إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

احمد مطر بركان عراقي يتقد شعرا

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • احمد مطر بركان عراقي يتقد شعرا

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    أهل ورد الغاليين

    اسلوبه يشحذ الهمم
    و يطلق الروح بحثا عن القيم العظيمة .
    كلماته واضحة، بسيطة، صادقة،
    صادمة إلي حد كبير
    صوره الشعرية تعتمد على
    المفارقة التصويرية و التي تجمع بين
    السخرية التي تشبه الكوميديا السوداء،
    و بين الإدهاش و مفاجأة القارىء بالصور
    التي تصدمه فتوقظ عقله و وجدانه.
    و كانها كبسولات صغيرة مكثفة
    من الشعر النووي شديد الإنفجار،
    قصائده على هيئة لافتات مفخخة،
    يوزعها بعناية على أهدافه الإستراتيجية.
    ثائرا ضد كل ما يراه قمعيا و فاسدا
    و منحرفا عن كل ما هو جميل
    في تاريخ أمة العرب
    و قيمها و مبادئها،
    و عن إنسانية الإنسان و كرامته.

    شاعر سياسي متفرّد
    متميز استثنائي لا يشبهه احد
    إنه خارج الصف يقف وحيداً في جانب،
    و يقف الشعراء جميعا في جانب آخر.
    إنه العراقي المنتحر بخنجر الحرف

    المبدع أحمد مطر



  • #2
    ولد أحمد مطر في عام 1954،
    ابناً رابعاً بين عشرة أخوة من البنين والبنات،
    في قرية (التنومة)،
    إحدى نواحي (شط العرب)
    في البصرة بالعراق .
    وعاش فيها مرحلة الطفولة
    قبل أن تنتقل أسرته،
    وهو في مرحلة الصبا،
    لتقيم عبر النهر في محلة الأصمعي.

    وكان للتنومة تأثير واضح في نفسه،
    فهي -كما يصفها- تنضح بساطة ورقّة وطيبة،
    مطرّزة بالأنهار والجداول والبساتين،
    وبيوت الطين والقصب، واشجار النخيل
    التي لا تكتفي بالإحاطة بالقرية،
    بل تقتحم بيوتها، وتدلي سعفها الأخضر
    واليابس ظلالاً ومراوح.
    وفي سن الرابعة عشرة
    بدأ مطر يكتب الشعر،
    ولم تخرج قصائده الأولى
    عن نطاق الغزل والرومانسية،
    لكن سرعان ما تكشّفت له
    خفايا الصراع بين السُلطة والشعب،
    فألقى بنفسه، في فترة مبكرة من عمره،
    في دائرة النار، حيث لم تطاوعه نفسه
    على الصمت، فدخل المعترك السياسي
    من خلال مشاركته في الإحتفالات العامة
    بإلقاء قصائده من على المنصة،
    وكانت هذه القصائد في بداياتها طويلة،
    تصل إلى أكثر من مائة بيت،
    مشحونة بقوة عالية من التحريض،
    وتتمحور حول موقف المواطن
    من سُلطة لا تتركه ليعيش.
    ولم يكن لمثل هذا الموقف أن يمر بسلام،
    الأمر الذي اضطرالشاعر، في النهاية،
    إلى توديع وطنه ومرابع صباه
    والتوجه إلى الكويت،
    هارباً من مطاردة السُلطة.

    تعليق


    • #3
      في الكويت عمل في جريدة (القبس) محرراً ثقافياً،
      وكان آنذاك في منتصف العشرينات من عمره،
      حيث مضى يُدوّن قصائده
      وراح يكتنز هذه القصائد
      وكأنه يدوّن يومياته في مفكرته الشخصيّة،
      لكنها سرعان ما أخذت طريقها إلى النشر،
      فكانت (القبس)
      الثغرة التي أخرج منها رأسه،
      وباركت انطلاقته الشعرية الإنتحارية،
      وسجّلت لافتاته دون خوف،
      وساهمت في نشرها بين القرّاء.
      وفي رحاب (القبس) عمل مطر
      مع الفنان ناجي العلي،
      ليجد كلّ منهما في الآخر توافقاً نفسياً واضحاً،
      فقد كان كلاهما يعرف، غيباً،
      أن الآخر يكره ما يكره ويحب ما يحب،
      وكثيراً ما كانا يتوافقان
      في التعبير عن قضية واحدة،
      دون اتّفاق مسبق،
      إذ أن الروابط بينهما كانت تقوم على
      الصدق والعفوية والبراءة
      وحدّة الشعور بالمأساة،
      ورؤية الأشياء بعين مجردة صافية،
      بعيدة عن مزالق الإيديولوجيا.
      وقد كان أحمد مطر
      يبدأ الجريدة بلافتته في الصفحة الأولى،
      وكان ناجي العلي
      يختمها بلوحته الكاريكاتيرية
      في الصفحة الأخيرة.
      ومرة أخرى تكررت مأساة الشاعر،
      حيث أن لهجته الصادقة،
      وكلماته الحادة،
      ولافتاته الصريحة،
      أثارت حفيظة مختلف السلطات العربية،
      تماماً مثلما أثارتها ريشة ناجي العلي،
      الأمر الذي أدى إلى صدور قرار
      بنفيهما معاً من الكويت،
      حيث ترافق الإثنان من منفى إلى منفى.
      وفي لندن فَقـدَ أحمد مطر
      صاحبه ناجي العلي،
      ليظل بعده نصف ميت.
      وعزاؤه أن ناجي مازال معه نصف حي،
      لينتقم من قوى الشر بقلمه.
      ومنذ عام 1986،
      استقر أحمد مطر في لندن،
      ليُمضي الأعوام الطويلة،
      بعيداً عن الوطن مسافة أميال وأميال،
      قريباً منه على مرمى حجر،
      في صراع مع الحنين والمرض،
      مُرسّخاً حروف وصيته في كل لافتـة يرفعها.

      تعليق


      • #4
        وعن حياته في بريطانيا
        كتب أحمد مطر ملخصا تلك الحياة:
        لست سعيدا
        لأني بعيد عن صدى آهات المعذبين
        لأني احمل آهاتهم في دمي،
        فالوطن الذي أخرجني منه
        لم يستطع أن يخرج مني
        ولا أحب أن أخرجه ولن أخرجه.

        اليوم يعيش أحمد مطر في بريطانيا
        مريضاً يقتات علي الذكريات
        بين أفراد عائلته.
        التي تتكون من أربعة أفراد وهم:
        علي، دكتوراه مونتاج سينما ومسرح،
        حسن، ماجستير مونتاج سينما ومسرح،
        زكي، مازال طالبا في الثانوية،
        وفاطمة، تدرس الأدب المقارن
        في إحدى الجامعات البريطانية.
        وكلما أفاق من سطوة المرض
        وجد وطنه يلعب دور البطولة التراجيدية
        على شاشة التلفاز،
        فتتحول الضحكة التي
        ينتظرها أهله منه إلى نوبة نشيج مكتوم،
        تعلو بعدها توسلات الأبناء إليه
        أن يضرب عرض الحائط
        كل ما من شأنه
        إثارة الانفعال والأسى لديه،
        فلا يجد أحمد مطر سلوة له
        إلا أن يعد المرض حسنة
        لأنه أبعده قسرا
        عن الاستماع إلى نشرات الأخبار
        وقراءة الصحف
        وعن كل ما له صلة بالموت في وطنه.

        يتبع

        تعليق


        • #5
          دواوينه :

          أحاديث الأبواب
          شعر الرقباء
          ولاة الأرض
          ورثة إبليس
          أعوام الخصام
          الجثة
          دمعة على جثمان الحرية
          السلطان الرجيم
          الثور والحظيرة
          هون عليك
          مقاوم بالثرثرة
          كلب الوالي
          ما قبل البداية
          ملحوظة
          مشاتمة
          كابوس
          انتفاضة مدفع
          لافتات1 - 1984 م

          لافتات2 - 1987 م
          لافتات3 - 1989 م
          لافتات4 - 1993 م
          إني مشنوق أعلاه - 1989 م
          ديوان الساعة 1989 م
          لافتات5 - 1994 م
          لافتات6 - 1997 م
          لافتات7 - 1999
          لافتات متفرقة

          تعليق


          • #6
            نقترب اكثر من احمد مطر و كتاباته
            من خلال مقال نشر في جريدة المصور
            للناقد الأدبي الكبير
            رجاء النقاش

            و الذي جاء فيه
            هذه القصائد تقدم إلينا أحمد مطر،
            شاعراً سياسياً من الدرجة الأولى،
            وهو يعلن عن ذلك في صراحة ووضوح،
            عندما يقول:

            فأنا الفن ،
            وأهل الفن ساسـه.
            فلماذا أنا عبـدٌ
            والسياسيون أصحاب قداسه ؟

            وأحمد مطر في هذه الأبيات
            يذكرنا بأعظم شاعر سياسي في الأدب العربي،
            وهو أبو الطيب المتنبي،
            الذي عاش حياته متنقلاً مغترباً ومات قتيلاً،
            لإصراره على أن الشاعر ينبغي أن يكون
            مكانه مساوياً لمكان السياسيين وأصحاب السلطة،
            وفي ذلك يقول المتنبي بيته الشهير
            وفؤادي من الملوكِ وإنْ .. كان لساني يُرى من الشعراء).
            فالفكرة التي يحملها أحمد مطر في قلبه،
            هي نفسها فكرة المتنبي،
            وهذه الفكرة هي أن الكلمة ترفع صاحبها إن كان
            موهوباً إلى مصاف الحكام وأصحاب السلطة والقرار،
            والكلمة ترفع صاحبها أكثر وأكثر،
            إذا كان ينطق بالحق
            ويقول الصدق ويرعى أمانة الضمير..
            وندعو الله أن يحفظ أحمد مطر،
            وألاّ يكون مصيره هو مصير المتنبي،
            فيطعنه أحد الحاقدين
            في الظهر أو في الصدر ويقضي عليه !
            وكل شاعر سياسي
            لابد أن تكون له قضية واضحة محددة،
            فهذه القضية لو كانت غامضة ومعقدة،
            فإنها تفقد أهميتها وقيمتها وقدرتها على التأثير،
            كما أن الشاعر ينتقل بالتعقيد والغموض إلى
            (متصوف) أو إلى (فيلسوف) أو أي شيء آخر
            غير أن يكون شاعراً سياسياً له جماهير كبيرة
            تتأثر به وتنصت إليه،
            وكل الشعر السياسي
            في الأدب العربي والأدب العالمي ،
            هو " شعر القضايا الواضحة المحددة " ،
            حيث لا يجد القارىء - مع هذا الشعر - صعوبة
            في فهم القضية أو التعرف على ملامحها المختلفة،
            وذلك ما نجده في شعراء المقاومة الفلسطينية
            من أمثال محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد،
            وذلك ما نجده عند الشعراء السياسيين في العالم
            من أمثال " مايكوفسكي " في روسيا
            و " والت ويتمان " في أمريكا الشمالية،
            و " بابلو نيرودا " في أمريكا اللاتينية،
            و "ناظم حكمت " في تركيا،
            و " أراجون " في فرنسا،
            وكلهم من الشعراء الذين ترجموا إلى العربية،
            ويعرفهم القارىء العربي
            معرفة تسمح لنا بالحديث عنهم والإشارة إليهم ..
            وهؤلاء جميعاً يكتبون عن قضايا واضحة محددة
            امتلأ بها وجدانهم وامتلأت بها عقولهم وأرواحهم.

            تعليق


            • #7
              فما هي قضية أحمد مطـر ؟
              قضيته تلخصها كلمة واحدة (الحرية) ..
              حرية الإنسان في أن يقول ما يؤمن به،
              ويعلن ما يراه، دون قيد أو خوف ..
              وإذا أردنا أن نستخدم المصطلحات السياسية
              فإننا نقول إن قضية الشاعر هنا هي
              ( الديموقراطية وحقوق الإنسان) .
              وهذه القضية الرئيسية هي
              مصدر الإنفجار الشعري عند أحمد مطر ..
              فلن يكون هناك مجتمع عربي سليم
              إلا إذا تحققت حرية الإنسان،
              ولن نتخلص من قيود التخلف والإستعمار
              بإشكاله المختلفة، ولن نقضي على مرارة الهزائم
              التي تلاحقنا من ميدان إلى ميدان
              ومن عصر إلى عصر إلا إذا تحققت هذه الحرية
              للإنسان العربي،
              فلا يحس في عقله وقلبه بأن هناك
              من يهدده أو يخيفه أو يتوعده
              بأن يدفع ثمن حريته ..
              إن الشاعر هنا لا يريد أبداً
              أن يكون الإنسان العربي مجرد صدى
              لرأي قاهر أو قوة مخيفة
              يردد ما يقال له ترديداً أعمى،
              ولا يخرج على نطاق الحدود التي ترسمها له
              هذه القوة المفروضة عليه.

              إن القضية المحورية في شعر أحمد مطر
              هي حرية التعبير عن النفس بلا خوف من العقاب..
              ولقد تحولت هذه القضية عند الشاعر إلى
              كابوس عنيف شديد القسوة،
              فشعره يقوم على رفض كل قيد
              يعوق استقلال الإنسان العربي
              وحقه في النقد والإعتراض،
              والشاعر يدرك أنه
              لا يستطيع أن يقول شعره داخل العالم العربي
              بهذه الحدة وهذا العنف، ثم يعيش بعد ذلك آمناً ،
              ولعل الشاعر هو واحد من المؤمنين
              بكلمة " جوركي "
              التي يقول فيها
              ( لقد جئت إلى العالم .. لأعترض ).
              وهذا الكابوس الذي يحمله
              أحمد مطر -كالجمرة- في روحه وشعره،
              هو الذي دفعه إلى كتابة قصيدته " مدخل "
              التي قدم بها ديوانه الشعري المثير " لافتات " ،
              وفي هذه القصيدة يقول عن قصائده " السبعين "
              التي يضمها ديوانه :

              سبعون طعنةً هنا موصولة النزفِ
              تُبـدي ولا تخفي
              تغتال خوف الموت في الخوفِ
              سميتها قصائدي
              وسمها يا قارئي : حتفي
              وسمّني منتحراً بخنجر الحرفِ
              لأنني في زمن الزيفِ
              والعيشِ بالمزمار والدّف
              كشفت صدري دفتراً
              وفوقـهُ ..
              كتبتُ هذا الشعر بالسيفِ !

              والقصيدة كما هو واضح تصور " جواً مأساوياً "
              ويكفي أن نلتفت إلى " قاموسها اللغوي "
              لنجدها مليئة بألفاظ مثل :
              الطعنة،
              النزف،
              الخنجر،
              الإغتيال،
              الموت،
              الإنتحار،
              الخوف،
              السيف.
              كل ذلك رغم أن القصيدة لا تزيد على أحد عشر بيتاً .

              تعليق


              • #8
                وقضية الحرية عند الشاعر
                تتصل أشد الإتصال بما عاناه العقل العربي
                والوجدان العربي من شخصية " الرقيب " ،
                وهو ذلك الكائن المفترس،
                الذي تعود على أن يحذف
                كل كلمة تثير الشك أو توحي بالمعاني الحرة
                التي لا يرضى عنها الرقباء الأشداء،
                ومن كثرة ما عانى الإنسان العربي
                من هذا كله أصبح الرقيب كائناً داخلياً،
                يعيش في عقل الإنسان وقلبه ،
                ويشاركه في الطعام وغرفة النوم.
                وهنا نجد تجسيداً فنياً جميلاً
                لحالة الإنسان الخاضع للرقابة
                والقهر العقلي والنفسي
                في قصيدة أحمد مطر التي يقول فيها :

                قالَ ليَ الطبيب
                خُذ نفساً
                فكدت - من فرط اختناقي
                بالأسى والقهر - أستجيب.
                لكنني خشيت أن يلمحني الرقيب
                وقال : ممَ تشتكي ؟
                أردتُ أن أُجيب
                لكنني خشيت أن يسمعني الرقيب
                وعندما حيرته بصمتيَ الرهيب
                وجّه ضوءاً باهراً لمقلتي
                حاولَ رفع هامتي
                لكنني خفضتها
                ولذت بالنحيب
                قلت له : معذرة يا سيدي الطبيب
                أودّ أن أرفعَ رأسي عالياً
                لكنني
                أخافُ أن .. يحذفه الرقيب !

                فالرقيب عند أحمد مطر
                لا يحذف الكلمات فقط، ولكنه يحذف الرؤوس أيضاً.
                والرقيب ليس شخصاً ولكنه " حالـة "
                يعيش فيها الإنسان العربي
                ويئن تحت وطأتها ويعاني منها أشد المعاناة،
                وهذه الحالة هي بالنسبة للشاعر أحمد مطر
                موقف ماساوي كامل يشل الإنسان
                ويحول بينه وبين ممارسة دوره في الحياة،
                فكيف يمكن لإنسان خائف مشكوك في أمره،
                مراقب من الداخل والخارج على الدوام،
                أن ينتج أو يساهم في بناء الحضارة ؟



                يتبع

                تعليق


                • #9
                  وهذه الصوة المأساوية الكابوسية
                  هي التي يصورها أحمد مطر
                  مرة أخرى في قصيدته " صدمـة "
                  حيث يقول :

                  شعرتُ هذا اليوم بالصدمه
                  فعندما رأيتُ جاري قادماً
                  رفعتُ كفي نحوهُ مسلماً
                  مكتفياً بالصمت والبسمه
                  لأنني أعلم أن الصمت في أوطاننا .. حكمـهْ
                  لكنهُ رد عليَّ قائلاً :
                  عليكم السلام والرحمـه
                  ورغم هذا لم تسجل ضده تهمه .
                  الحمد لله على النعمـه
                  مـن قال ماتت عنـدنا
                  حُريّــة الكلْمـهْ ؟!

                  إن الشاعر هنا يعيش في صراع حاد
                  بين إصراره العميق على أن يكون مستقلاً
                  يعبر عن نفسه بحرية وصـدق،
                  ودون أن يشعر أنه مجرد كائن يتلقى أوامر
                  وتعليمات عليه أن ينفذها رغم إرادته ودون تفكير ..
                  يعيش الشاعر في صراع بين هذه الرغبة العميقة
                  في داخله وبين ما يمكن أن نسميه باسم
                  " أدب الدعاية"
                  الذي يتحول فيه الفنان إلى أداة
                  يستخدمها الآخرون ويوجهونها،
                  والشاعر هنا يدرك صدق ما قاله
                  الروائي الإنجليزي " جورج أورويل "
                  من أن كل الدعاية كذب
                  حتى عندما ينطق الداعية بالصدق .
                  وهذا الصراع بين " الأدب الصادق " و "الدعاية " ..
                  هو مشكلة حقيقية
                  يعاني منها الفن العربي المعاصر أشد المعاناة،
                  وهي معاناة ظاهرة يحس بها الجميع ،
                  وليس أحمد مطر في شعره الغاضب المتألم
                  إلا ثمرة حية من ثمار هذه المعاناة.
                  إن الفن العظيم يرفع صاحبه إلى مستوى القيادة،
                  ومن هنا فإن الفنان الحقيقي
                  لا يمكن أن يكون تابعاً على الإطلاق،
                  لأن حالة التبعية هذه تتناقض جوهرياً مع روح الفن ..
                  والفن العظيم المؤثر لا يولد إلا إذا كان الفنان حراً،
                  وكانت حريته هذه عميقة في داخله،
                  بحيث لا يشعر أن أحداً يفرض عليه شيئاً
                  أو يخيفه أو يؤذيه،
                  فلحظة الإبداع الفني هي نفسها
                  لحظة الحرية في داخل الفنان ..
                  وإذا عجزت المجتمعات أو النظم السياسية
                  عن فهم هذه الحقيقة فإن الفن
                  يتدهور وينهار ويضيق أمامه الأفق إلى أبعد الحدود،
                  أما الحضارات التي تقدر هذا المعنى الكبير،
                  وهو أن الفن حرية داخلية عند الفنان،
                  لا تحيط بها قيود أو مخاوف ومحاذير،
                  فأن هذه الحضارات هي التي تنعم
                  بالفن العظيم القادر وحده على التاثير في الإنسان ..
                  ولقد فشلت كل المؤسسات التي حاولت أن
                  تجعل من الفنان أداة تابعة في أن
                  تخلق أدباً رفيعاً له قيمة حقيقية،
                  وقد فشلت هذه المؤسسات في جميع أنحاء العالم،
                  شرقاً وغرباً، سواء كانت هذه المؤسسات
                  جمعيات رسمية أو منظمات سياسية أو أجهزة أمن.
                  فالحرية واستقلال الفنان ثم انتماؤه الإختياري
                  إلى ما يؤمن به من المواقف والقضايا والآراء ..
                  تلك كلها شروط لا يولد بغيرها فن ولا يزدهر أدب أو ثقافة.

                  تعليق


                  • #10
                    وهذا نموذج آخر من شعر أحمد مطر،
                    يكشف لنا إلى جانب النماذج السابقة،
                    ما في هذا الشعر من
                    وضوح وسلاسـة
                    وسهولة وتركيز
                    وموسيقى حادة ظاهرة،
                    ففي قصيدته " قلـم "
                    يقول أحمد مطر :

                    جس الطبيب خافقـي
                    وقال لي :
                    هل هاهُنا الألـم ؟
                    قلت له : نعم.
                    فشقّ بالمشرط جيب معطفي
                    وأخرج القلم !
                    هـزّ الطبيبُ رأسهُ .. ومال وابتسم
                    وقال لي :
                    ليس سوى قلم
                    فقلتُ : لا يا سيـدي
                    هذا يـدٌ .. وفـم
                    رصاصـةٌ .. ودم
                    وتهمـةٌ سافرةٌ ..تمشي بلا قـدمْ !

                    فالقصيدة هنا
                    واضحة، قصيرة، وشديدة التركيز ..
                    موسيقاها يسيطر عليها الإيقاع العنيف
                    والقافية الحادة،
                    وهذه الخصائص كلها
                    تسهل لهذا الشعر الإنتشار
                    حتى لو تعرض للمصادرة،
                    فمن السهل حفظ هذه القصيدة
                    ونقلها من مكان إلى مكان
                    عن طريق الرواية الشفوية.
                    **
                    نلتقي بعد ذلك
                    بعنصر أخير هام في شعر أحمد مطر،
                    وهو يعتمد على
                    كشف التناقض بين ما هو واقع
                    وبين ما هو قائم في النفس والعقل،
                    فالكرامة
                    عندنا - كما هو مألوف - مقدسة ونبيلة،
                    ولكن الشاعر،
                    يصدمنا ويدهشنا ويجرحنا
                    ويفاجئنا في قصيدته
                    " طبيعة صامتـة " :

                    في مقلب القمامـه
                    رأيتُ جثـة لها ملامـحُ الأعراب
                    تجمعت من حولها " النسور" و " الدِباب"
                    وفوقها علامـه
                    تقولُ : هذي جيفـةٌ
                    كانت تسمى سابقاً .. كرامـه !
                    وفي قصيدة أخرى يقول بنفس الأسلوب والتركيز :
                    لقد شيّعتُ فاتنـةً
                    تسمّى في بلاد العُربِ تخريباً
                    وإرهابـاً
                    وطعنـاً في القوانين الإلهيـه
                    ولكن اسمها
                    واللـه
                    لكن اسمها في الأصل .. حريه !

                    تعليق


                    • #11
                      اما احمد مطر فيقول :
                      قصيدتي هي
                      "لافتة" تحمل صوت التمرد،
                      وتحدد موقفها السياسي بغير مواربة،
                      وهي بذلك عمل إنساني
                      يصطبغ بالضجة والثبات على المبدأ،
                      وعليه فإنني لا أهتم
                      بصورة هذه المظاهرة وكيف تبدو
                      بقدر اهتمامي بجدية الأثر الذي تتركه،
                      والنتائج التي تحققها.
                      أما كيف انتهيت إلى هذه الصياغة،
                      فينبغي أن أذكر أنني
                      ابتدأت أولاً:
                      بالقصيدة العمودية، من حيث الشكل،
                      ودخلت المعترك السياسي من حيث المضمون،
                      من خلال مشاركتي في
                      الإحتفالات العامة بإلقاء قصائدي
                      من على المنصة ،
                      الأمر الذي يقتضي الإطالة
                      وشحن القصيدة بقوة عالية من التحريض.
                      وتلك الإطالة، كانت تتطلب ، بالطبع،
                      الإنتقال من موضوع إلى آخر،
                      من خلال محور عام واسع
                      هو موقف المواطن
                      مما يعيشه إزاء سلطة لا تتركه ليعيش.
                      إذ ليس من المعقول
                      أن يكتب الشاعر موضوعاً واحداً
                      بتلقائية وعفوية خلال أكثر من مائة بيت.
                      وهذه الحالة كانت بالنسبة لي عبئاً ثقيلاً،
                      برغم ما تثيره تلك الإطالة
                      من انفعال الناس وحماسهم وتصفيقهم.
                      فعزمت على أخذ نفسي بالشدة ،
                      بحيث لا أتعدى في القصيدة موضوعاً واحداً،
                      وإن جاءت القصيدة كلها في بيت واحد،
                      وذلك لكي أخدمه جيداً من ناحية الصياغة،
                      ولكي أشحنه بكل ما لدي من طاقة فنية ،
                      تجعله سريع الوصول، سريع التأثير،
                      دائم الحضور في الأذهان .
                      وترافق هذا المسعى لدي مع
                      تحولي إلى قصيدة التفعيلة ..
                      لكنني لم أفرط في كنوز القصيدة العمودية،
                      بل حملتها معي،
                      وأعني بذلك القافية واتساق النفس الشعري،
                      وسلامة الميزان،
                      كما لم أتحلل من انتقاء اللفظة السهلة الدالة،
                      والإبتعاد، ما أمكنني،
                      عن الإلفاظ الصعبة الغريبة،
                      والتعبير الغامض.
                      ولا أعتقد أن هذا كان بسبب اشتغالي في الصحافة،
                      فقد بدأ قبل ذلك،
                      لكن يمكن القول
                      بأن عملي في الصحافة
                      قد أعطى هذه الصياغة ثباتاً واستقراراً،
                      ومهّد لها أرضية صالحة للنمو.
                      وأعتقد أن هذه المواصفات التي
                      تحملها قصيدتي، هي بصورة ما،
                      نفس مواصفات "اللافتة"
                      التي يحملها المتظاهرون،
                      من حيث
                      الإيجاز
                      والسهولة
                      والموقف المحدد والحاد،
                      والهدف التحريضي.
                      لكنها عندي تتخذ رداءها الفني.

                      تعليق


                      • #12
                        و يستطرد قائلا
                        إنني عندما شرعت في الكتابة،
                        لم أضع في ذهني
                        أية خطة لإنشاء
                        مدرسة في الشعر.. ولا حتى "حضانة".
                        كانت عندي صرخة أردت أن أطلقها،
                        وكلمة حق أردت أن أغرزها في خاصرة الباطل ..
                        وقد فعلت.
                        عندما أكتب، لا أتذكّر عبقرية الشعر،
                        وإنما ينحصر همّي في
                        تركيب العبارة السهلة المستوفية
                        للفكرة التي أريد إيصالها بكل صدق إلى القارئ .
                        وأنا أؤمن، في هذا السبيل،
                        بأن المفردة بذاتها لا تملك أن
                        تكون رفيعة أو وضيعة،
                        بل هي تكتسب صفتها من خلال
                        اتحادها بمجموع مفردات العبارة .

                        قال النقاد والباحثون الجامعيون
                        إن شعري "قد" شكل مدرسة،
                        وأنا في كل الأحوال لا يسعدني
                        حرف التحقيق، ولا يحزنني فعل المقاربة.
                        ثلاثة أشياء، فقط،
                        كانت تلح علي في هذا السبيل :
                        هي أن ألتزم قضية الإنسان .. أي إنسان،
                        بعيداً عن مكاسب القبيلة،
                        وبمنأى عن حول الإيديولوجيا.
                        وأن يكون التزامي الفني
                        موازياً تماماً لالتزامي الإنساني.
                        وأن أسعى من خلال هذا إلى تأكيد سماتي الخاصة، بحيث تكون لحبري رائحة دمي، ولكلماتي بصمات أصابعي.
                        وأعتقد أنني قد حققت هذه الأشياء
                        وباستطاعتي القول، مطمئناً،
                        إنك إذا عرضت قصيدتي على قارئي،
                        فلن تحتاج إلى وضع اسمي عليها،
                        لكي يعرف أنها قصيدتي.

                        و الأن إليكم بعضا من هذه الحمم البركانية

                        يتبع

                        تعليق


                        • #13
                          نبدأ بديوان لافتات 1
                          حيث قدم له بقوله :

                          سبعون طعنةً هنا موصولةَ النَّزْفِ
                          تُبدي .. ولا تُخفي
                          تغتالُ خوفَ الموتِ في الخوفِ
                          سَمَّيتُها قصائدي
                          وسَمِّهَا يا قارئي : حتفي !
                          وسَمِّنِي .. مُنتحراً بخنجرِ الحرفِ
                          لأنني , في زمنِ الزَّيْفِ
                          و العيشِ بالمزمارِ والدّفِ
                          كشفتُ صدري دفتراً
                          و فوقَهُ
                          كتبتُ هذا الشعرَ بالسيفِ !


                          طبيعة صامتة

                          فى مَقْلَبِ القِمَامَهْ
                          رأيتُ جثةً لها ملامحُ الأعرابْ
                          تَجَمَّعَتْ من حَوْلها " النسورُ " و " الدِبَابْ "
                          و فوقَها علامَةْ
                          تقولُ : هذي جيفةٌ
                          كانتْ تُسَمَّى سابقاً ...كرامَهْ


                          قطع علاقة

                          وَضَعوا فوقَ فمي كلبَ حِراسهْ
                          و بَنَوا للكبرياءِ
                          في دمي , سوقَ نِخَاسَهْ
                          و على صحوةِ عقلي
                          أمروا التخديرَ أن يسكُبَ كاسَه
                          ثم لما صحتُ :
                          قد أغرقني فيضُ النجاسَهْ
                          قيل لي : لا تتدخّلْ في السياسهْ
                          * * *
                          تدرُجُ الدبابةُ الكسلى على رأسي
                          إلى بابِ الرئاسهْ
                          و بتوقيعي بأوطاني الجواري
                          يعقد البائعُ والشاري مواثيقَ النخاسه
                          و على أوتار جوعي
                          يعزفُ الشبعانُ ألحانَ الحماسه !
                          بدمي تُرسم لوحاتُ شقائي
                          فأنا الفنُّ ..
                          وأهلُ الفنِّ ساسَهْ
                          فلماذا أنا عبدٌ
                          والسياسيون أصحابُ قداسَهْ ؟
                          * * *
                          قيلَ لي :
                          لا تتدخّلْ في السياسَهْ
                          شيَّدوا المبنى .. وقالوا :
                          أبعِدوا عنه أساسَهْ !
                          أيّها السادةُ عفواً ..
                          كيف لا يهتزُّ جسمٌ
                          عندما يفقد راسَهْ ؟!

                          تعليق


                          • #14
                            قلة أدب

                            قرأتُ في القُرآنْ :
                            " تَبَّتْ يدا أبي لَهَبْ "
                            فأعلنتْ وسائلُ الإذعانْ :
                            " إنَّ السكوتَ من ذَهَبْ "
                            أحببتُ فَقْري .. لم أَزَلْ أتلو :
                            " وَتَبْ
                            ما أغنى عَنْهُ مالُهُ و ما كَسَبْ "
                            فصُودِرَتْ حَنْجَرتي
                            بِجُرْمِ قِلَّةِ الأدبْ
                            وصُودِرَ القُرآنْ
                            لأنّه .. حَرَّضَني على الشَّغَبْ !

                            على باب الشعر

                            حينَ وقفتُ ببابِ الشِّعْر
                            فَتَّشَ أحلامي الحُرَّاسْ
                            أمَروني أنْ أَخْلَعَ رأسي
                            وأريقَ بقايا الإحساسْ
                            ثم دَعَوني أنْ أكتُبَ شِعراً للناسْ
                            فخلعتُ نِعالي في البابِ
                            وَقلتُ :
                            خلعتُ الأخْطَرَ يا حُرَّاسْ
                            هذا النعلُ يدوسُ
                            ولكِنْ ..
                            هذا الرأسُ يُداسْ !


                            يقظة

                            صَباحَ هذا اليَومْ
                            أيقظني مُنَبّهُ الساعهْ
                            وقالَ لي : يا ابنَ العَرَبْ
                            قَدْ حَانَ وقتُ النّومْ

                            الصدى

                            صَرَخْتُ : لا
                            من شِدّةِ الألَمْ
                            لكنْ صدى صوتي
                            خافَ منَ الموتِ
                            فارتدَّ لي : نَعَمْ !

                            تعليق


                            • #15
                              الصدى

                              صَرَخْتُ : لا
                              من شِدّةِ الألَمْ
                              لكنْ صدى صوتي
                              خافَ منَ الموتِ
                              فارتدَّ لي : نَعَمْ !


                              عدالة

                              يَشْتِمُني
                              وَيَدّعي أنَّ سكوتي
                              مُعْلِنٌ عن ضَعْفِهِ !
                              يَلطمُني
                              وَيَدّعي أنَّ فَمي قامَ بلطمِ كفِّهِ !
                              يطعنني
                              وَيَدّعي أنَّ دَمي لَوَّثَ حَدَّ سَيْفِهِ !
                              فأُخْرِجُ القانونَ من مُتْحَفِهِ
                              وأمسحُ الغبارَ عَن جَبينِهِ
                              أطلُبُ بَعضَ عَطْفِهِ
                              لكنَّهُ يَهرُبُ نحو قاتلي
                              ويَنْحني في صَفِّهِ
                              * * *
                              يَقولُ حِبري وَدَمي :
                              لا تندهِشْ
                              مَنْ يَمْلِكُ " القانونَ " في أوطانِنا
                              هُوَ الذي يملِكُ حَقَّ عَزْفِهِ !


                              التهمة

                              كُنْتُ أسيرُ مُفْـرَدَاً
                              أحمِـلُ أفكـاري معـي
                              وَمَنطِقي وَمَسْمَعي
                              فازدَحَمَـتْ
                              مِن حَوْليَ الوجـوه
                              قالَ لَهمْ زَعيمُهمْ : خُـذوه
                              سألتُهُـمْ :
                              ما تُهمتي ؟
                              فَقِيلَ لي :
                              تَجَمُّعٌ مشبــوه !

                              تعليق

                              مواضيع تهمك

                              تقليص

                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-08-2025 الساعة 11:33 PM
                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-04-2025 الساعة 05:29 PM
                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 05-31-2025 الساعة 10:07 PM
                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 05-30-2025 الساعة 11:48 PM
                              المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 05-30-2025 الساعة 09:36 AM
                              يعمل...
                              X