إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رحلة في حياة الشاعر محمود درويش

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #76
    سقط القناعُ
    عَرَبٌ أطاعوا رُومَهم
    عَرَبٌ وباعوا رُوْحَهُم
    عَرَبٌ …وضاعوا
    سقط َ القناعُ
    واللهُ غَمَّسَ باسمك البحريِّ أسبوعَ الولادةِ واستراحَ إلى الأبَدْ
    كُنْ أنتَ .كُنْ حتى تكونْ !
    لا…لا أحَدْ
    يا خالقي في هذه الساعاتِ من عَدَم ٍ تَجَلَّ !
    لعلَّ لي حُلُماً لأعبدَهُ
    لعلَّ !
    علمتني الأسماءَ
    لولا
    هذه الدولُ اللقيطة ُ لم تكنْ بيروت رملا
    بيروت – كلا
    ****************
    بيروت – صورتُنا
    بيروت- سورتُنا
    فإمَّا أن نكونْ
    أو لا تكونْ ……..
    ***************
    أنا لا أحبُّكِ ,
    كم أحبُّكِ !
    غيمتان ِ أنا وأنتِ , وحارسان يُتَوِّجان الانتباهَ بصرخةٍ ,
    ويُمَدِّدان الليلَ حتى آخر الليل ِ الأخير . أقول حين أقولُ
    بيروتُ المدينة ُ ليست امرأتي
    وبيروتُ المكانُ مُسدَّسي الباقي
    وبيروتُ الزمانُ هُوِيَّة ُ((الآن ِ)) المضَّرج ِ بالدخان ِ.
    أنا لا أحبكِ ,
    كم أحبك ِ!
    غمسي باسمي زهورَك وانثريها فوق من يمشي على جُثثي
    ليتسع السَّرايْ
    لا تسحبيني من بقاياكِ , اسحبيني من يديَّ ومن هوايْ
    و لا تلوميني , ولومي منْ رآني سائرا كالعنكبوتِ على خطايْ
    هل كانَ من حقِّي النزولُ من البنفسج ِ والتوهج ُ في دمايْ ؟
    هل كان من حَقِّي عليكِ الموتُ فيكِ
    لكي تصيري مريماً
    وأصيرَ ناي ؟
    هل كان من حَقِّي الدفاعُ عن الأغاني
    وهي تلجأُ من زنازين الشعوب إلى خُطاي ؟
    هل كان لي أن أطمئنّ إلى رؤاي؟
    وأن أصدِّق أن لي قمراً تُكَوِّرُهُ يداي ؟
    صَدَّقْتُ ما صَدَّقْتُ , لكني سأمشي في خُطاي.
    أنا لا أحبِّكِ
    كم أحبكِ, كم أحبكِ , كمْ سنهْ
    أعطيتني وأخذتِ عمري . كم سنهْ
    وأنا أسمِّيكِ الوداعَ , ولا أودعُ غيرَ نفسي . كم سنهْ
    وَعَدُوكِ بالآتي وحين أتاكِ واتاكِ الحنينُ إلى السفينةِ . كم سنهْ
    لم تذكري قرطاج َ؟
    هل كنا هواءً مالحاً كي تفتحي رئتيكِ للماضي ,
    وتبني هيكلَ القدس ِ القديمةِ . كم سنهْ
    وَعَدُوكِ باللغةِ الجديدةِ واستعادوا الميتينَ مع الجريمة ِ.
    هل أنا ألِفٌ, وباءٌ , للكتابةِ أمْ لتفجير الهياكل ِ ؟
    كم سنهْ
    كنا معاً طوقَ النجاةِ لقارَّةٍ محمولةٍ فوقَ السرابِ ,
    ودفتر الإعراب ؟
    كمْ عَرَبٌ أتَوْكِ ليصبحوا غَرْبا
    وكمْ غَرْبٌ أتاكِ ليدخلَ الإسلامَ منْ بابِ الصلاةِ على النبي
    وسُنَّةِ النفط ِ المُقَدَّس ِ ؟ كم سنهْ
    وأنا أصدِّقُ أن لي أُمماً ستتبعني
    وأنكِ تكذبين على الطبيعة والمسدَّس , كم سنهْ , !

    تعليق


    • #77
      بيروتُ – منتصف اللغهْ
      بيروتُ –ومضة ُ شهوتينْ
      بيروتُ –ما قالَ الفتى لفتاتِهِ
      والبحرُ يسمعُ , أو يوزِّعُ صوتَهُ بينَ اليدينْ .
      أنا لا أحبكِ
      غمِّسي بدمي زهورَكِ وانثريها
      حول طائرةٍ تطاردُ عاشقينْ
      والبحرُ يسمعُ , أو يوزِّعُ صوتَهُ بين اليدينْ .
      وأنا أحبكِ
      غمِّسي بدمي زهورَكِ وانثريها
      حول طائرةٍ تطاردني وتسمع ما يقول البحرُ لي
      بيروت لا تعطي لتأخذ َ
      أنتِ بيروتُ التي تعطي لتعطي ثم تسأم من ذراعيها ,
      ومن شَبَق ِ المُحِبْ
      فبأيِّ إمرأةٍ سأومنْ
      وبأيِّ شُبَّاك سأومنْ
      من تُزَوِّجني ضفائرَها لأشنق رغبتي
      وأموت كالأمم القديمة . كم سنهْ
      أغريتني بالمشي نحو بلاديَ الأولى
      وبالطيران تحت سمائيَ الأولى
      وباسمك كنتُ أرفعُ خيمتي للهاربين من التجارة والدعارة
      و الحضارة. كم سنهْ
      كنا نَرُشُّ على ضحايانا كلام البرق ِ :
      بعد هُنَيْهَةٍ سنكون ما كنا وما سنكونُ
      إمَّا أن نكون نهارك العالي
      وإما أن نعود إلى البحيرات القديمة . كم سنهْ
      لم تسمعني جَيِّداً . لم تردعيني جيداً . لم تحرميني من فواكهكِ
      الجميلةِ . لم تقولي : حين يبتسم المخيَّمُ تعبس المدن الكبيرة.
      كم سنهْ
      قلنا معاً : أنا لا أشاءُ, ولا تشائين . اتفقنا .كُلُّنا في البحر
      ماءٌ . كم سنهْ
      كانت تُنَظِّمنا يَدُ الفوضى :
      تعبنا من نظام ِ الغاز ِ,
      من مطر ِ الأنابيبِ الرتيبِ ,
      ومن صعود الكهرباءِ إلى الغُرَفْ …
      حريتي فوضاي . إني أعترفْ
      وسأعترفْ
      بجميع أخطائي , وما اقترفَ الفؤادُ منَ الأماني
      ليس من حَقِّ العصافير الغناءُ على سرير ِ النائمين ,
      والإيديولوجيا مهنة البوليس في الدول القويةِ :
      من نظام الرقِّ في روما
      إلى مَنْع ِ الكحول ِ وآفةِ الأحزاب في المُدُن ِ الحديثةِ .
      كم سنهْ
      نحن البداية ُ و البداية ُ و البداية ُ . كم سنهْ
      وأنا التَوَازُنُ بين ما يجبُ ؟
      كُنَّا هناكَ . ومن هنا ستهاجر العَرَبُ
      لعقيدة ٍ أخرى .وتغتربُ
      قصبٌ هياكلنا
      وعروشنا قصبُ
      في كُلِّ مئذنةٍ
      حاو ٍ, ومغتصبُ
      يدعو لأندلس ٍ
      إنْ حُوصرتْ حَلَبُ .
      وأنا التوازُنُ بينَ مَنْ جاءوا ومن ذهبوا
      وأنا التوازُنُ بينَ مَنْ سَلَبُوا ومن سُلِبوا
      وأنا التوازُنُ بينَ منْ صَمَدُوا وَمَنْ هربوا
      وأنا التوازُنُ بين ما يَجِبُ :
      يجبُ الذهابُ إلى اليسارْ
      يجبُ التوغُّلُ في اليمينْ
      يجبُ التمترسُ في الوسط ْ
      يجبُ الدفاعُ عن الغلط ْ
      يجبُ التشككُ بالمسارْ
      يجبُ الخروجُ من اليقينْ
      يجبُ الذي يجبُ
      يجبُ انهيارُ الأنظمهْ
      يجبُ انتظار المحكمهْ
      ….وأنا أحبكِ , سوفَ أحتاجُ الحقيقة َ عندما أحتاجُ تصليحَ
      الخرائط ِ و الخطط ْ
      أحتاجُ ما يجبُ
      يجبُ الذي يجبُ
      أدعوا لأندلس ٍ
      إنْ حوصرتْ حلبُ .
      . ************************

      يتبع

      تعليق


      • #78
        تابع مديح الظل العالي
        بيروت \ فجراً :
        يُطلقُ البحرُ الرصاصَ على النوافذ . يفتح العصفورُ أغنية ً
        مبكرة ً . يُطيِّرُ جارَنا رفَّ الحمام إلى الدخان . يموتُ مَنْ لا
        يستطيع الركض في الطرقات : قلبي قطعة من برتقال
        يابس ٍ . أهدي إلى جاري الجريدة َ كي يفتِّّّشَ عن أقاربهِ .
        أعزَّيه غداً . أمشي لأبحث عن كنوز الماء في قبو البنايةِ .
        أشتهي جسدا ً يضيء البارَ والغاباتِ . يا ((جيم)) اقتليني
        واقتليني واقتليني !
        يدخلُ الطيرانُ أفكاري ويقصفها ….
        فيقتلُ تسعَ عشرة َ طفلة ً .
        يتوقف العصفور عن إنشاده …
        عاديَّة ُ ساعاتنا – عاديَّة ,
        لولا صهيلُ الجنس ِ في ساقيك يا ((جيم )) الجنونْ .
        والموتُ يأتينا بكل سلاحه الجويِّ والبريِّ والبحريِّ .
        ألفُ قذيفة ٍ أخرى ولا يتقدم الأعداء شبرا ً واحدا ً.
        ((جيم)) اجمعيني مرة ً ,
        ما زلتُ حيا ً_ ألفُ شكر ٍ للمصادفةِ السعيدة .
        يبذل الرؤساء جهدا ً عند أمريكا لتُفْرِجَ عنْ مياهِ الشربِ .
        كيف سنغسل الموتى ؟
        ويسأل صاحبي : وإذا استجابت للضغوط فهل سيسفر موتنا
        عن :
        دولة ٍ …
        أم خيمة ٍ ؟
        قلتُ : انتظرْ ! لا فرقَ بينَ الرايتينْ
        قلتُ : انتظرْ حتى تصب الطائراتُ جحيمها !
        يا فجرَ بيروتَ الطويلا
        عَجِّلْ قليلا
        عَجِّلْ لأعرفَ جيِّدا ً :
        إنْ كنتُ حيا ً أم قتيلا .
        **************
        بيروت \ ظهراً :
        يستمرُّ الفجرُ منذ الفجر ِ .
        تنكسرُ السماءُ على رغيف الخبز ِ .
        يَنكسرُ الهواءُ على رؤوس ِ الناس ِ منْ عبءِ الدخان ِ ولا جديدَ
        لدى العروبةِ :
        بعدَ شهر ٍ يلتقي كُلُّ الملوك ِ بكلِّ أنواع ِ الملوكِ , من العقيدِ
        إلى العميد , ليبحثوا خطر اليهود على وجودِ الله . أمَّا
        الآن فالأحوال هادئة تماما ً مثلما كانت . وإن الموتَ يأتينا بكل
        سلاحه الجويِّ والبريِّ والبحريِّ .مليون انفجار في المدينة .
        هيروشيما هيروشيما
        وحدنا نُصغي إلى رعد الحجارة , هيروشيما
        وحدنا نُصغي لما في الروح ِ من عبث ٍ ومن جدوى
        وأمريكا على الأسوار ِ تهدي كل طفلٍ لعبة ً للموتِ عنقودية ً
        يا هيروشيما العاشق ِ العربيِّ أمريكا هي الطاعون , والطاعونُ
        أمريكا
        نعسنا . أيقظتنا الطائرات وصوتُ أمريكا
        وأمريكا لأمريكا
        وهذا الأفق اسمنت ٌ لوحشِ الجوِّ .
        نفتحُ علبة َ السردين, تقصفها المدافعُ
        نحتمي بستارةِ الشباك , تهتز البناية . تقفزُ الأبوابُ . أمريكا
        وراء الباب أمريكا
        ونمشي في الشوارع ِ باحثين عن السلامة ,
        من سيدفننا إذا متنا ؟
        عرايا نحن , لا أفق ٌ يغطينا ولا قبر ٌ يوارينا
        ويا….يا يومَ بيروتَ المكسَّرَ في الظهيرهْ
        عَجِّلْ قليلا
        عَجِّلْ لنعرفَ أين صَرْخَتُنا الأخيره ْ.
        **************

        تعليق


        • #79
          بيروت / عصرا ً :
          تكثر الحشراتُ .
          تزدادُ الرطوبة ُ .
          ترتخي العضلاتُ
          نشعر أن للأرض احتقانا ً في مفاصلنا ,
          فنصرخ : أيها البطل انكسِرْ فينا !
          **************
          مساء/ فوق بيروت :
          الرخامُ
          ينزُّ دما ً, ويذبحني الحمامُ
          إلى مَنْ أرفعُ الكلماتِ سقفا ً
          وهذي الأرضُ يحملُها الغمامُ ؟
          ويرحلُ , حين يرحلُ , نحو تيهي
          أحدِّقُ في المسدَّس ِ, وهو ملقى ً
          على طَرَفِ السرير, وأشتهيهِ
          وينقذني , وينقذني الكلامُ .
          ظلامٌ كُلُّ ما حولي … ظلام ُ.
          ****************
          بيروت / ليلا :
          لا ظلامَ أشدَّ من هذا الظلام ِ
          يُضيئني قَتْلي .
          أمنْ حََجَر ٍ يقُدُّون النعاسَ ؟
          أمنْ مزامير ٍ يصكُّون السلاحَ ؟
          ضحيَّة ٌ
          قَتَلتْ
          ضحيَّتها
          وكانت لي هويَّتُها ,
          أنادي أشعيا : أخرج من الكتب القديمة مثلما خرجوا , أزقَّةُ
          أورشليم تُعَلِّقُ اللحمَ الفلسطينيَّ فوق مطالع العهد القديم ,
          وتدَّعي أن الضحية َ لم تُغَيِّر جلدها .
          يا أشعيا ..لا تَرِثْ
          بل أهجُ المدينة َ كي أحبكَ مَرَّتين
          وأعلنَ التقوى
          وأغفر لليهوديِّ الصبيِّ بكاءه…
          اختلطتْ شخوصُ المسرح الدمويّ :
          لا قاض ٍ سوى القتلى
          وكفُّ القاتل امتزجَتْ بأقوال الشهودِ ,
          وأدخل القتلى إلى ملكوت قاتلهم
          وتمَّتْ رشوة ُ القاضي فأعطى وجهه للقاتل الباكي على شيء
          يُحَيِّرُنا …
          سَرَقْتَ دموعنا يا ذئب
          تقتلني وتدخل جُثَّتي وتبيعها !
          أخرجْ قليلا ً من دمي حتى يراك الليلُ أكثَر حُلْكَة ً !
          وأخرجْ لكي نمشي لمائدة التفاوض , واضحينْ ,
          كما الحقيقةُ :
          قاتلا ً يدلي بسكِّين ٍ .
          وقتلى
          يدلون بالأسماء :
          صبرا ,
          كفر قاسم ,
          دير ياسين ,
          شاتيلا!
          ***************
          بيروت \ ليلا :
          لا تنامي كلَّ هذا الليل ِ
          لا تتحدَّثي عما يدور وراء هذا البابِ
          لا ترمي ثيابك
          لا تُعَرِّيني تماما ً
          لا تقولي الحبَّ
          لا تعطي سوى فخذيكِ
          لا تتأوهي فالحرب تسمع زهرة الجسديْن ِ .
          أني أرتديك على الشظية قربَ باب البيت ,
          نبقى واقفين ,وواقفين إلى النهايةِ .
          واصلي سرقات هذا الشهْد ,
          زُجِّيني بشهوتك السريعة قبلما يأتي إلينا موتُنا الخلفيُّ ,
          أني أوثِرُ الموتَ الذي يأتي إلى كتفيَّ … نحلا !
          **************

          تعليق


          • #80
            بيروت / فجرا ً:
            الشاعرُ اُفتُضِحَتْ قصيدتُهُ تماما
            وثلاثة ٌ خانوهُ :
            تموز ٌ
            وإمرأة ٌ
            وإيقاع ٌ
            فنامَا ….
            لا يستطيع الصوتُ أن يعلو على الغارات في هذا المدى
            لكنهُ يُصغي لموجتِهِ الخصوصيَّهْ :
            موت ٌ وحريَّهْ
            يصغي لموجتهِ ويفتحُ وقتهُ لجنونِهِ
            من حقِّهِ أن يُجلس السأمَ الملازمَ فوق مائدة ٍ
            ويشرب قهوة ً مَعَهُ
            إذا ابتعد الندامى .
            الشاعرُ افْتُضِحَتْ قصيدتُهُ تماما
            بيروتُ تخرجُ من قصيدتِهِ
            وتدخل خوذةَ المُحتلِّ ,
            مَنْ يُعطيه دهشتَه
            ومنْ يرمي على يَدِهِ
            أرُزَّاًً أو ….سلاما .
            الشاعرُ اْفتُضِحَتْ قصيدتُهُ تماما .
            في بيته بارودة ٌ للصَّيْدِ,
            في أضلاعه طير ٌ
            وفي الأشجار ِ عُقم ٌ مالحٌ .
            لم يشهدِ الفصلَ الأخيرَ منَ المدينةِ .
            كُلُّ شيء واضح ٌ منذ البدايةِ ,
            واضح ٌ
            أو واضح ٌ
            أو واضح ٌ
            وخليلُ حاويْ لايريد الموتَ , رُغْمَا ً عنهُ
            يُصغي لموجَتهِ الخصوصيَّهْ
            موت ٌ وحريهْ
            هو لايريد الموتَ رُغما ً عنهُ
            فليفتحْ قصيدتَهُ
            ويذهبْ …
            قبل أن يُغريه تموز ٌ,وإمرأة ٌ,وإيقاع ٌ
            ….وناما
            الشاعرُ افْتُضِحَتْ قصيدتُهُ تماما.
            ****************
            بيروت / فجرا ً
            بيروت /ظهرا ً
            بيروت /ليلا ً :
            يخرج الفاشيُّ من جسدِ الضحيَّهِ
            يرتدي فصلا ً من البارود : أُقْتُلْ – كي تكون
            عشرين قرنا ً كان ينتظرُ الجنونْ
            عشرين قرنا ً كان سفّاحا ً مُعَمَّمْ
            عشرين قرنا ً كان يبكي ….كان يبكي
            كان يخفي سيفَهُ في دمعَتِهْ
            أو كان يحشو بالدموع البندقيَّهْ
            عشرين قرنا ًكان ينتظر الفلسطينيَّ في طرف المخيَّمْ
            عشرين قرنا ً كان يعلَمْ
            أن البكاءَ سلاحُهُ
            ****************
            صبرا – فتاة ٌ نائمهْ
            رحلَ الرجالُ إلى الرحيل ْ
            والحرب نامت ليلتين صغيرتين ,
            و قدَّمَتْ بيروتُ طاعتَها وصارتْ عاصمَهْ …….
            ليل ٌ طويل ٌ
            يرصدُ الأحلامَ في صبرا ,
            وصبرا – نائمهْ.
            صبرا – بقايا الكفِّ في جسد ٍ قتيل ٍ
            ودَّعَتْ فرسانها و زمانها
            واستسلمتْ للنوم ِ من تعب ٍ, ومن عرب ٍ رَمَوْها خلفهم .
            صبرا – وما ينسى الجنودُ الراحلون من الجليل ِ
            لا تشتري و تبيعُ إلاَّ صمتها
            من أجل وردة ٍ للضَّفيرهْ
            صبرا – تغني نصفَها المفقودَ بين البحر ِ والحرب ِ الأخيرهْ :
            لمَ ترحلونْ

            تعليق


            • #81
              وتتركون نساءَكم في بطن ِ ليل ٍ من حديدِ ؟
              لمَ ترحلونْ
              و تعلَّقون مَسَاءَكُمْ
              فوق المخيَّم والنشيدِ ؟
              صبرا – تُغَطِّي صدرها العاري بأغنية الوداعْ
              وتَعُدُّ كفَّيها و تخطيءُ
              حين لا تجد الذراعْ :
              كم مرة ً ستُسافرونْ
              و إلى متى ستُسافرونْ
              ولأي حُلم ْ ؟
              وإذا رجعتم ذات يومْ
              فلأي منفى ترجعونَ ,
              لأي منفى ترجعونْ ؟
              صبرا – تُمَزِّق صدرها المكشوفَ :
              كم مَرَّهْ
              تتفتَّحُ الزهرهْ
              كم مَرَّة ً
              ستُسافر الثورهْ ؟
              صبرا – تخافُ الليل . تسندهُ لرُكْبتها
              تغطيهِ بكحل ِ عيونها . تبكي لتُلْهيهِ :
              رحلوا وما قالوا
              شيئأ عن العودهْ
              ذبلوا وما مالوا
              عن جمرة الوردهْ !
              عادوا وما عادوا
              لبداية الرحلهْ
              والعمرُ أولادُ
              هربوا من القُبْلَهْ.
              لا, ليس لي منفى
              لأقول : لي وطنُ
              الله , يا زمنُ …؟
              صبرا – تنامُ . وخنجرُ الفاشيِّ يصحو
              صبرا تنادي …مَنْ تنادي
              كُلُّ هذا الليل ِ لي , والليلُ ملحُ
              يقطع الفاشيُّ ثدييها – يقلُّ الليلُ –
              يرقص حول خنجرهِ ويلْعَقُهُ . يغني لانتصار الأرْز ِ موالا ً,
              ويمحو
              في هدوء ٍ ….في هدوء ٍ لحمَها عن عَظْمِها
              ويمدِّدُ الأعضاءَ فوق الطاولَهْ
              ويواصل الفاشيُّ رقصَتَهُ ويضحك للعيون المائلهْ
              ويُجَنُّ من فرح ٍ وصبرا لم تعد جسدا ً :
              يُرَكِّبها كما شاءتْ غرائزهُ , وتصنعها مشيئتهُ .
              ويسرق خاتما ً من لحمها , ويعودُ من دمها إلى مرآتِهِ
              ويكون – بحرُ
              ويكون – بر ُّ
              ويكون – غيم ُ
              ويكون – دَمْ
              ويكون – ليلُ
              ويكون – قتلُ
              ويكون – سبتُ
              وتكون – صبرا .
              صبرا – تقاطُعُ شارعين ِ على جَسَدْ
              صبرا – نزولُ الروح ِ في حَجَر ٍ
              وصبرا – لاأحدْ
              صبرا – هوية عصرنا حتى الأبدْ …
              *************
              بيروت/ أمس / الآن / بعد غد ٍ :
              نشيد ٌ للخريفِ
              صَُوَرٌ لما بعد النهارْ
              وظلال إمرأة ٍ غريبهْ .
              وطني حقيبهْ
              وحقيبتي وطني
              ولكن ………..لا رصيفَ ,
              ولا جدارْ .
              لا أرضَ تحتي كي أموتَ كما أشاءُ ,
              ولا سماءْ
              حولي
              لأثقبَها وأدخلَ في خيام الأنبياءْ .
              ظهري إلى الحائطْ
              الحائط ِ/ الساقطْ !
              وطني حقيبه ْ
              وحقيبتي وطنُ الغَجَرْ
              شعب ٌ يُخَيِّمُ في الأغاني والدخانْ
              شعبٌ يفتِّشُ عن مكانْ
              بين الشظايا و المطرْ .
              وجهي على الزهرهْ
              الزهرة / الجمرهْ
              وطني حقيبهْ
              في الليل أفرشها سريرا
              وأنامُ فيها ,
              أخدعُ الفتياتِ فيها
              أدفن الأحباب فيها
              أرتضيها لي مصيرا
              وأموتُ فيها .
              كَفِّي على النجمهْ
              النجمة / الخيمهْ
              وطني حقيبهْ
              من جلدِ أحبابي
              و أندلسَ القريبهْ
              وطني على كتفي
              بقايا الأرض ِ في جسدِ العروبَهْ .
              قلبي على الصخره ْ
              الصخرةِ / الحرهْ
              ****************

              تعليق


              • #82
                يا أهلَ لبنانَ ….الوداعا
                شكرا ً لكُلِّ شجيرة ٍ حملت دمي
                لتضيءَ للفقراءِ عيدَ الخبز ِ ,
                أو لتضيءَ للمحتلِّ وجهي كي يرى وجهي
                و يرتديَ الخداعا .
                شكرا ً لكلِّ سحابة ٍ غَطَّتْ يديَّ
                وَبَلَّلَتْ شفتيَّ
                حتى أعطت الأعداء بابا ً …أو قناعا .
                شكرا ً لكلِّ مسدَّس ٍ غطَّى رحيلي
                بالأرُزِّ وبالزهور ,
                وكان يبكي أو يزغرد ما استطاعا .
                يا دمعة ً هي ما تبقّى من بلاد ٍ
                أسندُ الذكرى عليها …….والشُّعاعا .
                يا أهلَ لبنانَ الوداعا !
                اليوم أكملتُ الرسالةَ فانشروني , إن أردتم , في القبائل ِ توبة ً
                أو ذكرياتٍ
                أو شراعا .
                اليوم أكملتُ الرسالة َ فيكُمُ
                فلتطفئوا لهبي ,إذا شئتم , عن الدنيا ,
                وإنْ شئتمْ فزيدوهُ اندلاعا
                أنا لي , كما شاءتْ خطاي
                حملتُ روحي فوق أيديكم فراشات ٍ ,
                وجسمي نرجسا ً فيكمْ ,
                وموتايَ اندفاعا
                يا أهلَ لبنانَ …الوداعا .
                هذا دمي , يا أهل لبنان ,ارسموهْ
                قمرا ً على ليل ِ العربْ .
                هذا دمي – دمُكم خذوه ووزّعوهْ
                شجرا ً على رمل العربْ .
                هذا رحيلي عن نوافذكم وعن قلبي انحتوهْ
                حجرا ً على قبر ِ العربْ
                هذا بكاء رصاصنا , هذا يتيم زواجنا , فلترفعوهْ
                سهرا ً على عُرس العربْ .
                هذا نشيجي . مزقوه وبعثروه
                مطرا ً على أرض العرب .
                هذا خروج أصابعي من كفِّكمْ
                هذا فطام قصيدتي , فلتكتبوه ْ
                وترا ً على طربِ العربْ .
                هذا غبار طريقنا , فلترفعوهْ
                لهمو حصونا ً , أو قلاعاً
                يا أهلَ لبنانَ الوداعا
                سيجيئكم مَطَر ٌ
                ويغسلُ ماتركتُ على شوارعكم من الكلماتِ ,
                يطردُ ما تركتُ على نوافذكم من الشهواتِ .
                يمحو ما لمستُ من الصَّنوبر ِ في جبالِكُمُ
                وينسيكمْ فتى ً كسرَ الهواءَ على موائدكم قليلا .
                وأضاع يديهِ في أيديكمُ سنة ً , وضاعا .
                يا أهلَ لبنانَ ….الوداعا .
                حدَّقتُ في كَفِّي
                لأبصرَ ما وراء البحر ِ –
                تلكَ وسيلتي لتَبَصُّر الأشياءِ –
                بحر ٌ, ثم بحر ٌ ,ثم بحر ٌ
                منْ رآني
                عَدَّ أكفاني
                وغطى جرحكم كي يشتري جبلا ً
                ويبتاعَ الصراعا .
                يا أهلَ لبنانَ ….الوداعا .
                لا جوعَ في روحي , .
                أكلتُ من الرغيف الفذ ِّ ما يكفي المسير َ إلى نهايات الجهات .
                عشاؤكم ليس الأخير َ
                وليس فينا من تراجَعَ , أو تداعى .
                يا أهلَ لبنانَ ….الوداعا .
                جَسَدان ِ في تابوتِ هذا الشرق نحنُ
                يزوِّدان المزوَدَ المنسيَّ بالصرخاتِ ,
                نحن بشارة الميلادِ نحنُ
                وصورتان ِ لخطوةٍ
                ٍ قد حاولت
                ٍ قد حاولت
                أن تهديَ الشرقَ المَشَاعا .
                يا أهلَ لبنانَ ….الوداعا .
                إسمان للتوحيد نحنُ :
                على مشيئتنا أردنا أن نكونَ
                ولا يكونَ الناسُ في الدنيا متاعا .
                يا أهلَ لبنانَ ….الوداعا
                والآن , أكملنا رسالتنا
                إذ اتَّحدَ الشقيقُ مع العدوِّ
                ولم نجد أرضا ً نُصَوِّب فوقها
                دَمَنا
                ونرفعه قلاعا .
                يا أهلَ لبنانَ ….الوداعا .
                اليوم إنجيلُ السوادْ ,
                اليوم تابتْ مريم ٌ عن توبةِ التوباتِ وارتفع الحدادْ
                إلى جبين الله
                واختفتِ الملائكة ُ الصغيرة ُ
                في أكاليل ِ الرمادْ …
                *************
                والبحرُ أبيضُ
                هذا سُفني الأخيرهْ
                ترسو على دمع المدينة , وهي ترفع رايتي ,
                لا راية ٌ بيضاء في بيروت
                شكرا ً للذي يحمي المدينة من رحيلي

                تعليق


                • #83
                  للَّتي مدت ضفيرتها لتحملني إلى سفني الأخيرهْ
                  - أين تذهبُ ؟
                  ليس لي بابٌ لأفتحَهُ لفارسيَ الأخيرْ
                  - والسبتُ أسودُ ,
                  ليس لي قلب ٌ لأخلعَهُ على قدميكَ يا ولدي الصغيرْ
                  أنا لا أودِّع , بل أوزِّع هذه الدنيا
                  على الزَّبد الأخيرْ
                  - وأين تذهبُ ؟
                  أينما حَطَّتْ طيورُ البحر ِ في البحر ِ الكبير ِ .
                  البحرُ دهشتنا ,هشاشتُنا
                  وغربتُنا ولعبتُنا
                  والبحرُ أرضُ ندائنا المستأصلَهْ
                  والبحرُ صُورَتُنَا
                  ومَنْ لا بَرَّ لَهْ
                  لا بَحْرَ لَهْ …
                  ……..بحر ٌ أمامكَ ,فيكَ ,بحر ٌمن ورائكَ .
                  فوق هذا البحر بحرٌ , تحتهُ بحرٌ
                  وأنت نشيدُ هذا البحر ِ ….
                  كمْ كنا نحبُ الأزرقَ الكحليَّ لولا ظلنا المكسور فوق البحر ِ ,
                  كمْ كنا نُعِدُّ لشهر ِ أيلولَ الولائمَ .
                  - عَمَّ تبحث يا فتىً في زورق ِ الأوديسةِ المكسور ِ ؟
                  - عن جيش ٍ يحاربني و يهزمني فانطق بالحقيقة ثم أسأل :هل
                  أكونُ مدينة َ الشعراءِ يوما ً؟
                  - عَمَّ تبحث يا فتىً في زورق الأوديسةِ المكسور ِ ؟
                  - عن جيش أحاربهُ واهزمهُ ,
                  وعن جُزر ٍ تُسميها فتوحاتي , وأسال :هل تكون مدينة ُ الشعراءِ
                  وَهْمَا ؟
                  عَمَّ تبحث يا فتىً في زورق الأوديسةِ المكسور ِ ,عَمَّ ؟
                  - عن موجة ٍ ضيعتها في البحر ِ
                  عن خاتَمْ
                  لأسيِّجَ العالمْ
                  بحدود أغنيتي
                  - وهل يجدُ المهاجر موجة ً ؟
                  - يجد المهاجر موجة ً غرقتْ ويُرجعها مَعَهْ
                  بحر لتسكن ,أم تضيعْ
                  بحر لأيلولَ الجديدِ أم الرجوع إلى الفصول الأربعهْ
                  بحر أمامك ,فيك ,بحرٌ من ورائكَ .
                  تفتح الموجَ القديمَ :وُلدتُ قرب البحر من أمٍّ فلسطينية ٍ
                  وأبٍ آراميٍّ . ومن أمٍّ فلسطينية ٍوأبٍ مؤآبيٍّ . ومن أمٍّ فلسطينية ٍ
                  وأب ٍأشوريٍّ .ومنْ أمٍّ فلسطينيةٍ وأبٍ عروبيٍّ .ومن أمٍّ ,
                  ومن أمٍّ ….على حجر يُقَيِّدُ فوقه الرومانُ أسرى حربهم
                  ويُحررون جمالهم مني …
                  أنا الحجر الذي شدَّ البحار إلى قُرون اليابسهْ
                  وأنا نبيُّ الأنبياءِ
                  وشِاعرُ الشعراءِ
                  منذ رسائل المصريِّ في الوادي إلى أشلاء طفل في شاتيلا .
                  أنا أوَّلُ القتلى وآخر مَنْ يموتْ .
                  إنجيلُ أعدائي وتوراةُ الوصايا اليائسهْ
                  كُتِبَتْ على جسدي
                  أنا ألف ٌ ,و باء ٌ في كتاب الرسم ,
                  يشبهني ويقتلني سوايْ
                  كلُّ الشعوب تعوَّدَتْ أن تدفن الموتى بأضلاعي
                  وتبني معبدا ً فيها
                  وترحلُ عن ثرايْ
                  و أنا أضيقُ أمام مملكتي
                  وَتَتَّسِعُ الممالك فيَّ ,
                  يسكنني ويقتلني سوايْ .
                  كل الشعوب تزوَّجت أمي ,
                  و أمي لم تكن إلاَّ لأمي
                  خصرها بحرٌ . ذراعاها سحابٌ يابسٌ
                  ونُعاسُها مطرٌ ونايْ .
                  وأنا أفيض أمام أغنيتي
                  وتحبسني خناجرها
                  يؤاخيني ويقتلني سوايْ.
                  ….وأنا نشيدُ البحر ِ.
                  لا أرضى بما يرضي دَمَ الإغريقِ من ريح ٍ تهبُّ لتنتهي المأساةُ
                  وبالمأساة .قد ذبحوك كي يجدوك كرسيَّا ً فلا تجلسْ
                  لأن جميع آلهتي كلابُ البحر ِ
                  فاحذرها ولا تذهب إلى القربان ِ …
                  إن الريح واقفةكخازوق ٌ
                  فلا تلمسْ يدَ القرصان ِ ,
                  لا تصعد إلى تلك المعابدِ
                  لا تصدِّقْ
                  لا تصدِّقْ
                  فهي مذبحة ٌ
                  ولا تخمد هجيرك عندما يتقمَّص السجَّانُ شكل الكاهن ِ
                  الرسمي ِّ ,
                  إنَّ جميع آلهتي كلابُ البحر ِ
                  فاحذرْها .
                  ودَعْ …دَعْ كلَّ شيء واقفا ً
                  دَعْ كُل ما ينهارُ منهاراً ,
                  ولا تقرأ عليهم أيَّ شيءٍ من كتابك ْ ! ..
                  والبحرُ أبيضُ
                  والسماء ُ
                  قصيدتي بيضاءُ
                  والتمساحُ أبيضُ
                  والهواء ُ
                  وفكرتي بيضاء ُ
                  كلبُ البحر أبيض ُ
                  كل شيء أبيضٌ :
                  بيضاءُ دهشتُنا
                  بيضاءُ ليلتُنا

                  تعليق


                  • #84
                    وخطوتنا
                    وهذا الكونُ أبيضُ
                    أصدقائي
                    والملائكة ُ الصغار ُ
                    وصورة الأعداءِ
                    أبيضُ , كل شيء صورة ُ بيضاءُ . هذا البحرُ , ملء البحر ِ ,
                    أبيضُ …
                    ***********************
                    لستَ آدمَ كي أقول خرجتَ من بيروت منتصراً على الدنيا
                    ومنهزماً أمام الله .
                    أنت المسألهْ
                    الأرضُ إعلانٌ على جدران هذا الكون
                    حَبَّةُ سُمْسُم ٍ , قتلاكَ
                    والباقي سدى
                    فاعط ِ المدى
                    إسم العيون ِ المهملَهْ
                    لك أن تكون – ولا تكونْ
                    لك أن تُكَوِّنْ
                    أو لا تُكَوِّنْ ..
                    كل أسئلة الوجودِ وراء ظِلَّكَ مهزلهْ .
                    والكونُ دفترك الصغيرُ ,
                    وأنت خالقُهُ ,
                    فدوِّنْ فيه فردوس البداية , يا أبي ..
                    أو لا تُدَوِّنْ
                    أنت ..أنت َ المسأله ْ.
                    ماذا تريدُ ؟
                    وأنت من أُسطورة ٍ تمشي إلى أُسطورة ٍ
                    عَلماً ؟
                    وماذا تنفع الأعلام ..
                    هل حَمَتِ المدينَة َ من شظايا قنبُلَهْ ؟ .
                    ماذا تريدُ ؟
                    جريدةً ؟
                    أتفقِّسُ الأوراقُ دُوريّاً
                    وتغزل سنبُله ؟
                    ماذا تريدُ ؟
                    أَشُرطَةً ؟
                    هل يعرف البوليسُ أين ستحبل الأرضُ الصغيرة ُ بالرياح
                    المُقْبلَهْ ؟
                    ماذا تريدُ ؟
                    سيادة ً فوق الرمادِ ؟
                    وأنت سَيِّدُ رُوحِنَا يا سَيِّد الكينونَةِ المتحوِّلَهْ .
                    فاذهب ..
                    فليسَ لك المكانُ و لا العروش / المزبلهْ .
                    حُرّيَّة ُ التكوين أنتَ
                    وخالقُ الطرقاتِ أنتَ
                    وأنت عكسُ المرحلهْ .
                    واذهب فقيرا كالصلاةِ
                    وحافيا كالنهر في درب الحصى
                    ومُؤَجَّلاً كقرنفله ْ.
                    لا , لست آدم كي أقول خرجتَ من بيروت أو عَمَّانَ أو
                    يافا , وأنت المسألهْ .
                    فأذهب إليكَ , فأنتَ أوسعُ من بلاد الناس ِ , أوسعُ من فضاء
                    المقصله
                    مستسلما لصواب قلبكَ
                    تخلع المدنَ الكبيرة َ والسماءَ المسدلَهْ
                    وتمدُّ أرضاً تحت راحتك الصغيرة ,
                    خيمة ً
                    أو فكرة ً
                    أو سنبلهْ .
                    كمْ من نبي ٍّ فيك جَرَّبَ
                    كم تعذَّب كي يُرَتَّبَ هيكلهْ .
                    عبثاً تحاول يا أبي مُلْكَاً ومَمْلَكَة ً
                    فَسِرْ للجُلْجُلَهْ
                    واصعدْ معي
                    لنعيدَ للروح المشرَّد أوَّلَهْ
                    ماذا تريد , وأنت سَيِّدُ روحنا
                    يا سَيِّدَ الكينونة المتحوِّلَهْ ؟
                    يا سَيِّدَ الجمرهْ
                    يا سَيِّدَ الشعلهْ
                    ما أوسع الثورهْ
                    ما أضيقَ الرحلهْ
                    ما أكبرَ الفكرهْ
                    ما أصغرَ الدولهْ!….



                    يتبع

                    تعليق


                    • #85
                      مختارات من ديوان
                      حصار لمدائح البحر
                      عام 1984


                      حصار لمدائح البحر موسيقى عربية


                      ليتَ الفتى حَجَرٌ
                      يا ليتني حَجَرُ...
                      أكُلّما شَرَدَتْ عينانِ
                      شرّدَني
                      هذا السحابُ سحاباً
                      كُلّما خَمَشَتْ عصفورةٌ أفقًا
                      فَتّشْتُ عن وَثَنِ?

                      أكلّما لَمَعَتْ جيتارَةٌ
                      خَضَعتْ
                      روحي لمصرعها في رَغْوَةِ السُّفُنِ

                      أكُلّما وَجَدَتْ أُنثى أُنوثتها
                      أضاءني البرق من خصري
                      وأحرقني!
                      أكُلّما ذَبُلَتْ خُبّيزةٌ
                      وبكى طيرٌ على فننِ
                      أصابني مَرَضٌ
                      أو صِحْتُ: يا وطني!

                      أكُلّما نَوّرَ اللوزُ اشتعلتُ بِهِ
                      وكلما احترقا
                      كنتُ الدخانَ ومنديلاً
                      تمزقني
                      ريحُ الشمال، ويمحو وجهيَ المَطَرُ?

                      ليت الفتى حَجَرٌ
                      يا ليتني حَجَرُ..

                      لحن غجري

                      شارعٌ واضحٌ
                      وبنتْ
                      خرجتْ تُشْعل القَمَرْ
                      وبلادٌ بعيدةٌ
                      وبلادٌ بلا أثرْ ...

                      حُلمٌ مالحٌ
                      وصوتْ
                      يَحْفُرُ الخصرَ في الحجرْ
                      اِذهبي يا حبيبتي
                      فوق رمشي ... أو الوَتَرْ
                      قَمَرٌ جَارحٌ
                      وصمتْ
                      يكسر الريحَ والمطرْ
                      يجعل النهرَ إبرةً
                      في يدٍ تنسج الشَجَرْ

                      حَائطٌ سابحٌ
                      وبيتْ
                      يختفي كُلّما ظَهَرْ
                      رُبّما يقتلوننا
                      أو ينامونَ في المَمَرّ ...

                      زَمَنٌ فاضحٌ
                      وموتْ
                      يَشْتهَينا إذا عَبَرْ

                      انتهى الآن كُلًّ شيء
                      واقتربنا من النَهَرْ
                      انتهتْ رحلةُ الغَجَرْ
                      وتعبنا من السَفَرْ

                      شارعٌ واضحٌ
                      وبنتْ

                      خرجتْ تُلصِقُ الصُوَرْ
                      فوق جدران جُثّتي ...
                      وخيامي بعيدةٌ
                      وخيامٌ بلا أُثَرْ .

                      تعليق


                      • #86
                        سنة أخرى ... فقط


                        أصدقائي ,
                        مَنْ تبقّى منكمُ يكفي لكي أحيا سَنَهْ
                        سنةً أُخرى فقط ,
                        سنةً تكفي لكي أعشق عشرين امرأةْ
                        وثلاثين مدينهْ ,
                        سنةً واحدةً تكفي لكي أُعطيَ للفكرة جسمَ السوسنهْ
                        ولكي تسكن أرضٌ ما فتاةً كُلِّ الأمكنهْ,
                        سَنَةً وَاحدةً تكفي لكي أحيا حياتي كُلّها
                        دُفعةً واحدةً
                        أو قُبْلَةً واحدةً
                        تقضي على أسئلتي
                        وعلى لُغز اختلاط الأزمنهْ

                        أصدقائي , لا تموتوا مثلما كنتم تموتونَ
                        رجاءً ’ لا تموتوا , انتظروني سنةً أُخرى
                        سنهْ
                        سنةً أُخرى فقط .
                        رُبَّما أنُنْهي حديثاً قد بَدَأْ
                        ورحيلاً قد بدأْ
                        ربما نستبدل الأفكارَ بالمشي على الشارعِ
                        أحراراً من الساعة والرايات ,
                        هل خُنَّا أحدْ
                        لنسمِّي كُلّ أرضِ , خارجَ الجرح , زَبَدْ؟
                        ونخافَ الدندنهْ
                        رُبَّما نحمي اللُغَهْ
                        من سياقٍ لم نكن نقصدُهُ
                        ونشيدٍ لم نكن ننشدُهُ
                        للكهنهْ.....
                        أصدقائي شهدائي الواقفينْ
                        فوق تختي.... وعلى خصر فتاةٍ لم أذُقْها بَعْدُ
                        لم أرفع صلاتي فوق ساقيها لربِّ الياسمينْ....
                        اذهبوا عني قليلاً
                        فلنا حَقّ بأن نحتسيَ القهوةَ بالسُكَّر لا بالدمِ
                        أن نسمعَ أصواتَ يَدَيْنا وهما تستدرجان الحَجَل الباكي
                        إلينا ’ لا سُقُوطَ الأحصنهْ
                        ولنا حَقّ بأن نُحُصِي الشرايينَ التي تغلي
                        بريح الشهوات المزمنهْ
                        ولنا حَقّ بأن نشكر هذا الزَغَبَ النامي
                        على البطن الحليبيِّ
                        وأن نكسر إِيقاع الأغاني المؤمنهْ...

                        أصدقائي شهدائي
                        لا تموتوا قبل أن تعتذروا من وردةٍ لم تبصروها
                        وبلادٍ لم تزوروها ,
                        وأن تعتذروا من شهوةٍ لم تبلغوها
                        ونساءٍ لم يُعَلِّقْنَ على أعناقكم
                        أيقونَةَ البحر
                        ووشمَ المئذنهْ,
                        لا تموتوا قبل أن نسأل ما لا يسألُ الباقي على الأرضِ:
                        لماذا تشبهُ الأرضُ السفرجلْ
                        ولماذا تشبهُ المرأة ما لا تشبه الأرضُ
                        وحرمانَ المحبين... ونهراً من قرنفلْ؟
                        ولماذا عرفوني
                        عندما متُّ تماماً ... عرفوني
                        ولماذا أنكروني
                        عندما جئتُ من الرحلة حَيّا؟
                        يا إلهي , جُثِّتي دَلّتْ عليّا
                        وأعادَتْهُمْ إليّا
                        فبنوها بينهم... كالمدخنهْ !

                        أصدقائي شهدائي
                        فَكّروا فيِّ قليلا
                        وأحِبُّوني قليلا
                        لا تموتوا مثلما كنتم تموتون , رجاء , لا تموتوا
                        انتظروني سَنَةً أُخرى
                        سنهْ

                        تعليق


                        • #87
                          سنةً أُخرى فقطْ
                          لا تموتوا الآن ’ لا تنصرفوا عَنِّي
                          أحبُّوني لكي نشرب هذي الكأسَ
                          كي نَعْلَمَ أنّ الموجَة البيضاءَ ليستْ امرأة
                          أو جزيرةْ’
                          ما الذي أفعله من بعدكم ؟
                          ما الذي أفعله بعد الجنازات الأخيرةْ؟
                          ولماذا أعشق الأرضَ التي تسرقكم مني
                          وتُخْفيكم عن البحرِ؟
                          لماذا أعشق البحرَ الذي غَطَّى المصلِّينَ
                          وأعلى المئذنهْ؟
                          ولمن أمضي مساءَ السبت
                          مَنْ يفتح قلبي للقططْ
                          ولمن أمدَحُ هذا القمرَ الحامضَ فوق المتوسِّطْ
                          ولمن أحملُ أشياءَ النساء العابرات الفاتنات
                          ولمن أتركُ هذا الضَجَرَ اليوميَّ
                          ما معنى حياتي
                          عندما يُسندني ظلِّي على حائط ظلِّي حينما تنرفون
                          من سيأتي بي إلى نفسي
                          ويرضيها بأن تبقى معي ؟
                          لا تموتوا , لا تموتوا مثلما كنتم تموتون رجاءً
                          لا تَجُرُّوني من التُّفاحة – الأنثى
                          إلى سفر المراثي
                          وطقوسِ العَبَرات المدمنهْ !

                          ليس قلبي لأرميهِ عليكُمْ كتحيَّهْ
                          ليس جسمي لي لكي أصنع تابوتاً جديداً ووصيَّهْ
                          ليس صوتي لي لكي أقطع هذا الشارع المرفوعَ فوق البندقيهْ
                          فارحموني ’ أصدقائي
                          وارحموا أمَّ الزغاريد التي تبحث عن زغرودة أُخرى
                          لميلاد المرايا من شظيّهْ
                          وارحما الحيطانَ إذ تشتاقُ للأعشاب,
                          والكُتَّابَ في باب الوفيّات
                          ارحموا شعباً وعدناهُ بأنْ نُدْخِلَهُ الوردةَ من باب الرماد المُرّ,
                          لا تنصرفوا الآن كما ينصرف الشاعرُ في قُبَّعة الساحر
                          من يقطف ورد الشهداءِ؟
                          انتظروا يا أصدقائي , وارحمونا...
                          فلنا شُغْلٌ سوى التفتيش عن قبرٍ وعن مَرْثَّيةٍ
                          لا تشبه الأُولى
                          وما أَصغَر هذا الدم
                          وما أكبرَ هذا الدم
                          ما أجملكم يا أصدقائي
                          عندما تغتصبون الأرض في معجزة التكوين
                          أو تكشفون النبع في صخر السفوح الممكنهْ !


                          أصدقائي
                          مَنْ تبقّى منكُم يكفي لكي أحيا سَنَهْ
                          سنةً أُخرى فقط
                          سنةً تكفي لكي نمشي معا
                          نُسْدِلُ النهرَ على أكتافنا مثل الغَجَرْ
                          ونهدُّ الهيكل الباقي معا
                          حجراً تحت حَجَرْ
                          ونُعِيد الروحَ من غربتها
                          عندما نمضي معا
                          عندما نُعْلِنُ إِضراباً عن عبادات الصُوَرْ

                          فإذا أنتم ذهبتمْ أصدقائي الآن عني
                          وإذا أنتم ذهبتمْ
                          وأقمتمْ في سديم الجمجمهْ
                          لن أناديكم عنكم كَلِمَهْ

                          فأنا لا أستطيع الآن أن أرثي أحدْ
                          بلداً في جَسَدٍ
                          أو جسداً في طلقةٍ
                          أو عاملاً في مصنع الموت المُوَحَّدْ
                          لا أحَدْ
                          لا أحَدْ...
                          وليكن هذا النشيدْ
                          خاتَمَ الدمع عليكم كُلِّكُمْ يا أصدقائي الخَوَنَهْ
                          ورثاءً جاهزاً من أجلكم !
                          ولذلكْ.....
                          لا تموتوا أصدقائي ’ لا تموتوا الآنَ
                          لا وردةَ أغلى من دمٍ في هذه الصحراء
                          لا وقتَ لكم
                          لا تموتوا مثلما كنتم تموتون ’ رجاءُ ’ لا تموتوا
                          انتظروني سنةً أخرى
                          سَنَهْ,
                          من تبقّى منكم يكفي لكي أحيا سنهْ
                          سنه أُخرى فقط
                          سنة تكفي لكي أعشق عشرين امرأةْ
                          وثلاثين مدينهْ

                          سنة تكفي لكي أمضي إلى أُمِّي الحزينهْ
                          وأناديها : لِدِيني من جديد
                          لأرى الوردةَ من أَوِّلها
                          وأَحبَّ الحبَّ من أَوَّله
                          حتى نهايات النشيد
                          سنة أخرى فقط
                          سنة تكفي لكي أحيا حياتي كُلَّها
                          دفعةً واحدةً
                          أو قبلة واحدةً
                          أو طلقة واحدةً تقضي على أسئلتي
                          سنة أخرى فقط
                          سنة أخرى
                          سنهْ....

                          تعليق


                          • #88
                            حوار شخصي في سمرقند

                            إذا انكَسَرَ القلبُ صاحَ: سَمَرْقَندْ
                            هِيَ الحَجَلُ....

                            ألا تستطيعُ البكاءَ غداً ؟
                            رُبَّما أستطيع
                            ولكنْ أينزلُ هذا الندى
                            كُلَّما
                            وَجَدَتني الطريقُ إلى الشام
                            أجمعُ هذا الصدى
                            مثلما
                            تجمع العاشقاتُ الدموع عن الليل
                            أجمع هذا الصدى ،
                            رُبِّما
                            رُبِّما
                            كان صوتاً وأخفيتُهُ
                            فاختفى بردى

                            سَمَرْقَنْدُ خيمةُ روحي المُشَرَّدْ
                            وخمسُ جهاتٍ لدمعة أُمي
                            سمرقندُ خيطُ حرير
                            يُعَلِّقُ شاطئ وادٍ على فَرَس تحملُ المطرا
                            وصوتاً تدلَّى من الله
                            وانكسرا,
                            سمرقند نهرٌ تَجَعَّدْ
                            سَمَرْقَنْدُ خيمةُ روحي المشرَّدْ


                            أتصعد هذا النداءَ
                            على الدرج الحجريِّ الطويل
                            لتبكي الوراءَ؟
                            لأسرق قلبي المعلَّقَ فوق النخيل
                            لأسرق أسماءَ أُمي
                            وأذكرَ بغدادَ قبل الرحيل
                            على أيِّ جسر رَمَتْكَ الأغاني
                            قتيلاً لِتُشْعِلَ هذا المساءَ؟

                            على صدر أُمِّي سقطتُ
                            وأخفيتُ دجلة في نخلة لا تبوح بسرّي

                            وأيُّ قتيل
                            أعاد إليك البكاءَ؟

                            لقد هاجروا كُلُّهم
                            كلهم هاجروا يا صديقيَ منِّي إليّْ

                            فهل من دليل
                            يسير بنا خطوةً
                            أو يعود بنا خطوةً ما لها أوَّلُ؟


                            إذا انكَسَرَ القلبُ صاحَ : سمرقندْ
                            هِيَ الحَجَلُ....

                            سمرقندُ خمسون سَيِّدةً يَنْتَحِبْنَ على عَتَبَهْ
                            ويَرْسُمْنَ لِلَّيلِ شكلاً يُرى
                            قَنَاطِرَ من كلمات القرى
                            وقد هاجرت
                            حجراً
                            حجراً
                            تضيء قناديلَ فِضَّتها المتعبَهْ....
                            ألا تشربُ الدمع وحدك
                            وحدك؟
                            أين رُخام ابنِ عَبَّاس؟
                            في الذكريات

                            وأين مدى القلب بعد أذان الغروب
                            وأين القبابُ ’ وأين الأزقةُ ’ والباب؟

                            في المتحف الوطنيِّ
                            وأين سَمَرْقَنْدُ؟

                            تحت سَمَرَقَنْد....
                            دعني أعانقْ أبي في السراب
                            فكُلُّ سرابٍ
                            أبي
                            وكل غيابٍ
                            أبي

                            سمرقند ما يترك الوردُ للريح
                            ما يتركٌ البلبلُ
                            على قَمَرٍ عابر في القصيدةْ
                            سمرقند ما تتركُ القُبَلُ
                            على شهوةٍ تَذْبُلُ …

                            سمرقند سُجَّادَةٌ للصلاة البعيدةْ
                            سمرقند مئذنةٌ للندى
                            وبوصلةٌ للصدى
                            سمرقند وَصْفٌ سريع لما يتساقط من حُبِّنا
                            عندما نرحلُ
                            إذا انكسر القلب صاح : سمرقندْ
                            هي الحجلُ …
                            أتذكر كيف دخلت المدينة ؟
                            كَسَّرْتُ أضلاعَ صدري الأخيرةَ
                            قنطرةً
                            قنطرةْ
                            وحين انحنيتُ لأشْهَدَ صُورةَ قلبي
                            رأيتُ سمرقند في قُبَّرةْ

                            وكيف ستخرج ؟
                            أنسى دمي
                            في حجارتها المُقْمِرَةْ

                            إذا انكسر القلب صاح : سمرقندْ
                            هي الحجلُ
                            على رِسْلِهِ ، ينكُثُ الوعدُ بالوعدْ
                            وتبقى من المرأة القُبَلُ
                            وداعاً سمرقندْ

                            يا امرأةً لا تُقيُم ، ولا ترحلُ
                            وداعاً …
                            وداعاً سمرقند!

                            تعليق


                            • #89
                              رحلة المتنبي الى مصر

                              للنيل عاداتٌ
                              وإني راحلُ
                              أمشي سريعاً في بلادٍ تسرقُ الأسماءَ منِّي
                              قد جئتُ من حَلَبٍ ’ وإني لا أعود إلى العراقِ
                              سَقَطَ الشمالُ فلا أُلاقي
                              غير هذا الدرب يَسَبُني إلى نفسي...ومصر
                              كم اندفعتُ إلى الصهيلْ
                              فلم أجدْ فَرَساً وفرساناً
                              وأسْلَمَني الرحيلُ إلى الرحيلْ
                              ولا أرى بلداً هناك
                              ولا أرى أحداً هناك
                              الأرضُ أصغُر من مرور الرمح في خصرٍ نخيلْ
                              والأرضُ أكبرُ من خيام الأنبياءِ
                              ولا أرى بلداً ورائي
                              لا أرى أحداً أمامي
                              هذا زحامٌ قاحلُ
                              والخطو قبل الدرب ’ لكنَّ المدى يتطاولُ

                              للنيل عاداتٌ
                              وإني راحلُ

                              وطني قصيدْتيَ الجديدةُ
                              أمشي إلى نفسي فتطردني من الفسطاط
                              كم ألجُ المرايا
                              كم أُكسرها
                              فتكسرني
                              أرى فيما أرى دُوَلاَّ تُوَزَّعُ كالهدايا
                              وأرى السبايا في حروب السبي تفترس السبايا
                              وأرى انعطافَ الانعطاف
                              أرى الضفاف
                              ولا أرى نهراً .... فأجري
                              وطني قصيدتيَ الجديدةُ
                              كيف أدرى
                              أنَّ صدرى ليس قبري
                              كيف أدري
                              أن أضلاعي سياجُ الأرضِ أو شَجَرُ الفَضَاءِ وقد تَدَلَّى
                              كيف أدري
                              أنَّ هذا الليلَ قد يُدمي

                              فأرمي القلبَ من سَأمي إلى عَسَسِ الأميرِ
                              وقد تساوى الحبلُ والمحكومُ
                              هل وطني قصيدتي الجديدةُ؟
                              هَيْتَ لَكْ
                              ما أجملَكْ
                              الليلُ ليليٌّ , وهذا القلبُ لَكْ
                              لا الحبُّ ناداني
                              ولا الصفصافُ أغراني بهذا النيل كي أغفو
                              ولا جَسَدٌ من الأنبوس مَزَّقني شظايا

                              أمشي إلى نفسي
                              فتطردني من الفسطاط
                              كم ألج المرايا
                              كم أُكسِّرها
                              فتكسرني
                              أرى دُوَلاّ تُوزَّعُ كالهدايا
                              والنهرُ لا يمشي إليَّ ’ فلا أراهُ
                              والحقلُ لا ينضو الفراش على يديَّ ’ فلا أراهُ
                              لا مصر في مصر التي أمشي إلى أسراها
                              فأرى الفراغ , وكُلَّما صافحتُها
                              شَقَّتْ يدينا بابلُ
                              في مصر كافورٌ.... وفي زلازلُ

                              تعليق


                              • #90

                                للنيل عاداتٌ
                                وإنَّي راحلُ

                                حَجَرٌ أنا
                                يا مصر’ هل يصلُ اعتذاري
                                عندما تتكدسين على الزمان الصعب أصعبَ مِنْهُ؟
                                خطوي فكرتي
                                ودمي غباري
                                هل تتركين النهر مفتوحاً لمن يأتي
                                ويهبط من مراكبه إلى فخدين من عاج وعرش
                                هل يكون العرشُ قبل الماء؟
                                لا أدري, ولكن ... ربما... هيهات...قد...
                                لا يصعدون السُلَّم الحجريَّ والأهرامَ كالحلزون
                                يغتصبون , يغتصبون....
                                أعرفُ أنني أمتصُّ فيكِ الغزوَ
                                أعرف أنني لا أعرف السرَّ الدفينَ
                                وأنني صِفْرُ اليدين وسائرِ الأعضاءِ
                                أعرف أنني سَأمُرُّ في لمح الوطنْ
                                وأذوبُ في الغزوات والغزوات
                                لكنْ كُلَّما حاولتُ أن أبكي بعينيكِ
                                التفتِّ إلى عَدُوِّي
                                فالتصقتُ بما تبقَّى منكِ أو منِّي ’ وأدركَني الزمنْ...
                                هل تتركين النيل مفتوحاً
                                لأرمي جُثَّتِي في النيل؟
                                لا ز لن يستبيح الكاهنُ الوثنيُّ زوجاتي
                                ولا ’ لن أبنيَ الأهرام ثانيةً ’ ولا
                                لن أنسج الأعلام من هذا الكفن
                                من يفتديني , يا مُعَذَّبتي ’ بمنْ؟
                                ولمنْ؟
                                تمضين حافيةً لجمع القطن من هذا الصعيد
                                وتسكتين لكي يضيع الفرقُ بين الطين والفلاَّح
                                في الريف البعيد
                                وتجفُّ في دمك البلابل والذرهْ
                                ويطول فيك الزائلُ

                                للنيل عاداتٌ
                                وإني راحلُ
                                هل غادرَ الشعراءُ مصرَ؟ ولن يعودوا....
                                إنَّ أرضَ الله ضَيِّقةٌ , وأضيقَ من مضائقها الصعودُ
                                على بساط الرمل...
                                هل من أجل هذا القبر نامتْ مصرُ في الوادي
                                كأنَّ القبر سَيِّدُها ؟
                                بلادٌ كُلَّما عانقُتها فَرَّتْ من الأضلاع
                                لكنْ كُلَّما حاولتُ أن أنجو من النسيان فيها
                                طاردتْ روحي
                                فصارتْ كُلُّ أرضِ الشام منفى
                                كلما انبجسَتْ من القلب المهاجر لحظةُ امرأةٍ
                                وعانقتُ الحبيبةَ أصبحتْ ذكرى
                                ونفسي تشتهي نفسي ولا تتقابلان
                                ولا تُردَّان التحية في طريقهما إليَّ...
                                ....إليَّ يا طُرُقَ الشمال
                                نسيتُ أن خطاي تَبْتَكِرُ الجهاتِ
                                وأبجديَّاتِ الرحيل إلى القصيدة واللهبْ
                                يا مصرُ’ لن آتيكِ ثانيةً...
                                ومَن يترك حَلَبْ
                                ينس الطريق إلى حلبْ
                                وأنا أسيرٌ حَرَّرَتْهُ سلاسلُ
                                وأنا طليقٌ قَيَّدَتْهُ رسائلُ

                                للنيل عاداتٌ
                                وإني راحلُ

                                ....وإلى اللقاء إذا استطعتُ
                                وكلُّ من يلقاكِ يخطفه الوداعُ
                                وأُصيب فيكِ نهاية الدنيا ويصرعني الصراعُ
                                والقرمطيُّ أنا . ولكنَّ الرفاقَ هناك في حَلَبٍ
                                أضاعوني وضاعوا
                                والرومُ حول الضاد ينتشرون
                                والفقراء تحت الضاد ينتحبون
                                والأضدادُ يجمعهم شراعٌ واحِدٌ
                                وأنا المسافُر بينهم . وأنا الحصارُ . أنا القلاعُ
                                أنا ما أُريد ولا أُريد
                                أنا الهدايةُ والضياعُ
                                وتشابُهُ الأسماء فوق السُلَّم الملكيِّ
                                لولا أن كافوراً خداعُ

                                ماذا جرى للنيل؟
                                لم يأخُذْ دموعي
                                في اتجاه مَصَبِّها
                                ماذا جرى للنيل؟
                                لم يقذفْ ربيعي
                                قُرْبَ عمري,
                                والقلوبُ هنا مشاعُ...

                                ماذا جرى للنيل
                                لم يعتبْ
                                ولم يغضبْ
                                عليَّ
                                وفي صحاريَّ اتساعُ...
                                وسُكُونُ مصرَ يَشُقُّنِي:
                                هذا هو العبدُ الأميرُ
                                وهذه الناسُ الجياعُ
                                والقرمطيُّ أنا , أبيعُ القصرَ أُغنيةً
                                وأهدِمُهُ بأُغنيةٍ
                                وأسندُ قامتي بالريح والروح الجريح
                                ولا أُباعُ
                                الآن أُشْهِرُ كُلَّ أَسئلتي
                                وأسالُ : كيف أسألُ؟
                                والصراعُ هو الصراعُ
                                والروم ينتشرون حول الضاد
                                لا سيفٌ يطاردهم هناك ولا ذراعُ
                                كُلَ الرماح تُصِيبُني
                                وتُعيدُ أسمائي إليّ
                                وتعيدني منكم إليّ
                                وأنا القتيل القاتلُ

                                للنيل عاداتٌ
                                وإني راحلُ

                                تعليق

                                مواضيع تهمك

                                تقليص

                                المنتدى: المكتبة الالكترونية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 04:01 PM
                                المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:44 PM
                                المنتدى: التعريف بالهندسة الصناعية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:38 PM
                                المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-10-2025 الساعة 01:22 AM
                                المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-04-2025 الساعة 12:04 AM
                                يعمل...
                                X