رَتْقُ الهواء 2006
1
محاولةُ لَحْمِ أحرف، محاولةُ إكمالِ كلمة
إنّي ألعب الآن. ألعب مع الكلمات
وأغشُّها لعلّي أربح شوطاً
معها هذه التي خسرتُ معها في الماضي
كلَّ الأشواط.
ألعب معها وأضحك عليها وتضحك عليّ.
ما بيني وبينها اليوم هو غير ما كان بالأمس.
سقط وقارها وفقدت جدّيتها وصارت مجرّد لعبة.
يقال إنَّ البشر سيصيرون جميعهم ألعاباً تسير بكبس أزرار.
لا أظنُّ أنّي سأعيش إلى ذاك الوقت
الذي أصير فيه لعبة كاملة.
إنّي الآن لعبة ناقصة، نصف لعبة،
ولهذا اخترتُ ما قد يجعلني لعبة كاملة:
الكلمات.
سيصير الناس ألعاباً. شيء جميل.
يا لمتعة الأزرار التي ستحرّكهم!
ورحمةً على. . .
لا ليس رحمة على المشاعر،
فهي جعلتهم دائماً بؤساء.
بلا مشاعر، هكذا محصَّنون،
هكذا مغلَقون على الآخر الذي كان يسطو على أحاسيسهم،
على الأيدي التي كانت تمتدُّ إلى عروقهم وتفسد دمهم،
على الكلمات التي ما كانت تقال إلاَّ لتُسقط قتلى في روحهم. . .
سيصيرون ألعاباً، فيا لروعة الجماد الذي سيصيرونه!.
لن أعيش إلى ذاك الوقت، لن أعيش تلك الروعة.
لا تزال هناك أيدٍ وكلمات تمتدُّ إلى عروقي
وتُسقط قتلى في روحي. مع ذلك عليَّ أن أخرج
من هذه المعركة بأقلّ دم ممكن. عليَّ أن أصافح الأيدي بأيَّة حيلة،
وأن أستدرج الكلمات للَّعب وهي ترفع خنجرها عليَّ.
هكذا ربّما أجعلها صديقة. هكذا ربّما أكسب استراحة.
هكذا ربّما أخرج من هذه المعركة غير قاتل، ولو خرجتُ قتيلاً.
تعالي يا "ألِف" أريد أن ألعب معكِ.أيّتها العمود الجميل،
السلَّم الرائع إلى مجهول رائع. تسلّقي عليّ وأتسلَّق عليك،
علَّنا، أيّتها المبتدأ، نطلُّ على نهاية جميلة.
فلنلعبْ. البدء كان لعبة والبادئ كان لاعباً.
فلنكملْ لعبته برقَّةٍ لم يكن يملكها، علَّنا نضفي على وجهها جمالاً.
وتعالي يا "باء". يا بهاءً ملتفّاً على ذاته أنا شريككِ.
ارمي لي الطابة، إنّها تحت وسادتك، فنتقاذفها مسرورين.
الطابة كنزك، ولا سرور لمالك الكنز إنْ لم يقذفه بقدميه.
أريد أن ألعب مع الأحرف. هي مثلي وحيدة وتحتاج إلى من يسلّيها.
أريد أن أكون صديق التي أسيء إليها منذ أن تعلَّم الناس النطق،
صديق التي وُلدتْ لتلعب، فجرُّوها إلى الجدّية والصرامة والمآتم والقتل.
فلنلعب يا كلمات يا قاتلة ناطقيها وسامعيها.
يا من ولدتْ بريئة عودي إلى براءتك،
مرَّةً واحدة كرمى للمقتولين بك. عودي بريئة يا كلمات والعبي.
أنا قتيلك وأريد أن ألعب معك. أنا القتيل وأريد أن ألعب. أريد أن ألعب.
من زمانٍ من زمان، حين مررتُ مرَّةً أمام لعبة
توقّفتُ وقلتُ لها كوني لي. لم تكن
. حاولتُ أن يكون قولي لها لعبةً. لم يكن.
حاولتُ أن أجعل نسيانها ونسيان كلماتي لعبةً،
وفشلتُ أيضاً. أليس في الأرض ألعاب؟ اعطوني واحدة.
ماذا أقول للذي يقال إنّه هناك ويسأل الأموات ماذا فعلتم في الحياة؟
أأقول له عشتُ بلا لعبة؟ وإنْ قال خلقتُكم ألعاباً لماذا لم تلعب؟!
بماذا أجيب؟ اعطوني لعبة لدقيقة واحدة،
فأنا لديَّ حججٌ كثيرة أفحمه بها إلاّ واحدة، فاعطوني لعبة.
هوذا الغيم أتى فأهلاً يا صديقي. لم يكن مطرك مرَّةً دمعَ غائبين،
كان ذلك كذباً منّي. كنتُ كذوباً جداً. قلتُ إنّك لهاثُ بعيدين،
وإنّك نظرات ضيَّعها أصحابها وهم يحدّقون في الشفق.
تعالَ الآن يا صديقي إنّك غيم، غيم فقط، وهذا جميل جداً.
أعترف الآن بأنّي اخترعت أكاذيب كثيرة من الكلمات.
ما قلتُه وما كتبته لم يكن سوى كذب. ابنٌ لقيطٌ لمخيَّلةٍ مجنونة.
ما قلته وكتبته كان خيانة لبراءة الكلمات،
هذه التي أطالبها بالبراءة وأمارس العهر معها.
لقد ظلمتُ الغيم. وظلمتُ ريش الطيور ونشارة الخشب.
ظلمتُ الشجر حين قلتُ يثمر من النظرات،
والجبالَ إذ ألبستُها أقداماً.
وظلمتُ الموتى حين أعدتُ عظامهم إلى الحياة،
والحياةَ حين أعدتُها إلى الموتى.
ظلمتُ الناس والأشياء والحياة
1
محاولةُ لَحْمِ أحرف، محاولةُ إكمالِ كلمة
إنّي ألعب الآن. ألعب مع الكلمات
وأغشُّها لعلّي أربح شوطاً
معها هذه التي خسرتُ معها في الماضي
كلَّ الأشواط.
ألعب معها وأضحك عليها وتضحك عليّ.
ما بيني وبينها اليوم هو غير ما كان بالأمس.
سقط وقارها وفقدت جدّيتها وصارت مجرّد لعبة.
يقال إنَّ البشر سيصيرون جميعهم ألعاباً تسير بكبس أزرار.
لا أظنُّ أنّي سأعيش إلى ذاك الوقت
الذي أصير فيه لعبة كاملة.
إنّي الآن لعبة ناقصة، نصف لعبة،
ولهذا اخترتُ ما قد يجعلني لعبة كاملة:
الكلمات.
سيصير الناس ألعاباً. شيء جميل.
يا لمتعة الأزرار التي ستحرّكهم!
ورحمةً على. . .
لا ليس رحمة على المشاعر،
فهي جعلتهم دائماً بؤساء.
بلا مشاعر، هكذا محصَّنون،
هكذا مغلَقون على الآخر الذي كان يسطو على أحاسيسهم،
على الأيدي التي كانت تمتدُّ إلى عروقهم وتفسد دمهم،
على الكلمات التي ما كانت تقال إلاَّ لتُسقط قتلى في روحهم. . .
سيصيرون ألعاباً، فيا لروعة الجماد الذي سيصيرونه!.
لن أعيش إلى ذاك الوقت، لن أعيش تلك الروعة.
لا تزال هناك أيدٍ وكلمات تمتدُّ إلى عروقي
وتُسقط قتلى في روحي. مع ذلك عليَّ أن أخرج
من هذه المعركة بأقلّ دم ممكن. عليَّ أن أصافح الأيدي بأيَّة حيلة،
وأن أستدرج الكلمات للَّعب وهي ترفع خنجرها عليَّ.
هكذا ربّما أجعلها صديقة. هكذا ربّما أكسب استراحة.
هكذا ربّما أخرج من هذه المعركة غير قاتل، ولو خرجتُ قتيلاً.
تعالي يا "ألِف" أريد أن ألعب معكِ.أيّتها العمود الجميل،
السلَّم الرائع إلى مجهول رائع. تسلّقي عليّ وأتسلَّق عليك،
علَّنا، أيّتها المبتدأ، نطلُّ على نهاية جميلة.
فلنلعبْ. البدء كان لعبة والبادئ كان لاعباً.
فلنكملْ لعبته برقَّةٍ لم يكن يملكها، علَّنا نضفي على وجهها جمالاً.
وتعالي يا "باء". يا بهاءً ملتفّاً على ذاته أنا شريككِ.
ارمي لي الطابة، إنّها تحت وسادتك، فنتقاذفها مسرورين.
الطابة كنزك، ولا سرور لمالك الكنز إنْ لم يقذفه بقدميه.
أريد أن ألعب مع الأحرف. هي مثلي وحيدة وتحتاج إلى من يسلّيها.
أريد أن أكون صديق التي أسيء إليها منذ أن تعلَّم الناس النطق،
صديق التي وُلدتْ لتلعب، فجرُّوها إلى الجدّية والصرامة والمآتم والقتل.
فلنلعب يا كلمات يا قاتلة ناطقيها وسامعيها.
يا من ولدتْ بريئة عودي إلى براءتك،
مرَّةً واحدة كرمى للمقتولين بك. عودي بريئة يا كلمات والعبي.
أنا قتيلك وأريد أن ألعب معك. أنا القتيل وأريد أن ألعب. أريد أن ألعب.
من زمانٍ من زمان، حين مررتُ مرَّةً أمام لعبة
توقّفتُ وقلتُ لها كوني لي. لم تكن
. حاولتُ أن يكون قولي لها لعبةً. لم يكن.
حاولتُ أن أجعل نسيانها ونسيان كلماتي لعبةً،
وفشلتُ أيضاً. أليس في الأرض ألعاب؟ اعطوني واحدة.
ماذا أقول للذي يقال إنّه هناك ويسأل الأموات ماذا فعلتم في الحياة؟
أأقول له عشتُ بلا لعبة؟ وإنْ قال خلقتُكم ألعاباً لماذا لم تلعب؟!
بماذا أجيب؟ اعطوني لعبة لدقيقة واحدة،
فأنا لديَّ حججٌ كثيرة أفحمه بها إلاّ واحدة، فاعطوني لعبة.
هوذا الغيم أتى فأهلاً يا صديقي. لم يكن مطرك مرَّةً دمعَ غائبين،
كان ذلك كذباً منّي. كنتُ كذوباً جداً. قلتُ إنّك لهاثُ بعيدين،
وإنّك نظرات ضيَّعها أصحابها وهم يحدّقون في الشفق.
تعالَ الآن يا صديقي إنّك غيم، غيم فقط، وهذا جميل جداً.
أعترف الآن بأنّي اخترعت أكاذيب كثيرة من الكلمات.
ما قلتُه وما كتبته لم يكن سوى كذب. ابنٌ لقيطٌ لمخيَّلةٍ مجنونة.
ما قلته وكتبته كان خيانة لبراءة الكلمات،
هذه التي أطالبها بالبراءة وأمارس العهر معها.
لقد ظلمتُ الغيم. وظلمتُ ريش الطيور ونشارة الخشب.
ظلمتُ الشجر حين قلتُ يثمر من النظرات،
والجبالَ إذ ألبستُها أقداماً.
وظلمتُ الموتى حين أعدتُ عظامهم إلى الحياة،
والحياةَ حين أعدتُها إلى الموتى.
ظلمتُ الناس والأشياء والحياة
تعليق