب حبَّةً حبَّة، قد تجد نفسك، أو على الأقلّ قطعةً منك.
        قد تجد قطعة من أجدادك، ومن أحفادك الذين لم يولدوا بعد.
        ابحثْ في التراب قد ترى أصدقاء، وقد تتعرًّف إلى ناسٍ لا تعرفهم.
        انبشْ التراب الذي في قلبك، ستجد كثيرين مدفونين هناك،
        [/]

        [] ينتظرون أن يصل مِعْولك إليهم كي يحيوا.

        تعبَ وأراد أن يجلس.
        على الطريق أحجار. حجرٌ مستطيل يريد أن يمشي.
        [/]

        [] حجر مكوَّر يندب نفسه. حجر ذو ثغرة كفمٍ يريد أن يقول شيئاً.[/]

        حجر مائل يستنجد بحجر آخر...
        أحجار في جوفها شرايين، في جوفها دم... هل يجلس على دم؟!
        ابسطْ نظرتك على الأرض واجلسْ عليها.
        استرحْ في عينيك.
        في العيون مقاعد. اسحبْ كرسيّاً من عينك واقعدْ عليه.
        قديماً، مرَّ متعبون كثيرون وقعدوا في عينه.


        []استراحوا قليلاً من سفر طويل، ثم تابعوا المشي على نظرته.
        في ذاك الوقت كان يمكن أن تخرج العينُ من محجرها وتصير طريقاً.
        [/]

        [] وحين يتعب الماشون، كان يمكن أن تعود إلى محجرها وتصير بيتاً.
        كان يمكن تلك العين أن تؤوي آلاف المتعبين،
        [/]

        [] وآلاف الضالّين، في محجرها الصغير، [/]

        []وأن تقدّم لهم طعاماً وشراباً من شرايينها التي لا تُرى.
        الأحجار ليست مقاعد، وعلى حوافي العين رمل، قد يكون من الدموع.
        [/]

        []من دموع المتعبين الذين يمشون كلًّ حياتهم ولا يجدون مقعداً.
        هيَّا، تابعِ المشي. لا تجلسْ على رمل. لا تجلسْ على دمع.
        وافترضْ أخذتَ كرسيّاً من عينك وجلست.
        [/]

        []أليس كلُّ الذين تنظر إليهم يجلسون عليه؟ فهل تجلس على جالسين؟!
        هم أخذوا المقعد قبلك. فبمجرًّد أن نظرتَ إليهم صار المقعد في عينك لهم. امشِ،
        [/]

        []لا مقعد لك في عينك ولا مقعد لك على الطريق.
        امشِ.
        وانتظرْ أن تنظر إليك عينُ عابرٍ آخر، فلعلَّك تقعد وتستريح فيها.


        [/]

        []العيون أيضاً

        [/]

        []يعبرون، أفراداً وجموعاً، ولا أحد ينظر إليه.
        إلى أين تذهب نظراتهم، لا يعرف.
        [/]

        []أين تحطُّ النظرة إنْ لم تحطَّ على ناس؟!
        يسمع أنيناً تحت الأقدام. ويعتقد أنَّ من يئنُّ هناك هي العيون.
        انتشلِ العيونَ من التراب وضعْها على الغصون،
        [/]

        [] فالأشجار تريد أيضاً أن تنظر.
        انتشلْها وضعْها على الحجارة،
        [/]

        []فربما الحجارة تريد أن تمشي وينقصها النظر،[/]

        [] أو على الأقلّ تريد أن ترى من يقعد عليها.
        ليس عدلاً أن لا يكون للنظرات مكان.
        ليس عدلاً أن لا تعرف العيون إلى أين تذهب نظراتها.
        وإن احترتَ إلى أين ترسل نظرة فضعْها على الطريق.
        [/]
        قد يمرُّ أعمى ويكون في حاجة إليها.
        قال هذا والجموع تعبر ولا أحد يلتفت إليه.
        نظرات، يتيمة، في فضاء فارغ.
        تمنَّى لو يخلق لها أباً، أمّاً، أخاً، رفيقاً...
        نظرَ، ولم يرَ رحْماً.
        نظرَ، ولم يرَ.
        كأنه كان هو العابرين.
        ومثلهم لم يعرف إلى أين تذهب نظرته.

        [/]

        تعليق


        • الظِلّ
          اخرجْ وقُلْ للعابر أن يعود
          تَرَكَ ظِلاًّ هنا فيه لهاثه.
          ظلٌّ فيه شوارع. فيه مسافات
          فيه جبال ووديان وذكريات
          وفيه ناسٌ علقوا به وهو يعبر في محاذاتهم.
          مَرَّ على الحدائق، وصار فيه زهور
          مَرَّ في الشوارع، وصار فيه ناس. مَرَّ في الليالي
          وصار فيه قمر. مَرَّ في النهارات، وصار فيه شمس
          مَرَّ على المقابر، وصار فيه موتى.
          قلْ للعابر أن يعود ويجمع زهور ظلّه، وناسَ ظلّه

          وقمر ظلّه، وشمس ظلّه، وموتى ظلّه...
          قلْ له إنَّ الحدائق
          والقمر
          والشمس
          والأحياء والموتى
          في ظلّه.


          لهاث العابر

          ترك العابر بعض لهاثه ممدَّداً على الدروب

          وبعضَه شارداً في الفضاء.
          لهاثٌ يطأ عليه المارَّة
          ولهاثٌ يجهد كي يصير غيمة.
          ترك العابر لهاثاً يمشي في الشوارع مع الأقدام

          أو يصير تحتها تراباً
          ولهاثاً يمشي مع الهواء، يرتطم بأشجار وبنايات

          بقطارات وسفن، يعلو ويهبط

          يهبط ويعلو، ولا يصير غيمة.

          انحرفْ عن الطريق

          لهاثك فيه ناسٌ فلا تدعْ أقداماً تطأ عليهم
          وانحرفْ عن الفضاء
          للفضاء رئة شاردة لا تتركْ لهاثك فيها فيشرد.

          امشِ كأنْ لا لهاث لك. امشِ كأنك ميْت
          فلا يشرّد الفضاءُ لهاثك
          ولا أحد يطأ عليه.

          الذي غرق

          الذي غرق في الماء صار سحابة
          ثم نزل قطرةً قطرة
          والسابحون في البحر يسبحون فيه.

          النائمون على الحافَّة

          النائمون على الحافَّة جميلون
          لا النهار لهم ولا الطريق
          ليس عليهم أن يروا ولا أن يمشوا
          النائمون على الحافَّة
          وصلوا.

          كانت على الطرقات شاحنات تصمُّ الآذان
          وشوارع ومفارق يدورون فيها عمياناً
          كانوا يبحثون عن مكان، لا إشارة له
          يبحثون عن طريق، لا مفرق لها ولا علامة
          فناموا على الحافَّة
          ووصلوا
          في نومهم.

          دقُّوا على بابه وقالوا

          دقُّوا على بابه وقالوا: نحمل لك شفاء مدى الحياة

          وأبديةً أيضاً، لا تغلق الباب، دعنا ندخل ونعطِك الدواء.
          ما كان يعرف أنَّ شفاءه وخلوده

          موصولين بغرباء مارّين في هذا الشارع.
          ما كان يعرف أنَّ شفاءه وخلوده رهْن طرقةٍ على الباب.
          في بيتي موتى كثيرون، قال، ومرضى كثيرون

          هل يكفي دواؤكم كلَّ هؤلاء؟
          لم يغلق الباب. كانت في الحوض زهرة فنظر إليها
          وإلى ورقة يابسة.
          ينظرون إليه، وينظر إلى الورقة والزهرة.
          يتكلمون، والزهرة والورقة صامتتان.
          ولم يكن يسمع كلاماً بل صمتاً.
          ثم أقفل الباب
          وعاد إلى مرضه
          وموته

          تعليق


          • انظرْ إلى الجبل

            انظرْ إلى الجبل،

            حيث يستلقي خروف خرج اليوم من عينك ونام هناك
            خروف وُلد تحت جفنيك، من لقاح أضواء غريبة
            وأكل عشباً كثيراً كان يطلع من قلبك.

            انظرْ إلى الجبل وناجِ الخروف
            ومسّدْ صوفه بنظراتك
            وإنْ يبس العشب هناك أوصلْ شرايينك بتراب الجبل،

            واطعمْه عشباً من قلبك.
            انظرْ إلى الجبل.

            ودُلَّ الذئاب إلى طريق أخرى لا تمرُّ أمام خروفك
            نائمٌ وصغير
            فدعْه ينم.

            انظرْ إلى الجبل
            ولا تدعْ نظرتك تذهب إلى هناك

            من دون أن تحمّلها طعاماً
            إلى العصفور الذي كان في صدرك
            ارسلْ له قمحاً، من دموع تجفَّفت وصارت حبوباً للعصافير
            وارسلْ للنحل زهوراً، كانت حدقات
            وللشجر جذوراً، كانت شرايين.
            انظرْ
            إلى الجبل.


            النسائم التي مرَّتْ

            النسائم التي مرَّتْ في رئتيه كانت لها أسماء
            أسماءُ مدنٍ وقرى وشوارع وصحارى وغابات
            وأسماءُ ناس
            يتنفَّسون بقربه.

            أمكنة كثيرة في رئتيه
            وناسٌ كثيرون
            دخلوا مع الهواء ثم غابوا
            وما تنفًّسه
            كان غيابهم.

            ما في صدره كان رئات العابرين
            ولم يكن يتنفَّس الهواء
            بل العبور.


            الذي مات ولم يرَ الغزالة

            الغزالة ستأتي إلى النبع، قال مراراً
            الغزالة ستخرج من رأسي وتشرب
            لم يعد في رأسي ماء
            فاخرجي يا غزالة.

            انتظرَ الغزالة ستين عاماً على النبع
            أراد فقط أن يراها
            هذه التي جالت طويلاً في خياله ورَعَتْ
            عشبَ رأسه.


            النائم على الرصيف

            النائم على الرصيف يفتح عينيه بين وقت وآخر
            يحدّق بي
            ويتمتم: ألا تعرفني؟
            ألستَ أنا حين كنتُ أمشي؟
            ألم نعبر الأرض معاً؟

            مرَّات على الأقدام ومرَّات في سهونا عن الأرض؟
            ألم نغرق في النهر معاً؟
            والنمال التي كانت على الدروب،


            كم مرَّة رفعتْ أقدامَنا عن الأرض وغيَّرتْ وُجهاتنا؟

            أنظرُ إلى النائم على الرصيف
            ولا أعود أمشي
            وينظر النائم على الرصيف إليَّ
            ويعود إلى النوم.


            يبحث عن خشب

            دخلتْ دروب كثيرة في عروقه وسالت مع دمه
            دخلتْ جبال، وسالت
            في دمه طوفان
            ويبحث في عروقه عن خشب
            كي يبني سفينة.


            الرحلة

            وَضَعَ الطريقَ في صدره
            ومشى عليها طوال العمر.



            اذهبْ إلى الغابة

            اذهبْ مع الهواء إلى الغابة
            نِمْ على ورقة، ادخلْ في أريج زهرة،
            واذهبْ مع النسيم إلى الغابة
            الطير الذي مرَّ أمام بيتك ولم تطعمه
            تفقَّدْه إنْ كان جائعاً، إنْ كان مات
            تفقَّدِ الأشجار التي قلتَ إنها ضلوعك
            وعُدَّ كم منها انكسر
            وتفقَّدْ مجرى النهر الذي حفرتَه في خيالك كي تسقيها.

            اذهبْ إلى الغابة
            أكيد هناك من هو في انتظارك
            ربما غصن يريد أن يراك
            ربما عشبة تريد أن تتحدَّث إليك
            استلقِ على نسمة
            نِمْ على ورقة
            واذهب إلى الغابة.





            كلمة فقط، أو إشارة

            كلمة، كلمة فقط
            أو إشارة
            كي أرى بيتاً في تموُّجات الصوت
            ومَقعداً في عروق اليد التي تلوّح.

            كلمة أو إشارة
            كي يقعد هذا الحشد الواقف في قلبي.

            كيف؟

            كيف للسابح أن يصل
            والبحر يغرق

            تعليق


            • غيوم

              في عيونه غيوم
              ويحدّق في الأرض
              علَّها تمطر.

              برقَّة من يحمل طفلاً

              برقَّة من يحمل طفلاً
              يحاول أن يجعل ذراعه نسمة.


              خُذ الحطبَ في نزهة

              ضعْ يدك في يد الحطب المحروق
              وخذْه في نزهة
              خذْه إلى الغابة كي يرى أهله
              كي يرى أولاده الذين وُلدوا بعد رحيله
              ضعْ يدك في يد الحطب المحروق وخذْه إلى النهر
              يريد أن يشرب.


              الرياح تدقُّ على بابه

              الرياح تدقُّ على بابه
              كي تسأل ربما لماذا


              تأخَّر اليوم عن الهبوب معها،
              كان تقريباً هواء
              كان تقريباً رياحاً
              لا مكان له غير الهبوب
              ولا رفيق
              لا الشجر لا الحجر لا التراب
              كان تقريباً رفيق الفضاء
              الفارغ.

              تدقُّ الرياح على بابه
              على باب قلبه الذي خلعته الرياح
              ودخلتْ
              ولم تجدْ أحداً.


              تحاول أن ترفع يداً

              للطريق رئة
              وعيون
              ودقَّات قلب.

              للطريق دقَّات قلب متعَبة
              ورئة
              ملأى بغبار الدعسات
              وعيون
              تنظر إلى الماشين عليها وتدمع
              تحت أقدامهم.

              للطريق رئة تئنُّ تحت ثقل الخطى
              وعيون تفقأها الأقدام
              وذراع مكسورة
              ومع ذلك تحاول أن ترفع يداً
              كي تحيّي العابرين.


              لا

              لا تدقَّ على الباب
              امشِ
              مَن في الداخل يدقُّ على الباب أيضاً
              ولا أحد يفتح له.


              رفاق


              لديك ما يكفي من ذكريات
              كي يكون معك رفاق على هذا الحجر
              اقعدْ
              وسَلِّهمْ بالقصص
              فهم مثلك شاخوا
              وضجرون
              قُصَّ عليهم حكاية المسافات
              التي مهما مشت
              تبقى في مكانها
              أخبرْهم عن الجنّ الذي يلتهم أطفال القلب
              عن القلب الذي مهما حَبِلَ
              يبقى عاقراً
              حدّثْهم عن العشب الذي له عيون
              وعن التراب الأعمى
              عن الرياح التي كانت تريد أن تقول شيئاً
              ولم تقلْ
              وعن الفراشة البيضاء الصغيرة


              التي دقَّت على بابك في ذاك الشتاء
              كي تدخل وتتدفأ.

              لديك رفاق على هذا الحجر
              لا تدعْهم يضجرون
              أخبرْهم عن الخراف التي بلا راعٍ
              وعن الراعي الذي بلا خراف
              عن الراعي الذي ضلَّ والخرافِ التي تعرف الطريق
              أخبرْهم حكاية الذئب
              وحكاية القبَّرة
              وحكاية الغول
              وإنْ لم يكن لهؤلاء حكايات فاخترعْها
              اخترعْ حكايات
              اخترعْ ذئاباً وجنّاً وخرافاً ورعياناً وفراشات
              رفاقك مثلك شاخوا
              ويقعدون على حجر صغير
              اخترعْ لهم مسافات.


              سفَرٌ مع الدخان

              في الرقم عشرة من شارع "لوريكيت" في سيدني
              أدخّنُ الآن سيكارة وأقول:
              فعلتُ عملاً رائعاً اليوم
              أخرجتُ من فمي دخاناً ونظرتُ إلى الدخان.

              الدخان عملٌ جميل
              وعملٌ جميل هو النظر
              وأنا لديَّ كلاهما، فيا لجمال حياتي!

              كنتُ مخطئاً حين ظننتُ أن الفم موقدة مطفأة
              أو فقط للكلام
              وأن النظر ليس إنجازاً رائعاً.
              كنتُ مخطئاً حين اعتقدتُ أني
              في هذه الغرفة الضيّقة
              ليس في وسعي أن أنتشر في كل الشارع بدخاني ونظراتي
              ومخطئاً كذلك
              حين حاولتُ أن أنزع ذراعيَّ
              وأضع مكانهما ريشاً
              كي أصير عصفوراً
              وأن أنزع بعد ذلك الريش
              كي أصير نسيماً.

              كان يمكنني أن أفعل كلَّ ذلك
              في الدخان الذي يخرج من فمي
              وفي النظرة التي تتبع الدخان.


              كأنَّ

              في رأسي غيم
              كأنَّ رأسي يريد أن يمطر
              كأنَّ تراباً في رأسي عطشان
              كأنَّ بلاداً في رأسي لا يصل إليها المطر
              كأنَّ في رأسي مسافرين عطاشى
              وسنونوات
              تريد أن تشرب
              كأنَّ فلاَّحين تفقَّدوا أباريقهم
              ووجدوها فارغة
              كأنَّ بحراً في مكان ما جفَّ
              وأسماكه تبحث عن ماء
              وكأنَّ المسافة
              بين الرأس والأرض
              تتطلَّب نهراً في الرأس كي تُعْبَر.


              كان

              كان بودّي أن أكتب أغنية
              كي يتسلَّى بها المسافرون في الطريق الطويل
              المسافرون الضجرون من السفر
              ومن الطريق.

              كان بودّي أن أُوصل المسافرين إلى محطَّاتهم
              بصوتٍ يقطع المسافات عنهم
              وهم نيام.

              كان بودّي أن أكتب أغنية
              أن أجد كلمات
              تقتل الضجر
              كلمات
              تقتل الطريق


              رغبة

              في فمي رغبة مالحة
              ولا أعرف كيف أبصقها.


              إنْ مشيتَ أو قعدتَ

              الماء أعلى من الرصيف
              إنْ مشيتَ
              أو قعدتَ
              ستغرق.


              لم يرَ طريقاً، لم يقلْ كلمة

              كلُّ ما رآه كان مشهداً واحداً: قلبه
              مسافة طويلة
              طويلة ولم تكن
              غير دوران في قلبه.

              جاءت الريح وأخذته وهو جالس في قلبه
              لم يرَ طريقاً
              لم يقلْ كلمة
              بحثَ عن طريق
              عن كلمات
              عن عيون
              وذهبَ أعمى
              وصامتاً

              تعليق


              • بعد هذه الرحلة الجميلة الممتعة

                تبدو القراءة لوديع سعادة «فعلًا تأريخيًا»
                من جانبين، عبر الانفتاح على تأريخ الشاعر
                لذاته في نصوصه، وعلى تأريخ القارئ لنفسه،
                وهذا الأخير يظهر بشكلٍ أكثر اتساعًا ورحابةً
                في تجربة سعادة لأنه يُعنى بالتفاصيل الصغيرة
                التي لا تهم أحدًا لكنها تهم الجميع في الوقت نفسه،
                ليس في الأمر معادلةٌ كيميائيةٌ..

                إنها الحياة ببساطة
                حيث يبدو في دواوينه أشبه ببطل رومانسي مهزوم.
                كان ديوانه الأول «ليس للمساء إخوة»
                عبارة عن مقاطع متتالية لقصيدة طويلة،
                ثمّ ظهر نوع من التوتر تجاه العالم في
                دواوينه التالية مع عنف لغوي حاد.

                في ديوانه «بسبب غيمة على الأرجح»،

                بلغ حدّ الشك في جدوى الكتابة،
                قبل أن يتحوّل الشجن الرومانسي إلى

                نوع من الاستسلام للعالم كما هو،
                والبحث عن كتابة غايتها «الخلاص»

                عبر التركيز على الأشياء الصغيرة.
                «توخّيت من الشعر نوعاً من الخلاص الذاتي

                في مواجهة عالم دائم الانقضاض والافتراس.
                هل كان يبحث عن رومانسية جديدة ومختلفة

                في التركيز على مفردات الطبيعة

                والصور الشعرية المرهفة؟

                يجيب سعادة: «لا يصح وضع القصيدة الحديثة

                في خانة تصنيف معين، لأنّه لن يكون دقيقاً.
                القصيدة تحمل وجوهاً عديدة في الوقت نفسه،
                بما فيها التناقضات... تحمل الرومانسية

                إلى جانب العبثية والسريالية

                والواقعية والرمزية وغير ذلك».
                الرومانسية في شعر صاحب

                «بسبب غيمة على الأرجح» هي «حالة»

                أكثر من كونها «طريقة كتابة».
                حالة يعيشها يومياً وتظهر في كتاباته

                إلى جانب حالات أخرى مختلفة وربما نقيضة

                من الملفت في نصوص الشاعر أيضا

                "جدلية الغياب والحضور" .
                فالشاعر دائما مسكون بإنسان غائب أوميت

                ويعتبر سعادة أنه يجب أن نكون أصدقاء
                للضعفاء والأقوياء على حد سواء،

                وأن هناك موتى عبروا وما زالوا ساكنين فينا،

                ويجب أن نعترف بهذا الشيء

                تعليق


                • ثمّة إصرار على تيمات الموت والغياب،
                  اليأس والعبث، العزلة والتأمل.
                  كعادته، يختبئ سعادة وراء صيغ مختلفة
                  من أدوات المخاطبة، ليخفي ذاته المنهكة،
                  ويكون أكثر حرية في شرح تعثّراتها.
                  يقوم بذلك عبر لغة درامية يرسم صورها
                  بمشهدية عالية، وحساسية مدهشة.

                  مع بعض مقتطفات من أقواله

                  "العابرون سريعًا جميلون. لا يتركون ثقلَ ظلّ.
                  ربما غبارًا قليلاً، سرعان ما يختفي"

                  "لا أعرف كيف لا تتوقف أرجلنا عن
                  المشي حين نفقد شخصًا نحبُّه.
                  ألم نكن نمشي لا على قدمينا بل على قدميه؟
                  ألم تكن النزهة كلها من أجله؟ ألم يكن هو النزهة؟"

                  "لا ترمِ شيئاً قد يكون ما ترميه قلبك."

                  "كأنَّ الاحتفاء بالذات لا يتمُّ إلا بالعزلة.
                  كأنَّ الاحتفاء بالحياة لا يكون إلا بالصمت."

                  "هذه البحيرة ليست ماء.
                  كانت شخصًا تحدثتُ إليه طويلاً، ثم ذاب!"

                  "في قلبه ضجيج
                  كأنَّ مسافرين يحتفلون في حافلة
                  في قلبه
                  ولا يعرف حافلة ولا مسافرين
                  ولا يدري
                  أنَّ في قلبه طريقاً"

                  " الأيام كثيرة، لكن الحياة قليلة.
                  تتأجّل من يوم إلى يوم.
                  وحين لا يبقى غير يوم
                  تتدفق كلها إليه علّها تحيا فيه"

                  "و هذه العاصفة في الرأس كيف لا تحرّك غصنًا؟


                  "الذين ألِفناهم شجرًا باسقاً
                  صاروا قشًّا حين حزنوا
                  "

                  "مئات الصفحات مئات الصفحات
                  كي يقول كلمة ولا يقولها. "

                  " نتسلّق ضحكاتنا لأنّ صراخنا شاهقُ جدًا "

                  تعليق


                  • الذكرى ثلج
                    لا يُضمن الوقوفُ فوقه طويلاً

                    “إنهم يتساقطون، الواحد تلو الآخر،
                    المتشبثون بالإقامة. يتساقطون بأوطانهم
                    التي صارت وهما. بانتماءاتهم التي صارت كذبا.”

                    “في عيونه غيوم
                    ويحدّق في الأرض
                    علَّها تمطر "

                    “كيف يمشي واحدٌ إذا فقد شخصًا!
                    أنا، حين فقدت شخصًا، توقفت.
                    كان هو الماشي وأنا تابعه.
                    كنت الماشي فيه.و حين توقَّف، لم تعُدْ لي قدمان"


                    “خطوة واحدة واحدة فقط
                    كان عليه أن يمشيها بعد
                    كي يرى.”


                    “أيّ حلم
                    وكلّنا على قارعة الطريق
                    نلملم انهيار الوجوه"


                    “الذين بلا رغبات هم الأحياء حقًا.
                    لا شيء يقتلهم ولا يتركون ضحايا"


                    “بين هذه الجدران أمضيتَ حياتك.
                    وُلدتَ في الزاوية،وأقصى رحلة
                    كانت من الجدار إلى الجدار"


                    “رصف حجراً فوق حجر تاركاً فراغاً
                    كي تتنفَّس الأحجار في الحجر روحٌ، قال
                    وقد تكون بين حجر وحجر عشبة تريد أن تنبت"


                    “وحدث أني في أحد الأيام
                    اكتشفتُ الصبر تحت شجرة"


                    “كيف أحيا موت الحياة؟"


                    “كلما ازددنا معرفة ازددنا شكًّا، فكل معرفة شك.
                    ومن يعرف أكثر يقلق أكثر، وييأس أكثر، ويهلك أكثر"


                    “دَلَقَ ماءً ماءً كثيراً
                    وغرق في الماء.
                    ظنَّ روحه قماشة
                    وأراد أن يغسلها."


                    “لديّ نهارٌ واحد بعد، ماذا أفعل؟
                    استيقظتُ باكراً جدّاً. على الراحلين
                    أن يستيقظوا باكراً جدّاً ليملأوا نهاراتهم


                    “في السكون غناء جميل.
                    في الصمت دهشة أصوات.
                    حين تجلس وتصمت تكون تخترع أوتارًا جديدة"


                    “أزقّةُ أيّامي مليئةٌ بالزجاج
                    ومثل صبيّ يركضُ عمري حافيًا في عمري."


                    نقّبوا عن ظلال رؤوسكم
                    وتفيّأوا
                    الزمن جفّف القلوب
                    ولا بئر غير عيوننا
                    ندفن فيها وجوهَ من نُحبّ

                    تعليق


                    • الافتراض، هذا ربما، على الأرجح
                      ما نسمّيه حياتنا
                      واليقين الوحيد، على الأرجح، وداعها"


                      “كيف للسابح أن يصل والبحر يغرق؟”


                      “قعد تحت الشجرة وظنَّ نفسه غابة
                      في الربيع يزهر وفي الشتاء يرتجف
                      وفي الخريف سقطت ورقة
                      وقعدت مكانه"


                      “ قتلوه مرّات عديدة
                      حتى توزَّعَ جثثًا.
                      لم يكن يحصي شواهده
                      كان فقط يتنزَّه
                      في حديقته الخلفية.”


                      “تدقُّ الرياحُ على بابِه
                      على باب قلبه الذي خلعَتْه الرياحُ
                      ودخلتْ ولم تجدْ أحدًا”


                      “إنني ميتٌ كفاية، ومعي الوقت كي أنسج الأحلام.
                      ميت كفاية كي أخترع الحياة التي كنت أريدها"


                      “العدم فسيح. وتستطيع أن تمدَّ فيه ضحكتك إلى الأبد"


                      “حديقتي أصغرُ من جنين
                      ليس فيها غيرُ ورقةِ السهو
                      نبتتْ في غيابك."



                      " سأذهبُ إلى الغابة أقعدُ مع الحطّابين
                      وبفأس دهشتهم
                      أقطعُ أحلامي وألقيها في النار.
                      يقول الحطّابون:اليابسُ يُقطع.”


                      “رفاقي الذين في عيونهم طرقات
                      وقطارات لا تتوقف في محطَّة
                      الذين تركوا المفاتيح في الداخل وصفقوا الباب ومشوا
                      وفي بحار نظراتهم وُلدت أسماك غريبة
                      وصنَّارات
                      رموها
                      واصطادوا عيونهم.”


                      “جلسَ على الشرفةِ
                      مُحاولاً أن يستعيدَ وجوهًا
                      ليملأَ حواليهِ
                      المقاعدَ الفارغة.”


                      “ذاكَ النهار
                      تحتَ سنديانةِ الساحة
                      ظَلَّ فقط مقعدان حجريّان فارغيْن،
                      كانا صامِتَيْن
                      ينظران إلى بعضهما
                      ويَدْمَعان.”


                      “لا تدقَّ على الباب
                      امشِ
                      مَن في الداخل يدقُّ على الباب أيضاً
                      ولا أحد يفتح له”


                      “كل شيء هادئ في هذه الغرفة منذ سنوات،
                      وبتُّ أعتقدُ نفسي جداراً وإذا خرجتُ ستهبطُ"


                      “هذه البحيرة ليست ماء كانت شخصًا تحدثتُ إليه طويلاً ثم ذاب"


                      “الذين بلا رغبات هم الأحياء حقًا لا شيء يقتلهم ولا يتركون ضحايا"


                      عباراته تمتلئ بمفردات الطبيعة وأمكنتها العذبة.
                      مفردات يقوم الشاعر بعد وضعها في تراكيب وصيغ،
                      بشحنها بدلالات غريبة عنها. فإذا بالورقة اليابسة تصبح لساناً،
                      والماء لحماً، ويصير للغصون دمٌ.
                      يحدث ذلك في مناخ واحد، يتقن صانعه كيفية استخراج المعاني
                      من سياقاته الكتابية، وإعادة إخفائها ببراعة.
                      هذا ما يبرِّر حضور الغنائية في نص سعادة،
                      وخفوتها في الوقت ذاته، داخل أسلوب يمهد غالباً للمعنى
                      ولا يفصح عنه. لا تبدو جملته ذات نبرة إيقاعية عالية،
                      بل ذات انسجام أسلوبي يختزن المعنى ويحرّكه ببراعة.
                      يقطف سعادة المشاهد والاستعارات والصور
                      من عوالم شتى، مدخلاً عبثه الفلسفي في التفاصيل الصغيرة.
                      يخلّف وراءه قصائد تمتلئ بالأسئلة الوجودية الشائكة

                      تعليق


                      • وديع سعادة.. كائن ينْسردُ شعراً ويجالس العدم!

                        يقول عنه الناقد السعودي محمد العباس في كتابه "كتابة الغياب"

                        كما كان وديع سعادة بارعاً في إلغاء المسافة بين النص والحياة.
                        كذلك هو الناقد السعودي محمد العباس الذي يقترب
                        وبالبراعة نفسها من نص وديع في كتابه الصادر حديثاً
                        عن دار نينوى «كتابة الغياب».
                        هذا الاقتراب الذي يصل إلى حد
                        المنادمة التي جعلته يخاطبه بـ يا وديع.
                        وتعلو رهافة هذه المنادمة حتى تتجلى في بعض
                        العبارات في فعل الأمر: أكتب يا وديع..
                        بيد أن هذا الفعل لا يصنف كفعل أمر بقدر ما
                        هو الافتنان بما يتجلى به وديع سعادة شعراً.
                        وفي هذا الحوار نستعيد تلك المنادمة
                        التي كانت بين العباس ووديع سعادة.
                        أنت حميم في «كتابة الغياب»
                        في حين لم تكن كذلك في قراءاتك النقدية السابقة،
                        فقد غابت الصرامة وأنت تنادم نص وديع سعادة بلذة،
                        هذه المجادلة الروحانية كيف جاءت؟
                        هل فرضها نص وديع؟
                        هل هو خيار فني نقدي جديد تبتدعه لنفسك؟

                        نص وديع يستدعي مقاربته بخطاب نقدي مُشَعْرَنْ.
                        فهو يكتب بلغة على درجة من الرهافة
                        تغري النقد أن يكون محاولة للتماس مع الذات
                        التي تقيم خلف الكلمات، ومن هنا آثرت أن
                        أعتمد المنهج الرسائلي الكفيل بتقليص المسافة
                        أو محوها قدر الإمكان فيما بيننا،
                        وذلك لإضفاء السمة الدرامية على
                        النص المنتج من تداعيات القراءة.
                        ومن هذا المنطلق جاءت مفردة المنادمة
                        التي صارت تعني بالنسبة إلي أن الكتابة عنه
                        يمكن أن تكون بمثابة نشاط في حيز القراءة.
                        وقد استعنت بالمناهج والنظريات النقدية
                        لمقاربة عبارة وديع أو بصمته الشعرية
                        ولكن بدون أن تبدو تلك الآليات فاقعة
                        أو ناتئة في سياق القراءات،
                        بل حرصت قدر الإمكان على تذويبها
                        لترقى الكتابة إلى مستوى المنادمة والتباسط بالفعل،
                        والتخاطب مع كائن يقيم في
                        النقطة الممحوة من الحياة،
                        مقتعداً الحجر حد مماهاته كتمثال،
                        بمعنى أني حاولت أن أجد لي مكاناً بين
                        هذا المريض بذاته وبين كلماته بشيء من
                        الإعجاب والحب والرغبة في المنادمة.
                        وهو خيار فني أظنه أجدى من الأسلوب
                        التشريحي المدرسي، ويليق بمخاطبة كائن
                        من كلمات ينتظر حياة تنبثق من خلال شقوق الكلمات

                        تعليق


                        • كاتب أحاسيس

                          الذاتية المفرطة التي يكتب بها وديع،

                          وهي ليست ذاتية تمجد الذات أو تبجلها،
                          كتبت بحالة موغلة في الشفافية.

                          كيف ترصد أثر هذه الذاتية على نص وديع؟

                          وديع سعادة الذي يجالس العدم،

                          يكتب بذاتية على درجة من الشفافية والتجلي،
                          وليس بأنَويّة. إنه يحتفي بذاته مع الآخرين

                          وليس في المنفى الشخصي بمعزل عنهم،
                          فذاته الرهيفة الهشة عاطفياً تذوب بين

                          الكلمات ولا تطفو أناه بأي معنى من
                          المعاني على سطح النص.
                          وهذه سمة من سمات الكائن القادر على المكاشفة

                          واستجلاء أغوار نفسه من خلال اللغة،
                          فهو لا يخاف من الألم، بل يعيد عجنه

                          وتشكيله في لغة حد التهور.
                          إنه كاتب أحاسيس لا موضوعات.

                          والكتابة تعني بالنسبة له حالة من

                          حالات توسيع الذات وإفساح المدى لها

                          للحضور والتمثّل. والسر على ما أعتقد

                          يكمن في كون الذات المصعوقة بمفارقات

                          الوجود، كما يمثل وديع بعض تجلياتها،
                          تتوحد مع الألم داخل الكتابة.
                          إنه لا يكتب لكي يتطهر، بل يدلل بمفردات
                          (العبور والعدم والنسيان والغياب)

                          التي هي بمثابة أيقوناته اللفظية على اعتناقه
                          التوثيني للغة لكي لا ينسى،

                          وأحياناً ليستدعي ذاته ويمكِّثها.

                          إنه يكتب لكي لا يكون مجرد

                          شيء، وهنا مكمن الأثر في نصه فمن يقرأ

                          شطحاته السريالية يصاب به حتماً، ولا يجد

                          تلك الغرائبية المتأتية من الألعاب اللغوية

                          المعتادة في النصوص الحديثة بل حميمية

                          هي عصب نصه وحياته.


                          كتابة اللوعة

                          لا يكتسب قارئ نص وديع فلسفة أخرى
                          للحياة.. لا يكتشف معنى جديداً.. لكن نص
                          وديع يفعل أكثر من ذلك بأن يجعلنا نكتشف
                          أنفسنا..كأنه يكتب لوعتنا الغائبة أو المخفية؟

                          صحيح، وهو على ما يبدو غير معني بترديد
                          مقولات فلسفية بقدر ما يهجس ببعثرة أسئلة
                          وجودية مبعثها ذاته وألمه الخاص، حيث
                          يتنازل عن معنى الحياة العام لينجز معناه
                          الشخصي، أو رؤيته المتفردة للوجود.
                          أحياناً تحسه يهذي لفرط الألم والدهشة،
                          نتيجة غوصاته العميقة في ذاته،
                          وقدرته الاستثنائية الرهيفة على التقاط الجمال
                          العابر، اللامرئي. والأهم أنه لا يعاني من
                          عقدة القبض عليه متلبساً بمشاعره،
                          لدرجة أن نصه يعتبر سيرة شعورية صريحة.
                          حتى اللوعة التي تتحدث عنها،
                          هو لا يستجلبها من الفراغ بل من إحساس
                          حقيقي، ومن خبرات، ووقائع،
                          ومن حنين باتر لذلك الغائب الذي
                          يتقدس كلما تذكره، أو حاول عبثاً استعادته،
                          حتى صار بمقدوره أن يعجن كل ذلك الوهم
                          الموجع في كلمات وينادم نفسه بها،
                          كأنه الكاتب المكتفي بذاته قارئاً.
                          وتلك هي بصمته التي تحيل النص
                          بالفعل إلى مرآة صادمة ينفضح قبالتها
                          شعور القارئ الخائف من مواجهة نفسه،
                          فالحياة تحت جلودنا، كما يصدمنا بها،لا في الخارج.

                          تعليق


                          • موت المتخيلات

                            لاحظت أن وديع يخاطب الأشياء أكثر مما
                            يخاطب الانسان؛ هناك المقعد والطاولة
                            والبحيرة والحديقة.. كأنه فقد التواصل مع
                            الكائن الحي، لكن الاشياء لا تحضر كبديل
                            ولكن كعلامات تحدد الحياة التي يعيشها..
                            كيف ترى هذه المسألة؟

                            التشيؤ كما يبدو في نص وديع لا يعني
                            الإنقطاع عن الكائن الحي، أو اليأس منه،
                            بل العكس هو الصحيح حيث يبدو نصه
                            مترعاً بالمخلوقات والجمادات المؤنسنة،
                            على عكس النصوص الحديثة التي طردت
                            الانسان لصالح تداعيات غامضة وجامدة.
                            حين يتحدث إلى الأشياء والكائنات الحية
                            فهو إنما يتحدث عن متعلقات الكائن بلغة
                            موجعة، وعن موت المتخيلات،
                            فالكلمات كانت كائنات حية حسب رأيه،
                            ومهمته هي صنع جسر من الأصوات.
                            وهو من الشفافية والرهافة بحيث يخشى
                            الجلوس على الكنبة لأنها ضلع أحدهم،
                            ويقصد الذين غادروا، إيماناً منه
                            على ما يبدو بأن الأثر أقوى من صاحبه.
                            لاحظ عباراته هذه مثلاً:
                            (الكلماتُ التي قالَها.. على المقاعدِ،
                            في الخزانةِ، على الأسِرَّةِ، والجدار. جلَبُوا
                            خادمةً نظَّفَتِ البيتَ. نظَّفَتِ الأثاثَ والأواني
                            والحجارة. جلَبُوا طِلاءً. جلَبوا أصواتًا
                            جديدةً وظلُّوا يسمعونَها).
                            إنه صديق الأثاث المؤنسن،
                            وهو أشبه ما يكون بالأعمى الذي استعار
                            وهم الرؤية كما وصف نفسه.

                            تعليق


                            • محمد العباس وضّح جوانب عدة في
                              تجربة وديع سعادة،
                              ووضع يده على العلامات
                              الفارقة التي كوّنت لغته،
                              فأعمال وديع سعادة
                              «ليست مجرد نصوص شعرية
                              تستمد جذوتها من تجريد الحياة،
                              إنما هي الحياة كما حدثت منصصة»
                              كما يقول العباس،
                              وعليه فقد قرأ العباس وديع سعادة
                              في محاولة لامتصاص أسلوبه
                              -كما قال- كشاعر يكتب على الحافة،
                              ويعيش على الحافة.
                              فبدأ بـتجربة اصطدام وديع بالقدر وهو يرى
                              منظر والده هيكلا عظميا محروقا ،
                              هذه الحادثة التي سكنت نص وديع
                              ولم تغادر ذاكرته.
                              ثم وصف العباس سادية الذات
                              التي تحاصر نفسها بالمستحيل.
                              ووقف عند نوبة أخرى من
                              نوبات استدعاء الغائب،
                              حيث تسكن فلسفة كاملة،
                              وتظهر الكتابة كقسوة.
                              ومن «نص الصمت والغياب»
                              ركز العباس على اللغة،
                              لغة وديع حين يصرخ مراودا نفسه
                              بالتواري «امنحوني عدما. أريد الجمال»،
                              مبينا الأثر اللفظي للغة،
                              وإسقاطات الصوت والصمت والغياب،
                              يقول العباس «عندما تلتقي الذات باللغة،
                              تتولد لغة أخرى،
                              تقابلها ذات أخرى منقطعة عن الشخصية.
                              ذات ذائبة في اللاشعور».

                              وانتقل العباس إلى العدم -كعنوان- من خلال
                              مجموعة «غبار» حيث السمة الغالبة
                              لنظام قائم على الطابع التكراري
                              للمعادلات العدمية،بكل هذا الإحساس
                              التراجيدي حيث التمجيد للرحيل،
                              للنسيان، للذهاب إلى الصمت،
                              لخلايا العقل المنحرفة، للجنون، للانشقاق،
                              للمنبوذين، للهامشيين، للعبور السريع،
                              للتخلي عن الحضور..
                              هكذا؛ وصل العباس إلى مفردة أخرى،
                              وعلاقة أخرى تتصعد فيها الذات العينية
                              وتمتزج بالخيال اللامتناهي في
                              نصوص وديع من مجموعته «رتق الهواء».

                              أما المجموعة الأخيرة فوصل بها إلى
                              حال وديع.. الكائن الفرداني، الكائن المعني
                              بتحقيق وجوده الإنساني الخاص زمنا ومكانا.

                              لا شك أن محمد العباس كتب عن وديع
                              بحب شديد، هذا ما أعلنه وأضاف
                              «النقد هو فعل محبة بقدر ما هومنهجيات»،
                              إلا أنه أصر -بالمقابل- على أن الانحياز الكامل
                              «هو الانحياز إلى الجمال في المقام الأول»،
                              واعتبر العباس أن تجربة وديع سعادة
                              انسحبت على شعراء كثيرين،
                              بحالاته ومفرداته،
                              إلا أنه رغم ذلك «مظلوم إعلاميا».

                              أما عن منهجه في الكتاب فقال
                              «أراوح بين الذاتي والموضوعي»
                              مستدركا أنه غير مندفع إلى تقويل النص
                              بدلا من تأويله، وأكد استعانته
                              بكل «الترسانة النقدية» و«معانقة وعي وديع».

                              تعليق


                              • مشوار طويل و ممتع من نشأته لهجرته
                                و مع شعره الذى كتبه بشرايين قلبه لا بيده،
                                وبساطته الإنسانية العميقة هكذا هو وديع سعادة
                                حالة شعرية خاصة.
                                عندما سؤل ماذا يعني أن تكون شاعراً

                                أجاب: يعني أن أكون في الوهم.
                                الوهم الجميل الذي أتمنى ألّا يفقده أحد

                                وبعد قراءة فى كتاب كتابة الغياب
                                للناقد السعودى محمد العباس الذى قال عنه وديع
                                محمد العباس كتب بعمق عن شعري،
                                عمق إنساني ونقدي في الوقت ذاته،
                                وأضاء مناطق لم يضئها كثير من النقاد
                                الذين كتبوا عن شعري،
                                تبقي لدي أيضا في الدرجة الأولي
                                اللمسة الإنسانية التي استخدمها محمد العباس،
                                وهي في رأيي نوع جديد من الكتابة

                                يحظى الشاعر وديع سعادة
                                باهتمام النقّاد والقرّاء ومنشأ هذا الإهتمام
                                ليس أسلوب سعادة المتميّز
                                و بلاغة الصورة في شعره وحسب،
                                بل أيضاً للأعماق السحيقة التي يتّصف بها شعره
                                الذى يعد إنسانيّاً بالدرجة الأولى

                                وأكثر من ذلك يرى الشاعر وديع سعادة
                                أنّ الشعر "هو سياسة أيضاً"
                                فلا فصل مطلقاً وإذا الشعر هو السياسة بامتياز
                                بشرط سموّ السياسة بما هي
                                "تمرّد ورفض ونقد واستشراف

                                ولذلك يشدّد سعادة على تفضيله
                                أن يكون "يساريّاً عموماً"،
                                فاليساريّة هي "المعارضة لا الموالاة
                                بالمعنى الواسع والعميق للكلمة.
                                إنّها الإدّعاء العام على ما يجري وليست الدفاع.
                                إنّها عين الناقد وليست عين المدّاح

                                ووديع سعادة المتابع النهِم لعالم
                                الشعر الحرّ والقصيدة النثريّة
                                هو صاحب وجهة نظر في ما يُثار
                                مِنْ جدل مستمرّ عربيّاً حول الشعر الحديث
                                ويؤكّد أنّ الشعرالحديث قد تخطّى
                                ذاته عربيّاً أيضاً في مفاهيم جديدة
                                ورؤى جديدة وأشكال جديدة

                                اقتربنا من نهاية الرحلة
                                لكن تبقى جزئية من الممكن
                                ان تجعلنا نقترب اكثر من وديع الانسان
                                و آرائه و أجابات لأسئلة من خلال
                                حوارات صحفية انتقيتها لكم علها تكمل الصورة

                                تعليق

                                مواضيع تهمك

                                تقليص

                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-08-2025 الساعة 11:33 PM
                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-04-2025 الساعة 05:29 PM
                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 05-31-2025 الساعة 10:07 PM
                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 05-30-2025 الساعة 11:48 PM
                                المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 05-30-2025 الساعة 09:36 AM
                                يعمل...
                                X