إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رحلة في حياة الشاعر محمود درويش

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رحلة في حياة الشاعر محمود درويش

    رحلة في حياة الشاعر محمود درويش
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    أهل ورد الغاليين
    تأخر العمل علي سيرة هذا العملاق كثيرا
    لكن مع حلول الذكري السابعة
    أعتقد أن الوقت قد حان

    استعداد نفسي كبير لمثل هذه الرحلة الوعرة
    أشعر برعشة غريبة تجتاحني
    يجب أن تكون بداية مختلفة من أين أبدأ
    و كيف ستكون هذه الرحلة في حياة شخصية غير اعتيادية
    شاعرعملاق استطاع ابتكار واقع لفظي يحلق في
    فضاءات متنوعة من الأسطورة و التاريخ و النص المقدس
    وصولاً إلى مكنونات اللانهاية
    حتى يرسخ النص في ذهن القارئ ببساطة
    صنع من الشعر ذاكرة له و ذاكرة جماعية للشعب الفلسطيني

    في التاريخ تظهر امبراطوريات و تزول
    و تسود حضارات ثم لا تلبث تندثر
    لكن المبدعين يستحيلون على النسيان
    هكذا هو شاعرنا المارد
    إنه مصلوب في رحم القضية
    إنه حرا صار أسطورة
    الأيقونة الفلسطينية
    سيد الكلام فخر الضاد
    محمود درويش



  • #2
    مَنْ أَنا لأقول لكمْ ما أَقول لكمْ ؟
    (...) أَنا لاعب النَرْدِ
    أَربح حيناً
    و أَخسر حيناً أَنا مثلكمْ أَو أَقلُّ قليلاً

    نشأته :
    محمود درويش
    الابن الثاني لعائلة تتكون من

    خمسة أبناء و ثلاث بنات
    ولد عام 1942 في قرية البروة
    قرية فلسطينية مدمرة يقوم مكانها اليوم قرية
    احيهود تقع 12.5 كم شرق ساحل سهل عكا
    حيث كانت أسرته تملك أرضا هناك
    خرجت الأسرة برفقة اللاجئين الفلسطينيين في
    عام 1948 لجأ إلى لبنان وهو في السابعة من عمره
    و بقي هناك عام واحد فعادوا متسللين مع دليل
    فلسطيني يعرف الطرق السرية إلى شمال الجليل
    و قد اقاموا لدى أصدقاء إلى أن اكتشفوا أن
    قريتهم البروة لم تعد موجودة وجدت عائلة درويش
    قريتها مهدومة و قد أقيمت على أراضيها
    قرية موشاف قرية زراعية إسرائيلية أحيهود و كيبوتس يسعور
    عاشوا لاجئين في قرية أخرى اسمها دير الأسد في الشمال
    و وجدوا صعوبة بالغة في الحصول على بطاقات إقامة
    لأنهم دخلوا بطريقة غير شرعية
    و كانت صفتهم في القانون الإسرائيلي الحاضرون الغائبون
    أي حاضرون جسدياً و لكن بلا أوراق و صادروا اراضيهم
    عاش محمود في حيفا بعدما انتقلت العائلة إلى
    قرية أخرى اسمها الجديدة و امتلكت فيها بيتاً
    و في حيفا عاش عشر سنين و أنهي فيها دراسته الثانوية
    فقد كان يخشى أن يتعرض للنفي من جديد إذا
    اكتشف أمر تسلله أكمل تعليمه الابتدائي بعد عودته
    من لبنان في مدرسة دير الأسد متخفياً و عاش
    تلك الفترة محروماً من الجنسية
    بدأ يكتب الشعر في عمر مبكر و قد لاقى تشجيعاً
    من بعض معلميه في المدرسة اما تعليمه الثانوي فتلقاه
    في مدرسة يني الثانوية بقرية كفر ياسيف 2 كم شمالي الجديدة
    درس العربية و الانجليزية و العبرية
    و حصل على منحة دراسية في موسكو عام 1970م فسافر إليها

    تعليق


    • #3
      زواجه :
      تزوج محمود درويش
      مرتين
      الأولى في واشنطن عام 1977
      من الكاتبة رنا قباني
      ابنة الدكتور صباح قباني
      شقيق الشاعر السوري الكبير نزار قباني
      و لم يدم زواجهما أكثر من أربعة أعوام
      و في منتصف الثمانينات تزوج من
      المترجمة المصرية حياة الهيني
      و بعد عام واحد انفصلا بسلام
      و لم يتزوج مرة ثالثة
      و قد اعترف بفشله في الحب و الزواج
      معللاً ذلك بانتمائه إلى برج الحوت
      و عن هذا الموضوع يقول محمود درويش :
      أحب أن أقع في الحب و حين ينتهي
      أدرك أنه لم يكن حباً
      الحب لا بد أن يعاش لا أن يتذكر
      إنني مدمن على الوحدة
      الشعر محور حياتي
      ما يساعد شعري أفعله و ما يضره أتجنبه
      فقد كان يعتبر أن المؤسسة الزوجية قيد يجب أن
      يبتعد عنها أي إنسان يحمل في داخله بذرة فن أو إبداع

      حياته العمليه :
      انتسب إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي
      وعمل في صحافة الحزب مثل الاتحاد و الجديد
      التي أصبح فيما بعد مشرفا على تحريرها
      كما اشترك في تحرير جريدة الفجر
      التي كان يصدرها مبام
      شغل منصب رئيس رابطة الكتاب و الصحفيين الفلسطينيين
      عمل في مؤسسات النشر و الدراسات
      التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية
      علماً إنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير
      احتجاجاً على اتفاقية أوسلو
      كما أسس مجلة الكرمل الثقافية في بيروت
      عمل رئيساً لتحرير مجلة شؤون فلسطينية
      و أصبح مديراً لمركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية

      تعليق


      • #4
        أعماله :
        دواوين الشعر عصافير بلا أجنحة ( شعر ) عام 1960
        أوراق الزيتون ( شعر ) عام 1964
        عاشق من فلسطين (شعر) عام 1966
        آخر الليل ( شعر ) عام 1967
        يوميات جرح فلسطيني ( شعر ) عام 1969
        العصافير تموت في الجليل ( شعر ) عام 1969
        الكتابة على ضوء البندقية ( شعر ) عام 1970
        حبيبتي تنهض من نومها ( شعر ) عام 1970
        نثر شيء عن الوطن ( خواطر و مقالات ) عام 1971
        أحبك أو لا أحبك ( شعر ) عام 1972
        محاولة رقم 7 ( شعر ) عام 1973
        يوميات الحزن العادي ( خواطر و مقالات ) عام 1973
        و داعاً أيتها الحرب و داعاً أيها السلام ( مقالات ) عام 1974
        تلك صورتها و هذا انتحار العاشق ( شعر ) عام 1975
        أعراس ( شعر ) عام 1977
        مديح الظل العالي ( قصيدة تسجيلية ) عام 1983
        حصار لمدائح البحر ( شعر ) عام 1984
        هي أغنية هي أغنية ( شعر ) عام 1986
        ورد اقل ( شعر ) عام 1986
        مأساة النرجس ملهاة الفضة ( شعر ) عام 1987
        ذاكرة للنسيان ( نص ) عام 1987
        في وصف حالتنا ( نص ) عام 1987
        في انتظار البرابرة عام 1987
        الرسائل محمود درويش و سميح القاسم عام 1989
        أرى ما أريد ( شعر ) عام 1990
        عابرون في كلام عابر ( قصيدة و مقالات ) عام 1991
        أحد عشر كوكباً ( شعر ) عام 1992
        لماذا تركت الحصان وحيدا ( شعر ) عام 1995
        سرير الغريبة ( شعر ) عام 1999
        جدارية ( شعر ) عام 2000
        حالة حصار ( شعر ) عام 2002
        لا تعتذر عما فعلت ( شعر ) عام 2004
        كزهر اللوز أو أبعد ( شعر ) عام 2005
        في حضرة الغياب ( نص ) عام 2006
        حيرة العائد ( مقالات ) عام 2007
        أثر الفراشة ( يوميات ) عام 2008
        لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي ( شعر ) عام 2009

        تُرجمت أعمال الشاعر الكبير إلى أكثر من 22 لغة



        يتبع

        تعليق


        • #5
          حصل الشاعر محمود درويش خلال مسيرته الطويلة على
          العديد من الجوائز العربية والعالمية منها:
          جائزة لوتس (اتحاد كتاب آسيا وإفريقيا) في الهند عام 1969

          جائزة البحر المتوسط،
          المركز الثقافي المتوسط (باليرمو)، ايطاليا عام 1980

          درع الثورة الفلسطينية، منظمةالتحرير الفلسطينية عام 1981

          جائزة ابي علي بن سينا الدولية في الإتحاد السوفيتي عام1981

          لوحة أوروبا للشعر في ايطاليا عام 1982

          جائزة لينين، من قبل الاتحاد السوفيتي عام 1983

          جائزة شعراء من اجل السلام، من قبل
          مجلس بلدي فيلا ديمادوف، في ايطاليا عام 1987

          شهادة تقدير من جامعة التشيلي،مركز الدراسات
          العربية بجامعة تشيلي،مدينة سنتياغوفي تشيلي عام 1990

          وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي من قبل وزارة الثقافة
          الفرنسية برتبة فارس،في فرنسا عام 1997

          جائزة الآداب من وزارة الثقافة الفرنسية،
          في فرنسا عام 1997

          الصنف الأول من وسام الاستحقاق الثقافي تونس،
          يقدم من قبل الحكومة التونسية، في تونس عام 1998

          وسام الكفاءة الفكرية في المغرب،يقدم من قبل
          الحكومة المغربية، في المغرب عام 2000

          وسام القديس بطرس بولس(ميدالية ذهبية)، من قبل
          بطريرك انطاكية وسائر الشرق في دمشق عام 2001

          جائزة تقدير من جامعة البلمند في لبنان عام 2001

          جائزة الحرية الثقافية التي تمنحها” مؤسسة لانان”
          - فيلادلفيا - الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001

          جائزة السلطان بن علي العويس للانجاز الثقافي والعلمي
          مناصفة مع الشاعر السوري أدونيس،
          في دولة الامارات العربية المتحدة عام 2003

          جائزة الأمير كلاوس الهولندية، تقدم من قبل
          القصر الملكي في امستردام- هولندا عام 2004

          جائزة ادبية دولية (لودوميا بونامي) من
          محافظة لاكولا في ايطاليا عام 2006

          جائزة الوردة الفضية، من اتحاد الكتاب البلغار،
          في جمهورية بلغاريا عام 2006

          جائزة القاهرة للإبداع الشعري العربي،
          قدمت منقبل الملتقى الدولي للشعر العربي،
          في مصر عام 2007

          جائزة "ملك الشعر"(جائزة جولدن ريث العالمية)
          في مهرجان الشعر العالمي في مقدونيا عام 2007

          جائزة الأركانة العالمية للشعر، تقدم من قبل
          بيت الشعر في المغرب عام 2008

          جائزة (الشاهد) البوسنية، قدمت من قبل
          مهرجان ايام سراييفو في البوسنة عام 2008

          جائزة ناظم حكمت التركي في تركيا

          وسام القدس الذي صدر بمرسوم من
          الرئيس محمود عباس عام 2008، وترك للشاعر
          تحديد تاريخ الاحتفال لكن المرض أرجأ الاحتفال

          جائزة البحر الابيض المتوسط للسلام،
          قدمت من قبل مؤسسة
          البحر الابيض المتوسط للسلام، في ايطاليا عام 2009

          درع مجسم مدينة القدس في باريس

          درع القديس الشهيد (ايليا الحمصي) مطرانية
          حمص للروم الارثاذوكس درع

          تقدير من وزارة الثقافة المصرية

          أعلنت وزارة الاتصالات الفلسطينية
          في 27 يوليو 2008 عن إصدارها
          طابع بريد يحمل صورة محمود درويش

          تعليق


          • #6
            حياة حافلة
            بالأعمال و الأقوال
            و المقاومة و النضال
            و الثورة و الكرامة و الوطنية
            و الاعتقال و الترحال و الألم و الغربة
            آثرت أن أبدأ من حيث إنتهى هو
            آخر قصائد محمود درويش
            لاعب النرد
            و التي تشكل الذات واستشراف الموت
            القصيدة التي كتبها في أيامه الأخيرة
            و ألقاها في رام الله 06/07/2008

            قصيدة
            لاعب النرد


            مَنْ أَنا لأقول لكمْ
            ما أَقول لكمْ ؟
            وأَنا لم أكُنْ حجراً صَقَلَتْهُ المياهُ
            فأصبح وجهاً
            ولا قَصَباً ثقَبتْهُ الرياحُ
            فأصبح ناياً ...

            أَنا لاعب النَرْدِ ،
            أَربح حيناً وأَخسر حيناً
            أَنا مثلكمْ
            أَو أَقلُّ قليلاً ...
            وُلدتُ إلى جانب البئرِ
            والشجراتِ الثلاثِ الوحيدات كالراهباتْ
            وُلدتُ بلا زَفّةٍ وبلا قابلةْ
            وسُمِّيتُ باسمي مُصَادَفَةً
            وانتميتُ إلى عائلةْ
            مصادفَةً ،
            ووَرِثْتُ ملامحها والصفاتْ
            وأَمراضها :

            أَولاً - خَلَلاً في شرايينها
            وضغطَ دمٍ مرتفعْ
            ثانياً - خجلاً في مخاطبة الأمِّ والأَبِ
            والجدَّة - الشجرةْ
            ثالثاً - أَملاً في الشفاء من الانفلونزا
            بفنجان بابونج ٍ ساخن ٍ
            رابعاً - كسلاً في الحديث عن الظبي والقُبَّرة
            خامساً - مللاً في ليالي الشتاءْ
            سادساً - فشلاً فادحاً في الغناءْ ...

            ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُ
            كانت مصادفةً أَن أكونْ
            ذَكَراً ...
            ومصادفةً أَن أَرى قمراً
            شاحباً مثل ليمونة يَتحرَّشُ بالساهرات
            ولم أَجتهد
            كي أَجدْ
            شامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً !

            كان يمكن أن لا أكونْ
            كان يمكن أن لا يكون أَبي
            قد تزوَّج أُمي مصادفةً
            أَو أكونْ
            مثل أُختي التي صرخت ثم ماتت
            ولم تنتبه
            إلى أَنها وُلدت ساعةً واحدةْ
            ولم تعرف الوالدة ْ ...
            أَو : كَبَيْض حَمَامٍ تكسَّرَ
            قبل انبلاج فِراخ الحمام من الكِلْسِ /

            كانت مصادفة أَن أكون
            أنا الحيّ في حادث الباصِ
            حيث تأخَّرْتُ عن رحلتي المدرسيّة ْ
            لأني نسيتُ الوجود وأَحواله
            عندما كنت أَقرأ في الليل قصَّةَ حُبٍّ
            تَقمَّصْتُ دور المؤلف فيها
            ودورَ الحبيب - الضحيَّة ْ
            فكنتُ شهيد الهوى في الروايةِ
            والحيَّ في حادث السيرِ /

            لا دور لي في المزاح مع البحرِ
            لكنني وَلَدٌ طائشٌ
            من هُواة التسكّع في جاذبيّة ماءٍ
            ينادي : تعال إليّْ !
            ولا دور لي في النجاة من البحرِ
            أَنْقَذَني نورسٌ آدميٌّ
            رأى الموج يصطادني ويشلُّ يديّْ

            كان يمكن أَلاَّ أكون مُصاباً
            بجنِّ المُعَلَّقة الجاهليّةِ
            لو أَن بوَّابة الدار كانت شماليّةً
            لا تطلُّ على البحرِ
            لو أَن دوريّةَ الجيش لم تر نار القرى
            تخبز الليلَ
            لو أَن خمسة عشر شهيداً
            أَعادوا بناء المتاريسِ
            لو أَن ذاك المكان الزراعيَّ لم ينكسرْ
            رُبَّما صرتُ زيتونةً
            أو مُعَلِّم جغرافيا
            أو خبيراً بمملكة النمل
            أو حارساً للصدى !

            مَنْ أنا لأقول لكم
            ما أقول لكم
            عند باب الكنيسةْ
            ولستُ سوى رمية النرد
            ما بين مُفْتَرِس ٍ وفريسةْ
            ربحت مزيداً من الصحو
            لا لأكون سعيداً بليلتيَ المقمرةْ
            بل لكي أَشهد المجزرةْ

            نجوتُ مصادفةً : كُنْتُ أَصغرَ من هَدَف عسكريّ
            وأكبرَ من نحلة تتنقل بين زهور السياجْ
            وخفتُ كثيراً على إخوتي وأَبي
            وخفتُ على زَمَن ٍ من زجاجْ
            وخفتُ على قطتي وعلى أَرنبي
            وعلى قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العاليةْ
            وخفت على عِنَبِ الداليةْ
            يتدلّى كأثداء كلبتنا ...
            ومشى الخوفُ بي ومشيت بهِ
            حافياً ، ناسياً ذكرياتي الصغيرة عما أُريدُ
            من الغد - لا وقت للغد -

            أَمشي / أهرولُ / أركضُ / أصعدُ / أنزلُ / أصرخُ /
            أَنبحُ / أعوي / أنادي / أولولُ / أُسرعُ / أُبطئ /
            أهوي / أخفُّ / أجفُّ / أسيرُ / أطيرُ / أرى /
            لا أرى / أتعثَّرُ / أَصفرُّ / أخضرُّ / أزرقُّ /
            أنشقُّ / أجهشُ / أعطشُ / أتعبُ / أسغَبُ / أسقطُ /
            أنهضُ / أركضُ / أنسى / أرى / لا أرى / أتذكَّرُ /
            أَسمعُ / أُبصرُ / أهذي / أُهَلْوِس / أهمسُ / أصرخُ /
            لا أستطيع / أَئنُّ / أُجنّ / أَضلّ / أقلُّ / وأكثرُ /
            أسقط / أعلو / وأهبط / أُدْمَى / ويغمى عليّ /

            ومن حسن حظّيَ أن الذئاب اختفت من هناك
            مُصَادفةً ، أو هروباً من الجيش ِ /

            لا دور لي في حياتي
            سوى أَنني ،
            عندما عَـلَّمتني تراتيلها ،
            قلتُ : هل من مزيد ؟
            وأَوقدتُ قنديلها
            ثم حاولتُ تعديلها ...

            كان يمكن أن لا أكون سُنُونُوَّةً
            لو أرادت لِيَ الريحُ ذلك ،
            والريح حظُّ المسافرِ ...
            شمألتُ ، شرَّقتُ ، غَرَّبتُ
            أما الجنوب فكان قصياً عصيّاً عليَّ
            لأن الجنوب بلادي
            فصرتُ مجاز سُنُونُوَّةٍ لأحلِّق فوق حطامي
            ربيعاً خريفاً ..
            أُعمِّدُ ريشي بغيم البحيرةِ
            ثم أُطيل سلامي
            على الناصريِّ الذي لا يموتُ
            لأن به نَفَسَ الله
            والله حظُّ النبيّ ...

            ومن حسن حظّيَ أَنيَ جارُ الأُلوهةِ ...
            من سوء حظّيَ أَن الصليب
            هو السُلَّمُ الأزليُّ إلى غدنا !

            مَنْ أَنا لأقول لكم
            ما أقولُ لكم ،
            مَنْ أنا ؟

            كان يمكن أن لا يحالفني الوحيُ
            والوحي حظُّ الوحيدين
            "إنَّ القصيدة رَمْيَةُ نَرْدٍ"
            على رُقْعَةٍ من ظلامْ
            تشعُّ ، وقد لا تشعُّ
            فيهوي الكلامْ
            كريش على الرملِ /

            لا دَوْرَ لي في القصيدة
            غيرُ امتثالي لإيقاعها :
            حركاتِ الأحاسيس حسّاً يعدِّل حساً
            وحَدْساً يُنَزِّلُ معنى
            وغيبوبة في صدى الكلمات
            وصورة نفسي التي انتقلت
            من "أَنايَ" إلى غيرها
            واعتمادي على نَفَسِي
            وحنيني إلى النبعِ /

            لا دور لي في القصيدة إلاَّ
            إذا انقطع الوحيُ
            والوحيُ حظُّ المهارة إذ تجتهدْ

            كان يمكن ألاَّ أُحبّ الفتاة التي
            سألتني : كمِ الساعةُ الآنَ ؟
            لو لم أَكن في طريقي إلى السينما ...
            كان يمكن ألاَّ تكون خلاسيّةً مثلما
            هي ، أو خاطراً غامقاً مبهما ...

            هكذا تولد الكلماتُ . أُدرِّبُ قلبي
            على الحب كي يَسَعَ الورد والشوكَ ...
            صوفيَّةٌ مفرداتي . وحسِّيَّةٌ رغباتي
            ولستُ أنا مَنْ أنا الآن إلاَّ
            إذا التقتِ الاثنتان ِ :
            أَنا ، وأَنا الأنثويَّةُ
            يا حُبّ ! ما أَنت ؟ كم أنتَ أنتَ
            ولا أنتَ . يا حبّ ! هُبَّ علينا
            عواصفَ رعديّةً كي نصير إلى ما تحبّ
            لنا من حلول السماويِّ في الجسديّ .
            وذُبْ في مصبّ يفيض من الجانبين .
            فأنت - وإن كنت تظهر أَو تَتَبطَّنُ -
            لا شكل لك
            ونحن نحبك حين نحبُّ مصادفةً
            أَنت حظّ المساكين /

            تعليق


            • #7
              من سوء حظّيَ أَني نجوت مراراً
              من الموت حبّاً
              ومن حُسْن حظّي أنيَ ما زلت هشاً
              لأدخل في التجربةْ !

              يقول المحبُّ المجرِّبُ في سرِّه :
              هو الحبُّ كذبتنا الصادقةْ
              فتسمعه العاشقةْ
              وتقول : هو الحبّ ، يأتي ويذهبُ
              كالبرق والصاعقة

              للحياة أقول : على مهلك ، انتظريني
              إلى أن تجفُّ الثُمَالَةُ في قَدَحي ...
              في الحديقة وردٌ مشاع ، ولا يستطيع الهواءُ
              الفكاكَ من الوردةِ /
              انتظريني لئلاَّ تفرَّ العنادلُ مِنِّي
              فاُخطئ في اللحنِ /
              في الساحة المنشدون يَشُدُّون أوتار آلاتهمْ
              لنشيد الوداع . على مَهْلِكِ اختصريني
              لئلاَّ يطول النشيد ، فينقطع النبرُ بين المطالع ،
              وَهْيَ ثنائيَّةٌ والختامِ الأُحاديّ :
              تحيا الحياة !
              على رسلك احتضنيني لئلاَّ تبعثرني الريحُ /

              حتى على الريح ، لا أستطيع الفكاك
              من الأبجدية /

              لولا وقوفي على جَبَل ٍ
              لفرحتُ بصومعة النسر : لا ضوء أَعلى !
              ولكنَّ مجداً كهذا المُتوَّجِ بالذهب الأزرق اللانهائيِّ
              صعبُ الزيارة : يبقى الوحيدُ هناك وحيداً
              ولا يستطيع النزول على قدميه
              فلا النسر يمشي
              ولا البشريُّ يطير
              فيا لك من قمَّة تشبه الهاوية
              أنت يا عزلة الجبل العالية !

              ليس لي أيُّ دور بما كُنْتُ
              أو سأكونْ ...
              هو الحظُّ . والحظ لا اسم لَهُ
              قد نُسَمِّيه حدَّادَ أَقدارنا
              أو نُسَمِّيه ساعي بريد السماء
              نُسَمِّيه نجَّارَ تَخْتِ الوليد ونعشِ الفقيد
              نسمّيه خادم آلهة في أساطيرَ
              نحن الذين كتبنا النصوص لهم
              واختبأنا وراء الأولمب ...
              فصدَّقهم باعةُ الخزف الجائعون
              وكَذَّبَنا سادةُ الذهب المتخمون
              ومن سوء حظ المؤلف أن الخيال
              هو الواقعيُّ على خشبات المسارح ِ /

              خلف الكواليس يختلف الأَمرُ
              ليس السؤال : متى ؟
              بل : لماذا ؟ وكيف ؟ وَمَنْ

              مَنْ أنا لأقول لكم
              ما أقول لكم ؟

              كان يمكن أن لا أكون
              وأن تقع القافلةْ
              في كمين ، وأن تنقص العائلةْ
              ولداً ،
              هو هذا الذي يكتب الآن هذي القصيدةَ
              حرفاً فحرفاً ، ونزفاً ونزفاً
              على هذه الكنبةْ
              بدمٍ أسود اللون ، لا هو حبر الغراب
              ولا صوتُهُ ،
              بل هو الليل مُعْتَصراً كُلّه
              قطرةً قطرةً ، بيد الحظِّ والموهبةْ

              كان يمكن أن يربح الشعرُ أكثرَ لو
              لم يكن هو ، لا غيره ، هُدْهُداً
              فوق فُوَهَّة الهاويةْ
              ربما قال : لو كنتُ غيري
              لصرتُ أنا، مرَّةً ثانيةْ

              هكذا أَتحايل : نرسيس ليس جميلاً
              كما ظنّ . لكن صُنَّاعَهُ
              ورَّطوهُ بمرآته . فأطال تأمُّلَهُ
              في الهواء المقَطَّر بالماء ...
              لو كان في وسعه أن يرى غيره
              لأحبَّ فتاةً تحملق فيه ،
              وتنسى الأيائل تركض بين الزنابق والأقحوان ...
              ولو كان أَذكى قليلاً
              لحطَّم مرآتَهُ
              ورأى كم هو الآخرون ...
              ولو كان حُرّاً لما صار أُسطورةً ...

              والسرابُ كتابُ المسافر في البيد ...
              لولاه ، لولا السراب ، لما واصل السيرَ
              بحثاً عن الماء . هذا سحاب - يقول
              ويحمل إبريق آماله بِيَدٍ وبأخرى
              يشدُّ على خصره . ويدقُّ خطاه على الرمل ِ
              كي يجمع الغيم في حُفْرةٍ . والسراب يناديه
              يُغْويه ، يخدعه ، ثم يرفعه فوق : إقرأ
              إذا ما استطعتَ القراءةَ . واكتبْ إذا
              ما استطعت الكتابة . يقرأ : ماء ، وماء ، وماء .
              ويكتب سطراً على الرمل : لولا السراب
              لما كنت حيّاً إلى الآن /

              من حسن حظِّ المسافر أن الأملْ
              توأمُ اليأس ، أو شعرُهُ المرتجل

              حين تبدو السماءُ رماديّةً
              وأَرى وردة نَتَأَتْ فجأةً
              من شقوق جدارْ
              لا أقول : السماء رماديّةٌ
              بل أطيل التفرُّس في وردةٍ
              وأَقول لها : يا له من نهارْ !

              ولاثنين من أصدقائي أقول على مدخل الليل :
              إن كان لا بُدَّ من حُلُم ، فليكُنْ
              مثلنا ... وبسيطاً
              كأنْ : نَتَعَشَّى معاً بعد يَوْمَيْنِ
              نحن الثلاثة ،
              مُحْتَفلين بصدق النبوءة في حُلْمنا
              وبأنَّ الثلاثة لم ينقصوا واحداً
              منذ يومين ،
              فلنحتفل بسوناتا القمرْ
              وتسامُحِ موت رآنا معاً سعداء
              فغضَّ النظرْ !

              لا أَقول : الحياة بعيداً هناك حقيقيَّةٌ
              وخياليَّةُ الأمكنةْ
              بل أقول : الحياة ، هنا ، ممكنةْ

              ومصادفةً ، صارت الأرض أرضاً مُقَدَّسَةً
              لا لأنَّ بحيراتها ورباها وأشجارها
              نسخةٌ عن فراديس علويَّةٍ
              بل لأن نبيّاً تمشَّى هناك
              وصلَّى على صخرة فبكتْ
              وهوى التلُّ من خشية الله
              مُغْمىً عليه

              ومصادفةً ، صار منحدر الحقل في بَلَدٍ
              متحفاً للهباء ...
              لأن ألوفاً من الجند ماتت هناك
              من الجانبين ، دفاعاً عن القائِدَيْنِ اللذين
              يقولان : هيّا . وينتظران الغنائمَ في
              خيمتين حريرَتَين من الجهتين ...
              يموت الجنود مراراً ولا يعلمون
              إلى الآن مَنْ كان منتصراً !

              ومصادفةً ، عاش بعض الرواة وقالوا :
              لو انتصر الآخرون على الآخرين
              لكانت لتاريخنا البشريّ عناوينُ أُخرى

              "أُحبك خضراءَ" . يا أرضُ خضراءَ . تُفَّاحَةً
              تتموَّج في الضوء والماء . خضراء . ليلُكِ
              أَخضر . فجرك أَخضر . فلتزرعيني برفق...
              برفق ِ يَدِ الأم ، في حفنة من هواء .
              أَنا بذرة من بذورك خضراء ... /

              تلك القصيدة ليس لها شاعر واحدٌ
              كان يمكن ألا تكون غنائيَّةَ ...

              من أنا لأقول لكم
              ما أَقول لكم ؟
              كان يمكن أَلاَّ أكون أَنا مَنْ أَنا
              كان يمكن أَلاَّ أكون هنا ...

              كان يمكن أَن تسقط الطائرةْ
              بي صباحاً ،
              ومن حسن حظّيَ أَني نَؤُوم الضحى
              فتأخَّرْتُ عن موعد الطائرةْ
              كان يمكن أَلاَّ أرى الشام والقاهرةْ
              ولا متحف اللوفر ، والمدن الساحرةْ

              كان يمكن ، لو كنت أَبطأَ في المشي ،
              أَن تقطع البندقيّةُ ظلِّي
              عن الأرزة الساهرةْ

              كان يمكن ، لو كنتُ أَسرع في المشي ،
              أَن أَتشظّى
              وأصبَح خاطرةً عابرةْ

              كان يمكن ، لو كُنْتُ أَسرف في الحلم ،
              أَن أَفقد الذاكرة .

              ومن حسن حظِّيَ أَني أنام وحيداً
              فأصغي إلى جسدي
              وأُصدِّقُ موهبتي في اكتشاف الألمْ
              فأنادي الطبيب، قُبَيل الوفاة، بعشر دقائق
              عشر دقائق تكفي لأحيا مُصَادَفَةً
              وأُخيِّب ظنّ العدم

              مَنْ أَنا لأخيِّب ظنَّ العدم ؟


              يا للروعة حيوية وضوء و سخرية ممتزجة بتأثيرات
              فكرية فلسفية ووجودية وفتنة الحب
              حتى و إن كانت فكرة الموت أيضاً
              ليست غائبة في شعره الآسر.

              يتبع

              تعليق


              • #8
                جاءت هذه القصيدة البديعة
                لاعب النرد
                ضمن ديوان
                لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي
                و الذي صدر عام 2009 بعد وفاته
                بعض المقتطفات من هذا الديوان

                لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي

                يقولُ لها ، و هما ينظران إلى وردةٍ
                تجرحُ الحائطَ : اقتربَ الموتُ منِّي قليلاً
                فقلتُ له : كان ليلي طويلاً
                فلا تحجب الشمسَ عنّي !
                و أهديتُهُ وردةً مثل تلك ...
                فأدَّى تحِّيَته العسكرية للغيبِ ،
                ثم استدارَ و قالَ:
                إذا ما أردتك يوماً وجدُتك
                فاذهبْ !
                ذهبتُ ...
                أنا قادمٌ من هناك
                سمعتُ هسيسَ القيامةَِ ، لكنني
                لم أكن جاهزاً لطقوس التناسخ بعد ،
                فقد يُنشد الذئب أغنيتي شامخاً
                و أنا واقفٌ ، قرب نفسي ، على أربعٍ
                هل يصدقني أحد إن صرختُ هناك :
                أنا لا أنا
                و أنا لا هُو؟
                لم تلدني الذئابُ و لا الخيل ...
                إني خُلقتُ على صورةِ الله
                ثمّ مُسختُ إلى كائنٍ لُغويّ
                وسمّيت آلهتي
                واحداً
                واحداً ،
                هل يصدِّقني أحد إن صرختُ هناك:
                أنا ابن أبي ، و ابن أمي ... و نفسي

                و قالت : أفي مثل هذا النهار الفتّي الوسيم
                تفكِّر في تبِِعات القيامةِ ؟
                قال : إذن، حدِّثيني عن الزمن
                الذهبي القديم
                فهل كنتُ طفلاً كما تدّعي أمهاتي
                الكثيرات ؟ هل كان وجهي دليل
                الملائكةِ الطيّبين إلى الله ،
                لا أتذكّر ... لا أتذكّر أني فرحتُ
                بغير النجاة من الموت !
                من قال : حيث تكون الطفولةُ
                تغتسل الأبدية في النهر... زرقاء؟
                فلتأخذيني إلى النهر/

                قالت : سيأتي إلى ليلك النهر
                حين أضُمُّك
                يأتي إلى ليلك النهر/

                أين أنا الآن ؟ لو لم أرَ الشمسَ
                شمسينِ بين يديكِ ، لصدّقتُ
                أنكِ إحدى صفات الخيال المروَّض
                لولا هبوبُ الفراشات من فجر غمّازتيك
                لصدّقتُ أنّي أناديكِ باسمك
                ليس المكان البعيد هو اللامكان
                و أنتِ تقولين :
                "لا تسكن اسمك"
                "لا تهجر اسمك"!

                ها نحن نروي ونروي بسرديّة
                لا غنائيةٍ سيرةَ الحالمين ، ونسخرُ مما
                يحلّ بنا حين نقرأ أبراجَنا ،
                بينما يتطفّلُ عابر دربٍ و يسأل :
                أين أنا ؟ فنطيل التأمّل في شجر الجوْز
                من حولنا ، و نقول له :
                ههنا. ههنا. و نعود إلى فكرة الأبدية !

                ليس المكان هو الفخ ...
                مقهى صغير على طرف الشارعِ
                الشارعِ الواسع
                الشارع المتسارع مثل القطارات
                تنقل سكانها من مكان لآخر ...
                مقهى صغير على طرف الشارع
                الشارع الواسع
                الأسطوانة لا تتوقف - قالت له
                قال : بعد دقائق نخرج من ركننا
                إلى الشارع الواسع المتسارع
                مثل القطارات ،
                ثم يجيء غريبان ، مثلي و مثلك ،
                قد يكملان الحديثَ عن الفنّ ،
                عن شهواتِ بيكاسو و دالي
                و أوجاعِ فان غوغ و الآخرين ...
                و عمّا سيبقى من الحب بعد الأجازة ،
                قد يسألان : أفي وُسْع ذاكرةٍ
                أن تعيد إلى جسدٍ شحنةَ الكهرباء ؟
                و هل نستطيع استعادةَ إحساسنا
                بالرطوبة و الملح في أوَّل البحر
                بعد الرجوع من الصيف ؟

                تعليق


                • #9
                  ليس المكان هو الفخ
                  في وسعنا أن نقول :
                  لنا شارعٌ ههُنا
                  و بريدٌ
                  و بائعُ خبزٍ
                  و مغسلةٌ للثياب
                  و حانوتُ تبغٍ و خمر
                  و ركنٌ صغير
                  و رائحةٌ تتذكّر/

                  ها نحنُ نشربُ قهوتَنا بهدوءِ أميرينِ
                  لا يملكان الطواويس ، أنتِ أميرةُ نفسِك
                  سلطانةُ البر و البحر ، من أخمص القدمين
                  إلى حيرةِ الريحِ في خصلة الشعر.
                  في ضوء يأسكِ من عودة الأمسِ
                  تستنطقين حياةً بديهيةً. و بلا حرسٍ
                  تحرسين ممالكَ سريَّةً. و أنا ، في
                  ضيافةِ هذا النهار ، أميرٌ على حصَّتي
                  من رصيفِ الخريفِ. و أنسى مَن المُتّكلِّمُ
                  فينا لفرطِ التشابه بين الغيابِ و بين
                  الإيابِ إذا اجتمعا في نواحي الكمنجات
                  لا أتذكّر قلبي إلا إذا شقَّهُ الحبُّ
                  نصفين ، أو جفَّ من عطش الحب ،
                  أو تركتني على ضفة النهر إحدى صفاتك !
                  ضيفاً على لحظة عابرةْ
                  أتشبّثُ بالصحو ،
                  لا أمسَ حولي و حولك
                  لا ذاكرة ،
                  فلتكن مَعْنوياتُنا عالية

                  عصافيرُ زرقاءُ ، حمراءُ ، صفراءُ ، ترتشف
                  الماءَ من غيمةٍ تتباطأ حين تُطلُّ على
                  كتفيكِ. و هذا النهار شفيفٌ خفيفٌ
                  بهيٌّ شهيٌّ ، رضيٌّ بزواره ، أنثوّيٌّ ،
                  بريءٌ جريءٌ كزيتون عينيك. لا شيءَ
                  يبتعد اليوم ما دام هذا النهارُ
                  يرحِّب بي ، ههنا يُولَدُ الحبُّ
                  و الرغبةُ التوأمان ، و نولدُ ... ماذا
                  أريد من الأمس ؟ ماذا أريد من
                  الغد ؟ ما دام لي حاضرٌ يافعٌ أستطيع
                  زيارةَ نفسي ، ذهاباً إياباً ، كأني
                  كأني. و ما دام لي حاضرٌ أستطيعُ
                  صناعةَ أمسي كما أشتهي ، لا كما
                  كان. إني كأني. و ما دام لي
                  حاضرٌ أستطيع اشتقاقَ غدي من
                  سماءٍ تحنُّ إلى الأرض ما بين
                  حربٍ و حرب ، و إني لأني !
                  تقول : كأنكَ تكتبُ شعراً
                  يقول : أُتابع إيقاعَ دورتي
                  الدمويةِ في لغة الشعراء. أنا ،
                  مثلاً ، لم أُحبَّ فتاةً معينةً
                  عندما قلتُ إني أحبُّ فتاةً ، و لكنني
                  قد تخيَّلتُها : ذاتَ عينين لوزيتين ،
                  و شَعرٍ كنهر السواد يسيل على
                  الكتفين ، و رُمَّانتين على طبق مرمريّ.
                  تخيلتها لا لشيء ، و لكن لأُسمعها
                  شعرَ بابلو نيرودا ، كأني أنا هو ،
                  فالشعر كالوهم/

                  ليس المكان هو الفخّ
                  لم أنتظرْكِ لتنتظريني ، فمثلُك منْ
                  يأمر الحُلْم بالانتظارِ الطويلِ على
                  ركبتيها. خذيني إلى اللامكان المُعَدِّ
                  لأمثالنا الضالعين بتأويل ذاكرة الغيم
                  بين الربيع و بين الخريف ، و أمّا
                  الربيعُ ، فما يكتب الشعراء إذا نجحوا
                  في التقاط المكان السريع بصُنّارة
                  الكلمات. و أما الخريف ، فما نحن فيه
                  من الاهتداء برائحة الشجر العاطفيّ
                  و بحث الغريبة في كلمات الغريب عن
                  اسم الحنين ... و عَن شَبهٍ غائمٍ
                  في ثنائية الشعر و النثر. لا النثرُ نثرٌ
                  و لا الشعرُ شعرٌ إذا ما همستِ :
                  أحبكَ ! أو قالت امرأةٌ في القطار
                  لشخصٍ غريبٍ ، أعنِّي على
                  نحلةٍ بين نهديّ ... أو قال شخصٌ كسولٌ
                  لإسكندر الأمبراطور : لا تحجب
                  الشمسَ عني. و لكنني إذ أُغنِّي ،
                  أُغنّي لكي أُُغري الموت بالموت/

                  تعليق


                  • #10
                    ليس المكانُ هو الفخ
                    ما دمتِ تبتسمين و لا تأبهين
                    بطول الطريق ... خذيني كما تشتهين
                    يداً بيدٍ ، أو صدىً للصدى، أو سدى.
                    لا أريدُ لهذي القصيدة أن تنتهي أبداً
                    لا أريد لها هدفاً واضحاً
                    لا أريد لها أن تكون خريطةَ منفى
                    و لا بلداً
                    لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي
                    بالختام السعيد ، و لا بالردى
                    أريدُ لها أن تكون كما تشتهي أن
                    تكون :
                    قصيدةَ غيري. قصيدةَ ضدي. قصيدةَ
                    ندِّي ...
                    أريد لها أن تكونَ صلاةَ أخي و عدوّي.
                    كأن المخاطبَ فيها أنا الغائبُ المتكلم فيها.
                    كأنَّ الصدى جسدي. و كأني أنا
                    أنتِ ، أو غيرُنا. و كأني أنا آخري !

                    كي أوسِّعَ هذا المدى
                    كان لا بُدَّ لي :
                    - من سنونوة ثانية
                    - و خروج على القافية
                    - و انتباه إلى سعة الهاويةْ

                    لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي
                    لا أريد لهذا النهار الخريفي أن ينتهي
                    دون أن نتأكَّد من صحة الأبدية.
                    في وسعنا أن نحبَّ ،
                    و في وسعنا أن نتخيّل أنّا نحبُّ
                    لكي نُرجئَ الانتحار ، إذا كان لا بدَّ منه ،
                    إلى موعد آخر ...
                    لن نموتَ هنا الآن ، في مثل
                    هذا النهار الزفافيّ ، فامتلئي
                    بيقين الظهيرة ، و امتلئي و املئيني
                    بنور البصيرة/

                    ينبئني هذا النهارُ الخريفيُّ
                    أنّا سنمشي على طرق لم يطأها
                    غريبان قبلي و قبلَك إلا ليحترقا
                    في البخور الإلهي.
                    ينبئني أننا سوف نسمعُ طيراً تغني
                    على قدر حاجتنا للغناء ... خفيفاً
                    خفيَّ التباريح ، لا رعوياً و لا وطنياً
                    فلا نتذكّر شيئاً فقدناه/

                    إن الزمان هو الفخ
                    قالت : إلى أين تأخذني ؟
                    قال : لو كنتِ أصغرَ من رحلتي
                    هذه ، لاكتفيتُُ بتحوير آخر فصل
                    من المشهد الهوميري ... و قلتُ :

                    سريرُك سرّي و سرُّك ،
                    ماضيك يأتي غداً
                    على نجمة لا تصيب الندى
                    بأذى ،
                    أنام و تستيقظين فلا أنت مُلتفَّةٌ
                    بذراعي ، و لا أنا زُنّار خصرك ،
                    لن تعرفيني
                    لأن الزمان يُشيخ الصدى
                    و ما زلتُ أمشي ... و أمشي
                    و ما زلتِ تنتظرين بريدَ المدى
                    أنا هو ، لا تُغلقي بابَ بيتك
                    و لا ترجعيني إلى البحر ، يا امرأتي ، زبدا
                    أنا هُوَ ، منْ كان عبداً
                    لمسقط رأسك ... أو سيّدا
                    أنا هو بين يديك كما خلَقتْني
                    يداكِ ، و لم أتزوَّج سواكِ
                    و لم أُشفَ منك ، و من نُدبتي أبداً
                    و قد راودتني آلهاتُ كل البحار سدى
                    أنا هو ، من تفرطين له الوقت
                    في كُرة الصوف ،
                    ضلَّ الطريقَ إلى البيت ... ثم اهتدى
                    سريرُك ، ذاك المخبّأُ في جذع زيتونة
                    هو سرِّي و سرُّك ...
                    قالت له : قد تزوَّجَني يا غريبُ
                    غريبٌ سواك
                    فلا جذع زيتونة ههنا
                    أو سرير ،
                    لأن الزمان هو الفخ/

                    تعليق


                    • #11
                      ينبئُني ضوءُ هذا النهار الخريفيّ
                      أني رأيتكِ من قبل ، تمشين حافيةَ
                      القدمين على لغتي ، قلت : سيري
                      ببطءٍ على العشب ، سيري ببطءٍ
                      لكي يتنفَّسَ منك و يخضرّ. و الوقت
                      منشغلٌ عنك ... سيري ببطءٍ لأُمسك
                      حلمي بكلتا يديّ. رأيتك من قبلُ
                      حنطيّةً كأغاني الحصاد و قد دلّكتها
                      السنابل ، سمراءَ من سهر الليالي ،
                      بيضاءَ من فرط ما ضحك الماءُ حين
                      اقتربتِ من النبع. سيري ببطءٍ ،
                      فأنّى مشيتِ ترعرعت الذكرياتُ حقولاً
                      من الهندباء ، رأيتك من قبلُ في
                      الزمن الرعويّ
                      على قدر ليل الغريب
                      تنامُ الغريبةُ/


                      فاحتجبي ، و اظهري ، و العبي ، و اكسري
                      قدري بيديك الحريريتين ، و لا تخبريني
                      إلى أين تمضين بي في دهاليز سرِّك ،
                      لا تخبريني إلى أين تمضين بعدي
                      إلى أين أذهبُ بعدَك. لا بعد
                      بعدك. و لنعتنِ الآن بالوردة الليلكية
                      و لتُكمل الأبديةُ أشغالَنا دوننا ،
                      إن أطلنا الوقوف على النهر أو
                      لم نُطل. سوف نحيا بقية هذا
                      النهار. سنحيا و نحيا. و في الليلِ ،
                      إن هبط الليل ، حين تنامين فيّ
                      كروحي ، سأصحو بطيئاً على وَقْع
                      حلم قديم ، سأصحو و أكتب مرثيتي.
                      هادئاَ هادئاً. و أرى كيف عشتُ
                      طويلاً على الجسر قرب القيامة ، وحدي
                      و حراً. فإن أعجبتْني مرثيتي دون
                      وزن و قافية نمت فيها و متُّ
                      و إلا تقمصت شخصيةَ الغجريّ
                      المهاجر :
                      جيتارتي فرسي
                      في الطريق الذي لا يؤدي
                      إلى أيّ أندلسِ
                      سوف أرضى بحظّ الطيورِ و حريةِ
                      الريح. قلبي الجريح هو الكون.
                      و الكون قلبي الفسيح. تعالي معي
                      لنزورَ الحياةَ ، و نذهبَ حيث أقمنا
                      خياماً من السّرو و الخيزران على
                      ساحل الأبدية. إن الحياة هي اسم
                      كبير لنصر صغير على موتنا. و الحياة
                      هي اسمك يطفو هلالاً من اللازورد
                      على العدم الأبيض ، استيقظي و انهضي ،
                      لن نموتَ هنا الآن ، فالموت حادثةٌ
                      وقعت في بداية هذي القصيدة ، حيث
                      التقيتُ بموت صغير و أهديته وردة ،
                      فانحنى باحترام و قال : إذا ما أردتك
                      يوماً وجدتك/

                      فلنتدرب على حُبِّ أشياءٍ ليست
                      لنا ، و لنا ... لو نظرنا إليها معاً من علٍ
                      كسقوط الثلوج على جبلٍ
                      سيغنّي لك الغجري ، كما لم يغنِّ :
                      أقولُ لها
                      لن أُبدِّلَ أوتارَ جيتارتي
                      لن أبدّلها
                      لن أحمّلها فوق طاقتها
                      لن أحمّلها
                      لن أقولَ لها
                      غير ما تشتهي أن أقول لها
                      حملتني لأحملها
                      لن أبدِّل أوتارَها
                      لن أبدّلَها

                      لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي
                      لا أريد لهذا النهار الخريفي أن ينتهي.

                      تعليق


                      • #12
                        في بيت نزار قباني


                        بيتٌ من الشعر - بيتُ الدمشقيِّ
                        من جرسِ الباب حتىّ غطاء السرير
                        كأنَّ القصيدةً سُكنى و هندسةٌ للغمام

                        بلا مكتب كان يكتب ... يكتب فوق الوسادة
                        ليلاً , و تُكملُ أحلامهُ ذكريات اليمام

                        و يصحو على نفَس امرأة من نخيل العراق ,
                        تعدّ له الفُلًّ في المزهرية

                        كان أنيقاً كريش طاووس , لكنه
                        لم يكن " دون جوان " . تحطُّ النساءُ
                        على قلبه خَدما للمعاني , و يذهبن في كلمات الأغاني
                        و يمشي وحيداً
                        إذا انتصف الليلُ قاطعهُ الحلمُ :
                        في داخلي غرفٌ لا يمرّ بها أحدٌ للتحية

                        منذ تركتُ دمشقَ تدفّق في لغتي
                        بردى , و اتسَعتُ . أنا شاعر الضوء
                        و الفُلّ ... لا الظلَّ ... لا ظلَّ في لغتي .
                        كلّ شيء يدلُّ على ما هو الياسمين .
                        أنا العفويّ , البهيُّ , أرقِّصُ خيل الحماسة
                        فوق سطوح الغناء , و تكسرني غيمة .
                        صورتي كتبت سيرتي , و نفتني إلى الغرف الساحلية

                        بيتُ الدمشقيّ بيتٌ من الشعر
                        أرض العبارة زرقاء , شفافة .
                        ليلُه أزرقٌ مثل عينيه . آنيةُ الزهر زرقاء
                        و الستائر زرقاء
                        سجَّاد غرفته أزرق . دمعُهُ حين يبكي
                        رحيل ابنه في الممرات أزرق
                        آثار زوجته في الخزانة زرقاء
                        لم تَعُدِ الأرض في حاجة لسماء
                        فإن قليلاً من البحر في الشعر يكفي لينتشر الأزرقُ
                        الأبديُّ على الأبجدية

                        قلتُ لهُ حين مُتْنا معاً , و على حدة :
                        أنت في حاجةٍ لهواء دمشق !
                        فقال : سأقفز , بعد قليل , لأرقد في حفرة من سماء دمشق .
                        فقلتُ : انتظر ريثما أتعافى , لأحمل عنكَ الكلام الأخير
                        انتظرني و لا تذهب الآن , لا تمتحنّي و لا تَشْكُل الآس وحدك !
                        قال : انتظر أنت , عش أنت بعدي
                        فلا بدّ من شاعر ينتظر
                        فانتظرتُ ! و أرجأتُ موتي

                        تعليق


                        • #13
                          سيناريو جاهز

                          لنفترضِ الآن أَنَّا سقطنا ،
                          أَنا والعَدُوُّ ،
                          سقطنا من الجوِّ
                          في حُفْرة ٍ ...
                          فماذا سيحدثُ ؟ /
                          سيناريو جاهزٌ :
                          في البداية ننتظرُ الحظَّ ...
                          قد يعثُرُ المنقذونَ علينا هنا
                          ويمدّونَ حَبْلَ النجاة لنا
                          فيقول : أَنا أَوَّلاً
                          وأَقول : أَنا أَوَّلاً
                          وَيشْتُمني ثم أَشتمُهُ
                          دون جدوى ،
                          فلم يصل الحَبْلُ بعد ... /
                          يقول السيناريو :
                          سأهمس في السرّ :
                          تلك تُسَمَّي أَنانيَّةَ المتفائل ِ
                          دون التساؤل عمَّا يقول عَدُوِّي
                          أَنا وَهُوَ ،
                          شريكان في شَرَك ٍ واحد ٍ
                          وشريكان في لعبة الاحتمالات ِ
                          ننتظر الحبلَ ... حَبْلَ النجاة
                          لنمضي على حِدَة ٍ
                          وعلى حافة الحفرة ِ - الهاوية ْ
                          إلي ما تبقَّى لنا من حياة ٍ
                          وحرب ٍ ...
                          إذا ما استطعنا النجاة !
                          أَنا وَهُوَ ،
                          خائفان معاً
                          ولا نتبادل أَيَّ حديث ٍ
                          عن الخوف ... أَو غيرِهِ
                          فنحن عَدُوَّانِ ... /
                          ماذا سيحدث لو أَنَّ أَفعى
                          أطلَّتْ علينا هنا
                          من مشاهد هذا السيناريو
                          وفَحَّتْ لتبتلع الخائِفَيْن ِ معاً
                          أَنا وَهُوَ ؟
                          يقول السيناريو :
                          أَنا وَهُوَ
                          سنكون شريكين في قتل أَفعى
                          لننجو معاً
                          أَو على حِدَة ٍ ...
                          ولكننا لن نقول عبارة شُكـْر ٍ وتهنئة ٍ
                          على ما فعلنا معاً
                          لأنَّ الغريزةَ ، لا نحن ،
                          كانت تدافع عن نفسها وَحْدَها
                          والغريزة ُ ليست لها أَيديولوجيا ...
                          ولم نتحاورْ ،
                          تذكَّرْتُ فِقْهَ الحوارات
                          في العَبَث ِ المـُشْتَرَكْ
                          عندما قال لي سابقاً :
                          كُلُّ ما صار لي هو لي
                          وما هو لك ْ
                          هو لي
                          ولك ْ !
                          ومع الوقت ِ ، والوقتُ رَمْلٌ ورغوة ُ صابونة ٍ
                          كسر الصمتَ ما بيننا والمللْ
                          قال لي : ما العملْ؟
                          قلت : لا شيء ... نستنزف الاحتمالات
                          قال : من أَين يأتي الأملْ ؟
                          قلت : يأتي من الجوّ
                          قال : أَلم تَنْسَ أَني دَفَنْتُكَ في حفرة ٍ
                          مثل هذى ؟
                          فقلت له : كِدْتُ أَنسى لأنَّ غداً خُـلَّبـاً
                          شدَّني من يدي ... ومضى متعباً
                          قال لي : هل تُفَاوضني الآن ؟
                          قلت : على أَيّ شيء تفاوضني الآن
                          في هذه الحفرةِ القبر ِ ؟
                          قال : على حصَّتي وعلى حصّتك
                          من سُدَانا ومن قبرنا المشتركْ
                          قلت : ما الفائدة ْ ؟
                          هرب الوقتُ منّا
                          وشذَّ المصيرُ عن القاعدة ْ
                          ههنا قاتلٌ وقتيل ينامان في حفرة واحدة ْ
                          .. وعلي شاعر آخر أن يتابع هذا السيناريو
                          إلى آخره ْ

                          تعليق


                          • #14
                            يقول الشاعر الكبير محمود درويش
                            قبل أربع سنوات كان لي موعد مع
                            الكاتب اميل حبيبي
                            لكي نجري حوارا خلافيا لشريط سينمائي
                            كان يعد عنه ....
                            قبل وصولي بساعات فارق الحياه ....

                            موعد مع اميلي حبيبي

                            لالأرثيه
                            بل لنجلس عشر دقائق في الكاميرا جئت
                            كان الشريط معدا لمعركة بين ديكين
                            قلت له قبل موعدنا:عم تبحث
                            قال:عن الفرق بين هنا وهناك
                            فقلت:لعل المسافة كالواو بين هنا و هناك مجازية
                            قال:عجل تعال صباح غد قبل موتي
                            وقبل تجعد زيي الجديد
                            خذ الشارع الساحلي السريع
                            فرائحة المندرينة والبرتقال تعيدك حيث مر بعيدك
                            أما انا فسأقضي نهاري الأخير
                            على شاطئ البحر
                            أبحث عن سمك هارب من كهولة سنارة

                            لا لأرثيه جئت
                            بل لزيارة نفسي
                            ولدنا معا وكبرنا معا
                            اما زلت يا نفس أمارة بالتباريح ام صقلتك
                            كما تصقل الصخرة الريح
                            تنقصنا هدنة للتأمل
                            لا الواقعي هنا واقعي
                            ولا أنت فوق سفوح الأولمبي هناك خيالية
                            سوف أكسر أسطورتي بيدي
                            لأرشد نفسي الى نفسها
                            لا لأرثي شيئا أتيت
                            ولكن
                            لأمشي على الطرقات القديمة مع صاحبي
                            وأقول له:لن نغير شيئا من الأمس
                            لكننا نتأمل غدا صالحا للاقامة
                            لن يندم الحالمون ويعتذروا للروائي
                            أو للمؤرخ عما يروو وعما يريدون أن يروا في المنامات
                            فالحلم أصدق من واقع قد يغير من شكل البنايات
                            لكنه لا يغير أحداثها
                            اتيت لكني لم أصل
                            ووصلت ولكني لم أعد
                            لم أجد صاحبي في انتظاري
                            ولم اجد المقعدين المعدين لي وله
                            ولمعركة بين ديكين
                            كان كعادته ساخرا
                            كان يسخر منا ومن نفسه
                            كان يحمل تابوته هاربا من جنازته
                            قائلا: سينما
                            كل شيء هنا سينما

                            يتبع

                            تعليق


                            • #15
                              قصائد مختارة من ديوان
                              " اثر الفراشة "
                              عام 2008

                              البنتُ/ الصرخة

                              على شاطئ البحر بنتٌ. وللبنت أَهلٌ
                              وللأهل بيتٌ. وللبيت نافذتان وبابْ...
                              وفي البحر بارجةٌ تتسلَّى
                              بصيدِ المُشاة على شاطئ البحر:
                              أربعةٌ، خمسةٌ، سبعةٌ
                              يسقطون على الرمل، والبنتُ تنجو قليلاً
                              لأن يداً من ضباب
                              يداً ما إلهيةً أسعفتها، فنادت: أَبي
                              يا أَبي! قُم لنرجع، فالبحر ليس لأمثالنا!
                              لم يُجِبْها أبوها المُسجَّى على ظلهِ
                              في مهب الغياب

                              دمٌ في النخيل، دمٌ في السحاب
                              يطير بها الصوتُ أعلى وأَبعد من
                              شاطئ البحر. تصرخ في ليل برّية،
                              لا صدى للصدى.
                              فتصير هي الصرخةَ الأبديةَ في خبرٍ
                              عاجلٍ، لم يعد خبراً عاجلاً
                              عندما
                              عادت الطائرات لتقصف بيتاً بنافذتين وباب!

                              ليتني حجر

                              لا أَحنُّ الى أيِّ شيءٍ
                              فلا أَمسِ يمضي، ولا الغَدُ يأتي
                              ولا حاضري يتقدمُ أو يتراجعُ
                              لا شيء يحدث لي!
                              ليتني حجرٌ – قلتُ – يا ليتني
                              حجرٌ ما ليصقُلَني الماءُ
                              أخضرُّ، أصفرُّ... أُوضَعُ في حُجْرةٍ
                              مثل منحوتةٍ، أو تمارينَ في النحت...
                              أو مادةً لانبثاق الضروريِّ
                              من عبث اللاضروريِّ...
                              يا ليتني حجرٌ
                              كي أَحنَّ الى أيِّ شيء!


                              بقية حياة

                              إذا قيل لي : ستموتُ هنا في المساء
                              فماذا ستفعل في ما تبقَّى من الوقتِ ؟
                              ـ أنظرُ في ساعة اليد /
                              أشربُ كأسَ عصيرٍ ،
                              وأَقضم تُفَّاحَةً ،
                              وأطيلُ التأمُّلَ في نَمْلَةٍ وَجَدَتْ رزقها ،
                              ثم أنظر في ساعة اليدِ /
                              ما زال ثمَّة وقتٌ لأحلق ذقني
                              وأَغطس في الماء / أهجس :
                              "لا بُدَّ من زينة للكتابة /
                              فليكن الثوبُ أزرق"/
                              أجْلِسُ حتى الظهيرة حيّاً إلى مكتبي
                              لا أرى أَثر اللون في الكلمات ،
                              بياضٌ ، بياضٌ ، بياضٌ...

                              أُعِدُّ غدائي الأخير
                              أَصبُّ النبيذ بكأسين : لي
                              ولمَنْ سوف يأتي بلا موعد ،
                              ثم آخذ قَيْلُولَةً بين حُلْمَينْ /
                              لكنّ صوت شخيري سيُوقظني ...
                              ثُمَّ أَنظرُ في ساعة اليد:
                              ما زال ثَمّةَ وَقْتٌ لأقْرأ /
                              أَقرأ فصلاً لدانتي ونصْفَ مُعَلَّقَةٍ
                              وأرى كيف تذهب مني حياتي
                              إلى الآخرين ، ولا أتساءل عَمَّنْ
                              سيملأُ نُقْصَانَها
                              ـ هكذا ؟
                              ـ هكذا
                              ثم ماذا ؟
                              ـ أمشّط شَعْري ،
                              وأرمي القصيدة... هذي القصيدة
                              في سلة المهملات
                              وألبسُ أحدث قمصان إيطاليا ،
                              وأُشَيّع نفسي بحاشِيَةٍ من كَمَنْجات إسبانيا
                              ثُمَّ أمشي إلى المقبرةْ !

                              تعليق

                              مواضيع تهمك

                              تقليص

                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: Reem2Rabeh الوقت: 04-23-2025 الساعة 04:27 PM
                              المنتدى: ضبط وتوكيد الجودة نشرت بواسطة: HeaD Master الوقت: 04-15-2025 الساعة 09:30 AM
                              المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HeaD Master الوقت: 04-11-2025 الساعة 01:08 PM
                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: نوال الخطيب الوقت: 03-19-2025 الساعة 03:07 AM
                              المنتدى: الكمبيوتر والإنترنت نشرت بواسطة: عوض السوداني الوقت: 03-18-2025 الساعة 07:22 AM
                              يعمل...
                              X